أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - اسماعيل خليل الحسن - تلعفر تدفع تمن نيويورك














المزيد.....

تلعفر تدفع تمن نيويورك


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 08:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


شعور ينتابني إزاء تلعفر, لأنّ أقاربا لي لي فيها , يمتدون إلى الموصل, شعوري أنها ضحيّة, شأنها شأن جميع المدن و البلاد شرق المتوسط, فهي تتقلّى على نار الطغاة تارة, وعلى نار الغلاة تارة و على نار الغزاة تارة أخرى, وهي لم تدخل العصر إلى الآن, فلقد بكى قريب لي ذات يوم حيث لا أنترنيت و لا هاتف جوال و لا أطباق فضائيّة, فإلى متى يستمر هذا السبات في ظل سلطة ملوكيّة, تخاف كل صوت حتى لو كان حفيفا أو خريرا أو ثغاء نعجة ذبيحة, ناهيك عن صوت ناقد أو متذمّر أو ساخط.

يبدو أن البلاد لا تخرج من نفق مظلم حتى تدخل آخر, فمن استعمار ناضل أسلافنا للخروج منه, (باستثناء فلسطين التي مازالت ترزح تحت نيره) أسلمنا هذا الاستعمار إلى حكام مللنا من ذكر أوصافهم العلّيّة, فجميعهم أرسلتهم العناية الإلهيّة إلينا وفق ضرورة مقدّرة علينا, حفرا و تنزيلا, وفي نعماء سجونهم استولد القهر و البؤس روائع من ذهنيات مغالية و ذهان تكفيري, لنعود إلى الاستعمار من جديد, فلا أمل بالخروج من هذه الحلقة المعيبة, و لا يلوح في الأفق فجر جديد.

كان قريب لي وهو مخرج مسرحي في الموصل, يحدثني عن موت المسرح في الموصل, و كيف كان يشق طريق المسرح بمشقة و أناة, و أنّ المشايخ يثقفون الناس على اعتباره بدعة و ضلالة, و بعد زوال السلطة السابقة, دخلت عليهم مجموعة من الملثمين, تملي عليهم شروطا و قيودا جديدة, تحت طائلة الذبح أو النسف, من أهمّها: ألاّ تعمل السيدات في المسرح, أو تدرّس البنات في المعهد المسرحي, لقد كانوا يرسمون معالم دولة اعتقدوا أنّها قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها.

تلعفر تدفع تكاليف بهلوانات على شكل حروب و مجازر جماعيّة وتقطيع أشلاء و صواريخ كروز تدك الملاجئ فتصهرها بمن فيها و أفعال مشينة في أبي غريب يندى لها جبين العصر, حروب ليست كالحروب لها سياق تاريخي و ظرف مادي و معنوي, بل أدخلت في خشم التاريخ عنوة, ليعطسها كوارث و فقر و جهل و تخلّف, ثم يخرج علينا مثقفو التخلّف, ليبررون هذه الرذالات بقولهم نحن أمة لا ينفع معها إلا البطش و الاستبداد, إنهم يستعيدون التاريخ على شكل مهازل, وكأن التاريخ امتياز خاص أوكالة مملوكة, لكنّ الواقع أشد مكرا ودهاء يسلط على الظالم من هو أظلم, فيدفع المدينون الاستحقاق

الذي كانوا له ناكرين.

أما نحن المتفرجين على الساحر الأمريكي و هو يخرج من قبّعته جثثا و أشلاء و تمرات و هنيّات لأطفال و نهود لنساء, ومن ثمّ سيدفع الساحر إلينا قبعته لنملأها ثمنا للفرجة, فالفرجة ليست ببلاش, فنحن الآمة الوحيدة التي تدفع ثمن البضاعة مرات عديدة , و سيأتي علينا الدور احتلالا وقتلا و تفتيتا و لن يتركنا حتى يكل أمرنا إلى مستبد آخر لتعود الكرّة من جديد غزاة و طغاة و غلاة.

من تلعفر إلى منهاتن في نيويورك, كم هو الثمن باهض, دفعناه نصف قرن ضاع سدى, نصف قرن من الشعارات الفارغة, و اصطناع أمجاد بلا مجد حقيقي, تورّم شحميّ لا نمو حقيقي, بل نمو في التخلّف, و لا شيء حقيقي: الدولة و رجالها, الاقتصاد و أعماله, البطل و تمثاله, عظماء بلا عظمة, فلا مغيث لأطفال تلعفر حيث لا زاد و لا ماء ولا دواء , سوى قول للراحل عمر أبو ريشة استحضره من الذاكرة إن أسعفت:

رب وامعتصماه انطلقت ** ملئ أفواه الصبايا اليتّم

لامست أسماعهم لكنّهـــا ** لم تلامس نخوة المعتصم










#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليعازرة يجتثون معارضيهم
- آن لوزير التقارير أن يرحل
- السطو على الإسلام باسم الإسلام
- جورج حاوي كان عليكم أن تؤمّنوا سيّاراتكم قبل أن تركبوا
- هيثم الخوجة, رضا حداد , جناحاي إلى قمة سيزيف
- سمير قصير لماذا لم تحفظ رأسك يا أخي العربي؟
- الذهنية الدينية العامية: الجزيرة السورية نموذجا
- انتبهوا الحرس القومي قادمون!
- الشعبوية و الديمقراطية
- هل نظام المجلسين هو الأفضل بالنسبة إلى العراق
- نريد أن ننسى و محمود جلبوط يتذكر
- سمة القائد السياسي أن لا تكون له سمة
- لماذا لا تعاد محاكمة سلمان المرشد؟
- البرلمان التونسي الجديد القديم
- عندما تكون 58أكبر من 99
- حركة التحرر الوطني أم الخيبات و الحظ العاثر
- النهضة بساطور الزرقاوي
- فرج الله الحلو و نجيب سرور و مأساة العصر
- دفء الليلة الباردة
- همسة قبل الطبول


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - اسماعيل خليل الحسن - تلعفر تدفع تمن نيويورك