ما معنى حكومة سعد الدين العثماني؟


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 5666 - 2017 / 10 / 11 - 09:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     



يرى النظام الرأسمالي أن انتصار البورجوازية هو انتصار للإنسانية أو قل أن الانتصار ذاك هو انتصار المرحلة الأكثر رقيا للإنسانية. والوضع ذاك حصل، في نظر النظام الرأسمالي، باعتماد الآليات الفعالة والمنتجة التي من بينها " المؤسسة ". ومن هنا طرحنا مؤسسة "الحكومة " في المغرب والتي نحددها في كونها خادمة البورجوازية المغربية – لا نريد الدخول في المناقشات الموضوية للمفهوم والتي لا تقدم بقدر ما أنها تؤخر -. ومن الثابت أن هذه البورجوازية المغربية تحكمها ثوابت وقواعد؛ فهي فئات تتقاطع حول مصلحتها العامة كطبقة وتختلف فيما بينها كمصالح فئوية: فلدينا الفئة الصناعية، والفئة التجارية، والفئة الفلاحية ،والفئة المالية حيث العلاقات فيما بينها هي علاقات صراع لأجل احتلال المراتب الأقوى في الصراع؛ أو قل أن منطق ميزان القوى داخلها يقتضي أن تصنف الفئات تلك بين المهيمنة والمسيطرة والعادية. لذلك ، فمختلف المشاريع المقدمة إلى البرلمان وكذا الميزانية المالية للدولة هي بمثابة صراع بين هذه الفئات يكون فيها الامتياز للمهيمنة، والتي تليها للمسيطرة، فالمتوافق عليها للعادية. فميزان القوى هذا الذي لا نراه في الواجهة، هو من يتحكم في تهيئ مشروع ميزانية الدولة في المغرب والذي تناقشه وتصادق عليه المؤسسة البرلمانية بمجلسيها – مجلس البرلمان ومجلس المستشارين -.
هذه العمليات، عمليات الترجمة السياسية لميزان قوى هذه الفئات المكونة للبورجوازية المغربية تتولى تثبيتها، بعد المناقشة والصيغة والمصادقة مؤسسات سهرت على تأسيسها تلك البورجوازية لتكون بالتالي الناطقة باسم مصالحها. بهذا المعنى يتم تحديد مختلف أشكال الانتخابات البرلمانية منها أو الجهوية أو الإقليمية أو المحلية مع استحضار الاستثناء بصدد الأعضاء؛ فهي مؤسسات تأتمر بأوامر فئات الطبقة البورجوازية أمنت نجاحها وفق قاعدة مشروعية صناديق الاقتراع التي ليست سوى مشروعية ميزان قوى تلك الفئات.إنها الصناديق البرلمانية خاصة التي منها سيتم تشكيل الحكومة التي هي ، في حقيقتها، لا تتعدى كونها "مؤسسة" مكلفة بالمصادقة على برامج المشاريع المقدمة وميزانية مالية الدولة والقيام بتصريف وتنفيذ قرارات تلك الفئات. من هنا دلالة الحكومة في المغرب؛ فهي حكومة تنفيذ مشاريع وقرارات فئات البورجوازية المغربية أو قل أنها حكومة لن تكون في هذا الوضع سوى اللاحكومة التي لا يمكن أن تتعدى كونها "مؤسسة" مكلفة بالتنفيذ والتدبير.
وعليه، فبما أن ذلك هو حال حكومتنا، فلن تكون بالتالي أكثر من حكومة ضعيفة تفتقر إلى مقومات الشخصية والكفاءة والاستحقاق، لتبقى حكومة مفعولا بها؛حكومة بمكونات واعية بمحدوديتها الوطنية التي يجب أن لا تتعدى المسئولية التي حملتها إياها فئات الطبقة البورجوازية والمتمثلة في حكومة تصريف وإدارة الأزمات، التي هي، وبالكاد، إهمال التشخيص والعلاج الفعلي لقضايا ومشاكل المجتمع التي تعرف تراكما تصاعديا؛ تراكما على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. إنها حكومة المسكنات والضجيج والتظاهر بخدمة الصالح العام الذي ليس ،في حقيقته،سوى المراوغات وفبركة الحلول التي لا تتعدى فكرة الوعود وهو نظريا وعمليا منطق البورجوازية. وعليه، فكلما تأزم الوضع المجتمعي أكثر وحصل الانفجار بشكل من الأشكال،كلما توجهت أصابع البورجوازية ومعها الشعب والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني إلى اتهام الحكومة، لتنتقل من حكومة نالت رضا بورجوازيتها مرحلة الإدارة الشبه الناجحة للأزمة إلى حكومة تتحمل مسئولية فشل تدبير البلاد. هكذا نحن أمام حكومة مغربية، كباقي سابقاتها من الحكومات، متواطئة منذ البداية مع استعدادها الدائم لقبول تهمة الفشل كلما تطلب الوضع ذلك أو قل كلما انفجر الشارع وهو جزء من برنامج المنطق الداخلي لمصالح فئات البورجوازية التي تتدخل من تحت الطاولة لإملاء الحلول المناسبة لمصالحها والتي تتخذ عموما‘ما صيغة توجيه اللوم الرسمي إلى مكونات الحكومة، أو صيغة إدخال تعديلات عليها كمسكنات لمطالب الشارع.
هكذا، فالتغيير والاستجابة الجدية لمطالب المجتمع المغربي – الفقر، الأمية، الأمراض،المياه ،الإهمال، الفساد ،حمى الأسعار...الخ – مصدرها ليس الحكومة، بقدر ما أنها البورجوازية المغربية بفئاتها الأربعة من خلال حكومة هي، في حقيقتها معينة وفق مقاييس وميزان قوى الفئات الأربع للبورجوازية تلك. إنه الوضع النظري والعملي للحكومة المغربية التي يعلق عليها الكثيرون الآمال في إيجاد الحلول لقضايا المجتمع المغربي، في الوقت الذي لا تتعدى قدراتها مستوى حكومة تدبير الأزمات.