أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ام هاشم















المزيد.....

ام هاشم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


أم هاشم
ترك أبو هاشم عند وفاته زوجة شابة في منتصف عقدها الثالث مع ولدين وبنتين ,حتى دون أن يمنحه القدر فرصة أن يقول وداعا, مضى وحيدا وفي قلبه شوق لعائلته الصغيرة كان ذلك قبل ربع قرن بالتمام يوم ذهب ليأتي معلنا عن أمنية أراد بها أن ينشر الفرح في قريته التي تستوطن أطراف المدينة الغافية صوب الصحراء.
هاشم وناظم كانا توأمين ولدا في ليلة شتوية قارصة البرد حتى لم تتمكن القابلة من الحضور فتولت عجائز العائلة أمرهما بما يحملن من خزين تجارب, المطر كان سببا اخر منع المدد, كاد أن يقضي على الأم لولا بعض الحظ لولدا يتمين, شاءت الأقدار أن يكونا على تماس دائم مع الماء والطين امتهنا الفلاحة قبل أوانها.
رجاء وأمل لم يحالفهما الحظ أيضا فقد حظي بهما أولاد العم قبل أن يلما لعبهما المصنوعة من خرق بالي ومحشوة بصوف, حتى لا يعرفا معنى للأمومة إلا ما تعلمتا من لعب الصبايا, رحلا وبقيت أم هاشم طول نهارها بين نار تنورها وزاوية في حجرتها الطينية تعد ما تيسر لهاشم وأخيه وهي تحلم يوما بعودة أبوهما بقدرة قادر, كانت كفيرة التوسل بسيد حمزة القريب من دارها ذاك السيد الذي صنع منه الناس وليا طاهرا دون أن يعرفا من هو سيد حمزة , فقد توفي ودفن في الطريق ماشيا للزيارة السنوية , الطقس الذي لم تتركه ام هاشم مع كل عام غير أبه بما تناله من تصرفات رجال السلطة.
هكذا تحولت أم هاشم إلى رمز أخر للقرية يتقربون به إلى الله كانت قريبة جدا من الله بفطريتها وإيمانها المطلق بالنصيب ,لا ترد على كل الذي يجري إلا بمزيد من الصبر, إنها أم مكلومة جرحها الزمن دون سبب, ويبقى حلما أن يعود أبو هاشم يوما ما لتخبره أنها أنجزت ما عليها ولتريه طول هاشم وأخيه ,إنهما من شباب القرية وتحلم بهما عريسين بحضور ابوهما إنه أمل لا يتزعزع مع إيمانها الأكيد أنه رحل بلا عودة.
لم تخلع عنها السواد يوما ولا لأجل فرحة بناتها فقط وضعت منديلا أبيضا على رأسها لتشكر الله على (رايته البيضاء) أنه حفظ لها البنتين مثل مريم المجدلية, جعلت منهما ناسكتين برغم عمرهما الذي لا يتعدى العشر سنين وكم شهر ,كانت تؤمن أن الستر خير والمرأة قبرها بيتها الذي سيكون وليس في دار أهلها ,هكذا سلمت أم هاشم البنتين طاهرتين كوجه الماء إلى من هم أحق بهما.
لقد توطدت علاقة أم هاشم مع سيد حمزة كأنهما جناحي الرحمة للقرية فلا بد للزائر أو القاصد أن يكونا على جدول واحد, أشاعت نساء لقرية أن سيد حمزة يطوف على النساء في أحلامهن ليوصيهن خير بأم هاش, وأن رضاه من رضاها ,فلا يتجرأ احد أن يحاول ولو من باب المغامرة ان يغضبها, هكذا كانت القرية هادئة مستكينة ببركات الأثنين ,حتى حدث ما لم يكن بالحسبان ليس صدمة فقط لأم هاشم بل لكل القرية حينما جاء أحد أولاد مالك لأرض التي فيها دار أم هاشم ليطب منها الرحيل عن أرضه.
حسون نائب عريف الشرطة لم يتجرأ أن يذهب لدار أم هاشم ليبلغها أمر إخلاء الأرض كان يخاف على ولده الذي لم يتعافى من مرضه لولا دعاءها ,أخبر ضابط المركز أن ذهابه يعني انتحار له أو أن يترك الوظيفة ويهرب عن وجه العدالة, إنها أم هاشم سيدي أرجوك هناك غيري, أصر ضابط المركز أو أن يودعه السجن ,أضطر لأن يدفع لزميل له من سكنة مدينة اخرى ان يذهب ويبلغ أم هاشم بالأمر وعلى مضض.
