أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - البرغماتية الكهنوتية














المزيد.....

البرغماتية الكهنوتية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4244 - 2013 / 10 / 13 - 16:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في عام 1848 انتصرت الثورة البرجوازية في سائر انحاء أوربا وهنا حدث تحول خطير في مواقف الطبقة البرجوازية فانتقلت من تبني الفلسفة المادية عامة أو لنقل بدقة الموقف المادي التقدمي,حيث لم تكن الفلسفة المادية إلى حينه قد اتخذت شكلها العلمي بعد إلى تبني الموقف المثالي الميال للمحافظة واستلهام الدين دفاعاً عن ما حققته من مكاسب،فإذا كان الدين يوظف برغماتياً (مصلحياً) في خدمة الطبقة المستفيدة من النظام القائم فمن الطبيعي أن البرجوازية قبل اتمامها لانتصارها على الأرستقراطية كانت في حالة عداء مع المؤسسة الدينية لكونها متحالفة مع الأرستقراطية الإقطاعية.
لكن بما أن البرجوازية أتمت انتصارها على الأرستقراطية الإقطاعية بدا لها وهذا منطقي التحالف مع تلك المؤسسة الدينية لتدعم مكاسبها وتحافظ عليها،لقد بدا وكأن ذاك أن اليمين الهيغلي متحالف كلياً مع البرجوازية والأكلريوس الديني الأمر الذي لفت نظر اليساريين الهيغليين الشباب إلى أهمية فيورباخ هنا،هذا اليسار الهيغلي ادرك مبكراً التحول المحافظ للبرجوازية ومقاوتها للنزعة التقدمية التي تميزوا بها.
بدت المشكلة واضحة،فإن كل من يقاوم التقدم التاريخي هو المستفيد من الوضع القائم وهو أيضا حليف للمؤسسة الدينية التي توظف المعتقدات الدينية خدمة لمصالحه وحفاظاً على النظام القائم،لقد اتضحت لماركس مسألة أن الدين ليس هو المحرك بل الطبقة والصراع الطبقي والديل أن هذه المؤسسة الدينية هي نفسها التي كانت بالأمس حليف للأرستقراطية الإقطاعية وها هي اليوم حليف للبرجوازية المنتصرة.
لم يفرق ماركس بين حقيقتين وهما أن الدين الذي ترعاه المؤسسة البرغماتية ليس هو الدين الحقيقي لأن الدين الحقيقي لا يتماشى مع الأهواء والرغبات الإنسانية بالقدر الذي يستحكم إلى قواعد إيمانية يمكن عدها من الثابت اللا متحول,فمعيارية الحق والباطل والخير والشر والحب والكره مثلا في القواعد الدينية لا بد أن تكون واحدة وثابة ومجردة فلا يمكن أن نتصور ان الموضوع الفلاني له خيرية ما يمكن أن تتحول بتبدل الظروف,ولكن يمكن تصور تغير الموضوع ذاته فينتج بالتالي تغير في النتائج.
فتبدل التحالفات عند المؤسسة الدينية الأوربية مردها البرغماتية المادية ذاتها التي تدفع رجال الكنيسة أن يتحالفوا مع الشيطان ضد عيسى عليه السلام وهو نفس الهاجس الفكري الذي دفع يهوذا الأسخريوطي ليبيع عيسى لأعداءه ونفس الدافع الذي جعل البغي من بني أسرائيل أن تبيع يحيى عليه السلام,فهم أي رجال الكنيسة لا مانع لديهم من أن يبيعوا الله حتى مقابل دراهم.
هذا منطق الأسرائيلين حيث يرون الذهب يرون وجودهم حتى لو كان الذهب هذا هو الشيطان{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ }البقرة51,هذا العجل كان يمثل نتاج التحريف المادي للوقائع التأريخية بتزوير المؤديات الدينية{قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ{87}فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ{88}أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً{89}وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي{90}قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى{91}سورة طه,فالبرغماتية ليست صفة طارئة ينتقدها ماركس ويبرر أنحيازه للمادية التأريخية بها.
النقطة الثانية هي ذاتية ماركس اليهودية التي لا ترى للدين قيمة ما لم يكن له مردود مادي فهو يفسر الحدث سواء أكان وحيأ أو سلوكا عاديا على أسه المادي المرتبط ليس بعقيدته بل بالملة المحرفة الزائفة ملة بني إسرائيل,إلا ان علة فيورباخ عند ماركس أنه انتقل أيضاً إلى إنسان متجرد،إنه يدرس الإنسان كما لو كان وحدة معزولة تحركها أناها المادية فقط،انسان فويرباخ إذن،هو شيء، وليس علاقة اجتماعية,هو موضوع للتأمل والحدس،وليس ذاتاً فاعلة،ونشاطاً انسانياً ملموساً،أي ممارسة اجتماعية, إلتقط ماركس وانجلز الفكرة الفيورباخية هذه،لكن لم يتناسوا نقطة التفوق الهيغلية؛ذلك أن الهيغلية تمتلك نظرة متماسكة للتاريخ إنها نظرية تضع الإنسان في مخطط للتطور التاريخي في سلسلة مترابطة من التطور الجدلي،بينما مادية فيورباخ هي مادية ذاتية تعزل الإنسان ولا تقدم تصوراً لمسألة التطور التاريخي للوجود الإنساني.
من هذه النقطة إنطلق ماركس وانجلز إلى العمل الهام الذي أنجزاه وهو إعادة هرم الجدل للوقوف على قاعدته لا على رأسه،هذا هو جوهر عمل ماركس وانجلز,انطلقاً من ما أدركاه سواء من نقد فيورباخ لهيغل أو من خلال رؤيتهما للمحرك المادي الاجتماعي الاقتصادي الحقيقي للتطور,وهذا هو ملخصه في عبارة ماركس الشهيرة((ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي،بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم )) متناسيا أن الوجود الأجتماعي ما كان ليكون لولا الوعي الإنساني,فلكي يبني الإنسان مجتمعا تسوده علاقة وجوديه لا بد أن يكون الإنسان واعي أصلا لوجوده الذاتي ولماهيته,فلا يمكن أن يقيم واقعا أجتماعيا مع الحيوان مثلا ولا مع الأسماك في البحر مثلا لأنه يعي أصلا أن الماهيات المختلفة لا تكون مجتمعا منتظم, فلا بد من الوعي الماهوي لوجود الوجود الأجتماعي,وهذا مأزق كل الماديات على مر التأريخ.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الفلسفة في التغيير
- أساسيات التغيير الفكري في أوربا
- كل النساء في مدينتي خالاتي
- أنسنة الوجود الكوني
- أغنية لبغداد ,بين نعمانك وكاظميك
- المال العام بين النزاهة والابتزاز
- ضياء الشكرجي والخروج من الشرنقة.
- ام هاشم
- الورود لا تنمو بين الصخور .
- أدلجة الأختلاف وشرعنة التبديل
- قسما يا وطني بحروفك الأربع
- دكان جدي _ قصة قصيرة
- الدين والضرورة
- أعترافات ما بعد الموت
- كلام على ورق
- أحلام العم عطية
- سوادين
- عنزة جاسم
- دار دور
- حلم في الف ليلة وليلة


المزيد.....




- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - البرغماتية الكهنوتية