مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب أفاكيان 2022 و 2023


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 7905 - 2024 / 3 / 3 - 19:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

( ملاحظة : الكتاب كاملا - بى دى أف - متوفّر للتحميل من مكتبة الحوار المتمدّن )
--------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 47 / جانفى 2024
شادي الشماوي
https://www.ahewar.org/m.asp?i=3603
مقالات بوب أفاكيان 2022 و 2023
)This is not an official translation ( ملاحظة : هذه الترجمة ليست رسميّة /
مقالات بوب أفاكيان 2022 و 2023

مقدّمة المترجم :

في هذا العدد 47 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " أو الكتاب 47 ، نضع بين أيدي القارئ و القارئة 55 مقالا خطّها سنتي 2022 و 2023 بوب أفاكيان المعتبر حسب عنوان مقال نشر سنة 2020 ، " القائد الثوري ومؤلّف الشيوعية الجديدة الثوريّة و مهندسها " ( الملحق 1 ) . و إلى جانبها نورد مقالات تتفاعل مع بوب أفاكيان و أهمّية قيادته ( مقالات 5 ) تقييما و نقدا صدرت هي الأخرى في جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، جريدة " الثورة " وموقعها على الأنترنتrevcom.us.
و مثلما قلنا قبل سنتين ، في مقدّمة الكتاب 41 ، العدد 41 من " الماويّة : النظريّة و الممارسة " و كان عنوانه " مقالات بوب أفاكيان 2020 و2021 " :
" و لمن لم يعلم بعدُ من هو بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الذى ذكرنا للتوّ ، ببساطة نكتفى بقول :
أوّلا ، إنّه قائد شيوعيّ منذ سبعينات القرن العشرين و واضع الكثير من المقالات و الكتب و قد عرّبنا منها بضعة أعمال منها على سبيل الذكر لا الحصر الكتب التالية ( و جميعها متوفّرة للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن ) :
- المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ ، الجزء الأوّل
- ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة ! ،
- إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة
- الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي "،
- لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا !
[ - تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة : " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها " / 2020
- مقالات بوب أفاكيان 2020 و 2021 / 2021
- الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ... خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة / 2022
- المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ ، الجزء الثاني / 2023 ]
و ثانيا ، إنّ بوب أفاكيان مهندس الشيوعيّة الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعيّة التي عرّفها هو ذاته بصورة مكثّفة :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيء مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( بوب أفاكيان ، " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية ، الجزء الأوّل " ؛ جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
و من يرغب / ترغب في مزيد التعرّف على من هو بوب أفاكيان و على سيرته الذاتيّة و مساهماته كقائد شيوعي لعقود ، فعليه / عليها بالملحق الثاني لهذا الكتاب و بكتاب " عن بوب أفاكيان و أهمّية الخلاصة الجديدة للشيوعيّة..." ( مكتبة الحوار المتمدّن أيضا ). و من تتطلّع / يتطلّع إلى دراسة مضمون الشيوعيّة الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعيّة فعليها / عليه بداية بالملحق الثالث لهذا الكتاب و تاليا بكتابي " إختراقات ..." و " الشيوعيّة الجديدة ..." الذين مرّ بنا ذكرهما .
أمّا عن أهمّية هذه المقالات التي تطبّق الموقف و المقاربة و المنهج الشيوعيّين على جملة من قضايا الصراع الطبقيّ الحارقة و الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة و عالميّا ، فنترك للقرّاء الحكم عليها و لما لا التفاعل مع مضمونها نقاشا و تقييما نقديّا . "
و محتويات هذا الكتاب 47 ، العدد 47 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " مثيرة و معبّرة للغاية ، وهي زيادة على هذه المقدّمة المقتضبة :
الجزء الأوّل : مقالات بوب أفاكيان سنة 2022

1- بعض النقاط المفاتيح بصدد " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." – حقائق نحتاجها من أجل التحرّر
2- تحدّي متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه
3- مسألة منهجيّة هامة صاغها بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة
4- النضال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء
5- بوب أفاكيان : بصدد دوافع أعمالي و كيف يرتبط هذا بالأهداف و المنهج و المبادئ الأساسيّين
6- بوب أفاكيان يتكلّم عن " عبادة الفرد " : تهمة سخيفة و جاهلة و غير مسؤولة – إنّما نحن نطبّق منهجا و مقاربة علميّين و نغيّر العالم في سبيل تحرير الإنسانيّة
7- الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : - معاداة الإستبداد - ك - غطاء - لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة
8- الطفيليّة الإمبرياليّة و" الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّت" هم"
9- مبدأ أساسي بشأن الحرب في أوكرانيا
10- بوب أفاكيان يفضح المتقدّمين لخدمة هذا النظام الإضطهاديّ
11- قوى إضطهاد وحشيّ و إعتذارات منافقة للقتلة المقترفين للإبادات الجماعيّة – ما الذى يجب أن " يُلغى "
12- كلمات أربع و بعض الأسئلة الأساسيّة موجّهة إلى الليبراليّين الذين يحبّون أمريكا
13- ضباب الحرب و وضوحها
14- الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها الرهيبة على الجماهير القاعديّة - و المخرج الثوريّ
15- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد] ( الحوار بأكمله )
16- أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقيّ و ليست تكرارا للحرب العالميّة الثانية
17-" عصابة صعاليك شرعيّين " ، صعاليك يملكون أسلحة نوويّة
18- الجنون الهستيري لشين بان و خطر حرب نوويّة
19- الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة
20- الثورة : أمل الفاقدين للأمل - بوب أفاكيان يتحدّث عن " ليس لنا مستقبل وعلى أيّ حال سنموت في سنّ الشباب"
21- الحرب في أوكرانيا و مصالح الإنسانيّة : مقاربة علميّة ثوريّة مقابل التشويش الضار و الأوهام الشوفينيّة - بوب أفاكيان يردّ على أناس يجب أن يكونوا أكثر معرفة ( و ربّما كانوا كذلك في وقت ما )
22-المحكمة العليا تتحرّك نحو إلغاء حقوق الإجهاض : " النزول إلى الشوارع " و رفض حدوث ذلك – بوب أفاكيان يتحدّث عن هذا الوضع الدقيق في القتال من أجل حقوق الإجهاض و الطريق إلى التقدّم و تجنّب الطرق المسدودة
23- النضال الحيويّ من أجل حقوق الإجهاض و وضع نهاية لكافة الإضطهاد – الوحدة العريضة و الصراع الضروريّ
24- العمل مع حزب الفهود السود ، العمل من أجل الثورة – و ليس هراء " هويّة اليقظة "
25- قيادة السود و السكّان الأصليّين و ذوى البشرة الملوّنة ( البيبوك ) ، لا وجود لشيء كهذا – القتال ضد الإضطهاد و القيادة التي نحتاج إليها
26- قتال جدّيّ ضد الظلم – و ليس تدافعا تافها من أجل " الملكيّة "
27- الضمائر و جوع الأطفال
28- رسالة مفتوحة إلى المنظّر الفيزيائي لي سمولين من بوب أفاكيان – قائد ثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و مهندسها
29- جلسات إستماع المحكمة بشأن أحداث 6 جانفي [2020 ] - و عنف هذا النظام [ الرأسمالي – الإمبريالي ]
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثاني : تفاعلا مع بوب أفاكيان ( سنة 2022 )

1- سجين ثوريّ يتفاعل مع جدال بوب أفاكيان حول إلغاء العبوديّة
2- الحاقدون الذين " لا يرغبون في السماع عن بوب أفاكيان " يخبرون عن حقيقتهم
3- بوب أفاكيان : مسألة خلافيّة
4- روبار ماككاي يُشيطن بشكل تضليليّ بوب أفاكيان و يمحو الثورة و يتفّه الحقيقة – هل تقبل الأنترسبت بهذا ؟
تجّار: ( revcoms ) 5- خلفيّة أسبوع من الهجمات على شبكة الأنترنت ضد بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين لخوف الإمبريالي و خدمه
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثالث : مقالات بوب أفاكيان سنة 2023
1- أمريكا : حقّا نموذج – للإبادة الجماعيّة الفاسقة
كيف يمكن لأيّ إنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟!
2- بوب أفاكيان يردّ على شباب قاعديّين – " الحسّ العام " عادة خاطئ و المقاربة العلميّة تبيّن أنّ الثورة ممكنة ، لا سيما في هذا " الزمن النادر "
3- دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية + ملاحظات إضافيّة ( و مقدّمة مقتضبة )
4- فكر " مناهضة الإستبداد " فكر مناهض للعلم – خدمة الإمبرياليّة الأمريكيّة و الترويج للشوفينيّة الأمريكيّة
5- النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل " الخطّ الجماهيري "
6- الثورة : المنعرجات الكبرى و الفرص النادرة أو ... لماذا تحدّث لينين عن الحرب العالميّة الأولى بإعتبارها " مديرة مسرح " الثورة ؟ ... و لماذا قال ماو إنّه يجب أن نشكر اليابان لغزوها الصين ؟
7- الليبراليّون ... كاذبون ... كاذبون
8- بصدد بيل ماهر – ملاحظة أخرى عن الشوفينيّة الأمريكيّة و الفرديّة الطفوليّة
9- روبار أف. كندي الإبن ... التدجيل و التآمر ... أفكار غير عاديّة و مقاربة علميّة – المحاورة أو عدم المحاورة – هذه مسألة مبدأ و منهج
10- المحكمة العليا : المسيحيّون الفاشيّون يسلبون بإسم الإلاه
11- الإستغلال : ما هو و كيف نضع له نهاية
12- الثورة ممكنة – يجب إغتنام هذا الزمن النادر
13- الإلاه و التحيّز و الإضطهاد و الرعب ؛ و طريق الخروج من هذا الجنون
14- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الأوّل : نحن نتحلّى بالجدّية
15- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الثاني : إستراتيجيا ترتكز على العلم
16- حالة طوارئ : سلاسل تقيّد الذين هم في حاجة بيأس إلى التحرّر
17- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الثالث : الحرب الأهليّة والثورة
18- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الرابع : لبّ صلب من الشباب و الثورة
19- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الخامس : الظفر و الظفر
20- وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه
21- رأسماليّون ، معادون للشيوعيّة : نفاق صارخ و تناقض ساطع
22- كيلار مايك ، آيس كيوب ، لماذا لا يمكن للبرامج الرأسماليّة و التطلّعات البرجوازيّة أن تؤدّي إلى التحرير و لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
23- محاكمات دونالد ترامب الفاشي و الطبيعة الإجراميّة لهذا النظام برمّته
24- بعض الحقائق الأساسيّة حول الحرب الإسرائيليّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة ضد فلسطين
25- نقطة مخفيّة في أخلاق مساندي إسرائيل الذين ينقدون حماس – و حماس فقط – لقتل أطفال
26- أجل ، لا يمكن أن " نسوّي " بين إسرائيل و الفلسطينيّين ، لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل
27- بوب أفاكيان : إلى الشيوعيّين الثوريّين و المنتمين إلى نوادى الثورة و المتعاطفين معها – فلسطين ، إسرائيل ، الإمبرياليّة : الحرب و خطر حرب أكبر حتّى – و الثورة – توجّه أساسيّ و تحريض مُقنع و تعبأة الجماهير
28- حكم مستفزّ في الوقت المناسب صادر عن بوب أفاكيان
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الجزء الأوّل
مقالات بوب أفاكيان سنة 2022
1- بعض النقاط المفاتيح بصدد " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." – حقائق نحتاجها من أجل التحرّر
2- تحدّي متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه
3- مسألة منهجيّة هامة صاغها بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة
4- النضال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء
5- بوب أفاكيان : بصدد دوافع أعمالي و كيف يرتبط هذا بالأهداف و المنهج و المبادئ الأساسيّين
6- بوب أفاكيان يتكلّم عن " عبادة الفرد " : تهمة سخيفة و جاهلة و غير مسؤولة – إنّما نحن نطبّق منهجا و مقاربة علميّين و نغيّر العالم في سبيل تحرير الإنسانيّة
7- الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : - معاداة الإستبداد - ك - غطاء - لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة
8- الطفيليّة الإمبرياليّة و" الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّت" هم"
9- مبدأ أساسي بشأن الحرب في أوكرانيا
10- بوب أفاكيان يفضح المتقدّمين لخدمة هذا النظام الإضطهاديّ
11- قوى إضطهاد وحشيّ و إعتذارات منافقة للقتلة المقترفين للإبادات الجماعيّة – ما الذى يجب أن " يُلغى "
12- كلمات أربع و بعض الأسئلة الأساسيّة موجّهة إلى الليبراليّين الذين يحبّون أمريكا
13- ضباب الحرب و وضوحها
14- الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها الرهيبة على الجماهير القاعديّة - و المخرج الثوريّ
15- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد] ( الحوار بأكمله )
16- أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقيّ و ليست تكرارا للحرب العالميّة الثانية
17-" عصابة صعاليك شرعيّين " ، صعاليك يملكون أسلحة نوويّة
18- الجنون الهستيري لشين بان و خطر حرب نوويّة
19- الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة
20- الثورة : أمل الفاقدين للأمل - بوب أفاكيان يتحدّث عن " ليس لنا مستقبل وعلى أيّ حال سنموت في سنّ الشباب"
21- الحرب في أوكرانيا و مصالح الإنسانيّة : مقاربة علميّة ثوريّة مقابل التشويش الضار و الأوهام الشوفينيّة - بوب أفاكيان يردّ على أناس يجب أن يكونوا أكثر معرفة ( و ربّما كانوا كذلك في وقت ما )
22-المحكمة العليا تتحرّك نحو إلغاء حقوق الإجهاض : " النزول إلى الشوارع " و رفض حدوث ذلك – بوب أفاكيان يتحدّث عن هذا الوضع الدقيق في القتال من أجل حقوق الإجهاض و الطريق إلى التقدّم و تجنّب الطرق المسدودة
23- النضال الحيويّ من أجل حقوق الإجهاض و وضع نهاية لكافة الإضطهاد – الوحدة العريضة و الصراع الضروريّ
24- العمل مع حزب الفهود السود ، العمل من أجل الثورة – و ليس هراء " هويّة اليقظة "
25- قيادة السود و السكّان الأصليّين و ذوى البشرة الملوّنة ( البيبوك ) ، لا وجود لشيء كهذا – القتال ضد الإضطهاد و القيادة التي نحتاج إليها
26- قتال جدّيّ ضد الظلم – و ليس تدافعا تافها من أجل " الملكيّة "
27- الضمائر و جوع الأطفال
28- رسالة مفتوحة إلى المنظّر الفيزيائي لي سمولين من بوب أفاكيان – قائد ثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و مهندسها
29- جلسات إستماع المحكمة بشأن أحداث 6 جانفي [2020 ] - و عنف هذا النظام [ الرأسمالي – الإمبريالي ]
--------------------------------------------------------
(1)
بعض النقاط المفاتيح بصدد " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." – حقائق نحتاجها من أجل التحرّر
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 734 ، 17 جانفى 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/some-key-points-regarding-something-terrible-or-something-truly-emancipating-truths-we

في منتهى الأهمّية بالنسبة إلى أعداد متنامية من الناس أن يتعمّقوا في دراسة و أن ينشروا بنشاط و أن يتحركوا بجسارة ، لتكريس مضمون أحد أهمّ أعمالي المنشور بصفة بارزة على موقع أنترنت revcom.us، " شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " .
و في ما يلى بعض الفهم العلميّ الحيويّ الذى يكشف نقاطا مفاتيحا في ذلك العمل .
هذا النظام ليس نظاما " ديمقراطيّا " بل هو نظام رأسمالي – إمبريالي و نحتاج إلى التخلّص من هذا النظام برمّته :
هذه الأيّام ، يتزايد كثيرا الإنشغال الإستعجالي لوسائل الإعلام " السائدة " والسياسيّين السائدين بشأن " إنقاذ ديمقراطيّتـنا " من هجمات أنصار دونالد ترامب و القوى الفاشيّة عامة . و سأعود إلى ذلك لكن بداية إليكم شيئا مناسبا جدّا لهذا الوضع برمّته .
في القانون ثمّة مبدأ أساسي يعبّر عنه في صيغة " ثمرة شجرة السمّ " . ( و يحيل هذا على واقع انّ الأدلّة المنتزعة من شخص بوسائل غير قانونيّة لا يُفترض أن تُستخدم في المحاكمات القانونيّة ضد هذا الشخص ). و موسّعا هذا الفهم أقول :
" الديمقراطية " المزعومة بدرجة كبيرة في هذه البلاد " ثمرة نظام سام " هو النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و هذه " الديمقراطيّة " قد تشكّلت في جوهرها وهي تخدم النظام الاقتصادي و نمط / أسلوب إنتاجه القائم على الإستغلال الخبيث للناس ، هنا و عبر العالم ؛ وهو مرتبط بالإضطهاد العنيف و القاتل و الذى يُفرض بعنف مستمرّ و عادة بقدر كبير منه .
في الواقع ، هذه " الديمقراطيّة " جزء وهي تخدم ممارسة الطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة الحاكمة لهذا النظام " الدكتاتوريّة "- الهيمنة على السلطة السياسيّة و إحتكار القوى المسلّحة و العنف " الشرعيّين " . و ما يقع الترويج له في قلب هذه " الديمقراطيّة " – حقّ الشعب في إختيار قادته ، عبر الانتخابات – هو في الواقع " حقّ " إختيار أيّة فئة من هذه الطبقة الحاكمة ستنهض بالدور الأساسي في فرض هذه الدكتاتوريّة و خدمة مصالح الرأسماليّين – الإمبرياليّين في هذه البلاد ، لإى إستغلالهم و إضطهادهم لتماما مليارات البشر عبر العالم و في نزاعاتهم مع الطبقات الحاكمة للبلدان الرأسمالية – الإمبرياليّة الأخرى كالصين و روسيا .
و لا شيء من هذا يخدم مصالح الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في العالم ككلّ .
و حقيقة هي أنّه يوجد الآن وضع حيث فئة من هذه الطبقة الحاكمة ممثّلة بالحزب الجمهوريّ تهدف إلى إستبعاد " الديمقراطية " و مأسسة الفاشيّة – دكتاتوريّة رأسمالية غير مقنّعة تتحدّى بصفاقة ما كان يعدّ " سيرورات عاديّة " لهذا النظام ( على غرار " الإنتقال السلميّ للسلطة " من فئة من الطبقة الحاكمة إلى فئة أخرى عبر الانتخابات ) و تهزأ من " حكم القانون " و تدوس بسفور ما يُفترض أنّه من الحقوق الأساسيّة و تروّج و تسعى بعدوانيّة لفرض تفوّق البيض و التفوّق الذكوريّ و غيرهما من العلاقات الإضطهاديّة .
يجب إلحاق الهزيمة الشاملة بهذه الفاشيّة . لكن يجب القيام بهذا ليس بالبحث عن الحفاظ على الشكل " الديمقراطيّ" لهذا النظام العالميّ للإستغلال و الإضطهاد – نظام قد قام برعاية هذه الفاشية و يساوى عبر " سيره الديمقراطي العادي " قسرا و عنفا منهجيّين لفرض حكمه . و بدلا من ذلك تنبغى الإطاحة بهذا النظام بواسطة ثورة فعليّة و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا . و مثلما حلّلت في " شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا ... " ، هذا الوضع ذاته – بإنقساماته العميقة صلب الطبقة الحاكمة حيث الفئة الفاشيّة تتخلّى بسفورعن " الضوابط الديمقراطية " لهذا النظام و تهاجمها و يتمزّق المجتمع – هذا زمن من الأزمان النادرة حيث حتّى في بلد قويّ مثل هذا يمكن أن تُصبح الثورة ممكنة ( أو ممكنة أكثر من ذي قبل). و هذا الوضع هو تحديدا وضع قد يفضى إلى شيء فظيع أو شيء تحريريّ حقّا . لا يجب التفريط في هذا الوضع النادر و ترك المبادرة للقوى التي تدفع الأمور نحو مآل فظيع – يجب إستغلال هذا الوضع للعمل بنشاط من أجل إنجاز ثورة تحريريّة ممكنة و ضروريّة بصفة ملحّة .
و أهمّية هذه الحقيقة العميقة كبرى في علاقة بكلّ هذا – وهي تتحدّث عن الرؤية الشاملة و المخطّط " الملموس لنظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا يتضمّنه " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته :
إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أيّ مكان آخر ، في أيّة وثيقة عمليّة أو مقترحة تأسيسيّة أو مرشدة لأيّة حكومة ، لا يوجد أيّ شيء مثل ليس حماية فحسب بل توفير مكانة للمعارضة و الصراع الفكريّ و الثقافيّ المتجسّد في هذا الدستور بينما يكون لبّ هذا قائم على التغيير الإشتراكي للإقتصاد بهدف إلغاء الإستغلال جميعه و ما يتناسب معه من تغيير للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة ، لإجتثاث كلّ الإضطهاد و الشروع من خلال النظام التعليمي و في المجتمع ككلّ في مقاربة أنّ ذلك " سيسمح للناس بالبحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقديّ و فضوليّة علميّة ، و على هذا النحو مواصلة فهم العالم و التمكّن بشكل أفضل من المساهمة في تغييره وفق المصالح الجوهريّة للإنسانيّة ". و كلّ هذا سيكسر قيود و يطلق العنان لقوّة إنتاجيّة و إجتماعيّة هائلة لدي البشر القادرين على و الملهمين للعمل و النضال معا تلبية للحاجيات الأساسيّة للناس – تغيير المجتمع بطريقة جوهريّة و دعم و مساندة النضال الثوري عبر العالم – بغية تحقيق الهدف الأسمى أي عالم شيوعي خالى من الإستغلال و الإضطهاد و في الوقت نفسه تجرى معالجة الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة الوجوديّة حقيقة بطريقة لها مغزى و تكون شاملة وهذا ليس ممكنا في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
الفاشيّون ليسوا " راديكاليّين " و إنّما هم رجعيّون :
تُحيل وسائل الإعلام " السائدة " في هذه البلاد ( على غرار السى أن أن - CNN ) بصفة مستمرّة على أتباع دونالد ترامب و آخرين يبحثون عن مأسسة الفاشيّة على أنّهم " راديكاليّون ". لكنّهم ليسوا راديكاليّين البتّة . ذلك أنّ " الراديكاليّة " تعنى المضيّ إلى " الجذور "- و في هذه الحال المضيّ إلى جذور النظام في هذه البلاد ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي المتجذّر في نمط الإنتاج الرأسمالي القائم على الإستغلال بلا رحمة لمليارات البشر عبر العالم منهم أكثر من 150 مليون طفل .
و هؤلاء الفاشيّين أنصار متعصّبون لهذا النظام الإستغلالي و الإضطهادي . ليسوا راديكاليّين بل هم رجعيّون : إنّهم يردّون الفعل بجنون خبيث على التغيّرات التي سمحت ببعض إجراءات " دمج " بعض الناس في تاريخ هذه البلاد و التي تحوّلت إلى قوانين و عادات تعاطت معهم على أنّهم أقلّ من بشر – كأصناف أدنى و مجموعات غرباء و " قاديمن من كواكب أخرى " – بمن فيهم السود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة و النساء و المتحوّلين جنسيّا و المهاجرين خاصة من بلدان غير أوروبيّة . و يتوجّه الغضب الجنوني لهؤلاء الفاشيّين كذلك ضد الذين ليسوا من الأصوليّين المسيحيّين و منهم أناس من مختلف الديانات و أعداد متنامية من اللادينيّين و اللاأدريّين و غيرهم الذين ليسوا من أتباع الديانات التقليديّة .
و صحيح أنّ هؤلاء الفلاشيّين يستهدفون تغييرا صارما في تعارض متعصّب مع المجتمع الرأسمالي " السائد " و " الديمقراطي " اليوم . و بعض هؤلاء الفاشيّين يمكن حتّى أن ينثروا كلمة " ثورة " هنا و هناك غير أنّ ما يقصدونه حقّا ليس ثورة بل " إعادة تركيز " أنواع من العلاقات العنصريّة و الجندريّة الإضطهادية بشكل سافر و التي قد وُجدت فعلا قبل الحرب الأهليّة لسنوات 1861-1865 و العبوديّة التامة ( و لهذا يتجوّل عديد هؤلاء الفاشيّين رافعين راية الكنفدراليّة – راية ملاّكى العبيد الجنوبيّين و التفوّقيّين البيض ). و في ما يتّصل بالثورة الحقيقيّة في عالم اليوم – ثورة للإطاحة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و وضع نهاية للعبوديّة و الإضطهاد مهما كان شكلهما – و بتعصّب يعارض هؤلاء الفاشيّين هذه الثورة . إنّهم يمثّلون بدقّة جانب الثورة المضادة .
نحو الذين نمثّل الثوريّين فعليّا اليوم - نحن الشيوعيّون الثوريّون - نحن الراديكاليّون الحقيقيّون بالمعنى الأصحّ والأفضل: مقاربتنا العلميّة لفهم لماذا العالم مضطرب على هذا النحو ، دقّقنا البحث في جذور هذا النظام العالمي من الإستغلال و الإضطهاد ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و شخّصنا ذلك على أنّه السبب الجوهريّ للظروف الفظيعة لجماهير الإنسانيّة و لتهديد وجود الإنسانيّة ذاته . و على هذا الأساس ، نحن مصمّمون على الإطاحة بهذا النظام و على إجتثاثه من جذوره و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا على طريق تحرير الإنسانيّة ككلّ كما يقدّم ذلك في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " .
نمط / أسلوب الإنتاج – نتمط التفكير : نحتاج ثورة كلّية
الطريقة التي يُفكّر بها الناس - " نمط تفكير" الناس – في أيّ مجتمع معطى تتشكّل جوهريّا بنمط الإنتاج ( النظام الاقتصادي) الذى يمثّل أساس ذلك المجتمع و أساس سيره .
و خوض الصراع الضروري لتغيير تفكير الناس مسألة حيويّة ، مسألة محوريّة في سيرورة " مقاومة السلطة ، و تغيير الناس – من أجل الثورة " . في هذه السيرورة ، تفكير الجماهير الشعبيّة يمكن أن يتغيّر و أن يتغيّر حتّى بطرق عميقة . لكن طالما يظلّ هذا النظام في السلطة و يظلّ قويّا فإنّ الدفع القويّ لهذا النظام سيُغيّر مرّة أخرى نمط تفكير الناس وفقا لنمط الإنتاج الذى هو أساس وهو إطار الحياة في ظلّ هذا النظام .
و بُعدٌ هام آخر للماذا هدف النضال ضد الإستغلال و الإضطهاد يجب أن يكون الإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا : الإشتراكيّة و هدفها الأسمى بلوغ عالم شيوعي حيث يتمّ القضاء على و إجتثاث كلّ إستغلال و إضطهاد لكافة البشر في كافة أنحاء الكوكب .
(2)
تحدّي متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه
على ضوء الوضع الإستعجالي المعالج في خطاب " شيء فظيع أم شيء تحريريّ ..."
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 735 ، 24 جانفى 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/renewed-challenge-searching-honest-liberal-or-progressive

