التعليم وقاعدة الانطلاق الرئيسية

فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2143 - 2007 / 12 / 28 - 12:24
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

رغم أن أيامنا الفلسطينية موشحه بالحزن, ومبللة بدموعنا, ودمائنا, فان إرادتنا الوطنية الفلسطينية طموحة, تنظر إلى الأفق الأوسع, وتفتح نوافذ الأمل الأجمل, وتتعاقد مع ركائز المستقبل, وأعظم واهم ركائز المستقبل وقواعده الراسخة هي التعليم, والسؤال هو:
هل يمكن إعادة هيكلية التعليم في بلادنا ؟
والمقصود بإعادة هيكلية التعليم ,إعادة صياغته بحيث يلبي احتياجات بناء الدولة , وقواعدها الاقتصادية ,من صناعة وزراعة , وخدمات , وبالتالي يصبح التعليم جزءا عضويا من خطط المستقبل , وتصبح مخرجات التعليم متطابقة مع احتياجاتنا , وليس مجرد زيادة شكلية في أعداد الخرجين دون مضمون , ودون مساهمة هؤلاء الخرجين في الدورة التنموية
وموضوع التعليم:
في غاية الاتساع والتعقيد , يبدأ في مراحل التعليم الأساسي , ثم يتواصل إلى التعليم الجامعي , والتقني , وهو قضية كبرى يحتاج إلى فلسفة , والى رؤى , والى وسائل التحقيق البرامج المطلوبة , والى إرادة وطنية شجاعة تصحح الأخطاء الموروثة المتراكمة , وتحل عقد الاستعصاء , ويعيد للتعليم أولويته الجدة بأنه قاعدة بناء المستقبل وليس مجرد مظاهرة هوجاء تنتهي ولا تخلف ورائها سوى الإمساك بالريح كما يقول الحكماء , نحن داخل فلسطين , في هذه الأرض الصغيرة ,شعب صغير , ويمكن عبر نهوض الإرادة الوطنية , السيطرة بشكل ناجح على المجال الحيوية لما تضعه من خطط , وخاصة في مجال التعليم بكل مراحله واختصاصاته , نحن لسنا شعبا بعشرات او مئات الملايين , بحيث نقف عاجزين أمام عوامل من الصعب السيطرة عليها , مثل معدلات النمو السكاني , وارتفاع نسب الأمية , وظواهر التسرب المدرسي ,بالعكس من ذلك كله , نحن شعب صغير , ولذلك نستطيع أن نصمم الخطط التي تناسبنا على صعيد التعليم ومخرجاته , وان نستفيد إلى أقصى مدى من ثورة التكنولوجيا ,وان نخلق قاعدة علمية واسعة في مجال مكننة الزراعة , والزراعة الجينية , واستخدام الوسائل الحديثة في الصناعة والإدارة , واستيعاب الخريجين في سوق العمل إذا كان هؤلاء الخريجين مؤهلين وليسوا مجرد أعداد لا يمتلكون الخبرة والمهارة .

مع الأسف الشديد:
التعليم عندنا في فلسطين الذي كان احد المنارات قبل عقود , سواء التعليم العام او التقني , تتحكم فيه الآن عوامل طارئة , لعل من أهمها أن المراحل التعليمية لا تفرع نتائجها بشكل سليم , فالتلاميذ والطلاب ينتقلون من مرحله إلى أخرى دون اكتساب الخبرات المطلوبة , ودون استيعاب المناهج المقررة , رغم قصور تلك المناهج عن مجاراة العصر الذي نعيش فيه , وهكذا يصل طلابنا إلى الجامعات وهم في درجة متدنية من التحصيل العلمي يحاولون تعويضها عبر الانخراط في العمل السياسي المبكر ,وتؤول قيادة الجامعات بعد ذلك إلى مجالس طلابية يهيمن عليها السياسة والضرورات الحزبية ولا تهتم او تلقي بالا إلى التحصيل العلمي , وهكذا تتوالى السلسلة إلى خريجين بالآلاف يضافون إلى فواتير البطالة حاليا , ولكنهم إذا وجدت حالة من النهوض الاقتصادي غير مؤهلين للعب دور حقيقي في التنمية لان الاختصاصات والخبرات ضعيفة جدا , ويظل يتكرر السؤال , ماذا سنفعل بعشرات الآلاف من خريجي الدراسات الإنسانية بينما نملك اقل القليل على صعيد من لديهم الخبرة في الانخراط في مشاريع التنمية الزراعية ,والصناعية ؟
لدينا مشاكل في بلادنا على صعيد المياه , وعلى صعيد البيئة وعلى صعيد الصناعات التحويلية , والزراعة الجينية , وصناعات الهاى تكنولوجي , فأين موقع كل ذلك في جامعاتنا او معاهدنا ؟
ولدينا في مجالات البيئة التحتية نقص شديد على مستوى الطرق , وعلى مستوى شبكات المياه , وشبكات الكهرباء , فأين هو التعليم التقني الذي يلبى هذه الاحتياجات والمشاكل ؟
وهل يدار التعليم في بلادنا على قاعدة التعبئة المعنوية وان له معايير خاصة به يجب التوقف عندها , ومراعاتها , بل والتشدد فيها ؟
ماهي نوع العمليات المستمرة لتأهيل المعلمين في كافة المراحل ؟
وماهى الصورة التى يظهر بها أولائك المعلمون وكيف تدار الحياة اليومية في مدارسنا ؟
وماهى مساحة الأنشطة اللا منهجية في هذه المدارس التى هي ضرورة ملحة لتشكيل الفرد في جميع مراحل التعليم ؟
ربما أن ظروفنا الطارئة تحت الاحتلال , تجعل من هذه الأسئلة ترفا زائدا عن الحد , وربما أن واقعنا الاقتصادي الحالي , وهذا الحجم من الحصار الخانق , يجعل من طموحنا على مستوى التعليم قفزة عالية في الوهم , ولكن في كل الحالات فإن التعليم هو القاعدة الرئيسية للتنمية البشرية , وكل خططنا ورؤانا للمستقبل تعتمد على التنمية البشرية , والتعليم عمودها الرئيسي , ولذلك فهذه دعوة إلى رجالات التربية والى المفكرين والكتاب بأن يبذلوا الجهد في أبحاثهم ودراساتهم وكتاباتهم حول موضوع التعليم في فلسطين الذاهبة إلى المستقبل المشرق رغم كثافة الصعوبات .

#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات