أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق وشروط تكوين الأمة















المزيد.....

العراق وشروط تكوين الأمة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 15:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العراق وشروط الأمة

لعل فكرة تحول وتطور مفهوم الأمة في الفكر الأجتماعي والديني وبعدها السياسي من أكثر المجالات قابلية للمناقشة والأخذ والرد فيها وهذا يعود لسبب بسيط جدا هو مطاطية مفهوم الأمة في مكوناتنا الثقافية ومنها الدين مثلا, في النص القرآني كان إبراهيم أمة لوحده قائمة بوجوده , ودعوة الله للمؤمنين أن يكونوا أمة من ضمن تجمع أكبر وهم المسلمين وحتى المسلمين بالفهم القرآني أمة ,هنا جاء اللغط والتيه في تحديد معنى الأمة هل هو بقصور من صاحب الكتاب أو عدم وضوح الرؤية لدية أم أن الحالات التي تم إيرادها كأمة يجمع بينها رابط ضابط يمكن أن يكون متناسبا مع الوصف ولا يخرج عن العلمية والجدية في طرحه .
أما في الفكر السياسي والأجتماعي فتمحور مفهوم الأمة على مرتكزين أساسيين هما عوامل حسية ومادية تركن إليها التصنيفات اللاحقة فمرة نعتمد الشعب الذي تجمعه خصائص أو روابط أو مشتركات تمتد من التأريخ لتصل إلى المصالح ليكون أمة مثلا الأمة الإيرانية برغم عدم وجود روابط دم ولا لغة مشتركة ولا حتى قيم ثقافية واحدة تجمع لكن التاريخ والمصير هو الذي يربط بينها , أما مثال الأمة الأمريكية فالمصالح وأسلوب العيش والمصير هو من بلور مفهوم الأمة , هذا في الحال الأول أما في المرتكز الثاني كان عامل الدم والأصل المشترك هو الأساس في بلورة الهوية وأحيانا يكون الدين كما في الأمة الكردية أولا أو حال الأمة الإسرائيلية في الطور الثاني .
بين الفهم التأريخي والاجتماعي والسياسي للأمة وبين الفهم القرآني هناك عوامل مشتركة وهناك تعارض حقيقي في الأساس الذي ينشئ الأمة ويبلور وجودها , مرد هذا الأختلاف والتعارض يعود لنظرة الإسلام للإنسان الذي هو نواة الأمة الحقيقية وما يمكنه أن يمثل للوجود من وظيفة حقيقة , الإنسان عند الله محور نووي يقود الوجود بعقله وبفكره وهو جزء من وظيفته لذا حمله الرسالة التي تعني رؤية الله تعالى لكيفية الوجود الأنفع والأكمل للإرادة والرؤية والعلية الربانية للوجود كله , لذا كان أساس وصف الأمة عند الله هو الرسالة ومشروعها الوجودي وهو ما يمكن أن يحمله شخص كما في آدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام لذا كان كل واحد منهم أمة لأنه يحمل مشروع تكويني يتعلق بكل الوجود وليس وظيفة يمكن أن تؤدى من أي كان .
إذن عنصر الأمة الأساسي هو المشروع هو الرسالة وهو أيضا الهدف لذا لا غرابة في أن يفرز الله من بين المسلمين مجموعة خصها بالأمة ولتكن منك أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , هذا التخصيص من العموم ليس تناقضا مع واقع أن المسلمين عموما أمة لأنها تحمل بوجودها رسالة ولكن لأن مجموعة المؤمنين هنا هو النموذج القيادي لتجسيد المشروع والأداة الحقيقية لرسمه وإسقاطه واقعا فهم روح الأمة ونبضها وبدون هذه الثلة لا يمكن لأمة الإسلام أن تنهض أو تتمثل في مشروع الرسالة .
إذن سيكون للدور الوجودي المتمثل بحضارة الإنسان وأستعمار الأرض وبناء القاعدة التي تقود التحولات التاريخية والفكرية التي تنتهي وتنتمي لمصلحة الإنسان في فكر القرآن هو الأساس والمرتكز الحقيقي لمفهوم الأمة , ومن هنا فما يتجمع حول هذا الهدف وما يجسده في الواقع هو المصداق العملي والعلمي للأمة , وتأريخيا كان هذا المحور وبخلاف الفهم السياسي والأجتماعي والتأريخي أكثر مصداقية لتكوين الأمم ومنها الأمة العراقية الممتدة جذورها مع أول الرسالات واحتضنت في مسيرها التاريخي كل التبدلات الكونية ولم تغادرها كأمة أي من هذه الثورات دون أن تكون الأمة العراقية هي رأس الحربة في التبدل التاريخي والتكويني للإنسان من جهة والمحرك الرسالي من جهة أخرى .
