أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسين عجيب - الكابوس بالألوان















المزيد.....

الكابوس بالألوان


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الكابوس بالألوان
(المشكلة في الفرد والمجتمع قبل فساد السلطة والمعارضة)
المشهد الطبيعي:
الأنوثة والذكورة رصيد إنساني مفتوح, بيولوجي وغريزي أولا وثقافي تاليا, الأنوثة للمرأة بالدرجة الأولى
وللرجل تاليا, على العكس من الذكورة. بوجود الرصيد المناسب في المجتمع من
الأنوثة والذكورة لكلا الجنسين, ينجح المراهقون في الوصول إلى فرد إنساني
راشد وناضج, امرأة مكتملة الأنوثة ولم تخسر دافع الإنجاز وإبداعيتها الخاصة
ورجل محب ومتسامح لم يخسر قابليته لما يجهل وقبوله للمتغيرات المفاجئة.
ذلك المخطط عام ومجرد ينطبق على الجنسين, ويحدد الهوية المشتركة للأفراد.
قلّة نادرة من الجنسين, ينجحون بذلك الاختبار الطويل والعسير, ليصيروا آباء
وأمهات بمقدورهم إيصال الرصيد الإنساني سالما إلى صغارهم في العائلة,وإلى
مواطنيهم في المجتمع, سيما من يصل منهم إلى مراتب عليا في الدولة والمجتمع.
من الطفولة الشقية تبدأ الكوارث اللاحقة, يخفف منها أو يزيد عليها, النظام السياسي الأخلاقي الاجتماعي, لنصل بحالات كثيرة إلى نماذج هتلر وستالين وأشباههم العرب, ونادرا إلى نماذج غاندي ومانديلا وعبد الرحمن سوار الذهب وجورج حبش, لكنهم في بيئتنا وثقافتنا يستبدلون سريعا ويطويهم النسيان.

ماذا بوسع طفلة أو طفل, في أسرة يحكمها رجل منحرف أو أم مفترسة!؟ يوجد خيار وحيد هو التلاؤم بالصيغة المخففة والاستنساخ بالصيغة العملية والمباشرة.
قد لا ينقص الرصيد الإنساني خلال جيلين أو ثلاثة, لكنه مع تعاقب القرون يتعرض لنقص خطير, فتتحول الدولة والأسرة إلى مصانع هائلة لإنتاج الطغيان والخوف والتعصب.
*
من أين يبدأ الإصلاح؟ وكيف؟
أسئلة كبرى ومحاولات الإجابة الفردية عنها عبث ومضيعة للوقت.
سأتوقف عند ظاهرة الإرهاب و"صناعة الإرهابي" بروافدها الثلاثة الحكومية والمعارضة والشعبية, حيث لدي تجربة عملية بهذا الشأن.
الإرهابي الإسلامي وسلفه اليساري والمناضل الليبرالي حاليا متشابهين في المستوى النفسي إلى حدّ التطابق, ويختلفون في الوعد وأولويات العقيدة.
تمثيل دور البطل ومنقذ الجماعة:
يختار الدعاة,من المراهقين أكثرهم تميزا وحماسة وأحيانا تبدأ العملية من الطفولة, ولا يرون في هذا الصغير النبيه والمتعطش للإنجاز, سوى أداة لتنفيذ تصوراتهم الشخصية عن الحق والعدالة والصح, والمطلوب منه حياته عند اللزوم. لا يختلف بذلك الداعية اليساري عن القومي والإسلامي وحديثا الليبرالي.
شخص الداعية يتضّمن السلطة والأهل والضمير الاجتماعي, ويتلقى الدعم المباشر من المصادر الثلاث بطرق مختلفة, فقط يوجد تمييز جزئي في حالة الداعية المعارض, السلطة البديل هدفه, وهو يتدبر أمر التموين والدعم جيدا.
موقع الداعية منتشر ويغطي كامل السطح الاجتماعي, من خطيب المسجد إلى الشاعر والفنان مرورا بجميع الوظائف الثقافية, وبهذا يشكل الجسر أو المعبر بين المجتمع والسلطة.
لا يوجد عمل بطولي أكثر من التضحية بالنفس, وبالتالي لا يمكن التفريق بين البطولة والإرهاب إلا من الخارج وتبعا للنتائج والمواقف الفكرية. من هذا المنطلق تعاطفي الشديد مع التاريخ الشخصي للإرهابي أو البطل وهما تسميتان لعملة واحدة أرفضها اليوم, وأسعى حسب مقدرتي لتفكيك مرجعياتها الفعلية, ليمكن لاحقا تحويل المسؤولية إلى الجناة الحقيقيين, حيث: الاستبداد فكرة, التمييز العنصري فكرة, الإرهاب فكرة, العدوان والتدمير فكرة: قبل أن تتحول إلى ممارسات ثقافية أو سياسية.
*
في شرقنا الكبير, المشهد غرائبي وكابوسي بنفس الوقت.
السلطة تجنّد آلتها الدعائية والإعلامية الضخمة للإيقاع بأولئك الفتية عبر دعاة ثقافة الموت, وفي الطرف الآخر تنتظرهم أجهزة شديدة القسوة والبطش ولا تعرف الرحمة لتجعلهم عبرة, وتستمر في تغذية الدعاة بالمال والإعلام والتعليم, ولا يستثنى بلد في شرقنا الكئيب من رعاية ثقافة الموت, بنسب متفاوتة.
المعارضة تزايد على السلطة في التحريض على أخلاق التضحية, والأمثلة أكثر من إمكانية الحصر, لا خلاف سوى على درجات العبث بحياة البشر.
المجتمع عبر مكوّناته المختلفة, يشجّع السلوك الانتحاري صراحة, ويدينهم كأفراد وصلوا للنتيجة الطبيعية, إلى القبر أو السجن.
الخطاب الرسمي في بلدي صفراوي وجاف, رسالته الأساسية بثّ روح التضحية بالتلازم مع الوعيد والتهديد لكل مختلف أو مخالف ووصمهم بالخيانة والعمالة, من الطرف المقابل خطاب معارض أكثر قسوة وصرامة في مضامينه, وعبارات التسامح والتعددية وحق الاختلاف ليست أكثر من قشور سطحية, تدور حول عبارة جوفاء"سيادة القانون". يتحاشى الجميع أي دخول إلى عناصر ومكونات القانون السيد العتيد: المرأة, الطفل, المختلف, الفقير,.. إلى آخر مكونات المجتمع.
الفرد السوري ككيان حر بدون تمييز جنسي أو عرقي أو مذهبي, غير معترف به من جميع الأطراف, نعامل ونتعامل مع أنفسنا ككتل بشرية, تقتصر فرديتنا على الجانب الإحصائي, والتقديرات النفعية لصالح قوى وأطراف لا ترى فينا أكثر من جسور وأدوات للسيطرة والتحكم.
*
داء الأيديولوجيات
من المنطقي لشخص يرى ويفكر بالصورة المعروضة سابقا, أن يصل بسرعة للإكتئاب وفقدان الجدوى, لينضم إلى قافلة الدعاة بفرع قديم وتسمية جديدة داعية اليأس, عبر الكتابة الغاضبة أو الانسحاب.
ما الذي أعرفه(ليس عن سوريا أو اللاذقية!) بل ماذا أعرف عن حياتي النفسية ومن أعيش معهم؟ أظن القليل وأقلّ القليل.
عالمي الشخصي ونظرتي للعالم الموضوعي في تغيّر سريع ومستمر, فقط تغيّر الموقف الأيديولوجي يكفي ليتغير العالم الداخلي بمجمله وتحصيل حاصل يتغير معه الوجود الموضوعي في الإدراك والوعي وفي الموقف الثقافي والأخلاقي.

ما ذا لو كنت مخطئا الآن؟
في حالة الغضب, لا يوجد أسهل من اللوم, الهجوم الدائم على الآخر, أو إهماله والابتعاد عنه, ذلك يحصل دوما بين جميع البشر وبشكل مستمر.
احترام الآخر_ بالممارسة(سلوك وفكر)_ موجود بصيغ مختلفة لكنه ضامر ويشكّل الاستثناء والهامشي وليس القاعدة والأساس.
خسارة مزدوجة, على مستوى الذات وعالم الداخل, يبدأ الانغلاق التدريجي ثم الانسحاب مع اللحظة التي يعتقد فيها المرء (أو يدّعي أو يحاول الحصول على الاعتراف) أنه وصل إلى الكمال في الذكاء والحساسية والخبرة, ويغلق نفسه في موقف المتحكّم والآمر, ولا يترك للآخر سوى الرضوخ أو المواجهة والصراع, ولذلك يتحقق الفقر الاجتماعي والبؤس الثقافي والإبداعي, ويتحول المشهد بكل عناصره وتفاصيله واختلاف مستوياته, إلى كابوس بلون واحد.
ماذا لو كنت الآن مخطئا؟
هذا السؤال البسيط والجوهري, هو أفضل ما تعلّمته في حياتي, لقد حماني من الجنون والانتحار وجنّبني حماقات كثيرة, لكنني أنساه, كثيرا ما أنساه, خصوصا عندما يكون مجرد طرحه على نفسي أو تذكّره يكفي لتجاوز كارثة توشك أن تقع, مع أقرب الناس أحيانا!
صديقي بوذا يسمّي الغرور ب "الشر العالمي".
هل الغرور بكل أشكاله ومستوياته سوى نقيض السؤال البسيط:
ماذا لو كنت مخطئا الآن هنا!؟
لم ينفعني الغضب مرّة, والعكس هو الصحيح, جميع خساراتي بدأت بلحظة غضب. وأنا الآن في الصباح الأول من آذار, مع هذا الطقس المعتدل والبديع في اللاذقية, بدل أن أخرج للاستمتاع بمنظر أزهار اللوز والمشمش وأشارك أصدقائي في تمضية هذا اليوم الربيعي الجميل, أنبش أسوأ ما في ذاكرتي وأستحضر أكثر مخاوفي التي ربما لن تحصل, وأطلق سمومي وكراهيتي على بلاد بكاملها.
أعود وأسأل نفسي:
ماذا لو كنت مخطئا الآن؟

اللاذقية _ حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنون الارتياب
- العدو النفسي,خراب عاطفي_ثرثرة من الداخل
- العشق والجنس والحب_ثرثرة من الداخل
- الحب في سوريا
- الفرصة الثانية
- اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء
- مبروك لحماس ولكن
- أنا سوري.......يا نيالي
- من هو الديمقراطي السوري
- كن ماهي المعايير؟ ثرثرة مفتوحة
- على قاعدة التمثال
- الوطنية السورية_هرم يقف على رأسه
- نساء سوريا صديقاتي_ثرثرة من الداخل
- بين عاديات جبلة وكيكا_ثرثرة من الداخل
- خبز وماء_ثرثرة من الداخل
- تغكير عقلاني_ثرثرة من الداخل
- وجه آخر لثقافة الموت_ثرثرة من الداخل
- بيوت وكلمات....ثرثرة من الداخل
- الصدف ضيعتني.._ثرثرة من الداخل
- وجه الغائب_ثرثرة من الداخل


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسين عجيب - الكابوس بالألوان