أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - فاطمه قاسم - من منكم يملك وساما مثل وسامي ؟














المزيد.....

من منكم يملك وساما مثل وسامي ؟


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2117 - 2007 / 12 / 2 - 11:31
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


في مطلع عام 1991،
كنت في مهمة سلام، سلام من أجل أطفال العالم، وكنت حاملاً في بداية الحمل!
تصوروا، كيف أن أقدارنا تصنع من تفاصيل حياتنا قصة مختلفة، تراجيديا مفجعة أحياناً.
في تلك الرحلة من أجل السلام لأطفال العالم، تعرضت لحادث، لضربة قوية، وتلك الضربة القوية جعلتني أضع حملي في وقت مبكر، وتحديداً في الخامس عشر من تموز يوليو عام 1991.
استيقظت على صوت صرخته، قالي لي الطبيب، مبروك، إنه غلام، وعندما وضعوه في حضني، وألقيت عليه نظرتي الأولى، أضاءت أعماقي بالفرح، وقلت يا بشراي، هذا غلام.
وبالفعل ولد إبراهيم غلاماً جميلاً، ولكنني بعد لحظات لاحظت تغيراً في لون وجهه فأدركت أن أقدار ابني كانت مختلفة، فلقد بدأ اللحظة الأولى من حياته بصراع محتدم مع الموت، ولكن العناية الإلهية وقفت إلى جانبه وأرادته أن يعيش، ولكن بأعصاب سمعية لحق بها الكثير من الضرر، وحركة بدنية يلزمها بعض التوازن! يا له من اختبار كبير، الله سبحانه وتعالى يعطينا ويمتحننا، وكان ذلك اختباري، وعزائي، وضوئي الذي في داخلي، ووسامي الذي أحمله على صدري، ابني إبراهيم، يسمع بصعوبة، ينطق بصعوبة، ينظر إليه الناس بأنه معاق، أنظر إليه، عذابي يفوق الوصف، ولكني لا أريد له أن يقرأ عذابي على صفحة وجهي، أريد أن يرى صورته في مرآة وجهي بأنه جميل، ولا شيء ينقصه، كنت أحاول، وتعلمت منه هو أيضاً عبقرية المحاولة، دقيقة بدقيقة هو وأنا نحاول، ذهبت به إلى أطباء عديدين في بلاد مختلفة، من خلاله تعرفت إلى الأطباء الجادين الذين لديهم رسالة والأطباء الذين بلا ملامح، تهمهم "الفيزيتا" ولا يهمهم الإنسان، يعيشون مع اللحظة الراهنة ولا يتعاقدون مع الأمل.
الله، كم هي طويلة تلك الدقائق التي تتحول إلى ساعات وأيام وشهور وسنوات، وإبراهيم يكبر أمامي، ينجح في كل اختبارات الحياة، يتحول أمام ناظري من شرنقة ملفوفة حول نفسها إلى فراشة بألف لون.
إبراهيم الآن عمره ستة عشر عاماً، وهو في السنة التاسعة من تعليمه الأساسي، أي في نهاية المرحة الإعدادية في مدرسة للأطفال الصم في مدينة غزة، ذكي، حاضر البديهة، سريع الاستجابة، واثق من نفسه، رغم أن المجتمع من حوله ليس مهيئاً، ولكن إبراهيم، ابني الذي أصبح مركز اهتمام العائلة، ومصدر فخرها لشجاعته في استمرار المحاولة، أمامه بضعة شهور لكي يواجه مشكلة كبرى، تصوروا بالله عليكم، هو لم يقف مستسلماً أمام أقداره، بل التقط الفكرة الملهمة العليا، وحاول ثم حاول، وجعلني أهب عمري لكي ينجح في محاولاته، ولكن المجتمع بهيئاته، والنظام السياسي بمؤسساته، والنظام التربوي والتعليمي بإداراته، هؤلاء جميعاً يقفون عاجزين، هؤلاء جميعاً يقفون عاجزين، لا يفعلون شيئاً لتحقيق أبسط حق من حقوقه، وأقدس حق من حقوقه، ألا وهو حقه في التعليم، في مواصلة التعليم على قدر ما وهبه الله من ذكاء، وما وهبه الله من عزيمة!!
إبراهيم، ابني، ليس أماه سوى بداية الصيف القادم حين ينهي دراسته الإعدادية، بعدها، وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لا تمنحه فرصة، فليس لديها تعليم ثانوي لأبنائنا الصم، وإبراهيم، ابني ليس وحده، فهو شجرة من حديقة، وهو فارس من قبيلة في فلسطين هناك آلاف من الأولاد والبنات الذين حرمتهم أقدارهم من نعمة السجع، سواء كان هذا الحرمان كلياً أو جزئياً مثل حالة ابني إبراهيم، وهذه الشرعية، الأقلية اللغوية كما يمكن تسميتهم، البارعون في أشياء كثيرة لا يجيدها سواهم، الأذكياء، سريعوا الحركة، القادرون على فعل أي شيء، لا ينقصهم سوى مدرسة، مجرد مدرسة ثانوية واحدة في فلسطين، وأن تجري عمليات تأهيل في المدارس الثانوية العادية لإدماج بعضهم داخل صفوفها وخاصة للذين يعانون من إعاقات سمعية كاملة، بل جزئية، تأهيل للمدارس، وللمدرسين، وللبيئة المدرسية، هل هذا مستحيل؟؟
مدرسة لأبنائنا الصم، وتأهيل مدارسنا لكي يكونوا ضمن صفوفها، أين هو المستحيل؟
أعرف أن صرختي كأم لابن يحتاج هذه الخدمة النبيلة، يمكن أن تضيع وسط صراخ السجال السياسي القائم، سجال الأنانية والهروب من المسئولية تحت سقف من الأكاذيب الرنانة، ولكني سأظل أصرخ، وأنادي، ولن أتعب من النداء!
لقد عشت مع ابني إبراهيم ستة عشر سنة كاملة، بدقائقها، وساعاتها، وأيامها، ولياليها، لقد تعلمت منه الكثير، وغسلت قلبي بدموعي وأنا أجوس في عالمه، وأعرف مقدار بطولة المحاولة لديه وتشبثه بفرصة لحياة حقيقية، وهو مثل كثير مثله، من أولاد رائعين، وبنات أجمل ما خلق الله، ينادونكم، كل على حسب مسئوليته، أن لا تتركونهم خلف الذاكرة ووراء القلب ، افتحوا لهم أبواب الأمل، أعطوهم فرصة، امنحوهم حقهم الذي وهبه الله لهم وجعله فريضة عليكم، حقهم في التعليم، افتحوا لهم مدرسة ثانوية، ابدئوا برامج إدماج لهم في المدارس العادية، الله سبحانه وتعالى أخذ منهم شيئاً ومنحهم آلاف الأشياء، والله سبحانه وتعالى يطلب منكم أن لا تأخذوا منهم إرادة الحياة.
أما بالنسبة لي يا إبراهيم، يا ولدي، فسوف أحملك ضوءاً في قلبي، ووسامي على صدري، واقتحم من أجلك مسافات المستحيل.

