أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي أبو شهاب - الوجه














المزيد.....

الوجه


رامي أبو شهاب

الحوار المتمدن-العدد: 2241 - 2008 / 4 / 4 - 06:23
المحور: الادب والفن
    


وجدت وجهي أخيرا أيها القارئ، لعلك أنت أيضا لم تكن تدري أن الوجوه تضيع وتتغير وتتلاشى، كما هو كل شيء على وجه هذه الأرض. في يوم ما، استيقظت وأنا أشعر بأن رأسي محتشد بمطارق تطرق في كل مكان من عقلي وخلاياي دون كلل أو ملل ، توجهت إلى دورة المياه كي أضع رأسي تحت صنبور المياه الباردة، أتركه لمدة دقائق، لعل وعسى أن تصدأ هذه المطارق، و تهدأ قليلا . رفعت رأسي من تحت الماء، نظرت في المرآة كي أرثي وجهي البائس كما هو كل يوم، دهشت حين وجدت وجهي بلا وجه بلا ملامح، لم أكن أنا! كنت شيئا لا يشبه شيئا ، لم أجد وصفا سوى أن أقول بأنني لم أكن أنا ولم أكن أحدا آخر .
ارتديت ملابسي وخرجت إلى الشارع، حين وصلت إلى نهاية السلم ألقيت تحية الصباح على بواب العمارة الذي نظر لي باستغراب على غير عادته، رد التحية دون أن يبدو أنه يعرف من أنا، مضيت في طريقي كما هو معتاد، وصلت إلى بائع القهوة المتنقل على عربته لشراء فنجان من القهوة، كما هو كل يوم، هو الآخر لم يعرفني، وتعامل معي كأي زبون جديد وبحياد وحذر وود تجاري لكسبي زبونا دائما، حملت فنجان قهوتي، ومضيت دون أن أقوم أن أبذل أدني جهد في الخوض حول كينونتي ووجودي والتعريف بنفسي، كانت دهشتي تتضاءل كلما واجهت أشخاصا أعرفهم ولم يعرفوني ، مضيت إلى عملي كما كل يوم سالكا نفس الدرب. حين اقتربت من بوابة الشركة، لم يسمح لي رجل الأمن بالدخول، بحجة أنني لست من الموظفين ، أخرجت له بطاقة تعريف العمل، نظر لها، وقال لي:
- أنت لست صاحب البطاقة، وجهك لا يطابق الصورة التي على البطاقة .
فكرت أن أشرح له ، ولكني وجدت أنه من غير المجدي أن أقنعه بشيء سريالي حتى بالنسبة لي ، كأن إحساسا باللاجدوى يتسرب لي كخيط نمل يسرق فتات طعام دون أذن عن مائدة المسيح، مضيت في الطريق لا شيء يشبهني سوى شوارع هذه المدينة، كل شيء فيها آخذ بالتغير، إنني غير قادر على قراءة أسماء شوارعها ومحلاتها وحتى نطقها ، كنت أجد صعوبة في معرفة كل ذلك حتى سكان المدينة، أصبحت لا أفهم اللغة التي يتحدثون بها ، فقدت الاتصال مع كل شيء المكان والزمان واللغة، شعرت بأنني في حلم غريب، أحسست بخيط من العرق يتسرب أسفل ظهري ينساب ببطء إلى أسفل، اتكأت على عمود كهرباء وأمعنت النظر بما حولي، هل أنا الذي بت غريبا عنهم أم أنهم هم الغرباء؟
لم أجد أمامي سوى أن أذهب إلى المقبرة، فهناك سأتأكد أن هذه المدينة هي مدينتي ،هناك سأجد قبر جدي وجد جدي، وصلت إلى المقبرة وفتشت عن تلك القبور التي لطالما زرتها وألفتها ، لكن لم أجد شيئا سوى قبور نقشت عليها لغة لم أفقه منها شيئا، أي رعب هذا الذي يجتاحني؟ ماذا عساي أن أفعل ؟ وكيف يمكن أن أعود إلى ما كنت عليه؟ أو كيف يعود هذا الجنون إلى صواب؟
حرت إيانا المجنون أنا أم هذه المدينة الملعونة، في النهاية قررت أن أعود إلى منزلي ،مضيت بسرعة إلى منزل ما ، أعتقدُ أنه منزلي، صعدت درجات السلم، فتحت باب الشقة ودلفت إلى غرفة ما، كان السرير ما زال محتفظا بالغطاء عليه دون ترتيب، يبدو أنه ما زال دافئا ، انزلقت تحت الغطاء، أشعر ببرد وصقيع قارص ، وضعت رأسي تحت الغطاء، غرقت بالعتمة ، رائحة جثة محترقة ما تزال عالقة بالغطاء، حدقت بالعتمة جيدا ، حينها أحسست بأني أرى وجهي للمرة الأولى و الأخيرة .



#رامي_أبو_شهاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تانغو غزة
- غياب كل الأسماء - قراءة في رحلة دون جوزيه -
- الذباب والمدينة
- أمر بالدم
- الانتاج والاستهلاك المعرفي
- وطن طارئ للغريب
- نعبر كلانا في الظلال
- أمنية
- استعارات في العشق
- أربعون عاما
- في حضرتك ِأرتجلُ الغزل
- المزود الرسمي لإحصاءات التاريخ
- نفحتني سمرة لحمها
- امرأة أخيرة للموت
- رؤيا تعبر النساء
- قطرة ماء في النهر الفارغ
- لك شكل الإغواء
- جدار1
- دم جديد
- الفلسطيني يبحث في شكل الجدار


المزيد.....




- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي أبو شهاب - الوجه