غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 10:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جريدة لوموند الفرنسية.. ومسيو فــابــيــوس...
جريدة لوموند Le Monde الفرنسية بنشرتها الصباحية ليوم الجمعة 20 حزيران 2014 علقت على عشرات الصور التي أرسلتها داعش بنفسها إلى العديد من الوكالات الإعلامية العالمية
http://www.lemonde.fr/proche-orient/article/2014/06/19/irak-comment-les-djihadistes-d-eiil-manipulent-leur-photos_4441615_3218.html
والتي وصلت تفاصيلها للجريدة عن إعدام وحشي لـحـوالـي 1400 أسير من عناصر الجيش العراقي. حلل خبراء هذه الجريدة أن بعض الرتوش قد استعملت من قبل داعش لا لزيادة عدد القتلى ولا لإخفاء وحشية الحدث أو مكان وقوعه.. إنما لإظهار أكبر عدد ممكن من أعلامها ويافطات شعاراتها الإسلامية.. وكل ما يظهر جبروتها...
كل التعليقات كانت عن تقنيات الصور فقط.. عن التقنيات.. ولا شـيء عن وحشية الصور.. وعمليات القتل الجماعي التي تدينها كل المبادئ الأممية والإنسانية...وأقسى أنظمة الحروب التاريخية.. ولا إدانة من الموند.. هذه الصحيفة التي كانت من عشرات السنين, بأعلى قمة عالم الإعلام السياسي الــحــر العالمي.. والتي انحدرت إلى أسفل وحول التستير والمشاركة بالإثم منذ اشتراها ــ بعد صعوباتها المالية المتعددة ــ أحد كبار أصحاب المصارف الفرنسيين المعروف بولائه الكامل للصهيونية العالمية ودولة إســرائـيـل, مع شــركاء من نفس المطبخ...
تهميش للجرائم ضد الإنسانية وإعطاؤها طبيعة عادية حيادية مقبولة.. من دون أية إدانة.. كأنما العملية تمت في مسلخ للأبقار أو الغنم.. تمت حسب الشروط الصحية المطلوبة. ولكن مع تضخيم وتوسيع لعمليات النظافة... فقط لا غير... هذه هي اليوم جريدة لوموند العالمية... ولكن لو كان الحديث عن المواد الكيميائية التي تحدثت عنها لوموند خلال سنة كاملة في ســوريـا.. كانت الاتهامات الصارخة المضخمة, ودون أي دليل, ورغم تسرب الأنباء من مراسليها المنتشرين هناك, بتصريح أو غير تصريح. كانت الإدانات المثيرة ضد سلطات دمشق.. تتساقط بين السطور عشرات المرات.. دون الإشارة مرة واحدة أن قوات داعش والنصرة وتفرعاتهما السرطانية العديدة على الأرض السورية.. كانت تملك موادا كيميائية سامة.. استعملت عشرات المرات...
مسطرة من الإعلام الغربي... والذي تحول إلى ســلاح دمار شــامل من الكذب والدجل ضد ســـوريـا... كما يبدو اليوم من الصفحة الكاملة التي خصصت فيها جريدة لــومــونــد Le Monde الفرنسية عن جريمة داعش الإضافية بالعراق.
حتى الناطقين الرسميين باسم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية, والتي خلال سنوات كانت تندد ببطش (مقاتلي بشار الأسد) بدلا من تسميتهم الجيش السوري الذي يدافع عن بلده ضد تسلل وفظائع مقاتلين إسلامويين جاءوا من أكثر من ثمانين دولة... استنكروا... استنكروا فقط من طرف شفاههم هذه الجريمة التي أدت إلى اغتيال 1400 إنسان... 1400 أسير بساعات معدودة.. كأنهم على شــريط مسلخ شرعي... دون أن ننسى أن هذه الدول الغربية المتعامية والآسفة اليوم.. هي التي خلقت داعش وخلقت النصرة وكل هذه التنظيمات الإرهابية السرطانية التفرعات والفرق التي تسجلها وتسحب تسجيلها من لوائح الإرهاب.. حسب الــمــد والــجــزر واستعمالها وحاجتها إلى مناورة هذه المنظمات الإرهابية, والتي تـزرع الموت والموت والموت في سوريا والعراق... وتغمض عيونها جريدة لوموند العالمية.. وكل من يغمض عينيه اليوم عن الجريمة.. شـــريـك بالجريمة...