فهل يسمع ندائي السيد الرئيس
هل أحدكم يسمعه هذا النداء
هل يسمح ندائي الأخ رئيس الحكومة
هل لأحدكم أن يسمعه هذا النداء

هل يسمع ندائي الأخ وزير التربية والتعليم
هل يسمعه أحدكم هذا النداء

هل يسمع ندائي تلك المؤسسات النبيلة التي ساهمت في إعداد هذه الفئة وجعلتهم قادرين على تحمل مسئوليه حياتهم بأنفسهم
هل لأحد منكم أن يسمعهم هذا النداء
إلى كل أم وأب وعائله تحمل وساما كوسامي
هل تضعوا أكفكم بكفي لنواصل بناء جسر المحبة مع هؤلاء الذين هم بعض منا .
ونقسم أن نبني ونهيئ ونؤهل مجتمعا صديقا للصم

إذا لم تستجيبوا سأواصل وحدي يا ابني الحبيب إبراهيم أن أحملك ضوءاً في قلبي، ووسامي على صدري، واقتحم من أجلك مسافات المستحيل.



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة من الأعماق
- هل نحن مهيئون للحوار ؟
- الحصار والأسعار والتجار
- يهودية الدولة ....لماذا ,
- قراءة متأنية لمشهد معقد
- الوفاء للرجل الوفاء للهدف
- المفتاح بيد من ؟
- ياسر عرفات اتساع المدى وإيقاع التفاصيل
- أنا بولس اشارات قويه للنجاح
- قطاع غزة وفك الارتباط الاسرائيلي
- مؤتمر الخريف عوامل النجاح والفشل
- محمد الاشقر !
- الهروب من الأستحقاق !
- المرأة العربية سجال كبير ونتائج قليلة !!!
- قطاع غزة وسيكلوجيا المكان الضيق !!
- عبقريه التنازل للوطن !!
- العيد هو المصالحة
- سنة الله وسنة البشر
- المواطنة كلمه السر للمجتمعات الافضل
- الحالة الفلسطينية ومأزق المثقفين ؟


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - فاطمه قاسم - من منكم يملك وساما مثل وسامي ؟