أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الذاكرة الشرقية والتجربة الغربية















المزيد.....

الذاكرة الشرقية والتجربة الغربية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 00:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لقدت فقدت الذاكرة الشرقية فاعليتها وأيقنت أن التجربة الغربية مصير محتوم لا بد من المسايرة والقبول به أمر واقع, لم تعد تنتج ما يمكن أن ينجح في استيعاب مفعول الصدمة والتعامل مع المستجدات دون أن تضحي المجتمعات الشرقية بقيمها الاصيلة و ببعضها الثمين لذا فإن حالة من الاغتراب والغربة عن الواقع جشمت على العقول فلم تعد تميز قيمة الحرية بالنسبة لها, فكل ما يأتي من الغرب والشمال الحداثي هو ضرورة وجودية وعين اليقين الذي يجب أن يكون سائدا وباسطا مفهومة ولو تناقض ذلك مع الواقع والحقائق على الأرض, وجدنا استلابا حقيقيا لحرية هذه المجتمعات بل وجدنا دفاعا مستميتا من البعض الذي فقد ذاكرته عن الاستعمار وعن الحرية الاوربية الذاتية.
في الوقت الذي تمتعت فيه أوربا بالحرية الذاتية كمجتمعات وعلى مستوى أقل كأفراد ونجحت في ارساء انماط وصور من التحرر الفكري والعقيدي والعلمي أيضا تحت جناح الحداثة وما بعدها ,عجز الشرق والجنوب أن يؤسس اطر مماثلة وظل يسير بمنهج ذيلي متقمص كل الأمثلة والمنتجات الغربية والشمالية دون فحص ودون وعي, والعلة تكمن في تغييب الذاكرة التي لم تفيق بعد نتيجة انبهارها وفقدانها التوازن وعجز الطبقة الفكرية والسياسية النخبوية ان تلهم الذاكرة حلم العودة لها وحلم الانفعال الذي ينتج ما انتجه المجتمع الغربي من قيم ومفاهيم ورؤى وأفكار مؤسسة على بنيان رصين اجتماعي وسياسي واقتصادي.
قد يكون من المهم أن نشير إلى أن فقدان الذاكرة لتوازنها ليس عيبا طارئ ولا نقص في قابلية الذات الشرقية والجنوبية في أن تتكيف مع مظهرية الحداثة وقبول بها, ولكن السبب يعود لتمسك الذات بالجانب النفسي فيها والذي يكمن في نسيجها الواقعي الذي نشأت عليه بما فيه الجانب ألميتافيزيقي والذي له دورا حيويا في ارشادها نحو تحقيق نوع من التكامل الرصين بين الضرورات والحتميات من جهة وبين الأسس والمعطيات الابتدائية ,فهو أذن صراع داخلي مضمر يتعلق بالروح الشرقية ووجدانها المسيطر, مما قلل أيضا من الحماسة للمشروع الحداثوي الوافد إليها من خارج نظرتها للوجود الموضوعي والوجود المادي للأشياء.
أسباب عديدة كانت وراء فشل الذاكرة الشرقية في تبني الحداثة بالشكل الذي ابتكرته أوربا وروجت له بكل الاتجاهات وعمقته بالممارسة القهرية المصحوبة بتغلب عوامل الصراع لصالحها دون أن تتهيأ له مسبقا أو تستجيب للصراع بشكل يؤمن لها مناعة تتناسب مع ضراوة النزاع ,فكان الانزواء مجسدا بشكل يتيح للغرب والشمال أن يفرض نجاحه وقوانينه عليها, فأما الاستسلام الكامل أو البقاء أسيرة أحلام الماضي والبقاء تحت قيد الانغلاق والتقوقع في عالم خالي من الديناميكية الضرورية وكلا الخيارين يقود لنتيجة وحدة هي انتصار للمشروع الحداثوي في للشرق والجنوب.
لعل من المهم والمفيد أن نتذكر أن الفشل الشرقي في تبني المشروع الشمالي الغربي لا يعود فقط لعدم قدرة الذات الشرقية والجنوبية على استيعابه, ولكن هناك وكما قلنا انحياز طبيعي ومهم لتركيبة الأنا, ففي الوقت الذي تختصر فيه معرفة الغرب والشمال لمفهوم الأنا بالبحث الدائم والتأكيد على حريتها وذاتها المنفردة المزاحمة ,نجد الوعي الشرقي يعطي للمفهوم ذاته أبعاد أكثر سيكولوجيه وتعريف أدق لها من خلال تحديد أركان النفس الناطقة باعتبارها الجوهر الحقيقي للأنا هذا فهم مغاير بل وله قوة روحية وعملية وعلمية للمدركات الخاصة بالنفس.
