أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - تعزية لا شماتة














المزيد.....

تعزية لا شماتة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا المغرب الرسمي أظنه يعود للحقبة ما قبل العصر البرونزي ، حيث تميز العصر البرونزي بصهر النحاس الخام مع القصدير أو الأنتينوم , لكن النظام المخزني ما زال يتخبط في العصر الحجري ،ولم يكتشف بعد نظام الصهر .
الى الآن لم تسرب قنوات الاعلام على اختلاف أنماطها ، المكتوب والمقروء والمسموع ،عزاء النظام المغربي في وفاة الشيخ عبد السلام ياسين ، وهو الرجل الذي انعقدت الأسبوع الفارط ندوة دولية باسطمبول حول نتاجه الفكري من زاوية منهجه النبوي المؤطر برؤية كونية ، مما يحسب مكسبا رمزيا عاليا للمغرب والمغاربة جميعا . وكما كتب ادريس الكنبوري ، فلم يسبق لشخصية فكرية مغربية أن حظيت بمثل هذا التقدير وهذه المكانة العلمية على المستوى العالمي .
لكن السياسة في المغرب الرسمي تأبى الا أن تتموقع كخصم عنود لكل من يغرد خارج السرب ، ولا ينحني الا واقفا أمام نظام مخزني هرم ، وان كان يخفق تحت سماء الوطن الواحد . وهو ما يناقض التصريح الذي كان أدلى به الملك محمد السادس لجريدة "لوفيغارو" الفرنسية سنة 2001 أي بعد سنتين من اعتلائه عرش المملكة المغربية ، حيث صرح للجريدة أنه في غنى عن اللجوء الى سياسات تناقض أخلاقه " ، معتبرا أن الوقت قد حان لفعل ذلك ، أي رفع الاقامة الاجبارية عن الشيخ عبد السلام ياسين .
لكن اليوم ، وبعد وفاة أحد أهم الرجال الذين طبعوا بطابعهم الخاص الحياة السياسية والفكرية المعاصرة بالمغرب ، وهو بالنظر الى تجربته الطويلة في ميدان الوعظ والارشاد الذي لا ينسلخ عن مفهومه الشخصي للسياسة ، قد لاقى اجماعا من قبل الخصوم قبل المشايعين ، كونه شخصية اشكالية بامتياز . لا يمكن تغافله أو تغييب مشروعه الفكري ، الذي يعتبر معرفيا أحد المشاريع المطروحة على الساحة الفكرية المغربية ، ولا يمكن تجاوزه أو تقزيمه . بل أسال الكثير وما يزال من المداد ، وفرض نفسه كقوة يحسب لها ألف حساب ، كدعوة محمد الحبابي أحد القياديين التاريخيين لحزب الاتحاد الاشتراكي سنة 2001 امكانية ضم جماعة العدل والاحسان الى كتلة وطنية موسعة ، وهو الطرح الذي تجسد بعد عامين على الصعيد العربي باجتماع بعقد أول مؤتمر بين القوميين العرب والتيارات الاسلامية ببيروت سنة 2003.
وهو قبل هذا وذاك لم يعرف عن منهجه أنه ينحو منحى عنفيا ، ولم يبصم تجربته بالانتهازية التي أوصلت المغرب الى الدرك الأسفل في مجموعة من القطاعات ، ولم يعد للمغرب الا جهود فردية ، هي التي تسمح بذكر اسمه بفخر واعتزاز ، والا فان مهرجانات العار التي ملأت دنيا المغرب الثقافي ،أكبر شاهد على أولويات النظام المخزني ، فهي بالاضافة الى استنزافها لمال الشعب ، لم تعمل الا على تمريغ الوجه الحقيقي للمغرب في الوحل .
استطاع الشيخ عبد السلام ياسين ان يفرض اسم جماعته كقوة سياسية على مستوى عالي من النتظيم والتأطير والامتثال ، بعكس ما نلاحظه في جميع الأطياف السياسية الأخرى ، التي تميزت بالانقسامات الموسمية ، وبالترحال السياسي ، وبالتناقضات الناسفة لكل تطلع راقي وحضاري . وهذا ما كان يجب أن تتدارسه جميع التيارات السياسية المغربية وتقتدي به عوض نهج أسلوب الاقصاء والتهميش ، كما يؤاخذ عليها حربائيتها وانتهازيتها وجريها وراء السراب .
أظن من وجهة نظري المتواضعة أن النظام المغربي ارتكب خطأ أخلاقيا ودينيا ووطنيا بعزوفه عن تقديم العزاء لشخصية في وزن السيد عبد السلام ياسين ، في حين راح كل الفرقاء السياسيين يدلون بتعليقات حول رمزية الرجل ومكانته بين جميع المغاربة ، ليبقى النظام منعزلا عن الاجماع الوطني على مكانة الرجل . منتحيا منحى تعجرفيا خارج سياق الذكاء والدهاء السياسيين ، باعتبار ان تقديم العزاء هو اعتراف بالشخص ، واعتراف بجماعة العدل والاحسان . ليتوضح بالملموس أن النظام لا يحترم حتى الموتى ، فكيف يعتبر الأحياء ؟ .
ان تقديم العزاء هو من القواعد المستحبة في الاسلام ، وهو يشكل احدى مقومات التراحم والتوادد ، وهو يخص الميت أكثر مما يرتبط بالحي . ويمكن النظر اليه من زاوية امارة المؤمنين ، ومن باب الحكم الأسمى ، فالسمو والامارة حقلين رمزيين لا يجب تدنيسهما بالعابر وبالحسابات الضيقة ، وهو ما يفيد أننا نستعمل مصطلحات ومفاهيم نجهل أبعادها ووظائفها ، انه مثل تلك النياشين الخارجة عن الاحصاء التي يكلل بها أي ديكتاتور صدره .
وقد كان المرحوم عبد السلام ياسين سباقا في تقديم العزاء في المرحوم الحسن الثاني ، وان قام بعد ذلك بارسال رسالته المشهورة " الى من يهمه الأمر " .
كما حاول الأستاذ محمد ضريف أن يرسل رسالة مشفرة ، كمفكر يعمل على الشفرات ، حين أدلى بتصريح لأحدى القنوات الفضائية أن الملكية فوق الأحزاب وفوق الجماعات الدينية .. لكن الرجل يبدو أنه كان يخاطب نظاما لا ينصت الا الى لغة النفاق والانتهازية والوصولية ، ولا يهمه بناء دولة على أسس من التشارك والتوافق الوطني ، وأظنه نهج تقليدي لم يعد له من تصريف في عصرنا .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة أم السياسة-3-
- النفاق أو لغة الكون
- العرب والانقسام الأزلي
- شهود لا متأثرون
- الشريعة أم السياسة_2_
- في مفهوم التواضع
- اعدام شاعر
- الجزء 12 من رواية -أمطار الجحيم
- الشريعة أم السياسة...
- الشعوب وما أدراك ما الشعوب
- الشعر والدين ، وتجاوز المتن القديم _1_
- من المسؤول...؟
- طريق أبيض
- بنية- نظام المخزن - بالمغرب
- الشوهة
- أغاني العربي
- دروس حرب الأسبوع
- سفر في سحب الحب
- للورد أن يقرأ ....عطره
- ميزانية القصر وروح العصر


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - تعزية لا شماتة