أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - أثرياءنا ... وتطوير البلد















المزيد.....

أثرياءنا ... وتطوير البلد


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 10:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل خمسة عشر سنة ، او تحديداً منذ 1991 ولغاية 2004 ، كانت العوائل من اهالي محافظة دهوك ، على سبيل المثال ، والتي لها أحد من أبناءها في [ الخارج ] ، تُعتَبر من العوائل المحظوظة ، وامورها المالية والاقتصادية أحسن من غيرها ، بفضل " الدولارات " التي يرسلها لهم بين الحين والآخر . حيث جاءت فترات في التسعينيات بلغ فيها سعر الدولار الامريكي في الاقليم مايُعادل مئة دينار " الدينار القديم " ، في الوقت الذي كان راتب المعلم او الموظف لايتجاوز الألف دينار في الشهر ، اي حوالي العشرة دولارات . هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى فان الوضع الاقتصادي بصورةٍ عامة ، في الدول الاوروبية الغربية ، التي يُقيم فيها معظم اللاجئين الكرد ، كان قوياً ومنتعشاً ، ولم تكن هنالك بعد ، بوادر الازمة الاقتصادية العالمية . ففي تلك الفترة كان من السهل على اللاجيء وخصوصاً إذا كان يعمل ، ان يدّخر "300" او "400" دولاراً في الشهر او حتى أكثر ، ويجمع بضعة آلاف يجلبها معهُ ، يستطيع بها ان يُساعد عائلته ، بل ( يُقال مُداعبةً ) ان يخطب ويتزوج أجمل فتاة ، ربما كانت سترفضهُ لو لم يكن قادماً من "الخارج " ! . والعديد من هؤلاء إستطاعوا في تلك الحقبة ان يشتروا قطع أراضي او عقارات حيث كانت اسعارها زهيدة . اي بالمُحصلة كان هناك الكثير من العوائل ( تعتمد ) في معيشتها على ما يرسله أبناءها من العملة الصعبة ... والتي كانت فعلاً " صعبة " !.
ظاهرة الهجرة او اللجوء ، كانت جديدة على المجتمع الكردستاني والعراقي عموماً ، وكانتْ اسبابها الرئيسية ( سياسية ، هرباً من القمع ) على الأغلب لغاية 1990 ، ولكن في عقد التسعينيات ، لجأ الكثير من الشباب العراقي عموماً الى الدول الغربية ، عند إشتداد النتائج المأساوية للحصار الاقتصادي على العراق والحصار المزدوج على اقليم كردستان ، حيث إنتشرتْ المافيات التي " تُهّرِب " طالبي اللجوء ، الهاربين من البطالة والعوز وعدم إستقرار الاوضاع الامنية والسياسية ، وهي ظاهرة طبيعية خلال الفترات التأريخية التي تتسم بالإضطراب والعنف والبطالة .
تبّدلتْ الاوضاع بعد التغيير الذي حصل في العراق في 2003 ، وتَزامنَ ذلك مع ظهور العلامات الاولى للأزمة الاقتصادية العالمية وإنهيار البنوك الكبرى في الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية الاخرى . من إفرازات التغيير في العراق ، هي [ الطفرة ] التي حصلت على الرواتب والاجور ، والإنفتاح الفوضوي للسوق أمام الاستيراد العشوائي غير المُنضبط لكافة السلع الاستهلاكية . وحسب المثل الفرنسي الشهير الذي يقول : " لا تتسّوق وانتَ جائع !" ، إذ سترتكب الكثير من الحماقات . وذلك ما حصل في العراق بالضبط : فجأةً توفرتْ السيولة النقدية ، وغرقتْ السوق بمختلف البضائع ، بعد حقبةٍ طويلة من الحصار والإنغلاق والحرمان .
راتب الموظف او المُعلم الذي كان يُعادل عشرة دولارات امريكية في منتصف التسعينيات ، اصبح في 2007 يُساوي أكثر من سبعمئة دولار في الشهر . صحيح هنالك تضخُم مُستمر وإرتفاعٌ في الاسعار ، ولكن في كل الأحوال إرتفعتْ القدرة الشرائية لدى المواطن العراقي بصورةٍ كبيرة ، فعندما تزداد الرواتب سبعين ضعفاً ، مُقابل ارتفاع في اسعار السلع بنسبٍ أقل ، فان ذلك يُوّلد شعوراً بالرضا " حتى لو كان زائفاً ! "، عند الفرد . أعتقد ان إرتفاع القدرة الشرائية لدى العراقيين عموماً ، هو من أهم الاسباب التي تجعل المواطن العادي " يتحمل " سوء الخدمات وتردي الوضع الامني والسياسي !. انها نوعٌ من الرشوة السياسية والإسكات الغير مُباشر .
أدناه بعض الملاحظات العامة حول إزدياد السيولة النقدية في السنوات الاخيرة " من 1991لغاية 2009 " ، في محافظة دهوك كنموذج :
- قبل 1991 ، كانت الثروة بصورةٍ عامة ، مُتركزة عند اصحاب شركات المقاولات والشركات التجارية وبعض الآغوات مالكي العقارات والاراضي الزراعية ومُستشاري أفواج الدفاع الوطني . وكان هؤلاء جميعاً لايصل عددهم الى المئتي شخص ، وفي كل الاحوال ، كان الوضع السياسي العام تحت حكم صدام ، لايسمح كما أعتقد ، بالثراء " الفاحش " لأي شخص مهما كان مركزه او موقعه ، خارج نطاق الحلقة الضيقة المحيطة بعائلة صدام نفسهِ . أي بمعنى آخر ، لم يكن هنالك في تلك الحقبة ، اُناسٌ يملكون مئات الملايين من الدولارات او حتى عشرات الملايين و لم تكن مُتاحةٌ تلك ( المظاهر ) التي من خلالها يستطيع الاثرياء إبراز غِناهم .
- بعد 1991 ، استولى الحزبان الحاكمان على موارد الاقليم ، وتقاسماها بينهما . وظهرتْ تدريجياً طبقة جديدة من مالكي الثروة والاغنياء ، متكونة بالأساس من مسؤولي الاحزاب الحاكمة وقادة البيشمركة والبعض من المتنفذين والاثرياء السابقين ورؤساء العشائر ، بالدرجة الاولى ، ثم تليهم فئة المنتفعين الجُدد الذين يُديرون أعمال وأموال الفئة الاولى . نستطيع ان نحصر هذه الفترة من 1992 لغاية 2003 . وتكونتْ فيها اللبنات الاولى لمجموعة من الطفيليين الذين كّدسوا ثروات كبيرة بطُرقٍ ملتوية تراوحتْ بين الاستيلاء على المال العام والتجاوز على القوانين وإستغلال النفوذ والسلطة وإحتكار القطاعات المهمة في التجارة والاقتصاد .
- إعتباراً من 2003 ، تفاقمَ ترّكز المال والثروة في أيدي نفس المجموعة أعلاه ، إضافةً الى العديد من المتعاقدين والعاملين مع الجيش الامريكي . ان الاحتلال الامريكي للعراق ، بدلاً من ان يَحد من الفساد ، زادَ فيه بمراحل كبيرة ، واستغل القادة الامريكان العاملين في العراق منذ 2003 ، الفوضى العارمة وغياب الدولة والقانون ، في نهب مليارات الدولارات المُخصصة أصلاً ل " الاعمار " وكذلك الاموال العراقية الموجودة حينذاك وواردات النفط ، بالتواطؤ مع الطبقة السياسية العراقية في العراق الجديد " ومن الطبيعي ان الكُرد كانوا جزءاً مهماً من هذه الطبقة " . بُمكن القول ان عنفوان الفترة التي اُستُبيحتْ فيها الاموال الضخمة كانت من منتصف 2003 لغاية 2008 في مختلف انحاء العراق .
- من نافلة القول ، ان الموظف او العامل او المتقاعد ( وهم غالبية المجتمع الكردستاني ) ، حتى بعد الزيادات الاخيرة في الرواتب ، لايستطيع ان يقفز من طبقتهِ الدُنيا او المتوسطة الى الطبقة العليا او الغنية ،" طبعاً عدا بعض الدرجات الخاصة كالوزراء او النواب والقادة الكبار " . علماً ان تقسيم المجتمع الى طبقات ( مُحَّددة الملامح ) لاينطبق كثيراً على المجتمع الكردستاني وذلك لعدم توفر الشروط لخضوع الاقتصاد والمال والسوق الى مقاييس علمية او مواصفات قابلة للتصنيف . حيث تجد ان شخصاً ما لا يملك اي مؤهلات علمية او تجربة سابقة بارزة او تأريخاً لامعاً او إنجازاً مُشّرفاً يُفيد المجتمع ، ليسَ نادراً ان تجد مثل هذا الشخص الذي كان قبل بضع سنين لا يملك شيئاً يُذكر ، قد أصبح يملك ملايين عديدة من الدولارات في غفلةٍ من الزمن !. فتراه يبني قصراً على تلٍ مرتفع ، او حتى يشتري عمارةً سكنية كاملة ذو 32 شقة " بعد ان إنتشرت المجمعات السكنية الاستثمارية " ، ويؤجر هذه الشقق ليحصل على واردٍ فوري يتجاوز العشرة آلاف دولار شهرياً ، او يستثمر في الاردن او تركيا او في اي مكان يدُّر عليه ربحاً سريعاً .
