إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي – ملحق 2 لكتاب - المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ - لبوب أفاكيان


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 7877 - 2024 / 2 / 4 - 11:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي – ملحق 2 لكتاب " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " لبوب أفاكيان
الماويّة : نظريّة و ممارسة

المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ( الجزء الثاني )
تأليف بوب أفاكيان
-------------------------------------------------------
( ملاحظة : الكتاب كاملا متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
مقدّمة الكتاب 46
المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ( الجزء الثاني )

فى ديسمبر 2015 ، ضمن العدد 22 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، قدّمنا الجزء الأوّل من كتاب بوب أفاكيان " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ، الذى إنطوى على فصول ثلاثة من أصل سبعة ، هي الفصول المتّصلة بالفلسفة و الإقتصاد السياسي و دكتاتورية البروليتاريا و أجّلنا تعريب بقيّة الكتاب و تركنا لغيرنا المبادرة بترجمة الفصول الباقية . و اليوم ، أساسا تفاعلا مع الإبادة الجماعية الصهيونيّة الإمبرياليّة في حقّ الشعب الفلسطيني و تعريفا لجوانب أخرى من الماويّة ، وجدنا نفسنا مُجبرين على إتمام العمل الذى شرعنا فيه منذ سنوات ، سيما و أنّ فصلين من الأربعة فصول ( 1+2+5+7 ) التي عرّبناها بهذه المناسبة تتعلّق بالخطّ العسكريّ و الحرب الثوريّة و بالثورة في المستعمرات و أشباه المستعمرات . و بما أنّ بوب أفاكيان أشار في خاتمة كتابه إلى مقالين هامّين خطّهما الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكيّة عن شو آن لاي و إستراتيجيا " العوالم الثلاثة "، كان لا بدّ من القيام بواجب ترجمتهما و تقديمها كملحق أوّل و ملحق ثاني لهذا الجزء الثاني من الكتاب 46 .
و كي لا نطيل عليكم و لا نكّرر ما أعربنا عنه في فرصة آنفة ، نقترح عليكم مجدّدا مقدّمة الجزء الأوّل التي صغناها منذ 2015 :
" لقد مثّل هذا الكتاب علامة مضيئة و فارقة فى تاريخ الماويّين ليس فى الولايات المتّحدة الأمريكية فحسب بل فى العالم بأسره إذ خوّل لقرّائه أن يستوعبوا جيّدا الماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ ( الماوية لاحقا ) و مساهمات ماو تسى تونغ العظيمة و الخالدة فى علم الشيوعية ما سلّحهم على أحسن وجه لمواجهة التحريفيّة الصينيّة و هجماتها ضد ماو تسى تونغ فى تلك السنوات و قبلها و بعدها و الردّ بسرعة وشموليّة و عمق على الدغمائيّة التحريفيّة الخوجيّة التى ستطلّ برأسها منذ أواخر 1978 و ستدحضهما الماوية و منذ 1979 .
و بطبيعة الحال ، الأفكار الواردة فى هذا الكتاب على أهمّيتها و صحّة غالبيّتها الساحقة فقد عاد إلى بعضها بوب أفاكيان وهو ينقّب فى التراث البروليتاري الثوري قصد إستخلاص الدروس الإيجابيّة منها و السلبيّة و إنجاز ما أفضل مستقبلا فعمّقها أو إستبعدها أو شدّد عليها ... و مثلا فى هذا الكتاب مع تسجيله لإختلافات حزبه مع ماو و الماويّين الصينيّين بشأن الوضع العالمي و طبيعة النضال الثوري فى البلدان الإمبريالية و علاقته بالدفاع عن الصين و مع دعوته فى الفصل الأخير لإنجاز بحث و تقييم شاملين لتجارب البروليتاريا العالميّة و تراثها ، لا يتعرّض أفاكيان للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بالنقد لتشخيص بعض الأخطاء الثانوية و لكن الجدّية و كشفها . هذا ما سيشرع فى القيام به فى السنوات التالية – إلى جانب قيادة خوض الصراع الطبقي محلّيا و عالميا على كافة الجبهات - ومنذ 1981 ضمن " كسب العالم ..." ، طفق يضع الأسس الأولى لعمليّة تقييم و فحص شاملين و عميقين للتجارب الإشتراكية و النضالات المتراكمة سيتواصلان لعقود و سيكونان من جملة أعمال و مؤلفات ستفرز تحوّلا نظريّا نوعيّا جزئيّا تجسّد فى " الخلاصة الجديدة للشيوعية " ، حسب أنصارها .
و تجدر الملاحظة أنّ آجيث الشهير بمعاداة الخلاصة الجديدة للشيوعية التى أطلق عليها " الأفاكيانيّة " فى مقاله " ضد الأفاكيانية " ، قد أقرّ بأهمّية الكتاب و دوره و نوّه فى ذات المقال بأنّ : " هذا الكتاب يقدّم عرضا شاملا حقّا لمساهمات ماو فى شتّى الحقول " . أمّا ليني وولف ، القيادي فى الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية و صاحب كتاب " مدخل إلى علم الثورة " و الذى قدّم تعريفا مركزّا للخلاصة الجديدة للشيوعية ( فى " ما هي الخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان ؟ " ؛ كتاب شادي الشماوي " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " بمكتبة الحوار المتمدّن ) فقد أعرب فى مقال آخر عنوانه " على الطريق الثوري مع رئيس الحزب بوب أفاكيان " صدر فى 28 ديسمبر 2003 بجريدة الحزب الأمريكي " العامل الثوري " عدد 1224 :
www.rwor.org
" أرى فعلا أنّ رئيس الحزب قد عمّق أكثر المساهمات الفلسفيّة لماو تسى تونغ خاصة فى شيء من الخلاصة الأرقى . و يعود ذلك إلى كون الكثير من أفكار ماو الفلسفيّة الأخيرة و الأكثر إستفزازا – كما سجّلتها مجموعات نصوص و خطب و تعليقات غير رسميّة متنوّعة بعد 1949 – و كذلك الإنعكاسات الفلسفيّة لبعض تحاليل ماو السياسيّة الرائدة و بعض ما نجم عن القفزة الكبرى إلى الأمام و الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى ( مثل الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكيّة ، و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و دور الوعي و البنية الفوقيّة ، و تجاوز الحقّ البرجوازي ، و دور الحزب فى ظلّ الإشتراكية إلخ ) - لم يقع تلخيصها أبدا فى كلّ منسجم إلى أن كتب بوب أفاكيان " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " . "
وعندما وجدنا بين أيدينا هذا الكتاب الذى صار متوفّرا على الأنترنت فى موقع الفكر الممنوع و رابطه :
http://www.bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/MaoTsetungImmortal-Avakian.pdf
كان لزاما علينا أن نطّلع علي مضامينه عن كثب و ندرسها بتمعّن و حين خلصنا من هذه المهمّة الأوّلية تنازعتنا حقيقة مشاعر متباينة فمن ناحية نظرا لقيمته و تلخيصه الجيّد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، و لكونه أرقى ما ألّف فى تلك السنوات ، نهاية السبعينات، لشرح الماركسية – اللينينية – الماوية والتشديد على مساهمات ماوتسى تونغ العظيمة و الخالدة، و لمواجهته وفضحه الجريئين و الصريحين للإنقلاب التحريفي فى الصين على أيدى دنك سياو بينغ و إعادة تركيز الرأسمالية هناك منذ 1976؛ إرتفعت داخلنا أصوات و شحنة حماس تحثّنا على الإشتغال عليه وترجمته برمّته ؛ و من ناحية ثانية ، وجدنا العقل و المشاريع الكثيرة الموضوعة أمامنا وهي تنتظر الإنجاز منذ مدّة طويلة أو قصيرة مقابل الوقت الضيق تدعونا جميعها إلى الهدوء و التفكير مليّا و برويّة . و دام الصراع أيّاما بل أسابيعا و حسم على النحو التالي : الإشتغال كلّما كانت هناك فسحة من الزمن على بعض الفصول المفيدة حاليّا للماويّات و الماويّين و المناضلات و المناضلين الثوريّين فى البلدان العربية و إرجاء العمل على الفصول الأخرى لوقت لاحق حسب متطلّبات الرفيقات و الرفاق و مجريات الأحداث موضوعيّا، دون أي إلتزام بالإنجاز فى غضون مدّة معيّنة .
و إنكببنا على الإشتغال بكلّ ما أوتينا من جهد لكن على فترات متقطّعة لتعريب ثلاث فصول من أصل سبعة ، هي الفصول المتّصلة بالفلسفة و الإقتصاد السياسي و دكتاتورية البروليتاريا بإعتبارها تتطرّق لمصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة و تبرز مساهمات ماوتسي تونغ فيها جميعا و بالطبع لا تخرج الفصول الأخرى عن هذا النطاق و لكنّها وفق تقييمنا ثانوية راهنا فى فهم غالبية الماويّين و الماويّات و المناضلين والمناضلات الثوريّين و تكوين أجيال من الشيوعيّين الثوريّين . و نعلم جيّدا أنّ الثانوي ماويّا لا يعنى عدم الأهمّية و إنّما يعنى أنّه لا يحتلّ الموقع الرئيسي فى الوقت الراهن و قد يصبح فى المستقبل القريب أو البعيد رئيسيّا أي قد تفرض علينا ضرورة ذاتيّة أو موضوعيّة التركيز عليه لاحقا . و الفصول المؤجّلة هي الفصل الأوّل – الثورة فى البلدان المستعمَرة ، و الفصل الثاني – الحرب الثوريّة و الخطّ العسكري، و الفصل الخامس – الثقافة و البناء الفوقي ، و الفصل السابع – ماو تسى تونغ أعظم ثوري فى زمننا .
و مع ذلك ، لا ينبغى لجهدنا الذى إنصبّ بالأساس على الثلاثة فصول المذكورة أعلاه و إمكانية تعريب الباقي جزئيّا أو كلّيا، أن يقفا حاجزا دون قيام رفاق و رفيقات آخرين بترجمة أيّ فصل يرون ضرورته ملحّة أو دون إبلاغنا مقترحاتهم المعلّلة فى الغرض .
و من نافل القول أن للرفيقات و الرفاق و المناضلات و المناضلين الثوريّين و الباحثين عن الحقيقة من المثقّفين و الجماهير الشعبيّة أن يستغلّوا أعمالنا بلا حدود و قيود – و لا نطالبهم بأكثر من ذكر المرجع – فى التكوين و الدراسة و البحث و النقد و الجدال و الصراع النظري و لهم كذلك أن ينقدوا أعمالنا و مضامينها و خياراتنا – دون شتائم رجاء فهذا لا يليق بالأخلاق الشيوعية - و يقترحوا ما يرونه صالحا لقطع أشواط أخرى و ترسيخ السابقة فى نشر النظرية الثورية ، فى إرتباط بمعارك الصراع الطبقي على كافة الجبهات بلا إستثناء قصد إنجاز المهمّة المركزيّة المرحليّة ألا وهي تأسيس فبناء الحزب الشيوعي الماوي الثوري كمحور للحركة الثوريّة و طليعتها و هدف برنامجه الأدني إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة و المضي بها إلى المرحلة التالية الإشتراكية كتيّار من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية ، وهدفه الأقصى و الأسمى الشيوعية عالميّا .
و بغية أن نزيد فى تأكيد البعد الراهن لهذا الكتاب بالنسبة للماويّين وصراع الخطّين فى صفوفهم خاصة و الخوض فى مسائل الجدلية و جوهر الماويّة و الثورة الثقافيّة و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و حرب الشعب و الحزب و الوعي الشيوعي و الجبهة المتّحدة إلخ ، راينا من الضروري أن نضيف ملحقا هو وثيقة للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية صدرت سنة 1986 [ و يترتّب علينا طبعا أن نتفطّن إلى أنّ بعض المحتويات تطوّرت أو تعمّقت أو تمّ تجاوزها لاحقا ] ضمن العدد السابع من مجلّة الحركة الأممية الثوريّة " عالم نربحه " تحت عنوان له دلالته ألا وهو " الثورة فى البلدان الإمبريالية تتطلّب الماركسية-اللينينيّة - فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] ". و للتعريف ببوب أفاكيان أرفقنا الملحق الأوّل بملحق ثاني يقدّم الكاتب و مؤلّفاته . وفى الملحق الثالث عرض لمضامين كتب المترجم شادي الشماوي المتوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن .
و كيما نعطي فكرة عامة أوّلية فى هذه المقدّمة عن مضامين كتاب أفاكيان برمّته " المساهمات الحالدة لماو تسى تونغ " ، نورد بشيء من التفصيل محتويات الفصول بكلّيتها .
" المساهمات الخالدة لماوتسى تونغ " كتاب لبوب أفاكيان ، صدر فى ماي 1979 عن منشورات الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية ، و قد نشرت فصوله تباعا كمقالات فى مجلّة الحزب حينذاك ، " الثورة " ، بين أفريل 1978 و جانفي 1979 و مضامينه حسب الفهرس هي :
فهرس الكتاب :
الفصل الأوّل : الثورة فى البلدان المستعمرة ( من الصفحة 1 إلى الصفحة 37 )
الفصل الثاني : الحرب الثورية والخطّ العسكري ( من الصفحة 39 إلى الصفحة 82 )
الفصل الثالث : الإقتصاد السياسي ، والسياسة الإقتصادية و البناء الإشتراكي ( من الصفحة 83 إلى الصفحة 129)
الفصل الرابع : الفلسفة ( من الصفحة 131 إلى الصفحة 197 )
الفصل الخامس : الثقافة و البناء الفوقي ( من الصفحة 199 إلى الصفحة 244 )
الفصل السادس : مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ( من الصفحة 245 إلى الصفحة 310 )
الفصل السابع : الخاتمة : ماو تسى تونغ أعظم ثوري فى زمننا ( من الصفحة 311 إلى الصفحة 324 )
==========
تفاصيل الفصول السبعة ( إضافة من المترجم ) :
الفصل الأوّل : الثورة فى البلدان المستعمرة :
- مقدّمة
- ماركس و إنجلز
- حروب التحرّر الوطني فى أوروبا فى فترة صعود الرأسمالية
- الإمبريالية تغير الثورة فى المستعمرات
- روسيا : جسر بين الشرق و الغرب
- لينين و ستالين يحلّلان التطوّرات
- ماو حول الثورة الصينية
- الإرتكاز بصلابة على التحليل الطبقي
- تشكّل الجبهة المتحدة
- النضال ضد الإستسلام
- الإستقلال و المبادرة فى الجبهة المتحدة
- الثورة الديمقراطية الجديدة
- القيادة البروليتارية
- الحرب الأهلية ضد الكيومنتانغ
- النضال من أجل الإنتصار الثوري
- المساهمات الفلسفية
- تطوّر السيرورة
- رفع راية الأممية البروليتارية
- الموقف تجاه الحركات الثورية
- الحاجة المستمرّة إلى القيادة البروليتارية
- أممي عظيم
الفصل الثاني : الحرب الثورية والخطّ العسكري :
- مقدّمة
- أسس الخطّ العسكري لماو و مبادئه الجوهرية
- أوّل خطّ عسكري ماركسي شامل
- مناطق الإرتكاز الثورية
- النضال ضد الخطوط الإنتهازية
- الهجوم و الدفاع
- حرب الأنصار
-" حول الحرب الطويلة الأمد "
- ثلاث مراحل فى حرب المقاومة
- الناس و ليست الأسلحة هي المحدّدة
- تطبيق الماركسية على الظروف الصينيّة
- تعبئة الجماهير
- مركزة قوّة أكبر
- المرور إلى الهجوم
- الجماهير حصن من الفولاذ
- حملات ثلاث حاسمة
- المغزى العالمي لخطّ ماو العسكري
- النضال ضد الخطّ العسكري التحريفي

الفصل الثالث : الإقتصاد السياسي ، والسياسة الإقتصادية و البناء الإشتراكي :
- مقدّمة
- الإقتصاد السياسي الماركسي
- مساهمة لينين فى الإقتصاد السياسي
- البناء الإشتراكي فى ظلّ ستالين
- السياسة الإقتصادية فى المناطق المحرّرة
- ماو يحلّل المهام الجديدة
- من الديمقراطية الجديدة إلى الإشتراكية
- طريقان بعد التحرير
- التعلّم من الجوانب السلبية للتجربة للسوفيات
- الكمونات الشعبية و القفزة الكبرى إلى الأمام
- إحتدام صراع الخطّين
الفصل الرابع : الفلسفة :
- مقدّمة
- الأساس الطبقي للفلسفة
- أسس الفلسفة الماركسية
- لينين يدافع عن الفلسفة الماركسية و يطوّرها
- ستالين : الماركسية و الميتافيزيقا
- التطوّر الجدلي لمساهمات ماو الفلسفية
- نظرية المعرفة
- " فى التناقض "
- وحدة و صراع الضدّين
- عمومية التناقض و خصوصيته
- التناقض الرئيسي
- المرحلة الإشتراكية
- تعميق الجدلية
- وعي الإنسان ، الدور الديناميكي
- الصراع و الخلاصة
- وحدة الأضداد هي الأساس
- الثورة الثقافية و مواصلة الصراع
- النضال بلا هوادة
- الإشتراكية بالمعنى المطلق تعنى إعادة تركيز الرأسمالية
- التناقض و النضال و الثورة .
الفصل الخامس : الثقافة و البناء الفوقي :
- مقدمة
- ماركس و إنجلز
- لينين
- ماو حول أهمّية البنية الفوقية
- خطّ ماو حول الأدب و الفنّ
- ندوة يانان حول الأدب و الفنّ
- النشر الشعبي و رفع المستويات
- القطيعة الراديكالية فى مجال الثقافة
- الفنّ كمركز للنضال الثوري
- النضال على الجبهة الثقافية فى الجمهورية الشعبية
- إشتداد المعركة فى الحقل الثقافي
- الثورة الثقافية و تثوير الثقافة
- الحقل الثقافي فى آخر معركة كبرى لماو
- قصيدتان لماو تسى تونغ
الفصل السادس : مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا :
- مقدمة
- نظرية دكتاتورية البروليتاريا
- كمونة باريس
- نقد برنامج غوتا
- إنجلز مواصل للماركسية
- لينين
- ستالين
- التحليل الصيني لستالين
- الثورة الثقافية
- البرجوازية فى الحزب
- تعامل ماو مع البرجوازية الوطنية
- الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية
الفصل السابع : الخاتمة : ماو تسى تونغ أعظم ثوري فى زممنا :
- مقدمة
- ماو قائد مركب فى بحار غير معروفة
- الثورة الثقافية : وميض ضوء عبر الغيوم
- الإنقلاب فى الصين و الهجومات الجديدة ضد ماو
- مكاسب عظيمة للثورة الصينية و مساهمات ماو تسى تونغ
- دور ماو و دور القادة
- التعلّم من ماو تسى تونغ و المضيّ قدما بقضية الشيوعية
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ملاحق الكتاب : (3)
1- إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " : إعتذار للإستسلام
2- إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي
3- فهارس كتب شادي الشماوي
-------------------------------------------------------------------
الملحق الثاني :

إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي
نُشر لأوّل مرّة بمجلّة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، " الثورة " ، المجلّد الثالث ، عدد 15 ، ديسمبر 1978
www.marxists.org › history › erol › ncm-5 › rcp-chou

مع مرور الأيّام ، يرفع التحريفيّون الحاكمون للصين نسق هجماتهم على ماو تسى تونغ و الخطّ الثوريّ الذى دافع عنه ماو تسى تونغ و قاتل من أجله طوال حياته بأكملها . و يؤكّد المقال إثر المقال في الصحافة أنّه لا يجب النظر إلى ماو على أنّه " إلاه " و أنّه لا يجب النظر إلى فكر ماو تسى تونغ على أنّه " دوغما " ؛ و يزعم سيل من الملصقات الجداريّة المسموح به رسميّا أنّ ماو إقترف " أخطاء " لا سيما في السنوات الأخيرة من حياته . و ينبع هذا بالنسبة إليهم من ضرورة دفن خطّ ماو خاصة كما تطوّر في أثناء الثورة الثقافيّة فهو في الواقع يمثّل خطرا مميتا لخطّهم التحريفي و للمساعى العامة التي يبذلونها لتفكيك الإشتراكيّة و إعادة تركيز الرأسماليّة .
و جزء حيويّ من هذه الهجمات على ماو و الثورة الصينيّة هو تصوير شو آن لاي على أنّه البطل القوميّ العظيم و عمليّا رفعه إلى مكانة أرقى من مكانة ماو تسى تونغ كنموذج " شيوعي " وجب التشجيع على الحذو حذوه لأجل إنجاز " المهمّة التاريخيّة الجديدة " لتعصير الصين مع حلول سنة 2000 . و مثلما أعربت عن ذلك مجلّة بيكين عدد 47 ، كان الناس يحترمونه عالي الإحترام و كانوا يحبّونه و يعلّقون آمالهم عليه لتحقيق المثل الأعلى للتعصيرات الأربعة و جعل الوطن الأم قويّا و مزدهرا " .
و بينما إحتلّت الذكرى الثانية لوفاة ماو في سبتمبر 1978حيّزا أصغر في مجلّة بيكين من مقال يدعو إلى بلوغ المستويات العالميّة في إنتاج النسيج ، وُجدت موجة قارة من المقالات التي تكيل جبالا من المديح لشو آن لاي و تشدّد ( عن حقّ ) على الروابط الوثيقة بينه و بين الحكّام الحاليّين للصين . و قد ظهر مقال في 14 صفحة في تلك المجلّة في جانفى 1977 في الذكرى الولى لوفاة شو آن لاي و تبع ذلك صدور مقالات طوال سنتي 1977 و 1978 عن مساهماته الكبرى أثناء الثورة الثقافيّة و في السياسة الخارجيّة و في " تمثيله لأسلوب عمل الحزب ". و المقال الأخير و لعلّه الأكثر كشفا للحقائق من غيره هو جزء من خطاب ألقاه شو آن لاي نفسه سنة 1949 أمام ندوة شباب كامل الصين و عنوانه " لنتعلّم من ماو تسى تونغ " . و قد وُضع هذا المقال في غلاف مجلّة بيكين عدد 43 لهذه السنة .
في خطابه ذاك ، حذّر شو الشباب من أن ينظروا إلى ماو على أنّه " راس إلاه " و بذل جهدا كبيرا لشرح كيف أنّ ماو تسى تونغ كان متطيّرا و يحمل أفكارا متخلّفة عديدة لمّا كان شابا ، و كيف أنّه بطيبيعة الحال إقترف أخطاء . و بالرغم من عدم عصمة أيّ شخص من الأخطاء و من أنّ ماو نفسه أشار في عدّة مناسبات إلى أخطائه هو ، فإنّ الحكّام الحاليّين للصين يستخدمون بوضوح هذا الخطاب ليفتحوا الباب على مصرعيه لنقد خطّ ماو تسى تونغ ككلّ و لشنّ هجوم عليه .
يقول شو إنّ ماو لم يقبل نصيحة يون تاي – يين بالشروع في العمل من الريف أواسط عشرينات القرن العشرين بما أنّه كان منشغلا بالعمل في المدن " ؛ و في الظروف الراهنة ، تأثير هذا هو نشر الشكوك حول حقيقة أنّ ماو قد قاد الحزب الشيوعي الصيني في تطوير و إنجاز إستراتيجيا محاصرة المدن إنطلاقا من الأرياف و و بالتالى وضع دور ماو تسى تونغ موضع السؤال في المرحلة الإشتراكيّة للثورة كذلك .
و فضلا عن ذلك ، و لا في موضع من مواضع هذا الخطاب شرح شو آن لاي أنّه هو نفسه سار في ركاب الخطوط " اليسراويّة " في أواخر عشرينات القرن العشرين و بدايت ثلاثيناته ما تسبّب في خسائر جدّية للحزب و للثورة الصينيّين، و كان على ماو أن يصارع تلك الخطوط و يلحق بها الهزيمة بُغية أن يكسصب الخ"ّ الصحيح في الحزب . و لم يساند شو بصلابة خطّ ماو إلى الندوة الحيويّة للحزب بتسونيى في جانفى 1935 أثناء بدايات المسيرة الكبرى .
