|
ثقافة ال ( يارمَتي )
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 13:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" أحد معارفي ، يعمل منذ سنوات ، في قطاع ( الإستثمارات العائد لأحد الحزبَين الحاكمَين ) .. والى جانب عملهِ الرئيسي ، فأنهُ يقوم أيضاً ، بتوزيع الرواتب على المنتسبين نهاية الشهر ، وذلك للتغيُب المُعتاد للمُحاسب المُنشغِل في مهامٍ اُخرى . المُهم .. أن المسؤول المُخضرَم .. كان يتفقد الأحوال .. فسألَ صاحبنا أعلاه : هلَ أعطَيتَ * يارمَتي * للمنتسبين ؟ ال * اليارمتي * بالكردية ، تعني ( مُساعَدة أو مَعونة ) ؟ .. فَردَ : لم أعطِ أي يارمتي يا أستاذ . قالَ المسؤول : كيفَ ذلك ، أليسَ اليوم هو نهاية الشهر ؟ أجابَ صاحبنا : تعني [ الراتب ] أستاذ .. نعم لقد وّزعته .. لكنه ليسَ يارمَتي ، أي ليسَ مُساعدة ولا معونة .. بل أنها أجورهم المُستحقة لقاء عملهم لِشَهر ! " . هذا الجواب ، لم يعجب المسؤول قطعاً . السيد المسؤول .. يَصِف الراتب ، ب " المُساعدة والمعونة " .. ليسَ سهواً ولا خانهُ التعبير .. بل انهُ في عقلهِ الباطن ، يعتقد جازماً ، ان المال الذي يوزعه نهاية الشهر على الموظفين والمهندسين والعُمال ، ما هو إلا نوع من المُساعدة ، يُقّدمها هو وحزبه ، لهؤلاء الناس .. ومن قبيل " المِنّة " التي يستحقونَ عليها الشُكر والتبجيل ! . ينسحبُ الأمرُ .. على كافة مرافق الإدارة .. فالحكومة أي السُلطة أي الحزبَين الحاكمَين.. تعتبرُ ان الأموال العامة والميزانية ، التي تحتَ أيديهم .. هي " ملكَهَم " ! .. أو على الأقل .. تتصّرَف كما لو ان هذه الأموال ، هي من حقهم ، ولهم حُرية التصرف بها . وقيادات هذه الاحزاب ، " ثّقفَتْ " كوادرها ، وأدخلتْ في عقول وأذهان منتسبيها ، ان ما يقومون به شئٌ طبيعي ! . والمُصيبة ، ان هذا النَمط من " الثقافة " إنتشرَ في جسد الأقليم بصورةٍ دراماتيكية .. وإنتقلَ من الاحزاب الحاكمة ، الى الغالبية العُظمى من الدوائر .. فترى المُوظف الذي يقوم بِجزءٍ من واجباته الوظيفية المُعتادة .. يعتبر ذلك " إنجازاً " ، وفضلاً على المواطنين ! . ومُدير الدائرة الذي ، يتمتع بإمتيازات كبيرة .. مُنخرِطٌ بتنفيذ طلبات رؤساءهِ " والتي بِمُجملها مُخالِفة وغير قانونية " .. ويلوي عُنق القانون ، بحيث يُلائم جشع المسؤولين والرؤساء ! . وكُلما إرتقيتَ درجة في سُلَم المسؤولية والوظيفة .. فأن ثقافة ال " يارمَتي " أي المُساعدة او المعونة .. تتجّذر فيك ، بحيث تصبح جُزءاً لا يتجزأ من تصرفك اليومي ! . فإذا بّلطتَ بضعة كيلومترات من الشارع " حتى لو كان بأضعاف الكُلفة الحقيقية ، وفوق ذلك بمواصفات هزيلة " .. فأن ذلك [ إنجاز ] . وإذا بَنيتَ مدرسة أو مستشفى " بعد المُدة المُقرِرة وبإفتقارٍ الى الشروط الرصينة " فهو [ تنفيذٌ للخطط ] . وإذا فّرطتَ بأراضي الدولة ، وسمحتَ للجَشعين والطُفيليين ، بالإستيلاء عليها .. فأن ذلك تحت عنوان [ المُساطحة ] .. ان تراكُم مُمارسات ثقافة ال " اليارمَتي " .. وتفّشي عقلية : العَطية / الإهداء / المُساعدة / العَون / التكريم ... الخ ، من هذه الكلمات المُراوغة .. تُكّرِس العلاقة المُشّوهة ، بين السُلطة والمُواطن .. بين المتبوع والتابع .. السّيد والعَبد ! . ...................................... ليكُن واضحاً .. أن : الأمن والامان / السكن المُناسب / التعليم الجيد / الغذاء المتوازن / الرعاية الصحية المعقولة / الخدمات الاساسية / حرية الرأي والتعبير . هذه كُلها [[ حقوق ]] طبيعية للمُواطن . وان ( جميع ) مَنْ يضطلع بمسؤوليةٍ في الحكومة .. هُم خَدم للشعب .. وأن الذي يعمل في أي مجالٍ ، ليسَ بحاجة الى " يارمتي " .. بل يستحق ان ينال جميع " حقوقه " وأجوره ، مرفوعَ الرأس ، بدون مِنّةٍ من أحد ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المُعارَضة .. ودراهم السُلطان !
-
الموصل .. اللوحة القاتمة
-
المالكي في أربيل
-
حذاري من أبناء الذوات
-
لماذا يتكلم الشهرستاني ب ( حيل صَدِر ) ؟
-
مع الإعتذارِ .. من الحمير !
-
يِمْكِن الحِلو زَعْلان !
-
التعميم الأحمَق
-
مُلاحظات على إنتخابات مجلس نينوى
-
الآغا أوباما
-
مأزق المثقف في بغداد
-
- فلسفة - الطبقة السياسية العراقية
-
البضائع الرديئة
-
مآزِق كردستانية
-
اللصُ والكِلاب
-
عسى أن أكون مُخطِئاً
-
ومن الفَرِحِ ما يجرح !
-
الحرب القذِرة
-
حزب العمال في قنديل .. ملاحظات عامة
-
( طالباني ) يوم الدِين !
المزيد.....
-
بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
-
حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
-
بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين
...
-
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
-
بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
-
قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال
...
-
أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
-
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
-
الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد
...
-
-يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|