أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ














المزيد.....

كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 18:05
المحور: الادب والفن
    


أبيض

يقومُ الفَجْرُ من سريرِ السَّماءِ، بعينين برتقاليَّتينِ ورموشٍ شمسيَّةٍ كأنّها تحنُّ إلى النَّومِ الغائبِ، يفرِدُ ذراعَينِ من طيورٍ وأهازيجَ فلاحينَ في طريقِهِم إلى الحياةِ، يفكُّ أسْرَ الضَّوءِ ويفتحُ خِزانةَ الألعابِ للأولادِ، ومثلَ قِطَّةٍ يلعقُ أيدي الكسولينَ وأرواحَهُم، يبعثُ رسائلَ الأمسِ التي أخَّرَتْها العتمةُ، ويسيلُ على الساعةِ مثلَ نَهرِ فَرَحْ.

جدائل

تكتُبُ الشَّمسُ وصيَّتَها في دفتَرِ البحرِ، يوماً ما، ستقلِّدُها طفلةٌ بجدائلَ بُنِّيَّةٍ كالخرّوبِ المُذابِ في ضَحِكاتِ الشَّجَرْ، ستصيرٌ البِنْتُ إعلاناً عن الحياةْ، تكبُرُ وتعشَقُ وتبكي وتقرأُ أشعاراً وتهربُ من البيتِ قليلاً، وفي آخرِ الحِكايةِ ستكونُ لها طفلةٌ بجدائلَ باللونِ ذاتِهِ، وستحبِسُها في قلبِها أو في غُرفتِها كي لا تكبُرْ، ولكنها ستكبُرُ مع ذلك.

برتقال

لماذا تدخُلٌني الرائحةُ كمَطرٍ من حنينٍ؟ لماذا تصيرُ البلادُ في النومِ بُرتُقالةً والحُلْمُ عَصِيراً تحرُسُهُ القداسَةُ؟ لماذا ينقِلُ الدُّوريُّ عشَّهُ من الشّجَرَةِ إلى أفكاري؟ لماذا تصيرُ المُدُنُ في الحزنِ بياراتٍ منشورةً على ساحلِ الرّوحِ كبلادٍ مهزومةٍ وجميلة؟ كيفَ تنبُتُ الألوانُ على الأفُقِ فيما أغمِضُ عينيَّ جوارِ سورِ الصَّبَّارِ القديمِ الذي يحاكي غابةً مجهولةً؟ من أينَ يسقطُ كلُّ هذا البرتقالِ إلى ذاكِرَتي؟

أمي

كأنّي أصعدُ القُرى درجةً درجةً، ينزُّ الحليبُ من الكلماتِ، والهويّةُ عَرضٌ جانبيٌّ حينَ تصُبُّ ذكرياتِها في ذاكِرَتي، ينسَدِلُ حريرُ روحِها على وسادةِ القلقِ في روحي، فتخرجُ الفراشاتُ أسراباً وألواناً، وأعودُ إلى حقيبةِ المدرسةِ، مطمئنّاً، بعالمٍ آمنٍ، عُلبَةُ ألوانٍ في الحقيبةِ، كوبُ شايٍ جاهزٍ عندَ الصحوِ، أدعيةٌ كعينِ ماء، حمايةٌ من غضبِ الأبِ المفاجئِ، وجيبٌ مليءٌ بالحلوى في غيرِ موسِمِها.

أنتِ

المرأةُ أصلُ العالمِ، ومهبطُ كائناتِ السماء، وما يصيرُ إليهِ قلبي حينَ تغيبُ صورتُكِ عن الصباحِ، لا يصدِّقُهُ الراوي، ولا تفهمُهُ الحساسينُ الذاهبةُ إلى عمَلِها اليوميّْ، وأنتِ حينَ تهزّين جذعَ الأسطورةِ، تسَّاقَطُ عليكِ أسئلةً وغاباتٍ من ألوانْ، أنتِ، وحينَ أحمي اسمَكِ من ثرثرةِ البناياتِ العاليةْ، أبدأُ في خلقِ العالمِ من الصفحةِ الأولى، أنتِ هنا، وكلُّ ما تبقّى منسوبٌ إلى مكانِكِ، على يسارِكِ الشجرُ والكائناتُ العشبيّةُ [الغزالاتُ مثلاً]، وعلى يمينِكِ البِحارُ والأنهارُ، وأمامَكِ النومُ والأحلامُ وظلالُ الأنفسِ وغاياتُها وأمنياتُها، وخلفَكِ البشريَّةُ بأمانيها الهزيلةِ بالاقتراب، أنتِ، وما أنت غيرَ انفلاتِ الطبيعةِ من وعيِها المدروس؟

في اللّيلْ

في اللّيلِ، تصيرُ الألوانُ أشباحاً بدلالاتٍ خارِقةْ، قطعةٌ من الفراغِ المدلَّكِ بالسّوادِ، يخرجُ منها تاريخُ الخلقِ كاملاً كشاشةِ عرضْ، أزمنةٌ وأمكنةٌ باتساعٍ لا يُحَدُّ تسقطُ في قطعةِ السّوادِ تِلكْ، في لحظةٍ وفي أقلّ من ملليمترٍ واحدٍ، كلُّ روحٍ تنفَّستْ نبأَ الحياةِ، تسقُطُ من اللّيلِ كلَقْطَةٍ من فيلمْ، في اللّيلِ تصيرُ الأشجارُ بشراً والقططُ تماثيلَ من رخامٍ أسودْ، تصيرُ النجومُ أزراراً لثوبِ السماء، والحقائقُ توضَعُ في الخزائنِ، ويَفُكُّ المُغنّونَ أصواتَهُمْ، وينظِّفونَها من بقايا الكلام...

في اللّيلِ، أصيرُ ناياً لا يسمعُني سواي.

الخامس من أيلول 2011



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسن والحسين، أخطاء تاريخية بالجملة
- في حضرة الغياب، إنتاج هزيل وغير مدروس
- الوقتُ في الثلاّجة
- آتٍ لا يأتي
- أَشْهَدُ
- عليّْ قصة قصيرة
- رجلٌ بفصولٍ لا تُعَدٌّ
- لم يَعُدْ لي ما كانَ لي
- وفي آخِرِ اللَّيْلْ
- حينَ جَرَحْتَ السُّنْبُلَةْ
- هكذا سيقولُ نايٌ لشهيقِ العازِفِ:
- رفح... أو بعبارةٍ أخرى، عن حبيبتي عليها اللعنةُ
- ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين
- الأدب الفلسطيني بخير ردا على مقالة د. فيصل درّاج: لماذا لم ...
- أولُ البيوتِ وأولُ الذاكرة قصة قصيرة
- في مروري على الرمل
- ويحدث أن
- مجنون، أحب غزة ورقص في ساحاتها
- قليلٌ مما ستقولُهُ غزة عما قليل
- حكاياتٌ من بلادٍ ليستْ على الخارِطةْ


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