أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - مسيحي -بس- طيب!














المزيد.....

مسيحي -بس- طيب!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 08:21
المحور: حقوق الانسان
    


استنكر صحافيّ مغربيّ مقالا لي عنوانه "الدين لله، فهل الوطن للجميع؟"، ذاهبًا إلى أن أصدقاءه بمصر "قالولو" إن لا محنةَ طائفيةً في مصر، والكلّ يعيش في حبور ووئام. والحقُّ أن كلامَه صحيحٌ، إلى حد ما، في شِقِّه الشعبيّ. فالمواطنون يتعايشون بمحبة مع جيرانهم وأصدقائهم دون كثير اكتراث باختلاف العقيدة. ولنا في صعيد مصر مثالٌ. فالمسلمون يعتبرون أعياد المسيحيين مواسمَ لهم، يطهون فيها أطايبَ الطعام، ويَرِدون مزارات المسيحيين للتبرّك والزواج والإنجاب. لكن المحنةَ، كلَّ المحنةِ، في النخبة والرؤوس العليا.
أما مقالي ذاك فكان يطرح الصعوبات، التي تقترب من العراقيل، التي تواجه بناء كنيسة في مصر، في مقابل التيسيرات المفرطة في بناء مسجد أو زاوية صغيرة للمسلمين. حدَّ أن تُعفى ناطحةُ سحاب من الضرائب لو فقط بنى مالكُها أسفلها زاويةً للصلاة! هذا جميل. تيسير بناء دور العبادة أمرٌ راقٍ وحتميٌّ وبديهيّ، ومتسقٌ مع مبدأ جمال العالم. لكنْ ماذا عن الكنيسة؟ أليست دارَ عبادة أيضا؟ ولن أخوضَ، مجددا، في تلك المعوّقات التي ورثناها عن فرمان وزارة الداخلية عام 1934 الذي يشترطُ بنودا عشرةً عسيرةً للسماح ببناء كنيسة. ويناقض، في توجهه العنصري، الخطَّ الهمايوني الذي كان أطلقه البابُ العالي عام 1856 ويساوي تماما بين كل المواطنين المصريين متجاوزا عقيدتهم، ومن ثم تيسير تشييد الكنائس مثلها مثل المساجد. (هل نتقدم إلى الوراء في كل شيء؟).
ليس هذا موضوعي الآن. مقالي هنا يطرحُ إشكاليةً تكادُ تكون فولكلورية. بل هي فولكلورية مادام جذرُها يكمن في الثقافة الشعبية الراسخة في لاوعينا بحكم التراكم الإرثيّ. وليس كلُّ ما ورثناه عن السلفِ الصالحِ، صالحا.
ولابد هنا من استدراك لغوي ذي صلة. "لكنْ"، أداةٌ استدراكية في اللغة العربية، وفي كل لغات العالم، تُفيد استدراكَ المعنى الأول بمعنىً نقيضٍ له. يعني ما يلي مفردة "لكنْ" مفترضٌ أن يناقض ما سبقها، منطقيا. نقول: عجوزٌ، لكنْ جميلة. نحيفٌ، لكنْ قويّ. ثريٌّ، لكنْ بخيل، فقير، لكنْ سخيّ، الخ. فالجمالُ والهِرَم، النحافةُ والقوة، الفقرُ والسخاء، ثنائيات متناقضة، لا يجتمعان في شخص إلا وفصلت بينهما "لكنْ" الاستدراكية. وفي الدارجة المصري تعادلها كلمة (بَس). انتهى الاستدراك اللغوي، وأسألُ: كم مرةً قبضنا على أنفسنا نقول: عندي صديق مسيحي، بس طيب! أو: الدكتور بتاعي مسيحي، بس عنده ضمير! هذه العبارات لا يقولها متطرفون، بل هي جزءٌ من موروثنا الشعبيّ المترسّب والقار في مُكَوِّننا الإرثيّ البالي. حتى المثقفون يقولونها وهم أول من ينادي بإلغاء خانة الديانة في بطاقة الهوية، وكذا ا البند الثاني في الدستور المصري الذي يربط المواطَنةَ بالعقيدة. نقول هذه ال"بس" دون أن نقصد شيئا. نقولها من اللاوعي التراكميّ دون أن نتأمل كم هي مريرة ورديئة ومضحكة. نقولها لأصدقائنا في المقهى، ثم ننتقد بشدة دعاةً غُلاةً ممن يُشعلون الفتنَ الطائفية بكتابتهم التعبوية التحريضية مثل د. زغلول النجار الذي لا يني يثير ضده المسلمين قبل المسيحيين باستفزازاته التي لا تنتهي. أذكر منها، مثالا لا حصرا، مقالا كتبه في جريدة الأهرام قائلا فيه إن الإسلام هو الدين "الوحيد" الذي حرّم الربا!!! ورددتُ عليه في مقال عنوانه "الفتنةُ في مصر، أين تنام؟ ومن الذي يوقظها؟"، ساردةً له آياتٍ من الإنجيل، بل ومن العهد القديم أيضا، تساوي بين المُرابي وبين المشرك. كأنه لم يقرأ الأناجيل ولا التوراة، واكتفى بالقرآن!! وهو بذلك مسلمُ "وراثة" مثله مثل ملايين المسلمين والمسيحيين الذين ورثوا عقائدهم عن آبائهم دون فضل لهم في ذلك ولا جهد ولا اختيار، ثم ينقلبون شرسين عتاةً في الدفاع عن هذا الذي ورثوه دون إرادة، ناهشين لحوم مَن ورثوا إرثا مخالفا عنهم!! أية كوميديا سوداء! وكثيرة هذه النماذج للأسف بين أدعياء، ولن أقول دعاة، الإسلام، وفي المقابل نجد نماذجَ أخرى مثل "الأب يوتا" الذي أثبت بمدونته الأخيرة، الرديئة، أنه مسيحي "بس مش طيب"!! إلى أين أنت ذاهبةٌٌ يا مصر الجميلة؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - مسيحي -بس- طيب!