أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - غدا عيد ميلاد














المزيد.....

غدا عيد ميلاد


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2016 - 2007 / 8 / 23 - 11:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غدا ستحتفل زوجتي بعيد ميلادها السابع والعشرين وسيكون شكل الإحتفال مثل الأعياد الوطنية , نبدأ به إرسالنا صباحا وينتهي مساءا دون أن نفعل أي شيء.
وستجلس زوجتي في الركن الأيمن تقطع الحلوى وسأرفض أنا أن أمد يدي قبلها وقبل الأولاد , فمن عاداتي إحترام المرأة والأطفال والأخذ برئيهم .
والأولاد لا يتعلمون ولا يحفظون كلام آبائهم فهم سريعون جدا بنسيان تعاليم العائلة ولكنهم يحفظون عن ظهر قلب كل مايفعله الآباء والأمهات أمامهم وكذلك يحفظون تقاليد العائلة .
وغدا هو أول يوم أعتبره ميلاد للقمع وسأقوم من خلاله بمد جسور التعاون بين المجتمع المدني الحديث وبين مخلفات النظام الإمبريالي القديم :
وسأطالب بتعديل بسيط في بنية المجتمع العربي القديم الذي ما زال يحط بركابه علنا فوق رؤسنا جميعا .
وسأستغل يوم الغد بتمرير برامج توعوية لأولادي كي يتعلموا من تصرفاتي وليس من أقوالي , وصدقوني إن الأطفال لا يتعلمون من كلام الآباء لهم بل من أفعالهم وقد شكى لي بعض الأصحاب من أن أبناأهم لا يتقبلون تعاليم الآباء وإنما يتعلمون من تصرفات آبائهم وسلوكياتهم فالأطفال في المستقبل يتصرفون مع زوجاتهم ومع بناتهم وأولادهم كما كانوا يشاهدون سلوكيات آبائهم معهم .

لهذا السبب تفشل تعاليم الآباء لأبنائهم وينسونها بسرعة وقد يغتاظ الآباء من تصرفات أبنائهم وينسون أنهم كانوا يفعلون معهم بعكس ما كانوا يعلمونهم.

لذلك حرصت منذ خمسة سنين أن أتصرف مع الأولاد كأب ديمقراطي يحترم الرأي والرأي الآخر ولست حريصا على تدريسهم الديمقراطية بل حريص بأن أتصرف أمامهم تصرفات ديمقراطية حتى حين يكبروا ويتقدم بهم العمر يتذكروا تصرفاتي مع أمهم ومعهم فالأولاد لا يحفظون دروس التعليم من آبائهم ولكنهم يتعلمون من تصرفات آبائهم .
وكل الجيران والأقارب يعيبونني لديمقراطيتي مع زوجتي وأولادي ولا يعتبرونني رجلا لأن الرجولة بنظرهم شد المرأة من شعرها ورميها على الأرض والتقليل من تدليل الأولاد ويقولون لي : بكره أولادك مابردوش عليك .

وحين أسمع كلماتهم أضحك كثيرا وأقول :اللهم إغفر لقومي فإنهم لا يفقهون .
وأبكي عليهم فهم وأولادهم أموات من غير قبور يسكنوها.
فأنا أهدف بتصرفاتي إلى تعليم الإستقلالية بالرأي لأولادي ولا أريدهم أن يطيعونني في الرأي بل أريدهم أن يتمردوا على التقاليد الإجتماعية العربية وتقاليد العائلة الكبيرة فعائلتنا كبيرة جدا وهي ممتدة في بقعة جغرافية كبيرة جدا وأنا أهدف بأن أكسر إيقاع الرتابة بينهم وبين عائلتهم الكبيرة .
وعلى كل حال أنا حريص جدا بأن أحتفل بعيد ميلاد زوجتي رغم أنها تختلف معي في كل ما أكتب وفي كل ما أقرأ.
وحرصي هذا يدفعني له بناتي : برديس ولميس : كي يتعلمن أن إحترام المرأة واجب أخلاقي ومتطلب مهم من تطلبات المجتمع المدني ولكي يتعودن على ذلك ولا يسمحن في المستقبل لأزواجهم بأن يوجهوا لهن أي إهانة سواء أكانت عن قصد أو عن غير قصد .
حتى أنني مشتاق جدا حين يكبرن أن يتعلمن مادة العشق وفلسفته ولا يختبئن في الكوفي شبات كي يعشقن فهذه سرقة والتي تعشق في مجتمعنا العربي تذهب مع عشيقها إلى مكان منزوي عن الناس وبهذا يتعرضن بنات مجتمعنا للإبتزاز الجنسي والعاطفي.
وحرصي الشديد في التعامل مع زوجتي بديمقراطية عائد إلى رغبتي بتعليم بناتي كيف يجب أن يعاملهن أزواجهن في المستقبل فأنا حريص جدا على القطيعة مع التراث بكل تفاصيله وتعاليمه .
وغدا ستفتتح زوجتي قالب الطرطه وسأدعوا شقيقاتي للمثول أمام مائدة الطعام قبل أكل الطرطه والكيك لكي يقمن هن أيضا بالتمرد على تقاليد العائلة ولكي تنتقل عدوى الديمقراطية إلى منازلهن أيضا .
وفي هذا العيد سأطلب من زوجتي أن تعاملني بالمثل وسأدعوها للكف عن مضايقتي وأنا أقرأ وأكتب وستكون لي مطالب سياسية معها مثل :
التوقف عن حملات التطهير التي تقوم بها في أرجاء المنزل للبحث عن القلم والورقه وحبسهن عني .
والمطلب الثاني سيكون على مستوى عالي مثل:
التنازل عن شعارها القائل :من أجل منزل خالي من الورق والكتب عام 2008م.
وفي منتصف الإحتفال سأوجه لها خطاب قومي شامل أستذكر به : نوال السعداوي وحرب ال67 التي خسرنا فيها الديمقراطية وليس الأرض فخسارتنا في حرب ال 67 مع دولة إسرائيل لم تكن الأرض بل كانت الديمقراطية وأعرف أن زوجتي ستمل من أول كلمة أقولها وستحاول الإنسحاب من الجلسة ريثما ينتهي خطابي الشامل .
وسأحكي في عيد ميلادها عن كل شيء من أول يوم دخلت به منزلي الذي أصبح منزلها وأنا أصبحت به عاملا عندها بغير أجر أحضر لها المأكل والملبس والمشرب بعد أن كانت في بيت أبيها خادمة له بغير أجر خادمة لأبيها وأخيها وضبوفه .
فأنا في منزلي الكبير جدا .

وسأطلب منها حضر التجوال في المكنسة الكهربائية أثناء إنغماسي في القراءة والكتابة .
وسأطلب منها مرة واحدة إحترام مذهبي اللاديني في شهر رمضان المقبل علينا فشهر رمضان بالنسبة لي مقلق جدا بقائمة المحضورات والممنوعات التي تنتشر في منزلي ومنزل الجيران كإنتشار النار بالهشير .

وسأقطع عليها الطريق المؤدي إلى مكتبتي فهي تسلك هذه الطريق في الوقت الذي أبدأ به في القراءة والكتابة .
ويوم واحد في السنة أتمنى أن أعيشه وحدي دون أن تنغص على مسمعي عبارات كلها :قوم من هون ...بلا ثقافه بلا بطيخ إمبسمر ...شو عامله إلثقافه إلنا غير إلجوع والتعب حل عنّي يا زلمه ...روح شوفلك شغله ثانيه نستفيد منها ...ما بدنا ثقافه تنسجن من وراها زي قصيدتك تبعة إلطاغيه كلها تخبيص في تخبيص ...إلخ .

وسأطلب منها أن تقرأ على مسمع الحضور ما كتبته لها من إهداء على أول صفحات كتابي الأول فهي منذ نشرته قبل عامين لم تقرأ إسمها في الصفحة الأولى .
وزوجتي ووطني متحالفون على إحباط مخططاتي التي رسمت بها شكل المجتمع المدني الذي أحلم به منذ سنين.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر العمالقة
- أحلامي جريئة
- ب 99 دينار أردني!
- كلب إلباشا باشا
- الكلمة الحرة والكلمة المستبدة
- القادة العرب
- أدب الطغاة
- الديمقراطية للإنتهازيين وحياتنا جافة
- مجتمع الماركسيين
- رسالة إلى كتاب الحوار المتمدن
- المجتمع المدني العراقي 1
- الديموقراطية الأردنية على ضوء الإنتخابات النيابية القادمة 20 ...
- موجز تاريخ البشرية حتى عصر العملة الذهبية
- مستقبل الإنتخابات النيابية في الأردن 2007م
- مشاهد كوميدية على خشبة الإنتخابات البلدية في الأردن2007
- لماذا الله؟
- السرعة والجمود في المجتمعات العربية
- إلقاء القبض على مثقف أردني بتهمة تعاطي الديمو قراطية
- مستقبل العلاقة بين الحكام العرب والشعب مع توضيح شكل العلاقة ...
- رسالة من يساري عربي إلى بعض العرب


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - غدا عيد ميلاد