و يتماشى هذا الخطاب كذلك بجلاء مع المقاربة الراهنة للتحريفيّين و سعيهم للحطّ من قيمة ماو و مكانته و جعله قائدا هاما أجل واحد فقط من عدّة قادة قدماء للثورة الصينيّة . ( و هذه هي الرسالة الدقيقة جدّا لصورة تعود إلى سنة 1955 أعيدت طباعتها إلى جانب خطاب شو آن لاي و قد أُدخلت عليها تحويرات لوضع شو في المركز و ماو على يمينه و شو تاه على يساره ).
حسب الحكّام الحاليّين للصين ، كان ماو صائبا تماما قبل 1949 غير أنّه صار بصورة متصاعدة منفصلا عن " المهام الجديدة " للثورة – في إشارة إلى إقتراف خطإ جسيم في شنّ و قيادة الشعب الصيني في شنّ الثورة الثقافيّة و السماح لنفسه بأن " تسيئ توجيهه " " عصابة / مجموعة الأربعة ". و مباشرة عقب تنفيذهم لإنقلابهم المضاد للثورة سنة 1976 ، قطع التحريفيّون خطوات كبرى في وضع ماو في موقع تعارض مع أقرب رفاقه ، ما سمّوهم ب " عصابة / مجموعة الأربعة " قصد بثّ البلبلة في صفوف الججماهير و تعزيز سلطتهم . ( و كان هذا صحيحا بوجه خاص بالنسبة إلى القوى التحريفيّة المتجمّعة حول هواو كوفينغ الذى كانت مواقفه و سلطته تقومان بدرجة كبيرة على ما يُفترض أنّه " وصيّة " ماو ). و الآن يقولون بسفور تام بأمّ " عصابة / مجموعة الأربعة " كانت في الواقع " عصابة / مجموعة الخمسة ".
الإنقلاب على الأحكام الصحيحة بشأن إضطرابات ساحة تيان آن مان :
و هكذا ليس مفاجأ أنّ الحكم الصحيح الأخير الذى وقع الإنقلاب عليه و الهجوم السافر على ماو بصدده إلى يومنا هذا هو الإضطرابات الواسعة النطاق للمناهضين للثورة في ساحة تيان آن مان في بيكين في 5 أفريل 1976 زاعمين أنّ شو آن لاي عُومل بقلّة إحترام ( و قد مات شو قبل بضعة أشهر ) ، و مهاجمين مباشرة ماو تسى تونغ و مسانديه في قيادة الحزب و معلنين بصوت عالى عن دعمهم لمساعى دنك سياو بينغ إنجاز البرنامج التحريفي لشو آن لاي ( " تعصير " الصين و الإنقلاب على الثورة الصينيّة . و قد قاموا بعمليّات قلب السيّارات و حرقها و هاجموا جسديّا وحدات المليشيا و صرخوا " نسكب دمنا من أجل ذكرى البطل [ شو آن لاي ] ؛ و نرفع أنظارنا و نستلّ سيوفنا . لم تعد الصين صين الماضي و لم يعد الناس يلفّهم الجهل ؛ فقد مضى حقّا زمن المجتمع الإقطاعي لشن شيه هوانغ [ و هم يقصدون بذلك حكم الطبقة العاملة في ظلّ قيادة ماو ] ".
و بالرغم من كون هذه الإضطرابات الرجعيّة أخمدت نيرانه القوّأت المسلّحة الشعبيّة و بالرغم من إقالة دنك سياو بينغ من مهامه جميعها في الحزب إعتبارا لدوره في التحريض على تلك الإضطربات ، فإ،ّ ذلك خدم إشارة للقوى اليمينيّة لترفع من نشاطاتها المناهضة للثورة ، و قد أوضح كذلك من كان قائدها العام و من ظلّ نقطة وحدتها حتّى بعد وفاته – شو آن لاي .
و في أواسط نوفمبر 1978 ، وصفت قيادة الحزب في بيكين هذه الإضطرابات الرجعيّة بأنّها " ثورة تماما ( مجلّة بيكين عدد 47 ). و عدّة مقالات في الجرائد و حتّى شريط جديد مدحوا من أصبحوا الآن " أبطال ساحة تيان آن مان " . و في الوقت نفسه ، ملصقات جداريّة في بيكين علّقت بجلاء بموافقة قيادة الحزب هاجمت ماو هجوما مباشرا . و في إحداها ذات ال14 صفحة عُرضت بشكل بارز وسط بيكين ، يتمّ تأكيد " لأنّ تفكير الرئيس ماو كان ميتافيزيقيّا في السنوات الأخيرة من حياته و لكافة أنواع الأسباب الأخرى ، قد ساند الأربعة في التخلّص من دنك سياو بينغ ". و إسترسلت الملصقة الجداريّة لتقول " عقب تيان آن مان ، إستخدم الأربعة أخطاء ماو في تقييم الصراع الطبقيّ و إستغلّوا الوضع ليشنّ,ا هجوما عاما على قضيّة الثورة في الصين ".
في مجلّة بيكين عدد 46 ، يؤكّد التحريفيّون على أنّه زمن أحداث تيان آن مان " أضحى الموقف تجاه الرفيق شو آن لاي حجر الزاوية في التمييز بين الثورة و الثورة المضادة و بين الماركسيّة الحقيقيّة و الماركسيّة الزائفة ". و بالفعل كان الأمر كذلك لأنّه مع بدايات سبعينات القرن العشرين ، تطوّر شو آن لاي كقائد عام و نقطة الوحدة الأساسيّة لليمين – خاصة أتباع الطريق الرأسمالي صلب الحزب – في تعارض مباشر مع القيادة العامة البروليتاريّة الثوريّة بزعامة ماو و الأربعة كلبّ نشيط لها .
من ديمقراطي برجوازي إلى أحد أتباع الطريق الرأسمالي :
كان شو آن لاي أحد أهمّ ممثّلى فئة كاملة من قدماء موظّفى الحزب و قادته الذين ساندوا الثورة الديمقراطية إلاّ أنّهم أخفقوا في التقدّم و تحوّلوا إلى مناهضين للثورة ، إلى أتباع الطريق الرأسمالي في المرحلة الإشتراكيّة خاصة أنّه بقدر ما كانت الثورة الإشتراكيّة تتقدّم بقدر ما كانت توجّه لضرب بقايا و لامساواة الموروثين من المجتمع القديم . و بالضبط بشأن أناس أمثال هؤلاء ، شرح ماو تسى تونغ :
" إثر الثورة الديمقراطية لم يقف العمال و الفلاحون الفقراء و المتوسطون مكتوفي الأيدى ، أرادوا الثورة . و من جهة أخرى ، لم يرد عدد من عناصر الحزب المضي قدما ، فبعضهم تراجع و عارض الثورة . لماذا؟ لأنهم أصبحوا موظفين سامين و أرادوا الحفاظ على مصالحهم كموظفين سامين ."
و مثلما شدّد على ذلك ماو في عدّة مناسبات ، كان تطوّر أناس و بالأخصّ من أعضاء الحزب القياديّين ، من ديمقراطيّين برجوازيّين إلى أتباع الطريق الرأسمالي ، ظاهرة كبرى في الثورة الصينيّة . و بما أنّ الصراع الطبقي في الصين عرف مرحلة من الثورة الديمقراطية البرجوازية وإن كانت من طراز جديد و بقيادة البروليتاريا و الحزب الشيوعي ، إندفع عديد الناس إلى صفوف الحزب الشيوعي دون أن يقطعوا قطيعة راديكاليّة مع الإيديولوجيا البرجوازيّة و يتبنّوا النظرة الثوريّة للبروليتاريا . و بالنسبة على هؤلاء الديمقراطيّين البرجوازيّين ، كان هدف الثورة تجاوز تخلّف الصين و ما يقترب من الخنق التام لها من طرف القوة الإمبرياليّة . و بالتالى ، تحوّلوا إلى " الإشتراكية " – الملكيّة العامة – على أنّها الوسيلة الأكثر فعاليّة و الأسرع لتحويل الصين إلى بلد مصنّع بدرجة كبيرة و عصريّ. و مع تقدّم الثورة الإشتراكيّة ، قاتلوا لحدوث هذا التطوير وفق خطوط برجوازيّة – و وفق ظروف الصين ، لن تعيد تركيز الرأسمالية فحسب و إنّما ستؤدّى أيضا إلى جعل الصين تعود إلى الوقوع تحت هيمنة قوّة إمبرياليّة أو أخرى .
و منذ 1964 ، قال ماو إنّ الهدف الأساسي للثورة الإشتراكية أمسى " أولئك الأشخاص من الحزب فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي " و في 1976 ، شدّد ماو تشديدا هاما على فهم صحيح لهذه المسألة و قد أشار إلى أنّه :
" مع تقدّم الثوزرة ، صاروا هم أنفسهم هدفا للنيران . و زمن التغيير التعاونيّات الفلاحيّة ، وُجد أناس عارضوا ذلك . و حين يتعلّق الأمر بنقد الحقّ البر جوازي ، يعبّرون عن إستيائهم . إنكم تقومون بالثورة الاشتراكية و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنها بالضبط داخل الحزب الشيوعي – أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي ".
و لتوضيح أنّ هذا صراع حياة أو موت حول أيّة طبقة ستحكم الصين ، البروليتاريا أم البرجوازيّة ، إستخلص ماو تسى تونغ أنّ " أتباع الطريق الرأسمالي لا زالوا يتّبعون الطريق الرأسمالي ". و هذا الموقف و غيره من المواقف التي أصدرها ماو كانت موجّهة ليس ضد دنك سياو بينغ فحسب ( الذى قال عنه كذلك إنّه " يمثّل البرجوازيّة " و إنّه " لا يميّز بين الإمبرياليّة و الماركسيّة " ) و إنّما أيضا ضد أتباع الطريق الرأسمالي الآخرين بمن فيهم شو آن لاي ذاته الذى كان ينهض بدور أهمّ مشجّعا لليمين . و كان هذا معلوما بدرجة كبيرة داخل الصين و قد تبيّن بصفة واسعة بحملته الشاملة لإعادة الإعتبار لأتباع الطريق الرأسمالي غير التائبين كدنك سياو بينغ الذين أطاحت بهم الثورة الثقافيّة و بتشجيعه للبرنامج التحريفي في المستويات العليا للحكم ( مثال ذلك ، أعدّ شو دنك و إختاره ليكون وزيرا أوّلا عندما ساءت صحّته خلال سنة 1975).
خطاب شو آن لاي لسنة 1949 :
إضافة إلى إختياره للحطّ من قيمة ماو و لمهاجمة هذا الأخير ، يكشف خطاب شو آن لاي لسنة 1949 " لنتعلّم من ماو تسى تونغ "، قدرا كبيرا من الأشياء عن الخطّ السياسي و رؤيته للعالم الديمقراطيّة – البرجوازيّة وقتها . و المظهر المدهش أكثر في خطاب شو الملقى في ماي 1949 – عندما كان تحرير البلاد في آن معا أكيدا و يوشك على الحدوث – هو أنّه لم يتطرّق إلى المرحلة الإشتراكية القادمة من الثورة بالمرّة . و لم يقم إلاّ بإحالة رمزيّة في النهاية على " القيام بالإعدادات للتحوّل إلى صين جديدة إشتراكيةّ " كمجرّد مسألة من عدّة مسائل تواجه الشباب .
و هذه هي بالضبط وجهة نظر الديمقراطية – البرجوازيّة في الصين حيث لم يستطع الديمقراطيّون البرجوازيّون النظر أبعد من إلحاق الهزيمة ب " الجبال الكبرى الثلاثة " ؛ الإمبرياليّة و الإقطاعيّة و الرأسماليّة – البيروقراطيّة و بالنسبة غليهم المهمّة الأساسيّة ا/امهم تكطمن في العمل الشاق و العملي لبناء الصين كبلد عظيم و عصريّ. و مثلما جرى التدليل على ذلك بصورة متكرّرة طوال مسار العقدين و نيّف التاليين ، هذا النوع من النظرة سيغذّى مباشرة الخطّ التحريفي القائل بأنّ دور الجماهير هو أن تضع أنفها في المسنّ و تترك السياسة و شؤون الدولة إلى القادة القدماء و الموظّفين السامين .
