الانقلاب الكوري الجنوبي والحرب الاوكرانية


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 18:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في مساء يوم الثلاثاء الماضي، 3/12، أصدر الرئيس الكوري الجنوبي (الخادم الامين للسي آي أي التي رفعته بمعرفتها وتدبيرها لكرسي الرئاسة بهامش ضئيل جدا في انتخابات عام 2022): "يون سوك يول" إعلاناً مفجعاً بفرض الأحكام العرفية في أنحاء البلاد كافة من دون سابق انذار، مبرراً قراره المفاجئ هذا بزعم أن المعارضة الديمقراطية - التي يسيطر ممثلوها على البرلمان الكوري الجنوبي - "منخرطة في أنشطة مناهضة للدولة والتخطيط للتمرد"، كما اتهمها "بموالاة نظام كوريا الشمالية وبالتخطيط للإطاحة بواحدة من أكثر الديمقراطيات حيوية في العالم" ، وتعهد بالقضاء على القوى "المناهضة للدولة"وذلك دون تقديم أيما أدنى دليل لإثبات هذه المزاعم. وقد تضمن هذا القرار وقف نشاطات الاحزاب السياسية كافة، فأنزل الرئيس بموجبه عساكره المدججين بالأسلحة الى شوارع العاصمة سيئول لتنفيذ ذلك، كما حاصرت قواته بناية البرلمان الكوري الجنوبي (الجمعية الوطنية) لمنع انعقادها لكون الدستور الكوري الجنوبي يمنحها سلطة إلغاء إعلان الطوارئ بأغلبية الأصوات.
ولسوء حظ عميل السي آي اي هذا، فقد هرع مشرعو الجمعة الوطنية إلى مبنى البرلمان على عجل بمجرد سماعهم بإعلان "يون" في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء. وقد اضطر بعض البرلمانيين إلى تسور الجدران للإفلات من الطوق العسكري المفروض على بناية مقرهم، حتى تمكنوا من تجميع النصاب القانوني المطلوب، حيث صوتوا بالإجماع المطلق ( 190 صوتًا مقابل صفر) - بمن فيهم 18 عضوًا من حزب يون المحافظ نفسه - على إلغاء قرار الرتيس العميل المتهم هو وزوجته بالفساد فرض الأحكام العرفية، كما نزلت الى شوارع العاصمة التظاهرات الشعبية الحاشدة المعارضة لعميل السي آي أي هذا "الليبرالي أبو حقوق الانسان ونصير الديمقراطية والتحضر" مثلما تزعم ماكنتها الدعائية الجهنمية.
وقد اسقط في يدي الرئيس "يون" – الديمقراطي الأمريكي للقشر المتهم بالفساد مثل المخبول ترامب – جرّاء هذا التحرك البرلماني والشعبي السريع الحاسم – والذي لم يكن يتوقعه عندما خطط مع السي آي أي لانقلابه الديمقراطي هذا – فاضطر للتراجع بإلغاء مرسوم الأحكام العرفية في الساعة 4:30 صباحاً فجر يوم الأربعاء 4/12 ، أثناء اجتماع لمجلس الوزراء. كما بدأ البرلمان الكوري الجنوبي إجراءات عزل يون بعد ساعات فقط من تصويت البرلمان بالإجماع على إلغاء الأحكام العرفية، مما أجبر الرئيس على رفع أمره ذاك بعد حوالي ست ساعات من بدايته. ومن الممكن أن يتم التصويت على عزله يوم الجمعة أو الأحد القادم ، حيث سيحتاج اقراره إلى دعم ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية للتقدم إلى المحكمة الدستورية، التي ستقرر ما إذا كان سيتم عزله من منصبه أم لا.
السؤال هو: لماذا ورّطت السي آي أي الرئيس "يون" بهذا الانقلاب الفاشل ؟
الجواب: لتمهيد الطريق إلى تحويل كوريا الجنزبية إلى مصنع كبير لإنتاج الاسلحة المتطورة والذخائر التقليدية والطيارين والخبراء العسكريين وتصديرهم لفرخها النازي الجديد زيلينسكي في أوكرانيا.
من المعلوم أن قطاع التصنيع العسكري الكوري الجنوبي عالي الكفاءة والتقدم والقدرة الانتاجية، ولكن الدستور الكوري الجنوبي يمنع تصدير الأسلحة إلى البلدان المنخرطة في الحروب. وفي ضوء العجز الشديد الحاصل في طاقات انتاج أنواع الأسلحة والذخيرة التقليدية في بلدان الغرب كافة، فقد تولت ادارة بايدن ابو الابادات الجماعية استيراد ما تريده من الاسلحة والعتاد والمعدات العسكرية بنفسها من كوريا الجنوبية لتحويلها بعدئذٍ إلى اوكرانيا. ولما كانت خطة الناتو الحالية تتطلب تزويد الدكتاتور النازي زيلنسكي – الذي صفّى أمنيا كل أحزاب المعارضة ومنصاتها الاعلامية والذي انتهت ولايته الرئاسية منذ شهر مايس الماضي فبقي لاصقاً بالكرسي حسب القواعد الديمقراطية للقشر للليبرالية الغربية – كل ما يريد من الأسلحة والمعدات والخبراءوحتى المرتزقة لمواصلة حربه العبثية الخاسرة والطاحنة ضد روسيا، فقد رتبت السي آي أي لهذا الانقلاب لفتح الطريق امام تدفق الاسلحة والمعدات والجنود والطائرات والطيارين من كوريا الجنوبية لفرخها النازي زيلنسكي بلا وازع ولا رادع، خصوصاً وأن استطلاعات الرأي تؤكد أن أكثر من 80% من الشعب الكوري الجنوبي يناهض بقوة سياسة الناتو الجرمة في هذه الحرب. كما فرض الناتو على فرخه النازي الجديد زيلينسكي وجوب اصدار المرسوم اللازم لتخفيض سن التجنيد الالزامي من 25 حاليا الى 18 سنة بغية تأمين ابادة مليوني شاب اوكراني جديد فوق المليون الذي تمت ابادتهم لحد الآن بتقديمهم لقمة مجانية للمدافع والقنابل في حرب أوكرانيا بالنيابة عن الناتو ضد روسيا. وهذا المرسوم هو قيد الاصدار في الوقت الحالي، وقد تم التريث بصدده لحين تولي الفاشي ترامب الحكم في البيت الأبيض.
هذا هو تاريخ الاجرام المخزي للناتو منذ تأسيسه عام 1949 حتى اليوم كمصنع رهيب لشن الحروب المستديمة المباشرة وبالوكالة الواحدة ضمن وبعد الاخرى في كل مكان في العالم، والتي أبادت لحد الآن ما يزيد عن مليار انسان بريء، والحبل على الجرار. إنه الخادم الأمين لمصالح لوبي التصنيع العسكري الأمريكي الذي يتكفل بتشغيل كل عملائه من جنرالات الجيش الأمريكي من أصحاب القرار كمستشارين لديه برواتب ضخمة حال احالتهم على التقاعد، ومنهم لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي الحالي الذي انتقل من عضوية مجلس ادارة عملاق التصنيع العسكري الأمريكي شركة "ريثيون تكنولجيز" الى قيادة البنتاغون! فتّش عن مصالح دكتاتورية رأس المال العالمي لتجدها هي صاحبة القرار الحاسم في اشعال فتيل كل الحروب الدولية والبينية والأهلية للقرنين العشرين والواحد والعشرين في العالم.