أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الخندقجي - فقدان مُعَلْوَم للذاكرة















المزيد.....

فقدان مُعَلْوَم للذاكرة


باسم الخندقجي

الحوار المتمدن-العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


" . أن تحكي قصتك على مراحل كما هي بالفعل " ( إدوارد سعيد : بعد السماء الأخيرة )
تثير هذه النصيحة التي أتقن صاحبها تطبيقها في معظم كتاباته حفيظة المأساة الفلسطينية التي باتت على مشارف النسيان .
أن هذه المأساة ، المفعمة بالقصص و الأحداث المؤلمة و المفجعة ، لم تنل حقها المزدوج و المشروع في تجلي الهاجس الجماعي لدى أصحابها ، ألا وهو هاجس البقاء و الدفاع عن الحق في الوجود ، وتحوله إلى وازع و موجه أيضا لأهداف القضية ، ولم تنل المأساة أيضا حقها في النشر الموضوعي ، و إطلاع العالم الحر على وقائعها و أحداثها .
حيث أن غالبية شعوب الأرض ، وعلى مدار التاريخ تستمد قوتها ، وقدرتها على تعزيز البقاء والهوية من خلال الأحداث و الوقائع التي ألمت بتاريخها ، وتبرز المأساة الجماعية كإحدى المحددات الهامة الهوية القومية والذاكرة الشعبية ، من هنا إلى أي مدى استفادت القضية الفلسطينية من زخم مأساتها ؟
إن الشعب الفلسطيني استمد و يستمد وسائل و أدوات نضاله و كفاحه و قوة تصميمه و إستمراريته من عمق مأساته و إيمانه المطلق بعدالة قضيته ، وهذا الانعكاس الكفاحي الثوري للمأساة ، هو التمثيل العنفي لها ، و لكن خسائر هذا التمثيل كانت فادحة ، بحيث أنه ساهم في إضعاف و تقويض ذاته ، مؤديا إلى بروز النسيان في أفق التسويات بعد مشوار ثوري قوي ، إذ أن عدم الاستفادة من عمق المأساة يبرز هنا من خلال عدم إقامة توازن واعي و علمي ، ما بين التمثيل العنفي و تمثيلات أخرى تمنح الدعم ، و المزيد من الشرعية للدفاع و المقاومة.
وبالمفهوم الإنساني الصريح يعني حفظ المأساة وروايتها ، تأكيدا على البقاء ، و مواجهة الجلاد و لعنته لعدم تحول الضحية إلى دور مقيت لا يكفل تحررها و نصرتها ، فأن يحكي الإنسان مأساة شعبه ، ويقوم بتمثيلها فإن هذا يعني ترسيخا لمبادئ الإنسانية في هوية ذلك الشعب و حمايته من الانجرار وراء العنف الدامي ، و التحريض الأعمى الذي لا يؤدي إلى تحقيق إنعكاسات المأساة الموجهة نحو ترميم الدمار الذي حل بالروح الإنسانية ، و إعادة الحقوق المشروعة ، و تحقيق الأهداف التي تكفل تحويل المأساة التي تراث و مجموعة عِبر يستفاد منها في الحاضر و المستقبل .
الإنسانية الحقة هي التي تجعل من مأساتها منارة ترشدها إلى بر الأمان و الاستقرار و الثوري الحق هو الذي يطبق الممارسة الصحيحة التي تقيم التوازن ما بين الكفاح و (حكي القصة ) .
يقول أرسطو : (لا بد للمأساة من أن تحتفظ بقوتها على إثارة الفزع والشفقة )
و القوة لا تكمن هنا في مسرحيات درامية أو مايلو درامية تبكي الجمهور و تثيره فحسب ، بل تكمن أولا في حفظ المأساة ، و السعي إلى إحداث نقلة نموذجية تحولها من مجرد قصص و أحداث مغلفة بشكل تقليدي حزين إلى شكل أسطوري يزود القضية المراد تحقيقها بخلفية تاريخية تمنح التأييد و التضامن و توفير الغطاء المناصر .
و الشعب الفلسطيني بطفرة مثقفيه و مبدعيه ، قادر على خلق أسطورية الخاصة به من عناصر مأساته و لا يوجد قضية إلى تحقيق أهدافها و مبادئها من دون أن تمتلك في حوزتها أسطورتها الخاصة .
ويعتبر الشعر من أهم التمثيلات الثقافية (الكلماتية ) للمأساة الفلسطينية ، ولكن هل ما زال يحتفظ هذا الشعر بتمثيله القوي ؟
إن الشعر وليد المأساة ، وهذا يعني بالضرورة أنه وليد الأسطورة ، وبالرغم من وجود تمثيلات أدبية أخرى في الرواية والقصة القصيرة والمسرح ، إلا أن الشعر يعد أقوى التمثيلات ، إذ أنه ساهم في ثقل المأساة من الناحية الوجدانية و الجمالية ، وأضفى عليها من خلال الكلمات المولودة من رحم الألم طابعا له مقدمات أسطورية ، إذ أن الأسطورة الحية تستمد سطوتها على التأثير من سحر الكلمات وألقها ، ومن صلتها المتينة و المتفهمة للأجواء و الوقائع التي نشأت بها الأسطورة كشكل فوقي ما ورائي يلبي تفسيرات و مآسي حضارة أو شعب ما . ونجاح الشعر الفلسطيني في نشر القضية ، و تلاوة القصة في أجواء سحرية حزينة ، بدء يزول تدريجيا بعدا أن دخل في الواقع الجديد الموقع ( ما بعد أوسلو تحديدا ) الذي احدث فجوة ما بين الماضي – المأساة والحاضر – التخبط .
وهذا ما يفرض بعد تتوقع وتراجع تمثيلات المأساة في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها القضية الفلسطينية ، يفرض الحاجة إلى تمثيل ثقافي ( ألحكي ) بمعنى تجديد المأساة بما تحتويه من قصص و إحداث وملاحم وبطولات ، بحيث لا يكون الحزن والتحريض الحاقد والتخبط أسيادا للموقف ، بل يعني التجديد هنا انعكاسات جديدة وحديثة للمأساة ، تستوعبها اطر وأدوات ثقافية و أدبية و فنية .
وعمرو المأساة الفلسطينية لا يقاس بالسنوات ، بل بالذاكرة القوية القادرة على ( حكي ) القصص والمعاناة الجماعية ، بحيث تكفل الذاكرة الاستمرارية الداعمة للأهداف ، وما يجري الآن في ظل المجتمع الدولي الأنيق هو تحويل المأساة إلى مجرد تراث ( كتراث و بقايا النهود الحمر في أمريكا ) ، وعنوان هذه المقالة بالمناسبة – مقتبسٌ من قصيدة الشاعر الجنوب إفريقي ( جيرمي كرونين ) الذي يعبر من خلالها عن كارثة و فداحة فقدان الشعب لمأساته وذاكرته مختتماً قصيدته بتحذير يقول فيه : احذروا فليس لفقدان الذاكرة تاريخ انتهاء : - والقول بان ستين عاما مرة على نكبة الشعب الفلسطيني – يشير إلى وقوف المأساة على مشارف النسيان و عدم وجود تاريخ انتهاء لهذا النسيان .
أن تبقى ذاكرة المأساة حية ، لا يعني بأي شكلا من الأشكال أن يسكن الشعب الفلسطيني داخل الحزن ، وأن يبقى أسيرا للمعاناة والماضي الأليم ، ولا يعني أيضا السعي وراء الحقد والتحريض الأحمق ، إذ أن الفهم الواعي للمأساة يؤدي إلى ضرورة ( حكيها ) الذي يحميها من النسيان و الزوال ، ويقيها من هذا الواقع الذي يرفض التلاحم و الترابط معها ، لكي لا يزج به في قفص الاتهام بالتحريض على الكراهية والعنف و القتل .
والذي يتعمق بالمأساة الفلسطينية ، يجد انه لا يوجد حاجة للتصنع أو إضافة تفاصيل أخرى عليها ، فمواكب التهجير الجماعي نحو لبنان كفيلة بقراءة أجواء أسطورية مفعمة بالحزن و النكبة و الخيبة ، التي حلت على هذا الشعب ، و تمثيلات المأساة الفلسطينية لا
يمكن أن تكون قوية و داعمة وحاضنة في نفس الوقت للقضية ،
إذا لم يكن هنالك معالجة نوعية لعناصرها ، معالجة يقوم بها الشاعر و الروائي و المخرج و المثقف ، معالجة تحدث شكلا أسطوريا للمأساة ، يؤكد ضرورة الإحياء المستمر لها و للفزع و للشفقة .
أن الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل مزيد من الخسائر ، و نسيان المأساة يعني خسارة كبيرة ، يفقد من خلالها هذا الشعب هويته التاريخية و الإنسانية ، و من هنا فإن الدور الملقى على كاهل ذوي الكلمات مهمة صعبة ، تتجلى في إيجاد التمثيلات القوية للمأساة .
فإن احكي قصتي فإن هذا يعني في عرف الشعب الذي فاقة مآسيه عدد أحلامه اسطره للقصة بحيث تصبح وقودا يدفع باتجاه تحقيق الهدف الإنساني النبيل .



#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أحلامه ...
- إلى سادة الضياع - جرح الوطن -
- لا صيف و لا شتاء
- حشرات متآمرة
- هكذا تحضر الإنسانية أسير قديم
- السيفان وملح الارض
- في قلبي شهيد
- قصيدة اللاعيد
- يوميات انسانيه معطوبة......2
- ثقافة زيتونة رومية
- الزجاج الفاصل
- وجهة نظر فرنسية
- ثمة إنسانية … ؟
- هل تعرفون البرش ؟!
- تفتيش !!
- سجن صحراوي الإنسانية
- يوميات إنسانية معطوبة
- حلم من وراء القضبان ... منتدى غسان كنفاني الثقافي
- فرحة الأشياء الصغيرة
- ثمة عالم لنا؟! الأرض المُختلة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الخندقجي - فقدان مُعَلْوَم للذاكرة