الطبيعة ترفض التسلط


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 6386 - 2019 / 10 / 21 - 21:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

السلطة تفسد ممارسيها حتى وإن ادعوا حسن النية. فكلما تزوجوا السلطة، كلما تحولوا حتما إلى فاسدين بمجرد أن يتذوقوا ويحسوا بحلاوة ونعمة كراسي السلطة. فالسلطة تسلع من تمارسها عليهم بالقدر الذي تسلع به، وفي نفس الآن، من يمارسونها أو قل أن السلطة المادية حولت الشعوب إلى إلى سلع تباع وتشترى بقيم لا تختلف عن مصادر قيم البطاطا والماطيشا في الأسواق. فلا أحد ينكر اليوم أن تشكل عقلية الشعوب تهندسه التربية والتعليم والإعلام والفنون(خاصة الأغنية) والمؤسسات الدينية. فكلما تم امتلاك هذه الآليات كلما تم تسليع العقول مع استحضار " الحالات " التي تكون لها الشجاعة بدفع ثمن عصيانها .فلا حرية ولا حقوق دون التساوي في الإمكانات خاصة منها الثروة والقوة والمعرفة. وفي هذا الوضع، فعملية التساوي لا تعني نفي التمايزات بين مكونات الشعوب بقدر ما أنها تعني خلق شروط تفجيرها في نظام من العدالة والاعتراف بالحق في الاستفادة من الفرص السانحة بين الجميع فلا حرية ولا حقوق في مجتمعات، السيطرة فيها على السلطة المادية ( الثروة، القوة، المعرفة ) هي للأقلية أو قل ملكا لها.فالتحرر من هذه السيطرة والتسليع لا يمكن أن يحصل إلا بسيطرة مكونات الشعوب على هذه الإمكانات بشكل جماعي على مصادر السلطة المادية وفق تنظيم اجتماعي نقيض لنظيره لذى الأقلية. ومن تم فتحقيق الحريات الفردية ومختلف أشكال الحقوق لن يحصل إلا بامتلاك مصادر السياسة المادية ؛ أما في غير تحقيق الشرط ذاك، فالحريات والحقوق لا تعدو كونها حريات وحقوق تخدم مصالح الأقلية أو قل توظيفها للتمكن من تنفيس غضب الشعوب.