أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة














المزيد.....

أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4250 - 2013 / 10 / 19 - 23:32
المحور: الادب والفن
    


أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة

السيدة نن حنو تتهيأ للذهاب إلى معبد الإله نركال , كانت تستعين بحفيدها أنو وهي ترتعش يكاد قلبها يتوقف, إنها ليست المرة الأولى التي تفقد فيها البصر ,لكنها الأخيرة التي عليها أن تنتظر أكثر, منحها الإله نركال البركة في كل مرة ... القربان تلو القربان أيضا يمنحها القرب منه.
أخبرها الحكيم شاتو أن قربان الأله يتضاعف كلما تضاعفت البركات وها أنت في كل مرة تستعدين النور عليك أن تكوني أكثر جدارة في تقديس الآلهة, النور يساوي الذهب عليك أن تكوني أميرة بحق, ولكنني لست بأميرة هكذا أخبرت الكاهن الحكيم ,قال ولكنك تتقربين كثيرا من إله النور ,هذا ما يجعلك في نظري أميرة.
كان عليها أن تبيع أخر ما تبقى من أرض ورثتها من زوجها الثالث سانو نن لتقديم قربان النور لتستعيد الضوء, فهي لم تبلغ من العمر كثير حتى أن البعض لا يصفها بالعجوز المتهالكة ,فقط يمكن أن يقولوا عنها أنها عجوز حسناء ... كانت, لكن النور أهم من التراب, قال حفيدها أنو والشجر, قالت والشجر قالت يمكننا أن نزرع منه الكثير , قال أنو أين؟. قالت عندما أستعيد النور سأجيبك.
كانت السيدة نن من عشاق الإله ماما(ننتو) وخدمت في معبدها بإخلاص ولأنها كانت جميلة الجميلات في المعبد منحها الكهان أسم نن وتزوجت ثلاثة منهم ,الكهنة في بلدتنا لا يملون من كثرة معاشرة النساء لأن السيدة المعظمة ننتو كانت هي السيدة الأم التي تمنحهم الأذن وتشجع , كما كانت هي تعشق الكثير من الإلهة فتمنحهم خصوبة وتمنحهم الولد ,إنها الآلهة المنجبة أكثر.
في ضواحي المدينة على ضفة الفرات كان لقاءها في المعبد أشعلت الشموع وقدمت القربان على مذبح الآلهة وأنشدت للنور ولمجد الرب رب النور والضياء, وعلى نحر القربان سكبت ذهب خالصا لتلطخ عيناها بدم مغمس بالذهب, وتنشد النور أجمل من الذهب والذهب هو من يصنع النور, لكنها لم تتحسس إلا حرارة الشموع ورائحة البخور الذي عطر المذبح.
عادت السيدة نن في اليوم السابع إلى الكاهن الحكيم لتخبره أنها في كل ليلة تحلم بصوت يترنم في أذنها ترنيمة الوداع ,,, إنها تخشى كثيرا من هذه الترنيمة ,فقد كانت أخر ما سمعته من ترانيم المعبد عندما فقدت زوجها الأخير وهو يتجرع السم لأنه خان الأله وشرب من أكسير البقاء السري المدفون أسفل قدم السيد الإله أيكيكي, فأرغمه كهنة المعبد الكريم على الانتحار, قال لها جددي القربان فإنك تحملين جزءا من ذلك الوزر, لا بد من قربان جديد أو عيك أن تتقبلي أن تتجرعي السر كي تتطهري ,إنها لعنة أيكيكي.
كانت لعنة الآلهة هي من تقض مضاجع السيدة العجوز ولكنها تدرك عليها أن تقدم القرابين لرفع اللعنة أو التطهير من ذنب الزوج الذي أنتهك بدون حق مزايا رب المعبد, استشارت كبير الكهنة لم يكن لدية الوقت الكاف ,إنه يمضي أيام منتصف تموز حيث عيد الخصوبة ,توسلت لدى خادم السيد الكاهن أن يمنحها فرصة ,إنها مسألة لعنة لا بد من أن ترفع وإلا ابتليت المدينة ,ستنتقل مثل الوباء لابد لكم من اقراضي ذهبا لأقدم للآلهة اعتذارا عن الخطيئة, لم أعد أحوز شيء ولا حتى من يشتري جسدي البالي.
عادت أحلامها تترى لتقوم فزعه أنه النشيد السماوي الرحيل الطهر أو الرحيل فداء ,لا أحد يمكنه أن يمنع الأله من الغضب سوى الإله دمكال نونا ولكن ليست قريبة إنها هناك في بابل العظيمة من يحمل عجوز إلى أم الآلهة دمكال نونا, وكم يأخذ مني وقت, أخبرني الكاهن الحكيم أن غياب القمر دون تطهير أو قربان ستحل لعنات جميع الآلهة ,لذا لم يبقى لي إلا يومان فقط.
قبل سنين في مثل هذه الليالي شرب الكاهن شحتال كأس السم الأخير ,أخبره الكاهن الأعظم عليه أن يذهب إلى النهر فإن وصل وأغتسل قد يعفو عنه الإله ويخرج أعمى ,ليتذكر أن تدنيس أشياء الآلهة له ثمن ,لم يستطع شحتال من الوصول خارج القاعة إنه تجرع السم وأبطأ متعمدا في السير إنه لا يرغب في استبدال لعنة بلعنة ,هناك في وسط باحة المعبد سقط مغشيا عليه ليرحل بهدوء الى العالم الأسفل حيث تتلقاها كهنة الرب (نركال).
دخلت السيدة نن وهي تلبس أجمل ما كنت ترتدي عندما كانت عشيقة كل الكهنة ترفع رأسها عاليا كأنها نخلة على شط الفرات لتتقدم من حضرة الكاهن الكبير وتطلب العفو من حضرة الإله أيكيكي المقدس المبجل وليمنحها السلام لها وللمدينة ولهذا الطفل حفيدها, رفع الكاهن الاعظم يده ليبارك الرب وليقدم في الثانية الكأس الاخيرة ,كانت من الذهب الخالص كأنه أفعى وأدلقت العجوز بكل شجاعة السم لتنتبه من شدة يدها على يد الطفل ,وقفت مكانها لم تتحرك سقطت كأنها ثورا سماويا قذفت به البراكين, لم يعرف الطفل أن جدته قد رحلت حركها بكل قوة, لم تعد تتنفس ....لكن ... يا جدتي أين وعدك... أنك سوف تستعيدين بصرك لتعلميني أين نزرع الأشجار.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور والشعورية
- الذاكرة الشرقية والتجربة الغربية
- الديمقراطية فلسفيا
- لا تنتظروا عودة كاظم _ قصة قصيرة
- الحس و الإحساسية
- الشخصية الإنسانية _ تعريف ومفهوم
- وداع مريم الاخير
- حقوق الأقليات _ قراءة في الفكر الإسلامي
- أهمية فهم المعاني لدارس علم النفس
- عقلنة العلم أم علمنة العقل
- في الفهم القرآني للنفس والسلوك _ الجزء الثاني
- فهم النفس فهم السلوك الجزء الاول
- جدلية صراع القيم
- قوة العلم
- أصالة الكينونة
- ما هو التأريخ ج1
- ما هو التاريخ ج2
- أزمة الفهم وتجسيد الأزمة
- البرغماتية الكهنوتية
- دور الفلسفة في التغيير


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة