أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع















المزيد.....

العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 22:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع

يشير الكثير من الدارسين علم الاجتماع والمتخصصين فيه إلى ظاهرة قد تكون ملتصقة في سلوكيات العقل المهاجر عموما والعربي خصوصا , وهو السلوك المتناقض مع شكلية ومظهرية هذا السلوك في بلد المنشأ , ب أنه في أحيان كثيرة يكون قادرا على مجارات العقلية الغربية وأحيانا التفوق عليها في كثير من التفاصيل التي تعتمد معيارا للقياس في حضرية ومدنية المجتمع.
قد يظن البعض هذا التحول ناتج من كونية العقل المهاجر يدرك تماما هذه الحاجة للتأقلم الأجتماعي وإنه ينحاز تحت ضغط الحاجة فقط ليس اكثر من الحاجة واشتراطات وجودها, حتى هذه النظرية لا تفسر تماما ولا تكشف علية وماهية التغيير , فالكثير من العقول المهاجرة والتي لا تمتلك الوعي الذاتي المكافئ قد تتخلف برغم الحاجة على إظهار نفس نمطية السوك المشار إليه هنا وخاصة تلك التي تتخذ من الإطار الديني جلباب تحتفي تحته ولم ولن تحاول أن تكتشف ما هو خارجه بالطبع , لذا فإن الحاجة للتأقلم ومسايرة المجتمع ليست هي العلة الأساسية برغم قدرتها أيضا على فرض شروطها.
من الواضح من خلال متابعة التصرفات السلوكية والعقلية التي يظهرها العقل المهاجر أنها لا تستعير النمطية الاجتماعية ولم تتقيد بها تحت وطأة الضغط الاجتماعي ذاته في بلاد المهجر بل تفصح عن قابلية طبيعية في أنتاج هذه النسقية السلوكية المتوافقة مع المجتمع الجديد ,خاصة وأن عوامل القهر البيئي قد تختفي فجأة من إفراز اثارها المدمرة على الشخصية المهاجرة بعد ان رزحت طويلا تحتها ,لذا فإن هذا الأمر يكشف عن حقيقة أن العقل المهاجر وعقليته أي نظامه العامل لا يختلف عن العقلية الغربية إلا في أمر واحد هو عامل الشجاعة والمبادرة التي يملكها الغربي اكثر ويستخدما بشكل مؤثر وقوي في التعاملات البينية في مجتمعه أو خارجه , بينما العقلية المهاجرة ونتيجة لما عانت تتردد كثيرا في اظهار مدنيتها وتحررها الخاص من ربقة الواقع وشروطه.
أمكانيات العقل البشري لا يمكن تحديدها على نوع الجنس البشري ولا على مقدار ما يمكن ان يضخ فيه من أساسيات التكوين , العقل البشري له ميزه خاصة قد لا يمكن تقنينها ولا برمجتها مسبقا , فهو قادر بالقوة الطبيعية ان يتحول من عقل أستاتيكي سكوني إلى عقل مبدع ايجابي ومنتج خارج حدود المألوف بأسباب قد لا ندرك أهميتها دون ملاحظة ومتابعة التطور في نظام التفكر والتعقل الذاتي له ,هناك عقول لها القابلية في التحول التدريجي وهناك عقول لها قابلية التطور بالتدريج وهناك عقول انقلابية لا تدري ما تخبئ من اسرار , وايضا هناك عقول لا تنفعل بكل المؤثرات الداخلية والخارجية ليست لأنها تنتمي الى جنس معين أو جندر معين ولكن لأن قابلية ذات العقل تقوقعت في طار منعزل عن حركة الحياة وافترضت التسليم بدل المساهمة في رؤية أوسع.
إن تقسيم الناس وعقولهم على أسس عنصرية و جنسية هي جريمة بحق الإنسان لا يرضها العقل السليم ولا يتسلم بها ومعها فلم تثبت الدراسات الفسيولوجية والبيولوجية ودراسات علم النفس لتربوي أن الجنس او الجذر العنصري الانساني علاقة لا بالذكاء ولا بالأبداع العلمي , قد تكون هناك عوامل مثل التعليم والتربية الاساسية دور وقد تكون للوراثة احيانا أثر , وهناك مؤثرات لبعض العوامل المسببة مثل التغذية الصحية والنظام البيئي دور ولكن لا يمكن جزما ان تكون للعوامل الجنسية العنصرية دور حاسم, هنا لا بد ان نشير إلى حقيقة هامة وهي قدرة العقل المتفاوتة قد تتبدل ايضا بتأثرها بالعوامل البيئية وسعة التجريب الحسي وممارسة التأمل العميق في ذاتيات الأشياء من خلال ما يسمى بحديث الروح او حديث لنفس بسلسة من المتواليات التأملية التي تجعل من العقل يرتب سلسلة خرى من النتائج والمقدمات تؤدي بالنهاية الى توسيع في حدود النظر العقلي مما يساهم بقدر و اخر في نتاج معرفي متجدد , لذا فإن التأمل العقلي وليس الخيال والسرحان والشرود الذهني هو الذي يؤدي إلى الاستدلال ولتنظير العميق والمبدع.

العقل الإنساني بطبيعته كما قسمه العلماء الى عقل مطبوع وعقل مصنوع , أي بتعبير اخر عقل إيجابي تسليمي متواصل مع بداياته التكوينية غير ميال بالأساس للخروج عن أطار الفطرة والطبيعة , فهو إيجابي كونه يسير ويماهي القدرة الاعتيادية , وسلبي لأنه يخاف أو يخشى من تجاوز حدود المعقول الذاتي النسبي بموجب قياساته هو , فهو يتعامل بالواقع ويسم بسهولة للظاهر العقلي دون مجازفة لانتهاك هذا الواقع والبحث ما وراءه أو ما في عميق تكوينه , لذا فانه مطبوع اساسا بفطرية ابتدائية خالصة.
أما العقل المصنوع فهو العقل المنفعل والمتفاعل والقادر على تحريك الفعل من خارج وداخل الموضوع ,انه قادر بالقوة أن يخترق الموضوع عرضا وطولا , فهو إذن سلبي في تعامله الشكوكي المبني على الحذر من التسليم بالمعطيات الواقعية وميال لنكران ثبات الشيء او قابلية الشيء لأن يكون ثابت بطبعه , هو يؤمن بالمتحول ويسعى لكل تحول حتى لو كان بسيط المهم ان لا يقف عند حدود التسليم , ولكنه أيضا إيجابي فيما ينتجه من معرفة تتوالد من الشك والتجربة والبرهان وهو الاقدر طبيعيا إلى اكتشاف العمق والوراء انه عقل مركب ذو ثلاث ابعاد ,استراتيجي اكثر من كونه تكتيكي ومركب أكثر من كونه تجزيئي , وتفكيكي أكثر من كونه تصويري ذلك هو العقل لمبدع.

هل من حق العقل الإنساني أن يخترق المحرم والمحذور؟.
لقد منح لله لإنسان عقلا للتدبر دون أن يحبسه في أطار محدد بل هو دعا الى تفعيل القوة العقلية ومنحه التفويض اللازم للبحث عن عمق الأشياء لظهرة سواء عن طريق التبصر والتفكير او التدبر والتنظير , المشكلة ان البعض حول الأقلي في حكم المحرمات إلى نطاق الأكثري فأصبحت القاعدة عنده مخالفة للنص أن كل شيء حلال ما لم يقف تحصيص وتنصيص على حرمته , بذلك حولوا المراد المباح الى مورد التحريم وتضيق أطار الحلية ليمنعوا أداة الله الفطرية وهي العق ن تصو وتجول في حدود الممكن والمسموح على انه محرم طبيعي,
ومن هنا أصبح العقل عبئا على المتعقل بدل ان يكون مفتاح للتحرر من قيد المجهول الذي يختفي في داخله الاغتراب عن الوجود ويحرم الإنسان من وظيفته الأساسية وهي الخلافة الأرضية , هذا المنهج الظلامي يطيح بإمكانية السعي نحو الكمالات البشرية التي هي مراد الدين وعنوان الضرورة الأساسية من وراء تشريعه, المنهج الظلامي منهج قائم على قاعدة مصادرة العقل ليكون البديل لطبيعي له الارتهان القهري لمسلمات العقل لتكفيري بدل العقل التفكيري , إننا إذ ننتقد المنهج التكفيري لا نعني بذلك جوهر الدين ولا الاعتراض على ثوابت المحرم الأقلي ولكن ندعوا لإعطاء العقل الإنساني حق وحرية العمل وفق القصدية لتي سنها الله لنا بقوله {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }العنكبوت35



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الثقافة في العراق
- قيامة منصور4
- القيامة في وسط المدينة3
- المدينة والقيامة 2
- أنا والقيامة الأتية 1
- عطش الذاكرة
- حدود هوية الأنا والأخر
- التجربة الإسلامية الحاكمة . _ نماذج ورؤى _ج3
- التجربة الإسلامية الحاكمة _ نماذج ورؤى _ ج2
- التجربة الإسلامية الحاكمة. نماذج ورؤى _ ج1
- السرقة الشرعية حلال والسرقة الغير شرعية حرام.
- العقل المصنوع والنفس الإنسانية
- الحرية نظرة الدين الحقيقية
- مستقبل الحرية ومسئولية النخب
- العقل والإيمان
- تحديث الإسلام لا لأسلمته الحداثة
- الإسلام في المواجهة
- مانديلا الرجل الأبيض الجسور
- التدين وصورة الدين
- السياسة والدين ومفهوم السياديني


المزيد.....




- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...
- حبس رئيس الأساقفة في أرمينيا بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب
- الجيش الإسرائيلي كان يريد قتل خامنئي خلال الحرب لكن المرشد ا ...
- قائد الثورة: الكيان الصهيوني انهار وسحق تقريباً تحت ضربات ال ...
- السيد الحوثي: نبارك لأمتنا الإسلامية بانتصار إيران العظيم عل ...
- الجهاد الاسلامي تنعى القائد الإيراني محمد سعيد إيزادي
- ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وتا ...
- شاهد.. المرشد الأعلى في إيران يعلن النصر على إسرائيل
- إسرائيل ترفض فتح المسجد الإبراهيمي كاملا للمسلمين برأس السنة ...
- فنزويلا: المعارضة خططت لهجوم على معبد يهودي في كراكاس لاتهام ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع