المجتمع المدني العراقي 1

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 11:27
المحور: المجتمع المدني
    

المجتمع المدني الحديث ليس مجتمع السنة والشيعة وليس هو مجتمع تعدد العشائر والقبائل لتمارس حقها في الإنتخابات والتصويت وليس المجتمع المدني مجتمع زراعي أو رعوي وليس هو مجتمع الصفويين وليس هو مجتمع الدولة العثمانية لتأخذ بمذهب الحنفية أي المذهب الحنفي كي تبرر شرعية سلطتها على إعتبار أن حق الخلافة الإسلامية ليس حكرا على آل البيت الهاشمي.

والمجتمع المدني الحديث ليس هو مجتمع الشيوعيين ولا الليبراليين وليس هو مجتمع الإنجيليين أو رجال الدعوة ولا هو مجتمع المعمدانيين ولا هو مجتمع اليسوعيين الجدد أو لبروستنت أو الكاثوليك أو المسيحية اليهودية .

وإن من أكثر الأشياء التي تمسنا في الصميم أننا ندعي وصول الإسلاميين إلى السلطة ديمقراطية وأن وصول الشيعة في العراق أيضا ديمقراطية وهذا الكلام عيب كبير فالحوزة الدينية في العراق ليست مجتمعا مدنيا بل هي مجتمع قديم قدم موقعة صفين وموقعة الجمل وكذلك وصول الإسلاميين إلى مراكز صنع القرار لا يعتبر مجتمعا مدنيا بل هو مجتمع القرن السابع الميلادي.

وكذلك وصول السنة في العراق إلى مراكز صنع القرار لا يعتبر مجرد الوصول والمشاركة لا يعتبر هذا مجتمعا مدنيا بل هو مجتمع الأمويين ومجتمعات عثمان وأبو بكر وعمر وكل هذا لا يعني مجتمعا مدنيا .

إن التمرد في العراق على السلطة منذ التاريخ ليس تمردا من أجل إقامة مجتمعات مدنية بل كان تمردا أحيانا من أجل توزيع ثروة العراق بشكل عادل ومنصف للجميع .
وكان تمردا من أجل وصول الشيعة إلى مراكز صنع القرار مدعومة بقوة جهوية وعشائرية تستحوذ بها على المراكز الأمنية ووزارة الداخلية .

والمجتمع المدني هو مجتمع إطلاق الحريات العامة وإحترام الصحافة القليلة الأدب لتكون نقطة مراقبة على الأداء البيروقراطي.
والمجتمع المدني هو مجتمع تحسين الإنتاج بأقل التكاليف الممكنة وحصول الشعب على إمتيازات جمهورية واسعة وعلى خدمات صحية وتعليمية .
والمجتمع المدني هو مجتمع المواطنة الصالحة سواء أكنا شيعة أم سنة أم يزيدية أم سلفية أو شيوعيين حتى .

المجتمع المدني هو المجتمع الذي يضمن لي ولك ولغيرك وللعراقيين جميعا حياة كريمة وليس هو مجتمع العادات والتقاليد القديمة بل هو مجتمع يخلق عادات وتقاليد جديدة ومبتكرة تمارس بها المرأة المتعة في الجنس قبل الزواج ويمارس بها العشاق حياتهم سواء أكانوا عشاقا للرياضة أم للفلك أم للحب ...إلخ

المجتمع المدني ليس مجتمع الحظ والصدفة الذي يدعي أصحابه أن الله رزقهم بالصدفة عن طريق حظهم وليس هو مجتمع الرب القديم الذي يختار لرسالته من يشاء من عباده بل هو مجتمع المشاركة وحق المشاركة للجميع تحت إمرة قوانيين ودساتيير دول المؤسسات المدنية الحديثة .

والمجتمع المدني الحديث ليس هو المجتمع الذي يحشد العشائر العراقية المسلمة سواء أكانت سنة أو شيعة لمواجهة قرار سياسي بل هو :المجتمع الذي يحشد العشائر لتعليمها أسس الحياة الحديثة وإحترام القوانيين المرعية الجديدة يحشدها ليثقفها ثقافة لا تجهل من بعدها أي شيء سواء أكان سياسة أو إجتماعا.

والمجتمع العراقي المدني الحديث ليس هو المجتمع الذي يطرد علماء الدين من النجف إلى إيران كما حدث سنة 1932م في عهد حكومة :عبد المحسن السعدون حيث طرد ثلة من العلماء على رأسهم :
مهدي الخالصي
ابو الحسن الأصفهاني
محمد حسين النائيني
ولم يسمح لهم بالعودة للعراق إلا بعد أن وقعوا على وثيقة قالوا فيها :
نحن علماء العراق ليس لنا علاقة بالسياسة.

إن هذه التصرفات ليست عاقلة بل مخجلة وديكتاتورية والأصح أن تعمل الحكومات على إنشاء معاهد علمية ليس للدين علاقة بها فالمجتمع المدني ليس هو مجتمع فصل الدين عن السياسة أو فصل الدين عن العلم بل هو :إحترام حرية الناس والمعتقدات وبنفس الوقت يجب أن يكون الدين ممارسة فردية وليس جماعية كل إنسان يعبد ربه بطريقته حتى نتكمن في النهاية من إيصال مفهوم المجتمع المدني الحديث بكل صوره يتزوج به السني من شيعية وتتزوج الشيعيية من السني وكذلك المسلم والمسيحي حتى نأتي على فترة يكون به الدين شيء ثانوي ليس له أهمية بل الأهمية للعلاقات المدنية .

عندها نصل ‘لى مجتمع عراقي ليس سنة أو شيعة بل مجتمع مواطن مدني حديث.

وبالتالي نتوصل لمجتمع مدني وليس مجتمع سني أو شيعي أو مسيحي أو مسلم نريدج مجتمعا مدنيا ديمقراطيا حرا وخالي من الفلسفات القديمة ليس به مخلص يقف على أبواب كل بيت عراقي لكي يدخله بسيفه نريد مخلصا يدخل على المجتمع العراقي المدني بقلمه وليس ببندقيته.

المجتمع المدني لا يدخل ساسته وصناع قراره على البرلمان ببنادقهم ورشاشاتهم ومدافعهم بل :بأقلامهم وأوراقهم ودفاترهم .

المجتمع المدني العراقي لا يدخل علماؤه على المدارس والجامعات بقرائينهم المتعددة القراآت بل بنظريات حديثة في علم السياسة والإقتصاد وعلم الإجتماع .

والمجتمع المدني العراقي ليس هو المجتمع الذي يحافظ على العادات والتقاليد القديمة وليس هو المجتمع الذي يقيم محاكم عسكرية للمخالفين سياسيا :بل هو مجتمع التثقيف السياسي والفكري وليس مجتمع الإعتقالات والتصفيات الجسديةوهو أيضا مجتمع التعددية الحزبية والفكرية والذي يضع به الناخب صوته علامة دائرة على الإتجاه الذي يريده ومن هذه الدائرة تتفرع الفروع والحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات هو الذي يشكل الحكومة بأغلبيته مع بقاء وجود الإتجاهات الأخرى على حسب النسب الحاصلة عليها في الإنتخابات .

المجتمع المدني العراقي هو المجتمع الذي ليس به سنة أو شيعة يرسمون السياسة والإقتصاد على حسب ما يرغب به علي أو معاوية بل على حسب ماتمليه طبيعة موازين القوى في العالم ولا أظن أن علي ومعاوية اليوم يفهمون ما هي الديمقراطية وحرية الرأي والحريات العامة.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات