أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - حكايات عجلات الزمن والعربات














المزيد.....

حكايات عجلات الزمن والعربات


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 23:17
المحور: الادب والفن
    


كانت العربة الخشبية المتهالكة تتكأ على جدارٍ عتيق حفر فوق تضاريسه تأريخ الأزمنة المتعبة وتداعيات العابرين الذين يتأملون ظلالهم على الجدار وهم ينقشون طلاسمهم وذكرياتهم على السطح الذي بات متحفاً لذاكرة المحلة الشعبية البائسة والمنسية في أطراف محلة " السيف"
لقد إعتاد أهل المحلة مشاهدة العربة القديمة الموثوقة من حافة عجلتها بسلسلة حديدية الى عمود الكهرباء الخشبي وهي تسترخي في قيلولتها بعد عملها المضّني كي تأخذ قسطاً من الراحة.
بينما صاحبها الكادح القنوع الذي توارث العربة النبيلة الموشومة بعبارة "هذا من فضل ربي" من أبيه الذيّ أحيل الى الشيخوخة . حين نزح الاب مع عائلته قسراً في سنوات الجفاف من أعماق الاهوار بعد أن أحرقت طائرات النظام قصب البردي ونفقت الجواميس وترك مشحوفه وجاء الى المدينة وصنع تلك العربة الخشبية.
كان الحمّال يقطع الأزقة باتجاه سوق "الصفاة" ملوحاً بالتحايا الى رفاقه من العتالين والحوذيين والبقالين وهو يشكر الله بما حصل عليه من قوته اليومي الكافي لشراء أرغفة خبز وخضار الى أطفاله الجياع الذين ينتظرون عودته في الدار والتي لا تقل شقاءاً عن العربة في أطراف مدينة الناصرية القريبةً هناك من موقع "زقورة أور" حين أخترع أسلافه السومريون أول عجلة في تأريخ البشرية في تلك المملكة المعجونة بأساطير سحر الطين وأزلية الرافدين.
ثم أورثوا عرباتهم من طرقات "أوروك ولارسا"
الى أحفادهم الذين حملوها بالكد وعذابات الأزمنة والى طرقات الناصرية وأسواقها وأزقتها المعفرة بغرين نهر الفرات.
ربما كانت فكرة إختراع العجلة نابعة من تأمل أحد الحكماء أو الفنانيين السومريين حين تجلت في مخيلته قطع جذع شجرة ضخمة بشكل عرضي ودائري كي تكون ولادة مشروع العجلة أو نحت فكرة العجلة بالطين ثم جففها تحت الشمس والقاءها وفخرها في تنور النار.
بعدها تنوعت صناعة العربات ما بين عربات الدفع اليدوي الى عجلات تجرها الثيران والخيول والحمير.
ثم تطورت الى عجلات خشبية وعبر الحقب الزمنية تطورت وتحورت الى عجلات حديدية وبعدها تحورت الى إطارات مطاطية تحيط عجلات مصنوعة من مادة الالمنيوم.
لكن العربة التي دخلت الى المدن والاسواق والارياف والحقول بقيت مصدر رزق وعمل للناس البسطاء وواسطة عمل للبناء والصناعة والزراعة والري والطحن وصناعة الفخار.
ما زلت أنظر للعجلة السومرية من المنظور التأريخي والحضاري إنها إختراع أنساني وجمالي لا سيما أن الحضارة السومرية كان جّل إهتماماتها في الزراعة والتجليات الروحية والدينية والمعابد.
لكن العجلة وتطور العربة حين أستخدمها فيما بعد الأشوريون والإغريق والرومان في الحروب والغزوات العسكرية والذين كانوا يرمزون بها لقوتهم وهيبة سلطتهم وملوكهم ومقاتليهم القساة من ذويّ العضلات المشدودة تعطي مقارنة مختلفة عن مفهوم وبراءة اكتشاف العجلة السومرية الأولى التي كان يدفعها المزارع الطيب والمسالم.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة البطاريق للجزيرة
- غواية القمر المحتال
- السلوك المتناقض في العقل البشري
- أرصفة الرسام وخيالات العاشق
- حوار مع ماركو
- المهرج والشاعر
- تأملات في آثار بابل
- وحشة المدن المهجورة
- تقاسيم الظّل
- مفارقات ما بين النبل والانحطاط
- هلع الوباء والموت
- موروث الشجن السومري
- آش ماخ كوديا
- وحشة الظّل
- محنة النخيل والوطن
- تجمع المبعثر بعناية
- الخروف عوسي
- الحديقة وأسوار الذاكرة
- أرصفة حرية التعبير
- بركة الاسماك وكابوس الغراب


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - حكايات عجلات الزمن والعربات