الشيوعيّة الثوريّة مقابل نظريّة - تصفية الإستعمار - : إختلافات كبرى ثلاثة


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 7946 - 2024 / 4 / 13 - 15:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

جريدة " الثورة " عدد 848 ، 8 أفريل 2024
www.revcom.us

أوّلا ، تُركّز نظريّة تصفية الإستعمار ( أو التحرّر من الإستعمار- Decolonization )على النتيجة – الإستعمار غير العادل و الوحشيّ و الاحتلال الإستيطاني و الإبادة الجماعيّة – و ليس على جذور المسألة ألا وهي النظام الرأسمالي – الإمبريالي . لا يمكن أن تقود هذه النظريّة إلى التحرير .
حيثما وقع فرضه مثّل الإستعمار الإستيطاني كابوسا – من أمريكا إلى أفريقا ، إلى الهند و غيرها من أنحاء آسيا ،و بالتأكيد إلى الشرق الأوسط . إلاّ أنّ الإستعمار الإستيطاني كان و لا يزال نتاج نظام أعمق هو النظام الاقتصادي السياسي الرأسمالي.
و إذا لم يقع إستيعاب السبب الأعمق ، عندئذ سيتواصل عذاب الجماهير . و اليوم ، حتّى و إن كانت بلدان مثل الفيتنام و الجزائر و هايتي و غيرها قا خاضت نضالات بطوليّة من أجل الإستقلال و الأرض ، لم يكن ذلك كافيا : فإقتصاديّاتها ظلّت عامة تحت هيمنة هذه أو تلك من القوى الإمبرياليّة ( أي ، الولايات المتّحدة ، أوروبا ، اليابان ، روسيا والآن الصين).
أمّا الثورة الشيوعيّة الجديدة فهي تُشخّص علميّا و تتحرّك نحو إجتثاث السبب الأساي و منبع الإضطهاد أي الرأسماليّة – الإمبرياليّة .
تعبّأ الثورة الشيوعيّة الجديدة الملايين للإطاحة بالنظام الرأسمالي- الإمبريالي و تركيز سلطة دولة جديدة . و تقود هذه السلطة الجديدة و تدعم الجماهير الشعبيّة في خلق نظام إقتصادي و سياسي جديدتماما . و تُرسى هذه السلطة الجديدة هياكلا و تكرّسس سياسات تهدف إلى إجتثاث الإضطهاد الرأسمالي – الإمبريالي و كافة أشكال الإستغلال و كافة أشكال الإضطهاد القومي و " العرقيّ " و الجندري الذين ليس بوسع الرأسماليّة - الإمبرياليّة السير دونه - بما في ذلك الإستعمار حيث يتواصل وجوده .
ثانيا ، لا يتوقّف مقترحو نظريّة " تصفية الإستعمار " عن الحديث عن " الشعب " لكن " الشعب منقسم إلى طبقات مختلفة لها مصالح مختلفة جوهريّا .
و بتعال يتحدّث منظّرو تصفية الإستعمار عن كيف أنّ " الشعب سيُقرّر " و ينادون ب " إتّباع قيادة الشعب المستَعمَر أو المضطهَد " . لكن كافة الشعوب المضطهَدَة منقسمة إلى طبقات و جماعات مختلفة لها مصالح متباينة جذريّا و تتناسب مع برامج متباينة . و الحديث عن إرادة " الشعب " لا تحدّد شيئاو يمكن أن تذرّ الرماد في العيون في ما يتّصل بمن هم المستغِلّون الرأسماليّون الجدد الذين يصعدون إلى السلطة . و مثلما تبيّن التجربة المريرة ، نضالات التحرّر التي لا تسلك الطريق الإشتراكي سرعان ما تسحبها الطبقة الرأسماليّة " المحلّية " الجديدة إلى الوقوع تحت سيطرة الإمبرياليّة ، و مرّة أخرى ، إلى منتهى الإستغلال القاسيّ و الإضطهاد المرير للغالبيّة العظمى من شعبها .
أمّا الثورة الشيوعيّة الجديدة فتقاتل من أجل المصالح الموضوعيّة للبروليتاريا عبر العالم و على هذا الأساس تهدف إلى تحرير الإنسانيّة جمعاء . و كجزء من هذا ، تتحرّك الدول الثوريّة تحت سطرة القيادةالشيوعيّة الجديدة نحو إجتثاث كافة أشكال الهيمنة الإستعماريّة و القوميّة و " العرقيّة " و الإستعماريّة الجديدة ، و كافة أشكال الإضطهاد الأخرى .
و كما هي مطبّقة على الولايات المتّحدةفى " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان ، الدولة الإشتراكيّة الجديدة يمكن و ستتحرّك لتتجاوز الإرث الإستعماري و كلّ أشكال الإضطهاد القومي و" العرقي " ، في إطار مضيّ المجتمع بأسره قُدُما صوب الإشتراكيّة – لى حانب إجتثاث إضطهاد النساء و كلّ الإضطهاد القائم على الجندر و التوجّه الجنسيّ . بالإضافة إلى ذلك ، ستتحرّك الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا للتخلّص من الوضع الذى مصّت فيه طفيليّا الولايات المتّحدة دم جنوب الكوكب و دفعت البيئة إلى حافة القضاء على البيئة . و مطبّقة على إسرائيل ، ترى الثورة الشيوعيّة الجديدة أنّ الحلّ ليس لا طرد اليهود من فلسطين و لا حلّ " الجولتين " الزائف أو نوعا من دولة أصوليّة إسلاميّة كابوسيّة . المطلوب هو خوض نضال ثوريّ للإطاحة بدولة إسرائيل و إنشاء ، كم وضع ذلك بوب أفاكيان ، " دولة ثوريّة لا تشجّع فيها الحكوم و القوانين أيّ دين و لا تفضّل شعبا على آخر ، و بدلا من ذلك توجد مساواة بين اليهود و الفلسطينيّن ".
ثالثا ، يدافع الكثير و الكثير من مقترحى " تصفية الإستعمار " عن الإنتقام على أنّه عمل مبرّر ، و الكثير و الكثير منهم قد نفّذوا أو حتّى صفّقوا و هلّلوا لقتل حماس للمدنيّين و إختطافها أسرى منهم .
لا بدّ من مواجهة و هزم الأدوات القمعيّة العنيفة لقمع الطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ؛ غير أنّه عند القيام بذلك ليس بوسعنا أن ننحطّ إلى مستوى العدوّ . و حجّة أنّ " تصفية الإستعمار ليست إستعارة " تبرير للقيام بأيّ شيء باسم " المقاومة " . لكن ما نحتاجه هو وضع نهاية للإضطهاد ، و ليس التحوّل إلى مضطهِدِين جدد .
أمّا الشيوعيّة الجديدة فتدافع عن أنّ النظام في إسرائيل – كما في جميع المجتمعات الرأسمالية – الإمبرياليّة – يجب الإطاحة به ، و لا يمكن إصلاحه . إلاّ انّنا نعارض الفكرة السامة القائلة بأنّ الغاية تبرّر الوسيلة . و بدلا من ذلك ، نؤكّد ، بكلمات بوب أفاكيان ، أنّ " الوسائل يجب أن تنسجم مع الأهداف " .
كيف نقاتل – المبادئ التي ستُرشد النضال الثوري الشامل اللازم خوضه – له صلة وثيقة بنوع المجتمع الذى نقاتل في سبيله . و الإنتقام يحطّ من قيمة الشخص القائم به و كذلك من قيمة الضحيّة ، و سيُفسد و يُحطّم أيّ أمل حقيقي في التحرير. هذا مبدأ جوهريّ في الشيوعيّة الجديدة التي تقدّم بها بوب أفاكيان .