أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟














المزيد.....

ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 15:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جميل هو عالم الأطفال، بريء، نقي، سامي، وممتع. فإذا كنت تثق بهذا الكلام فيا لبرائتك أنت كذلك ! إن ذلك لا ينطبق على الأطفال، لماذا ؟ كتفسير سريع كي لا يأخذنا بعيدا عن الموضوع، هو أن الأطفال إذا لم يكونوا نسخة مصغرة عن والديهم، فهم منتوج ثقافي للحي : فيمكن أن تحكم عن البيت أو الحي من خلال الأطفال، الأماكن الفوضوية يكثر فيها صراخهم ولعبهم العشوائي كتفكير والديهم !

إن الجملة الأولى بالموضوع تنطبق على الرسوم المتحركة، الأطفال في الرسوم المتحركة يبدون كذلك، بريئين ولطيفين ويحبون الخير والمساعدة، والأهم من ذلك أنهم لا يتفوهون بكلمات بذيئة (خاصة في الترجمات العربية التي تجعل أصوات الأبطال تبدو خنثوية أكثر منها بريئة). إن السيء في الأمر، هو حينما يبني الطفل ثقافته عن العالم من خلال الرسوم المتحركة، ما يعني أن العالم الذي يشاهده في التلفاز : عالم وردي وجميل ومريح، حتى الأشرار فيه لطفاء وأغبياء لدرجة غير معقولة، لكن العالم الواقعي يختلف عن تصوراته الكرتونية، فهناك شخص كبير وعاقل قد يستغله جنسيا، وهو الأمر الذي لم يسمع به الطفل أو يعرف كيف يتعامل مع الموقف إذا حدث (هذا إذا استطاع أن يميز ما يحدث) : طالما أن في الرسوم المتحركة التي تشبه العالم ـ أو العالم بالنسبة له ـ لا يحدث فيها ذلك.

بالنسبة للجميع من الجيل الحالي، أو السابق أو حتى السابق عنه، تربوا على صور الرسوم المتحركة، حتى تداخلت العوالم الكرتونية بعالمهم الواقعي في صغرهم (وأعرف من كبروا ولايزال يتداخل لهم الكرتون بواقعهم !). لهذا، وطالما أن الإنتاج الكرتوني يحافظ على نهجه برسم عالم يوتوبي مثالي للأطفال (لا يقوم فيه الأشرار بأكثر من سرقة البوظة أو لوح التزلج..) يجب إفهام الأطفال، أن الواقع يختلف عن الكرتون، ففي العالم الواقعي هناك البيدوفيلي واللص، بل هناك من الأطفال المستعدين للاعتداء على زملائهم وسرقة أغراضهم واستغلالهم مالياً، وتحريضهم على القيام بأمور سيئة، وهناك من الكبار من يكرهون الأطفال ولا يتحدثون سوى بالعنف وهناك المستعدون لخداعهم عند تعاملهم (فليس بائع الكرتون كالبائع هنا !). والأهم من ذلك إفهام الطفل أن شخصيات الكرتون أكثر ذكاء من الناس الواقعيين، فلا يجب أن يهتم بما يقوله له سكان الحي فبمجملهم أغبياء ! فالطفل يربط نتيجة التربية المشوّهة ضخامة الفكر (الذكاء) بضخامة الجسد ! .

إن علاقة الكرتون بالعالم الواقعي هي أنه طريقة تعويضية صُنعت لأجل الطفل، حتى لا يكره العالم منذ صغره، على الأقل حتى يتجاوز سن مراهقته !

ليس للرسوم المتحركة من سن، ليس بالضرورة أن تكون طفلا لتشاهدها، الإشكال هو في أن الطفل يُسقِط تلك الرسوم على الواقع. لقد تنبهت اليابان لهذا الأمر لدى صناعتها للمانغا Manga، وهي رسوم متحركة موجهة للكبار (أكبر نسبيا من الأطفال) وفيها يتم إنتاج مواضيع معقدة تتضمن صراعات تفضح الواقع بما فيه من شرور واستغلال وأحقاد واعتداءات، بذلك يحاول الأبطال فرض عالمهم المثالي ورؤيتهم البريئة في القصة.. وهذا ما يجب أن يتعلمه الأطفال (مع التركيز على فرض المثالية وهي رؤية تشاركية نسبية تساهم في إسعاد الجميع، وليس الرؤى الخاصة السخيفة كداعش والقاعدة وما سواها من جماعات المانغا التي جاءت من العالم الآخر !).

إن ما لا يعيه كثير من الناس (وهي نقطة جد مهمة)، هو أن جزء من رغباتهم وأحلامهم وأمانيهم ومخاوفهم ساهمت فيه تلك الرسوم المتحركة التي شاهدوها وهم أطفال صغار. أيضاً يخرج الطفل من عالم الكرتون ليتلقى صدمات واقعية متتالية كأنه ولد للتو ! هذا إذا لم يتقهقر (وهو الحصر السيكولوجي) ليعود للطفل الذي تركه بالطفولة متشبثا به لسنوات مستقبله المقبله، هذا ما يجعل كثير من الناس من حولنا يشعرونك وكأنهم لم يتجاوزوا سن الرابعة عشر عقلياً ـ أجساد باتمان، عقول السنافر !

يأتي سؤال هنا : قبل الرسوم المتحركة هل كان الأطفال أفضل ؟ ليس بالضرورة لأن القصص الخرافية والحكايات والأساطير الدينية كانت تتكلف بالأمر، بتشكيل مخيّلة وعقلية أسوء مما يقوم بعمله الكرتون. فتلك الخرافات تلتصق بعقله كأنها هبة ربانية ! فهو لم يشاهد أطفالا ملونين بالتلفاز يحكون عن ذلك، بل سمعه من كبار يبدون عقلاء ! والأطفال يصدقون مجمل ما يقوله الكبار. وما يصدقه الناس في صغرهم، يتطلب ثورة وتمردا لنسيانه بالكبر، فذلك يعتبر ـ لاشعورياً ـ تمرداً على الماضي وتكذيباً لمن كانوا يتلقون من الطفل الاحترام والاندهاش والتبجيل. يصبح هنا تكذيب المخاوف والسخافات ذنبا عظيماً !!



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل أنثى عاهرة
- إشكالية الثقافة العربية : أزمة دينية أدّت لتخريف سياسي
- تلاعب المسلمين على أنفسهم : بين الآيات الشيطانية والداعشية
- تاريخ الداعشية : أو قولبة الإسلام إجراميا
- التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي
- حقيقة : يخلق من الشبه أربعين
- التفسير المنطقي للضيق النفسي
- مصائب سوريا عند المتأسلمين فوائدُ
- عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !
- اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد


المزيد.....




- أمير الكويت يأمر بحل مجلس الأمة ووقف العمل بمواد دستورية لمد ...
- فرنسا.. الطلبة يرفضون القمع والمحاكمة
- البيت الأبيض: توقعنا هجوم القوات الروسية على خاركوف
- البيت الأبيض: نقص إمدادات الأسلحة تسبب في فقدان الجيش الأوكر ...
- تظاهرات بالأردن دعما للفلسطينيين
- تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا ...
- بالنار والرصاص الحي: قرية دوما في الضفة الغربية.. مسرح اشت ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق العمل جزئيا بالدستور حتى أربع ...
- مجلس الأمن يؤكد على ضرورة وصول المحققين إلى المقابر الجماعية ...
- بالفيديو.. إغلاق مجلس الأمة الكويتي بعد قرار حله ووقف العمل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