أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -أنا- و-الآخر-!














المزيد.....

-أنا- و-الآخر-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 09:35
المحور: المجتمع المدني
    


"أنا" و"الآخر"!
"أنا" و"الآخر".. إنَّها قصة الحضارة، والحرية، والارتقاء الإنساني.. وهي، الآن، وإضافة إلى ذلك، قصة وجود وبقاء، في عالم يفترسه وحشا "الإرهاب" و"الإمبريالية الرومانية الجديدة".

أقول إنَّ جدلية العلاقة بيني وبين "الآخر" هي ذاتها جدلية العلاقة بين وجودي وفنائي، فما عاد ممكنا، في الزمن الذي نعيش، أنْ أتخذ نفي وإلغاء "الآخر" وسيلة لتأكيد وجودي والحفاظ عليه. إنني أعيش في بيئة عالمية وتاريخية جديدة تدعوني، في استمرار، إلى أنْ أنظر إلى وجود "الآخر" على أنه شرط أولي لبقائي وتطوري.

"الآخر"، المختلف عني، والمخالف لي، موجود بالفعل، وسيظل موجودا، شئت هذا أم أبيت؛ ولكن المشكلة الكبرى تكمن في أنْ أعترف بوجوده، وبشرعية هذا الوجود، وبأنَّ له ما لي من حقوق؛ وتكمن كذلك في أنْ أقف من "الآخر" مواقف عملية تتفق تماما مع هذا الاعتراف.

وهذا المسار الصاعد، حضاريا، في العلاقة بيني وبين "الآخر" سيبلغ، حتما، درجته العليا، التي عندها يزول ويتلاشى الفرق بيني وبين "الآخر"، فتفقد كلمتي "أنا" و"الآخر" الفرق في المعنى، وكأنهما أصبحتا كلمة واحدة.

أجل، عندئذٍ، يبرز ويشتد ويقوى الشعور بالانتماء إلى النوع الإنساني، فتفقد الاختلافات الثقافية والعرقية والقومية.. "قوة العصبية"، التي تسلحت بها، زمنا طويلا، في "حرب الكل ضد الكل".

ونسأل، الآن، عن نمط "المجتمع"، الذي يمكن ويجب أن يكون له، ومن دون سواه، "حق الوجود" في العصر الذي نعيش. إنه المجتمع الذي تتعزز فيه وتقوى حقوق "الآخر" ولا سيما حقه في الوجود أولا؛ ثم حقه في تأكيد هذا الوجود والتعبير عنه.

"الآخر"، ومهما كان نوعه أو جنسه، يجب أن يعبِّر عن ذاته؛ ولكن من دون أن يتخذ "الإكراه"، في أشكاله وأساليبه المختلفة، نهجا ووسيلة، فعالم الآراء والأفكار والمعتقدات يجب أن يخرج من "السر" إلى "العلن"، ومن جحيم "الحرب الأهلية"، المستترة تارة والصريحة طورا، إلى النعيم الحضاري والديمقراطي والإنساني وهو "الحوار" أو "الصراع الفكري"، الذي مهما احتد لا يتحول إلى صراع بالحديد والنار، أو إلى ما يماثله وحشية وعنفا.

المرء يجب ألا ينتهي به "صراع الفكر والعقيدة" إلى أن يقول في قرارة نفسه، وفي ألم، ذلك القول الشهير:".. ولكنها تدور!".

إنَّ من حق الإنسان أنْ يمارس حقه في التعبير عن أفكاره ومعتقداته، مهما كانت، في حرية لا يقيدها سوى قيد واحد أحد هو عدم تطاوله على حق "الآخر" في ممارسة الحق ذاته، فقد صار ينبغي لنا أن نؤمن بالمبدأ الحضاري والديمقراطي والإنساني الأول وهو أنَّ الفكر لا يُحارب إلا بالفكر، والحجة لا تُقارع إلا بالحجة، وأنَّ الفكر الذي ينتصر عبر الحوار والصراع الفكريين، المتحررين من ضغوط حرَّاس الموت والموتى، هو، وحده، الجدير بالحياة والبقاء والانتشار.

في مجتمع تسوده حرية الفكر والمعتقد وحرية التعبير، يكون من حق المرء أن يرى اللبن أسود، وأن يدعو غيره، في حرية تامة، إلى أن يروا ما يرى؛ ولكن ليس من حقه، ويجب ألا يكون من حقه، أن يكرههم على ذلك وإلا حق لهم أن يكرهوه على نبذ هذا الأسلوب في إحراز "التفوق".

ونحن نعلم أنَّ مثل هذا المرء لا يرى، عادة، اللبن أسود بالبصر والبصيرة؛ وإنما ببصر وبصيرة مصالحه الواقعية التي تتعارض مع المصالح العامة للمجتمع، وكأنَّ الفكر لديه ليس سوى سلاح يستخدمه لتغليب "المصلحة الأضيق" على "المصلحة الأوسع".

وغني عن البيان أنَّ المجتمع لا يمكن أن يكون مجتمعا تسوده، قولا وفعلا، حرية الفكر والمعتقد وحرية التعبير إلا إذا سادته، في الوقت نفسه، حرية الناس في العمل على تمكين "المصلحة الأوسع" من التغلب، دائما، على "المصلحة الأضيق"، فحرية الفرد يجب ألا تغدو حرية له في سلب المجتمع حريته، وفي التطاول على حقه في أن يكون سيد نفسه، وفي أن يكون قادرا فعلا على أن يحمي وجوده ومصالحه وحقوقه وسلطته من تهديد ذوي المصالح الفئوية الضيقة، الذين لا يؤكدون وجودهم إلا في سعيهم الدؤوب إلى نفي المجتمع.

هؤلاء المسكونون بفزع هذه المصالح يمكن أن يروا في عبارة من قبيل "إنَّ الأرض تدور" تهديدا لوجودهم وعالمهم، اللذين لا يملكان شيئا من شرعية السماء أو الأرض، فيحاربون العبارة وقائلها بكل ما أوتوا من قوى "شريعة القوة" وأجهزتها ومؤسساتها وجيوشها. وهذا إنْ دلَّ على شيء فإنما يدل على أنَّ ثمة مصالح لا بد للمجتمع من أن يكافحها ويلغيها في سعيه إلى تأكيد وتعزيز وجوده والدفاع عن مصالحه وحقوقه.

العيب في هؤلاء ليس أخلاقيا أو عقليا أو سلوكيا وإنْ بدا لنا كذلك. إنه عيب يكمن في طبيعة المصالح التي يملكون أو يمثِّلون، ولا يمكن، بالتالي، إصلاحه مع بقاء تلك المصالح.

المجتمع لا يكون حرَّا سيدا إلا إذا سمح لكل ما فيه من اختلاف وخلاف بالظهور حتى لا تكون "السيادة" في كل جوانب حياته إلا لمن يقع عليه "الخيار الحر" لغالبية أبنائه، فلا شرعية تعلو هذه الشرعية في حياة الأمم والشعوب والمجتمعات.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!
- يريدون جعل السياسة امتدادا للحرب!
- -القدرية- في حياتنا اليومية
- لبنان يُقْتَل.. والعرب يموتون!
- موت -الكتابة-!
- الآن بدأت -حرب جرائم الحرب-!
- سلاح يدعى -المطالب الانتقالية-!
- قانا.. عاصمة -الشرق الأوسط الجديد-!
- لدينا -نقاط-.. ولكن أين -الحروف-؟!
- بعض من أوجه -قوة المثال-!
- شعار رايس مترجَما بالعربية!
- إنَّهم لا يجرؤون على الانتصار!
- الجواب عند دمشق!
- -الشرق الأوسط الجديد-.. تنجيم أم سياسة؟!
- -القابلة- رايس آتية!
- هل تسيطر إسرائيل على حدود لبنان مع سورية؟
- الانفجار الكبير Big Bang.. بين -الفيزياء- و-الميتافيزياء-!
- بعض من السمات الجديدة للصراع
- كوميديا -تعقُّلنا- وتراجيديا جنونهم!


المزيد.....




- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -أنا- و-الآخر-!