|
على بُعد ِ ليل ٍ .. من الأندلس ْ
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 16:40
المحور:
الادب والفن
على بُعد ِ ليل ٍ .. مِنَ الأندَلسْ
(مقتطفات من يوميّات "عائشة بنت أبي عبد الله الأيسر" والدة " أبو عبد الله الصغير".. آخر ملوك غرناطة . )
هنا .. في هذا الليل ِ على بُعد ِ نهار ٍ منك ْ سألتقي بسواك ْ وأحبّك َ وحدك ْ .
***
كان َ الحلم ُ بك َ / مُذ ْ كنت ُ طفلا ً / يشبه ُ الحُلم َ بأن ْ أنام َ طويلا ً وأن ْ لا يوقظني بغتة ً عواءُ الكوابيس ْ في أزّقة ِ روحي . كان حُلما ً بصَبّي ٍ سيكبر ُ مع الأبوين ِ وبصِبْيَة ٍ يكْبرون َ مع الآباء ِ ويُشكّلون َ " دوْلة ْ " .
***
غير َ أن ّ لا شيء َ .. يتَكوّن ُخارج َ رَحْم ِ المَنطِق ِ ويعيش ْ . إنّ الذي يعيش ُ هو َمَنْ يتدّثر ُ بماء ِ السماء ِ مثل بيرق ٍ مُقَدّس ْ داخل َ رحْم ِ القبيلة ِ أو القرية ِ أو المِئْذنة ْ .
***
على بوابّات ِ العراق ِ الصَدِئَة ِ ثمة دائما ً من ينتظر ْ أن تموت َ فوانيس ُ الحنطة ِ في أكواخ ِ الكَدّ ِ وأن ْ ينتزع َ الغزاة ُ من أسمالِنا ما علِق َ بها من عيدان ِ السنابل ِ وأن ْ يخرج َ من " غرْناطتَها " ملوك ُ الأندَلس ِ الصغار ِ مُدجَجين َ بالقمح ِ تاركين َ لسلالات ِ الشمس ِ والماء ِ مزابلهم ومسّلاتهم وزّقوراتهم وقيثاراتهم وقبور َ أجدادِهم ْ بالرضاعة ْ .
***
نحن ُ نحتاجُ الأندلس َ " مقبرَة ً تنام ُ فيها أحلامَنا الموؤدة ْ " ما حاجتنا بعدها لمقابر الغرباء في قارّات ِ العالم ِ السَبْع ْ ؟ ماذا سَندْفِن ُ فيها ؟؟ .
***
كان َ " ستالين " يكره ُ الحقول َ الصغيرَة َ / لأن الدجاجة َ لا تستطيع ُ الركض َ فيها .. بحُريّة ٍ / . لهذا تبدو مزابل َ بغداد َ رحبة ٌ جدا ً حيث ُ يستطيع ُ أطفال ُ " التَنك ِ " الركض َ فيها كالطيور ِ في طريقهم إلى " السوقِ ِ الحُرّة ِ " بأذرُعِهمْ النحيلة ِ وسلالهم ِ الفارغة ِ وقلبهم ِ الكسير ِ وخبزهم اليابس ْ .
***
هنا في العراق ِ .. على بُعد ِ ليل ٍ من الليل ْ يتقاطر ُُ الأيتام ُ " المورسيكيونَ "* على ثغور ِ " بلنسِيَة ْ "** باحثين في ِ صحراء ِ الروح ِ َ عن رائحة ِ البيت ِ القديم ْ على بُعد ِ نهار ِ واحد ٍ من الأندلس ِ العتيقة .
***
داخل َ أسوار ِ العراق ِ ينام ُ النحل ُ العامِل ُ في مملكة ِ العسل ِ الموعود ِ مِن ْ فرْط ِ البطالة ِ . ويتُمّ ُ إستيراد ُ المَلِكات ِ والشمع ِ والرحيق ِ من ممالك َ أخرى .
***
كما في الأندلس ِ الضائعة ْ الأعياد ُ هُنا .. على قلتّها سنحتفل ُ بهاِ سرّا ً في غرَف ٍ خافتة ِ الأضاءة ْ بعيدا ًعن باحات ِ البيوت ْ . وعندما سنبدأ ُ بأحصاء ِ مساميرنا على صليب ِ هذا الوطن ْ سَنحْرص ُ على أن يكونَ العراق ُ حاضرا ً والعائلة ُ غائِبة ْ. ْ
***
ألا يحِقّ ُ لنا الأحتفالَ بميلاد ِ شيء ٍ ما حتّى ولو كان َ " فسيلة ً " في العراق ْ .
***
يا اله َ الكائنات ِ العرّاقيّة ِ لماذا لا تعيد ُ توطين َ هذه ِ " الأحفوريّات ِ " في النجوم ِ البعيدة ِ لكي ْ تعلن َ " وكالة ُ ناسا " عن إحتمال ِ وجود ِ موتى خارج َ " درْب ِ التبّانة ْ " .
***
داخل َ أسوار ِ العراق ْ ينحسر ُ الضوء ُ وينام ُ حرّاسُ الحقول ِ المُتخمَة ِ بالملاريا على ضوء ِ " اللالات ِ" الأسود ْ . ويموت ُ " ستيف جوبز " في كليّة ِ الهندسة ِ أمام َ حاسوب ٍ من القرن ِ التاسع عشَر ْ . ويرتدي الرفيق " كارل ماركسْ " عمائم َ " بيير كاردان " المُلوّنة َ بالأبيض ِ والأسود ْ .
***
في عصر ِ ملوك ِ الطوائف ِ .. من ْ يخرج ُ من بغدادَ لا يعودُ إلى قرْطبَة ْ ومن ْ يُغادِر ُ غِرْناطة َ لا يصل ُ إلى البَصْرَة ْ .... يا عراق َ الوَصْل ِ بالأندَلس ِ .
***
العراق ُيرتدي كلَّ شيءٍ بأستثناء ِ أحلامنا. العراقُ عار ٍ كذاك َ الأمبراطور ِ القديم ْ . وأطفال ُ العراق ِ يقولون َ ذلك َ ولا يُصدّقهُمْ أحَد ْ .
***
ها أنتُم ُ .. مُوَزّعون َ على مدارات ِ الرماد ِ في سماء ِ الأندلس ِ المُطفأة ْ أمُدّ ُ أصابعي فألمس ُ أسماءَكُمْ واحدا ً واحدا ً فتومئون َ لي بما تبّقى لكم ْ من الضوء ِ حتّى ولوْ من هُناك ْ .. من سَرَقسْطة َ وأشبيلية َ وطليطلة َ وقرطبة َوبلنسية َ ومَلقة ْ. وعندما يدخل ُ " فرناندو الثالث "*** أحياء َ غرناطة َ مع فيالق ِ الأوغاد ِ تلك ْ وتسقط ُ بغداد ُ مَرّة ً أخرى سألحق ُ بكُم ْ .
***
يا أرض َ السواد ْ .. إنزَعي أجّنتك ِ من هذه المشيمات ِ المُتْرَعَة ِ بالخيبات ِ سَلفا ً . لقد حانتْ هُنيهَة ُ الأجهاض ْ وحان َ أوان ُالرحيل ِ عن الأندلس ْ .
*الموريسكيون : المسلمون الذين لم يهاجروا من الأندلس وأجبروا على اعتناق المسيحية بعد سقوط غرناطة . ** بلنسية ( فالنسيا ): مقاطعة أندلسية تقع في شرق اسبانيا استخدمها المسلمون للفرار إلى المغرب بعد سقوط غرناطة . *** سقطت ْ غرناطة ( آخرُ مملكة ٍ لملوك الطوائف ِ في الأندلس ) على يد " فرناندو الثاني " في العام 1492 .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم َ لا
-
سيرة ٌ من ثلج .. لكائنات ٍ من مطر ٍ وطين
-
مصفوفة الروح
-
أنتم لا تطرقون الباب .. وسيدتي لن تجيء
-
مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك
-
الدور الأقتصادي للدولة في العراق : اشكاليات ومحددات التأسيس
...
-
طغاة .. وكرنفالات .. وقبائل
-
جنود أيلول .. قطارات سبتمبر
-
تأبين ٌ متأخر ْ .. للمقهى البرازيليّة
-
بغداد .. سينما
-
الكتابة في درجة خمسين مئوي
-
بين بغداد .. وضحاها
-
توصيف النظام الاقتصادي في دساتير الدولة العراقية 1925-2005
-
البيان الأخير لحوت العنبر
-
الأداء الأقتصادي للقطاع الخاص في العراق :(الخصائص والمحددات
...
-
العراق والكويت والولايات المتحدة الأمريكية : مأزق الملفات ال
...
-
القراءة الخلدونية ( حكايات جديدة لأطفال ٍ في الستين من العمر
...
-
قلب ٌ وحيد ُ الخليّة
-
مملكة العراق السعيدة
-
الأمل ْ .. أوّل ُ من يموت
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|