أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - لسان النار














المزيد.....

لسان النار


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2178 - 2008 / 2 / 1 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


صحت فاطمة من النوم مفزوعة , والدم الساخن يتدفق لزجا بين اكتناز وبضاضة فخذيها .
وكانت الحجرة معتمة .
بحذر انسلخت من بين الأخوة المبعثرين حولها , ورجت جسم أمها المفرطح رجا قويا , وقالت :
" أمه , أنت يا أمه , الله , ما تصح يا وليه " حينذاك كانت سيارة دفن الموتى, وسط طابور من السيارات , تدخل القرية بجثة الحاج مندور .
صرخت فاطمة , ولطمت خديها , ورددت مع النسوة أغنيات الموت : رأفت ورث البيت والغيط والفرن , وغدا يأتي , يحملني وسط الطبول والزغاريد والدفوف إلي البيت العالي في مصر , الله يرحمك يا عمي ويبشبش الطوبة تحت راسك .


- 2-
تلقت فاطمة لحم الضحية من البيت العالي في مصر, أشعلت نار الكانون , تحت المياه إلي أن غلت , مضت بها إلي القاعة , أغلقت الباب وراءها, ودعكت كفيها بالجلسرين من الزجاجة التي تخفيها في صندوق أشيائها الصغير , غسلت أسنانها بالحمرة , وتأملت حبات المياه علي جسدها الذي حكته بالليفة والصابون والحجر , ارتدت ملابس العيد الجديدة والملونة , قرصت خديها , ورمت شعرها ضفيرتين خلف ظهرها, وسارت إلي مدافن القرية.
وهناك وقفت ,دون نسوان العائلة , تحت شجرة عجوز , تتأمله خلف شواهد القبور, يرشف الشاي , يدخن الجوزة , ويتجاذب أطراف الحديث مع الرجال فوق الحصير , يوزع الرحمة والصدقة : الفطائر والتمر والقروش , علي الشيوخ - الذين يتناوبون تلاوة القرآن – وأولاد القبور , إلي أن امتطي سيارته , وغاب خلف سحابة من
غبار الطريق

- 3 -
في الصباح تخرج فاطمة , تلف البلاد والقرى والكفور , تحاصرها ألف عين من اليمين وألف عين من الشمال , ترش الطوب بالمياه , تضرب الرمل بالأسمنت والزلط , تصعد السقالات , وهي تحمل قوالب الطوب فوق كتفيها .
وعندما تتوارى الشمس, ويعلو صوت المؤذن من جامع البكري , لصلاة المغرب , تعود : ترمي ورقة المعسل في حجر أبيها , تدس القروش في حجر أمها , تأكل , تشرب , تتجشأ , وتنام .
والليلة لا تدري فاطمة لم استيقظت علي صوت أبيها يقول لأمها : .....................
- عليك بالأحجبة والتعاويذ .
هكذا قالت أم إسماعيل عرافة القرية .
فدخلت فاطمة بناءا مالت جدرانه وتشققت , وفضت الورقة المطوية التي سحبتها من صدرها , تنهدت ودارت تضئ وتثبت الشموع حول مقام الشيخ درويش .

-4-
أطلت من الباب الخشبي الموارب , تمسح الطريق التي خوت من المارة بعد صلاة العشاء , رشقت الكلب الأسود الكبير , المقعي أمام الدار , بنظرة مستفزة , وذهبت لفت يديها حافة سور طيني , وهي تضغط صدرها ضغطا رفيقا , وتتلفت , تنظر الطريق و قتامة الليل , لمت ثوبها بين فخذيها , ونطت , ركبت السور تؤرجح ساقيها في انسجام ودفء ولذة راجفة .




#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غروب - قصة قصيرة -
- فرح - قصة قصيرة -
- القوس -قصة قصيرة -
- سفر - قصة قصيرة -
- النخلة - قصة قصيرة -
- العائلة - قصة قصيرة -
- لهو
- أفخاخ - نصوص -
- فالس - قصة قصيرة -
- النهار الذي غاب
- جلسة ليست عائلية - قصة قصيرة -
- الحدود - قصة قصيرة -
- بيضة الصباح و المساء - قصة قصيرة -
- الغائب - قصة قصيرة -
- عرس
- اللعبة (قصة قصيرة)
- الشاويش والدرويش1
- ليل
- ثقافة الحرمان بين الكاب و العمامة
- إيران في مرمي نيران العولمة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - لسان النار