- في العشرة سنوات الاخيرة ، إتسَعَ الفارق بين الاغنياء والفقراء ، وزادتْ الهوة بين الاثرياء والمعدمين ، فلقد إزداد الاغنياء غنىً وإزداد الفقراء فقراً . وذلك مؤشر واضح على وجودِ خللٍ في النظام الاقتصادي الاجتماعي . من الضروري ان تُفكِر الادارة الكردستانية بصورةٍ جدية في رأب الصدع الحاصل ، من خلال إيجاد آليات تَحُّد من تراكم الثروة في أيادي قلةٍ من الناس في مُقابل تَرّدي أوضاع الغالبية . من الضروري تَوّفُر فُرص متكافئة للجميع ، حيث ان معظم اصحاب الثراء الفاحش عندنا ، اصبحوا كذلك عن طرق لا تتسم بالكثير من الشرعية . ومن مظاهر الخلل الاخرى ، وبالرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة ، لكني أعتقد ان 95% من اموال الاثرياء التي يتم تداولها في الاقليم ، تكون من خلال استيراد السلع الاستهلاكية وبناء العمارات السكنية والمضاربات في الاراضي والعقارات ، اي انها غير مستَغَلة في مشاريع إنتاجية صناعية او زراعية تُقلل من الاعتماد على الاستيراد وتمتص جزءاً من البطالة .
- مثالٌ بسيط ومُتاح للجميع : لو أحصيتَ نسبة المواد الغذائية " المستوردة " في وجبة الفطور التي تتناولها صباحاً لإكتشفتَ مدى هشاشة الواقع الذي نعيش فيه . حتى في القرى الجبلية والمناطق الريفية والتي كانت قبل عشرين عاماً تعيش في شُبه إكتفاء ذاتي ، فتزرع الحنطة والشعير والرز والبرغل وتُربي الماشية والدواجن والنحل ، تراها اليوم كّفتْ عن " وجع الراس " هذا ، والتعب والاجهاد ، وبدلاً من ذلك تتوجه الى اقرب مركز للتسوق من اجل ال " شوبنك " السهل والجاهز ... في دولةٍ مثل كوريا الجنوبية نفوسها اكثر من 45 مليون ومساحتها قريبة من مساحة اقليم كردستان معظم تضاريسها جبلية ، الشعب الكوري من أكثر الشعوب استهلاكاً للرز ، ويزرعون وينتجون ما يكفيهم ولا يستوردون كيلوغراماً واحداً ... . صديقٌ لي ذهب قبل فترة في دورةٍ تدريبية الى كوريا الجنوبية وتجّوَل في كل انحاءها ، يقول بانه لم يرى حتى في القرى النائية شارعاً غير مُبّلَط ، او بقعةُ غير مُستَغَلة سؤاء في مشروع صناعي او زراعي .... ماذا يستفيد شعبنا من مئات الملايين من الدولارات التي يملكها أثرياءنا ؟ إذا لم يساهموا في تطوير فعلي للبلد وإقامة مشاريع تُخرجنا تدريجياً من دائرة الإعتماد الكلي على تركيا وايران وعشرات دول العالم الاخرى ؟



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعثيون يخافون من التعداد السكاني العام
- اُم كلثوم وتشكيل الحكومة العراقية !
- حاجتنا الى ثورة في التربية والتعليم
- مليارات الدولارات - الفائضة - في العراق
- إستفتاء تركيا وإستفتاء جنوب السودان ..وكُرد العراق
- تعويضات عراقية لمواطنين أمريكيين !
- تحديد يوم العيد والسياسيين العراقيين
- ألقَس بن لادن والشيخ تيري جونز !
- ألقاب ودَلالات !
- هل تعرف أمثال هؤلاء ؟
- متى سيقوم مجلس محافظة دهوك بدورهِ ؟
- تَحيا العَدالة !
- - إنتهاء مفعول - أحمد الجلبي !
- حكومة الكترونية أم بشَرِية ؟
- هذا الرَجُل !
- جوانب شوارعنا السياحية مزابل ومكبات للنفايات !
- أللهمَ اقتل مؤسس حزب شاس الاسرائيلي !
- مقطعٌ من اللوحة السياسية العراقية
- رمضانٌ - مبارك - وعيدٌ - سعيد -
- الانتخابات الاسترالية و انتخاباتنا


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - أثرياءنا ... وتطوير البلد