أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - اللعبة (قصة قصيرة)














المزيد.....

اللعبة (قصة قصيرة)


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2155 - 2008 / 1 / 9 - 06:37
المحور: الادب والفن
    



- قتلتها .. قتلتها .
عاريا يصيح " السماك " من فوق سور البلكونة, وسكين كبيرفي يده يقطر دما.
وقفت " بهتيم " على شعر رأسها , حين تردد الخبر.
- الزفر تزوج عزيزة.
وركضت على ألسنتها, إلى دكان" السماك" تسأل أم "محمد" زوجته القديمة صحة الخبر, وزحفت"بهتيم" على عيونها إلى ما وراء الشرفة والنوافذ والجدران, وقد أطلقت أخيلتها, تعرى "عزيزة" و السماك غارق في التقبيل والمضاجعة .
- الزفر صاد حورية البلد؟!
- هل تطيق رائحته ؟
- جنية و مخاوية .
عندما عثر أهالي "بهتيم" على جثة " محمود الحداد " طافية فوق مياه المصرف ونفايات البشر, استقبلت "عزيزة" النبأ بهدوء وبرود شديدين , وقامت , ارتدت ثياب الحداد , وقالت :
- خلف الوعـد .
أطلقت الشرطة المخبرين وراءها, بضعة أيام, ثم جاءت بالكلب" هول" يهز ذيله, و يتشمم الرجال والنساء, الذين اصطفوا أمام مقهى" حسن سلامه", وفجأة توقف الكلب, وشب على " عزيزة" يجرها من ثيابها وهو ينبح . وفى المحكمة أشار وكيا النيابة بسباته, وقال:
- لن تفلت هذه المرة من القصاص.
ردت"عزيزة" من داخل القفص:
- خل الكلب يحلف اليمين يا حضرة القاضي.
هجر"السماك" البحر والشبكة والقارب, وأحالت زوجته القديمة محل السمك إلى محل لبيع الفول و الفلافل .
مر يوم وراء يوم, تسعون يوما والنوافذ مغلقة, والشرفة مغلقة, وباب الشقة لا يفتح, بل يوارب, ويتلقى"السماك" من " أم محمد" الطعام والدخان والفاكهة وزجاجات البيرة وفص الأفيون, ويستدير, يدير مؤشر الراديو , تغنى كوكب الشرق, ويقبل على"عزيزة" التي تطول وتقصر وتسمن وتنحف وتخشن وتنعم وتتلون سمراء وبيضاء وشقراء, إلى أن هل عصر اليوم الواحد والتسعين, بجلباب أبيض نظيف, وذقن ناعمة وشعر حليق , يتجشأ ويتمطى ويسير بخطوات ثابتة تجاه الدكان المواجه للبيت.
خرجت "أم محمد " من وراء طاسة الطعمية , وقالت:
- آن الأوان تزور بيتنا يا زفـر.
هوى" السماك بكفه على وجهها , وقال: هكذا حالك إن أردت أبق, وإن أردت خذي أولادك وارحلي, فأرض الله واسعة.
لم يكن يمر أسبوع إلا و تستلقي "بهتيم" على قفاها من الضحك, حين ترمى"السماك" بأي شيء يقع في يدها: شبشب, حذاء, وابور جاز, وهى تطارده, وتسب وتلعن حظها الأسود, وهو يجرى أمامها, ويختبئ كفأر مذعور.
- قتلتها .. قتلتها .
عاريا لا يزال"السماك" يصيح من فوق سور البلكونة, وسكين كبير في يده, يقطر دما, والنهار يشقشق, و"بهتيم" تتجمع , الشيوخ والشباب,الرجال والنساء, الصبيان والبنات,يتدافعون بالدراجات والسيارات والعربات الكارو وعلى الأقدام.
- هو يقدر عليها ؟
- كان غيره أشطر .
- الولية لحست مخه .
- كل من تزوجوها قتلوا.
- يجعل سره في أضعف خلقه.
هنا لا يعلم أحد كم مرة تزوجت ؟ ومن أين أتت" عزيزة" ؟ صعيدية أم بحراوية ؟ من القرى أم من بنات البندر , ساحلية أو صحراوية ؟ وعبد الواحد نفسه أكبر شيوخ" بهتيم" لا يعرف لها أبا ولا أما, لكنه يحلف , حين تأتيه نوبة اليقظة , برب السماء والعرش :
" لما فتحت عيني على الدنيا , كانت"عزيزة" شابة , كما هي الآن , تقيم "بهتيم" وتقعدها بحلاوتها التي تزيد يوما بعـد يوم, وجدي الكبير قال لي : أن أباه أحد ضحاياها , وصمت . منذ بضعة شهور, والدنيا في عز الليل , اندفع " حسن سلامه " زوجها الأخير – الذي يضرب الحائط برأسه فيثقبها – من باب بيته , والنار تشتعل في جسده, يجرى ويتلوى ويقفز , ويصرخ ويتمرغ في التراب.
وفى الصباح استيقظت "عزيزة " من النوم براحتها, ارتدت ثياب الحداد ,وقالت :
- لكل أجل كتاب .
- قتلتها.. قتلتها..
عاريا لا يزال "السماك" يصيح من فوق سور البلكونة, وسكين كبير في يده يقطر دما , و"بهتيم" لا تزال , في الضوء الرمادي, تتجمع , حتى المرضى والعميان والعرجان والمشلولون والبلهاء ومقطوعو الأطراف , و عبد الواحد نفسه كان قادما إلى هنا محمولا على كرسيه .
- عزيزة ماتت.
- قتلت يا حاج.
- يمهل ولا يهمل.
- من قتل يقتل .
- على يد الزفـر.
- أقل عيل في بهتيم كان يضربه على قفاه.
- السماك طيب وليس ضعيفا.
على الشط , في ساعة فجرية, والدنيا برد , خلع"السماك" جلبابه, وظل بالسروال والصد يرى المفتوح الصدر , وقال لنفسه :
" رزق العباد على الخلاق "
ثم ركب القارب, وقبض على المجدافين , يشق طريقه بين الموج, إلى أن غاب بعيدا عن الشط , سمع نداءا خافتا, لم يستطع تحديد مصدره, نهض.. يتلفت حواليه, وطرح الشبكة بكل عزمه.
من عند الأشجار والنخيل جاءت ؟ من الأعالي في السماوات هبطت ؟ من قاع البحر و اللؤلؤ والمرجان صعدت ؟ لا يدرى "السماك" إلا أن "عزيزة" ترقص الآن فوق الماء عارية,تتمايل مع الموجات بدرا مضيئا , وهى قادمة إليه , تفك ضفائرها, التي غطت البحر, وسارت به من بحر لبحر, ومن سماء لسماء,ومن أرض لأرض.
ظهر ذلك اليوم , عاد" السماك" رأسا إلى بيت"عزيزة" وألقى بصيده : البوري والبلطي والبياض تحت أقدامها.
- أنا عذراء لم يمسسني بشر.
- هذه هي الجنة.
- لكنى حامل وعليك أن تفسح الطريق للقادم .
- لن أخلف ليلة.
- وعـد الحر دين عليه.
- رقبتي سدادة.
- قتلتها.. قتلتها..
وسقط " السماك " من فوق سور البلكونة , فأطلت "عزيزة " من النافذة ترمق القادم هناك .



#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاويش والدرويش1
- ليل
- ثقافة الحرمان بين الكاب و العمامة
- إيران في مرمي نيران العولمة


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - اللعبة (قصة قصيرة)