*********
صــبــاح الــبــارحة.. صباح البارحة.. الساعة الثامنة والنصف.. كدت أرمي الراديو من الشباك وأحطمه, عندما سمعت لوران فابيوس Laurent FABIUS وزير خارجية فرنسا, بعدائه المعروف المغروس بجذوره ضــد سوريا وشعبها, وولائه الكامل للصهيونية العالمية ودولة إســرائيل.. ولا أي شـيء آخـر.. إذ صــرح هذا اللامسؤول الخطير أن ما حدث في العراق من مجزرة لاإنسانية, سوى عملية ضبابية لإزاحة الأنظار عما يفعله بشار الأســد من مجازر.. يا لروعة التمثيل المسرحي الكراكوزي الرخيص.. وتهميش الجريمة وقلب الأدوار والأوراق.. دون أن يلفظ فمه المربوط أية إدانة ضد هذه المجزرة التي قامت بها داعش.. ولا عن تفجيرات حمص من يومين وعشرات ضحاياها.. ولا عن تفجيرات ريف حماه البارحة صباحا .. وعشرات ضحاياها من المواطنين الأبرياء... عمليات إجرامية مقصودة مفتوحة.. متغافلا متناسيا عمدا هو والصحفي Jean-Jacques Bourdain من محطة راديو مونتي كارلو RMC Info الذي كان يطرح عليه الأسئلة المحضرة المعسولة كالمعتاد, حتى يحافظ على وظيفته المغرية.. أسئلة تغافلت عن كل التعديات التي كانت تقوم بها القوات الإسرائيلية من بداية هذا الأسبوع وما تزال مستمرة على الفلسطينيين بمئات من الاعتقالات التعسفية, وتهديم بيوت مئات عائلات الفلسطينيين.. بظل صمت عالمي عـام.. كأنما صدرت الأوامر أن يعمى الإعلام ويطرش... وأن يتعنتر السيد فــابــيــوس علينا بوعظاته الإنسانية, كقيصر رومـا منقذا العالم.. وطمأنينة المشرق على حد قوله...
إني أتابع هذا الإنسان بفرنسا, منذ بدايات شبابه.. من أيام التلفزيون الفرنسي بقناة واحدة فقط بالأسود والأبيض.. عندما كان يشارك الشاب لوران فابيوس بمسابقات رياضية وفكرية.. تحضره للشهرة... ومستقبل سياسي... نحن ندفع ثمنه الآن مع الأســف...
كل ما استطيع بذله من مقاومة اليوم.. هو عدم إعطاء صوتي لهذا الإنسان وجماعته وحزبه وحكومته اليوم... إذ أن هذا ما يتبقى لي من ممارسة الديمقراطية الفرنسية التي عملت للمحافظة عليها وديمومتها منذ خمسين سنة... حتى هذا المساء... ولن أتوقف...
***********
على الــهــامــش :
ــ فــوتــبــال Football
العالم كله لاه.. غــاطــس.. مشغول.. غارق كليا ببطولة كأس العالم للفوتبال... الفوتبال هذا الأفيون العالمي الجديد بعد انطفاء العقائد والفلسفات والقوميات... بقي الفوتبال.. بكل العالم... حتى العالم العربي المهزوم المنكوب.. وحتى في مخيمات اللاجئين والمشتتين... تلفزيون صغير بقلب الخيمة الضيقة, والجوع والخوف... الفوتبال يعوض عن كل هذا... ما عدا جحافل داعش وحلفاؤها... أفيونهم الوحيد هو القتل والتفجير.. والتفجير والقتل.. ولا أي إيمان آخر يخدرهم.. أو يحيدهم عن قتل الأخــر... لأنــه الآخـــر!!!.........
والعالم؟؟؟ والعالم مــخــدر.. نـائـم لا يرى سوى الفوتبال...
طوبى لأغبياء العالم...لأن لهم جائزة السماء... يعني الصــفــر.. والــعــدم.. منذ أقدم التاريخ.. حتى هذا المساء.........
متى يـــســـتـــيـــقـــظـــون... لست أدري... لست أدري...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأكارم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي ووفائي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة...
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