أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الدنيا حب وحرب : غربة














المزيد.....

الدنيا حب وحرب : غربة


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 2111 - 2007 / 11 / 26 - 09:06
المحور: الادب والفن
    


على قارعة الطريق الضاج بالعبوات الناسفة واقدام المارة القلقين المتوجسين وسفر الفصول الدوري وزحفها على اشجار اليوكالبتوس ، اذ تتلون الاوراق باللون الاخضر تارة ، ويزحف عليها الموت الاصفر تارة اخرى ، التقيتما مصادفة ..
هكذا بلا موعد ، استيقظ اللقاء بعد ان كان ميتاً في اعماقكما ميتة ضحايا العنف التقني .. لا هي سارت نحوك كاعصار انثوي يقتحم القلوب الذكرية الباردة ، ولا انت اقتربت منها ، ولامست حزنها وذكرى لم تمت في قلبها .. لكنها قارعة الطريق المفخخ جمعتكما !
ظنت ان سنوات الغربة قد صمت نحيبها للابد بمجرد ان التقيتما ، وحلمت بأنك ستمنحها بعضا من وقتك ، لتسمع معزوفة ألم ٍ تتردد على اوتار قيثارة اعماقها ..حتى قبل ان تختارا طريقين متعاكسين للغربة .. غربتك انت وراء الافق الذي لوح لها بالوداع يوماً ، اذ ابتلع صورتك بعدما قررت الهرب من حال الوطن .. وغربتها هي ، اذ الخطوة ابتعدت عن افقك ، وظلت تشاكس الاشواك في الوطن بصمت حفظت في عوالمه مشاعرها نحوك ..
طوال اعوام رحيلك اودعت قلبها سطورا ارادت البوح بها حين يعيدك الافق الى ارضها وتلقيك الغربة على طريقها حيث موسيقى اللقاء لايزاحمها ضجيج النواح ..
والتقيتما ..
لا انت منحتها كفيك ، لتجفف بهما دموع ذكريات الحروب ..
ولا هي كتبت على كفيك سطور المعاناة ..
اذ انها حين اللقاء ايقنت ان تيار الاغتراب يغرقها مرة ثانية .. حيث لايحملها مركبك ، ولا ترحمها مكابرتها ..
احست ان الفصول الاربعة اجتمعت فيك ..
في لحظة شعرت بأنها تعرفك ، وفي اخرى تجهلك .. كيف لاتجهلك ، والغربة لها فعل عجيب في سلخ الجلود ..
تسمع صوتك .. تدرك انه الصوت الحنون نفسه الذي تناهى الى سمعها قبل سنين غابت ، لكنها بعد حين تقنع نفسها بأنه رنين اجراس تنذر برحيل جديد ،كأنما للغربة مسارات لاتنتهي ..
ارادت ان تخبرك بأنها هي الاخرى سافرت الى اعماق الغربة ..لكن داخل الوطن .. بعد ان احرقت الحصارات والقتالات اجمل سنوات عمرها ، غير انك لم تسمع مالم تقله لك بصوت عالٍ عن مرارة تجربتها ، ومصارعتها ثيران الجهل ، وكفاحها لتحطيم القيود وعبور الاسوار ، لأنك ماعدت تفهم لهجة بلدك .. وحدك تخليت عنها ، وكررت لعبة التخلي ، مادمت تجيد الهروب الى البلدان الباردة .
واذا كان صمتها سماء احلامها الجريحة في وطن كُتب عليه الشقاء التاريخي ، فأن صمتك فضاء فرار دائم الى سعادات وهمية في بلدان بلا تاريخ .. لذا فأن لقاءكما مداعبة من الزمن .. ضحكة عجلى وتنتهي على الطريق نفسه الذي جمعكما ذات صباح بعيد .. تحت سماء هي نفسها التي اشرقت فيها شمس لقاء في حلم ..
اما هي ، فالانثى الصابرة القوية المكابرة الشجاعة نفسها التي لم تدرك ـ انت ـ مكامن روحها ..
لكنك انت ، لم تعد انت ، مثلما الوطن ما عاد نفسه .



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : اسوار الجميلة النائمة
- اعمار النفوس .. طريق الخلاص
- بلاء كل يوم
- مغادرة الطفولة بالقوة
- صنفوا القتلة على قدر ( شرفهم وانسانيتهم )!!
- صور يومية من هموم المرأة العراقية


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الدنيا حب وحرب : غربة