الحصار والأسعار والتجار

فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2105 - 2007 / 11 / 20 - 10:21
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

قطاع غزة في وضع حرج للغاية،
قطاع غزة يلعب الآن دور الضحية

وهناك جوانب كثيرة جاء منها هذا الوضع الطارئ والحرج، جعلت قطاع غزة يلعب دور الضحية, أجد أبرز هذه الجوانب هو الحصار والأسعار والتجار، ثالوث بشع جداً، يجب الكشف عن تداخلاته وملابساته وتداعياته التي وصلت بحياة الناس في قطاع غزة إلى أن تصبح جحيماً لا يطاق.

ولنبدأ بالحصار:
الذي تنفذه إسرائيل بدقة متناهية، وعلى صعيد يوم بيوم، فهذا الحصار الذي يشل حركة الناس، ويجعلهم في حالة اختناق، يتعامل مع احتياجات قطاع غزة ضمن مفهوم الفحص اليومي، فالمواد والأنواع التي تدخل إلى قطاع غزة أصبحت محدودة، وبعض هذه المواد مثل قطاع غبار السيارات، والماكينات، ومضخات المياه، والمواد المتعلقة بالإنشاءات والتعمير مثل الاسمنت والحديد والخشب، والعديد من المكونات الصناعية مثل المواد الكيماوية أصبحت ممنوعة، وهذه المواد ارتفع سعرها بشكل جنوني ليس فقط بفعل قانون العرض والطلب الذي يتحكم في الأسعار، وإنما بسبب جشع بعض التجار الذين ضاعفوا أسعار المواد التي كانت في مخازنهم وحققوا من خلال ذلك أرباحاً خياليه هي عبارة عن سياط تلهب لحم سكان قطاع غزة .
وحتى المواد وخاصة الغذائية التي أعلنت إسرائيل التزامها باستمرار توريدها إلي القطاع مثل الدقيق ومثال الأصناف من المواد الغذائية وكذلك الملابس والتجهيزات المنزلية فان إسرائيل تفرض تقلصات مستمرة علي توريد هذه المواد فهي تصل بالحد الأدنى للحد الأدنى وهذا يجعلها نادرة في السوق ويدفع أسعارها إلى الارتفاع والقفز بشكل جنوني
وفي الحالات الطارئة والخطيرة من هذا النوع فان جهات كثيرة يجب أن تتدخل لأنه حينئذ لابد من معادلة جديدة وإلا فان الأمور تصل إلى الفوضى والتآكل التدريجي والخراب المتواصل

فعلي سبيل المثال:
من الذي يحدد سعر ربطة الخبز ؟ ومن الذي يحدد وزن رغيف الخبز؟ ومن هي الجهة التي تصدر نشرة يوميه بأسعار المواد؟ ومن هي الجهة التي تحدد كميه المواد الموجودة قبل أن يدخلها التجار الجشعون - بعض التجار- إلي مخازنهم والتصرف على طريقة الاحتكار؟ في العيد الماضي باع بعض تجار الملابس الكميات الموجودة في مخازنهم منذ عشر سنوات بأسعار مرتفعة جداً، فمن المستفيد، وما هي الإجراءات التي اتخذت للحد من ذلك
ثالوث الحصار والأسعار والتجار يفرض نفسه في قطاع غزة كواحد من كبرى التحديات التي تواجه حياتنا، جنباً إلى جنب مع الانقسام السياسي والإداري والجغرافي، والتشتت الاجتماعي والنفسي، ومأساوية الوضع الأمني، واستعصاء العلاقات الداخلية إلى درجة مخيفة.
والكلام الذي نسمعه إزاء ذلك، هو كلام مكرر، ومعاد، ولا فائدة منه، لأنه يستمر على قاعدة المضايضة، ويستمر على قاعدة تبرير مالا يمكن تبريره، وتسويغ ما لا يجب تسويغه، لأن استمرار الوضع على حاله دون تدخلات إيجابية، ودون يقظة وطنية، يجعل الخطر يتمدد إلى كافة مناحي حياتنا، الأمر إلي يؤدي إلى تراكم الانفجار.

والاحتشاد المليوني:
الذي جرى في احتفالات الذكرى الثالثة لرحيل الرئيس الخالد ياسر عرفات، هو تعبير عن احتشاد العديد من العوامل، ومن أبرزها الخوف على المصير، والمعاناة على مستوى لقمة الخبز، واليأس من المستقبل، والرفض لاستمرار المعادلات بالطريقة التي تجري بها حالياً.
هذا الحشد الكبير الهائل وغير المسبوق، لا ينفع معه الإنكار، أو التجاهل، أو فهمه من زاوية نظر واحدة, هذا الحشد وجه العديد من الرسائل بأن الأمور ليست سهلة كما يدعي البعض، وليست ممتازة كما يتوهم آخرون ,وليست في مستوى الاحتمال وأنا حاولت لفت الانتباه إلى هذا الثالوث الجهنمي، ثالوث الحصار والأسعار والتجار، حتى تنتبه مؤسسات المجتمع إلى أن الوضع لا يجوز السكوت عليه، ولا يجوز التعامل معه كأنه قدر لا يمكن الفكاك منه, أو أنه اختيار إلهي لنا يختبر صبرنا, بل يجب النظر إلى ذلك على أنه حقائق واقعية، وتفاصيل معاشه، يصنعها آخرون، أطراف محددة، بمعادلات محددة، وأننا يجب أن نكسر هذه المعادلات ولا ننتظر رحمة السماء، ولا بد من محاولات جادة، وإجراءات فعالة، ومسئوليات حقيقية حتى لايحدث الطوفان.

#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل