ترامب يدعي أن بلاده كانت وراء -وقف إطلاق نار فوري- بين الهند وباكستان


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 00:54
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

بعد أربعة أيام من بدء التوترات الضربات الصاروخية القاتلة وتبادل إطلاق واستعمال طائرات بدون طيار ونيران المدفعية، اتفقت باكستان والهند يوم السبت على "وقف فوري لإطلاق النار"، حسبما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما أثار دهشة الجميع، مشيدا بـ"الحس السليم" للقوتين النوويتين.
وقد أعلن دونالد ترامب على شبكته الاجتماعية "تروث" (الحقيقة) أن وقف إطلاق النار "الفوري والكامل" تم التفاوض عليه بين البلدين، تحت رعاية الولايات المتحدة. من جانبها، أكدت نيودلهي أن الاتفاق تم بشكل مباشر بين الطرفين.
وكما جرت العادة، اختار دونالد ترامب الإعلان عن الخبر بأحرف كبيرة على شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال". وكتب يوم السبت عاشر ماي الجاري يقول: "بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، يسعدني أن أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق النار الكامل والفوري"، موجها "تهانيه لكلا البلدين" على "حسهما السليم وذكائهما العظيم".
وفي أعقاب الحادث الذي وقع في إسلام آباد، أكد وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار أن باكستان والهند اتفقتا على "وقف إطلاق النار اعتبارا من الآن" في رسالة على (X).
وفي تأكيد لاتفاق وقف إطلاق النار في دلهي، أشار مصدر حكومي هندي إلى أن الاتفاق تم التفاوض عليه بشكل مباشر بين الهند وباكستان، وأن البلدين الجارين لم يخططا لمناقشة أي شيء آخر غير وقف إطلاق النار.
لكن على عكس ما يدعيه دونالد ترامب بفخر، فإن نيودلهي تؤكد أن الاتفاق تم التفاوض عليه مباشرة بين رئيس العمليات العسكرية الباكستانية ونظيره الهندي خلال محادثة هاتفية بعد ظهر اليوم السبت، حسبما أوضح سكرتير الوزارة الهندية فيكرام ميسري للصحافة. وأضاف أن "قادة العمليات العسكرية سيجتمعون مجددا يوم 12 ماي" الحالي.
ردا على ذلك، أعلنت باكستان بالفعل أنها ستعيد فتح مجالها الجوي. من جانبه، وفي تحذير، صرح وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار على حسابه في موقع (X) بأن بلاده "حافظت باستمرار على موقفها الثابت والراسخ ضد الإرهاب بجميع أشكاله وستواصل القيام بذلك".
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تكثفت فيه الهجمات صباح السبت بين البلدين. على مدى أربعة أيام، انخرطت إسلام أباد ونيودلهي في أسوإ مواجهة عسكرية بينهما منذ عقود، حيث تبادلتا الهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ وإطلاق النار عبر حدودهما المتنازع عليها في كشمير.
وبحسب التقرير الرسمي من الجانبين، فإن المواجهات بين البلدين تسببت في مقتل نحو ستين مدنيا منذ السابع من ماي.
ومنذ الأربعاء، لم تستمع الدولتان الجارتان، اللتان ولدتا من التقسيم المؤلم في عام 1947 بعد رحيل المستعمر البريطاني، إلى دعوات ضبط النفس من العواصم الأجنبية التي تخشى الوصول إلى نقطة اللاعودة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد صرح للتو على منصة (X) أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثفة بينه وبين نائب الرئيس جيه دي فانس مع رئيسي الوزراء الهندي والباكستاني ناريندرا مودي وشهباز شريف، بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين.
وقال روبيو أيضا "يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان وافقتا على وقف فوري لإطلاق النار وبدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في مكان محايد".
وفي صباح يوم السبت، أعلنت باكستان ردها على الهجمات الصاروخية الهندية على القواعد العسكرية، بما في ذلك واحدة على مشارف إسلام آباد.
وزعم رئيس الوزراء الباكستاني أن "باكستان من خلال عملية البناء المتماسك" قد "قدمت للهند ردا مناسبا وانتقمت للقتلى الأبرياء" - وهو "الانتقام" الذي وعد به في خطاب إلى الأمة يوم الأربعاء.
وأكدت الهند أنها تعرضت لسلسلة من الهجمات، بما فيها هجمات بطائرات بدون طيار، ضد عدة أهداف عسكرية تقع في جميع أنحاء الجزء الشمالي الغربي من أراضيها.
في هذا الإطار، شهدت يوم السبت مدينة سريناغار، المدينة الرئيسية في الشطر الهندي من كشمير، عدة انفجارات عنيفة، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
كما تعرضت قاعدة أوانتيبورا الجوية القريبة من سريناجار لقصف في الصباح الباكر، ثم تعرضت لقصف مرة أخرى عند الظهيرة، وفقا لمصدر في الشرطة طلب عدم الكشف عن هويته.
وحث ماركو روبيو نظيريه الهندي والباكستاني على "إعادة الاتصالات المباشرة لتجنب أي سوء تقدير"، في حين رفعت الصين صوتها، داعية "بحزم" الجارتين إلى ممارسة ضبط النفس.
وبحسب أرقام رسمية من الجانبين، أسفرت أعمال العنف عن مقتل نحو ستين مدنيا منذ يوم الأربعاء. وقد تسببت حالة الحرب هذه في تحركات سكانية كبيرة على جانبي "خط السيطرة" الذي يفصل منطقة كشمير المتنازع عليها بين البلدين.
وفي الجزء الهندي من البلاد، اقتحم يوم السبت حشد من السكان محطة السكة الحديدية في مدينة جامو، التي كانت هدفا لهجمات بطائرات باكستانية بدون طيار خلال الليلتين الماضيتين، بحثا عن قطار.
وقال أحد المرشحين كاران فارما (41 عاما) وهو ماسوني لوكالة فرانس برس: "كانت هناك انفجارات قوية طوال الليل. لا يوجد خيار سوى الرحيل."
وعلى الجانب الآخر من الحدود، تحدث محمد حسين لوكالة فرانس برس عن ليلة من العنف أسفرت عن مقتل 11 مدنيا، وفقا للسلطات في كشمير الباكستانية.
وقال: "منزلي تضرر بشدة جراء إطلاق النار، وأحاول إجلاء عائلتي إلى مكان أكثر أمانا".
وفي أعقاب إعلان وقف إطلاق النار، أعادت باكستان فتح مجالها الجوي، بينما ظل 32 مطارا في الجزء الشمالي الغربي من البلاد مغلقا على الجانب الهندي.