أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تقي الوزان - الدوامة العراقية والحمل الكاذب














المزيد.....

الدوامة العراقية والحمل الكاذب


تقي الوزان

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثلما تم التعويل من بعض الأخوة على الاحتجاجات والمظاهرات التي رافقت بداية الصيف للمطالبة بزيادة ساعات الكهرباء , وبعد تلبية الطلب لأسبوع واحد فقط , رجع القطع , وازداد الحر أيضا , ولكن لم ترجع المظاهرات أو الاحتجاجات . وقبل يومين خرجت مظاهرة من الوجهاء والأعيان مع بعض المتظاهرين في مدينة الصدر , تطالب السياسيين وقادة الكتل بإنجاز تشكيل الحكومة فورا . وظهر الناطقين الرسميين لهذه الكتل - وليس غيرها – فرحين , ويستبشرون خيرا بالطاقة الجبارة لهذه المظاهرة , وان الشعب العراقي بدء يضغط على السياسيين لتشكيل الحكومة قبل اجتماع مجلس الأمن بعد يومين لمناقشة وضعية العراق التي باتت لا تعرف أين تتجه , وقياداته السياسية أشبه بالقرقوز الذي يخلق حركاته الحاوي الأمريكي و الإيراني ومن هو خارج المسرح , هذا الحاوي الذي وجد في التطلعات الشخصية لهذه القيادات الخيط الذي يحرك فيه مهزلة المسرحية .

مظاهرات الكهرباء , ومظاهرة الضغط لتشكيل الحكومة , ماهية إلا مظاهر للحمل الكاذب , ومن التبسيط أن يستمر التعويل عليها للنهوض بالقدرات الوطنية , وتشكيل الوعي السياسي الجمعي , الذي يعرف الطريق لمصلحته المشتركة. ورغم أهمية هذه الاحتجاجات , إلا أن الانسياق وراء ( كذب الحمل ) سيدفعنا لعدم ألامساك بالأسباب الحقيقية التي تقف وراء كارثة العراق الحالية . ان دفع العراقيين للتشبث بهوياتهم الفرعية – المذهبية والقومية والعشائرية – هو الذي تم التوافق ( الوطني ) عليه , من قبل قيادات القوائم الكبيرة . وبعد خمسة اشهر من المناحات الوطنية , والجميع يدعي بضرورة التوافق الوطني , وبعد ان استنفذت كل وسائل الخداع والكذب , اشهر سلاح الطائفية علنا , ومن قائمة دولة ( القانون ) قبل غيرها , وكانت آخر حججها ان رئيس الوزراء يجب ان يكون شيعيا , وهذا ليس واردا في الدستور , او في أي قانون آخر .

الذي يزيد الطين بلة , ان هذا ليس مطلب حزب " الدعوة " فقط , والذي أكل رأس العراقيين بدولة "القانون", بل جميع التنظيمات الشيعية . وتستقوي هذه الاحزاب باليقينية التي زرعتها في نفوس جماهير الشيعة بكون هذا المنصب هو " طابو " للشيعة , على نفس الطريقة الفاشية التي زرعها صدام بأن كل عراقي بعثي وان لم ينتمي , وان فقدان هذا المنصب سيحرم الشيعة من حقوقهم , وكأن الجماهير الشيعية هي ليست أكثر الجماهير العراقية محرومة من كل متطلبات الحياة الآدمية , ونتيجة الصراع الضاري بين الأطراف السياسية الشيعية ذاتها . ومثلما أخر الجعفري سير العملية السياسية في الانتخابات الأولى لثلاثة اشهر , وأزيح بقرار ولي الأمر الأمريكي , فان المالكي يعيد ذات التجربة , وقد تكون ولادة الحكومة الجديدة بعملية قيصرية .

ان علاوي وبطانته ليس أفضل من المالكي وباقي قيادات الأحزاب الشيعية , ولكن كان من المؤمل ان يتم احترام المشاركة الجماهيرية الكبيرة في الانتخابات , ويجري التوافق على الأقل سوءا من بين هذه القيادات , وتكليفه بتشكيل الحكومة . ولكن يبدو لا توجد الإمكانية لتحديد من هو الأقل سوءا , فالجميع في خانة واحدة .

