أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!














المزيد.....

شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 06:19
المحور: حقوق الانسان
    


على بسطة سلم إحدى البنايات الفقيرة كانت أمٌّ تقف مع صغيرها وحولها صخبٌ وعنف. تقدّم رجلٌ ضخمٌ ذو هيبة(!) وأمسك بالصغير وراح يعنّفه ويعذبه. ألقت الأمُّ بنفسها لتحول بين الرجل ووليدها. ركلها في بطنها فترنّحتْ، فعاجلها بضربة على مؤخرة رأسها بكعب أداة ثقيلة كان يحملها. فقدتِ المرأةُ وعيها وتدحرجتْ فوق السلم. وعند الدرك الأسفل لفظتْ أنفاسها، وأجهضت حملها.
الرجلُ الذي ارتكب هذا الثالوث الإجراميّ المركّب: ترويع طفل، قتل امرأة، إسقاط حمل؛ ليس أحدَ اللصوص. ولا هو سفاحٌ من عُتاة المجرمين. بل، للمفارقة المُرّة، هو المسئول، أو أحد المسئولين، بحكم الوظيفة والقَسَم (إن كان ثمة قسمٌ يتلوه هؤلاء عند التكليف)، عن أمن وأمان تلك المرأة وهذا الطفل وذلك الجنين، وكذا أمن وأمان كلِّ من شهد هذه المهزلة الوجودية الكبرى!
هو ضابطُ شرطة برتبة نقيب! وأما الأداة الثقيلة التي ضرب بكعبها رأسَ المرأة، فبندقيةٌ صُنعت لكي تُشهر في وجه عدو الوطن، أو لترهيب مجرم أو إنقاذ ضحية، لا ليُضربَ بها المواطنون والأطفالّ!
وأسألُ السيد "حبيب العدلي" وزير الداخلية: هل يدرسُ طلابُ الشرطة في كلياتهم مادةً تُطلعهم على سقف حريتهم في التعامل مع المواطنين؟ هل أطلعهم أساتذتُهم على حقوق المرأة والطفل في شريعة حمورابي قبل الميلاد بألفي سنة، أو حقوق المواطن، كل مواطن، أمام السلطة في "ماجنا كارتا" القرون الوسطي، أو ميثاق حقوق الإنسان الحالي، المُفعّل في كل دول العالم المتحضر إلا مصر؟
الضابطُ أحكم قبضتيه على كتفي الطفل وراح يرُجّه ويصفعه ويركله لكي يعترف بمكان عمّه المتهم بالسرقة! تُرى ماذا يفعلون داخل أقسام الشرطة مع المتهمين، إذا كانوا يروّعون ويقتلون الناسَ خارجها؟!
تعالوا نتخيل مستقبل هذا الصغير الذي رُوّع وقُتلت أمُّه أمام ناظريه على يد ضابطٍ المنوطُ به الحماية لا القتل. بظنّي أنه سيسلك أحد طريقين كليهما أسودُ وشائكٌ وغيرُ سويّ. إما أن يشبَّ الصغيرُ خائرَ القلب فقيرَ الروح والعزم "جاهلا حقوقه" أمام السلطة، منسحقًا أمام كل "بدلة ميري" تصادفه. وإما يشبُّ كارها النظامَ حاقدا على القانونِ متمردا على ميثاق الدولة، "جاهلا واجبه" نحو الآخر. هو في الاحتمال الأول مواطنٌ فاسدٌ لا يفيد نفسه ولا يفيدُ مجتمعه، وفي الثاني مواطنٌ فاسدٌ يضرُّ نفسه ويضر مجتمعه. الشرطةُ إذن تُفرّخُ مجرمين!
سؤالي الثاني لحبيب العدلي: هل تدخل هذه الجريمة في نطاق "القتل المشروع"؟ قياسا على عنوان فيلم آل باتشينو وروبرت دنيرو الأخير Righteous Kill، حين قال الضابطُ الذي يقتل المذنبين: معظم الناس يحترمون زي البوليس، لكن الجميع يحترم مسدسه". أم سيُحاكم هذا الضابط؟ وما هو توصيف التهم وتخريجها القانوني؟ وكم عددها؟ هل واحدةٌ: القتلُ الخطأ، أو ضربٌ أفضى إلى الموت؟ أم ستُضاف إليها، كأننا في دولة راقية، تعذيبُ طفل Child abuse؟ وهي جريمة من الدرجة الأولى في أمريكا وأوروبا. وبالمرة قتلُ جنين لفظته الحياةُ قبل أن يولد. فقط لأنه يحمل الجنسية المصرية؟ ذاك أن الأجنّةَ في الدول المتحضرة لها حقوقٌ مثل كلِّ مواطن مكتمل. أما في بلادنا، فالمواطنُ المكتملُ لا حقوقَ له!
تمنيتُ للحظة أن أكون قد درستُ الحقوق، وأن أكونَ وكيلَ نيابة، وأن يقف أمامي هذا القاتل/الضباط(!) لأكيّف له عريضةَ اتهامٍ تحمل سمة "الجريمة الكبرى" Capital Crime، ليُشنق جراءها خمسَ مرات. مراتٍ ثلاثا جرّاء التهم الثلاث الأوَل، ومرةً رابعة بتهمة تشويه صورة حامي لواء الأمن في البلاد، ومرّةً خامسة بتهمة تشويه لوحة الجمال المفترض بناؤها على مدار التاريخ. فإهانة المرأة وتعنيف الصغار، من وجهة نظر الوجودية والإنسانية، هو طعنٌ مباشر في قلب الجمال في هذا العالم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!


المزيد.....




- تقرير: عودة اللاجئين السوريين تصطدم بتحديات -بنيوية عميقة-
- بن بيه يستعرض أهمية إعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية
- السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: لم يفت الأوان بعد أمام ...
- وزيرة دنماركية تهاجم -ميتا-: تطلق الدعاية بدل حماية الأطفال ...
- الأمن السوري يقبض على قيادي عسكري سابق متهم بجرائم حرب
- اعتقال -عميل للموساد- في إيران.. فضحه -واتساب-
- الأمين العام للأمم المتحدة: اتساع رقعة الصراع الإيراني الإسر ...
- رئيس البرلمان العربي: الصمت الدولي المخزي تجاه جرائم الاحتل ...
- الأونروا تجدد التزامها بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين
- مقتل العشرات في غزة وحماس تؤكّد على -حق العودة- بمناسبة اليو ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!