صارت القضية بعد أستلام أم هاشم للتبليغ كأن القرية والعالم بأجمعه بانتظار ساعة القيامة ,الكل يترقب فما حل المساء إلا وضجيج غير معتاد وزغاريد وأصوات ترافها اطلاق عيارات ناريه من خلف دور القرية, لقد شبت النار في حقل عم حسون الشرطي وهو على مقربة ساعات من حصاده, أول المرعوبين كان حسون إنها نقمة العلوية أم هاشم أنها عقوبة سيد حمزة على رشوتي لزميلي كي يذهب ليبلغها, كان الأجدر أن أذهب للسجن ولا أدع الامر يجري كما حدث.
عرف الجميع أن حسون قد فعلها نكراء ولم يدافع عن العلوية أم هاشم, هذه أول (شارتها) وعلى حسون أن يتهيأ للمزيد, في اليوم التالي كان الخبر الأبرز أن حسون قد رحل هو عائلته من القرية محملا بالعار, فيما كان عمه يجلس في دار أم هاشم مع ولديها مقدما لها العذر والتبرؤ مما فعله حسون.
تركت أم هاشم الأمر للسيد حمزة يدفع عنها كل الأمر ونذرت أن تذبح له احد خرافها الأربع لو رت بأبو حازم ما يبيض وجه الله, لقد تعدى بكل وقاحة على دار الأيتام الا يكفيهم ما بحوزتهم من أراضي, هذا لا يرضي الله ولا يرضي الحمزة ولا حتى سيدنا العباس, سأذهب صائمة يوم السبت إلى العباس إنه لا يردني خائبة سأذهب برغم وجع عظامي لأرمي مقنعتي بشباكه, هذا هو كل حديث ام هاشم مع نساء القرية ذهب عم حسون إلى أبو حازم ليقنعه بالعدول عن نيته ومحذره من غضب العلوية وسيد حمزة ,لكن الرجل تجاهل كل ما قيل برغم صلة القرابة والمصاهرة التي تربطهما, هكذا مرت الأيام لا جديد في القرية وحسون أنتقل الى مدينة بعيدة ليواري عن الناس سوءته.
في صباح يوم خريفي والهدوء يعم القرية إلا من صوت شفل وسيارة الشرطة متجهين إلى دار أم هاشم, يتقدمهم أبو حازم بسيارته الفارهة ,لا بد من تنفيذ أمر المحكمة إنها أرضي وأنا بحاجة إليها, القانون لا يقبل الاعتداء على حقوق الناس, كان حديث ذو شد وعصبية بين هاشم وأخيه وجموع أهل القرية وبين مندوب المحكمة وأبو حازم في حين أن الشرطة أخذوا موقف المتفرج, فيما كانت أم هاشم مع نساء المدينة داخل حجرتها الطينية تكشف عن شعرها لله لتندبه على نصرتها.
انسحب سائق الشفل بعيدا ليرجع عن هذه المهمة خوفا من شارة العلوية أم هاشم ولم تنفع رجاءات أبو حازم له لإكمال المهمة, رفض بإصرار وعاد أدراجه كذلك أبتعد رجال الشرطة قليلا للوراء خوفا من مجهول يصيبهم حتى انقشع النقاش الجانبي بين هاشم وأبو حازم ودخلا الدار سوية, الكل ينتظر.... الدقائق تمر ثقيلة والجميع حذرون مما سيحدث فقد(فرعت)العلوية, إنه أمر نادر الحصول .
أيقن أبو حازم أن لأمر ليس سهلا عليه برغم أنه يحمل صك حقه بين يديه مدعوما بالقانون لكنه تذكر أن الأمور ليست منتظمة دوما تحت سقفه, عليه أن يرضى بالتسوية التي اقترحها عم حسون ويستلم مبلغ من المال كتعويض عن حقه ويحفظ ابنه الغائب عنه في جبهات القتال ,وإكراما لدار الأيتام , أسمع الزغاريد قد اختلطن بصوت هدير محرك سيارة ابو حازم تلحقها سيارة الشرطة, وفي الباب طرح هاشم اكبر الخرفان ليذبحه لسيد حمزة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الورود لا تنمو بين الصخور .
- أدلجة الأختلاف وشرعنة التبديل
- قسما يا وطني بحروفك الأربع
- دكان جدي _ قصة قصيرة
- الدين والضرورة
- أعترافات ما بعد الموت
- كلام على ورق
- أحلام العم عطية
- سوادين
- عنزة جاسم
- دار دور
- حلم في الف ليلة وليلة
- العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع
- حكاية الثقافة في العراق
- قيامة منصور4
- القيامة في وسط المدينة3
- المدينة والقيامة 2
- أنا والقيامة الأتية 1
- عطش الذاكرة
- حدود هوية الأنا والأخر


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ام هاشم