إبراهيم الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 2169 - 2008 / 1 / 23 - 09:29
المحور:
الادب والفن
عند جامع البكري , الذي يقع علي أطراف القرية , في الوقت بين المغرب
والعشاء , كان الأولاد – الصبيان والبنات – يلعبون ألعاب الليل لا النهار , يثيرون التراب والغبار خلف أقدامهم , وهم يركضون هنا وهناك , يختبئون فرادي في الغيطان – وسط كثافة الظلمة ونقنقة الضفادع وهسيس المزارع – وخلف أسوار الدور الكبيرة , التي يقطنها كبار القوم وأسياد القرية .
نهضت سعدية من مرقدها , ذهبت إلي دورة المياه , تأملت جسدها الذي جف وتيبس , وكاد يتشقق , لمحت طيف حمدان الغائب في بلاد الناس البعيدة , وكانت تشعر بالبرد والقشعريرة .
قالت سعدية لنفسها :
يا رب يا واهب الأرزاق , رجع لي جوزي الغايب في بلاد الناس البعيدة .
بالت ثم اغتسلت , وعادت إلي مرقدها مرة أخري , وكانت لا تزال تشعر بالبرد والقشعريرة .
تسلل الولد زكريا , اقترب من البنت عفاف , لف ذراعيه حول خصرها , خلف سور جنينه الحاج متولي عبد الحق , همس في أذنها بكلمات قليلة , انطلقا بعدها إلي كوخ مهجور , في قراريط حمدان بن عبد الرحيم التي بارت وتشققت .
شق ضوء السيارة – المحملة بالشنط والكراتين – جدار الظلمة السميك .
سمعت سعدية , وهي في مرقدها , طرقات سريعة ومتلاحقة , فنهضت , فتحت المزلاج , وهي تتثاءب .
تأملت وجه الغريب الذي قال , خافضا رأسه : لقد سقط حمدان هناك تحت البلد وزر .
وقال : وكانت تلك حقائبه وأوراقه .
وناولها رزمة من الأوراق المالية ..
وغاب .
#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