أوباما

عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2458 - 2008 / 11 / 7 - 05:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل هناك حقاً ما يبرر الفرحة الحقيقية التي تعم غالبية الشعب الأميركي بطرد إدارة الجمهوريين الفاسدة؟
لم يُنتخـَب أوباما من قبل السود فقط طبعا لأنّ غالبية الناخبين هم شباب بيض من أصل أوربي وهذا له دلالته على التحولات الفكرية العميقة ليس فقط في الحركات الطلابية والشبابية الأميركية بل في أغلب قطاعات المجتمع الأميركي، ويشير الى الإتجاه الذي يزداد وضوحا وهو محاولة الجيل الجديد، والمجتمع ككل، استغلال تناقضات النظام في توجيه دفة الأمور نحو الأفضل؛ إنه إحساس البشر الفطري بتفضيل الفضيلة على الرذيلة، إذ أن هذه النتيجة الباهرة جاءت تحمل أيضاً إدراكاً من قبل جماهير الناخبين لإنتهازية المرشح الجمهوري ماكـَّيْن ومعرفتهم بتأريخه الحقيقي ومواقفه المشينة ابان وبعد انتخابات عام 2000 ومواصلة هذا الموقف الانتهازي وإسناده لسياسات بُش، وحتى ترشيحه للرئاسة حين تظاهرَ دون جدوى بالتنصل منها. لكن، من الناحية الأخرى، من الصعب أن يُفهم الكثير الآن من ما يتحدث به المفكرون والكتـّاب التقدميون الأميركان الذي لم يَعُدْ عن أشكال البشر أو ألوان بشرتهم بقدر ما هو عن تسلق الأنقاض التي خلـّفها الجمهوريون الذين يسوء اختيارُهم لإدارات البيت الأبيض عقداً بعد آخر وإدارة ًبعد أخرى حتى وصلت ادارة جورج بش الإبن الى مستوى لم يسبق له مثيل من الانحطاط في كل تاريخ الرئاسات الأميركية. فما الذي سيحصل؟

لقد تمت تزكية أوباما للرئاسة من قبل عائلة كندي اليمينية قياساً بعائلة كلنتن مثلاً! فهل سيحمل باراك أوباما تغييراً للعالم كثـُر الحديث عنه؟ هل سيتمكن من تطبيق المشاريع الجديدة التي تحدث عنها؟ هل سترجح كفة العدالة في عالمنا ولو قليلاً؟ هل سيسود سلام؟ هل ستـُكشف حقائق مختفية ومخيفة، بضمنها أسرار حرب بُش العالمية الثالثة وسرقة الثروات خيالية الحجم داخل وخارج الولايات المتحدة خلال ثمان سنوات عجاف من الدجل والكذب المكشوف والغش؟ هل سنشهد محاولة لردم الهوة بين الطبقات الاجتماعية في مختلف بلدان العالم في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية؟ وماذا عن حماية البيئة؟ هل سيساعد أوباما على نوع من المساواة التامة للسود مع البيض في بلده؟ ماذا سيحصل في العراق وما تأثيره على وضع السكان عموماً بضمنه وضع الأقليات فيه وغير هذا عشرات الأسئلة. المهام جسيمة فهل ستكون الإدارة الجديدة بمستوى المسؤولية حقاً؟ ان جدية المشاكل لا تعتمد على التعويل على خوض تجارب جديدة تكون فيها المبادرة الفردية هي العامل الأساسي في ضرورة التغيير الصارخة، كما هي حالة وليم كلنتن وقروض الولايات المتحدة من الخارج. لأن هذا لا يكفي لإجراء تغيير كبير في نظامٍ هو في الواقع من أعتى قلاع الرأسمالية، استغل فيه ذوو الشأن الكبير في المجتمع كل ما أتيح لهم لغرض مضاعفة ثرواتهم الخيالية التي بنوها على سرقة السوق ونهب بلدان برمتها بالاضافة الى كنس ثروات حكومات واُثرياء العرب الخليجيين ثلاث مرات منذ 1990. فكيف يُسمح لهذا الرجل الأسود في اعتلاء صهوة القيادة، فهو بالإضافة الى صغر سنـِّه إمتاز بسرعةٍ فائقة في الصعود على سلـّم السياسة، إذ لن يكفي الشعب الأميركي أن تختفي من على شاشات التلفزيون صورة جورج بُش وهو يهز يده بمبالغة صبي الكشافة في تحية الحارس الواقف بباب هليكوبتر القصر الأبيض!

#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل