أگادير: الجمعية المغربية للتنوير تنظم ندوة حول التحولات الاجتماعية في سوس والصحراء: رؤى متعددة لفهم مجتمع متغير (2/1)


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 09:44
المحور: قضايا ثقافية     

نظمت الجمعية المغربية للتنوير يوم الأحد الثامن عشر من ماي الجاري ندوة فكرية تناولت مجال سوس والصحراء بأبعاده الأنثروبولوجية والثقافية والقيمية والاجتماعية، هذا المجال الذي يجمع بين مكوناته علاقات تاريخية تمتد لقرون تتجاوز الحدود الجغرافية والإدارية لتشكل نسيجا اجتماعيا وثقافيا متداخلا.
نظم هذا اللقاء بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأگادير تحت عنوان: “التحولات الاجتماعية في سوس والصحراء: رؤى متعددة لفهم مجتمع متغير”، انطلاقا من الساعة الخامسة من مساء اليوم سالف الذكر.
شارك في هذا اللقاء ثلة من الأساتذة المهتمين والمختصين من المنطقيين ومن خارجهما. وفي ما يلي لائحة بأسمائهم وصفاتهم:
(1) – رشيدة بوشتى، باحثة في السوسيولوجيا؛
(2) – أحمد الطالبي المسعودي، كاتب ومناضل يساري؛
(3) – كمال شادي؛
(4) – خالد العيوض، رئيس مركز تاوسنا للدراسات والأبحاث؛
(5) – محمد الصليح، أستاذ باحث في السوسيولوجيا بجامعة ابن زهر؛
(6) العلمي الحروني؛
وتجدر الإشارة إلى أن حاملي الأسماء (1) و(5) و(7) كلهم أعضاء في الجمعية المغربية للتنوير المنظمة لهذه الندوة التي قام بتسيير أشغالها رئيس الجمعية الأستاذ عبد الواحد حمزة، أملا في إطلاق نقاش حول الموضوع بين مجموعة من الباحثين المهتمين والمختصين.
قبل البدء في تسيير أشغال الندوة، أعطى الأستاذ عبد الواحد حمزة، رئيس الجمعية المنظمة، الكلمة لنائبه، العلمي الحروني، ليتحدث عن سياق تأسيس الجمعية وأهدافها. بعد ذلك انبرى المسير يقدم ورقة فكرية حول موضوع الندوة.
في مستهل الورقة جرى التأكيد على سنة التحول في الكون والحياة في تناغم مع موضوع الندوة ووفاء لقولة هيرقليط الشهيرة: لا تستحم في النهر مرتين. ويبدو أن ثمة حرصا على التقيد بالمقارنة السوسيولوجية بعيدا عن "انزلاق الهلوسة الذهنية والإغراق في الولايات ومرايا اللاشعور المتكسرة"، وقريبا من قبول "التعدد والاختلاف والتنوع في وجهات النظر، عوض أحادية الفكر والهوية القاتلة والانغلاق على الأنا المتشظية، المريضة".
يعلن صاحب الورقة، بدون تورية، أن الندوة إياها تتبنى مقاربة تفهمية، تأويلية وبيداغوجية. وفي غرفه أن شجرة سوس/ الصحراء المغربية جذورها في أگادير وعروشها وامتداداتها في منطقة الساحل التي تعتبر بمثابة رئة لأگادير، مع اعتبارها "منطقة عريضة نريد التفكير فيها خارج الكليشيهات الرسمية، ليس انطلاقا من "تقطيع وتصور إداري تقتوي قاصر"، بمنأى عن "هندسة مجتمع مغربي مركب ومتداخل البنيات" ومتساهل مع مع "السلوكيات القبلية، الإثنية، الاجتماعية والإفريقية".
ويعتبر رئيس الجمعية المغربية للتنوير أن المنطقة التي تنصب عليها أنظار الندوة المنظمة في عاصمة سوس-ماسة "تحظى بوضع اعتباري جيوستراتيجي مميز، مغاير ومهيمن، بحيث أن كلمة "سوس" تشمل دلالتها، "تاريخيا ورمزيا، وبدون مركب غلظة، كل ربوع المغرب وتاريخه الطويل"، مشعا "بموارده وبانفتاحه المغري على دوامة العولمة الجهنمية".
ولم يغيب عن بال مدبج الورقة التقديمية أن الاختيار الانفصالي "مشروع صنعته فرنسا وورثته الجزائر (...) ولدى الحكم يد فيه، وهو الأمر المرتبط بطبيعته السياسية، مع النظام المخزني" على جيش التحرير والنخبة الصحراوية، في ظل احتكار القصر الملف و"إبعاد كل القوى الحية عن الاشتراك الفعلي فيه، فضلا عن عجزه عن السيطرة المطلقة والهيمنة على كامل التراب الوطني، معبرا عن ضعفه وعن هشاشة الجبهة الشعبية الوطنية"، وما يقوم دليلا على ذلك استقواؤه بتحالفات غير أو شبه عادية.
وفي موضوع ذي صلة وثقى بملف الصحراء المغربية، اعتبر رئيس الجمعية المغربية للتنوير أن "الحكم الذاتي حل ناجع"، وأن تقرير المصير أصبح متحاوزا، بل "رجعيا" على حد تعبير عبد السلام المودن. من هنا يجب "العمل على إطلاق النقاش الحر والديمقراطي حول حلول مبتكرة". وغير خاف عن مسير الندوة أن "حل قضية الصحراء المغربية تظل مفتاح التقدم نحو مستقبل بلادنا في اتجاه إفريثيا والعالم. لكن عادة ما كان السؤال يطرح على مستوى القانون الدولي، ويتم اعتماد مقاربات قانونية وسياسية حصرية في الموضوع".
و وفقا للدراسات المنجزة قبل اندلاع الصراع سنة 1975، تبين أنها "موجهة لشرعنة الحق التاريخي للمغرب في جوابه. ومن أجل التدليل على الروابط العميقة بين الصحراويين وباقي سكان المغرب.
ويلفت المتحدث انتباه الحضور إلى أن توفر المعطيات ورفع يد الاستعمارين الفرنسي والإسباني عن الأرشيف جعل من "المتاح معرفة دقيقة بشروط نشأة وخلق سيرورة المجال الصحراوي" وفق جدلية فتح وإغلاق الحدود في انتظار ترسيمها تبعا لموازين القوى.
ومن القناعات التي يستند عليها صاحب الورقة التقديمية أن "استعمار مجال ما لا يعني أبدا محو سيادة الدولة المستعمرة (بكسر الراء) على أراضيها"، علما أن "استعمار فرنسا لأرضنا أخذ شكل حماية وانتداب سلطة مع الحفاظ على سيادة المغرب"؛ الشيء الذي يجعل بعض الباحثين في الموضوع يفترضون أن قضية الصحراء المغربية "بدعة استعمارية".
وعلى افتراض الفهم النسبي "لكل التحولات والتغيرات المفترضة في المنطقة، يتساءل رئيس الجمعية المغربية للتنوير عن "أي عمل وأي سياسة عمومية قادرة بالفعل على تثوير وتفعيل استثمار واستثمار خيرات ومعادن وثقافة سوس والصحراء الموسعة، خاصة وأن هيئة الأمم المتحدة اعترفت بأمازيغية الصحراء المغربية". وفي الأخير، تساءل مسير الندوة: أي دور يمكن أن يلعبه المجتمع السياسي والمدني في التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في المنطقة؟