المشكلة لا تكمن في ذات الأشخاص فقط , ولكن هذه القيادات هي نتيجة الدوامة التي وضع فيها العراق , وكان من الممكن أن يتم النهوض بالعملية السياسية بعد سبع سنوات من إنهاء الحكم الفاشي , لو تيسرت بعض مستلزمات الوحدة الوطنية , ولكن الذي حدث العكس تماما . فقد جرى تفتيت الدولة العراقية , وحلت المؤسسات الوطنية الجامعة , مثل الجيش , وقوات الأمن الداخلي , وجرى تشكيل البديل على أسس طائفية وقومية , وجرى تعميم استحقاق الفيدرالية الكردية على عموم العراق , في الوقت الذي لا تعرف فيه أكثر القيادات السياسية للأحزاب الإسلامية معنى الفيدرالية . وبعد إقرارها, جرى استغلالها بشكل إقطاعي مشوه , في فاصلة تاريخية تفتقد الشعور بالمصلحة الوطنية, أمام الانتماء للهويات الفرعية التي دعمت بصياغة مواد الدستور وفقا لاحتياجاتها .

والمعضلة الأكبر هو تهشيم بقايا الدورة الاقتصادية, التي استمرت بعض هياكلها عند إزاحة النظام السابق. وتحولت هذه الدورة التي هي العمود الفقري لهيكلة وتنظيم حياة أي مجتمع في العالم , إلى مرتزقة كبار من القيادات السياسية وأتباعهم , يتقاسمون واردات الدولة الريعية من النفط , عن طريق العقود والسمسرة والمقاولات والرواتب الضخمة , وشراء ذمم البسطاء من مؤيديهم عن طريق التعيين في الوظائف الحكومية , وإكراميات الشهداء, والسجناء (السياسيين) . وتركوا أغلبية الشعب في دوامة البحث عن الغذاء والأمن والكهرباء وإنجاز المعاملات ... , دون أن تتمكن هذه الجماهير من تحديد الأسباب الحقيقية لبؤسها , حيث لا توجد دورة اقتصادية يحدد على ضوئها بين استحقاقات توزيع الدخل, وبين من يسرق خيرات البلاد , وليس خيرات إنتاجهم. لان الشعب لا ينتج , وفرضت عليه البطالة الدائمة , وما يأتيه يصرف عليه كجزء بسيط من واردات النفط , على شكل بطاقة تموينية او رواتب بائسة للموظفين والمتقاعدين. وهذا يجرد هذه الجماهير من القوة الحقيقية للنهوض والمطالبة بحقوقها, بعد ان تركز في وعيهم ان ما يحصلون عليه هو هبة من هذه الحكومة أو تلك .

أرى ان البحث في استراتيجية بعيدة المدى, تعتمد بناء أسس متينة للنهوض بإمكانيات الجماهير , أجدى من التعويل للحصول على مقعد أو مقعدين رغم أهميتها في هذه المرحلة . ومن اللاجدوى أيضا التعويل على وهم إعادة الانتخابات, أو ترك الأمور لمجاريها بعد خسارة الانتخابات من قبل القوى الديمقراطية واليسارية , وتعليق الأمل للنهوض بالمشروع الوطني على مبادرة الجماهير المنهكة فقط , والتي أخذت لاتفرق من يدافع عن حقها وبين من يستغلها.



#تقي_الوزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاج بابنَّكَ ونقاء الضمير المهني
- حكمت حكيم والألوان الباهرة للراية الوطنية
- ابو شروق وتداعيات الزمن المنكوب
- حكاية أنصارية
- لكي يكون الواقع هدفنا
- تسمية الاشياء بأسمائها ضرورة لابد منها
- اليسار بين التهويم والنحت في الصخر
- الاحزاب ليست جمعيات استهلاكية
- بين بشتاشان ودموية النظام
- الحزب الشيوعي والهموم النقدية
- الحزب الشيوعي ليس قبيلة ماركسية
- لكي لانبرر الخسارة, او الانسياق وراء جلد الذات
- بين زمنين
- الشيوعيون وفرح اعلان قائمتهم
- من الذي يؤمن بالدستور والعراق الفيدرالي ؟
- الضياع في كسب السلطة
- علي خليفة والاستعارة من التاريخ
- بين الواقع والكلام
- حسين عبد المهدي والتوحد مع الضمير
- استعدادات مبكرة للأنتخابات


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تقي الوزان - الدوامة العراقية والحمل الكاذب