أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - طبلةُ المسحراتي














المزيد.....

طبلةُ المسحراتي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 09:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"الخوفُ من الذئبِ، يجعلُ الذئبَ أكبرَ حجما". هكذا يقول المثل الألمانيّ. صحيح. لأننا نصنعُ مما نخافُ أشباحا وطواطمَ ضافين عليها هالاتٍ من القوة غالبا ما تكون زائفة، أو على الأقل مُبالغًا فيها. فيما لو استهنا بالأهوالِ هانتْ. فلو أن أوديسيوس قد استهولَ الأخطارَ التي وضعها بوسيدون إله البحر عراقيلَ في طريق عودته إلى إيثاكا، ما عاد. وما التقى جميلته بانيلوب التي ظلّت تغزل النولَ بالنهار وتنقضه بالليل، لعشر سنين عددا، زاجرةً الخُطّابَ الذين تزاحموا حول بابها يطلبون يدَّها، طامحين أن تنتقي منهم زوجا حالما تفرغُ من غزْلِها. أما هي، فلم تشك لحظةً في عودة زوجها عوليس العنيد. هو استهون الأهوال، فهانتْ، وهي استهانتْ بالسنوات الطوالِ، فقَصُرَت.
رغم هذا، فالخوفُ والرعب ليسا في المطلق مشاعرَ سلبيةً. لذا تقول حكمةُ الريف الأوربيّ: "الرعبُ الجيدُ يعلّمُ أفضلَ من النصيحة الجيدة". فالرعبُ تجربةٌ، والتجربةُ هي المعلّمُ الأكبر، وليس النصيحة المُعلّبة الأنيقة التي لم تمرّ بمعمل المرء الشخصي، فيصهرها وينصهر بها.
أما إيروبيدس، كاتبُ الدراما الإغريقيّ، فرسم الخوفَ بريشةٍ ساخرة في مسرحية "إيفيجينيا" التي كتبها عام 414 ق ب، يقول: "هذا الذي وقعَ في الخطر، حينما ينجو سينسى مخاوفَه، لكنه أيضا سينسى وعودَه!" جسّدتْ أفلامُنا هذه الفانتازيا الإنسانية. إنسان يواجه الموتَ. فيشرعُ في الندم على أخطائه، ويقسمُ، غليظَ القسم، لو منحته السماءُ بعض العمر، سيغدو نموذجا للفضيلة والعدالة والجمال، وبعد لحظةٍ من النجاة، تعودُ النفسُ سيرتَها الأولى! هي نمردةُ الإنسان التي تُعلي "الآخرَ" لحظةَ الخوف، وتُعلي "الأنا" لحظةَ الأمن.
فوبيا، Phobia مفردةٌ إغريقية تعني الخوف. يستخدمها السيكولوجيون والسيكاتريون كملحق مع مقطعٍ آخرَ للتعبير عن الخوفِ المَرضيّ من شيء ما. ماديًّا كان أو معنويًّا. المقطعُ المضاف هو اسمُ الشيء محلّ الخوف باللغة اليونانية القديمة. أطلقتِ العربُ عليه مفردة: "الرُّهاب". لأن الرهبةَ درجةٌ قصوى من درجات الخوف، تدخل في دائرة المرض، فيما يظلُّ الخوفُ ظاهرةً إنسانيةً طبيعية وصحية مادام في حدوده المعقولة. هالني أن أنواعَ الرُهاب التي سجلتها الموسوعاتُ النفسية تجاوزتِ الستمائة! بعضُها مفهوم مثل الخوف من: الأماكن المرتفعة (Acrophobia)، الأماكن الواسعة (Agoraphobia)، الأماكن المغلقة (Claustrophobia)، الرعد والبرق (Brontophobia). وبعضها طريف مثل الخوف من: اللحوم (Carnophobia)، المرايا (Catoptrophobia)، الشَّعر (Chaetophobia). وقد يكون الخوفُ من أمور معنوية مثل الفشل (Atychiphobia)، التجديد (Cainophobia)، الوحدة (Autophobia)، السخرية (Catagelophobia). الخوف من الوقت (Chronophobia)، ويختلف عن الخوف من الساعات (Chronomentrophobia)،وهلم جرا.
أطرفُ الرهاب الأدبيّ ما رسمه الألمانيّ باتريك زوسكيند في رواية "الحمامة". حين ارتعب جوناثان نويل، المحاسب البنكيّ المسالم، من حمامة حطّت أمام باب غرفته، فدمرت حياته بهدوئها وصمتها وتحديقة عينيها الوادعتين.
أما فوبياي الخاصة، صدقوا أو لا تصدقوا، فهي المسحراتي! يكفي أن أسمع صوت طبلته لأرتعد هلعا! والسبب، أن مربيتي كانت تهددني، وأنا طفلة، لو لم أنصع لأوامرها بأنها ستجعل المسحراتي يضعني في "الطبلة". وكانت "الطبلة" مختلطةً في ذهني مع مفردة "الطابية". وكنتُ أظنُّها بناءً ضخما يحبسون فيه الأطفالَ المشاغبين مثلي.
وأما الفوبيا التي تخلصّت منها بالأمس فهي أن تموتَ أمي. بارحني الخوفُ من ذلك، لأن أمي بالفعل ماتت.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب


المزيد.....




- السعودية.. فيديو مرعب لجدار غباري في القصيم وخبير يوضح سبب ا ...
- محكمة استئناف أمريكية تلغي حكما قضائيا حول إعادة موظفي -صوت ...
- رئيس كوبا يعتبر فرصة زيارة الساحة الحمراء في التاسع من مايو ...
- الشرطة البريطانية تعتقل 5 أشخاص بينهم 4 إيرانيين للاشتباه بت ...
- إعلام حوثي: القصف الأمريكي يعاود استهداف مديرية مجزر في محاف ...
- يديعوت أحرونوت: تقرير واشنطن بوست بشأن تنسيق نتنياهو مع والت ...
- الاحتلال ينسف المباني السكنية في رفح ويكثف قصف خان يونس
- زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب تكساس الأمريكية
- ترامب يجب أن يتراجع عن الرسوم الجمركية
- تلاسن واتهامات بين إسرائيل وقطر، والجيش يستدعي جنود الاحتياط ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - طبلةُ المسحراتي