أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى














المزيد.....

اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 07:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جرِّبْ أن تنظر في ساعتك، وبينما تركيزك منصبٌّ على معرفة الوقت، حاول أن تشعر بذاتك التي تنظر إلى الساعة. ستقدر، لبرهة، أن تقبضَ على لحظةٍ تدرك فيها ذاتَك والساعةَ معا. على أن ذلك الإدراكَ اللحظيّ لن يستمرَ أكثر من برهة قصيرة. بعدها سينصرف إدراكُك إما إلى ذاتك وحدها، أو إلى قرص الساعة وحده. هذه تجربة ابتكرها الفيلسوفُ القوقازيّ جورج جورداييف G. I. Gurdjieff في كتابه: "الكلُّ، وكلُّ شيء"”All and Everything”، بعدما كوّن في نهاية القرن العشرين مع تلامذته جماعة أطلقوا عليها اسم: "الباحثون عن الحقيقة". بَشّرَ فيه بمنظومةِ تمارينَ نفسيةٍ تعملُ على تطوير الإدراك والسلوك البشريّ. يقول جورداييف إن الإنسانَ غارقٌ في الضلالات والأوهام حتى لا يمكن اعتباره إلا مجرّد آلة ميكانيكية لا إرادةَ حرةً لها. ولكي يحصلَ الإنسانُ على قدرٍ من الحرية لابد أولا أن يؤمن أنه ليس حرًّا. فالبشرُ برأيه كأنما نائمون، ويسيرون في نومهم. سوى أن المرء بوسعه أن يحصل على شيء من "اليقظة" عن طريق ملاحظته نفسَه والآخرَ "معا". وتعتمد فلسفةُ جورداييف على تمارينَ ثلاثةٍ تعمل على السيطرة على النفس، من أجل الارتقاء بالروح. أولها: السيطرةُ على الجسد، وأسماه أسلوب "الفقير"، والثاني: السيطرةُ على الانفعال، وأسماه أسلوب "الراهب"، والأخير: السيطرةُ على العقل، وهو أسلوب "اليوجيّ"، من اليوجا. فالفقيرُ يضبطُ جسدَه بالحرمان، والراهبُ يضبط انفعالَه باللاهوت، والأخير يضبط عقلَه باليوجا. وقسّمَ الإدراكَ البشريّ إلى حالات أربع: النومُ، الإدراكُ اليقظ، التذكّرُ الذاتيّ، ثم الإدراكُ الموضوعيّ. والحال الثانية: "الإدراك اليقظ"، هي الحالُ التي عاشها معظم "اللا منتمين" في كتاب كولن ولسن "اللا مُنْتَمي" The Outsider مثل: كافكا، فوكنر، نيتشه، سارتر، إليوت، برناردشو، دستوفيسكي، ويلز، ألبير كامو، هيمينجواي، وسواهم من عظماء العالم (أغفلَ فيرجينيا وولف(!) وهي برأيي من أكبر اللا مُنتمين "الخوارج" في هذا العالم).
يقول جورداييف إنكَ حين تركز انتباهك في شيء أمامك، فإن تركيزك يصدر من "داخلك" ويصبُّ في "الخارج" على هذا الشيء. ثم حين تستغرقُ في أفكارك الخاصة فإن التركيز ينتقل من هذا الشيء ليصبّ في أعماقك السحيقة، يعني في ذاتك. يعني يرتدُّ انتباهُك من الخارج إلى الداخل. في لحظات نادرة يقدرُ عقلُك أن يركز في الداخل والخارج معا في وقت واحد. وهو "التذكّر الذاتي". يحدثُ هذا عند السفر إلى أماكنَ لم نرها من قبل. ننتبه إلى المشهد الجديد، وإلى ذواتنا التي تشهد هذا الجديد. كأننا نقول: "أنا" الآن "هنا"، أنا موجودٌ في مكان جديد! أيضا في لحظات الخطر. إذْ يزيدُ شعورُنا بذواتنا وبالخطر المحيط، معا. يتم ذلك لبرهة خاطفة، وعلى نحو ميكانيكي لا إرادي. لكن التمرين الذي ابتكره جورداييف يتيح تحصيل هذا "التذكّر الذاتيّ" على نحو قصديّ. مثل تمرين الساعة في أول المقال. فاللحظة التي تنظرُ فيها إلى الساعة وإلى نفسك "معا"، هي الحال الثالثة النادرة، لحظة تذكرك ذاتك. الذاتُ تشبه زجاجَ النافذةِ التي نطلُّ منها على الحياة. لكن عيوننا ملتصقة بالزجاج فلا نراه، نرى ما وراءه فحسب. ولابد أن نرجع للخلف قليلا كي نميز بين الذات/الزجاج، وبين العالم/ما وراء الزجاج.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟


المزيد.....




- -أخطر مكان في العالم-.. أكثر من 100 صحفي قتلوا في غزة منذ 7 ...
- 86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأم ...
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى