أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح1














المزيد.....

فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 14:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ ح1

كثيرون هم من يروا في الثورة جانب واحد قد يكون غير مناسب مع قيم العقل والمنطق الإنساني وهو جانب العنف والقسوة، وكأن الثورة قرينة التخريب والفوضى والهدم وما يرافق ذلك من خوف وقلق وأضطراب أجتماعي يهدد السلم والأمن الأجتماعي، أما الجوانب الأخرى من نتائج ومقدمات ومنهج الثورة لا يمنحها أهمية بالقدر الذي يمكن أن يعادل الضرر المتوقع مع نتائج قد لا يمكن ضبطها في حدود المعقول والمتوقع، الثورة أذن عند البعض شر لا بد أن يدفع بالتي هي أحسن ولو قبلنا مرحليا أن نخضع لشروط الواقع بأنتظار نضوج حل أخر بدل الكارثة التي لا تنبئ عن حل سريع ومطمئن للمشكل الأجتماعي والسياسي والأقتصادي.
ككاتب أنا متعاطف مع هذا الرأي الذي عكسته الكثير من أحداث التمرد التي منحت هوية ثورة بالمجانية وهي في حقيقتها ليس أكثر من فعل مقاوم لمرحلة ضاغطة ولدت شرارة تمرد إنفعالي أتسم بالعنق نعم وبالقسوة المبالغة أحيانا من كلا طرفي النزاع، الأول يدافع عن واقعه باستماته دون أن يتردد في أستخدام أي وسيلة عنفية للدفاع عن وجوده، والأخر المنقلب يستخدم القسوة بكل ما تحمل من كلمة لسحق مقاومة يتوقع ومؤمن بأنها لا بد أن تنتهي بأي حال وإلا سيكون هو الضحية التي يراق دمها بكل ما أوتي للقوة من سلطان، حتى يكون للخصم قدرة قادرة على مسح حتى فكرة التمرد من عقول الناس، الطرفان كل منهم يمارس العنف لأنه حل الحفاظ على الوجود أما المبادئ والقيم والأخلاقيات والمثل تكون من ضحايا أتون الصراع وأول الساقطين من أعتبارات الخصوم ومنهجهم العنفي.
هذا الواقع لو قدمنا النية الحسنة في قراءته لا يمثل بوجه حقيقي معنى وفلسفة الثورة ولا ينطبق على شروط قيام الثورة التي تكلمنا عنها على أنها خيار الحرية للتخلص من الأنحراف والزيف والفساد بموجب منهج أخلاقي إنساني يقود لإعادة التوازن الطبيعي المحرك للسيرورة البشرية نحو الغد الإيجابي الغد العادل الذي يحترم إنسانية الوجود ووجودية الإنسان الطبيعي، الثورة هي ترجمة لفكرة التحرر من الظلم والطغيان ببديل أكثر قربا لمعنى أن تكون إنسان بلا أهتزاز يفقد فيه الطبيعية البشرية العقلية ويعتمد الفعل الخلاق بدل ردات الفعل، الثورة نتاج حتمي للسنة التاريخية التي تقضي أن المجتمع في المفاصل الحرجة من حياته لا بد أن يرتقي بفعله إلى درجة من الكمالية العقلية ليصحح مساره التاريخي دون أن يخرب البنيان الأساسي الذي تراكم وتفاعل مع وجوده إلا ما كان ضارا ومضرا ويشكل بيئة للأنحراف.
الثورة أذن أكبر من أن تكون تمرد عنفي ولا نشاط إنساني يراد به هدم بناء أجتماعي للأتيان ببناء جديد نقيض وقائم على رفض الواقع ككل، هذه الفكرة التي ترد في الأدبيات الثورية محض خيال غير واقعي، الثورة لا يمكن أن تنطلق من فراغ لتبني على فضاء جديد، الثورة في الحقيقة تجاوز لحالات الأختناق التي تعرقل حركة الإنسان نحو تحقيق وظيفته الوجودية وتفتح طرق أضافية للحركة من خلال تفعيل حركة المجتمع المضطربة بموجب قواعد أجتماعية تتفق مع الواقع وضروراته وتتوافق أيضا مع الثورة وأهدافها في تحرير الإنسان من قيود الحركة الطبيعية له في الحياة.
كل الأديان السماوية وحركات التحرر التي قادتها أفكار مثالية وقيم أخلاقية صرفة تمثل نموذج راق من نماذج الثورة بمفهومها الفلسفي، ثورة إبراهيم الخليل التي نقرأها في الرواية الديني وخاصة الجانب المنطقي وليس الروائي التاريخي تمثل ثورة تحررية لتخليص الإنسان من طوق البقاء تحت مظلة الظلم والتجهيل والخرافة والتحريف الديني الذي يجعل من القوة الغاشمة إله يعبد على أنه القدر المحتم، هنا الثورة ليست فقط هيجان جزء مهم من الشعب لإسقاط بؤر التحريف والفساد بل قد تكون الثورة صرخة مظلوم بوجه الظالم، النبي إبراهيم كان وحده أمة ثائرة لأنه حطم وبعقلانية فريدة دين مجتمع وثقافة أمة تؤمن بسطوة الظالم وقدرته على وصم الواقع بختم العبودية، لم يكن إبراهيم عنفيا ولا تخريبيا ولكن كان على منهج أصلاحي تحرري ضرب الواقع المريض بنقطة أرتكازه التي تشكل نقطة ضعف في البنيان السلطوي، وفتح أعين الناس على الحقيقة، لقد أعاد الأعتبار للوعي الإنسان ليشكل هذا الوعي بعد ذلك المخاض اللازم للأنتقال إلى مرحلة النضال الثوري المطلوب لتصيح حركة التاريخ.
هذه الصورة ليست الوحيدة تأريخيا فموسى عليه السلام قاد التاريخ إلى مرحلة جديدة من الوعي ومن طرائق خلق الإنسان القادر على التغيير والمطالبة بحريته، لم يستخدم العنف ولم يملك أدوات قسوة ليهدم بها واقع منحرف، أستخدم البناء العقلي منهجا وإعادة الثقة بالمنطق العقلي ليجدد في الإنسان الرغبة الطبيعية في الحرية، قاد موسى أمته لمرحلة أنسنة السلطة وأنسنة القيم وأنسنة المثل لتتوافق مع قانون الوجود في أن الإنسان واحد وأن الإنسان كائن متحرر طبيعي لا يخضع دائما لشهوة السلطة وممارستها السادية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح2
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح2
- هذيان عاشق مغرور
- الحاجة للفن حاجة للحرية _ قراءة أنطباعية في لوحات الفنانة ما ...
- هذيان ميت
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح1
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح2
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح1
- الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.
- نحن والحسين الرمز والقضية. إستيعاب أم أستلاب
- موعد مجهول على أبواب مغلقة
- الدين ومستقبل البشرية.ح 1
- الدين ومستقبل البشرية.ح 2
- مزادات فكرية
- شوكولاتة بطعم النفط.
- مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني
- حديث سري جدا مع قطرات الندى
- أعترافات ملحد
- لماذا نتخوف من الغد
- متى تنتهي جدلية الدين والدنيا


المزيد.....




- الحكومة المصرية تعطي الضوء الأخضر للتصالح في مخالفات البناء. ...
- الداخلية المصرية تصدر بيانا بشأن مقتل رجل أعمال كندي الجنسية ...
- -نتنياهو يعرف أن بقاء حماس يعني هزيمته-
- غروسي يطالب إيران باتخاذ -إجراءات ملموسة- لتسريع المفاوضات ح ...
- تشييع جثمان جندي إسرائيلي قُتل في هجوم بطائرة مسيرة تابعة لح ...
- أمام المحكمة - ممثلة إباحية سابقة تصف -اللقاء- الجنسي مع ترا ...
- واشنطن تستعيد أمريكيين وغربيين من مراكز احتجاز -داعش- بسوريا ...
- واشنطن لا ترى سببا لتغيير جاهزية قواتها النووية بسبب التدريب ...
- بايدن: لا مكان لمعاداة السامية وخطاب الكراهية في الولايات ال ...
- مصادر لـRT: الداخلية المصرية شكلت فريقا أمنيا لفحص ملابسات م ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح1