تمارة: الأرض والمسألة العقارية.. من خدمة الريع إلى السيادة الشاملة من أجل سياسة عقارية شعبية جذرية
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 21:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أصدر فرع الاشتراكي الموحد، يوم أمس الاثنين، بيانا حول "الأرض والمسألة العقارية: من خدمة الريع إلى السيادة الشاملة من أجل سياسة عقارية شعبية جذرية".
يبدأ هذا البيان الذي توصلت "تنوير" بنسخة منه بالإشارة إلى أن قضية العقار، في مغرب تتسع فيه الفوارق الاجتماعية والمناطقية، تبرز كأحد المفاتيح الكبرى لفهم منطق التوزيع غير العادل للثروة والسلطة، وأن العقار تحول إلى مجال للاغتناء السريع والريع المنظم والفساد البنيوي، بدل أن يكون أداة للعدالة الاجتماعية والمناطقية للتنمية.
عن الفعاليات المشاركة في الندوة التي نظمها المكتب المحلي للحزب بمدينة تمارة يوم سابع عشر ماي الجاري حول موضوع "قضايا المسألة العقارية بالمغرب وآثارها الاجتماعية على حقوق المواطنين"، والتي شخصت الأعطاب الهيكلية للسياسة العقارية بالمغرب التي بقيت أسيرة مقاربات تكنوقراطية معزولة عن الواقع المعاش، قال البيان إنها تعتبر أن الأوان حان لقوى اليسار كي تطرح مشروعا تحرريا وجذريا يعيد الأرض والسكن إلى موقعهما الطبيعي كحق شعبي وسيادة جماعية للمغربيات والمغاربة.
ولم يفوت أعضاء الفرع المحلي للحزب والمشاركون في الندوة هذه الفرصة للتعبير عن إدانتهم للإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني المحتل في حق الشعب الفلسطيني من تطهير عرقي وتهجير من أرضه التاريخية، داعين الدولة والحكومة المغربيتين إلى إسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب.
بناء على ما تقدم، تداول الحزب الاشتراكي بتمارة مخرجات الندوة، انطلاقا من إيمانه بأن الأرض ملك مشترك لبنات وأبناء المغرب، وأن السكن حق غير قابل المضاربة الفاسدة، مقتنعا بأن العقار يجب أن يسخر أولا وقبل كل شيء لضمان حق السكن والأمن والسياسة الغذائيين والحق في مدينه مواطنة.
كما سجل سيادة المقاربة الحكومية الهادفة إلى اختزال الأرض في سلعة تخضع لقانون السوق والمضاربة وافتراس التحالف الطبقي الإداري-السياسي، إلى جانب تحالف الفساد والاستبداد اللذين يسودان ويهيمنان على بلدنا ويحكمانه.
ولمس الفرع المحلي لحزب محمد بنسعيد آيت إيدر الحاجة إلى مراجعة موجة التحفيظ الجائر لأراضي قبائل الأقاليم الصحراوية الجنوبية للمغرب، مدينا الاعتداءات الجسدية والمعنوية التي تعرض إليها أعضاء من التنسيقية الصحراوية الوديان الثلاثة، وهي واد نون، الساقية وواد الذهب.
وانطلاقا من ذلك، فإنه يدعو إلى إعمال سياسة عقارية بديلة، مؤسسة على تفكيك بنية الريع العقاري بالمغرب، وتفعيل مبدإ "من أين لك هذا" والمبدإ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك من أجل محاسبة كل من راكم الثروة عبر تفويتات عقارية مشبوهة.
كما يطالب باسترجاع وتأميم الدولة للأراضي وتلك المكتسبة بطرق فاسدة أو بدون مردودية اجتماعية حقيقية أو المجمدة لأغراض مضارباتية. ويدعو بالتالي إلى فرض ضريبة تضامنية تصاعدية على كبار الملاك العقاريين.
وأكد مناضلو الحزب والمشاركون في الندوة على التأميم الاجتماعي للأراضي الاستراتيجية عن طريق إعمال الشفافية وإزالة الغموض الذي يلف العقار بالمغرب، وذلك بإنشاء مرصد وطني عمومي للعقار تحت الرقابة المؤسساتية الرسمية والشعبية. ويجددون بالمناسبة رفضهم للتعديلات التشريعية الهادفة إلى تقنين منع وضع شكايات من طرف مكونات المجتمع المدني، واستهجانهم سحب مشروع قانون الاثراء غير المشروع، إلخ...
كما يطالبون بإعادة النظر في كل التفويتات العقارية من قبل الدولة لفائدة المحظوظين والزبناء السياسيين دون نتائج اقتصادية واجتماعية تنموية، واسترجاعها كملكية للدولة والشعب، مع تمكين الجماعات الترابية من صلاحيات فعلية لتدبير العقار المحلي في إطار الجهوية الحقيقية بالمعايير الدولية مع ربط المسؤولية بالمحاسبة دائما.
ويبرزون أهمية إصلاح قانوني جذري يتجه نحو توحيد النظام العقاري المغربي في إطار مدونة قانونية موحدة تحمي المستضعفين وتضمن حقوقهم في الأرض، وتمليك أراضي الجموع والحبوس والكيش وأراضي القبائل للطبقات الشعبية المستغلة لها فعليا في إطار مقاربة تنموية للاقتصاديات الشعبية والاجتماعية الوطنية سواء بدعم المقاولة الصغرى والمتوسطة أو التعاونيات المواطناتية للمعنيين.
هذا، ويلتمسون من الدولة وضع تدابير لإنهاء التمييز بين العقار "المحفظ" وغير المحفظ في الولوج إلى الحقوق وذلك بتعميم التحفيظ وتسهيل مساطره ووضع تدابير حماية شاملة للملكية العقارية.
وفي نظرهم، لا تقل أهمية مراجعة القانون 7-81 بوضع تعريف دقيق للمنفعة العامة والتنصيص على الحق في إعادة الإسكان والتعويض عن الإبعاد عن البيئة والمسكن الأصليين وإحداث آلية مؤسساتية للتعويض والمواكبة الإجتماعية والإدماج.
ويرون ألا مناص من عدالة ترابية في توزيع الأرض والاستثمار العقاري من خلال تخصيص نسب من العقارات العمومية لصالح التعاونيات الفلاحية والسكنية مع مواكبتها ومراقبتها في إطار مقاربة لاقتصاد شعبي وطني، وإحداث مشاريع عقارية موجهة للعالم القروي لوقف النزوح الجماعي وذلك بتشجيع تصنيع محلي في مجالات الصناعة الغذائية كالأعلاف والتربية الحيوانية والتجهيزات الفلاحية...
ولأن اللوبي العقاري المفترس ماض، بلا هوادة، وبدون وازع أو حس وطني، قدما في تفصيل الأراضي الفلاحية بضواحي المدن بإطلاق مشاريع سكنية بأثمان تستنزف القدرة الشرائية للأسر، ولأن مدننا تخترقها فراغات تحولها عقارات مجهولون مالكوها، ولأجل استكمال العمران داخل المدن أولا وقبل كل شيء، فإن سياسة المدينة تستلزم منع تحويل الأراضي الفلاحية إلى مشاريع عقارية بدون اعتماد مقاربة مركزية - مؤسساتية صارمة على أساس معايير دولية للتمدن والتعمير.
ولم يغيب عن بالهم أن الحق في السكن اللائق كحق دستوري للمواطنين ( الفصل 31) يقتضي وضع التدابير الفعلية اللازمة للحد من تعدد التملك العقاري الذي يتجاوز الحاجة المشروعة، أو الذي يتحول إلى مقاولات مقنعة للكراء أو للتجميد والاكتناز العقاري والمضاربة. وكحل لهذه المعضلة، يقترحون تسقيفا قانونيا لأسعار العقارات والسكن في المدن الكبرى للحد من المضاربات الجشعة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، مع ضمان ولوج الشباب، إناثا وذكورا، إلى العقار عبر دعم مباشر للتعاونيات والمقاولات الصغرى والدقيقة.
ختاما، يرى مناضلو الاشتراكي الموحد أن الأرض يجب أن تكون في خدمة التنمية والمواطنين، لا لمن يراكم الربح الجشع، معتبرين أن قضية الأرض والعقار تتجاوز البعد القانوني، ويجب أن تكون رهانا تحرريا تنمويا وطنيا شاملا وعادلا ومنصفا، وأن الريع احتل الأرض ومضى في تماديه وطغيانه، بفعل وإيعاز من الرأسمال الطفيلي، وممن لا يؤمنون إلا بالربح. فتحرير العقار يعني تحرير إمكانيات شعبنا لبناء مستقبل مشترك وعادل ومزدهر.
وهكذا وبناء على خلاصات ندوة تمارة، يوجه الحزب الاشتراكي الموحد – فرع تمارة الدعوة إلى القوى الحية، السياسية والنقابية والحقوقية والتنسيقيات المجتمعية والديناميات الاجتماعية، وإلى كل ضمير حر لخوض معركة العدالة العقارية كجزء من معركة الكرامة والديمقراطية والسيادة الشاملة. ولتحقيق هذا الهدف، وجب التنسيق من أجل تأسيس جبهة سياسية يسارية ديمقراطية من أجل العدالة العقارية والاجتماعية.
- تأسيس تنسيقية وطنية جامعة لمواجهة الاستنزاف العقاري بالمغرب، وإحداث مرصد مدني للدراسات والأبحاث والرصد العقاري.