|
جاهلية الإسلام أم جاهلية العرب ؟
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 09:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من أقاصي الجزيرة العربية ، انطلقت رسالة الدعوة إلى الدين السماوي الجديد ( الإسلام) بالسيف تارة ، وبالحجة والبرهان تارة أخرى ، ولو أن السيف غلب الحجة ، نظراً لصلادة منطق عرب الجاهلية ، وشدة بأسهم وتفكيرهم . ومن أواسط الشام ، حملت رسالة التبشير بالمسيحية إلى شتى أصقاع المعمورة ، تلك البقعة الجغرافية التي كانت موطن النبوة ومهدها على مر التاريخ ، وما بين المسيحية والإسلام ، كانت اليهودية حاضرة دوماً ، ومحافظة على طقوسها ، دون أن تعير بالاً لنشر رسالتها الدينية بين صفوف من هم ليسوا على شريعتها من الشعوب والأقوام الأخرى . ما ساعد المسيحية على الانتشار عالمياً ، من غير أن تكلف مبشريها أبهظ الأثمان ، أنها انطلقت رسالتها الأولى من سورية قلب الشام ، بما تعنيه تلك البقعة من تسامح ونزوع عفوي نحو التعايش والتجانس ، ونصرة المظلوم على الظالم ، والذي تجسد في مشهد الصراع المرير بين قيم المسيح وتعاليمه وبين الرومان . وما أن صمدت تلك القيم والتعاليم ، حتى وجد الرومان أنفسهم ، كأعتى قوة على وجه الأرض ، قبل ألفي عام ، من أشد مناصريها ، بل ومن أشد معتنقيها ، وهو ما ساهم في انتشارها ( المسيحية) داخل مجتمعات الرومان وحواضرهم في عوالم الغرب ، وانتشارها تالياً إلى العوالم الأخرى ، حيثما وطأت أقدامهم . فالانتقال السلس للمسيحية ، واجهه انتقال صعب ومعقد للإسلام ، فالأرض هنا ( مكة ) بطبيعة شعبها ، وعاداتهم القبلية ، ونزعة العصبية لديهم ، نحو تقديس العرق ، وتمجيد القوم على ما سواه من مقدسات أخرى ، عسر من مهمة ولادة الإسلام ، ولادة طبيعية ، حيث كانت الولادة الأولى ، غير طبيعية ( قيصرية ) استخدم فيها المسلمون سلاحهم الأمضى ( السيف ) لإخراج ما يعتقدون أنها رواسب الجاهلية والظلام من رؤوس أبناء القبائل ، مثلما يستخدم الطبيب المبضع لإخراج المولد في حال تعسر الولادة . وإذا ما كانت الولادة الأولى ( عزوة بدر ) استدعت عملاً جراحياً ، فإن الولادات التالية ( الغزوات ) لن تتم أيضاً ، إلا بعمليات جراحية مماثلة ، وهو ما حصل في كل الغزوات اللاحقة ، التي لم تتوقف إلا عندما انثلم السيف وحامله . ولعل حروب الردة التي شهدت ارتداد بعض القبائل العربية عن الدين الجديد ، كافية للتدليل على عدم اعتقادهم بفحوى تعاليم الإسلام ، التي اعتنقوها عن غير قناعة وعلى حساب التخلي عن مكتسبات جاهليتهم ، تحت طائلة دفع الجزية أو تحت تهديد السيف . وعندما وصل الإسلام في أوج قوته ، إلى وطن المسيحية الأول ( دمشق ) انبهر بالعمران وبتحصين القلاع وأسوارها التي حالت دون دخوله بعد حصار طويل ، ووقف مشدوهاً بعيون المسلمين ( عرب الجاهلية ) أمام عظمة الصناعات اليدوية ( الذهب ، الزجاج ، الخزف .. الخ ) التي يندر وجودها في البلاد الأخرى ، بما فيها بلاد فارس التي دخلها قبل الشام ، فما أن استقر الإسلام في وطن المسيحية ( الشام ) بعد صراع محتدم مع الروم ، حتى غربت تلك الصناعات والأيدي الماهرة التي أبدعتها إلى عوالم أخرى ، ولم يبقَ أمام المسلمين من آثار سوى القلاع والأسواق والكنائس التي تحول بعضها إلى مساجد ، كالمسجد الأموي . وبالرغم من خلافة المسلمين لبلاد الشام ، وتأسيسهم الدولة الأموية ، التي جسدت بدايات نشوء السلطة السياسية ، إلا أن الانتكاسة الأولى التي عرفتها تلك البلاد ، تمثلت في تدشين واليها معاوية بن أبي سفيان لعهد الوراثة السياسية ، ونقله السلطة السياسية والدينية لنجله يزيد ، فضلاً عن افتتاح عهد الحروب والنزاعات الداخلية بين حكام الشام والعراق ومصر والجزيرة العربية . وما كانت لتلك الحروب والنزاعات أن تدب ، لولا رغبة حكام المسلمين ( عرب الجاهلية ) الطامحين لنيل شرف الزعامة السياسية والدينية ، بما تنطوي عليه من إمامة جامعة لكل البلاد والعباد ، وهي صراعات مزقت الدول والشعوب نفسها ، وأعادتها عهوداً إلى ما قبل الجاهلية . فمن هو المسئول عن تقهقر المجتمعات الشرقية بالنظر إلى تقدم المجتمعات الغربية ، أليس الإسلام بصراعاته وحروبه الداخلية ، وحده المسئول عن هذا التأخر ، أم أن المسئولية تقع على عاتق عرب الجاهلية ( المسلمون الأوائل ) الذين ظلت نظرتهم مشدودة إلى القبيلة ولم تتعدَ حدودها ، ولا حدود الدول التي ورثوها وأورثوها ما يحملونه في ذاتهم من طبائع وعادات تلك الجاهلية ؟.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية ليست نقداً للدين
-
لماذا يبدع العرب في إسرائيل ؟
-
أحقاً اهتزت صورة إسرائيل ؟
-
الطائفية في سوريا : رؤية من الداخل
-
الإسلامافيا
-
العلاقات الكوردية المصرية : آفاق المستقبل
-
في تأمل طائفية النظام السوري ونقدها
-
نقائض الطائفية في سوريا
-
وقفة مع طائفية النظام السوري
-
طائفية (الوطني) ووطنية (الطائفي) في سوريا
-
علاج الطائفية حاضراً ومستقبلاً
-
تاريخ الطائفية في سوريا
-
هل الطائفة العلوية آثمة ؟
-
الطائفية السورية كتاريخ سياسي لا مذهبي
-
حوار ثائر الناشف مع قناة النيل حول تنظيم القاعدة في اليمن
-
طائفية السلطة أم سلطة الطائفة في سوريا ؟
-
طائفية السلطة ومدنية المجتمع في سوريا
-
مكتسبات الطائفية في سوريا
-
طائفية الطائفة في سوريا
-
سوريا بين الطائفية السياسية والمذهبية
المزيد.....
-
الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
-
شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية
...
-
أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
-
آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ
...
-
-الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي
...
-
صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته
...
-
سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا
...
-
بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر
...
-
صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|