أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - حين يكون للصمت على الشفاه صدى














المزيد.....

حين يكون للصمت على الشفاه صدى


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 2391 - 2008 / 9 / 1 - 06:34
المحور: الادب والفن
    


في لقائهما الاخير بدت صامتة امامه كجدار لايتمنى التحرر من جموده الازلي .. ما كان صمتها امراً جديداً لم يألفه في لقاءاتهما الفائتة لاسيما اول لقاء حينما عبر صمتها الى قلبه مجسداً مفردة حب غير مسموعة يوم كانت شفتاها تخرسان امام سطوة لغة عينيها ، لكن صمتها هذه المرة بدا مختلفاً اذ ناءَ بقسوة ، وأوحى له بالفراق .. منذ ذلك الحين عرف ـ هو ـ كيف يميز بين صمت يحيي .. وصمت يقتل .
***
وبين منح الحياة وسلبها يظل الصمت لغة ، اغرسها في تربتها الصالحة تنمو لك كلمات .. فمتى يكون صمت المرء دليلاً على حكمته ؟
يقول الشاعر العراقي محمد حسين آل ياسين :
ـ ( حين يتحول الصمت الى ابلغ التعبير ) ..
لكن الصمت قد يكون سلبيا فيعطي نتائج سلبية ، ( حين ـ والكلام للشاعر آل ياسين ـ يصبح ملجأ " الشيطان الاخرس " الساكت عن الحق ، وحين يتحول الى مهرب العاجز عن الافصاح ، وحين يدل على خور الحجة ) ..
اننا يجب ان نعرف متى نتكلم ومتى نصمت ، من اجل ذلك قال الاقدمون ان الصمت لغة لايفهمها سوى الحكماء .
لكن ماذا لو اختنق الصوت والصمت معاً في اعماق انسان ما ولم يستطع كلاهما التعبير كما حدث في اسطورة ما تقول ان احدى حوريات البحر احبت اميرا من البشر فارادت التحول الى انسية لتحيا الى جانبه ، فلجأت بأمنيتها الى ساحرة عجوز تسكن البحار، واشترطت الاخيرة ان تأخذ صوتها الملائكي الذي كان يملأ اعماق البحر نغماً لقاء تحقيق الامنية ، فوافقت الحورية مضحية بصوتها لقاء ان تتكون لها ساقان ، وعاشت في قصر حبيبها الذي لم يتمكن من معرفة مشاعرها وفهم صمتها حتى كان مصيرها التحول الى زبد بحر حينما تزوج بسواها !
ألم يكن لصمتها صدى حقاً كما للصوت صداه ؟
في معادلة شفافة امتزجت مفردة الصمت بالصدى على قصاصة كتبتها فتاة في مكان ما من هذا العالم :
(صدى صمتك يناديني من احلام كنت فيها وحدي ).
نعم ، للصمت صدى .. أليس هذا ماعبر عنه الشاعرالعراقي الراحل رشدي العامل في قصيدة الصوت ، حين قال :
( وللصمت بين شفاهي نداء..
يمزقني ايهذا الوطن ؟)
اننا نعيش الان وسط عالم صاخب مليء بالضجيج ، فهل نتمنى ان يخلو العالم من اي صوت او صدى ؟
تجيبني امرأة من هذا العالم :
( اننا حينذاك لن نعرف قيمة الصمت )..
الصمت لصيق اولئك الذين يتكلمون بالاشارة ويتحاورون صمتاً ..
الصمت قد يزحف على القلب ، وعلى الدرب حين الرحيل ، والدار حين تخلو ، وطبول اعماقنا الوحشية حين يبتلعها الليل ، والشفق وهو يراقب رقودنا ..
هناك ايضا الافلام الصامتة التي تقوم الحركة البدنية والايماءة فيها مقام الكلمة والصوت ..
ان بعض الاشياء يلفها صمت ازلي كالجدران والصخور ، وبعضها يصخب الصمت فيها كصمت الجوع ..
في قصيدة الشاعر لورنس بينيون يعترف الجوع قائلا :
( ان صمتي صموت التيار البحري
حينما يداهم ملعبا للاطفال فيبتلعه
وكالصقيع العميق في جوف الليل المتثاقل
حينما الاطيار صرعى في الصباح
وكوقع اقدام الجنود التي تغير من اجل الدمار
وكفرقعة البنادق المدوية في البحر والبر
بل اكثر رعبا من الجيوش واشد ويلا من القنابل )
ذلك هو صمت الجوع ..
فماذا عن الصمت عن القهر والظلم .. وصمت اصحاب الكراسي والكروش المنتفخة عن مظالم الشعوب ؟!
اننا نحتاج بين وقت واخر لنخلو مع انفسنا ، نتأمل صمتنا ويتأملنا .. نراجع انفسنا ونشخص اخطاءنا ..
أليس الصمت رياضة توقد الذهن ؟ وأليست رياضة اليوغا طقسا من طقوس الصمت ؟
تلفني اسئلتي الصاخبة الصامتة حين يجيء من بعيد صوت الشاعر فلاديمير هولان هامساً :
( والآن لاتمتلك الا الصمت ..
وتذارف الدموع ..
لكي تنمو الكلمات ) !
وعملاً بما قال تصمت كلماتي .. لكن تنمو في اعماقي اخريات ..



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيعة تعزف موسيقاها ، والقلب كذلك ..فماذا لو خلا العالم من ...
- تذكرة الى مدن الحب (1)
- إنعشوا الحب
- اطفالنا والعنف .. الذاكرة المخدشة
- خمس سنوات من الغرق في السعادة والرفاهية ..!!
- غارة نسائية : المبدعة وأنيابهم
- هروب المرأة الفراشة الى الحرية
- قصة قصيرة هواجس صاخبة
- قصة قصيرة صبي الاشارة الضوئية
- ميزانيات انفجارية ، لكن في الهواء !!
- وداعاً.. ايها الشهاب
- الفقراء يدفعون الثمن دائماً !
- شاطئ الورد..شوهته المفخخات!!
- قبلة قبل الموت
- الفرح في وطنٍ مُغتصَب .. مسروق .. مجروح ؟!!
- وطني .. ابكي عليك
- الفصول لاتشيخ
- حال الدنيا : اكذوبة حرية التعبير
- حال الدنيا : غربة
- الدنيا حب وحرب : غربة


المزيد.....




- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - حين يكون للصمت على الشفاه صدى