- نظام الشعب - : التحديد وشروط البناء


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 6220 - 2019 / 5 / 4 - 15:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     


نحدد " نظام الشعب " – الصيغة تساوي صيغة " نظام البروليتاريا الموسعة " – باعتباره النظام الأعلى من الارتقاء بالوعي، النظام الذي تصبح مرجعيته ذاته أو قل النظام الذي به وفيه تصبح مكوناته المرجع الأساس للتأسيس والانتاج والتدبير والإدارة. بهكذا تعريف يتم تحديد المؤسسات وتدبير المجالات وإدارة القضايا وبناء المشاريع وبالتالي، وباللزوم، تعميم المسئوليات. لذا، ومنذ البداية، رفعا لكل لبس والتباس، وهو السائد اليوم ،نقر بأن " الشعب " مستويات، السائد منها اليوم كما بالأمس، كونه كتلة كائنات بشرية متخلفة ومسلعنة تردد وتدافع في أغلبها، عن مبادئ وقيم أشكال الأنظمة السلبية العربية معتبرة إياها المشروعية والعدالة؛ بمعنى أن التأسيس ل" نظام الشعب " يقتضي، في نظرنا،حصول مستوى أعلى من التراكم الذي يفرز،وبالضرورة، مستوى أعلى من الوعي، القدر وحده على البناء الفعلي لما نسميه ب " نظام الشعب ".
ففي " الشعب" عند ارتفاع مستوى وعيه، يختفي الاختلاف بين المنتج والمواطن، بين القطاع الخاص والقطاع العام ، بين المرأة والرجل لصالح المجال العام. إنها العملية التي لا يمكن أن تفرز سوى ما سميناه ب " نظام الشعب ". هذا علما بأن منطقه الداخلي النقيض والحامل والحامل لقوة التدمير الفعلي للنظام الرأسمالي جعله، على الدوام، عرضة للتشويه وإخفاء حقيقته، بل وتدجينه وتسليعه. إن أهمية طرح " الشعب " كنظام يهدد نظريا وممارسة النظام الرأسمالي، يقتضي منا تشريحه وتوضيحه؛ فمضمونه لا يعني اختفاء البروليتاريا الصناعية، بل توسيعها وإغناؤها بكتلة باقي المقهورين، عند امتلاكهم المستوى الأرقى من الوعي في التاريخ؛ مستوى يترجم بالانتقال، وفق قاعدة التراكم، من مستوى الوعي الأقرب إلى الصفر، إلى مستوى الوعي الأدنى، إلى مستوى الوعي الإرهاصي، إلى مستوى الوعي النضالي، إلى مستوى الوعي السياسي وهو المستوى الأعلى الذي به يحصل فعليا التأسيس لما سيمناه ب" نظام الشعب ". ومعلوم أن النظام الرأسمالي واع بهذه الخطورة؛ لذا، فقد عمل ويعمل على تشويه وتسليع " الشعب " وبسط هيمنته عليه، توسيعا وتطويرا، للرفع من الأرباح والنجاح في تخفيض المصاريف أو قل الرفع من وتيرة وإيقاع تسليعه كاستراتيجية لاستمرار الهيمنة عليه.
وبطبيعة الحال،كما سبق القول، فهذا ليس إلغاء للطبقة العمالية، بل يعتبر مفهوما طبقيا يتسع ليشمل مفهوم الطبقة العمالية وغيرها.لذا، يجب تفعيل المشروع السياسي لصراع الطبقات لبناء " نظام الشعب " الذي نحدده في الديموقراطية المباشرة التي هي النظام النقيض للنظام التمثيلي الرأسمالي مهما اختلفت أشكاله وأسماؤه. لقد عرف العالم العربي حراكات وما زال، خاصة العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين وهو ما يؤشر على ضرورة إيجاد أو بناء " أشكال سياسية جديدة " تتحدد وفق مستوى وعي هذه الشعوب وهو وعي منه الأقرب إلى الصفر ومنه الأدنى الذي لا يمكن أن يفرز سوى روتوشات محددة في أشكال السياسة المسماة "بالجديدة " فقط لخلق شروط تنفيس هذه الشعوب. إن منطق التاريخ يشترط دوما، لنجاح الحراكات، توفر شروط من أهمها النضج السياسي وهو ما يفتقر إليه الشعب العربي – بما في ذلك الطبقة العاملة – والذي ،كما سبق القول، يقتضي استحضار مفهوم التراكم. فكيف يمكن بناء " نظام الشعب "؟ ما هي أهداف؟ ما هي غاياته؟ ما هي مكوناته؟ ما هي مؤسساته؟ كيف تبنى قراراته؟ كيف يتم الإنتاج؟ كيف يتم التدبير؟ كيف توزع المسئوليات؟...