أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهيل أحمد بهجت - سلفي في عباءة فيلسوف!!














المزيد.....

سلفي في عباءة فيلسوف!!


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 04:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل إنسان هو متحيز، و الإنسان لكونه جسما يشغل حيّزا من مكان ـ مجتمع ـ بيئة ـ محيط، فإنه شاء أم أبى سيتحز "مع مراعاة أن الناس يتفاوتون في هذا التحيز" إما إلى نفسه و شخصه أو عائلته و قوميته و موروثه الديني التقليدي لأن الإنسان خلق محبا لذاته و سعيه إلى الترقية بهذه الذات ماديا أو معنويا هو الذي يتحكم في حركة التاريخ، و هدف الأديان كلها و السماوية منها تحديدا تهدف إلى انتزاع الإنسان من هذا التحيز "التعصب" و الذي يزداد و يستشري كلما زادت عوامل الجهل و العزلة في بيئة الإنسان.
الإنسان الذي يستطيع تخفيف حس و شهوة "التحيز" و حب الذات في نفسه يمكنه أن يخطو بالمجتمع نحو التطور و النظام الإنساني العادل، و القرآن و الحديث المأثور يعج بذم المتعصبين و المقلدين و عبدة الأسلاف، و بقدر ما يدعو "السلفيون"!! إلى نبذ عبادة القبور و الصروح الدينية فإنهم يتشبثون بنوع آخر من القبور الفكرية و الطقوسية، إلى حد أنهم الآن يشنون الحرب العالمية على كل الحضارات الإنسانية ـ بما في ذلك التراث الإسلامي الذي خرج من العقيدة الإسلامية و ارتد عنها حسب ابن تيمية و سيد قطب ـ و أن المعنى الكلي و الشامل للدين إنما يرتبط بقبورهم الفكرية.
فالإسمية الواقعية (كما يطلق عليها المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي هذه التسمية) هي سلبية بكل معنى الكلمة، فصحيح أن ابن تيمية نسف استخدام المنطق لدعم العقيدة الدينية و الإيمان و أن ابن تيمية أكد على التعامل التجريبي المباشر نحو العالم الحسي للخلوص إلى الفكرة اليقينية بشأن العالم المادي، إلا أن المنطق حين فكاكه عن الدين و سواء تم فك الارتباط بين الإيمان عبر المنطق الأفلاطوني أو الأرسطوطاليسي، فإن الدين بكل نصوصه المقدسة القرآن و التراث الروائي ـ الحديث و أفعال الصحابة ـ أبحت لقمة سائغة بأيدي المنهج السلفي الذي نقض المنطق كأداة للوصول إلى الحقيقة ثم قام باحتكار النص لنفسه.
إن الدين حين ارتباطه بالفلسفة هو كالجسم الذي يحتاج الغذاء و الهواء لمواصلة نفسه ككائن حي، لكن حينما تم فكاك الدين من المنطق و الفلسفة المشائية و الإشراقية الصوفية فإن هذا النص أصبح كتلة مادية مطاطة قابلة للتشكل و بأي صيغة رغب فيها الفقيه السلفي أو من يتبع نهجه، و هذه المطاطية سلبية لأنها مطاطية لا عقلانية بل هي عدو للعقل، و حينما تم التعامل مع التراث الديني ككتلة واحدة و أضيفت قدسية النص القرآني ـ كحروف و ترتيب ـ إلى التفسير و تفاسير التفاسير و الفتاوى الدمشقية و المصرية و المكية و الرياضية، حدث توسع هائل في فكر اللا عقل و اتهام كل محاولة عقلية لإصلاح الفكر الديني بأنها زندقة و كفر يجب مواجهتما بحد السيف، بل بكل أنواع الأسلحة.