الأمة العراقية القديمة التي تشكلت من تعاضد بين الرسالة وبين الإنسان والبيئة والجغرافية لم تهتم كثيرا للتفصيلات الأجتماعية المعتمدة اليوم في التفريق والتصنيف بين الأمم , العراق التاريخي موطن العرب الأول بل هم العرب من دون تاريخ كانوا مادة الأمة العراقية التي لم تشترط وحدة الدم ووحدة العنصر أو اللغة في بناء حضارتها بل كان اللغة والنوع والجنس مصادر قوة كلها ساهمت في أشاعة الحضارة وأنتقال نورها للأمم والأقوام والمجتمعات الأخرى لأنها تعتمد مشروع حضاري مشروع بناء الإنسان دون هوية لأن الله خاطب الإنسان بدون هوية , قوم إبراهيم الخليل وهو ممن بقى في المنطقة بعد الطوفان قادوا الحضارة الحديثة من بابل ومن سومر ومن أشور دون أن يشترطوا للعوامل التكوينية أن تكون حاضرة بل أنحاز مشروعهم الحضاري للإنسان ككل وهذا ما خلد حضارة العرب الإبراهمين بشقيها الإسماعيلي والأسحاقي برغم التفاوت الديني بين الطرفين .
ففي الوقائع التأريخية والقراءة العلمية للتاريخ الديني والحضاري والاجتماعي للمنطقة التي تسمى اليوم الشرق الأوسط تثبت أن العرب الذين يشير لهم النص الديني والحديث النبوي هم أهل وادي الرافدين وامتداده الطبيعي في بلاد الشام ,وهم تحديدا قوم إبراهيم الخليل ,وهكذا تشير الحفريات التاريخية إلى عرابو أو عربو , أما سكان الجزيرة واليمن فهم من سلالة اخرى لا هم عرب بائدة ولا مستعربة بل أعراب لا صلة لهم بالنبي الخليل , وأن أول من تكلم بالعربية التي هي لسان القرآن الكريم هو إسماعيل ع ابن سيدنا إبراهيم ع ومنه أخذت كل القبائل الإعرابية اللسان العربي وتسمت باسمة جناية من المؤرخين التوراتيين الذين لا يرون في نسل إسماعيل وإبراهيم من قبل إلا عبيد وأميون .
العراق في المفهوم الحضاري لعلم الأجتماع مسنودا بالفهم الديني وحقيقة ما أعطى التاريخ المنصف له من دور إنساني كان أمة مميزة لها واقع حضوري وتأريخ ممتزج بالزمان والمكان وشخصية تكاد تتميز بملامح الأصالة والترسخ ولكنه ليس قومية ولا دين ولا كيان تجميعي أمة ذات تلون بديع وتعدد في صفحات الحياة أساسها وعي حضارة وإنساني بواجب وألتزام بتأدية مشروع الرسالة مشروع الله في الأرض القائم على التعارف والأستعمار والتعاون بين الإنسان وأخيه الإنسان دون حاجز من عنصر أو جنس أو لون أو لغة , أمة العراق أو الأمة العراقية أخت الحضارة وبنت الوجود المتفرد متى ما وعي شعب هذه الأمة هذه الحقيقة أدرك الفجر وأدرك حقيقة الماهية التي تكفل الكثيرون بطمسها وتغيبها عن العقول حسدا وبغضا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مائدة عبد الجبار الفياض ومائدة السلطان
- الحرية موقف من الحياة
- أستعمار الذاكرة
- صياغة مفهوم الحرية
- صياغة مفهوم الحرية ح2
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح3
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح2
- بين الإدارة والحكم كيف يدار المجتمع
- زمنية الحلم ح2
- زمنية الحلم ح1
- العقل والحلم ج1
- العقل والحلم ج2
- صناعة المستقبل
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج1
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج2
- المطلوب استراتيجيا من حكومة التغيير
- المدنيون ومهمات المرحلة المقبلة في العراق
- حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة
- اللعبة الأولى والنتيجة الكبيرة , المالكي والعبادي مناهج وموا ...


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق وشروط تكوين الأمة