و في ما يتّصل بمسألة دفع حركة الثورة إلى الأمام ، شدّ> شو بصفة متكرّرة على أنّه من الضروريّ " الإنتظار و القيام ببعض الإقناع " . و لم يشدّد على تعبأة الجماهير و التعويل على نشاطها الواعي للتقدّم بالثورة . رسالة شو هي التمهّل فالثورة ستمرّ بالثورة الديمقراطيّة لفترة طويلة و عندها فقط سيقع توحيد " الغالبيّة الغالبة " و سيكون من المناسب الشروع في الحديث عن الثورة الإشتراكيّة . و مستخدما الخطّ الديماغوجي للديمقراطية البرجوازية ، حاجج شو بأنّه " عندما لا توافق الغالبيّةالغالبة ، يجب أن نتّبع الغالبيّة تنظيميّا ".
و زيادة على ذلك ، بالضبط كما يدّعى شو في ما يتعلّق بالصراع في صفوف الحزب ، " كانت حرب التحرير إبحارا سهلا، تقريبا " وهو على ما يبدو يتوقّع الإبحار السلس في المستقبل . و في ما يتّصل بتطوّر الخطوط الخاطئة عبّر شو عن أنّ " إمكانيّة حدوث مثل هذه الأوضاع في العمل المستقبلي ستتقلّص ". في هذا لا وجود حتّى لنزر قليل من فهم أنّ الصراع الطبقي يتواصل في ظلّ الإشتراكيّة .
و بصدد هذه المسألة لكيفيّة النظر للمهام الثوريّة الجديدة التي تواجه الشعب الصينيّ سنة 1949 ، هناك فرق شاسع جدّا بين النظرة السياسيّة لماو و تلك لدى شو – و الإختلاف بين بروليتاري ثوريّ -ماو – و ديمقراطي برجوازي – شو . و خلال مختلف مراحل النضال الثولريّ للديمقراطيّة الجديدة ، شدّ> ماو بصفة مستمرّة على حاجة الحزب إلى أن يبقى عينه محدّقة في الثورة الإشتراكيّة و في آخر المطاف الشيوعيّة المستقبليّة ، بالضبط نظرا للنزعة العفويّة الطاغية و الخطر الكبير لمماثلة إيديولوجيا الحزب مع المرحلة الديمقراطيّة المباشرة للثورة . و في بدايات 1949 ، أشار ماو صراحة إلى أنّ التناقض الرئيسيّ الداخليّ عقب تحرير الصين ، سيصبح " التناقض بين الطبقة العاملة و البرجوازيّة ". و رغم أنّ ماو لم يكن حينها قادرا على توقّع الشكل الفعليّ الذى سيتّخذه الصراع الطبقيّ في المستقبل مع تقدّم الثورة الإشتراكيّة و تعمّقها ، فإنّ كامل مقاربته كانت معتمدة بصلابة على الماديّة الجدليّة و قد دعا الجماهير و أعضاء الحزب إلى " نبذ الأوهام و الإستعداد للنضال " .
و في اجتماع هام للجنة المركزيّة للحزب في مارس 1949 ، تقريبا زمن إلقاء شو لذلك الخطاب ، حذّر ماو تسى تونغ من أنّه
" بعد القضاء الأعداء المسلّحين ، سيبقى هناك أعداء غير مسلّحين، و من المؤكّد أنّهم سيناضلون نضالا مستميتا ضدّنا ، فعلينا ألاّ نستخفّ بهم أبدا . و إذا لم نثر هذه المسألة الآن و لم نفهمها على هذا الوجه فسوف نرتكب أخطاء جسيمة جدّا . "
و لاحقا في التقرير عينه ، أعرب ماو عن موقفه الشهير بأنّه :
" قد يكون هناك شيوعيبّون لم يستطع العدّو المسلّح قهرهم ، فهم جديرون بلقب الأبطال لصمودهم في وجه العدوّ ؛ و لكنّهم لا يقوون على مقاومة الطلقات المغلّفة بالسكّر ، فيهزمون أمامها . فعلينا أن نكون على حذر من مثل هذا . إنّ إنتزاع النصر على نطاق البلاد ليس إلاّ الخطوة الأولى فىلا مسيرة كبرى لمسافة عشرة آلاف لى . "
( ماو تسى تونغ ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الرابع ، ص 374 من الطبعة باللغة الأنجليزيّة و ص 474 من الطبعة باللغة العربيّة ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين ).
و إثر شهرين من ذلك ، لم يُشر خطاب شو إلى الموقف الأخير لماو " إنتزاع النصر على نطاق البلاد ليس إلاّ الخطوة الأولى فىلا مسيرة كبرى لمسافة عشرة آلاف لى " و لم يربطه بشكل صريح بمزيد العمل العسير و الشاق " فاصلا إيّاه تمام الفصل عن مواصلة الصراع الطبقيّ .
و في ذلك التقرير نفسه لماو ، إنتقد هذا الأخير الناس الذين كانوا داخل الحزب و خارجه يحاججون من أجل عقد مسالومة مع الإمبرياليّة الأمريكيّة حتّى وهي التي قد سلّحت تشان كاي تشاك قمّة التسليح و ما إنفكّت تحاول خنق الصين و الهيمنة عليها . و بالنسبة إليهم ، لا يمكن للصين بجهودها الخاصة و حتّى بمساعدة الإتّحاد السوفياتي أن تطوّر إقتصادها . و قد ردّ ماو محاججا بأنّه بالتعويل على جماهير الشعب الصينيّ و أوّلا و قبل كلّ شيء بالتعويل على الطبقة العاملة و بدعم الطبقة العاملة في بلدان العالم و بالأخصّ في الإتّحاد السوفياتي الإشتراكي ، " لا وجود مطلقا لأرضيّة للتشاؤم حول نهوض الاقتصاد الصينيّ " .
أمّا بالنسبة إلى الإتّهامات القائلة بأنّ الحزب كان يميل بثقل بإتّجاه الإتّحاد السوفياتي ، فقد ردّ ماو بأنّ " كلّ الصينيّين بلا إستثناء ينبغي أن يميلوا إمّا إلى جانب الإمبرياليّة أو إلى جانب الإشتراكيّة . الوقوف على الربوة لن يكون مجديا و لا وجود لطريق ثالثة ".و حينها مثلما هو الآن موقف ماو هذا فضح و يفضح مظهرا مستمرّا لدىي التحريفيّين الصينيّين – " ميلهم " و في نهاية المطاف سقوطهم كلّيا في شباك هذه الكتلة أو تلك من البلدان الإمبرياليّة .
و قد أشار ماو إلى أنّ مثل هؤلاء الناس كانوا يشبهون الديمقراطيّين البرجوازيّين لمنعلاج القرن الذين كانوا ينظرون إلى الإمبرياليّة الغربيّة و نموذج تعصيرها الرأسمالي لإنقاذ الصين . و فىمعارضة هذا قال ماو إنّه على الصين أن تتّبع و ستتّبع الطريق الإشتراكي – " الإشتراكيّة وحدها بوسعها إنقاذ الصين " . كما أكّد ذلك بشكل متكرّر . فكان ذلك ردّا مباشرا على أناس مثل شو لم يكن خطّهم ليؤدّى بالنضال بإتّجاه الإشتراكية و إنّما لن يفلح حتّى في إنجاز مهام الثورة الديمقراطية المعادية للإمبرياليّة ، بالضبط مثلما يؤدّى خطّ شو و ورثته المعادين للثورة بالصين مرّة أخرى إلى التحوّل إلى أرض وليمة للكواسر الإمبرياليّة .
و من المهمّ الإشارة هنا إلى كون حكومة الولايات المتّحدة أعلنت في المدّة الأخيرة ما تزعم أنّها مذكّرة أبقيت سرّية لما يناهز الثلاثين سنة و مضمونها أنّه في جوان 1949 ، قام شو آن لاي بإنفتاح سرّي على حكومة الولايات المتّحدة من خلال طرف ثالث ، معلما إيّاها بأنّه (شو ) يُمثّل كتلة " ليبراليّة " صلب الحزب الشيوعيّ الصينيّ ترغب في أن تكون" مستقلّة " عن الإتّحاد السوفياتي و تطلب من الولايات المتّحدة العون لتطوير الاقتصاد الذى كان شو ، حسب ما ورد في تقرير ، يرى أنّه على حافة الإنهيار و يحتاج هذا التقرير إلى مزيد البحث فيه و حوله إلاّ أنّ مثل هذا الإنفتاح منسجم سياسات شو التي ظهرت مرارا و تكرارا في السنوات التالية – و بصورة أوضح في دفاعه بإستماتة في بدايات سبعينات القرن الفارط ، إلى جانب دنك سياو بينغ ، عن إستراتيجيا خطّ " العوالم الثلاثة " الإستسلاميّة و عن التعويل على البلدان الإمبرياليّة الغربيّة في الحصول على التكنولوجيا و الرأسمال الضروريّين ل " تعصير " الصين على أساس رأسمالي ّ.
و ينسجم كذلك خطاب شو أمام الندوة الشبابيّة الهامة سنة 1949 تماما مع نظرة منحرفة كلّيا للعلاقة بين القادة والجماهير . ففي الفقرة الأولى من ما جرى نسخه من ذلك الخطاب ، قال شو : " يجب أن يكون لدينا قائد نقبل به جميعنا لأنّ هذا القائد سيرشدنا في سيرنا إلى الأمام ". ( مجلّة بيكين عدد 43 ، صفحة 7 ) و زعم في ما بعد أنّ الحزب لن يعرف الكثير من صراعات الخطّين مستقبلا =لأنّ " الغالبيّة الغالبة من رفاقنا تقبل به [ ماو ] كقائدنا و تثق فيه ثقة حقيقيّة و غضلا عن ذلك هو يتمتّع بمساندة الشعب " . ( ص 12) . بكلمات أخرى ، فهمه هو أنّ دور القائد هو جعل نفسه " مقبولا " من طرف الجميع و الآن و قد حصلنا على قائد له هذا القبول العام ، لن نزعج أنفسنا بمشاكل صراع الخطّين هذه كما حدث سابقا . و هذه بالفعل صورة لكيفيّة تفكير شو – محاولا كسب القبول العام و تجنّب صراع الخطّين صراحة تجنّب الوباء – إلاّ أنّه بعدي بُعد السماء عن الأرض من طريقة عمل قيادي شيوعي حقيقيّ مثل ماو تسى تونغ .
و ذو دلالة كبرىلا هو واقع أنّه في حثّ الشباب على " لنتعلّم من ماو تسى تونغ " إختار شو آن لاي التأكيد على شيئين إثنين هما : 1- أنّ ماو يُطبّق بالملموس الماركسيّة – اللينينيّة على الوضع الخاص للصين و 2- أنّه من الضروريّ دائما " كسب الغالبيّة الغالبة " قبل القيام بأيّ شيء . لماذا وهو يزعم شرح فكر ماو تسى تونغ ، أكّد شو كلّ هذا التأكيد على هتين النقطتين و على هتين النقطتين فحسب ؟ و على الرغم من كونه يشير " بتواضع " إلى أنّ " ما قلته ليس سوى جزء صغير من فكر ماو تسى تونغ " ( ص 14 ) ، فإنّ مرمى خطابه هو تقليص فكر ماو تسى تونغ إلى فكر إنسان عاديّ ليجعلهم يبقون نظرهم على ما هو ملموس و الإقناع بتؤدة للغالبيّة الغالبة قبل محاولة القيام بأيّ عمل . و هكذا ، يجرى تشويه الدور الطليعي للشيوعيّين ليصبح دور منقذين متنازلين أو حكماء كنفيشيوسيّين يظلّون بصبر يقدّمون جواهر الحكمة إلى أن تستفيق الجماهير المتخلّفة و تتبنّاها . و عبر الخطاب بأكمله ، يشدّد شو التشديد كلّه على الممارسة في تعارض مع النظريّة ، على ما هو مباشر مقابل ما هو بعيد المدى ، على " الوقائع " مقابل الفهم النظريّ لجوهر الأشياء ، و على الديمقراطيّة الجديدة و ليس على الإشتراكيّة إلخ . خطّه هذا يمنيّ تماما .
و بإستمرار يحذّر شو الشباب من أن يكون سطحيّا ، متغطرسا و طائشا ؛ لكن هذا هو قمّة نفاق شو آن لاي . " أنا نفسى كنت متعجرفا في الماضي " ، أقرّ بذلك في عرض لتواضع زائف . و يستطرد ، طبعا ليس من اليسير للجيل الأصغر سنّا الحصول على هذه الميزات الجيّدة ". ( المصدر السابق ، ص 14)
و على العكس من ذلك ، وجّه ماو نقده للغطرسة أساسا لهؤلاء القادة القدماء الذين يفكّرون في أنّه إعتبارا للمسالهمات التي قدّموها للثورة يستحقّون معاملة خاصة و بوسعهم الإكتفاء بنجاحاتهم .
سنة 1939 ، ألقى ماو تسى تونغ خطابا معروفا جدّا في يانان بمناسبة الذكرى العشرين لحركة 4 ماي و عنوانه " ؟إتّجاه حركة الشبايبة " . و سأل " ما هو المقياس الذى نعرف به شابا من الشباب و نحكم بأنّه ثوريّ أو غير ثوريّ ؟ ليس هناك سوى مقياس واحد ، ألا وهو رغبته أو عدم رغبته في الإندماج مع الجماهير الغفيرة من العمّال و الفلاّحين ، و تنفيذ هذه الرغبة أو عدم تنفيذها . فهو اليوم ثوريّ . و إلآّ فهو غير ثوريّ أو معاد للثورة . " ( مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ، ص 246 من الطبعة باللغة الأنجليزيّة ، الصفحة 338 من الطبعة باللغة العربيّة ) . هذا ما شدّد عليه ماو وهذا ما " نسي " شو الإشارة إليه . ( و بطبيعة الحال هذا أحد مظاهر خطاب شو الذى يجب أن يجده الحكّام التحريفيّون الحاليّون للصين جذّابا بوجه خاص لأجل تحقيق مخطّطاتهم في إنشاء جيل جديد من " الشباب الموهوب " الذى سيتزعّم " التعصيرات الأربعة " ).
و في حين إعترف ماو بأنّ الشباب تنقصهم التجربة ، فقد أكّد على أنّهم " لقد لعبوا دورا طليعيّا معيّنا ، وهي حقيقة يعترف بها الجميع بإستثناء المتعنّتين " ( المصدر السابق ، ص 245 من الطبعة باللغة الأنجليزيّة ، و ص 336 من الطبعة باللغة العربيّة
من الدروس العامة المشستخلصة من من خطاب شو أمام هؤلاء الشباب المجتمعين في بيكين في جوان 1949 ، كيف يمكنهم أبدا " أن يصبحوا قادة و يسيروا في مقدّمة الصفوف الثوريّة " – مثلما دعا ماو شباب الصين إلى القيام بذلك في 1939 . و في السنوات الاحقة ، وسّع ماو من تفكيره بشأن دور الشباب ليشير صراحة إلى أنّ إطلاق العنان لجرأة الشباب و تمرّده كان حيويّا لمواصلة تغيير المجتمع و تثويره و تعميق الثورة الإشتراكيّة . إنّ شو يحذّر الشباب من محاكاة أشخاص عظماء مثل ماو و من العمل الشاق و " الإنتباه و الحذر و إقتراف أقلّ قدر ممكن من الأخطاء " ( مجلّة بيكين ، عدد 43 ، ص 14).
و في ثنايا خطاب شو آن لاي يقع تقليص فكر ماو تسى تونغ عمليّا إلى " فكر الديمقراطية الجديدة " و قد أُفرغ من مضمونه و جوهره الثوريّين و ماو الذى يدعو شو الشباب إلى " التعلّم منه " يُقدّم على أنّه ليبرالي عاديّ و شيوعي" ذهنيّته عمليّة ". إنّ شو يُصوّر ماو كما كان شو نفسه – رجل ذكيّ إكتسب ملكيّة " حقيقة الماركسية – اللينينيّة " ، و بعد تحقيقه لذلك لم يعد يهتمّ إلاّ لمشاكل تطبيقه . و كما شدّد على ذلك شو عينه ، " المبادئ التي تمّ الإشتغال عليها يجب تطبيقها عمليّا " ،" الرئيس ماو لا يشارك في الكلام الفارغ ، لا يهتمّ إلاّ للحقيقة " إلخ .
و هذا على وجه التحديد هو نوع " الشيوعي " البراغماتي الذى كان يمثّله شو آن لاي – و لماذا يقف كمنوذج وجب الحذو حذوه بالنسبة إلى حكّام الصين الجدد التحريفيّين . في الواقع ، ماو يؤكّد على الممارسة و على ربط النظريّة بالممارسة لكن ما يؤطكّد عليه هو ربط النظريّة الثوريّة بالممارسة الثوريّة . و كامل نظرة ماو الفلسفيّة أكّدت على الجدليّة على أنّ التناقض، وحدة الأضداد و صراعها ، هو القوّة المحرّكة للعالم ؛ و تطبيق الماديّة الجدليّة على دراسة المجتمع و على ذلك الأساس تغيير العالم بواسطة الصراع . و قد نقد ماو " أصحاب العمل الروتينيالضيّقو التفكير " الذين " يقدّسون التجربة بينما يحتقرون النظريّة ، و نتيجة لهذا يعجزون عن إدراك العمليّة الموضوعيّة ككلّ فيفتقرون إلى أفتّجاه الواضح و النظرة البعيدة المدى ، و يرضون بالنجاحات الوقتيّة و النظرات الضيّقة . و إذا قام أمثال هؤلاء بتوجيه الثورة فسيقودونها إلى زقاق مسدود " .
( " في الممارسة العمليّة " ، المجلّد الأوّل من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة "، ص 303 من الطبعة باللغة الأنجليزيّة، ص 444 من الطبعة باللغة العربيّة ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين ).
محاولة شو تصوير ماو على أنّه رجل " لنفعل هذا " مرتبط بتصوير ماو على أنّه ليبرالي ذهنيّته ديمقراطية كان ينوى ببساطة ترك كلّ وجهات النظر تتنازع بينما " ينظر و يقوم ببعض الإقناع " إلى أن تحصل وجهة نظره في نهاية المطاف على الغالبيّة . لكن هذا مجدّدا يقلب رأسا على عقب دور ماو الذى كان خصما عنيدا لكلّ نوع من أنواع التحريفيّة و الإنتهازيّة . طوال مسار الثورة الصينيّة ، في جبال شنكانغ في أواخر عشرينات القرن العشرين إلى القفزة الكبرى إلى الأمام أواخر خمسينات القرن العشرين و الثورة الثقافيّة في الستّينات و السبعينات ، وجد ماو غالبا جدّا نفسه أقلّيا ضمن رفاقه القدماء الذين كانوا تقريبا جميعا من قدماء حرب التحرير . و ما ميّز ماو هو أنّه لم يتوقّف قط عن النضال ضد الخطوط الخاطئة و أنّه كانت له ثقة في و كان يعتمد على فهم عميق لقوانين المجتمع و الصراع الطبقيّ و أنّ الجماهير الشعبيّة كانت قادرة تماما على إستيعاب خطّ ثوريّ و تغيير العالم .
و تنبع ليبراليّة شو أيضا من زعمه أنّ عددا كبيرا أكثر من اللازم يقع إعدادهم – وهو بالتأكيد ما لم يكن خطّ ماو حينها ، سنة 1949 لمّا كان جيش التحرير الشعبيّ يحرّر مناطق شاسعة من البلاد و كانت جماهير العمّال و الفلاّحين تحاسب الطغاة و المضطهِدِين الذين أثقلوا كاهلكهم لمدّة طويلة جدّا . و قد أشار ماو إلى أنّه دون قمع المعادين للثورة و إعدام الذين قد إقترفوا جرائما جدّية في حقّ الشعب ، لن ترفع الجماهير الشعبيّة رأسها بشكل تام . و هذه النقطة شدّد عليها ماو بصفة مستمرّة طوال بدايات الخمسينات و حركة قمع المعادين للثورة .
و بداهة يعتقد الحكّام التحريفيّون بأنّ إعادة طباعة مثل هذا الخطاب لشو آن لاي سترفع من مكانته على أنّه ثوريّ . و مع ذلك ما يقوم به فعلا هو توفير صورة واضحة عن نظرة شو الديمقراطية البرجوازيّة غداة التحرير سنة 1949 ، و هذا أمر قيّم للغاية سيما و أنّ شو لم يكتب الكثير ( وهذه ميزة نموذجيّة لدي عديد " الشيوعيّين " العمليّين الذين يجب أن تتغيّر " مبادئهم " بسرعة وفق ما تتطلّبه الأوضاع ).

خطاب شو آن لاي حول المثقّفين سنة 1956 – مزيد من الزبالة التحريفيّة :
في مقال هام يبالغ في كيل المديح لمساهمات شو آن لاي في الثورة الصينيّة ، كتبته المجموعة النظؤريّة لمجلس الدولة في بدايات 1977 ، زعم التحريفيّون أنّ " الوزير الأوّل شو قد أعار دائما أهمّية للوحدة مع المثقّفين و تربيتهم و إعادة تشكيل أفكارهم ". و كدليل على ذلك ، يحيل بشكل صريح على ندوة خاصة متعلّقة بالمثقّفين دعت إليها اللجنة المركزيّة للحزب سنة 1956 حيث " قدّم الوزير الأوّل شو تقريرا هاما لعب دور له دلالته في تشجيع إعادة التشكيل الإيديولوجي للمثقّفين و تعبأة حماسهم من أجل الإشتراكيّة ." ( " مجلّة بيكين ، عدد 3 ، 1977، ص 15 )
و مع ذلك ، إذا نظرنا إلى التقرير الفعلي لشو ( الذى ترجمته حكومة الولايات المتّحدة فور نشره من قبل وكالة أنباء الصين الجديدة سنة 1956) ، نعثُر على أنّ خطّه مناقض بالضبط لهذا . فبينما بالكاد يُشير إلى إعادة تشكيل فكر المثقّفين ، يحطّ جدّيا من أهمّية هذه المهمّة و يفصلها تمام الفصل عن مواصلة الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكيّة و كذلك يفصلها تمام الفصل عن إدماج المثقّفين و تدريبهم مع العمّال و الفلاّحين ؛ وهو بوضوح " يموّن " المثقّفين ب " طموحات للتقدّم في المراتب " و ينادى بتوفير أجر أفضل لهم و المزيد من الإمتيازات و " الإحترام " و يتقدّم بنظرة تحريفيّة مفادها أنّ العلم والتقنية و" المثقّفين ذوى التدريب العالي المستوى " الضروريّين لأستخدامها ، يحتلّون الدور المركزيّ في بناء الإشتراكية.
و هناك سبب وجيه يكمن وراء كون حكّام الصين الحاليّين يروّجون لهذا التقرير لشو آن لاي ، ألا وهو أنّه يُقدّم جوهريّا و بعدّة مظاهر خاصة ذات الخطّ التحريفي بشأن مسألة المثقّفين و العلم و التكنولوجيا التي يضعونه في الوقت الراهن موضه الممارسة التطبيقيّة بإنتقام . و خطابات ماو تسى تونغ بخصوص المسائل ذاتها في 1956-1957 و حتّى بأكثر دقّة في السنوات التالية ، تقف في تعارض أساسيّ مع خطّ شو .
و هنا تجب الإشارة إلى أنّ مهمّة إنجاز البناء الاقتصادي وفق الطريق الإشتراكي في الصين – بلد متخلّف إقتصاديّا له إرث هيمنة إمبرياليّة و ركود إقتصادي كان مسألة حيويّة بالنسبة إلى الحزب الشيوعي الصيني . و خاصة و بالذات إثر 1949 ، كانت ثمّة حاجة إلى التعويل على المثقّفين و " الأخصّائيّين " التقنيّين و حتّى المدراء الصناعيّين – و جميعهم قد تدرّبوا في المجتمع القديم و تمتّعوا بقدر كبير من الإمتيازات نسبة إلى الجماهير الشعبيّة الكادحة التي فُرض عليها البقاء في الجهل و حُرمت من هذا الصنف من المعرفة في ظلّ تقسيم العمل في المجتمع القديم . و هذه الضرورة للتعويل إلى درجة معيّنة على المثقّفين الذين لا تزال نظرتهم إلى حدّ كبير بعدُ برجوازيّة قد عزّ.ت بطريق الحتم التأثيرات البرجوازيّة و القوى البرجوازيّة في المجتمع و صلب الحزب كذلك .
و قد إعترف ماو تسى تونغ بضرورة الوحدة مع عديد المثقّفين و إستخدامهم – لا سيما في أواسط الخمسينات حينما كانت الصين تدخل في نزاع حاد متصاعد مع الإتّحاد السوفياتي و كانت تشعر بأنّ التدريب السريع و الإستخدام السريع لأعداد واسعة من المثقّفين الصينيّين صارا أمرا ملحّا أكثر للتخفيف من مدى الإرتباط بالسوفيات . و مع ذلك ، شدّد ماو على أنّه يجب إعادة تشكيل فكر المثقّفين و يجب أن يشاركوا في العمل المنتج و الصراع السياسي جنبا إلى جنب مع الجماهير . و شدّد ماو بصورة مستمرّة في ذلك الوقت بالذات على أنّه دون مثل إعادة التشكيل الفكريّ هذه للمثقّفين سيتحوّلون إلى قوّة رجعيّة خطيرة نظار لمواقفهم و تأثيرهم الإستراتيجيّين في المجتمع .
هذه النظرة الشاملة لماو ، النظرة البروليتارية الثوريّة غائبة كلّيا من تقرير شو . فبالنسبة لشو المسألة الجوهريّة هي أنّ الأخطاء السكتاريّة المعيّنة في التعاطى مع المثقّفين ، " ممتلكات الدولة الأثمن " هي منعهم من المساهمة التامة في مهمّة بناء الإشتراكيّة . ما عدا مهمّة " التخلّص " من القلّة القليلة الباقية من المعادين للثورة و العناصر المزدوجة ، لم يعد الصراع الطبقي حيويّا وفق شو . و بدلا من تحذير عناصر الحزب و المثقّفين من خطر الرصاصات البرجوازيّة المغلّفة بالسكّر ، يدعو شو إلى مزيد مثل هذه الرصاصات و إلى جعلها أحلى ما أمكن .
ماو بصدد المثقّفين :
و من الجهة الخرى ، طرح ماو تسى تونغ المسألة بطريقة مختلفة جوهريّا . في " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات في صفوف الشعب " في بدايات 1957 ، أقرّ ماو بأنّ الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازيّة سيكون " طويل المدى و متعرّجا و أحيانا حادّا للغاية " . و أكّد ماو أنّ :
" إنّ حسم نتيجة الصراع الإيديولوجي بين الإشتراكية و الرأسماليّة في بلادنا يتطلّب فترة طويلة أخرى . و السبب في ذلك هو أنّ تأثير البرجوازيّة و المثقّفين الذين إنحدروا من المجتمع القديم سيظلّ في بلادنا لفترة طويلة ، وهو سيدوم ، بصفته إيديولوجية طبقيّة ، زمنا طويلا أيضا . فإذا لم ندرك هذا الوضع كما ينبغي أو لم ندركه بتاتا فسوف نرتكب أفدح الأخطاء و نهمل شنّ الصراع اللازم في الحقل الإيديولوجي . "
( مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الخامس ، ص 409- 410 الطبعة باللغة الأنجليزيّة ؛ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ "، ص 19-21 ، الطبعة باللغة العربيّة ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين )
و لأجل الحطّ من قيمة خوض بالذات مثل هذا الصراع الإيديولوجي ، يزعم شو أنّ " الغالبيّة الغالبة من المثقّفين أصبحوا يعملون لدى الحكومة خدمة للإشتراكيّة و هم بعدُ جزء من الطبقة العاملة " . و ضمن المثقّفين الأعلى مراتبا الذين يهتمّ لأمرهم شو بوجه خاص ، يذكر إحصائيّات تقول إنّ 45 بالمائة " يساندون بنشاط الإشتراكيّة " و 40 بالمائة يساندون الحكومة لكنّهم ليسوا " تقدّميّين بما فيه الكفاية " ، بينما الباقين عناصر متخلّفة و معادية للثورة . بهذا في الذهن ، دعا شو إلى إنتداب ثلث المثقّفين الأعلى مراتبا إلى صفوف الحزب مع سنة 1962.
و كان لماو ما يقوله بشأن هذه المسألة أيضا . ففي بدايات 1957 ، قال إنّ فقط 10 بالمائة من مثقّفى البلاد الذين يعدّون خمسة ملايين يتخذون " موقفا صلبا – موقفا بروليتاريّا " . أمّا الغالبيّة العظمى ، فقد صنّفها ماو على أنّها " متذبذبة " . و يحتاج هؤلاء المثقّفين " بعد أن يقطعوا أشواطا كبيرة قبل أن يعوّضوا تماما النظرة البرجوازية إلى العالم بالنظرة البروليتاريّة إلى العالم " . و فيما ساند ماو إنتداب المثقّفين المتقدّمين سياسيّا إلى صفوف الحزب ، فقد أشار بعدُ إلى أنّه " حتّى هؤلاء المثقّفين في الحزب يتذبذبون بإستمرار و " يخشون التنّين من أمامهم و النمر من ورائهم " " و واصل للتشديد على جعل العمّال و الفلاّحين المتقدّمين العامود الفقريّ للحزب . ( " خطاب في الندوة الوطنيّة للحزب الشيوعي الصيني حول عمل الدعاية " ؛ مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الخامس ، ص 424-425 ، الطبعة باللغة الأنجليزيّة ).
و أمّا بالنسبة إلى موقف شو بأنّ المثقّفين قد إلتحقوا بالطبقة العاملة ، فقد أشار ماو إلى أنّهم جزء من البرجوازيّة الصغيرة التي " بالكاد إبتدأت " إعادة تشكيل تفكيرها . و من غير المفاجئ أنّ خطّ شو هنا ببساطة هو ذات خطّ دنك سياو بينغ الذى ألقى التقرير عن الدستور في المؤتمر الوطني الثامن للحزب ، نهاية 1956. و كجزء من هذا الخطّ التحريفي القائل بأنّ الصراع الطبقي كان يموت و أنّ الإختلافات الطبقيّة الشديدة لم تعد تعكس الوضع الجديد للصين ، حاجج دنك أنّ " الغالبيّة الغالبة من مثقّفينا أصبحوا الآن سياسيّا إلى جانب الطبقة العاملة ، و هناك تغيّر سريع في خلفيّتهم الأسريّة . و الظروف التي كان يوجد فيها فقراء المدن و الحرفيّين كفئة إجتماعيّة مستقلّة قد ألغيت فعليّا " .
و بخصوص سياسات شو في إعادة تربية المثقّفين ، فهو ينادى بتنظيم المزيد من الزيارات إلى مشاريع البناء الإشتراكي و بعمل المثقّفين في مواقع شغلهم و بالدراسة النظريّة التي يشدّد على أن لا تدخل في نزاع مع " مهامهم الحرفيّة " التي تشكّل " على ألقلّ خمسة أسداس يوم العمل " و التي ينبغي الحفاظ عليها . و علاوة على ذلك ، حجر الزاوية في برنامج شو للمثقّفين ينادى ب الاهتمام ب " طموحاتهم للتقدّم في المراتب " – و هو ما لا يمكن أن " يربّي " المثقّفين أساسا إلاّ على سلوك إتّجاه برجوازيّ.
و فقط بعد سنة من ذلك ، لفت ماو الإنتباه إلى واقع أنّه " ضمن الطلبة و المثقّفين وُجد حديثا تراجع في العمل الإيديولوجي و السياسي و ظهرت بعض التوجّهات غير الصحّية . و يبدو أنّ بعض الناس يفكّرون في أنّه لم تعد هناك حاجة للإهتمام بالسياسة ..." . و في خطابه في الندوة الوطنيّة للحزب حول عمل الدعاية في مارس 1957 ، أحال ماو على أنّ زيارة مناسباتيّة لمصنع أو قرية يشبه " النظر إلى الزهور من على ظهر احصان " . و في حين إعتبر أنّ ذلك أفضل من عدم القيام بأي شيء البتّة ، نصح ماو المثقّفين بالأحرى ب " الاستقرار " في صفوف العمّال و الفلاّحين و بالإعادة التامة لتشكيل نظرتهم إلى العالم . فمثلما شدّد على ذلك ماو ، " لأجل التمكّن حقّا من إستيعاب الماركسيّة ، يجب على المرء ليس التعلّم من الكتب فحسب و إنّما أساسا التعلّم عبر الصراع الطبقيّ ، عبر الممارسة العمليّة و الصلة الوثيقة مع جماهير العمّال و الفلاّحين " ( المجلّد الخامس ، ص 426-427).
أمّا شو فيرى أنّ المسألة الجوهريّة هي كيفيّة " تحفيز " المثقّفين ليساعدوا في بناء الصين كبلد عصريّ قويّ . و في صياغة إنتقائيّة يستعملها بإستمرار الحكّام التحريفيّون الحاليّون ، الحلّ في رأي شو هو المزج بين التربية السياسيّة و الهدايا الماديّة . و ينادى شو بتقديم أجور أعلى لهم و بإنشاء أحياء سكنيّة أفضل لهم و بتوفير مساعدين لهم و " إحترامهم " و إعادة تركيز الألقاب و أنظمة التحفيز – بإختصار ينادى بالخطّ الأساسي للقطيعة مع كلّ الفضلات حول " السياسة " و إطلاق العنان للمثقّفين و " طموحاتهم للتقدّم في المراتب ".
و مبيّنا حبّه القويّ لكنفيشيوس لرعاية موقعهم ذي الإمتيالزات نسبة للغالبيّة العظمى من عامة الشعب ، يقول شو إنّه " لأجل تمكين المثقّفين الأعلى مراتبا من بذل طاقة أكبر في عملهم ، يجب أن تجري معاملتهم معاملة مناسبة . بعض المثقّفين الأعلى مراتبا يجب عليهم أن يقضّوا بلا ضرورة الكثير من وقت العمل في أمور عبثيّة في حياتهم و ينبغي أن يعتبر هذا إهدار لقوّة عمل الدولة " .
ثقة المثقّفين ، لا سيما " المثقّفين الأعلى مراتبا " في إهتمام شو بهم تجازى جيّدا :
" أوّلا ، يجب أن نقول للعاملين بالإدارة في جميع الأقسام المعنيّة أن ينظروا في ظروف حياة المثقّفين كمسألة مهمّة . ثانيا، يجب أن ندرّب المنظّمات النقابيّة في جميع الأقسام المعنيّة و تعاونيّات الإستهلاك على أن يجتهدوا لأجل توسيع خدماتهم المقدّمة للمثقّفين . ثالثا ، يتعيّن أن ندخل تعديلات مناسبة على أجور المثقّفين وفق مبدأ الأجر حسب العمل كي تعادل مداخيلهم مساهماتهم في النهوض بالدولة . نزعة المساواتيّة في أنظمة الأجور و غيرها من المظاهر لاعقلانيّة و يجب إلغاؤها ".
و يلاحظ شو مظهرا " لاعقلانيّا " آخر في معاملة المثقّفين :
" هذا النظام اللاعقلانيّ في الترقيات يمثّل حجر عثرة كبير أمام طموحات التقدّم في المراتب لدي المثقّفين و حجر عثرة خاصة أمام تشجيع قوى جديدة و إختيار المثقّفين عامة للمواقع الأفضل . يجب أن نراجع هذا النظام بسرعة . و فضلا عن ذلك ، يجب أن يوجد إجراء هام لتشجيع طموحات المثقّفين في التقدّم في المراتب و تحفيز التقدّم العلميّ و الثقافي في منح المثقّفين درجات و ألقابا ... " ( التشديد مضاف ) . و عندما عاد شو إلى العمّال و الفلاّحين ، مباشرة إثر ندائه السافر بتقديم إمتيازات جديدة للمثقّفين ، تكشّف الجانب المظلم من " عنايته " الكنفيشيوسيّة بالناس تكشّفا بارزا للغاية .
" علينا أن نربّي العمّال و نجعلهم يفهمون كيفيّة التعاطى الصحيح مع المثقّفين كي لا يمكن أن يكون شعورهم الخاص بإحترام أنفسهم ضعيف بشكل غير متعمّد ، بإعتبار أنّ كافة الشغّالين المستقيمين يجب بشكل غير متعمّد أن يتمتّعوا بإحترام أنفسهم . "
بكلمات أخرى ، كانت رسالة شو إلى العمّال كالتالى : " تعلّموا أين يوجد مكانكم و أرضوا به ". كجميع التحريفيّين الذين يروّجون لإنتهاء الصراع الطبقي ، هذا بصرامة طريق له وجهة واحدة . في حين يدعون الجماهير إلى وضع نهاية لصراعها ضد البرجوازيّة و إيديولوجيّتها الرجعيّة ، يكرّسون طرقا جديدة في التحكّم في العمّال و في قمعهم .
و ليس مفاجأ أنّ برنامج شو للمثقّفين خاصة المثقّفين المدرّبين المحتلّين لمراتب عليا ، يعيد الظهور في كلّ شكله التحريفي الباهر في " منشور اللجنة المركزيّة للحزب حول عقد ندوة وطنيّة بشأن العلم " ، أعدّها دنك و هواو و أمثالهما ، في سبتمبر 1977 :
" يجب علينا النظر إلى أنّ هؤلاء العلماء و التقنيّين الذين حقّقوا مكاسبا أو الذين يتمتّعون بمؤهّلات كبرى من الواجب أن نضمن لهم ظروف عمل مناسبة و نوفّر لهم المساعدين الضروريّين . يجب أن نعيد تركيز الألقاب للعاملين في مجال التقنية و نعيد نظام تقييم البراعة التقنيّة و يجب على مراكز العمل التقنيّة أن تعيّن مسؤوليّات فرديّة . و بالضبط مثلما يجب أن نضمن وقتا للعمّال و الفلاّحين لينخرطوا في العمل المنتج ، يجب أن نوفّر للعاملين بالبحث العلمي لا أقلّ من خمسة أسداس ساعات عملهم كلّ أسبوع للعمل الخاص لحرفهم ". ( مجلّة بيكين ، عدد 40 ، 1977 ، ص 10 )
خطّ شو نجد صداه هنا لدي الحكّام التحريفيّين للصين حاليّا وهو بالضبط العقيدة الكنفيشيوسيّة ل " إعادة تركيز التقاليد " و ينسجم إنسجاما كلّيا مع المفهوم الكنفيشيوسي – و عموما مفهوم الطبقة المستغٍلّة – القائل بأنّ الذين يعملون بأذهانهم يحكمون بينما الذين يعملون يدويّا يقع التحكّم فيهم . و كما كان على ماو و البروليتاريّين الثوريّين الآخرين في الحزب الشيوعي الصيني أن يشيروا مرارا و تكرارا تاليا ، في ظلّ الإشتراكيّة مسألة كيفيّة التعاطى مع اللامساواة و التقسيم البرجوازي للعمل الموروث عن المجتمع القديم و ما إذا يجب توسيع أم محاصرة و تقييد " الحقّ البرجوازي " تغدو خطّ تمايز حيويّ بين مواصلة الثورة أم معارضتها .
و لعدّة سنوات قبل وفاته ، أكّد ماو على أنّ المجتمع الإشتراكي الجديد في الكثير من مظاهره لا يختلف كثيرا عن المجتمع القديم ، خاصة في ما يتعلّق باللامساواة في صفوف الناس ، و تناقض العمل الفكري و العمل اليدوي و الإختلافات بين العمّال و الفلاّحين و الإختلافات في المكانة و الأجور إلخ . و قد شرح كيف تظهر البرجوازيّة و تستقى دماء حياتها ذاتها من تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته و كيف أنّ الخطر الساسي يتأتّى من مركز قيادة برجوازيّة سيتشكّل بصفة متكرّرة صلب الحزب عينه للدفاع عن و لتوسيع هذه الإختلافات و اللامساواة و لحماية و إطلاق العنان للقاعدة الإجتماعيّة للفئات ذات الإمتيازات الأكبر . و بيّن ماو أنّ بناء الإشتراكيّة و المضيّ صوب الشيوعيّة يرتهن بالصراع الطبقيّ بلا هوادة ضد البرجوازيّة ، خاصة أتباع الطريق الرأسمالي داخل الحزب ؛ و يستدعى تعبأة الجماهير سياسيّا و تنمية سيادتها على جميع جوانب المجتمع و بالتالى إقتلاع الأرضيّة التي منها تعيد البرجوازية الظهور بإستمرار هي و إيديولوجيّتها الرجعيّة في ظلّ الإشتراكيّة .
و فقط بشأن هذه النقطة ، كان شو آن لاي يتّبع خطّا في جوهره تحريفيّا منذ 1956. و عندما وُوجه بالمهام الجديدة للتقدّم بالثورة الإشتراكيّة ، أمكنت رؤية الديمقراطي البرجوازي للمرحلة السابقة من الثورة يتحوّل إلى " شخص من الحزب في السلطة يتبع الطريق الرأسمالي " – وهو في موقع إستراتيجي لتشريع سياسات تحريفيّة عبر المجتمع ، و الإستيلاء التدريجي على أجزاء من سلطة الطبقة العاملة ،و يخدم كقيادة عامة للقاعدة الإجتماعيّة البرجوازيّة لإعادة تركيز الرأسماليّة و الجزء المفتاح منها يتشكّل من الفئات الأكثر إمتيازات من المثقّفين و موظّفى الحكومة و " الأخصّائيّين " التقنيّين و ما إلى ذلك .
تطوّر شو إلى خائن تحريفي :
هناك تماما الدور العام الذى إنتهى شو آن لاي إلى لعبه في سبعينات القرن العشرين لمّا تركّز الصراع الطبقيّ في الموقف إزاء الثورة الثقافيّة و مسألة أيّ طريق ستسير فيه الصين كانت تثار بحدّة أكثر من أيّ زمن مضى . و مع ذلك ، عرف هذا مسار تطوّر واضح . و خلال الحركات الجماهيريّة لخمسينات القرن العشرين و ستّيناته ، كان ماو قادرا على كسب دعم شو في مسائل مفاتيح – على أنّ هذا كان غالبا غصبا عنه بما أنّ شو لم يتّحد جوهريّا قط مع الإندفاع الثوريّ لتلك النضالات.
و كان هذا أوّلا و قبل كلّ شيء لأنّ شو و الديمقراطيّين البرجوازيّين أمثاله لا يساندون بعض التغييرات التي تزيل تخلّف الصين إقتصاديّا و ثقافيّا و بالأخصّ إذا كانت الإنتصارات يمكن لاحقا – بعد أن تكون الحركات الجماهيريّة قد إنحسرت – أن تتحوّل إلى رأس مال لتعزّز قوّ!تهم و سلطتهم . في كتيّب هام صدر سنة 1975 ، " بصدد الدكتاتوريّة الشاملة على البرجوازيّة " [ ورد أعلاه في الفصل الأوّل ضمن الوثائق الصينيّة الماويّة المعرّبة ] ، عالج تشانغ تشن تشياو هذا الموضوع معالجة مباشرة . و محيلا على أنّ " عددا من الرفاق لم ينخرطوا فى الحزب الشيوعي إلاّ على المستوى التنظيمي ، لكن ليس على المستوى الإيديولوجي " ، كتب تشانغ :
" إنّهم مع دكتاتورية البروليتاريا فى مرحلة معيّنة أو فى ميدان معيّن، و يفرحون ببعض إنتصارات البروليتاريا ، لأنّهم يجدون فيها بعض الإمتيازات . لكن حين يتمّ الحصول على هذه الإمتيازات ، يعتقدون أنّه حان وقت الترجّل و تنظيم المنزل برفاهة." (ص 14 من الطبعة باللغة الأنجليزيّة )
و علاوة على ذلك ، حينما يواجهون تيّارا صاعدا من النضال الجماهيري ، خاصة في المرحلة الأولى من القفزة الكبرى إلى المام و الثورة الثقافيّة ، إستطاع شو و آخرون أن يشعروا في أيّ إتّجاه تعصف الرياح و لهم إحساس كافي لجعلهم يقفزون على السيرورة لأجل المحافظة على مواقعهم . غير أنّه مع بدايات سبعينات القرن العشرين ، لم يعد شو يرى أنّ ذلك لا يزال ضروريّا .
في الواقع ، توفّرت له فرصة كبرى ل " مغادرة الحافلة " – لإصدار موقف حيويّ ضد سير الثورة إلى الأمام . قضيّة لين بياو و نموّ التهديد السوفياتي للصين و تنامى المقاومة في صفوف عديد قادة الحزب و كوادره للإختراقات غير المسبوقة و التغييرات التي حقّقتها الثورة الثقافيّة و كلّ هذا أظهر إلى السطح كافة النزعات التحريفيّة منذ مدّة طويلة لدي شو و قد وحّدها في خطّ معادي للثورة كلّيا – واضعا شو و قادة قدماء آخرين من الحزب المتحالفين معه في معارضة مباشرة لماو لمركز و لمركز القيادة البروليتاريّة التي كان يقوده .
في خطابه الشهير في لوشان سنة 1959 ، قال ماو إنّ شو آن لاي قد " تذبذب " سنة 1956 -1957 أثناء الموجات الأولى من التمرّدالت الجماهيريّة التي إندلعت بقوّة كبيرة أإثناء القفزة الكبرى إلى ألمام سنة 1958-1959 . و بالمعنى الإيديولوجي، وصف ماو هذا بأنّه " سطحيّة و تشاؤم برجوازيّين حزينين و كئيبين " . و في الوقت نفسه ، لاحظ ماو بأنّ شو كان نموذجا للمحافظين قبلا و صالر الآن " موقفه صلبا " .( " الرئيس ماو يتحدّث إلى الشعب " خطابات و رسائل 1956-1971 "، قدّم له و نشره ستوارت شرام ، ص 138 من الطبعة بالغة الأنجليزيّة ).
و بعد بضعة سنوات فحسب – في وضع السحب المفاجئ للمسالعدة السوفياتيّة و حدوث سلسلة من الكوارث الطبيعيّة – " تذبذب " شو مجدّدا ملحقا قواه بالتحريفيّين المتجمّعين حول ليو تشاوتشى و دنك سياو بينغ للإنقلاب على عديد التغييرات الثوريّة المحقّقة أثناء القفزة الكبرى إلى الأمام . و على ما يبدو كان شو ضالعا في صياغة " ال70 نقطة " السيّئة السمعة للصناعة في بدايات ستّينات القرن العشرين ( التي ضمن أشياء أخرى أعادت إرساء العلاوات و العمل بالقطعة و تبنّت قوانينا و ضوابطا واضحة الربح و " الأخصّائيّين " الصناعيّين في مصاف القيادة ، و قلّصت من الوقت الذى يقضيه يقضّيه العمّال في الدراسة و الصراع السياسيّين ).
و غالبا ما أشار ماو إلى أنّ في بداية الثورة الثقافيّة ، غالبيّة الحرس القديم في اللجنة المركزيّة لم تتّفق معه معتبرة أنّ وجهات نظره " فات أوانها " . في الواقع ، قال ماو لاحقا : " كنت الوحيد أحيانا المتّفق مع رأيى " . و في حين ناضل ماو مع و كسب في النهاية شو و عدّة قادة آخرين من رسميّيى الحزب المتكلّسين المتجمّعين حول شو للمضيّ مع الثورة الثقافيّة، شعُر بوضوح أنّه كان من الضروريّ تجاوز معظم هؤلاء الناس و تشكيل مجموعة قياديّة تنجز الثورة . ماو و اليسار الثوريّ – و ضمنه كان الثوريّون البروليتاريّون الأربعة الذين تقع شيطنتهم الآن على أنّهم " عصابة الأربعة " ينهضون بالدور القيادي – حشدوا الجماهير للإطاحة بمركز القيادة التحريفيّة الموالي للسوفيات المتجمّع حول ليو تشاوتشى و لاحقا مركز قيادة لين بياو و لتأكيد تحكّمها و تنمية سيادتها على كملّ مجال من مجالات المجتمع . لكن ، في الوقت نفسه ، حاولت قيادات الحزب المتجمّعة حول شو آن لاي أن تضيّق مدى الثورة الثقافيّة و سعت أحيانا إلى إنهائها كلّيا ( مثلما حدث ذلك في بدايات 1967 ).
و إلى درجة كبيرة ، تمثّل دور شو في التحذير ضد " التجاوزات " و حماية و التغطية على الكثير من بيروقراطيّى الحزب المحافظين هؤلاء إزاء نقد الجماهير لهم .
و في هذا الوقت توصّل شو آن لاي و آخرون من قيادات الحزب المتحالفين معه إلى إستنتاج أنّ الدفاع عن الصين و البناء الاقتصادي يرتهنان بعقد تسوية و تحالف مع البلدان الإمبرياليّة الغربيّة – مظهر منسجم مع تفكير شو منذ ربّما فترة طويلة تعود إلى 1949 أو ربّما قحتّى إلى ما قبل ذلك . سياسات شو – سياسات وضع التعصير فوق الصراع الطبقي و وضع الأخصّائيّين البرجوازيّين و " الفعاليّة " في مصاف القيادة متوجّها للعمّال و الفلاّحين بأن يلزموا أماكنهم و أن يقبلوا بذلك و فاتحا الباب على مصرعيه لإستغلال الصين من طرف الرأسمال الأجنبي مقابل التقنية المتقدّمة – تشترك في الكثير مع الخطوط التحريفيّة التي أضحت تحت النيران أثناء السنوات القليلة الأولى من الثورة الثقافيّة ( مع إختلاف أساسي هو أنّ ليو تشاوتشى ، " خروتشوف الصين " ، و لين بياو بعده ، كانا يدافعان عن الإستسلام إلى الإمبرياليّين الإشتراكيّين السوفيات بدلا من الإستسلام إلى الإمبرياليّين الغربيّين ). رأى شو آن لاي و آخرون أنّ مصالحهم ستخدمها بشكل أفضل هزيمة هؤلاء التحريفيّن من الصنف السوفياتي . و هكذا ألحقوا قواهم بماو و اليسار الثوريّ الذين رؤوا أنّ ليو و تاليا لين بياو و يمثّلان الخطر الأكثر مباشرة ، خطر الإستيلاء على السلطة و إعادة الصين إلى الرأسماليّة .
و مع نهاية 1971 ، كانت قيادة عامة برجوازيّة محورها بشكل متصاعد هو الوزير الأوّل شو في موقع في منتهى القوّة ، نظرا لكلّ من العوامل الداخليّة و العالميّة أيضا . و وضعت خيانة لين بياو عددا من مكاسب الثورة الثقافيّة موضع السؤال، و تصاعدت إمكانيّة هجوم سوفياتي على الصين بشكل ملموس ، ووُجد عدد من كوادر و بعض فئات من الجماهير أرهقهم الصراع الجماهيري .
و بتعلّة معارضة لين بياو حاجج اليمين الذى كانم يقوده شو آن لاي من أجل إعادة الإعتبار لغالبيّة الكوادر الذين أطاحت بهم الثورة الثقافيّة بما في ذلك أتباع الطريق الرأسمالي غير تائبين من مثل دنك سياو بينغ ، بأكثر بقليل من نقد ذاتيّ رمزيّ. و بذريعة مواجهة هجوم سوفياتي قفز اليمين – منرّة أخرى بقيادة شو – على ضرورة القيام ب " إنفتاح على الغرب " لتدافع عن إقامة تحالف إستراتيجي مع الإمبرياليّة الأمريكيّة وكتلتها و سحب الدعم للنضالات الثوريّة حول العالم . ( أنظروا مقال " إستراتيجيا العوالم الثلاثة : إعتذار من أجل الإستسلام " في عدد مجلّة " الثورة " الصادر في نوفمبر سنة 1978 من أجل المزيد عن دور شو آن لاي في تطوير و تكريس هذا الخطّ العالمي الرجعيّ ).
و في هذه اللحظة ، رأى ماو الحاجة إلى إعادة الإعتبار لعدد من الكوادر لكن فقط على أساس حفاظ الحزب على خطّ بروليتاري صارم و بالتأكيد ليس على أساس الإنقلاب على الأحكام الصحيحة للثورة الثقافيّة . و قد وافق ماو على ما يبدو على إرجاع دنك سياو بينغ نظرا إلى الحاجة إلى تعزيز الأشياء عقب قضيّة لين بياو إلاّ أنّ ماو قد شدّد على أن يقدّم دنك نقدا ذاتيّا و يتعهّد بمساندة الثورة الثقافيّة – و أمكن لهذا لاحقا إستخدامه فعلا ضدّ دنك حينما قفز من جديد ضد الخطّ البروليتاري و رأى ماو كذلك الحاجة إلى عقد بعض الإتّفاقيّات و المساومات مع الغرب للتعاطى مع التهديد السوفياتي المتنامي للصين . و مع ذلك ، كان ماو يوافق على بعض سياسات شو بأهداف مختلفة كلّيا في ذهنه كما سيتّضح لاحقا .
وفق اليمين ، حان الآن وقت إعادة تركيز النظام و إيقاف كلّ هذه الحركات السياسيّة الجماهيريّة و العودة خلفا إلى ما يهمّ حقّا – مهمّة بناء الصين لتصبح بلدا عصريّا عظيما . و لم يكن من الواجب إلاّ إعلان نهاية الثورة الثقافيّة غير أنّ عديد التغييرات الثوريّة التي نجمت عنها – بما فيها اللجان الثوريّة في المصانع لتعويض إدارة الفرد الواحد و إقامة الشباب المتعلّم في الرياف و البحث العلمي المفتوح الباب – تعرّضت إلى الهجوم و الإنقلاب عليها . و بالرغم من أنّ دنك سياو بينغ قد كان رأس حربة المفضوح في خدمة اليمين ، يعطى الحكّام الحاليّون لشو الثقة التامة على أنّه كان ينهض بدور ريادي في بعث حركة لإعادة تركيز السياسات التعليميّة القديمة التي جرى نقدها أثناء الثورة الثقافيّة و بالخصوص المناداة " برفع المعيير " و بتسجيل جزء من طلبة المعاهد العليا من صفوف المتخرّجين القدامي " ذوى المهارات ... من المعاهد الثانويّة .
و بلا ريب صارع ماو شو ليجعله يتخلّى عن خطّه الرجعيّ إلى أن توُفّي ش في جانفى 1976 – خاصة لأنّ ماو إعترف بأنّ شو كان يملك قاعدة إجتماعيّة قويّة في صفوف كوادر الحزب و المثقّفين و فئات من الجماهير ، و أقرّ ماو بضرورة كسب أكبر قدر ممكن من هؤلاء . بيد أنّه لم تكن لدي ماو أوهام بشأن شو و ما كان يبحث عنه .
و بالضبط عقب المؤتمر العاشر للحزب أواخر 1973 ، تحالف ماو تحالفا وثيقا مع الأربعة و بصفة مباشرة فتح النار على مراكز قيادة يمينيّة يقودها شو و يتزعّمها بشكل عدواني أكثر دنك سياو بينغ . و إشتدّ صراع حياة أو موت بين البروليتالريا و البرجوازية مذّاك إلى أكتوبر 1976 لماّ إستغلّ اليمين وفاة ماو و جمّع قواته لينظّم إنقلابا معاديا للثورة .
في جميع الحملات التي أطلقها ماو – من حملة نقد لين بياو و كنفيشيوس سنة 1973 و حملة دراسة نظريّة دكتاتوريّة البروليتاريا و قتال التحريفيّة و الوقوف ضدّها ، و حملة نقد مسرحية هامش الماء ؛ إلى حملة نقد دنك سياو بينغ و الردّ على ريح الإنحراف اليمينيّ سنة 1976 – كان ماو و الأربعة بأشكال متنوّعة يهاجمون الخطّ السياسي لشو المعادي للثورة و جرى كلّ هذا بإستثناء مهاجمته بالإسم . و كان هذا صحيحا بالخصوص بشأن حملات نقد لين بياو / كنفيشيوس و حملات هامش الماء اللتان إستهدفتا بصفة غير مباشرة دنك و شو من ورائه بإعتبارهما من أتباع كنفيشيوس المعاصرين و المرتدّين الذين يسعون لمعارضة الثورة و إعادة تركيز الرأسماليّة و الإستسلام للإمبرياليّة .
[ أنظروا " خسارة الصين و الإرث الثوري لماو تسى تونغ " ، خطاب هام لبوب أفاكيان ، رئيس اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الثوريّ ، الصفحات 61-93 ، من أجل تحليل أشمل لهذه الفترة ] .
و في هذه السنوات الأخيرة ، كان شو آن لاي يتحرّك من وراء الستار موظّفا قدراته البيروقراطيّة المكعتبرة لتعيين قادة يمينيّين في مواقع حزبيّة و حكوميّة هامة ومطلقا العنان لقاعدة إجتماعيّة لإعادة تركيز الرأسماليّة تحت يافطة " التعصير". ماو كعادته النموذجيّة كان يُطلق الحملات الجماهيريّة لنقد أتباع الطريق الرأسمالي و إجتثاث جذور التحريفيّة ؛ و ألقى بثقله ليساند كلّ المساندة مزيد التغيير الإشتراكي و خاصة " الأشياء الإشتراكية الجديدة " التي أفرزنتها الثورة الثقافيّة و بذل قصارى جهده الممكن ليسلّح سياسيّا و يعبّأ الجماهير لتحترس من التحريفيّة و لتتّبع طريق الثورة و تبقى أنظارها على الهدف الأسمى ، الشيوعيّة .
و هكذا ، ماو تسى تونغ و شو آن لاي و مراكز القيادة البروليتاريّة و البرجوازيّة التي يمثّلانها – إنتهيا إلى التعارض الجوهري و الشامل . و حتّى قبل عقدين ، كما بيّن ذلك تحليل لمختلف خطاباتهما سنة 1949 و 1956 ، و نظراتهما المختلفتين راديكاليّا على العالم . و كما أشار ماو في السنوات الأخيرة من حياته ، مع تقدّم الثورة الإشتراكيّة و تعمّقها ، قانون موضوعي هو أنّ " الأشباح و الشياطين " – لا سيما ضمن أعلى قادة الحزب مثل شو آن لاي و سابقيه من التحريفيّين أمثالل ليو تشاوتشى و لين بياو – يقفزون إلى الساحة كلّ بضعة سنوات من أجل مجابهة قوّة مع البروليتاريا .
خطّ الحزب الشيوعي الثوري حول شو آن لاي :
في السنوات الأخيرة فقط تمكّن حزبنا من التلخيص الصحيح للدور الفعليّ الذى نهض به شو آن لاي في الثورة الصينيّة . في جانفى 1976 ، بالضبط بعد وفاة شو ، جاء في مجلّة " الثورة " مقال وصف شو بأنّه كان طوال حياته ثوريّا و شيوعيّا. و رغم أنّ الحزب كان يتابع عن كثب صراع الخطّين في الصين ، و قدّم دعمه التام للخطّ الثوريّ ، لم نفهم بصفة شاملة الدور الذى إضطلع به عديد الأشخاص و منهم شو آن لاي وقتها . و قد كان هذا أيضا نتيجة تأثير مركز قيادة جرفس ( برغمان التحريفيّة داخل الحزب الشيوعي الثوريّ فهؤلاء قد تبنّوا الخطّ التحريفيّ للحكّام الحاليّين و الذين كانوا طوال الوقت ينظرون إلى شو على أنّه " نموذج الشيوعي " بالنسبة إليهم .
و من خلال الهزيمة الحيويّة لهؤلاء التحريفيّين في حزبنا أواخر 1977 ، توصّل الحزب الشيوعي الثوري إلى إستنتاجات صحيحة بخصوص الطبيعة الطبقيّة للحكّام الحاليّين للصين و كذلك حول دور شو – الذى تكشّف وصضوحه أكثر فأكثر بواسطة التحريفيّين الصينيّين أنفسهم في السنة الأخيرة و بالتأكيد أنّ المزيد من هذا سيظهر مستقبلا .
وبالتالي ، يترتّب علينا بداهة أن ننبذ الموقف الذى إتّخذناه سنة 1976 حول شو آن لاي . و بدلا من إعتبار أنّه " كان طوال حياته شيوعيّا " ، كان شو ديمقراطيّا برجوازيّا طوال حياته التي إنتهت وهو يقود و تاليا بعد موته أصبح نقطة وحدة القوى المعادية للثورة التي أعادت تركيز دكتاتوريّة البرجوازيّة ضد الشعب الصيني وهي الآن ترجع الصين إلى حياة جهنّم الرأسماليّة .
كامل عظمة خطّ شو آن لاي يقع إستعراضها الآن في الصين وهي متمحورة حول " التعصيرات الأربعة " و إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " للإستسلام للإمبرياليّة . و هذا حقّا إستنتاج مناسب لحياة شو لأنّه يسجّله في التاريخ على أنّه عدوّ لدود للبروليتاريا و ممثّل قيادي للبرجوازيّة الصينيّة التي حاولت أن تعيد إلى الوراء المسيرة إلى الأمام التي شرعت فيها الطبقة العاملة العالميّة بإتّجاه الشيوعيّة .
----------------------------------------------------------------------------------