فالفصل الذي حصل بين المنطق كأداة للتعامل مع الدين ـ على سلبيات المنطق التقليدي و سفسطاته ـ و جعله منهجا تجريبيا لا علاقة له بالحقيقة الدينية ليس بالأمر الإيجابي كما يعتقد المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي في بحثه "إصلاح العقل في الفلسفة العربية من واقعية أرسطو و أفلاطون إلى إسمية ابن تيمية و ابن خلدون" ـ صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية ـ لأن هذا كان أشبه بتسليم خروف سمين إلى ذئب، فلو كان الدين مجرد تجربة روحية ـ كما هو الحال مع المتصوفين و الروحانيين السنة و الشيعة ـ لكان من الهين و السهل الفصل بين استعمال المنطق و كل أدواته الاستدلالية و بين التجربة الروحية الدينية، و هذا الفصل كان بالفعل موجودا بين التجربة الذوقية الصوفية كشأن شخصي بحت و الاستدلال المنطقي، لكن المنهج السلفي ـ الوهابية كما يسميهم خصومهم و أنا أصر على كلمة سلفي لأنهم بقدر ما يرونها "مدحا" بقدر ما أراها ذما لعبادتهم الأسلاف ـ هذا المنهج يحمل معه كما ضخما من النص التراثي الذي يُنتظر وضعه تحت المنطق ـ الحسي التجريبي أيضا ـ فالمختبر الممتاز لتجربة النصوص هو وضعها في خضم التعامل اليومي الاجتماعي و دى السعادة و الشقاء الذي يجلبهما للبشرية.
و الدين الإسلامي ـ السني السلفي تحديدا دون السني الصوفي و المعتزلي ـ يختلف كليا عن التجارب اليهودية و المسيحية كون السلفية لا تعول على أي جانب روحي عدى كونه كمّا هائلا من المواعظ و عذابات القبور و الطقوس، من هنا أيضا فقد خلص ابن تيمية أنصاره من كل نقد لاحتماءه بقدسية النص و لأن النص نفسه أصبح خارج التجارب و المنطق، مع أن الدين نفسه لا وجود له خارج الإنسان، فبدون الإنسان لا وجود للدين.
يتملص ابن تيمية من الحقيقة حين ينفي أن هناك تعارضا بين صريح المعقول و صريح المنقول، فما يعتبره المسلم من مذهب أو منهج معين "تطابقا" بين مقاصد الشريعة و المصلحة العقلية قد يراه مسلمون آخرون ـ بغضّ النظر عن الأديان الأخرى ـ لا عقلانيا و متناقضا، و لا أدل على ذلك من تلك النصوص المقدسة لدى السلفيين الذين يأمرون بطاعة أولى الأمور و الصلاة معهم و إن كانوا أفسق خلق الله، لو لم يقم ابن تيمية باختطاف التراث و النص الديني لربما كان حال المسلمين غير هذه الحال، و لكن بدءا من الغزالي و مرورا بابن تيمية و انتهاءا بكل التجارب السلفية التي جلبت الأذى و الشر و التخلف و التكفير على المنطقة، ننتهي بالقول أن السلفية تجلب معها الدمار حيث ما كانت و ذهبت، و السيد أبو يعرب المرزوقي مهما تفلسف و تمنطق فهو "ســـــــــلـــفي في عبــــــــــاءة فيلسوف"!!.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون.. حيث توقف الزمن!!
- لعلّ السّماء تمطر نجوما ؟
- العراق بين فيلين
- الأمة.. في مفهومها الجديد
- حوار اللحظة الأخيرة
- إنهم يكرهون الانتخابات
- الشاعر و نبي الموسيقى
- العراق و -كوارث العروبة-!!
- الربّان و البحر
- الإعلام اللبرالي.. مقترحات
- دكاكين الشَّرْ
- العراق.. ضياع الهوية!!
- الإمام الصادق و انتخابات مجالس المحافظات
- -خمرة الديمقراطية المحرّمة-!!
- نصر الله يدعو إلى قتل العراقيين
- العراقيون.. بين الذكر و الفكر
- القائمة المفتوحة و الأحزاب -المفضوحة-!!
- إلى الذين يريدون تقييد -الصحافة العراقية-.
- المجتمع العراقي و خلق -قيم جديدة- للأخلاق!!
- الثقل الاستراتيجي للعراق في الشرق الأوسط


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهيل أحمد بهجت - سلفي في عباءة فيلسوف!!