أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - فالس - قصة قصيرة -














المزيد.....

فالس - قصة قصيرة -


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 11:13
المحور: الادب والفن
    


تحليل دم , تحليل بول , تحليل براز , وظائف كبد , وظائف كلى , رائحة اليود , جدران بيضاء , أسرة بيضاء , ملابس بيضاء , ممرضات , حكيمات , أطباء , أشعة بيضاء وسوداء, أشعة بالصبغة , أشعة مقطعية , حقن , أقراص, مراهم , مساحيق , مطهرات.
فجأة أتاه بنعومة ورقة كخيوط العنكبوت , تسلل إليه , حاصره, تمكن منه , تجسد تحت جلده , يتغذى من دمائه وأحشائه , لقد رآه , شم رائحته , يحس دبيبه في أوصاله , ليس مخيفا كما كان يظن , هو أدنى إليه من ملامحه وأنفاسه وأوردته , يسكن – هنا – في القلب , يطل من العينين : وداعة وسكونا ورضا , سيلازمه في صحوه ونومه وقيامه وقعوده , لن يفارقه مهما راح أو جاء سيأخذه عنوة , في رحلة غامضة بلا عودة , ليس له اختيار, هو المصير, عليك من الآن أن تتأهب , ستغادر وفاء , نجيب , سميرة من يكون لهم من بعدى ؟ من يمنع عنهم ذل اليتم وذل الحاجة ؟ وفاء بمفردها هل تقوى وتمكنهما من الشموخ والاعتداد بالنفس ؟ ستحرم من لقاء نجيب بعد عودته من المدرسة , معفرا متربا , يلقى الحقيبة من كتفه , يشب على أطراف قدميه , ليقبلك , ومن ثأثـأة سميرة , وركوبها ظهرك كالجمل , ومن وفاء تدخلك في أحشائها .
سترحل ..
إلى أيـن ؟
لا مجيب .
بين الشهيق والشهيق يأتي , بين الهمسة والهمسة يأتي , بين النظرة والنظرة يأتي , يزحف كالليل , ينهض كالطود , يجثم كالجبل , ينقض كالنسور , عمى فهيم لم يكمل نكته , كان يلقيها على مسامعنا , في أمسية صيفية , شخر شخرة كبيرة , ومات.
سرطان في الكبد , هكذا قال الطبيب , و لا مفر , كن شجاعا ونبيلا لا تبك يا زاهر , اغتسل من عشق الدنيا , لا تئن , لا تضجر, لا تتمدد هكذا تتوجع , اذهب إليه , كن شفافا كضوء الضحى , رقيقا كوردة في الصباح ,املك بيدك الرحيل , كن نسمة سحابة , هو قادم لا محالة , ماكر مخادع قاس غليظ القلب , لن تجدي هذه الأشعة والتحاليل , لن تجدي تلك الأدوية والعقاقير.
وفر دوائك يا طبيب.. جدي لأمي أصابه في المثانة , فجز الأطباء خصيتيه , وظل صراخه- بضعة أيام- يهز قلوب ألد أعـدائه , وأبى تمكن من رئتيه, قوسه قرفصه نحل بدنه ثم مات, إما خالتي إنصاف : قطعوا بزها الأيمن مرة , قطعوا بزها الأيسر مرة , بتروا ذراعها اليسرى مرة , وساقها اليمنى مرة , استأصلوا رحمها مرة , فصارت- خلال بضعة شهور- مسخا مشوها , وماتت.
غراب أسود , بومة , حداية , هل تنتظر نفس المصير؟ هل تحتمل الشفقة في عيون الآخرين ؟ وحدك تموت , وحدك تمضى , سوف تتعفن وتدود ويأكلك التراب يا زاهر, أين الشمس و القمر و النجوم ؟ أين النهار؟ أين الهواء؟ أين البشر؟
جثث جماجم هياكل عظمية , قبور وعـدم , الموسيقى تغادر أوتارها والألوان لوحاتها , والأسماك تهجر بحارها وأنهارها , كل الزهور والورود والفراشات فارقتك , تقدم يـا زاهر, لا تجبن سر إليه : مرفوع القامة والجبين , هي لحظة , وينتهي كل شيء , ستصرعه وتسخر منه , سوف تتخلص من سجن البدن وآلامه التي تزحف عليك.
أوصيك يا وفاء.. أوصيكم يا أهل يا أصحاب بنجيب وسميرة ,إما بدني فهو لكم , احفظوه قطع غيار في ثلاجة ,أو احرقوه وانثروا رماده مع الهواء والريح .. لكنى.. أرجوكم لا تقبروه.
في الصباح: تحلق الأطباء , الممرضات , رجال الشرطة في الغرفـة405 , يتأملون جثة زاهر, معلقة في مشنقة , ولسانه يتدلى بطول الأرض.



#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهار الذي غاب
- جلسة ليست عائلية - قصة قصيرة -
- الحدود - قصة قصيرة -
- بيضة الصباح و المساء - قصة قصيرة -
- الغائب - قصة قصيرة -
- عرس
- اللعبة (قصة قصيرة)
- الشاويش والدرويش1
- ليل
- ثقافة الحرمان بين الكاب و العمامة
- إيران في مرمي نيران العولمة


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - فالس - قصة قصيرة -