النفس الناطقة الثالثة بعد مرحلة النفس النامية النباتية والثانية الحسية والحيوانية هي تلك الجوهرية التي تميز الكائن الناطق الإنسان المجرد كقيمة تعتمد على قوى خمسة تتفاعل وتتشارك لصياغة المفهوم عند الوعي الشرقي وبالشكل التالي تحديدا وبدونه لا يمكن ان يفهم الجوهر الذاتي للإنسان كإنسان الا بها وهي:.
-;---;-- الذاكرة, وهي العنصر الاول والقوة الانسانية المتفردة بطبع الأنا الشرقية, إن وجود الذاكرة والتذكر عنصر تبتنى عليه قدرة النفس الثالثة على إعادة وترتيب وقياس واستنتاج المحسوس الخارجي وبدون قوة التذكر وفعل الذاكرة يبقى الإنسان في حالة غيبوبة عن الأسس التكوينية وكل منتجه الفكري اللاحق يخلو من قاعدة استناديه, وفيه يكون الفكر مجرد عارض وقتي لا يمكن الاعتماد عليه.
-;---;-- الحلم والتحلم وممارسة الاحلام أيضا قوة قادرة على ممارسة الوجود بشكله الإنساني الحقيقي والكائن الحي الوحيد الذي يحلم ويتحلم ويبني المعرفة لديه على عامل الحلم والقدرة على التحلم هو الإنسان, قد تمارس بعض الحيوانات الحلم ولكن حلمها لا يمكن لها من أن تبني عليه سلوكيات مباشرة مع الخارج ومع المعرفة ولا يمكنها ان تتطور او تنتج معروفة بناء على الحلم والاحلام.
-;---;-- العلم والتعلم والتعليم وهي القوى الأهم ومصدر الرئيس للقدرة على الإنتاج بما يبنى عليهما من جوهر نتائج مادية وحسية يمكن ادراكها بالبديهية ومن خلال السير التاريخي للوجود الانساني فلا ذات ناطقة حقيقية بدون قدرة على العلم والتعلم والتعليم بصورة أو بأخرى وحتى في الحدود البدائية ,إنها في الحقيقة تعزيز للذاكرة وتفعيل لها.
-;---;-- الفهم, قدرة الذات على الفهم والتفاهم وهي قوة نفسية لا يمكن ان نجدها إلا عند الذات الإنسانية وهي محاولة طبيعية لجمع العناصر السابقة للإدراك ومن ثم الإنتاج الفكري بها ,إنها رد طبيعي لفاعلية القوى الثلاث السابقة وبه تتحدد مديات الأستجابة أو التحفظ أو الانكار لما هو في الداخل الذاتي أو الخارج الموضوعي, وهي خصيصة فريده للذات الإنسانية الطبيعية وبدونها لا يمكن أن نصف الكائن الوجودي كونه إنسان بصورة تامة.
-;---;-- النباهة أو الانتباه هي المحصلة العملية للقوى الأربعة ونتيجة حتمية لقوة الفهم وقدرة الإنسان من تحويل المفردات التي تكونت بالفهم ذهنيا إلى نتاج سلوكي يضبط سير الأنا ويدفعها للعمل, وبهذه القوة يمكن أن يستجيب ويمارس الاستجابة واقعيا معتمدا على تكامل العناصر الاربعة, ومنها نستطيع كأخر بالنسبة للأنا أن نكتشف ونقيس له ردة الفعل والفعل.
إن النفس الإنسانية وهي تمارس شكلها التكيفي وتجسد تكويناتها واقعا وفعلا ملموس إنما تبني للإنسان ذاتيته وجوهر هذه الذاتية الأنا التي هي محور وجودي له وبدون الأنا هذه لا يمكن أن تنعكس خصيصة الإنسان الفردية, التي عليها التعويل في دوره الوجودي وبالتالي ما يمكن أن نقيس عليه هذا الدور وكيفية الترجمة الخاصة له نكشف عن نزعة مشتركة لدى شريحة معينة من الوجود هي المسئولة عن تبني وصنع الفكر والانتاج الفكري وتصبغه بنكهة ولون معين على أساسه يمكن أن نقول عن الأنا الشرقية مثلا تتحدد في تمثيلها للوجود الإنساني بالنزعة هذه أو تلك.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية فلسفيا
- لا تنتظروا عودة كاظم _ قصة قصيرة
- الحس و الإحساسية
- الشخصية الإنسانية _ تعريف ومفهوم
- وداع مريم الاخير
- حقوق الأقليات _ قراءة في الفكر الإسلامي
- أهمية فهم المعاني لدارس علم النفس
- عقلنة العلم أم علمنة العقل
- في الفهم القرآني للنفس والسلوك _ الجزء الثاني
- فهم النفس فهم السلوك الجزء الاول
- جدلية صراع القيم
- قوة العلم
- أصالة الكينونة
- ما هو التأريخ ج1
- ما هو التاريخ ج2
- أزمة الفهم وتجسيد الأزمة
- البرغماتية الكهنوتية
- دور الفلسفة في التغيير
- أساسيات التغيير الفكري في أوربا
- كل النساء في مدينتي خالاتي


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الذاكرة الشرقية والتجربة الغربية