ثمّة قصّة عن كيف أنّ في اليونان القديمة ، كان فيلسوف يدعى ديوجانس ( Diogenes ) يتنقّل في رقعة ترابيّة ممتدّة حاملا بيده فانوسا يضيئ به سبيله باحثا عن رجل نزيه واحد . و اليوم ، أبحث عن ليبرالي أو تقدّميّ نزيه واحد .
و على وجه الدقّة : في السنة الماضية ، رفعت تحدّيا لبيل ماهر الذى يواصل التشدّق بما يفترضه بلدا عظيما . والآن و هنا أرفع نسخة محيّنة من هذا التحدّى لجميع الليبراليّين و التقدّميّين الذين يقولون إنّهم يهتمّون للعدالة و ينشغلون بجدّية بوضع الإنسانيّة و المستقبل الذى تواجهه إلاّ أنّهم يتمسّكون بفهم أنّ هناك شيء خاص – شيء خاص جيّد – بشأن هذه البلاد ( حتّى وهم قد يقرّون بأنّه يتضمّن " عدّة نقائص " ) ؛ جميع أولئك الليبراليّين و التقدّميّين الذين على أيّة حال يقولون إنّ هذا النظام الذى نعيش في ظلّه يجب أن نحافظ عليه فيما نعمل على تجاوز " نقائصه " ، و إنّه من غير الضروريّ و ليس فكرة جيّدة أن نطيح بهذا النظام و ننشأ نظاما مختلفا راديكاليّا . إليكم التحدّى :
توجّهوا إلى موقع أنترنت https://www.revcom.us و طالعوا الآتى ذكره :
- عملي الهام المنشور حديثا ، " شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة "،
https://revcom.us/en/bob_avakian/something-terrible-or-something-truly-emancipating-profound-crisis-deepening-divisions
- و سلسلة مقالات " جرائم أمريكا " ،
- و هذين البحثين لريمون لوتا :
. " تصنيع " الإستغلال الجنسيّ و العولمة الإمبرياليّة و النزول إلى الجحيم
. و الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات.
و دعونى ألفت نظركم إلى هذا الواقع المدهش و الفظيع :
بسبب طريقة هيمنة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي على العالم ، في ما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ) يموت عشرات ملايين الأطفال فى كلّ عقد جرّاء الجوع و الأمراض التي يمكن الوقاية منها .
و لوضع هذا في أفق أرحب حتّى : بسبب الظروف المتجذّرة في نهاية المطاف في و يفرضها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، في سنّ شخص له من العمر 20 سنة لا غير ، عدد الأطفال في العالم الثالث الذين يموتون دون أيّ داع جرّاء الجوع و الأمراض التي يمكن الوقاية منها هو على أقلّ تقدير 100 مليون ؛ و بالنسبة إلى شخص عمره 75 سنة فأكثر، هذا العدد يساوى 350 مليون – وهو عدد يفوق حتّى عدد مجمل سكّان هذه البلاد !
لهذا مجدّدا التحدّى كالتالى : واجهوا بجدّية الواقع المكثّف في الأعمال و الوقائع التي أحلت عليها هنا و حاولا البحث في مسألة أنّ هذا بلد عظيم و نظام عظيم أم لا و أنظروا إن كنتم قادرين على شرح لماذا يجب الحفاظ على هذا النظام مهما كان شكل ذلك . أو إن أخفقتم في شرح لماذا يجب الحفاظ على هذا النظام ، إعترفوا بصحّة أنّنا في حاجة إلى ثورة فعليّة للإطاحة بهذا النظام برمّته و إنشاء نظام و عالم مختلفين راديكاليّا و أفضل بكثير .
هل لأحدكم نزاهة و إهتمام بمصير الإنسانيّة كافية بحيث يرفع هذا التحدّي ؟
سنرى .
-----------------------
أنظروا أيضا :
Bob Avakian Issues a Challenge to Bill Maher:
HEY, BILL MAHER—HERE’S A “POLITICALLY INCORRECT” TRUTH THAT CAN’T BE “CANCELLED”: AMERICA IS NOT, AND NEVER HAS BEEN, GREAT—EXCEPT IN ONE WAY—IT IS THE WORLD’S GREATEST OPPRESSOR AND DESTROYER OF THE ENVIRONMENT
Do You Dare to Take Up the Challenge of Trying to Refute This?
by Bob Avakian
( و المترجم يقترح عليكم نصّ هذا التحدّى الأوّل المنشور في السنة الفارطة على صفحات الحوار المتمدّن )
بوب أفاكيان يُصدر تحدّيا لبيل ماهر- يا بيل ماهر ، إليك حقيقة " سياسيّا خاطئة " لا يمكن " منعها ": أمريكا ليست و لم تكن قط عظيمة ؛ بإستثناء في طريقة واحدة هي أنّها أكبر مضطهِد و مدمِّر للبيئة في العالم . هل لك الجرأة على رفع التحدّى و محاولة الردّ عليه ؟
جريدة " الثورة " عدد 716 ، 6 سبتمبر 2021
https://revcom.us/a/715/bob-avakian-issues-a-challenge-to-bill-maher-en.html

في المدّة الأخيرة ، أولى بيل ماهر عناية كبرى لتتبّع ما يره أضرارا ناجمة عن " ثقافة المنع " . و قد سجّل بعض القناط الجيّدة كما سجّل بعض النقاط السيّئة جدّا و لم يمض إلى لبّ ما هو المشكل الفعليّ مع " ثقافة المنع " و كيف تتعيّن معارضتها. و الأنكى هو أنّه إتّخذ ذلك فرصة أخرى ليكرّر مجدّدا خرافات ممجوجة و أكاذيب خبيثة حول كيف أنّ هذا البلد بلد عظيم !
و هنا لن أكرّر ما كتبت حديثا لفضح ما هو خاطئ بشكل رهيب في " ثقافة المنع " و النزعات الضارة للغاية المرتبطة بها و الأساس الصحيح الذى على قاعدته تتمّ معارضتها . (1) و بدلا من ذلك أُصدر التحدّى البسيط التالى لبيل ماهر .
بما أنّك تقول إنّك شخص يهوى المطالعة ، لتتوجّه إلى موقع revcom.us و إقرأ التالى :
- سلسلة المقالات عن جرائم أمريكا .
- بياني للسنة الجديدة هذا العام ( سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء)
- الوثائق التالية لريموند لوتا :
1- الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات.
2- " تصنيع " الإستغلال الجنسيّ و العولمة الإمبرياليّة و النزول إلى الجحيم.

و تاليا ، حاول تقييم فكرة أنّ هذا البلد عظيم و أنّ نظامه عظيم كما تردّد .
و أقترح عليك دعوة برنامجك ممثّلا من الشيوعيّين الثوريّين ( revcoms ) لنقاش هذا .
ألديك الإستقامة و الشجاعة للقيام بهذا ؟
إن كنت تتحلّى بالإستقامة و الشجاعة فإفعل !
و إن كنت لا تتحلّى بهما ، فكفّ عن بثّ الهراء عن مدى عظمة هذه البلاد و عظمة نظامها !
1. See Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds” and I’m So Sick of this Whole “Identity Politics” and “Woke” Thing, REVOLUTION AND EMANCIPATION—NOT PETTY REFORM AND REVENGE: On Movements, Principles, Methods, Means and Ends. Both of these articles by Bob Avakian are available at revcom.us. (See also Supplementary Excerpts from Bob Avakian and Further Supplementary Excerpts, also available at revcom.us)
ملاحظة معرّب المقال : المقالان الأوّلان المذكوران في الهامش (1) متوفّران باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي.
(3)
مسألة منهجيّة هامة صاغها بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة
جريدة " الثورة " عدد 736 ، 31 جانفى 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/important-methodological-point-bob-avakian-revolutionary-leader-and-author-new

إليكم مسألة في غاية الأهمّية ، مكوّن مفتاح من مكوّنات الماديّة الجدليّة : الضرورة المفروضة بقوّة غالبا ما تتضمّن كذلك إمكانيّة تغيير حيويّ . و هذا زمن من الأزمنة و ظرف من الظروف التي تنسحب عليهما هذه المسألة .
متى طبّق أحدهم مقاربة شعبويّة و تجريبيّة ( بوزيتيفست )، يصبح من الصحيح تقييم الأشياء على أساس المكان الذى توجد فيه الجماهير الآن بالذات ، حتّى ( متحدّثين بشكل عام ) و إن كانت على " الجانب الإيجابي من الإنقسام " ، و متى إنطلق بصفة خطّية من كمّية و نوعيّة قوانا الراهنة ؛ بالتأكيد سيبدو أفق إنتزاع نتيجة إيجابيّة من تطوّر الوضع ، إنتزاع ثورة تحريريّة فعليّة ، خافت الضوء إلى أقصى الحدود . لكن متى إنطلق المرء من المنهج و المقاربة الماديّة الجدليّة للشيوعيّة الجديدة و كيفيّة تطبيقها في الخطاب الجديد [ " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة - و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " - المترجم ] و كذلك في " بيان و نداء " [ " بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة " ] و في " هذا زمن نادر" [ " هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة " ] ، بالتالى يمكن الإقرار بوجود إمكانيّة ثورة تحريريّة فعليّة و العمل علي ذلك الأساس. أجل ، الآن بالذات ، " الإحتمالات " ليست بشكل واضح في صالح هذه الإمكانيّة و نحن نواجه عقبات كأداء كبرى من شتّى الألوان ( و ليس من جانب النظام نفسه فحسب بل أيضا في صفوف الجماهير من مختلف الطبقات ) بيد أنّ هناك إمكانيّة موضوعيّة ، إمكانيّة تغيير كلّ هذا تغييرا راديكاليّا على نحو إيجابيّ – و هذه الإمكانيّة لا يجب علينا اغراقها في الشعبويّة و التجريبيّة لا سيما من قبلنا نحن الذين نتحمّل مسؤوليّة هامة في قيادة النضال في سبيل تحويل هذه الإمكانيّة إلى واقع ملموس.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(4)
النضال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء
بوب أفاكيان ، 1 فيفري 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/fight-abortion-rights-and-emancipation-women

جوهر المسألة محلّ الرهان مع تصاعد الهجوم على حقّ الإجهاض هو المكانة الجوهريّة لنصف الإنسانيّة الأنثويّ – هل سيتمّ إستعباده أم تحريره . طبعا ، في حال العدد القليل إلى أقصى حدّ من الإناث اللواتي تحوّلن ( أو هنّ بصدد التحوّل ) إلى ذكور لكنّهنّ تحتفظن بأجهزة الإنجاب الأنثويّة و يمكن أن تصبحن حاملات يجب أن تتمتّعن بحقّ الإجهاض و بالرعاية الصحّية العامة اللائقة ، دون أيّة وصمة عار أو ميز عنصريّ – و عامة الهجمات الموجّهة ضد المتحوّلين جنسيّا يجب معارضتها بنشاط و حيويّة . لكن في ما يتعلّق بهدفها و غايتها الأساسيّين ، الهجوم على حقّ الإجهاض لا يستهدف المتحوّلين جنسيّا . جوهر الأمر ليس متّصلا ب " شمول " ( أو عدم " شمول " ) و ليس متّصلا ب " التحكّم الذاتي في الجسد " ببعض المعنى العام و المجرّد ( و بالمناسبة هومفهوم سيشمل منطقيّا أناسا منحدرين من مواقع سيّئة جدّا مثل أولئك المجانين المناهضين للعلم و الأفراد الأنانيّين الذين يرفضون التلاقيح ضد كوفيد ) . الهجوم على حقّ الإجهاض يسعى إلى مزيد تشديد إضطهاد النساء وهو بعدُ رهيبا و منعهنّ من التحكّم في حياتهنّ و في أجسادهنّ ذاتها و تقليصهنّ إلى مربّيات أطفال تابعات بقسوة إلى الرجال و المجتمع البطرياركي التفوّقيّ الذكوريّ . إنّ الأمومة الإجباريّة في الواقع إستعباد للإناث . و كلّ ما يستهين أو يصرف الإنتباه عن هذه الحقيقة الأساسيّة يساعد موضوعيّا هذا الهجوم الجوهريّ على نصف الإنسانيّة الأنثويّ – يقوّض القتال من أجل تحرّرهنّ و تحرير الإنسانيّة ككلّ من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال .

(5)
بوب أفاكيان : بصدد دوافع أعمالي و كيف يرتبط هذا بالأهداف و المنهج و المبادئ الأساسيّين
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 738 ، 14 فيفريّ 2022
https//revcom.us/en /bob_avakian/bob-avakian-what-motivates-my-works-and-how-relates-basic-objectives-methods-and

في حوار أجريته قبل فترة مع فنّان كلمة منطوقة ، أثار هذا الأخير سؤال كيفيّة المضيّ نحو خلق أعمال عظيمة . و أجبته أنّنى لا أسعى إلى إنجاز أعمال عظيمة و إنّما أسعى إلى تلبية حاجيات كبرى . و مذّاك ، بهذا التوجّه و الهدف إستمرّيت في " إنتاج " مقالات فضلا عن أعمال أهمّ – و بوجه خاص الآن " شيء فظيع ، أم شيء تحريريّ حقّا " (1) و لذلك يزخر موقع أنترنت revcom.us بأعمالي و مع ذلك ، لا زلت أشعر بالحاجة إلى الردّ على ما خطّه طالب أثار النقد التالى:
" كلّ شيء ينبع من أفاكيان : لا ينبع أيّ شيء من الجماهير. هل نحن مع المركزيّة الديمقراطيّة أم مع المركزيّة البيروقراطيّة؟ جدّيا ، أودّ أن أعرف و إلاّ فإنّى سأنسحب إن لم يكن هذا ما نروّج له هنا . "
فهمي هو أنّه نتيجة النقاش و الصراع حول هذا قد غيّر الطالب مذّاك فكرته و ما عاد ينظر إلى المسألة على النحو نفسه ؛ لكن على أيّ حال ، يجدر بنا الحديث عن هذا فالأمر يتعلّق بقضايا المنهج و المبدا المعنيّين و أهمّية ذلك أبعد من الطريقة الخاصّة التلى طُرح بها ذلك النقد .
أوّلا ، و قبل كلّ شيء ، نحتاج إلى قول إنّه ثمّة في الواقع حاجة إلى قدر أكبر بكثير من " التدفّق صعودا " – لمزيد المبادرة و الصراع المتأتّيين من " صفوف " الثورة على أصعدة متنوّعة - للمساهمة في مزيد تطوير خطّ و سياسة و علم الشيوعيّة الجديدة نفسها .
و في الآن عينه ، و ربّما ليس من المفاجئ أنّ ما يثيره ذلك الطالب يعكس نقصا في فهم ما الذى يعتمد عليه " كلّ شيء ينبع من أفاكيان " ، ما الذى يقف عليه ففي نهاية المطاف ( و يثيره ) و كيف أنّ هذا تعبير عن العلاقة بين القيادة و المقادين ( طريقة أخرى للحديث عن مفهوم " المركزيّة الديمقراطيّة " ).
إنّ ما أكتبه للنشر ( و العمل الذى أنجزه بشكل عام ) يقوم على ما ينتهى إلى علمي من خلال التقارير و غيرها من مظاهر من مقاربتنا الجماعية بصورة عامة بما في ذلك ما يوضع على ألنترنت و " برنامج الثورة -لا شيء أقلّ من ذلك ! " [ على اليوتيوب ] ، و كذلك بالإنتباه بصفة أشمل للتطوّرات الهامة في المجتمع و العالم ككلّ . و مثال ذلك مقال من 2020 حول حاجة السود إلى تحرير أنفسهم من الدين ( " التحرّر من الذهنيّة العبوديّة و من أشكال الإضطهاد " (2) . كان شعورى بضرورة كتابة ذلك المقال يتأتّى من ما كنّا نعلمه من خلال عملنا و نضالنا في صفوف الجماهير كما ينعكس في التقارير إلخ ... و بمعنى أوسع من حتّى إقراري العام بأنّ الدين يمثّل قيدا ذهنيّا لجماهير السود . نتيجة إبلاغ هذا المقال إلى الجماهير الشعبيّة ، جاء في أحد التقارير مقتطف لكلام شاب أسود من شيكاغو وهو يتساءل " من أين تأتى أخلاقنا إذا لم نكن متديّنين " ؟ و على ذلك الأساس و مقرّين بأنّ هذه مسألة هامة لا تؤثّر ببساطة في قلّة من الناس من أمثال ذلك الشاب و إنّما أيضا في الكثير من الجماهير الشعبيّة العريضة ، كتبت مقالا يتحدّث عن ذلك(" الأخلاق دون دين و التحرّر الحقيقيّ") (3).
و هذا مجرّد مثال واحد من عديد الأمثلة التي يمكن إيرادها . و هذا الصنف ذاته من السيرورات ( أو الديالكتيك ) ينسحب عامة مثلا على عدّة مقالات صغتها في السنوات الأخيرة بما في ذلك تلك المقالات من سنة 2020 إلى يومنا هذا ( و هذا المقال عينه الذى يتفاعل مع ما أثاره ذلك الطالب مثال آخر عن هذه السيرورة ).
ما أشرت إليه هنا ينبغي أن يسلّط ضوء على الديناميكيّة الفعليّة المعنيّة و كيف نحتاج عمليّا إلى تطبيق ما هو فعلا مركزيّة ديمقراطيّة ، مع الكثير من المبادرة و " الصراع " من الأسفل ، على أساس الشيوعيّة الجديدة . و في هذا السياق ، من الأهداف الهامة لما أقوم به بما في ذلك ما أكتبه هو على وجه التحديد التشجيع و الحثّ على المبادرة " من الأسفل " ، على أساس المنهج الأساسي و المقاربة الجوهريّين للشيوعيّة الجديدة .
هوامش المقال :

1. SOMETHING TERRIBLE,´-or-SOMETHING TRULY EMANCIPATING:
Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—
And The Revolution That Is Urgently Needed
A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution
by Bob Avakian, Revolutionary Leader, Author of the New Communism
2. “Bob Avakian on Emancipation from Mental Slavery and All Oppression”
3. “Morality Without Religion, Emancipation That Is Real”
These works by Bob Avakian are all available at revcom.us
هذه المقالات متوفّرة باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
(6)
بوب أفاكيان يتكلّم عن " عبادة الفرد " : تهمة سخيفة و جاهلة و غير مسؤولة – إنّما نحن نطبّق منهجا و مقاربة علميّين و نغيّر العالم في سبيل تحرير الإنسانيّة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 738 ، 14 فيفريّ 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/bob-avakian-speaks-cult-ridiculous-ignorant-and-irresponsible-accusation

في صفوف بعض " التقدّميّين " و من يطلقون على أنفسهم نعت " اليساريّين " و كذلك في صفوف بعض الأكاديميّين و الطلبة و غيرهم ، التهمة المنثورة هنا و هناك هي أنّنى " قائد طائفة " و أنّ الذين يتّبعون و يعملون لتكريس القيادة التي أوفّرها – الشيوعيّة الجديدة التي تقدّمت بها – يمثّلون " طائفة " . و هذا سخيف تمام السخف . و قد دحضها بسهولة الواقع الفعليّ لما نحن بصدده . و أيضا من اللامسؤوليّة العالية – و الأمر كذلك بالأخصّ في الوضع الحاد منتهى الحدّة و المتفاقم الخطورة بإستمرار في عالم اليوم ، مع ( مثلما وضعت ذلك في عمل حديث ) أفق شيء فظيع أم شيء تحرّريّ حقّا : ثورة فعليّة .(1)
و اّيّ تفحّص ص2حريح لما هي الشيوعيّة الجديدة سيوضّ؛ بجلاء أنّها بالضبط نقيض " الطائفيّة و عبادة الفرد " : إنّها قائمة على و تشدّ على أهمّية و تشتمل على تطبيق شامل و متّسق للمنهج و المقاربة العلميّين صراحة لفهم الواقع و تغييره تغييرا تحريريّا .
العلم سيرورة تعتمد على الأدلّة . وهو يشتمل و يتطلّب مراكمة الأدلّة بخصوص ظواهر متباينة في الطبيعة و المجتمع و تاليا ، تطبيق الفكر و المنطق العقلانيّين لتشخيص النماذج و إستخلاص الدروس من ما تكشفه الأدلّة المطلوبة على هذا النحو . و العلم لا يسمح وهو يعارض كلّيا أيّ مفهوم لتحديد ما هو صحيح ( إفتراضيّا ) على أساس مجرّد آراء و أمانى أيّ كان إلخ . و من المكوّنات الضروريّة و الميزات الأساسيّة للمنهج و المقاربة العلميّين هو الفكر النقديّ – و هذا يعنى ضمن ما يعنيه عدم القبول بالأشياء على أساس " الإيمان " أو ببساطة لأنّ أحدهم أكّد ذلك و يُفترض أنّه يمتلك ( أو حتّى شخص يملك عمليّا ذلك ) قدرا كبيرا من فهم أمر أو عديد ألمور . و مرّة أخرى ، العلم سيرورة تعتمد على الأدلّة و تقوم على الأدلّة كأساس لها لتحديد ما هو صحيح و ما هو غير صحيح – ما يتناسب و ما لا يتناسب مع الواقع الموضوعي الفعليّ .
و تستند الطائفة أو عبادة الفرد بلا نقد على الدوغما الذى لا تعوّضه و الذى لا يمكن ألأن يصمد أمام الفحص العلميّ النقديّ. و عامة ، يشمل هذا الإتّباع الأعمى ل " قائد " يُفترض أنّه يمتلك ( أو " مُنح " ) " معرفة " و " حكمة " و / أو " ميزات خاصة " أخرى لا يستطيع " الناس العاديّون " الحصول عليها .
و التهمة القائلة بأن نكون ثوريّين نعتمد على الشيوعيّة الجديدة يساوى بصورة ما أنّنا جزء من " طائفة " تمضى ضد الواقع الفعلي و تصطدم به وهي شتيمة حقيرة ليست موجّهة ببساطة أو أساسا ضد شخصي أنا على أنّن معتبر " قائد طائفة " و إنّما هي تطال أبعد من ذلك الذين هم و هنّ بتضحيات شخصيّة جسيمة يشاركون كذلك و يقومون بمساهمات في سيرورة تطبيق و مزيد تطوير الشيوعيّة الجديدة تحديدا كمنهج و مقاربة علميّين للنضال في سبيل تحرير الإنسانيّة من جميع الأنظمة و العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة .
و من الصحيح أنّنا كشيوعيّين ثوريّين نشدّد نهائيّا على الأهمّية الكبرى للعمل الذى أنجزته و أواصل إنجازه في قيادة سيرورة تطوير و تطبيق الشيوعيّة الجديدة كإطار و مرشد لتحرير الإنسانيّة . غير أنّ هذا يتأسّس مجدّ>ا على العلم و ليس على " الطائفيّة أو عبادة الفرد " . إنّه يتأسّس على تقييم علميّ لما تمثّله الشيوعيّة الجديدة – الإختراق الذى تعنيه و على وجه الضبط في ما يتّصل بالمنهج و المقاربة العلميّين لفهم العالم و تغييره على نحو تحريريّ .
و طبعا ، جزء هام من التوجّه و المقاربة العلميّين هو الإقرار بأنّ كلّ شخص – بمن في ذلك الذين يقطعون خطوات حيويّة في التقدّم في مجال معيّن من النشاطات الإنسانيّة – سيقترف أخطاء . و مفهوم أنّ أيّ شخص معصوم من الخطأ أو أنّه بطريقة ما يمتلك نوعا من القدرات " ما فوق الطبيعة " أو " السحريّة " أمر عبثيّ مناهض للعلم و في منتهى الضرر . و التعلّم من أخطائنا جزء هام من المنهج العلميّ . لهذا في عدد من أعمالى و منها كتاب سيرتى الذاتيّة ، تفحّصت أخطاء قمت بها و كذلك تفحّصت أخطاء قادة سابقين للحركة الشيوعيّة و الدروس التي ينبغي إستخلاصها منها . (2) و ينهض هذا في تناقض صارخ مثلا مع مؤسّسة مثل الكنيسة الكاثوليكيّة التي تدّعى أنّ قائدها ، البابا ، لا يمكن أن يخطئ أبدا – أي أنّه " معصوم من الخطأ " في ما يتّصل بالعقيدة و الأخلاق .
دور القادة الأفراد و علاقتهم بالتحرير الذاتي للجماهير :
إنّها لحقيقة عميقة و مبدأ جوهريّ أنّ في آخر التحليل ، تحرير المضطهَدين و المستغَلّين في العالم ( و في آخر المطاف الإنسانيّة قاطبة ) ، يجب و يمكن التوصّل إليه فقط نتيجة النضال الواعي المتصاعد للجماهير – ملايين و في نهاية المطاف مليارات البشر عبر العالم . إلاّ أنّه للقياد بذلك ، تحتاج تلك الجماهير إلى قيادة – قيادة تستند إلى المنهج و المقاربة العلميّين الأكثر إنسجاما . و الإقرار بهذا و العمل وفقه من توجّهاتى و أهدافي الأساسيّة ، و التوجّه و الهدف الأساسيّين المنطلقين من قاعدة الشيوعيّة الجديدة و يتمثّل هذا على وجه الضط في التمكين المتصاعد لأعداد متنامية من الناس من أن يتبنّوا هم أنفسهم و يطبّقوا عمليّا المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة لقيادة النضال من أجل التحرير .
في إرتباط بهذا ، لنلقى نظرة على ما هو عمليّا تفكير عقلاني و ما هو تفكير غير عقلاني . إنّه لأمر واقع أنّ الناس بصورة عامة لا يجدون صعوبة في الإعتراف بأنّ في عديد المجالات المتباينة ، يتقدّم أناس ليبرزوا ك " رؤوس أعلى من الآخرين " – و على سبيل المثال في الرياضة و الموسيقى و ما شابه من حقول الثقافة أو العلوم الطبيعيّة ( و هكذا، مثلا ، الإستعمال الشعبيّ ل " أنشتاين " على أنّه يحيل على شخص يبرز على ذلك النحو ) . و من هنا إن لم يكن فكر شخص مشوّه بأفكار مسبّقة و هو بدلا من ذلك ينطلق من الفكر العقلاني و المنطقي ، لماذا يجب أن أن يكون من العسير الإقرار بانّ الشيء نفسه ينسحب على فهم المجتمع الإنساني و تاريخ تطوّره و تغييره تغييرا راديكاليّا ؟ لماذا ينبغي أن يكون مفاجأ أو أن ينظر إلى ذلك على أنّه نوعا ما مزعجا و يمثّل تهديدا – عوضا عن النظر إليه كشيء غاية في أفيجابيّة – إن ظهر قادة بارزون في هذا البعد وز خاصة في قدرتهم على المساهمة في قضيّة تحرير الإنسانيّة ؟
عندما ينجز شخص إختراقات هامة في حقل معيّن من النشاطات الإنسانيّة ، يجب أن يعلم الناس على نطاق واسع بما أنجزه. و بالأخصّ لمّا يتعلّق المر بقضيّة تحرير الإنسانيّة ، لماذا ينبغي أن يكون الأمر دون ذلك ؟ في الواقع ، المهمّ جدّا بالنسبة إلى الناس ليس فحسب معرفة الإنجازات و إنّما التفاعل بنشاط معها و تحوّلهم هم ذاتهم إلى المشاركة في تطبيقها عمليّا .
و بطبيعة الحال ، سيقودنا هذا إلى حقيقة هامة أخرى بهذا المضمار برمّته :
مجمل هذه التهمة ب " الطائفيّة / عبادة الفرد " – ما يبدو أنّه جهد لرسمنا في صورة " طائفة / قائد طائفة " – تهمة مستشرية في صفوف أناس لا يشاطروننا آراءنا و بطريقة ما يشعرون أنّهم مهدّدون بتوجّه تحرير المضطهَدين في العالم ، و في نهاية المطاف تحرير الإنسانيّة قاطبة ، بواسطة ثورة تكون غايتها الأسمى القضاء في النهاية على كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في كلّ أركان الكوكب . و إعتبارا لمضمون ( أو غياب مضمون ) هذه التهمة ، من الواضح أنّ عديد و بالفعل معظم الذين لا يتفاعلون أبدال بصفة جدّية مع مجمل أعمالى ( و قد يكونوا حتّى من الذين لم يطالعوا و لو عملا واحدا من أعمالى و لا مؤلّفا واحدا من مؤلّفاتي ) و هم أيضا يجهلون الأعمال الهامة الأخرى التي يمكن العثور عليها على موقع أنترنت revcom.us .بداهة ليس يعنيهم و على ما يبدو ليسوا قادرين على التعاطى المبدئيّ مع الوضع العميق و الإستعجالي الذى تواجهه الإنسانيّة – و خاصة المسألة الكبرى للإصلاح مقابل الثورة . و هكذا ، نلفيهم غير قادرين على التعاطى مع مضامين ما أقوله / نقوله و نعمل من أجله و يُحوّلون أيّة محاولة للقيام بذلك إلى موضوع عمليّات تشويه فظّة – ناشرين تهمة " الطائفة " – معوّلين على الجهل و مشجّعين الجهل و الكسل الفكريّ و الجبن و الخبث .
قبل هذا المقال ، كنت قد أصدرت تحدّيا إلى الليبراليّين و التقدّميّين : أن يتفاعلوا تفاعلا جدّيا مع بعض الوقائع الأساسيّة و التحليل الأساسيّ لطبيعة هذه البلاد و النظام الذى يحكمها و يهيمن على العالم – النظام الرأسمالي - الإمبريالي - و تاليا ننظر إن كانوا قادرين أو ينوون تقديم دفاع عن هذه البلاد و عن نظامها . ( 3 ) و هنا ، أكرّر ذلك التحدّى . ( أنظروا الهامش الثالث من أجل الإحالة على المقال المنطوى على ذلك التحدّى ) . و بصفة خاصة إلى الذين نشروا أو قبلوا على أنّها صحيحة تهمة أنّي / أنّنا " طائفة / قائد طائفة " ، أصدر تحدّيا أكبر :
" توجّهوا إلى موقع أنترنت revcom.us و طالعوا و شاهدوا نماذجا من كتاباتى و خطاباتى في أشرطة فيديو على ذلك الموقع بما فيها مقالات و غيرها من الأعمال و تاليا أنظروا إن كان بوسعكم الدفاع دفاعا معقولا عن هذه التهمة "الطائفيّة / عبادة الفرد " . أو ، إذا لم تقدروا على ذلك ، لتتحلّوا بالنزاهة و الإستقامة ليس لرفض القبول و تكرار هذه التهمة فحسب و إنّما أيضا بالعكس لتتصدّوا لهذه التهمة و تدحضوها و تشدّدوا على أهمّية أن يقوم الناس بما يدعو إليه هذا التحدّى – أن ينخرطوا بجدّية في ما تعنيه عمليّا الشيوعيّة الجديدة .
و أبعد من ذلك ،
إذا وجدتم أنفسكم مضطرّين إلى الإعتراف بنزاهة أن ما تفاعلتم معه على موقع الأنترنت ذاك يعدّ تحليلا في الواقع علميّا لطبيعة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ... و العذابات الرهيبة التي يتسبّب فيها لجماهير البشر عبر العالم ... و الخطر الحقيقي جدّا و المتصاعد الذى يهدّد وجود الإنسانيّة ذاته ... و إمكانيّة الثورة و الحاجة إليها بقيادة الشيوعيّة الجديدة للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مغاير راديكاليّا و تحرّريّا - حالئذ شاركوا في هذه الثورة و العمل إلى جانب آخرين من أجل مراكمة و تعزيز القوى المنظّمة و الإعداد بنشاط لأرضيّة إنجاز هذه الثورة .
هوامش المقال :

1. “SOMETHING TERRIBLE,´-or-SOMETHING TRULY EMANCIPATING:
Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—
And The Revolution That Is Urgently Needed,
A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution,”
by Bob Avakian, Revolutionary Leader, Author of the New Communism.
The audio and the written text of this major work by Bob Avakian are available at revcom.us.
2. From Ike to Mao and Beyond, My Journey from Mainstream America to Revolutionary Communist, A Memoir by Bob Avakian, Insight Press, Chicago, 2005.
3. “In Light of the Urgency Spoken to in ‘Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating’: A RENEWED CHALLENGE: SEARCHING FOR AN HONEST LIBERAL´-or-PROGRESSIVE.” This article by Bob Avakian is also available at revcom.us.
(7)
الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : - معاداة الإستبداد - ك - غطاء - لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة
بوب أفاكيان 25 فيفري ، جريدة " الثورة " عدد 740 ، 28 فيفري 2022
https://revcom.us//en/bob_avakian/shameless-american-chauvinism-anti-authoritarianism-cover-supporting-us-imperialism

" إبحثوا أينما شئتم ، تجوّلوا عبر كافة الأنظمة الملكيّة و أنظمة الطغاة في العالم القديم ، سافروا عبر بلدان أمريكا الجنوبيّة، فتّشوا في كلّ ركن من أركان العالم عن جميع التجاوزات ، و حينما تعثرون على آخرها ، أعقدوا مقارنة بينها و بين الممارسات اليوميّة لهذه الأمّة و ستشاطرونني الرأي بأنّه في ما يتعلّق بالوحشيّة المقزّزة و النفاق الفجّ ، فإنّ أمريكا تسود بلا منازع ".
( فيرديريك دوغلاس ، من العبيد السابقين و مناصر لا يلين لإلغاء العبوديّة ،1852)
في السنوات الأخيرة ، كثُر الحديث و سال الكثير من الحبر بشأن الخطر المتنامى ل " الإستبداد " في الولايات المتّحدة ممثّلا في دونالد ترامب و الحزب الجمهوري . و الآن في إطار الغزو الروسي لأوكرانيا و تحرّكات الولايات المتّحدة ردّا على ذلك ، يقدّم عرض لعدد من المفترضين " خبراء " في مجال " الإستبداد " و هم متّحدون تحت راية الولايات المتّحدة ضد تحدّى هيمنتها من طرف روسيا ، و تبدو الصين تتربّص كتحدّى أكثر جدّية حتّى . ( لم تعد لا روسيا و لا الصين " شيوعيّتين " منذ فترة زمنيّة طويلة و قد تحوّلتا منذ عقود إلى بلدين رأسماليّين - إمبرياليّين و بالتالى تمثّلان تحدّيا له دلالته بالنسبة إلى المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ).
إذا إستمعنا إلى هؤلاء " الخبراء " ، القوّة العتيّة ذات الطموحات الإمبراطوريّة التي ينبغي أن تشغلنا أكثر الآن هي روسيا و قائدها " الإستبدادي " ، فلاديمير بوتين . و فجأة يقع التعبير عن مبدأ راسخ عن مدى خطأ و خطورة غزو بلد لبلد آخر على أساس تعلاّت واهية و أكاذيب صارخة و هذا ينسحب على بوتين لا غير ( و بطبيعة الحال ، على " إستبداد " من لا نحبّهن " نحن " ) ، و الواقع أنّه أكثر من الأكيد أنّه ينسحب " علينا نحن " .
من الأكيد أنّ القوّة العظمى للإرهاب و العدوان الروسيّ و غزوها لأوكرانيا مثال واضح على ذلك و شيء على جميع النزهاء و الشرفاء معارضته . لكن لا يجب على أيّ إنسان نزيه و شريف أن يقف إلى جانب إمبرياليّي الولايات المتّحدة في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة . و للأسباب التي سأتعمّق فيها ، من النفاق التام و المقيت بالنسبة لإمبرياليّي الولايات المتّحدة و الناطقين الرسميّين بإسمهم في وسائل الإعلام و غيرهم من ممثّليهم أن يقدّموا أنفسهم على أنّهم يندّدون بصفة شرعيّة بهذا الغزو الروسي بينما الولايات المتّحدة هي البلد الذى إلى درجة بعيدة جدّا قد قام بأكبر عدد من الغزوات و عمليّات التدخّل العنيف الأخرى في شؤون البلدان الأخرى .
بشكل ما ، هؤلاء " المتعلّمون " قد " نسوا " غزو الولايات المتّحدة و إحتلالها ل " بلد مستقلّ" آخر هو العراق سنة 2003 – على أساس أكاذيب صارخة عن الإمتلاك المفترض للعراق ل " أسلحة دمار شامل " و إرتباطه الوثيق بالإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين كالقاعدة . و كان هذا الغزو للولايات المتّحدة جريمة حرب عالميّة بارزة ، نجمت عنها حركات أودت بحياة مئات آلاف البشر و جعلت الملايين لاجئين و أطلقت العنان ل دوّامة موت و دمار في تلك الناحية من العالم . ( أحد أهمّ المشاهد المقيتة المعروضة بوسائل الإعلام " السائدة " هذه الأيّام مثل السي أن أن ، مشهد وجود مسؤوليّين حكوميّين من " قدماء المحاربين " المشاركين في جريمة حرب الولايات المتّحدة في العراق و هم يندّدون بغطرسة الغزو الروسي لأوكرانيا على أنّه عمل غير قانوني لبلد قويّ يعتدى على بلد أضعف منه ، و بشكل ما ، " إستبعدت " وسائل الإعلام هذه النفاق المثير للغضب لمجرمي الحرب الأمريكيّين هؤلاء و هم يندّدون بجرائم حرب الآخرين " إستبعدت " ذلك النفاق عمدا و تجاهلته ).
و بشكل ما ، هؤلاء " الخبراء " يجهلون ( أو يتجاهلون عمدا عامدين ) واقع أنّ الولايات المتّحدة إلى درجة كبيرة جدّا سجّلت أعلى أرقام العنف في التدخّل في شؤون البلدان الأخرى : فضلا عن تواصل جرائمها ضد الإنسانيّة منذ ليس فقط الحرب العالميّة الثانية بما في ذلك قتل ملايين المدنيّين في الفيتنام و قبلها في كوريا و تنظيمها للإنقلابات الدمويّة في أندونيسيا و إيران و غيرها من الأماكن و في الفترة الممتدّة من 1846 إلى الوقت الحاضر ، تدخّلت الولايات المتّحدة في بلدان جنوب أمريكا و أمريكا الوسطى – عسكريّا عبر انقلابات حاكتها المخابرات الأمريكيّة السى أي أي و بسواها من الطرق – على الأقلّ مائة مرّة ، و كانت نتائج ذلك تماما مئات آلاف القتلى و البؤس اللامتناهي لسكّان تلك البلدان .
و بشكل ما ، هؤلاء " المؤرّخين المستنيرين " أضاعوا من مجال نظرهم واقع أنّ البلاد التي يعيشون فيها ( " الولايات المتّحدة الجيّدة القديمة " ) قد وقع تركيزها بصفة متكرّرة بتوسيع مجالها الترابي بالعنف الوحشيّ و على نطاق واسع ب " الحملات العسكريّة " الإباديّة ضد السكّان الأصليّين لهذه القارة ( وكانت تدوس بلا توقّف المعاهدات الموقّعة في ذلك المسار ) و بحرب توسّعيّة عدوانيّة أفرزت إقتطاع جزء كبير من التراب المكسيكي و ذلك أواسط القرن التاسع عشر و جرى ذلك أساسا لتوسيع نطاق العبوديّة . و في نهاية الأمر ، قد أعلن هذا البلد " هدفا مصيريّا بيّنا " هو كسب مجال ترابي " من البحر إلى البحر البازغة شمسه " ( و ابعد من ذلك ) .
الشوفينيّة الأمريكيّة و إستخدام و سوء إستخدام مفهوم " الإستبداد " :
مفهوم " الإستبداد " كما يصرخ به هؤلاء " الأكاديميّين " و " المثقّفين " و غيرهم مفهوم مخادع و مضلّل يُوظّف في خدمة المصالح الإمبرياليّة الأمريكيّة و يروّج للشوفينيّة الأمريكيّة ( الإعتقاد الباعث على الغثيان في تفوّق الأمريكيّين و " نمط الحياة الأمريكي " ) " الإستبداد " في حدّ ذاته ، لا يحمل مضمونا خاصا به إيديولوجيّاو سياسيّا و إجتماعيّا و في الواقع يتمّ توظيفه كغطاء أو حجاب لمضمون فعليّ سياسي و إيديولوجي . فعلى سبيل المثال ، الإحالة على دونالد ترامب و الحزب الجمهوري على أنّهما " إستبداديّان " يجعل الأمر يبدو كما لو أنّ ما يحدّدهما هو ببساطة سعيهم نحو السلطة التي يرغبون في الحصول عليها بطرق سيّئة و طغيانيّة . و هذا لا يقول شيئا عن ما يبحثان عن القيام به و عن تطبيقه و فرضه . الواقع هو أنّهما فاشيّان . و لهذا مضمون محدّد للغاية : الكره و القمع العنيفين للسود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة و المهاجرين و النساء و المتحوّلين جنسيّا و النهب اللامتناهى للبيئة و الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة و المعاداة الفظّة للفكر العقلانيّ و المعاداة الجنونيّة للعلم .
إنّ رفض تسمية الفاشيّين بما هم فعلا و الإحالة عليهم بمجرّد أنّهم " إستبداديّون " يخدم عددا من الأهداف جميعها متّسقة مع الشوفينيّة الأمريكيّة .
أوّلا ، يحجب واقع أنّ هؤلاء الفاشيّين قد أنبتهم هذا النظام الذى يحكم البلاد منذ أيّام العبوديّة إلى اليوم وهو قائم على لامساواة جليّة و على إضطهاد مصّاص دماء مبنيّ في أسسه و في سيره العادي . و قد تغذّى هذا على الأرضيّة الفاسدة و السامة لهذه البلاد – بلاد منذ البداية إعتبرت السود و تعاطت معهم على أنّهم أدنى من البشر خلقهم " الإلاه " ليكونوا حيوانات جرّ و تدفعهم " طبيعتهم " إلى أن يصبحوا مجرمين خطرين ؛ و نساء أقلّ من البشر ، لا تصلح إلاّ خادمات تابعات للرجال و أدوات هيمنتهم الجنسيّة و مجرّد مربّيات لأطفالهم ؛ و المتحوّلون جنسيّا أساسا " منحرفون " لا يعدّون بشرا . و بالقوّة يقع فرض وضع يكون وضع الأشياء غير قابل للتحدّى و يكون مصدر حماس وهدف المتزمّتين الفاشيّين . و بما أنّ الفاشيّين فعلا نبتوا من أرض هذه البلاد ، بماذا ينبئنا ذلك بشأن هذه البلاد : كيف يمكن إذن الحفاظ على المفهوم المخادع ل " الإستثناء الأمريكي " ، فكرة أنّ هناك شيئا " إستثنائيّا جيّدا بصدد هذه البلاد ؟ - مفهوم أنّ التاريخ الفعلي و الواقع الحالي لهذه البلاد يمزّق تمزيقا و يكشف بجلاء خدعة خبيثة – لهذا عدد كبير من " المؤرّخين " و " الأكاديميّين " لا يرغبون في التفحّص الحقيقيّ و العلميّ لهذا التاريخ و لهذا الواقع .
ثانيا، الحديث عن " الإستبداد " دون الإشارة إلى المضمون الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي لمن يعتبرون" إستبداديّين" يفسح المجال لزعم أنّ " متطرّفى " " اليمين " و " اليسار " متشابهين في الأساس . و هكذا ، بيافطة " الإستبداد " يمكن قذف الشيوعيّين إلى نفس مستنقع " الناس السيّئين جدّا " مع الفاشيّين – في حين أنّ الواقع يبيّن أنّ الشيوعيّين هم أعداء و المعارضين الأشدّ عداء جوهريّا للفاشيّة . (1) و يمكن مشاهدة هذا بسهولة من خلال أيّ تحليل موضوعي و علميّ للنظرة الإيديولوجيّة و أهداف الشيوعيّين الحقيقيّين الذين يقفون على أساس علميّ من أجل و يقاتلون من أجل إلغاء كافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة بينما يصمّم الفاشيّون بتزمّت على فرض التعبيرات الأفظع لهذه العلاقات ذاتها و يبحثون عن تبرير هذا بكافة أنواع النظريّات التآمريّة الجنونيّة و تشويهات الواقع المعادية للعلم . (2)
و مفهوم " إستبداد اليمين و اليسار " هذا يخدم نشر و تأبيد الشوفينيّة الأمريكيّة على النحو الآتى :
إذا كان المشكل و الخطر هو " إستبداد " اليسار و اليمين بالتالى طبعا ، وفق هذا المنطق المنحرف ، " الديمقراطيّة الأمريكيّة " هي " المركز " – مركز كلّ ما هو جيّد و صائب – في تعارض مع أشرار " الإستبداد .
و هنا نعود إلى ما أشرت إليه سابقا على أنّه ( GTF, the Great Tautological Fallacy )، المغالطة المنطقيّة الكبرى، " الدوران و الدوران ضمن حجّة دائرة فارغة " ، أنّ أمريكا قوّة خير في هذا العالم و كلّ ما تقوم به خير أو على الأقلّ تفعله ب " نوايا حسنة " لأنّ أمريكا ... قوّة خير . (3) و هذه المغالطة المنطقيّة الكبرى " آليّة تهرّب كبرى " لدي هؤلاء " المؤرّخين " كافة المناهضين للإستبداد و غيرهم من الشوفينيّين الأمريكيّين الآخرين ، بما يسمح لهم بالتهرّب من شرح ( أو تجاهل على أنّها غير مناسبة أو غير ذات دلالة ) الجرائم التي إقترفتها هذه البلاد عبر تاريخها وصولا إلى اليوم وهو ما أنفت إشارتى إليه في هذا المقال .
" يمكن أن نكون أسّسنا بلدا على قاعدة العبوديّة و الإبادة الجماعيّة " ، قد يعترف بهذا البعض غير انّهم سرعان ما يؤكّدون ( فيما يتجاهلون أو يستهينون بالإضطهاد القاتل و الساحق للأرواح الذى يتعرّض له الناس يوميّا ) " كنّا بإستمرار نتحرّك نحو وحدة أتمّ " .
" يمكن أن نكون خضنا حروب إستعمار و غزوات و نظّمنا إنقلابات و عمليّات أخرى من التدخّل العنيف في شؤون بلدان أخرى " إلاّ أنّهم يزعمون " إنّنا نفعل ذلك بهدف أعظم نوعا ما أو على الأقلّ معارضين بعض الشرّ الأكبر ".
" يمكن أن نكون نعيش في البلد الوحيد الذى إستخدم عمليّا أسلحة نوويّة " - القنابل النوويّة الملقاة على مدينتين يابانيّتين ، حارقة على الفور مئات آلاف المدنيّين ، في نهاية الحرب العالميّة الثانية – بيد أنّ الحجّة تستطرد ، " قمنا بذلك لإنقاذ حياة أناس ، خاصة حياة الجنود الأمريكيّين . "
هكذا هي المحاججات السخيفة و الباعثة على الغثيان .
حرّروا أنفسكم من المغالطة المنطقيّة الكبرى :
و الآن مع التحدّيين الروسي و الصينيّ من أصناف متباينة لهيمنة الولايات المتّحدة على العالم ، حجّة الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة و الذين يردّدون كالببّغاء محاججاتها الشوفينيّة الأمريكيّة ، تساوى أساسا لا شيء أكثر من هذا : " لقد ركّزنا بالقوّة و العنف الكبيرين " نظاما " عالميّا مناسبا لمصالحنا " القوميّة " ( أي الإمبرياليّة ) و لا يحقّ لأيّ كان إستعمال القوّة لتغيير هذا النظام العالمي بما يهدّد هذه المصالح ."
بإختصار ، " نحن " " الخيّرون " [ قوّة خير ] في العالم و الأشياء التي نقوم بها " نحن " التي ستوصف ب" الشرّيرة " إن قام بها آخرون هي في آخر المطاف " خير "... " لأنّنا " " خيّرون " . و الآن بوجه خاص ، تنويعة خاصة من هذا هي إدّعاء أنّ في نزاع مع و مواجهة بين إمبرياليّى هذه البلاد من ناحية و إمبرياليّى روسيا و الصين من ناحية أخرى ، " نحن " من واجبنا أن نقف مع " أنفسنا "( إمبرياليّو الولايات المتّحدة ) لأنّ حكومات ذلك البلدين" إستبداديّتين " بينما حكومت"نا" " نحن " ليست (بعدُ ) " إستبداديّة " .
كون هذا يمثّل إفلاسا تاما في الوقت ذاته منطقيّا و أخلاقيّا يجب أن يكون بديهيّا لكلّ من يملك عيونا ليرى و ليس أعمى بعيون شوفينيّة أمريكية و مغالطتها المنطقيّة الكبرى .
بالنسبة إلى من لا ينوون أن يثرّ رماد ذلك في عيونهم ، يمكن و و يترتّب علينا أن نواجه و نحلّل الواقع كما هو عمليّا و أن نستخلص الإستنتاجات اللازمة . و علاوة على واقع أنّ الولايات المتّحدة اليوم و أنّها كانت تاريخيّا متحالفة مع الكثير من الحكومات " الإستبداديّة " عبر العالم ( و في الواقع قد أرست بالقوّة هكذا حكومات في عدّة بلدان ) ، و الواقع الأكثر جوهريّة حتّى هو أنّ هو أنّ لبّ النزاع بين الولايات المتّحدة و بلدان مثل روسيا و الصين ليس نزاعا بين " ديمقراطيّة " و " إستبداد " و إنّما هو مسألة نزاع بين قوى إمبرياليّة كلّها مضطهِدة بوحشيّة للفجماهير الشعبيّة و لا واحدة منها تمثّل أو تعمل من أجل مصلحة الإنسانيّة . ما يتعيّن علينا الدعوة إليه و بشكل ملحّ الآن ، هو معارضة كلّ المجرمين الإمبرياليّين و قتلة الجماهير الشعبيّة و كلّ الأنظمة و العلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة بينما نشدّد تشديدا خاصا على معارضة مضطهِدينا " الخاصّين " الإمبرياليّين الذين يرتكبون جرائما وحشيّة " بإسمنا " و يبحثون عن توحيدنا لدعمهم على أساس الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة التي ينبغي علينا أن نلفظها نبذا صارما و أن نناضل ضدّها نضالا شرسا .
( هوامش المقال) FOOTNOTES:
1. For a concentrated discussion of the profound difference between communism and fascism, see the article “Fascists and Communists: Completely Opposed and Worlds Apart” by Bob Avakian, which is available at revcom.us.
[ هذا المقال متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، بالموقع الفرعي لشادي الشماوي ]
2. Bob Avakian speaks more fully to the GTF in the speech THE TRUMP/PENCE REGIME MUST GO! In the Name of Humanity, We REFUSE To Accept a Fascist America, A Better World IS Possible, a film of a talk by Bob Avakian in 2017. For more on this film, and to view the film, Q&A sessions, and clips, go to BA’s Collected Works at revcom.us.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
من أجل بعض الخلفيّة التاريخيّة لأوكرانيا ، يقترح عليكم المترجم مقالا هاما ورد بذات العدد 740 من جريدة " الثورة " و عنوانه :
Background and Historical Timeline
A Hellish War in Ukraine: Where the Hell Did This Come From?
ومضمونه إجابة مقتضبة على الأسئلة التالية :
Where Is Ukraine located?
What is the historic relationship between Ukraine and Russia?
What was the impact of the 1917 socialist revolution in Russia on Ukraine and other formerly oppressed nations/nationalities?
A) 1917-1933: Uprooting National Oppression
B) Reversal of Revolutionary Nationality Policies, 1933-1945
What about accusations that Stalin deliberately starved the people of Ukraine?
How does the restoration of capitalism in the Soviet --union-- frame the current conflict over Ukraine?
What is the significance of the collapse of the Soviet --union-- and NATO expansion post 1989?
What is the immediate background to the current crisis?
Where do the interests of humanity lie in the current situation?
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(8)
الطفيليّة الإمبرياليّة و " الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّت " هم "
بوب أفاكيان 2 مارس 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 741 ، 7 مارس 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/imperialist-parasitism-and-democracy-why-so-many-liberals-and-progressives-are

في إطار الغزو الروسي لأوكرانيا ، وُجد استعراض ليس بارزا للغاية على أنّه كاشف و مقزّزا صراحة لليبراليّين و التقدّميّين الأمريكان الذين كانوا يردّدون كالببغاء الغافل إدانة العدوان الروسي على نحو يتّسق تماما مع موقف و أهداف الطبقة الحاكمة لهذه البلاد ( " الولايات المتّحدة الجيّدة القديمة " ) ، التي سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة بدرجة بعيدة جدّا في ما يتّصل بالغزوات و التحرّكات الأخرى للتدخّل العنيف في البلدان الأخرى .
طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد – التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة – إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . لذا ، مكرّسين هذا المبدأ الحيويّ، أيّة معارضة للغزو الروسي لأوكرانيا و بشكل خاص من طرف أناس في هذه البلاد الإمبرياليّة ، يجب أن تُرفق بموقف واضح جليّ و كذلك في معارضة دور الولايات المتّحدة في العالم بما في ذلك في الحروب التي تخوضها بإستمرار و غير ذلك من الطرق التي تتدخّل بواسطتها بعنف في شؤون البلدان الأخرى .
و مثلما أشرت في مقال سابق ، تقع عقلنة موقف متّسق مع الإمبرياليّة مع زعم أنّ الغزوات و ما شابه من أعمال هذه البلاد مختلفة لأنّنا " نحن " " ديمقراطيّة " بينما حكّام روسيا ( أو الصين ) معادين للديمقراطيّة " إستبداديّين " (1). لا يهمّ واقع أنّ أكثر من قلّة من " حلفاء " الولايات المتّحدة من مثل تركيا ( عضو في الناتو ) ، هم بالتأكيد ليسوا أقلّ " معاداة للديمقراطيّة " . و بعد ذلك ، هناك العربيّة السعوديّة التي يفرض حكّامها إضطهاد عصور الظلمات على النساء ، إلى جانب إستغلال خبيث للعمّال المهاجرين بوجه خاص و قمع وحشيّ عامة ، و الذين – بدعم و مساندة و تسليح من الولايات المتّحدة – مسؤولون عن مذابح و عذابات في اليمن هي إلى درجة بعيدة جدّا أسوأ من تلك التي ترتكبها روسيا في أوكرانيا ، على أنّها رهيبة .
و دور " حلفاء " الولايات المتّحدة هؤلاء في علاقة بالحفاظ على إمبرياطوريّة الولايات المتّحدة و " الاستقرار " في الولايات المتّحدة نفسها ، هو شيء آخر يجهله ليبراليّونا و تقدّميّونا ( أو عمليّا يتجاهلونه ).
" غنائم " الإمبرياليّة و سياساتها و إقتصادها أيضا :
قبل زهاء الأربعين سنة ، في كتاب " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " ، وضعت المقتبس التالي :
" أرضيّة الديمقراطيّة في البلدان الإمبرياليّة ( كما هي آكلة نمل ) تقوم على إرهاب فاشيّ في البلدان المضطهَدَة : الضمانات الحقيقيّة للديمقرؤاطيّة البرجوازيّة في الولايات المتّحدة ليست الأكاديميّات الدستوريّة و عدالة المحكمة العليا و إنّما هي المعذِّبون في البرازيل و الشرطة في جنوب أفريقيا و الطيّارين الإسرائيليّين ؛ المدافعون الحقيقيّون عن التقاليد الديمقراطيّة ليسوا الأشخاص في أروقة الكابيتولات الغربيّة ، بل هم ماركوس و موبوتو و عشرات الجنرالات من تركيا إلى تيوان و من جنوب كوريا إلى جنوب لأمريكا ، جميعهم نصّبتهم و رعت سلطتهم و دعّمتهم القوات المسلّحة للولايات المتّحدة و حلفائها الإمبرياليّين . (2)
و بعض أكبر المجرمين في بلدان أخرى تنهض اليوم بمثل هذا الدور الحيويّ في خدمة مصالح إمبرياليّة الولايات المتّحدة عبر العالم و في التمكين من الحفاظ على الديمقراطيّة البرجوازيّة في هذه البلاد عينها ( كما هي فعلا آكلة نمل )، هي ذات البلدان التي كانت قبل 40 سنة و صارت بعضها مختلفة – لكن الواقع الأساسيّ يظلّ أنّ " أرضيّة الديمقراطيّة " في هذه البلاد تقوم على الإرهاب الفاشيّ إلى جانب الإستغلال بلا رحمة في البلدان المضطهَدَة للعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ).
في عدد من أعمالى و عدد من الأعمال الأخرى المنشورة على موقع أنترنت revcom.us بما فيها ورقات بحثيّة لريموند لوتا – " غنائم " " الطفيليّة الإمبرياليّة " يقع تفحّصها : الطريقة التي يقع بها منتهى الإستغلال المفترس لمليارات البشر بمن فيهم أكثر من 150 مليون طفل عبر العالم و خاصة العالم الثالث تمكّن من " مستوى عيش " معيّن و سيرورة إستهلاك بالنسبة للناس في هذه البلاد حتّى و هذه " الغنائم " يتمّ تقاسمها بصورة غير متساوية إلى أقصى الحدود .
و صحيح أيضا – و كذلك من المهمّ تناوله بالحديث – هو البعد السياسي لهذا : الطريقة التي يوفّر بها النهب الإمبريالي الأساسي المادي إستقرارا معيّنا على الأقلّ " في الأوقات العاديّة " في " البلد الوطن " الإمبريالي ( بالولايات المتّحدة كمثال أوّل لهذا ) . و هذا الاستقرار النسبيّ بدوره يجعل من الممكن للطبقة الحاكمة السماح بقدر معيّن من المعارضة و الإحتجاج السياسيّ – طالما أنّ هذا يظلّ ضمن حدود أو على الأقلّ لا يهدّد بصفة لها دلالتها " القانون و النظام " الذى يخدم و يفرض المصالح الجوهريّة لهذه الطبقة الحاكمة .
و في الوقت نفسه ، مثلما تبيّن بحدّة في الإنتفاضات الجماهيريّة التي تضع موضع مساءلة هذا " القانون و النظام " و / أو تتحدّى الولاء للمصالح الإمبرياليّة لهذا النظام – على غرار الإحتجاجات الجماهيريّة ضد إرهاب الشرطة في 2020 و تمرّدات مدينيّة و معارضة جماهيريّة لحرب الفيتنام في ستّينات القرن العشرين – حكّام هذه البلاد سيردّون غالبا على مثل هذه المعارضة بالقمع الشديد و العقوبة القاتلة . و على سبيل المثال ، مدينة ولمنغتن من ولاية هي موطن بيدن من دلاوار ، وُضعت تحت حالة طوارئ لأشهر أثناء نهوض ستّينات القرن العشرين ضد إضطهاد السود و جرى إغتيال عدد من أعضاء حزب الفهود السود و أبرزهم فراد همبتن على يد الشرطة ، إلى جانب عدد من السود المشاركين في الإنتفاضات المدينيّة في تلك الحقبة ، بينما تعرّضت المقاومة الجماهيريّة المناضلة ضد الحرب في الفيتنام و التمرّدات في صفوف شباب الطبقة الوسطى و الطلبة أحيانا إلى ردّ خبيث و في بعض الحالات إلى قمع قاتل من الشرطة و فيالق الحرس الوطني ّ.
و لا يتعيّن أن ننسى أبدا أو نستهين أبدا بأنّ " القانون و النظام " الذى يفرض هذا الاستقرار النسبيّ قد إشتمل على القتل النظامي للسود و كذلك اللاتينو [ اللاتينيّين من أمريكا اللاتينيّة - المرتجم ] من طرف الشرطة – و ينجم عن ذلك واقع أنّ عدد السود الذين قتلتهم الشرطة خلال السنوات منذ 1960 أكبر من آلاف السود الذين وقع سحلهم خلال فترة الميز العنصريّ جيم كرو و إرهاب الكلو كلوكس كلان ، قبل ستّينات القرن العشرين . و يتعيّن كذلك أن نستهين بكون الولايات المتّحدة تملك أعلى نسبة من السجناء و السجن الجماعي مقارنة بأّي بلد آخر في العالم ، و السود و اللاتينو معرّضين بشكل خاص إلى السجن الجماعي .
و مع ذلك ، جوهريّا بفعل الطفيليّة الإمبرياليّة ، وُجد إستقرار نسبيّ داخل هذه البلاد لمعظم الفترة الممتدّة منذ ظهور الولايات المتّحدة كأعظم قوّة و بلد إمبريالي بُعيد الحرب العالميّة الثانية و قد سمح هذا بمستوى معيّن من التسامح و المعارضة و الإحتجاج ، على الأقلّ حيث هذه المعارضة و هذا الإحتجاج كانا أساسا " يجريان وفق قوانين " النظام الإمبريالي .
و في الوقت نفسه ، لنقدّم مجدّدا مثالا توضيحيّا آخر ل " الجانب الآخر من الصورة " – تعبير رهيب حقّا عن الواقع الكامن وراء هذا الاستقرار النسبيّ في الولايات المتّحدة عينها – كما أشرت إلى ذلك قبلا ، في الفترة الممتدّة على أكثر تقريبا من 75 سنة منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية ، بفعل الطريقة التي يهيمن بها على العالم النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، على الأقلّ 350 مليون طفل في العالم الثالث ماتوا بلا داعى جرّاء المجاعة و الأمراض التي يمكن الوقاية منها – عدد أكبر من مجمل سكّان هذه البلاد ! (3)
و هذا، بطريقة مكثّفة جدّا ، يُقدّم تعبيرا عن الأساس الطفيليّ الذى أمكن للإستقرار النسبيّ في هذه البلاد الإعتماد عليه . و ضمن أشياء أخرى ، يسّر هذا " الإنتقال السلميّ للسلطة " من فئة من الطبقة الحاكمة إلى فئة أخرى – إلى الآن ، عندما قسم من هذه الطبقة الحاكمة يمثّله الحزب الجمهوريّ " لم يعد يؤمن أو يشعر بالخضوع إلى " ضوابطا موحّدة " للحكم الرأسمالي " الديمقراطي " في هذه البلاد ".
و في عمليّ الهام الأخير تمّت إثارة النقطة المتّصلة بالحزب الجمهوريّ ( " شيء فظيع أم شيء تحريريّ فعلا ..." ) و تمّ تحليل لماذا هذه " الضوابط الموحّدة " لم تعد متماسكة كما كانت في الماضي و كيف أنّ هذا الوضع لا يمكن أن يعالج إلاّ بالوسائل الراديكاليّة من نوع أو آخر :
" إمّا وسائل رجعيّة راديكاليّا و إضطهاديّة قاتلة و إمّا وسائل تحريريّة ثوريّة راديكاليّا " (4)
لكن ما يكتسى الحديث عنه أهمّية هنا هو كيف أنّ هذا قد تخلّلته أوقات من النهوض الكبير – و حتّى أنّ هذا يتمزّق بطرق كبرى الآن – و هذا الاستقرار النسبيّ أثناء فترة ما بعد الحرب العالميّة الثانية ، قائم على الطفيليّة الإمبرياليّة ، قد دفعت و شجّعت بوجه خاص وهم ضمن الفئات الأكثر رفاهيّة ضمن السكّان أنّ هذه البلاد ليست محكومة على أساس الإضطهاد و القمع – وهم بوجه خاص و غالبا بيأس ملتصق بالليبراليّين و التقدّميّين .
الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها على ( مختلف فئات ) الطبقة الوسطى :
في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ، سُقت الملاحظات التالية في ما يتعلّق بوجهات النظر الثاقبة لكارل ماركس في " الثامن عشر برومير لويس بونابرت " :
" هم جميعا بالفعل أصحاب الحوانيت أو مدافعون متحمّسون عن أصحاب الحوانيت . فإنّهم بحسب تعليمهم و وضعهم الفردي قد يكونون بعيدين عن ذلك بعد السماء عن الأرض . إنّ ما يجعلهم ممثّلين للبرجوازية الصغيرة هو أنّهم عاجزون عن أن يتعدّوا في تفكيرهم النطاق الذى لا تتعدّاه حياة البرجوازيين الصغار ، و أنّهم يتوصّلون بالتالى ، نظريّا ، إلى القضايا و الحلول ذاتها التي تساق البرجوازية الصغيرة إليها عمليّا بدافع مصلحتها الماديّة و وضعها الاجتماعي ".
إنّ المثقّفين الديمقراطيين البرجوازيين الصغار ( أولئك في المجتمع الذين يقوم موقعهم الاجتماعي و نمط حياتهم على العمل في مجال الأفكار ، بشكل أو آخر ) ينزعون بالأساس إلى الجانب " اليساري " من المشهد السياسي البرجوازي ( الموقع " الليبرالي " أو " التقدّمي " ) بينما الكثير من فئة " التجّار " ( أو بكلمات أعمّ ، أصحاب وسائل إنتاج أو توزيع صغيرة ) ينزعون غالبا إلى اليمين ، حتّى اليمين المتطرّف من هذا المشهد ( بالرغم من كون على الأقلّ بعض المقاولين الصغار ، و كذلك الكثير من " الاقتصاد غير النظامي " يبدون إستثناءا لهذا ). لكن الصحيح أنّ كلاّ من التجار ( بالمفهوم الواسع ) و المثقّفين الديمقراطيين ينزعون ، عفويّا ، إلى البقاء ضمن الحدود المقيّدة لعلاقات الرأسماليّة السلعيّة و المفاهيم المناسبة للحقّ البرجوازي ." (5)
و يسلّط ريموند لوتا المزيد من الضوء على هذال في ورقة بحثيّة هامة :
" لقد إنكمش نوع من التشكّل التاريخي للطبقة الوسطى في الولايات المتّحدة . نمت هذه الطبقة الوسطى و إلى درجة معيّنة إنتعشت إقتصاديّا في الفترة المتراوحة بين 1945 و 1975 . و قد شملت و كانت متشكّلة من فئات من العمّال الأفضل أجرا و المنتمين إلى النقابات بأعداد كبيرة في الصناعة و الحرفيّون و أصحاب المتاجر الصغرى و المديرين من الصنف الأدنى و العمّال المأجورين في القطاع العام كالأساتذة ، و الذين يحتلّون مواطن شغل لا تستدعى شهائدا جامعيّة أو شهائدا عليا ...
و قد عرفت الطبقة الوسطى تدهورا في ظروفها . و هناك تأثيرات متناقضة لتراخى قبضة الأسطورة الموحّدة للحلم الأمريكي . وتفجّرت الإنتظارات التقليديّة . و هذا كذلك جانب من الأرضيّة التي تغذّى فاشيةّ ترامب ...
و في الوقت نفسه كانت هذه القوة الإقتصاديّة التي تسير بهذا الإتّجاه تساهم في نموّ الفئة العليا الطبقة الوسطى في الولايات المتّحدة . بالملموس ، العولمة الإمبريالية و التغيّر التكنولوجي و تكثيف التمويل - و بهذا تحوّلت عدّة شركات في الولايات المتّحدة على غرار الإ بي أم و دال من الإنتاج إلى الخدمات في العقود القليلة الماضية – ما حثّ على توسّع دخل أعلى في مواطن شغل الخدمات التابعة ل " سلاسل التزويد المحلّية " مثل دخل مديري العمليّات و مبرمجى الحواسيب إلخ. و معدّل مداخيلهم في أواسط العقد الثاني للقون الواحد و العشرين كانت 63 ألف دولار . و في أوج هذه الخدمات – كالهندسة و التصميم و إنشاء برامج الحواسيب ، و الخدمات اللوجستيّة إلخ (6)
تمثّل " الطبقة الوسطى التقليديّة " بالمعنى العام ما يُحيل عليه ماركس بإستعارة " أصحاب الدكاكين " – فهم كما أشرت إلى ذلك ينحون نحو اليمين و حتّى أقصى السييمن من المروحة السياسيّة البرجوازيّة ( مع ذلك ، بعديد الأساتذة و بعض الآخرين إستثناء لهذا ) . و الذين في " قسم الأعلى من الطبقة الوسطى للولايات المتّحدة " – أو بالأخصّ أولئك العاملين في " شغل متّصل بالمعرفة " – يتّجهون عامة إلى " يسار " تلك المروحة السياسيّة البرجوازيّة مكوّنين إلى درجة كبيرة ليبرالي و تقدّمي الطبقة الوسطى في هذه البلاد . لكن الجدير بالإشارة هو أنّ تحديدا " يسار " المروحة السياسيّة البرجوازيّة – أي " يسار " السياسات التي تعيّن و تحدّد النظام الرأسمالي – الإمبريالي – الذى إليه ينحو الليبراليّون و التقدّميّون عفويّا . و هذا مرّة أخرى ، سياسة معتمدة في نهاية المطاف و تقوم على طفيليّة النظام الرأسمالي – الإمبريالي لهذه البلاد و موقعه في العالم . و يمضى هذا بعيدا في شرح لماذا عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين في هذه البلاد مساندين بلا خجل لممثّلى الطبقة الحاكمة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة و الناطقين الرسميّين بإسمها في عمليّات فضح بشكل واثق بنفسه للإمبرياليّة الروسيّة في غزوها لأوكرانيا – عمليّات العدوان الإمبريالي التي نفّذها امبرياليّو الولايات المتّحدة على نطاق أوسع من أيّ بلد آخر.
و ستتطلّب زعزعة هؤلاء الليبراليّين و التقدّميّين أو على الأقلّ أعداد منهم لها دلالتها ، بعيدا عن موقفهم الحقير في مساندة " إمبرياليّتهم " صراعا إيديولوجيّا شرسا لا هوادة فيه لنفرض عليهم مواجهة واقع ما تمثّله عمليّا هذه الإمبرياليّة و ما الذى تقوم به عمليّا في هذا الواقع . و أكثر من ذلك ، سيتطلّب الأمر التقدّم بحركة ثوريّة معتمدة ليس فحسب و إنّما أساسا ضمن الجماهير الشعبيّة التي لها أقلّ بكثير من الحصص من هذه " الثروات " التابعة لهذا النظام الطفيلي و ظروفها الإضطهاديّة القاسية في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي بعيدا بثقلهن أيّة " غنائم " يمكن أن يحصلوا عليها من نهبه للعالم .
مع كلّ هذا ، من الحيويّ الإقرار و العمل على الإقرار بأنّ الوضع في هذه البلاد و العالم كلّه الذى هو بعدُ حادا جدّا يتفاقم بإستمرار و يطرح بالفعل أفق إمّا شيء فظيع أو أيضا شيئا تحريريّا حقّا : ثورة فعليّة في هذا البلد بالذات تكسر قبضة المضطهِدين الرأسماليّين – الإمبرياليّين القويّة على الجماهير الشعبيّة و تضعف القبضة القاتلة لهذا النظام إلى أبعد حدود هذه البلاد ما يبعث بموجات مزلزلة إيجابيّة للإلهام الثوريّ عبر العالم الذى لا يزال اليوم تحت هيمنة الرأسماليّة – الإمبرياليّة بكلّ الفظائع التي يعنيها .
هوامش المقال :
1. Shameless American Chauvinism: “Anti-Authoritarianism” as a “Cover” For Supporting U.S. Imperialism. This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
2. Bob Avakian, Democracy: Can’t We Do Better Than That?, Banner Press, 1986. Information about ordering this book can be found at BA’s Collected Works at revcom.us. The quote is from Lenny Wolff, The Science of Revolution.
3. Bob Avakian cites this fact in the article In Light of the Urgency Spoken to in “Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating,” A Renewed Challenge: Searching For An Honest Liberal´-or-Progressive, which is available at revcom.us.
4. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And the Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution. This major work by Bob Avakian is available at revcom.us.
5. Bob Avakian, Breakthroughs, The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary is also available at revcom.us.
6. Imperialist Parasitism and Class-Social Recomposition in the U.S. From the 1970s to Today: An Exploration of Trends and Changes (emphasis in original). This paper by Raymond Lotta is also available at revcom.us.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
(9)
مبدأ أساسي بشأن الحرب في أوكرانيا
بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة ؛ جريدة " الثورة " عدد 741 ، 7 مارس 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/basic-principle-war-ukraine

من الأكيد أنّ القوّة العظمى للإرهاب و العدوان الروسيّ و غزوها لأوكرانيا مثال واضح على ذلك و شيء على جميع النزهاء و الشرفاء معارضته . لكن لا يجب على أيّ إنسان نزيه و شريف أن يقف إلى جانب إمبرياليّي الولايات المتّحدة في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة . و للأسباب التي سأتعمّق فيها ، من النفاق التام و المقيت بالنسبة لإمبرياليّي الولايات المتّحدة و الناطقين الرسميّين بإسمهم في وسائل الإعلام و غيرهم من ممثّليهم أن يقدّموا أنفسهم على أنّهم يندّدون بصفة شرعيّة بهذا الغزو الروسي بينما الولايات المتّحدة هي البلد الذى إلى درجة بعيدة جدّا قد قام بأكبر عدد من الغزوات و عمليّات التدخّل العنيف الأخرى في شؤون البلدان الأخرى ...
بالنسبة إلى من لا ينوون أن يذرّ رماد ذلك [ المغالطة المنطقيّة الكبرى *] في عيونهم ، يمكن و يترتّب علينا أن نواجه و نحلّل الواقع كما هو عمليّا و أن نستخلص الإستنتاجات اللازمة . و علاوة على واقع أنّ الولايات المتّحدة اليوم و أنّها كانت تاريخيّا متحالفة مع الكثير من الحكومات " الإستبداديّة " عبر العالم ( و في الواقع قد أرست بالقوّة هكذا حكومات في عدّة بلدان ) ، و الواقع الأكثر جوهريّة حتّى هو أنّ هو أنّ لبّ النزاع بين الولايات المتّحدة و بلدان مثل روسيا و الصين ليس نزاعا بين " ديمقراطيّة " و " إستبداد " و إنّما هو مسألة نزاع بين قوى إمبرياليّة كلّها مضطهِدة بوحشيّة للجماهير الشعبيّة و لا واحدة منها تمثّل أو تعمل من أجل مصلحة الإنسانيّة . ما يتعيّن علينا الدعوة إليه و بشكل ملحّ الآن ، هو معارضة كلّ المجرمين الإمبرياليّين و قتلة الجماهير الشعبيّة و كلّ الأنظمة و العلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة بينما نشدّد تشديدا خاصا على معارضة مضطهِدينا " الخاصّين " الإمبرياليّين الذين يرتكبون جرائما وحشيّة " بإسمنا " و يبحثون عن توحيدنا لدعمهم على أساس الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة التي ينبغي علينا أن نلفظها نبذا صارما و أن نناضل ضدّها نضالا شرسا .
( مقتطف من " الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : " معاداة الإستبداد " ك " غطاء " لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة " )
***************************************
طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد – التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة – إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . لذا ، مكرّسين هذا المبدأ الحيويّ، أيّة معارضة للغزو الروسي لأوكرانيا و بشكل خاص من طرف أناس في هذه البلاد الإمبرياليّة ، يجب أن تُرفق بموقف واضح جليّ و كذلك في معارضة دور الولايات المتّحدة في العالم بما في ذلك في الحروب التي تخوضها بإستمرار و غير ذلك من الطرق التي تتدخّل بواسطتها بعنف في شؤون البلدان الأخرى .
( مقتطف من " الطفيليّة الإمبرياليّة و " الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّت " هم " " )
* يشير بوب أفاكيان في ذلك المقال إلى :
" نعود إلى ما أشرت إليه سابقا على أنّه " المغالطة المنطقيّة الكبرى، " GTF ، the Great Tautological Fallacy الدوران و الدوران ضمن حجّة دائرة فارغة " ، أنّ أمريكا قوّة خير في هذا العالم و كلّ ما تقوم به خير أو على الأقلّ تفعله ب " نوايا حسنة " لأنّ أمريكا ... قوّة خير . "
(10)
بوب أفاكيان يفضح المتقدّمين لخدمة هذا النظام الإضطهاديّ
جريدة " الثورة " عدد 742 ، 14 مارس 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/bob-avakian-calls-out-fronting-system-oppression

غالبا ما تحدّث مالكولم آكس بغضب و إحتقار عن " سود العم توم " وقتها ، الذين كا يشبّههم ب " عبيد المنزل " بالمزارع عاشوا في منزل و الذين عاشوا في منزل مالك عبيد و تماهوا مع هذا المالك اكثر من تماهيهم مع " عبيد الحقول " ( حين يحترق منزل مالك العبيد ، أسشار مالكولم ، سيصرخ عبيد المنزل " أيّها المالك منزلنا يحترق ! " ).
و اليوم ، هذه الظاهرة أكثر إنتشارا و بروزا حتّى بما في ذلك في شكل " شخصيّات إعلاميّة " من البرجوازيّين السود الذين يتقدّمون لخدمة هذا النظام و يمكنكم رؤيتهم على قنوات الأس أم أن بى سى و السى أن أن ك " منشّطين " أو ك " ضيوف معلّقين " في " البرامج الإخباريّة " مدّعين أنّهم " أصوات الشعب " بينما يتصرّفون ك رؤساء مشجّعى هذا النظام الرأسمالي -الإمبريالي ل " بلادهم " و كناطقين رسميّين باسم الطبقة الحاكمة و خاصة باسم الفئة السائدة من الطبقة الحاكمة و الممثّلة في الحزب الديمقراطي .
كان هذا النظام من بدايته إلى اليوم و لا يزال مضطهِدا وحشيّا و قاتلا للسود ، إلى جانب الملايين و بالفعل مليارات المضطهَدين الآخرين في هذه البلاد و عبر العالم .
هذا حزب ديمقراطي كما وقعت الإشارة بدقّة إلى ذلك على موقع revcom.us" حزب زريبة خنازير " –
فردّه على الإحتجاجات الجماهيريّة ضد عنف الشرطة و قتلها للناس كان تقديم الدعم الكامل لتنفيذ المزيد من هذا العنف و القتل . لماذا ؟ لأنّ الحزب الديمقراطي يمثّل وهو أداة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يتطلّب و ليس بوسعه السير دون هذه الشرطة و عنفها و قتلها . و هذا واقع أوضحه بيدن في " خطابه أمام حالة الإتّحاد " حينما صرّح بالآتى :
" الإجابة ليست قطع التمويلات على الشرطة و إنّما هي تمويل الشرطة ... تمويل الشرطة ... تمويل الشرطة ".
و الحزب الديمقراطي يتعاطى مع " قدماء " حروب الولايات المتّحدة في أماكن مثل العراق على أنّهم " أبطال " بينما في الواقع غزو الولايات المتّحدة للعراق سنة 2003 لم يكن سوى " جريمة حرب عالميّة بارزة " كانت السبب في أحداث دفع آلاف البشر حياتهم نتيجة لها و أفرزت ملايين اللاجئين و أطلقت العنان ل دوّامة موت و تدمير في ذلك الجزء من العالم – جريمة حرب عالميّة بارزة نفّذت " على أساس أكاذيب صارخة عن الإمتلاك المفترض للعراق ل " أسلحة دمار شامل " و إرتباطه الوثيق بالإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين كالقاعدة ". (1)
هذا حزب ديمقراطي كان يدافع بإنسجام و عدوانيّة وهو أداة عدوانيّة بيد نهب إمبرياليّى الولايات المتّحدة لشعوب العالم ، و بالخصوص البلدان الأفقر من العالم ، و قد أضحى هذا الحزب الآن من قادة التوظيف المنافق لعدوان روسيا على أوكرانيا كوسيلة لخدمة عدوانية لمصالح إمبرياليّة الولايات المتّحدة في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة . ( و مثلما قلت سابقا : " طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد - التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة - إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . " (2)
و الآن أحيانا ، بعض هؤلاء البرجوازيّين السود سيذكرون مالكولم آكس أو يزعمون أنّهم يتماثلون مع حزب الفهود السود في مسعى منهم لتركيز " مصداقيّة " من أجل نهوض أفضل بدورهم في توحيد الناس لدعم ذات النظام الذى عبّر تجاهه مالكولم آكس و حزب الفهود السود عن كره و إحتقار عميقين .
لقد ندّد مالكولم آكس بشدّة بأمريكا بإعتبارها " ذئبا فكّيه دمويّين " منافقا و إحتفى بواقع أنّ الشعب الفيتنامي ألحق الهزيمة بالإمبرياليّين الفرنسيّين – المدعومين من قبل الولايات المتّحدة – و مثلما قال مالكولم عينه " طردوهم شرّ طردة " من الفيتنام . و إن لم يقع إغتياله و ظلّ على قيد الحياة ليشهد ذلك ، كان مالكولم من المؤكّد تقريبا سيقفز فرحا أيضا بالطريقة التي طرد بها الفيتناميّون الولايات المتّحدة من بلدهم .
و حزب الفهود السود في أيّامه الثوريّة ، وقف كذلك إلى جانب الشعب الفيتنامي وغيره من الشعوب المضطهَدَة في العالم، في معارضة المضطهَدين الإمبرياليّين . في نهاية الأمر ، لم يساند هواي نيوتن ، القائد الأساسي لحزب الفهود السود ، مقاتلى التحرير الفيتناميّين فحسب بل في لحظة معيّنة ، تقدّم أيضا بإقتراح إرسال أعضاء من حزب الفهود السود إلى الفيتنام ليلتحقوا بالفيتناميّين في قتالهم ضد الغزات الإمبرياليّين للولايات المتّحدة .
حسنا ، لن نجد شيئا من هذه الروح الثوريّة في صفوف هذه " الوجوه السوداء المتصدّرة لمراكز مرموقة " . إنّهم ملتزمون بعمق بالبحث عن " حصّتهم " من " الغنائم " من الإستغلال الفاحش ل " بلدهم " الإمبريالي و غزواته المجرمة عبر العالم – يبذلون قصارى الجهد للحصول على مكان في المؤسّسات الإضطهاديّة و القمعيّة لهذا النظام الوحشيّ – غارقين جدّا في التغطية على أو ببساطة في تبرير جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانيّة مستعدّين تمام الإستعداد لأنّ يكونوا ضمن ركاب قطار مساندة إمبرياليّتهم " هم " في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة أو الصينيّة و منشغلين جدّا ب " الرفقة الجيّدة " من مصّاصي الدماء ، عملاء السى آي آي و ضبّاط الجيش و مستخدمين آخرين في القتل الجماعي .
و هؤلاء الناطقين اتلرسميّين باسم البرجوازيّة السود غفى وسائل الإعلام ، في دورهم كأداة تبرير لأعمال هذا النظام ، ليسوا حتّى برجوازيّين وطنيّين يحترمون أنفسهم و بالتأكيد ليسوا وطنيّين مناهضين للإمبرياليّة حتّى لا نقول شيئا عن نوع الأمميّين الثوريّين الذين تحتاجهم الجماهير الشعبيّة هنا و عبر العالم قاطبة ك " نماذج " حقيقيّة و أناس يقودونها في القتال ضد كافة الإمبرياليّين و كافة مضطهِدى الشعوب و كافة علاقات الإضطهاد و الإستغلال .
هوامش المقال :
1. ”See “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.”
2. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.” This article by Bob Avakian is also available at revcom.us.
و المقالان متوفّران باللغة العربيّة على صفحات موقع الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(11)
قوى إضطهاد وحشيّ و إعتذارات منافقة للقتلة المقترفين للإبادات الجماعيّة – ما الذى يجب أن " يُلغى "
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 743 ، 17 مارس 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/forces-brutal-oppression-hypocritical-apologies-genocidal-murderers-what-should-be

لقد كتبت إلى حدّ لا بأس به على نطاق واسع حول ما هو خاطئ بجدّية في " ثقافة اليقظة للإلغاء / المنع " (1) . و هناك حاجة إلى قول المزيد عن هذا غير أنّي هنا سأتحدّث عن مسألة الأفراد و أبعد من ذلك العلاقات و المؤسّسات الإجتماعيّة التي ينبغي عمليّا أن " تمنع " – أو بصفة أصحّ تُفضح و يندّد بها و تعارض بنشاط .
بالتأكيد ، ضمن القوى التي يشملها هذا التصنيف يوجد الفاشيّون الأصوليّون المسيحيّون في هذه البلاد ، المعتمدون على أفكار و أفعال يقدّمونها و ينجزونها بعدوانيّة . و سيكون عليّ أنّ أقول المزيد بشألأنهم بإقتضاب . لكن ، أوّلا ، لنلقى نظرة على المشهد الأشمل .
ثمّة مؤسّسات أساسيّة مفاتيح لهذا النظام بما في ذلك الشرطة و ما يسمّى ب " نظام العدالة " الذين يجسّدون و يفرضون إضطهادا وحشيّا و قاتلا .
و ثمّة السياسيّون من أيّ حزب كانوا و مهما كان عرقهم أو جندرهم الذين يدعمون الإنقلابات و الغزوات و الأعمال الحربيّة الأخرى التي تقترفها هذه البلاد بحثا عن المصالح الرأسماليّة – الإمبرياليّة لطبقتها الحاكمة . و من الأكيد أنّ أيّة شخصيّة تساند هذا العدوان و النهب الإمبرياليّين و عامة الأعمال و الأهداف الإمبرياليّة لهذه الطبقة الحاكمة – و كذلك أيّ عاملين في وسائل الإعلام يبحثون عن تبرير هذا و مردّدين كالببّغاء دعاية مساندة لهذا – يستحقّ كذلك أن يُفضح و يُعارض .
إنّ القوّأت المسلّحة لهذه البلاد قد نفّذت بصفة متكرّرة أعمالا رهيبة ، مجازرا أو تدميرا ، من بداية تكوين هذه البلاد وصولا إلى العصر الراهن ، على هذه القارة و عبر العالم قاطبة :الإبادة الجماعيّة للشعوب الأصليّة و غزو المكسيك و سرقة قسط ضخم من ترابها ، أوّليّا بهدف توسيع العبوديّة ، و في أليّأم الأحدث ، قتل ملايين المدنيّين في الفيتنام و في كوريا قبل ذلك، و تاليا الغزو اللاقانوني للعراق بكلّ الموت و الدمار المرافق و المطلق لذلك . و هذه ليست سوى بضعة جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانيّة التي إقترفتها .
هذه البلاد هي البلاد الوحيدة التي إستخدمت فعليّا الأسلحة النوويّة – القنابل النوويّة التي حرقت بها مئات آلاف المدنيّين في المدينتين اليابانيّتين هيروشيما و ناكازاكي مع نهاية الحرب العالميّة الثانية . و هذا شيء لا يجب نسيانه أو تجاهله خاصة الآن حيث يوجد حديث ضمن بعض الدوائر الحاكمة لهذه البلاد حول الإشتراكي بصورة أكثر مباشرة في النشاطات العسكريّة في أوكرانيا ما سيؤدّى إلى حرب مع روسيا و من الممكن جدّا إستعمال قدر كبير من الأسلحة النوويّة للدمار الشامل اليوم ما سيفضى عمليّا إلى إضمحلال الإنسانيّة .
و إليكم الناس الذين يستحقّون بالتأكيد الإدانة الشديدة : كلّ إعلامي في هذه البلاد بوجه خاص أو كلّ شخص آخر في موقع تأثير على الرأي العام يعمل ناطقا رسميّا باسم الحكّام الإمبرياليّين لهذه البلاد في نزاعها مع الإمبرياليّين الروس أو الصينيّين – الذين يدينون الفظائع التي يقترفها الإمبرياليّون الآخرون فيما يدعون إلى و يدافعون عن أو " يبرّرون " الفظائع التي يقترفها إمبرياليّوهم " الخاصّون ".
و يشمل هذا كافة العاملين بوسائل الإعلام و غيرهم ذوى " أرضيّة عامة " لها دلالتها الذين أدانوا العمليّات العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا و لم يدينوا عمليّات العربيّة السعوديّة في اليمن - المدعومة و المسلّحة من طرف الولايات المتّحدة - و التي تسبّبت في مجازر و عذابات حتّى أسوأ للمدنيّين في اليمن ، خاصة الأطفال ممّا أنزلته روسيا بأوكرانيا و شعبها.
و الذين يستحقّون الإدانة يشتملون بالتأكيد على السياسيّين و العاملين بالإعلام و " المشاهير " الذين يندّدون الآن بالفظائع الروسيّة في أوكرانيا بيد أنّهم يساندون قتل إسرائيل لأكثر من ألفي مدني بمن فيهم مئات الأطفال في غزّة الصغيرة المساحة و المحاصرة و ذات الكثافة السكّانيّة العالية ، بفلسطين سنة 2014 – شيء مرّة أخرى ، دعّمته تمام الدعم حكومة الولايات المتّحدة و رئيسها زمنها ، باراك أوباما . ( حكومة إسرؤائيل تستخدم إستعارة " قصّ العشب " لوصف قتلها المتكرّر للفلسطينيّين – بينما أنشأت دولة إسرائيل ذاتها على أرض مسلوبة من الفلسطينيّين بواسطة حرب دمويّة و وسائل إرهابيّة. و ماذا سيقول سياسيّو الولايات المتّحدة و وسائل إعلامها إلخ لو وصف بوتن ما يحدث في أوكرانيا على أنّه روسيا " تقصّ العشب " ؟! ).
و كما كتبت آنفا ، في ما يتعلّق بغزو روسيا لأوكرانيا :
" طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد – التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة – إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . " (2)
و ثانيا ، كما أشرت إلى ذلك قبلا ، هناك الفاشيّون الأصوليّون المسيحيّون . و يهدف هؤلاء الأصوليّين المسيحيّين إلى مأسسة دكتاتوريّة تيوقراطيّة في هذه البلاد : نفس النظام الرأسمالي – الإمبريالي لكن نظام حيث الحكم الطغياني تفرضه سلطات تعتمد على نسخة أصوليّة من المسيحيّة ، بكلّ الأهوال التي يعنيها ذلك – بما فيها تفوّق ذكوريّ متطرّف – و الكره المعادي للمتحوّلين جنسيّا و كذلك تفوّق البيض العدواني و رهاب الأجانب ( كره الأجانب و المهاجرين لا سيما القاديمن من بلدان غير بلدان ذوى البشرة البيضاء ) و النهب بلا قيد للبيئة – و كلّ هذا مدعوما بجنون معادى للعلم و ممأسس. ( و يحاول الفاشيّون المسيحيّون إدّعاء أنّهم ليسو عنصريّين لكن الواقع هو أنّ الأصوليّة المسيحيّة و تفوّق البيض كانا مرتبطان وثيق الإرتباط ببعضهما البعض عبر تاريخ هذه البلاد وصولا إلى اليوم . لهذا يوجد أهمّ دعم لهذه الفاشيّة المسيحيّة في صفوف العنصريّين البيض من الأراضي الكنفدراليّة القديمة في الجنوب و ضمن البيض لا سيما في المناطق الريفيّة عبر البلاد الذين يتجمّعون وراء ما تمثّله الراية الكنفدراليّة ، رمز العبوديّة و القتل بوقا ).
جوهريّا هذا النظام هو الذى يجب أن " يُلغى / يُمنع " :
في كتاباتى و في مواد أخرى على موقع أنترنت revcom.us وقع توضيح مسألة أنّه من خلال سير هذا النظام ، الناس في هذه البلاد – و هذا ينطوى على " المتيقّظين " الذين يتحدّثون دائما عن " الإمتيازات " و " الإستعمار " – يعيشون على حساب الأطفال في الكونغو العاملين في مناجم المواد الأوّليّة التي هي أساسيّة كأجزاء من حياتهم اليوميّة في هذه البلاد بما فيها الحواسيب و الهواتف الجوّالة .
و هذا مجرّد مثال عن الطفيليّة الناجمة عن الحياة في الولايات المتّحدة التي كانت لأجيال البلد الرأسمالي – الإمبريالي المدمّر و افضطهادي الأقوى و كانت طبقته الحاكمة قادرة على أن توزّع على سكّان هذه البلاد بعضا من " الغنائم " من نهبها عبر العالم ، حتّى و هذه " الغنائم " تقسم بطريقة عالية اللامساواة .
و لوضع نهاية لسرقة حياة و إستغلال الناس منتهى الإستغلال ليس في الكونغو فحسب و إنّما أيضا عبر البلدان ما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ) التي لا تزال فعلا " مستعمَرَة " ( متكّم فيها و مهيمن عليها ) من قبل الرأسماليّة – الإمبرياليّة – لوضع نهاية لجميع الفظاعات التي يقترفها هذا النظام بما في ذلك إستغلاله و إضطهاده للجماهير الشعبيّة بالذات في هذه البلاد ، و كذلك التهديد الذى يمثّله بالنسبة إلى أفنسانيّة ككلّ من خلال تدميره للبيئة و خطر حرب نوويّة – يتطلّب ثورة فعليّة للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا ىو تحرّريّا يهدف إلى تحقيق الهدف الأسمى لعالم شيوعي ، مع إلغاء كلّ أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد في كلّ أنحاء العالم . و نظرة شاملة و مخطّط ملموس لهذا النظام المختلف راديكاليّا و التحريريّ معروضين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته . (3)
مثل هذه الثورة و تركيز هذا النوع من النظام التحريري في هذه البلاد سيوجّه صفعة هائلة و يمثّل مصدر إلهام قويّ للمضطهَدين عبر العالم ليخوضوا قتالا لكسر قبضة هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي و التمكين من إنشاء عالم دون كافة هذه الفظائع التي تعيشها يوميّا جماهير الإنسانيّة و الخطر الحقيقيّ جدّا الذى يمثّله هذا النظام بالنسبة لمستقبل الإنسانيّة .
**************************************************************************************
على موقع أنترنت revcom.us و كذلك على البرنامج الأسبوعي على اليوتيوب " برنامج – الثورة ، لا شيء أقلّ من ذلك ! " تجدون تحليلا علميّا للتطوّرات الهامة في هذه البلاد و في العالم عامة ، و للتاريخ و الواقع الحقيقيّين لهذه البلاد و الطبيعة الفعليّة للنظام الحاكم لهذه البلاد و المهيمن على العالم – النظام الرأسمالي - الإمبريالي – و أساس و إستراتيجيا القيام بالثورة للتخلّص نهائيّا من هذا النظام و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا و تحرّريّا . و كجزء هام من هذا ، تنشر بشكل منتظم أعمال بوب أفاكيان على موقع revcom.us بما فيها تلك المشار إليها في ىهذا المقال .
-------------------------------------------------------
هوامش المقال :
1. “Bob Avakian On Fascist Lunacy and ‘Woke Folk’ Insanity: A New ‘Two Outmodeds’” and “I’m So Sick of this Whole ‘Identity Politics’ and ‘Woke’ Thing: Revolution and Emancipation—Not Petty Reform and Revenge, On Movements, Principles, Methods, Means and Ends.”
2. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism”
3. Constitution for the New Socialist Republic in North America

و جميع هذه الوثائق متوفّرة باللغة العربيّة على موقع الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي .


(12)
كلمات أربع و بعض الأسئلة الأساسيّة موجّهة إلى الليبراليّين الذين يحبّون أمريكا
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 745 ، 4 أفريل 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/four-words-liberals-who-love-america-and-some-basic-questions

الكلمات الأربع هي : بطاقات بريديّة للقتل بوقا .
إذا لم تكونوا تعلمون ما هي فعليكم بالبحث .
لا تديروا ظهركم أو تبحثوا عن تبريرات .
و أجيبوا على هذه الأسئلة الأساسيّة :
متى كانت هذه البلاد أبدا " ديمقراطيّة كبرى " و " ضوء حرّية ساطع " ؟
أكان ذلك خلال الفترة المديدة من العبوديّة ؟
أم خلال المائة سنة التالية للقتل بوقا – و البطاقات البريديّة للقتل بوقا ؟
أم الآن ؟ - منذ ستّينات القرن العشرين ، قتلت الشرطة عددا أكبر من السود من كافة الذين قُتلوا بوقا في المائة سنة السابقة.
متى ستواجهون هذه الحقيقة ؟
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(13)
ضباب الحرب و وضوحها
بوب أفاكيان 1 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 745 ، 4 أفريل 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/fog-war-clarity-war

" ضباب الحرب " تعبير يحيل على واقع أنّ في وضع الحرب ، تصبح الكثير من الأشياء ضبابيّة . بكلمات بسيطة ، عادة ما يغدو من العسير قول ما يحدث على وجه الضبط .
و في إرتباط بهذا يوجد واقع أنّ الحرب عقب إندلاعها تعرف ديناميكيّة خاصة : الأشياء لا تسير على النحو الذى فجّر فيه الناس حربا ، أو يمسون معنيّين بها ، تنتظر أن تسير . و لهذا معنى ثقيلا في الحرب الراهنة في أوكرانيا وهي حرب لا تعنى أوكرانيا و روسيا فحسب و إنّما كذلك التحالف الإمبريالي ( حلف شمال الأطلسي – الناتو / NATO) الذى تتراّسه
الولايات المتّحدة في " حرب بالوكالة " مع روسيا – مقدّمة كمّية ضخمة من الأسلحة إلى أوكرانيا و خائضة حربا إقتصاديّة ( في شكل " عقوبات " ) ضد روسيا بينما ترفع من " الجاهزيّة " العسكريّة لبلدان الحلف و خاصة منها البلدان التي لها حدود أو هي قريبة من روسيا .
و يعنى هذا وجود خطر حقيقيذّ جدّا – عمدا أم عن غير قصد من هذا الجانب أو ذاك أو من الجانبين – و يمكن لهذا أن يُفضى مباشرة إلى حرب بين روسيا و الولايات المتّحدة / الناتو ، و هذا بدوره يمكن أن يشمل الأسلحة النوويّة حتّى على نطاق سيهدّد البشر أنفسهم في وجودهم عبر العالم .
و هذا سبب وجيه للماذا غزو روسيا ليس فقط عملا عدوانيّا إمبرياليّا غير عادل و إنّما هو أيضا يمثّل خطرا كبيرا و يحمل في ثناياه إمكانيّة تدميريّة واسعة النطاق ، حتّى ابعد من الدمار و العذابات الكبرى التي فرضها بعدُ على أوكرانيا و شعبها. و لهذا تحرّكات تصعيديّة في مشاركة الولايات المتّحدة / الناتو ، و نداءات بالمواجهة العسكريّة المباشرة مع القوّأت الروسيّة ترفع بقدر كبير منسوب هذا الخطر .
و يؤكّد هذا على أهمّية التوجّه الذى شدّدت عليه من بداية هذه الحرب :
" ما يتعيّن علينا الدعوة إليه و بشكل ملحّ الآن ، هو معارضة كلّ المجرمين الإمبرياليّين و قتلة الجماهير الشعبيّة و كلّ الأنظمة و العلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة بينما نشدّد تشديدا خاصا على معارضة مضطهِدينا " الخاصّين " الإمبرياليّين الذين يرتكبون جرائما وحشيّة " بإسمنا " و يبحثون عن توحيدنا لدعمهم على أساس الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة التي ينبغي علينا أن نلفظها نبذا صارما و أن نناضل ضدّها نضالا شرسا . " (1)
خدعة ما يسمّى ب " حرّية الصحافة " :
و هناك أيضا طريقة توضّح بها الحرب الأمور – بما في ذلك واقع أنّ الحرب تدفع الناس إلى التصرّف بطرق تجعل واضحة للغاية ما هي نظرتهم و ما هي قيمهم و أين يقفون في علاقة بالقوى و العلاقات الكبرى في المجتمع و العالم .
و من التعبيرات المذهلة أكثر لهذا هي كيفيّة أنّ هذه الحرب و مشاركة الولايات المتّحدة فيها . فلقد كشفت هذه الحرب حتّى بشكل واضح كيف أنّ ما يسمّى ب " حريّة الصحافة " في هذه البلاد ليست شيئا أكثر من أداة دعاية للطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و بوجه خاص ، " وسائل الإعلام السائدة " ( مثل السى أن أن ، أم أس أن بى سى ، النيويورك تايمز ، الواشنطن بوست ) قد بيّنت أنّها قادرة على بثّ بلا توقّف لكلّ فكرة بفظاظة وسائل الإعلام الروسيّة التي يندّدون بها بإستمرار . و بيّن " الصحفيّون " المستخدمون من قبل " وسائل الإعلام السائدة " الأمريكيّة لتغطية الحرب في أوكرانيا و التعليق عليها ، أنّها ليست أكثر من خادمة و مستأجرة متلهّفة و قراصنة و عملاء و ببّغاوات الطبقة الحاكمة . راجعوا بهذا الصدد إلى أيّ حدّ هؤلاء " الصحفيّين " و ما يضمّنونه في " تقاريرهم " يستخدمون تعابير مثل " مصالحنا " و " حلفاؤنا " و " جيشنا " و ما إلى ذلك ، و لا يفصلون مطلقا بينهم و بين الطبقة الحاكمة و حكومة هذه البلاد . و ستعثرون على الكثير الكثير من " حرّية الصحافة " " المستقلّة " و التي ليست مجرّد أداة بيد القوى الحاكمة للبلاد !
و كما وقعت الإشارة إلى ذلك في مقالات على موقع أنترنت revcom. us ، تثار هذه المسألة الآن و بحدّة : أين كانت
هذه " الصحافة الحرّة " عندما غزت الولايات المتّحدة العراق سنة 2003 – وهي جريمة حرب عالميّة " مبرّرة " بكذبة رسميّة بأنّ العراق يملك " أسلحة دمار شامل " و كان متحالفا مع الإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين مثل القاعدة ؟
دعونى أخبركم أين كانت " الصحافة الحرّة " : كانت تماما إلى جانب الولايات المتّحدة مكرّرة بلا توقّف تلك الكذبة و مهاجمة من فضحوها على أنّها كذب صريح .
أو أين هو الفقضح و الغضب المستمرّين في أعمال هذه " الصحافة الحرّة " الآن بشأن التدمير الرهيب الذى تواصل العربيّة السعودية إقترافه باليمن ، تدمير و موت كبيرين ضحيّتهما خاصة الأطفال ضمن مئات الآلاف من الضحايا الآخرين – بدعم مستمرّ و بأسلحة من الولايات المتّحدة ؟
و مجدّدا ، سأخبركم أين كانت : غاب كلّيا التنديد و الغضب المستمرّين عن أعمال هذه " الصحافة الحرّة " (2).
و كلّ من يحاول فهم الدوافع العمليّة للحرب في أوكرانيا و الأسباب الأعمق و المصالح الأساسيّة التي تدفع القوى على الجانبين المتعارضين – و مقابل ذلك ، ما هي مصالح الجماهير الشعبيّة و ليس فقط البلدان المعنيّة بل في العالم ككلّ – لن يجد ضالته و لن يتوصّل إلى الفهم المطلوب و بدلا من ذلك ، سيحيد الناس عن هذا الفهم جرّاء ما تبثّه وسائل الإعلام " المستقلّة " هذه .
مجدّدا ، إفتضاح الوجه البشع لعدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين :
الحقيقة الجليّة هي أيضا أنّ هذه الحرب قد كشفت أنّ عددا كبيرا جدّا من الليبراليّين و التقدّميّين في هذه البلاد قادرين على أن يكونوا حقّا مقرفين – شوفينيّين أمريكان واثقين بأنفسهم بلا خجل و مساندين و مبرّرين أفعال إمبرياليّت" هم " ؛ متّحدين بغفلة وراء الطبقة الحاكمة لهذه البلاد في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة .
و مردّ تصرّف عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين على هذا النحو يمكن أن يوضع ببساطة ، حتّى و إن كان تحليل أعمق لهذا مهمّ أيضا . الواقع البسيط هو أنّ هؤلاء الليبراليّين و التقدّميّين " يتغذّون " من إستغلال الإمبرياليّة الأمريكيّة و منتهى إستغلالها لشعوب العالم ، لا سيما ما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). و مثلما أشرت إلى ذلك آنفا :
" في عدد من أعمالى و عدد من الأعمال الأخرى المنشورة على موقع أنترنت revcom.us بما فيها ورقات بحثيّة لريموند لوتا – " غنائم " " الطفيليّة الإمبرياليّة " يقع تفحّصها : الطريقة التي يقع بها منتهى الإستغلال المفترس لمليارات البشر بمن فيهم أكثر من 150 مليون طفل عبر العالم و خاصة العالم الثالث تمكّن من " مستوى عيش " معيّن و سيرورة إستهلاك بالنسبة للناس في هذه البلاد حتّى و هذه " الغنائم " يتمّ تقاسمها بصورة غير متساوية إلى أقصى الحدود .
و صحيح أيضا – و كذلك من المهمّ تناوله بالحديث – هو البعد السياسي لهذا : الطريقة التي يوفّر بها النهب الإمبريالي الأساسي المادي إستقرارا معيّنا على الأقلّ " في الأوقات العاديّة " في " البلد الوطن " الإمبريالي ( بالولايات المتّحدة كمثال أوّل لهذا ) . و هذا الاستقرار النسبيّ بدوره يجعل من الممكن للطبقة الحاكمة السماح بقدر معيّن من المعارضة و الإحتجاج السياسيّ – طالما أنّ هذا يظلّ ضمن حدود أو على الأقلّ لا يهدّد بصفة لها دلالتها " القانون و النظام " الذى يخدم و يفرض المصالح الجوهريّة لهذه الطبقة الحاكمة ...
هذا قد تخلّلته أوقات من النهوض الكبير – و حتّى أنّ هذا يتمزّق بطرق كبرى الآن – و هذا الاستقرار النسبيّ أثناء فترة ما بعد الحرب العالميّة الثانية ، قائم على الطفيليّة الإمبرياليّة ، قد دفعت و شجّعت بوجه خاص وهم ضمن الفئات الأكثر رفاهيّة ضمن السكّان أنّ هذه البلاد ليست محكومة على أساس الإضطهاد و القمع - وهم بوجه خاص و غالبا بيأس ملتصق بالليبراليّين و التقدّميّين . " (3)
هذا هو الأساس المادي لسقوط عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلهفة في الإنسجام مع تشويه ما المعني في الحرب في أوكرانيا – و بصفة أعمّ في النزاع بين الولايات المتّحدة و روسيا ( أو الصين ) – هو معركة مقدّسة بين " الديمقراطيّة " و " الأوتوقراطيّة " ( أو " الإستبداد " ) ، في حين أنّ في الواقع المعنيّ هو " نزاع بين قوى إمبرياليّة كلّها مضطهِدة بوحشيّة للجماهير الشعبيّة و لا واحدة منها تمثّل أو تعمل من أجل مصلحة الإنسانيّة ." (4)
و الإستنتاج الذى أكّدت عليه قبلا هو :
" ستتطلّب زعزعة هؤلاء الليبراليّين و التقدّميّين أو على الأقلّ أعداد منهم لها دلالتها ، بعيدا عن موقفهم الحقير في مساندة " إمبرياليّتهم " صراعا إيديولوجيّا شرسا لا هوادة فيه لنفرض عليهم مواجهة واقع ما تمثّله عمليّا هذه الإمبرياليّة و ما الذى تقوم به عمليّا في هذا الواقع . و أكثر من ذلك ، سيتطلّب الأمر التقدّم بحركة ثوريّة معتمدة ليس فحسب و إنّما أساسا ضمن الجماهير الشعبيّة التي لها أقلّ بكثير من الحصص من هذه " الثروات " التابعة لهذا النظام الطفيلي و ظروفها الإضطهاديّة القاسية في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي بعيدا بثقلهن أيّة " غنائم " يمكن أن يحصلوا عليها من نهبه للعالم .
مع كلّ هذا ، من الحيويّ الإقرار و العمل على الإقرار بأنّ الوضع في هذه البلاد و العالم كلّه الذى هو بعدُ حادا جدّا يتفاقم بإستمرار و يطرح بالفعل أفق إمّا شيء فظيع أو أيضا شيئا تحريريّا حقّا : ثورة فعليّة في هذا البلد بالذات تكسر قبضة المضطهِدين الرأسماليّين – الإمبرياليّين القويّة على الجماهير الشعبيّة و تضعف القبضة القاتلة لهذا النظام إلى أبعد حدود هذه البلاد ما يبعث بموجات مزلزلة إيجابيّة للإلهام الثوريّ عبر العالم الذى لا يزال اليوم تحت هيمنة الرأسماليّة – الإمبرياليّة بكلّ الفظائع التي يعنيها . " (5)
---------------------------------------------------
هوامش المقال :
1. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.” This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
2. See, for example, the article at revcom.us “THREE QUESTIONS To: Every employee of American news media who cheered for Marina Ovsyannikova, the Russian TV editor arrested for courageously protesting the Ukraine invasion on air.”
3. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.” This article by Bob Avakian is also available at revcom.us.
4. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.”
5. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.”
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(14)
الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها الرهيبة على الجماهير القاعديّة - و المخرج الثوريّ
بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة ، جر يدة " الثورة " عدد 745 ، 4 أفريل 2022
https://revcom.us /en/bob_avakian/parasitic-imperialism-terrible-effects-basic-people-and-revolutionary-way-out

لقد سلّطت كتاباتى السابقة و أعمال أخرى متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us الضوء على الطرق التي بها وفّرت الطفيليّة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة - هيمنتها على بلدان العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا ) و منتهى الإستغلال للجماهير الشعبيّة في تلك البلدان بما في ذلك أكثر من 150 مليون طفل - مستوى معيشة معيّن و ظروف حياة نسبيّا مستقرّة بصفة خاصة " للطبقة الوسطى " في هذه البلاد . (1)
و من مظاهر هذا نموّ هام للطبقة الوسطى من السود . لكن في الوقت نفسه ، كانت لهذه الطفيليّة الإمبرياليّة تأثيرات متباينة جدّا و بالتأكيد سلبيّة على الجماهير القاعديّة في " قلب المنطقة " الإمبرياليّة هذه .
و مثلما جرى الحديث عن ذلك في بيانى للسنة الجديدة من العام الماضيّ ( جانفي 2021 [ سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " ] ) و جرى تحليله بعمق في دراسة هامة لريموند لوتا ، التغيّرات في الاقتصاد الإمبريالي العالمي طوال العقود الأخيرة الماضية إرتبطت بتغيّرات لها دلالتها ضمن الهيكلة الإقتصاديّة و إستخدام أطر ضمن الولايات المتّحدة نفسها . و من أهمّ مظاهر هذا هو إنحدار في التشغيل بالتصنيع في هذه البلاد . و هذا بدوره كان سببا كبيرا في واقع أنّ أعدادا كبيرة من شباب أحياء داخل المدن بالفعل وقع إقصاؤهم من الاقتصاد الرسميّ . و في الوضع الراهن ، صارت النشاطات اللاقانونيّة وسيلة للبقاء على قيد الحياة و إعالة أعضاء الأسرة – مع تحوّل البعض إلى أثرياء على ألقلّ لفترة من الزمن بينما يكون مصير الكثيرين السجن أو الموت فى سنّ مبكّرة . و يأتي كلّ هذا نتيجة تمييز عنصريّ قائم منذ زمن بعيد و متواصل إلى يومنا هذا وهو يتفاعل مع ديناميكيّات و حاجيات الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة في هذا الاقتصاد العالمي العالى العولمة . (2)
و قد غذّى هذا الوضع نموّ عصابات و عصابات حرب إلى جانب " تجارة المخدّرات " في صفوف شباب السود - و اللاتينو كذلك - في أحياء داخل المدن بإنعكاسات فظيعة على الذين ينخرطون في ذلك و بالنسبة للجماهير الشعبيّة بصورة أوسع الذين لا يستطيعون تجنّب تبعات ذلك . و هذا بدوره كان مرتبطا بآثار ضخمة للعولمة الإمبرياليّة في بلدان العالم الثالث و خاصة في أمريكا اللاتينيّة : أدّت الهيمنة الإمبرياتليّة على الفلاحة و الإقتصاديّات ككلّ لهذه البلدان إلى إفلاس الكثير من الفلاّحين الصغار و نزوح الجماهير الشعبيّة من المناطق الريفيّة بإتّجاه أحياء الصفيح المحيطة بالمدن المتضخّمة . و نتيجة هذا هي أنّ معظم الناس في عديد هذه البلدان مجبرين على البقاء على قيد الحياة من خلال الإنخراط في إقتصاد موازي / غير رسميّ ( كما يشرح ريموند لوتا في دراسته الواسعة لطفيليّة العولمة الإمبرياليّة ، الاقتصاد الموازي / غير الرسمي " يحيل على مواطن الشغل غير الآمنة بدرجة عالية : دون ساعات نظاميّة ( أو حتّى أجر محدّد ) ؛ بقليل من الأمن و الحماية الصحّية إن وُجدا ؛ و قليل من الفوائد إن وُجدت ، مثل خلاص البطالة أو منحة تقاعد " ).
و مظهر له دلالته من هذا كان نموّ سوق العصابات و الكارتلات القويّة في عدد من البلدان إستنادا إلى درجة هامة إلى " تجارة المخدّرات " – إلى جانب نشاطات غير قانونيّة تدرّ أرباحا بشكل منحرف كالمتاجرة في النساء و الفتيات المستعبدات في ما يسمّى ب " تجارة الجنس " التي تشمل الدعارة و البرنوغرافيا . ( و هذا يقع تحليله أيضا بعمق من طرف ريموند لوتا في دراسة هامة أخرى .) ( 3 ) و هذا بدوره قد غذّى " إقتصادا لاقانونيّا / موازيا " يشمل التجارة في المخدّرات و إنّما أيضا النساء و الفتيات في البلدان الإمبرياليّة نفسها و منها الولايات المتّحدة .
و ماذا كان ردّ الطبقة الحاكمة في هذه البلاد على هذا الوضع الرهيب الناشئ عن سير النظام الرأسمالي-الإمبريالي ذاته ؟ كان ردّها السجن الجماعيّ و القتل الجماعي على يد الشرطة ! " الولايات المتّحدة الجيّدة القديمة " تملك أعلى نسبة من سجن المواطنين و أكبر عدد من المساجين مقارنة بأي بلد آخر في العالم – و السود و اللاتينو الذين يشكّلون أكبر أعداد من هؤلاء المساجين أو مورّطين عادة في " النظام القانوني " . و قتل الشرطة للسود واللاتينو مظهر عاديّ في هذه البلاد : إنّه لواقع أنّ عدد السود الذين قتلوا على يد الشرطة في السنوات منذ 1960 أكبر من عدد آلاف السود الذين تعرّضوا للقتل بوقا خلال فترة التمييز العنصريّ جيم كرو و إرهاب الكلو كلوكس كلان ، قبل ستّينات القرن العشرين .
و كلّ هذا مرّة أخرى ناجم عن الطبيعة الجوهريّة و الضرورة المستمرّتين لهذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي و التعبيرات الخاصة التي إتّخذها مع عولمتها العالية الشدّة و الطفيليّة طوال عدد من العقود الأخيرة . و لا شيء من هذا يمكن أن " يُصلح " – يجب أن يُكنس مع كنس هذا النظام نفسه بواسطة الثورة .
المخرج الثوريّ من كلّ هذا :
و أثّرت قوّة العلاقات الإضطهاديّة الأساسيّة لهذا النظام و قواته القمعيّة الخبيثة ل " النظام و القانون " و كذلك الدفع القويّ لثقافته الفاسدة ، أثّرت بقوّة على الذين يحتاجون بأكثر جوهريّة و يأس لهذه الثورة . و يتّخذ هذا حدّة و ضررا خاصّين معبّرين في صفوف أعداد كبيرة من الشباب في أحياء داخل المدن . و جزء كبير من هذا هو الطريقة التي بها يسير هذا النظام – سيره الأساسي و مؤسّسات سلطته و تشكيلها للرأي العالم – لتشكيل فكر الناس كي يعتقدوا أنّه ما من بديل حقيقيّ أو غيجابيّ عن هذا النظام – و أنّ أيّة محاولة للثورة تنحو نحو أن تمنى بالهزيمة و الذين يشاركون في هذا يسحقون بلا رحمة – لذا يمكنكم أيضا أن تمضوا إلى ما تستطيعون الحصول عليه في إطار هذا النظام ، قبل أن يقع إقتلاعكم .
لكن من الصحيح كذلك أنّ المعاملات المجرّدة للبشر من إنسانيّتهم و المميتة تماما التي يواجه بها بإستمرار هذا النظام هؤلاء الشباب و غيرهم من الذين يضطهدهم هذا النظام ، تُظهر توقا حقيقيّا ، و إن كان مخنوقا ، للتحرّر من كلّ هذا و إيجاد طريق لشيء أفضل .
و مثلما شدّدت على ذلك في " شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " : تجاوز الإنهزاميّة و إلهام أعداد متنامية من المضطهَدين بمرارة للتجرّأ على تكريس أنفسهم لإنجاز الثورة التي نحتاج بصفة ملحّة، لا يمكن بلوغه إلاّ " عبر مزيج قويّ من الصراع الإيديولوجي الشرس في صفوف الشعب لكسب أعداد متنامية إلى الفهم العلميّ للوضع الذى نواجه و الحلّ العملي لهذا ، إلى جانب مقاومة مصمّمة لهذا النظام الإضطهادي . و ينبغي أن يساهم كلّ هذا في بناء القوى و خلق إصطفاف سياسي ضروريّ للثورة . " (4) . و هذه الثورة هي التي تمثّل أمل الذين لا أمل لهم – بالفعل أمل للإنسانيّة ككلّ – على أساس علميّ : المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة .
مقاربة جدّية و علميّة للثورة :
كتبت في خاتمة " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." :
" يرتهن كلّ شيء بإيجاد شعب ثوريّ من صفوف المضطهَدين بأكثر مرارة و من كافة أنحاء المجتمع ، بداية بالآلاف و تاليا بالملايين كقوّة ثوريّة عاتية منظّمة من البداية و في إنسجام مع أفق البلد بأسره ، تؤثّر في المجتمع كلّه و تغيّر إطار كيفيّة رؤية الجماهير الشعبيّة للأشياء و كيف يتعيّن على كلّ مؤسّسة أن تردّ الفعل . و عليه يجب تركيز كلّ شيء الآن على إنشاء هذه القوّة الثوريّة و تنظيمها تنظيما عمليّا .
و بعد ذلك ، حالما تنشأ هذه القوة الثوريّة ، سيقع تركيز العمل كلّه على كيف نقاتل عمليّا لتحقيق الظفر .
عند هذه النقطة ، ستحتاج هذه القوّة المتكوّنة من الملايين إلى التعبأة و الإستخدام بحيث توضّح أنّها تمضى نحو تغيير ثوريّ شامل – أنّها لن تتراجع عن هذا الهدف و لن تقبل بأي شيء أقلّ من ذلك . و هكذا ستشكّل قطبا قويّا يجذب و يدفع إلى الأمام أعدادا أكبر حتّى من الناس من كلّ أنحاء المجتمع – و ستمثّل تحدّيا و نداء نهائيّين للناس في كافة أنحاء المجتمع بمن فيهم كافة المؤسّسات القائمة التابعة لهذا النظام ، لتلتحق بضفّة هذه الثورة . " (5)
هنا فى خاتمة " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..."، يجرى الحديث عن العقيدة الأساسيّة و التوجّه الإستراتيجي للقوى الثوريّة للنضال من أجل تحقيق الظفر ، حينما تتوفّر أسس تمكّن الثورة من الظفر و هذه العقيدة الأساسيّة و هذا التوجّه الإستراتيجي :
" يحدّدان الأرضيّة الأساسيّة لكيف بمستطاع قوّة ثوريّة ، عند نشوء الظروف اللازمة ، أن تعبّا الجماهير الشعبيّة و أن تقارب عمليّا الإطاحة بهذا النظام بما يخوّل لها بفعاليّة أن يحيّد و في نهاية المطاف أن تتجاوز ما سيكون تقريبا مؤكّدا في البداية القوى الطاغية للقوّات المسلّحة التي تبحث عن هزم و سحق هذه المحاولة للإفتكاك الثوريّ للسلطة . و قد تطرّق لكيف سيكون بمقدور القوّات الثوريّة المقاتلة ، بعامودها الفقري متأتّ خاصة من الشباب الذين وقع كسبهم كنواة لهذه الثورة، عند نضوج الوضع الثوريّ ، أن تتنظّم و تتدرّب و توفّر وسائل مواجهة و هزم قوى الثورة المضادة في مواجهات تبدأ على نطاق ضيّق و تكون مواتية للقوّات الثوريّة و كيف يتمّ على ذلك الأساس و خلال مسار تحقيق ذلك يمكنها أن تنمّى قوّتها و تكسب أعدادا متنامية من صفوف الذين كانوا جزءا من القوى المعادية للثورة ، و تاليا في نهاية المطاف تلحق الهزيمة بالقوّات المعادية للثورة الباقية ." (6)
و قد تمّ التشديد أيضا على هذه النقطة :
" ستكون لقتال جدّي من أجل الثورة في هذه البلاد – هذه البلاد – إنعكاسات سياسيّة قويّة مزلزلة ترسل برجّات زلزال عبر العالم . و صحيح أنّ من ردود الفعل ستكون أنّ الحكومات و القوى القمعيّة الإضطهاديّة عبر العالم ستنظر إلى هذا على أنّه تهديد جدّي لموقعها و أهدافها ، و ثمّة إمكانيّة حقيقيّة لحدوث تحرّكات من قبل بعض هذه القوى لدعم أو للإلتحاق بمحاولات سحق هكذا ثورة . و في الآن نفسه ، هكذا ثورة ستوقض كالزلزال و تزعزع إيجابيّا بقوّة تماما مليارات البشر في كلّ أرجاء كوكبنا مقطّعة أوصال فكرة عدم وجود إمكانيّة بديل لهذا العالم الرهيب . " ( 7)
و الحقيقة الأساسيّة و الإستنتاج البسيط هو التالي :
" إلى كلّ من لا يقبل بهذا العالم كما هو ... إلى من يزعجه و يتسبّب له في القرف أن يعامل عديد الناس على أنّهم أدنى من البشر ... إلى من يعرف أنّ زعم " الحرّية و العدالة للجميع " محض كذب ... إلى من يتملّكه الغضب الشرعيّ جرّاء إستمرار الظلم و اللامساواة ... إلى كلّ من يتعذّب في فهم إلى أين تمضى الأمور و واقع أن نكون شبابا اليوم يعنى عدم توفّر مستقبل كريم أو أي مستقبل أصلا ... إلى كلّ من حلم يوما بشيء أفضل أو حتّى تساءل إن كان ذلك ممكنا ... كلّ من يتطلّع إلى عالم خال من الإضطهاد و الإستغلال و الفقر و تدمير البيئة ... إلى كلّ من له / لها قلب يحفّزه على القتال في سبيل شيء يستحقّ حقّا النضال من أجله : تحتاجون إلى أن تكونوا جزءا من هذه الثورة . " (8)
------------------------
هوامش المقال :
1. See, for example, the article by Bob Avakian “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.”
2. Bob Avakian, A New Year, The Urgent Need For A Radically New World —For The Emancipation Of All Humanity and Raymond Lotta, “Imperialist Parasitism and Class Social Recomposition in the U.S. From the 1970s to Today: An Exploration of Trends and Changes.” These works are also available at revcom.us.
3. “The ‘Industrialization’ of Sexual Exploitation, Imperialist Globalization, and the Descent Into Hell.” This paper by Raymond Lotta is available as well at revcom.us.
4. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution. This major work by Bob Avakian is also available at revcom.us.
5. This quote is from Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating.
6. This quote is from Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating.
7. This quote is from Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating.
8. From The Revcoms: A Declaration, A Call To Get Organized Now For A Real Revolution this is also included at the beginning of Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(15)
حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد ] ( الحوار بأكمله )
جريدة " الثورة " عدد 746 ، 11 أفريل 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/interview-bob-avakian

ما يلى نصّ إجابة على أسئلة حوار طُرحت على بوب أفاكيان ، المنظّر الشيوعي و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة . و الأسئلة المطروحة في هذا الحوار ستّة وهي ترد بالخطّ العريض و يشار إلى صاحبها ب " المحاوِر " بينما أجوبة بوب أفاكيان ترد بعد ذكر إسمه . و نلفت نظر القرّاء إلى أنّ الأسئلة قد أعدّت قبل غزو روسيا لأوكرانيا و ما تلى ذلك من أحداث و إلى أنّ بوب أفاكيان أتمّ إجابته عنها بُعيد بداية الحرب التي نجمت عن ذلك الغزو .
و قبل إيراد الأسئلة و الأجوبة ، ترد بعض التعليقات التقديميّة من المحاوِر و بعض الملاحظات من بوب أفاكيان .
----------------------
( الأرقام بين قوسين في فقرات الأسئلة تحيل على المراجع أوّلا على سنة نشر (2016 ) كتاب بوب أفاكيان " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " و ثانيا ، على رقم الصفحات في ذلك الكتاب ) .
[ ملاحظة : تقسيم الحوار المجرى من طرف جريدة " الثورة " يقدّم سبعة أجزاء و المترجم أدمج الجزء الأوّل و الثاني].

المُحاوِر :
عقب قراءة " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " (2016) و التفكير في المواضيع التي برزت بحدّة أكبر في السنوات الخمس فقط منذ نشره ، و تجلّت أكثر مع وباء كوفيد - 19 ، ندرك بصفة إستعجاليّة حتّى أسطع الحاجة إلى تغييرات في " النظام الذى يمثّل جوهريّا مصدر الكثير من البؤس و العذابات في العالم " (1) . و المحاور التي أرجو أن نتناولها بالحديث في حوارنا عديدة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد .
بوب أفاكيان :
قبل تناول الأسئلة الخاصة التي ستلقيها وهي جدّية و هامة و تتّصل بتطوّرات هامة و حارقة في العالم ، أودّ أن أسوق بإختصار بعض الملاحظات العامة إستنادا إلى قراءاتى بصدد هذه القضايا . الإجابة على هذه الأسئلة من جهة بسيطة و أساسيّة و من الجهة الأخرى معقّدة : بسيطة و أساسيّة بمعنى أنّ المشاكل المعنيّة قابلة للمعالجة – و لا يمكن معالجتها إلاّ – بثورة و نظام مختلف راديكاليّا ، نظام إشتراكي غايته الأسمى عالم شيوعي ؛ و معقّدة بمعنى أنّ القيام بهذه الثورة عمليّا و تاليا تحقيق التغييرات التي سيسمح بها هذا النظام الجديد راديكاليّا سيتطلّب العمل و النضال عبر بعض الأوقات الصعبة و التناقضات الشديدة التعقيد . و في إجاباتي هنا ، سأبذل قصارى الجهد لتوفير ما يتناول بالحديث المسائل الأساسيّة المعنيّة بينما أحيل على أعمال توفّر المزيد من النقاش الأشمل و الأعمق لما تثيره هذه الأسئلة . و بوجه خاص ، أحيل القرّاء على " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته . و قد صيغ هذا الدستور و المستقبل في الذهن – كمرشد ينطوى على جملة من الأهداف و المبادئ و الإجراءات الملموسة قصد إنشاء مجتمع إشتراكي من خلال الإطاحة بالنظام الرأسمالي- الإمبريالي الذى يحكم الآن هذه البلاد و يهيمن على العالم ككلّ . و في إجاباتي على الأسئلة المطروحة في هذا الحوار ، إقتبست بصفة واسعة جدّا فقرات من هذا الدستور بإعتبار أنّه يقدّم أجوبة هامة بصيغة مكثّفة .
و في ما يتعلّق بالإقتصاد الإشتراكي و تعاطيه مع البيئة الوسع ، مفيد للغاية هو كذلك مقال " بعض المبادئ المفاتيح للتطوّر الإشتراكي المستدام " . و فضلا عن كتاب " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ، هناك عمل آخر من أعمالي ، " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " المناسب كخلفيّة و لمزيد التعمّق في ألجوبة على الأسئلة الهامة المطروحة في هذا الحوار . و يحلّل عمل حديث من أعمالي بعمق لماذا يمكن القيام بثورة فعليّة في الولايات المتّحدة نفسها ، في خضمّ التناقضات الحادة و المتفاقمة التي تميّز المجتمع و العالم ككلّ و كيف يمكن أن تُنجز هذه الثورة – ثورة تمكّن من إحداث ضروب من التغييرات العميقة المناقشة في هذا الحوار . ( و هذا العمل هو " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " قد كُتب قبل الغزو الروسيّ لأوكرانيا و مزيد إحتدام التناقضات بين الإمبرياليّة الروسيّة و الإمبرياليّة الأمريكيّة / الناتو التي رافقت هذه الحرب ، مع الخطر المتصاعد لنزاع عسكريّ مباشر بينهما ؛ غير ّانّ هذا العمل يوفّر تحليلا أساسيّا للقوى الكامنة و المحرّكة للنزاعات الكبرى في هذه البلاد و في العالم الأوسع و إمكانيّة معالجتها معالجة إيجابيّة بواسطة الثورة ) . و تتوفّر هذه الأعمال و " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " و التحليل الجاري للحرب فى أوكرانيا و أحداث عالميّة كبرى أخرى على موقع أنترنت revcom.us .
يقع ذكر " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " – كلّ من الكتاب و المنهج و المقاربة بصورة عامة – مرّات عديدة في هذا الحوار ، في الأسئلة و الأجوبة على حدّ سواء ، و رغم أ،ّ هذا ليس مجال النقاش الواسع لمبادئ الشيوعيّة الجديدة و مبادئها ، يبدو أنّه من المفيد و المناسب الإشارة إلى لبّه : تمثّل الشيوعيّة الجديدة و تجسّد معالجة لتناقض حيويّ وُجد صلب الحركة الشيوعيّة في تطوّرها إلى يومنا هذا ، بين منهجها و مقاربتها العلميّين جوهريّا من جهة و مظاهر من الشيوعيّة مضت ضد ذلك من الجهة الأخرى ؛ و ما هو الأكثر جوهريّة و أساسيّة في الشيوعيّة الجديدة هو مزيد تطوير الشيوعيّة و تلخيصها كمنهج و مقاربة علميّين و التطبيق الأكثر صراحة لهذا المنهج و هذه المقاربة العلميّين على الواقع عامة و على النضال الثوريّ للإطاحة بكافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و إجتثاثها و التقدّم نحو عالم شيوعيّ خاصة . و يشكّل هذا المنهج و هذه المقاربة أساس و قاعدة كلّ العناصر الجوهريّة و المكوّنات الأساسيّة لهذه الشيوعيّة الجديدة .
و تعبير مكثّف لهذا هو التوجّه و المقاربة الأساسيّين للبحث علميّا عن الحقيقة و البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه بما في ذلك تاريخ الحركة الشيوعيّة في ما يتعلّق ليس بمظهرها الرئيسي فحسب - مكاسبها الواقعيّة جدّا و الحقيقيّة - بل كذلك ثانويّا لكن بشكل هام بأخطائها الحقيقيّة و أحيانا حتّى المريرة ( ما أشرت إليه على أنّه " حقائق مزعجة " ).
و إمتداد حيويّ لهذا هو المبدأ المناقش في عدد من أعمالي بما فيها في ذلك " " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " أنّ :
الشيوعيّة الجديدة تنبذ تماما وهي مصمّمة على أن تجتثّ من الحركة الشيوعيّة الفهم و الممارسة السامين القائلين بأنّ " الغاية تبرّر الوسيلة " . و المبدأ الأساسيّ للشيوعيّة الجديدة هو أنّ " وسائل " هذه الحركة يجب أن تنبع من " الغايات " الجوهريّة و أن تكون منسجمة معها للقضاء على كلّ الإستغلال و الإضطهاد عبر الثورة المقادة على أساس علميّ . "
هذا هو التوجّه و المنهج و المقاربة الأساسيّين الذين طبّقتهم في نقاش مسائل هامة أُثيرت في هذا الحوار .
و في الختام ، كمقدّمة ، أودّ أن أشكر أناسا آخرين إطّلعوا على أسئلة هذا الحوار و قدّموا ملاحظات مساعدة بهذا المضمار و خاصة منهم ريموند لوتا الذى وفّر تعليقات قيّمة .
---------------------

[ -1 – التغيّر البيئيّ -العدالة البيئيّة ]
المُحاوِر :
تميّز عن حقّ " إمكانيّات ما يمكن أن يحدث " مع التجديد و إرادة التشويش على الوضع السائد مقابل الحديث عن التغيير فقط " بما هو محدّد و مقيّد بما هو موجود بعدُ " (2) . و الأمر الأخير موثّق جيّدا في مسار الإتفاقيّات المناخيّة .
هل لديكم أيّة أفكار أو وجهات نظر ثاقبة عن كيف أنّ قرارات ندوة ال26 ( ندوة أحزاب – قمّة حكومات حول ألزمة المناخيّة العالميّة ) ستنفّذ بمعنى أنّها ستُحدث تغييرا حقيقيّا و ضروريّا ؟
و هكذا إلى حدّ الآن ، لم تخدم الحروب و الآفات و الكوارث الطبيعيّة إلآّ مزيد الإستقطاب في صفوف الناس . كيف سينهى نظام معاد تشكيله وفق فلسفة حزبكم الإستغلال و الإضطهاد ، و سيحرّر الإنسانيّة و يوفّر لكوكبنا فرصة شفاء و تغيّر ؟
بوب أفاكيان :
بادئ ذي بدء ، أودّ أن أحيل القرّاء على موقع أنترنت revcom.us أين توجد تغطية هامة لندوة ال26 و كذلك تحليل له دلالته لأزمة البيئة العامة و لماذا لا يمكن معالجتها في إطار هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
صدر التقرير تلو التقرير عن أجهزة علميّة تدرس الأزمة المناخيّة و الإستنتاج الذى تمّ التوصّل إليه هو أنّ هذه الأزمة مريعة حتّى أكثر من ما أشارت إليه دراسات سابقة . و كما يلفت النظر مقال حديث على موقع الأنترنت الذى مرّ بنا ذكره للتوّ : " يوم الإثنين ، 28 فيفري ، نشرت الندوة العالميّة حول التغيّر المناخي ( IPCC ) ، نتائج أحدث تقرير لها نعته السكرتير العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتاريس ب " أطلس عذابات الإنسانيّة " ".
و يشير المقال إلى أنّ 3.3 مليار إنسان " يعيشون في بلدان " متعرّضة بدرجة عالية إلى الضرر كبشر " نتيجة تغيّر المناخ وفق التقرير الجديد للندوة العالمية حول التغيّر المناخي . و عرض الإنعكاسات الرهيبة لهذا :
لنفكّر في هذا للحظة : أكثر من ثلاثة مليارات إنسان يعيشون إضطرابا و هم تحت تهديد إعصارات قويّة و ارتفاع مستوى البحار و الجفاف الكارثيّ و الفيضانات المميتة و نقص كبير في المواد الغذائيّة و إنفجار فيروسات و أمراض ناجمة عن تغيّر المناخ .
و تعبير صارخ عن منتهى " عدم التكافئ " في العالم هو أنّ الجماهير الشعبيّة التي تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ المدمّرة تعيش بكثافة في البلدان الأفقر في العالم ، بلدان لا تزال تحت سيطرة النظام الرأسمالي – الإمبريالي بينما هذه البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة هي " المتسبّب " الأساسيّ لإحتدام الأزمة . الواقع هو أنّ تلك الندوة ، شأنها في ذلك شأن إتفاقيّات باريس و ندوات و إتفاقيّات مشابهة قبلها ، لن تفعل و ليس بوسعها أن تفعل شيئا لتغيير المسار الكارثي لإحتدام الأزمة .
و لذكر بُعد من هذا له دلالته ، رفضت الولايات المتّحدة ( إلى جانب منتجين كبار آخرين للفحم الحجريّ كالهند و الصين و أوستراليا ) أن توقّع على الإتّفاق الذى ينصّ على التقليص التدريجيّ لإنتاج الفحم الحجريّ كقرار صادر عن تلك الندوة، على محدوديّة ذلك الإتّفاق .
الولايات المتّحدة أكبر منتج للنفط و الغاز الطبيعي في العالم وهي من أكبر المتسبّبين في إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري، هي الثانية في الترتيب بعد الصين ( و الإنبعاثات للفرد الواحد في الولايات المتّحدة أعلى من تلك في الصين ؛ أعلى من كلّ البلدان التي يعدّ سكّانها أكثر من مائة مليون نسمة ). و لم يشهد إنتاج الولايات المتّحدة من الوقود الأحفوريّ إرتفاعا كبيرا مع الناكر للأزمة المناخيّة ، ترامب ، فقط بل مع أوباما كذلك و الآن مع رئاسة بيدن . فالنفط حاجة إستراتيجيّة للتنافس الإمبريالي و النزاع و الهيمنة الإمبرياليّين . و جيش الولايات المتّحدة هو أكبر مؤسّسة مُستهلكة للنفط في العالم ، و للتشديد تشديدا قويّا على ألمر ، لا إمكانيّة للتخلّى أو حتّى التقليص من هذا الإستهلاك الضخم للنفط طالما يظلّ هذا النظام و جيشه في السلطة وهو يفرض مصالح الطبقة الحاكمة الرأسمالية – الإمبرياليّة فهو أداتها العالية التدمير .
في ظلّ هيمنة النظام الرأسمالي – الإمبريالي و بفعل ديناميكيّته ، تدمير البيئة الطبيعيّة لا يمكن إلاّ أن يتواصل و يتسارع – و حتّى إن وقع إقتراح " بدائل طاقة نظيفة " كإنتاج سيّارات كهربائيّة ؛ فإنّها في ظلّ هذا النظام ستعنى مزيد تسميم البحيرات و الأنهار و مزيد تدمير بعض أكبر الغابات الممطرة في العالم ، و كذلك إضمحلال أنواع و عمليّا سيفرز المزيد من إنبعاثات الكربون . و يحلّل عدد من المقالات على موقع أنترنت revcom.us بما فيها مقالات كتبت زمن إنعقاد ندوة ال26 و إثرها تحليلا علميّا ينتهى إلى أنّه لا يمكن لهذه الإجراءات أن تعالج و في الواقع ليس يمكنها إلاّ أن تزيد في حدّة أزمة البيئة – و جوهريّا ليس بوسع النظام الرأسمالي – الإمبريالي إلاّ ، و لن يفعل إلاّ ، التشديد من هذه الأزمة و التسريع فيها .
و إنعكاس بارز آخر للوضع الدقيق منتهى الدقّة مع نهب البيئة الطبيعيّة – و ل " عدم التكافئ " المميّز للعالم – هو واقع أنّنا سنحتاج إلى ما يعادل الخمسة كواكب كالأرض لبقيّة العالم لو كان لبقيّة العالم مستوى الإستهلاك الموجود في الولايات المتّحدة . و هذا شيء يحتاج إلى و سيتمّ تغييره راديكاليّا مع المجتمع المرتأى في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " . أزمة البيئة أزمة عالميّة تشمل الإنسانيّة و لا نقدر على معالجتها في نهاية المطاف إلاّ على صعيد عالمي . و في الوقت نفسه ، بينما من المرجّح جدّا أنّ ذلك سيعنى دمارا له دلالته – بصفة طاغية نتيجة أعمال القوّات التي تقاوم بعنف إلغاء حكم الرأسماليّة – الإمبرياليّة – ستمثّل الثورة في هذه البلاد قفزة كبرى ليس في تحرير الإنسانيّة عامة و تشجيع و دعم النضال الثوريّ عبر العالم فحسب و إنّما أيضا و بوجه خاص بمعنى القدرة على معالجة الأزمة البيئيّة بما في ذلك عبر بُعد أكبر بكثير من التعاون الأممي الذى ستشجّع عليه و تناضل من أجله الحكومة الإشتراكيّة الجديدة . و التغييرات الراديكاليّة في افقتصاد و العلاقات الإقتصاديّة و المؤسّسات و السيرورات السياسيّة و الثقافة و النظام التعليمي و في مجال الإيديولجيا و الأخلاق – و كذلك التوجّه الأممي الجوهريّ – المجسّدة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ستعطى دفعا كبيرا لمقاربة كامل الحياة و المجتمع بطريقة مغايرة بعمق .
بمعنى خاص من التطوّر و التغيير الإقتصاديّين و صلة ذلك بمعالجة الأزمة البيئيّة ، سأحيل مرّة أخرى على الدستور و على " بعض المبادئ المفاهيم لتطوّر إشتراكي مستدام " حيث جرى التعرّض إلى كلّ هذا بصورة أشمل ممّا يمكن القيام به هنا . لكن مختصرين الأبعاد الهامة لهذا ، نقول إنّ كامل نظام النقل و أيضا المقاربة العامة لتشكيل السكّان و عملهم و من ذلك العلاقة بين المناطق المدينيّة و المناطق الريفيّة ، سيحتاجون التغيير و سيتغيّرون جوهريّا و سيقع تجاوز وضع التبعيّة السخيفة للوقود الأحفوريّ حيث يرتهن النقل بالسيّارات و حيث ، لذكر مظهر هام من المشكل ، أعداد كبيرة من الناس يتنقّلون ، و هم عادة بمفردهم في السيّارات لمسافات طويلة قاصدين عملهم أو عائدين منه .
و ابعد من ذلك ، تحتاج شبكة الطاقة ( تخزينها و توزيعها و إستهلاكها ) كلّها أن تتغيّر تغييرا راديكاليّا نحو الترفيع الهام من مصادر الطاقة المتجدّدة . و هذا شيء ككلّ غير مدرّ للربح في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و الواقع هو أنّه فيما توجد مصادر طاقة متجدّدة في ظلّ هذا النظام أسعارها عالية جدّا و ليست مدرّة للربح مثل إقامة الاقتصاد على الوقود الأحفوريّ و بالتالى ليست " قابلة للتسلّق " ، و بما هو مقاربة أساسيّة ل " تحقيق الثراء مع الإعتناء بالطبيعة " ؛ " تحقيق الثراء " هو المبدأ المرشد و المحدّد ( حتّى مع مخطّطات ك " الاتفاق الأخضر الجديد " ) – لا وجود لا لأساس إقتصادي و لا ل " رأس مال سياسي " للإستثمار الكبير ( بتريليون دولار ) سيقتضيه الأمر لتحقيق تحويل حقيقي للإقتصاد ليصبح معتمدا على الطاقة المتجدّدة .
لكن مع القضاء على هذا النظام و دوافعه و حدوده التي يحرّكها الربح – و تعويضه بإنتاج محدّد إجتماعيّا يسترشد بحاجيات الجماهير الشعبيّة و بمصالحها الجوهريّة – الموارد الإجتماعيّة و غبداع الناس يمكن إطلاق العنان لهم و دفعهم لتلبية الحاجيات الإجتماعيّة بما فيها الحاجيات الإستعجاليّة لمعالجة أزمة البيئة .
و كتعبير عام عن هذه المبادئ ، على قاعدة ملكيّة الدولة – العامة الإشتراكيّة لوسائل الإنتاج ( المصانع و التقنية و المخازن و البنية التحتيّة و الرض إلخ ) و التخطيط الاقتصادي الشامل ؛ سيغدو من الممكن أن نستخدم بعقلانيّة موارد المجتمع لفائدة الإنسانيّة ؛ و للدفع و التعديل الواعيين للتطوّر الإقتصاديّ و للتفاعل مع الطبيعة بصفة مستدامة – و الأهمّ ، ستجعل سلطة الدولة و الاقتصاد الجديدين ممكنا إطلاق العنان للطاقة الخلاّقة و النشاط الواعي للشعب ؛ و تلبية مجمل الحاجيات الماديّة و الثقافيّة – الفكريّة و تخطّى الإنقسامات الكبرى بين العمل الفكريّ و العمل اليدويّ ( الذين يشتغلون غالبا في مجال الأفكار و الإدارة و الذين يعملون أساسا بأيديهم ) ؛ و المضيّ نحو العمل على إنقاذ الكوكب من أجل الأجيال الراهنة و القادمة .
و يعرض " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " كيف سيتمّ تركيز المؤسّسات و الهياكل السياسيّة الجديدة راديكاليّا و تسييرها – بما يخوّل للجماهير الشعبيّة و منها و بوجه خاص المضطهَدين و المستغَلّين سابقا بأكثر مرارة ، ليتولّوا مسؤوليّة أكبر حتّى في توجيه المجتمع . و ستكون هذه المؤسّسات أدوات لمواصلة تغيير المجتمع و النضال لإنجاز ذلك على أرض الواقع .
و إلى جانب تغيير الاقتصاد لإجتثاث علاقات الإستغلال ، هدف مركزيّ للمجتمع و الحكومة الجديدين كما يرتئيهما " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " هو إلغاء إضطهاد النساء و كلّ الميز العنصري و الإضطهاد القائمين على الجندر و كذلك تحرير جميع الأمم ( أو " الأجناس " ) المضطهَدة بعنف في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و مجدّدا ، السياسات و الإجراءات الملموسة في هذا المضمار معروضة في هذا الدستور .
---------------------------------
[- 2 - الهجرة و اللاجئين ]
المُحاوِر :
إضافة إلى الهجرة الضخمة الناجمة عن الحرب و النزاعات ، فوضى المناخ عامل كبير و مع ذلك لا وجود لقوانين أو سياسات عالميّة حقيقيّة لمعالجة مشاكل لاجئى المناخ . كيف يمكن للشيوعيّة الجديدة أن تتعاطى مع قضيّة المهاجرين و اللاجئين ؟
بوب أفاكيان :
للإمبريالية صلة وثيقة ب " أزمة اللاجئين " الأشمل : فالولايات المتّحدة دعّمت بعنف أنظمة حكم قمعيّة و موّلت " فرق الموت " في ما يسمّى ب " خلفيّتها " في أمريكا الوسطى ؛ و قد دمّرت الفلاحة الإمبرياليّة و الإتّفاقيّات التجاريّة التي مرّرتها الولايات المتّحدة مثل نافتا ( NAFTA ) الفلاحة المعيشيّة ؛ و قد فكّكت المجتمع و الإقتصاد و زعزعتهما عمليّات الغزو و الاحتلال المنفّذين من طرف الولايات المتّحدة كما جدّ ذلك في أفغانستان و العراق ؛ و النزاعات الإمبرياليّة في سوريا و ليبيا . و الآن هناك عمليّة الغزو الروسيّة لأوكرانيا – التي أفضت إلى تحوّل ملايين الأوكرانيّين إلى لاجئين – وهي حرب تتميّز أيضا بالتدخّل المتصاعد للولايات المتّحدة و " حلفائها " بتسليح الجيش الأوكراني و مساعدته بطرق أخرى ، و تنامى خطر حدوث مواجهة عسكريّة مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا بتبعات قد تكون كارثيّة و تمثّل تهديدا للإنسانيّة في وجودها .
و من المتوقّع أنّه طوال الثلاثين سنة القادمة ، سيفرّ حوالي 200 مليون " لاجئ مناخ " من حوادث مناخيّة قصوى و من التدهور البيئيّ الجاريّ . و حاليّا ، يعانى حوالي 8 ملايين إنسان من إنعدام الأمن الغذائيّ في " الممرّ الجاف " الممتدّ من جنوب المكسيك إلى غواتيمالا و السلفادور و الهندوراس و نيكاراغوا و كستاريكا .
و لا يملك الإمبرياليّين إجابة على هذا عدا المزيد من الفظائع : إيقافات عنيفة و مخيّمات إعتقال بائسة و قاسية بشكل لا يوصف و الفصل بين أفراد الأسرة الواحدة و تعزيز الحدود التي تفرز تهريب المهاجرين و تحويلهم إلى سلعة يتاجر فيها للعمل الإجباري و الإستغلال الجنسيّ .
إنّك على حقّ تماما في قولك إنّه لا وجود لقوانين عالميّة و لحماية عالميّة تعالج الأمر أي تعالجه معالجة إنسانيّة جدّية . القوانين المفروضة هي قوانين الإمبرياليّين المهيمنين على العالم : معدّلين الحدود و معسكرينها لصيانة المصالح الإمبرياليّة و اقصى إستغلال للمهاجرين الذين يعبرون إلى قلب الأراضي الإمبرياليّة و هم مضطرّون إلى " حياة الظلّ " بلا حقوق. إنّه لواقع زمننا هذا أنّ الحدود بين الولايات المتّحدة و المكسيك و البحر الأبيض المتوسّط صارت مقابر للمهاجرين و اللاجئين ، و أنّ مخيّمات اللاجئين تستغلّ بصورة متزايدة ل " تجارة الجنس ".
مثّل إستخدام المهاجرين ككبش فداء لدي الشوفينيّين و إستهدافهم بالبرنامج الإبادي نقطة تجميع محوريّة للحركة الفاشيّة و نظام ترامب / بانس الفاشيّ في الولايات المتّحدة ( و لقوى فاشيّة شبيهة في بلدان أخرى ). و تضاعف عدد الناس الذين وقع إجتثاثهم من بلدان العالم الثالث و هاجروا إلى الولايات المتّحدة و بلدان أوروبيّة و في عديد الحالات جلبوا معهم تقاليدهم الدينيّة و غيرها من التعبيرات الثقافيّة الهامة المختلفة عن ما كان مهيمنا، و أحيانا جلبوا " الثقافة التقليديّة " الفريدة من نوعها – إستغلّها الفاشيّون للترويج لرهاب الأجانب كعنصر هام كبير و قوّة محرّكة لنموّ الحركات الفاشيّة .
في تعارض مع كلّ هذا ، مثلما جرت صياغة ذلك في الدستور الذى ألّفته و الذى ذكرنا آنفا :
" توجه الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو الترحيب بالمهاجرين من كافة أنحاء العالم الذين لديهم رغبة جدّية فى المساهمة فى أهداف هذه الجمهورية و غاياتها، كما وردت فى هذا الدستور و فى القوانين و السياسات المرسومة
و المتبعة فى إنسجام مع هذا الدستور." [ الباب الثاني ، القسم الثالث د ]
و هنا أيضا ، يقع تفصيل القول في السياسات الملموسة المجسّدة لهذا التوجّه الأساسيّ .
و بطبيعة الحال ، لا يمكن معالجة الظروف القاسية و الباعثة على اليأس بصورة متنامية و التي تفرض و ستفرض على الجماهير الشعبيّة ليس النزوح فحسب بل الهجرة عبر العالم ، لا يمكن معالجتها بمجرّد سياسات و تحرّكات بلد لوحده حتّى المجتمع التحريري المرتأى في هذا الدستور . و هذا بُعدٌ هام آخر من لماذا يعدُّ التوجّه الأساسي للشيوعيّة الجديدة و للمجتمع الإشتراكي التي تهدف إلى إنشائه بواسطة الثورة توجّها أمميّا ؛ و يجب أن يكون التقدّم بالنضال الثوريّ ضد حكم الرأسماليّة – الإمبرياليّة و كافة القوى الإضطهاديّة عبر العالم هو التوجّه الأكثر أساسيّة لهذا المجتمع الجديد . و هذا التوجّه الجوهريّ ليس و لا يجب أن يكون مجرّد إعلان بل عمليّا يجب أن يكون متجسّدا في السياسات و التحرّكات العمليّة للقوى الثوريّة و المجتمع الجديد راديكاليّا و التحريريّ الذى يقاتلون من أجل إنشائه . و في الوقت نفسه ، مجدّدا ، ستوجّه الثورة في هذه البلاد من خلال الإطاحة بالطبقة الحاكمة الرأسمالية – الإمبرياليّة الأقوى ، ستوجّه صفعة هائلة و تصبح مصدر إلهام لمليارات المضطهَدين بمرارة في العالم و كافة الذين ، في كافة أنحاء العالم ، يتطلّعون إلى عالم دون حكم المستغِلّين و المضطهدِين و العذابات الكبرى التي ينزلونها بجماهير الإنسانيّة و التهديد الوجوديّ الذى يمثّله هذا النظام لمستقبل الإنسانيّة .
------------------------------
[ -3- حقوق الإنسان في سلاسل العمل ]
المُحاوِر :
ضمن سلاسل العمل – التزويد ، أكّدت على أنّ " الشعوب المسحوقة جرّاء السير اليوميّ لهذا النظام عبر العالم – سواء في مصانع النسيج في أماكن مثل بنغلاداش و غواتيمالا و الهندوراس أو السلفادور – تقع التضحية بحقوق الإنسان و الوكالة الفرديّة " ( 3).
و مواطنون من هكذا أماكن عادة ما يظهرون على الحدود باحثين عن ظروف إقتصاديّة أكثر نجاعة مضيفين عاملا آخر يدفع نحو معادلة الهجرة .
كيف تحمى أو ستحمى الشيوعيّة الجديدة حقوق الإنسان ؟ حتّى بالإعلان العالمي القائم ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتّحدة سنة 1948 ) هذه الحقوق من العسير تكريسها نظرا لأنّ لكلّ أمّة طريقتها الخاصة في الحكم و تأويلها الخاص ل " حقوق الإنسان " .
بوب أفاكيان :
في ما يتّصل بإعلان الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان و غيره من الإعلانات المشابهة ، هناك مظهر محوريّ هو أنّ هذه الحقوق كما عدّدت و صرّحت مجرّد إدّعاءات نظريّة ( بغضّ الطرف عن كيف تستخدم أيضا كهراوة ديبلوماسيّة – إيديولوجيّة في النزاع ما بين القوى الإمبرياليّة و تعلّة لإلقاء القنابل و التدخّلات العسكريّة باسم " حقوق الإنسان " ) . و كما أشرت إلى ذلك ، في إطار ميزان القوى الراهن في العالم ، لا وسيلة حقيقيّة ل " فرض " هذه الحقوق – و بمعنى أكثر أساسيّة ، لا وجود لوسيلة حقيقيّة ل " تفعيل " هذه الحقوق في إطار الاقتصاد و النظام الرأسماليّين – الإمبرياليّين العالميّين . ففي المجتمع الرأسمالي القائم على الملكيّة الخاصة و الإنتاج من أجل الربح ، قدرة إستئجار و تسريح العمّال المأجورين يجرى بالتفاعل مع ظروف السوق المتقلّبة و عمادها الربح للحصول على قوّة عمل متنقّلة و إحطياتي عمل ( مستعدّ للإستغلال ) ، من المقتضيات الأساسيّة و شرط دائم لسير هذا النظام . فالبطالة ليست ظرفا مؤقّتا أو ظرفا طارئا للحياة في ظلّ الرأسماليّة . إنّما هي مبنيّة في أسسه و مظهر ضروريّ لسيره . لذا لا يمكن أن توجد حقوق إنسان " مفعّلة " خاصة في ما يتّصل بالعمل و بالدخل إذ هي لا تتماشى مع هذا النظام .
و قد أشرت إلى الأمم المتّحدة . " المجتمع العالمي " كما تمثّلأه الأمم المتّحدة ليس في الوقاع مجتمعا و إنّما هو بالأحرى تعبير آخر عن الهيمنة الإمبرياليّة العالميّة ، عن عالم منقسم إلى مستغِلّين و مستغَلّين ، إلى أمم مضطهَدة و أخرى مضطهِدة، و يشهد صراعات بين الإمبرياليّين المتنازعين . ليست الأمم المتّحدة جهازا فوق الأمم بل هي مؤسّسة تعكس ( و تؤبّد ) هذه الإنقسامات و النزاعات . في عالم اليوم ، الأنظمة القانونيّة في البلدان ، كلّ بلد على حدة ، و على الصعيد العالمي ، تنهض على و تعزّز علاقات إستغلال إقتصاديّة و إجتماعيّة إضطهاديّة محدّدة . و الواقع هو أنّ العدالة الإجتماعيّة لا يمكن تحقيقها في إطار الأنظمة القانونيّة الموجودة و التي تخدم الرأسمالية – الإمبرياليّة و أنظمة الحكم الرجعيّة الأخرى .
و على عكس هذا كلّه ، يُجسّد " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " و يفصّل القول عن الحقوق الأساسيّة للناس و العديد من هذه الحقوق غير مذكور حتّى في دساتير الولايات المتّحدة و البلدان الرأسماليّة المشابهة ، و أكثرها أساسيّة غير ممكنة التحقيق في ظلّ حكم هذا النظام و في إطاره . و هذه الحقوق مصاغة في إطار و في علاقة هامة بهدف إلغاء جميع الإستغلال و الإضطهاد . و ينعكس هذا في عنوان الفصل الثالث من هذا الدستور " حقوق الناس و النضال لإجتثاث كافة الإستغلال و الإضطهاد " حيث تمّ شرح ذلك شرحا تفصيليّا و بالملموس . و قد وقع التعبير عن ذلك بطريقة مكثّفة في التالى ، ضمن القسم الأوّل من ذلك الباب :
" أهمّ حقّ أساسي للبروليتاري بمعية الجماهير الشعبية العريضة ، فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة ، هو حق تحديد توجه المجتمع و الإلتحاق بالنضال مع الآخرين عبر العالم فى سبيل القضاء النهائي على علاقات الإستغلال و الإضطهاد و النهوض بدور متصاعد محدّد فى إيجاد حكومة كأداة لبلوغ هذه الأهداف ."
و زيادة على ذلك ، في تعارض مع التشويه الرائج جدّا للشيوعيّين في ما يتّصل بالدولة الإشتراكيّة على أنّها التجسيد الأتّم لمصالح الجماهير الشعبيّة ، و مؤسّسة يجب أن يخضع لها الجميع خضوع العبيد ، يمثّل التالى من الباب الثالث دحضا قويّا لذلك :
" هدف حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو العمل وفق المبادئ و الأهداف الواردة فى هذاالدستور لأجل تلبية الحاجيات الأساسية و قبل كلّ شيئ مصالح البروليتاريا الأكثر جوهرية و الأوسع نطاقا ، إلى جانب الجماهير الشعبية العريضة فى هذه الجمهورية و فى النهاية فى العالم بأسره ، بغاية المساهمة قدر الإمكان فى تحرير الإنسانية جمعاء، من خلال التقدّم صوب الشيوعية.

وفى نفس الوقت نظرا للتناقضات الباقية و العميقة بع د داخل هذه الجمهورية و فى العالم قاطبة - بما فيها التناقضات بين
هذه الجمهورية و الدول الإمبريالية و الرجعية ، وأيضا التناقضات بين علاقات الإنتاج الإقتصادية والعلاقات الإجتماعية،
و إنعكاس كلّ هذا فى مجالات السياسة و الإيديولوجيا و الثقافة فى هذا المجتمع ذاته - سيوجد ، و لبعض الوقت سيتواصل
وجود تناقضات بين الشعب و الحكومة فى هذه الجمهورية و هناك إمكانية أن تعمل الحكومة ، أو خاصة مجموعات أو أشخاص ذوى سلطة داخل الحكومة ، فى تعارض مع الهدف و الدور الصحيحين لهذه الحكومة . لهذه الأسباب ، يجب التمسّك بالإجراءات التى ينبغى إتخاذها للسماح للناس فى هذه الجمهورية بحماية ذاتهم ضد سوء تصرّف الحكومة و تجاوزاتها . و يجب أن توضع بوضوح خطوط عريضة جوهرية حسبها يمكن تقييم سياسات الحكومة و أعمالها فيما يتصل بحقوق خاصة و قبل كلّ شيء الحقّ الأكثر أساسية للشعب فى هذه الجمهورية . "

و يعرض القسم الثاني من هذا الباب ، " الحقوق القانونيّة و المدنيّة و الحرّيات " ، الحقوق الملموسة للناس و الحماية من تجاوزات الحكومة عرضا مختلفا بصورة لها دلالتها عن - و أبعد من - الحقوق الشكليّة المتضمّنة في الدساتير البرجوازيّة لكنّها عمليّا عادة ما تُداس بشكل فضيع .
و في ما يتعلّق بكلّ هذا ، أحيل على التالى من بيان السنة الجديدة ( " سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " ) الذى كتبته قبل سنة ( جانفى 2021 ) مع دعوة للتفاعل الجدّي مع ما يؤكّده البيان و مع المقارنة التي يعقدها بين " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " و دستور الولايات المتّحدة الأمريكيّة ( و بالمناسبة أي دستور آخر حتّى دساتير البلدان الإشتراكية السابقة كالصين و الإتّحاد السوفياتي ) :
" إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أي موقع آخر ، في أيّة وثيقة تأسيسيّة أو مرشدة مقترحة من أيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس فحسب حماية المعارضة و الحثّ عليها و على الغليان الفكريّ و الثقافي المتجسّدين في هذا الدستور ، بينما لهذا في نواته الصلبة أرضيّة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كلّ الإستغلال و التغيير المناسب للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة و إجتثاث كافة الإضطهاد و التشجيع عبر النظام التعليمي و في المجتمع بأسره لمقاربة أنّ هذا " سيمكّن الناس من إتّباع الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح الفكر النقديّ و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعلّم المستمرّ من العالم و القدرة على المساهمة بشكل أفضل في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة " . و كلّ هذا يفكّ أسر و يطلق العنان للقوّة الإنتاجيّة و الإجتماعيّة الهائلة للبشر المتسلّحين و الملهمين للعمل و النضال معا تلبية للحاجيات الأساسيّة للناس – مغيّرين المجتمع تغييرا جوهريّا و مساندين و داعمين النضال الثوريّ عبر العالم – و غايتهم الأسمى عالم شيوعيّ ، خالى من كلّ الإستغلال و الإضطهاد ، بينما في الوقت نفسه نعالج الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة الوجوديّة حقّا على نحو له مغزى و يكون شاملا وهو غير ممكن في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي . "
------------------------------------
[-4 - الطبقات ]
المُحاوِر :
النقاش اليوم في المجال العام لا سيما ذلك المقام ضمن إطار فكر التقاطع (intersectionality ) يقول أشياء أقلّ عن الطبقة كهيكل منه عن العنصر و الجندر و السياسات الحزبيّة . و التشرّد بصفة عامة مسألة طبقيّة ، مثلا ، ونسبته عالميّا عالية على الدوام خاصة إذا أخذنا عامل المهاجرين و اللاجئين في الحسبان . و نموذجيّا ، يبالغ مثقّفون و سياسيّون و يقذفون بعيدا بحلّ ممكن لتوفير السكن فيستندون إلى " النقص في الجرد " . و هذا الأفق يعالج السكن على أنّه سلعة تعتمد على العرض و الطلب . و يتعاطى أفق آخر مع السكن و تمويل السكن على أنّه ملكيّة تدّخر و ترسمل . و بالتالى ، هناك من يرون المسألة من خلال عدسات حقوق الإنسان الأكثر ليبراليّة أي تأكيد أنّ السكن حقّ من حقوق الإنسان .
و أنت تناقش تغيير الظروف الكامنة التي تولّد الإختلافات بين الناس بتغيير العلاقات الاجتماعية الجندريّة و العنصريّة و كذلك العلاقات بين العاملين أساسا بالفكر منجزين عملا فكريّا و العاملين بالساعد منجزين عملا يدويّا لأجل تجاوز الإنقسامات الإضطهاديّة . و كما تقول الإنقسامات الطبقيّة العميقة و الإستغلاليّة و الإضطهاديّة متجذّرة جوهريّا في قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج ( 20-21) .
هل أنّ نقاش العمل و الإنتاج يطال صناعات الخدمات و العمل المنجز الآن عن بُعد و عبر الأنترنت ؟

بوب أفاكيان :

ندب التشرّد ... رعب الطرد من المنزل ( وهو الآن يتصاعد بحدّة أكبر مع الوباء و إنتهاء التعليق المؤقّت لإسترجاع الديون و الدعم الماليّ المحدود ) ... و النقص المقرف في توفير السكن اللائق في الولايات المتّحدة – و كلّ هذا متجذّر في طبيعة النظام الرأسمالي – الإمبريالي و سيره و في التغيّرات و التحوّلات الخاصة في العقود الأخيرة . لا وجود جوهريّا ل " حقّ السكن " في ظلّ هذا النظام . فهذا الاقتصاد ليس منظّما حول الحاجيات الإنسانيّة و فيه لا تحدّد الأولويّات الإجتماعيّة و لا تُرسم المخطّطات لتوفير موارد وفقتلك الحاجيات . في ظلّ هذا الاقتصاد و هذا النظام ، السكن سلعة تُنتج من أجل الربح . السكن موضوع إستثمار ماليّ و مضاربة ماليّة . و أزمة الرهن العقّاري لسنة 2007-2008 نتجت عن ذلك – و قد قلبت حياة ملايين الناس و بدّدت مدّخراتهم و دفعت بالأسواق الماليّة العالميّة إلى حافة الإنهيار المالي .
توسّع الضواحي للبيض لا غير من جهة و الميز العنصري في السكن في أحياء داخل المدن من الجهة الأخرى ، بأعداد ضخمة من السود متركّزين في مشاريع السكن ، في التفرة الموالية لنهاية الحرب العالميّة الثانية – ينجم كلّه عن سياسة متعمّدة من الحكومة و مؤسّسات خاصة أيضا . ( تطوّر السكن في الضواحى عامة خُصّ به البيض فحسب طوال عدّة سنوات ، و لم تقدّم القروض الحكوميّة إلاّ للبيض بينما وقع إقصاء السود بوجه خاص من نيلها و وجّهوا نحو السكن العمومي في مناطق تتميّز بالميز العنصريّ ).
و اكثر جوهريّة ، تعدّ هذه الظواهر تجسيدا للدور المحدّد لنمط الإنتاج و للتطوّرات و التغييرات في نمط الإنتاج هذا ( الرأسماليّة – الإمبرياليّة ) في تداخل مع التناقضات الإجتماعيّة الأخرى .
و في ما يتّصل بتقديم مقاربة يمكن أن تتعاطى بفعاليّة و تتجاوز كلّ هذا ، يخفق إطار " فكر التقاطع " إخفاقا شنيعا . و هذا إطار يُشخّص و يتّخذ أشكالا مختلفة من الإضطهاد على أنّها مستقلّة مع أنّها متشابكة مع مع أنظمة التمييز العنصريّ . لا يشمل و في الواقع يمضى ضد و يقوّض الفهم الأساسي لكيف يسير كامل هذا النظام . إنّه لا يستوعب أنّ الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، كنظام علاقات إنتاج عالمي ، هي التي تحدّد الإطار الأساسي و تضع حدود التغييرات .
و بالنتيجة ، ضمن مشاكل جدّية أخرى ، يخفق " فكر التقاطع " في الإعتراف و ليس بوسعه أن يعارض بفعاليّة عديد الطرق التي بها يدفع هذا النظام " فئات " مختلفة من الناس ضدّ بعضهم البعض – في هذه البلاد و على النطاق العالمي – شيء لا يمكنت في نهاية المطاف تجاوزه إلاّ بتوحيد الشعب لينهض ضدّ كلّ إضطهاد يتوجّه إلى و يستهدف بنضاله في النهاية الإطاحة بالنظام الرأسمالي-الإمبريالي الذى يمدّ جوهريّا فيه كلّ هذا الإضطهاد في مظاهره العديدة والمختلفة جذوره.هناك أشكال متجذّرة بعمق في الإضطهاد الاجتماعي – للنساء و للمتحوّلين جنسيّا ؛ و السود و المضطهَدين عنصريّا الآخرين ؛ و المهاجرين – مبنيّة في أسس مجتمع الولايات المتّحدة و تطوّر النظام الرأسمالي -الإمبريالي . فهذا النظام هو الذى يُشكّل و يطبع العلاقات الإجتماعيّة و الأفكار في هذا الزمن ، وهو يعيّن حدود أنواع التغييرات التي يمكن أن تحصل في إطار هذا النظام .
والمقتطف التالى من " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ( وهو مضمّن أيضا في " " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة - خلاصة أساسيّة " ) يكثّف فهما حيويّا لديناميكيّة ( أو جدليّة ) العلاقة بين النظام الاقتصادي الكامن ( نمط الإنتاج ) و العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة المتنوّعة – و إمكانيّة و أساس تغييرها تغييرا راديكاليّا ، تحريريّا :
" في نهاية المطاف ، نمط الإنتاج يحدّد أساس التغيير و حدوده ، بمعنى كيفيّة معالجة أي مشكل إجتماعي ، مثل إضطهاد النساء ، أو إضطهاد السود أو اللاتينو ، أو التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، أو وضع البيئة ، أو وضع المهاجرين و ما إلى ذلك . و في حين أنّ لكلّ هذه الأشياء واقعها و ديناميكيّتها الخاصة و ليست قابلة للتقليص إلى النظام الاقتصادي ، فإنّها جميعا تسير في إطار و ضمن الديناميكيّة الجوهريّة لذلك النظام الاقتصادي ؛ و ذلك النظام الاقتصادي ، ذلك النمط من الإنتاج ، يحدّد أساس و في نهاية المطاف حدود التغيير في ما يتعلّق بكافة المسائل الاجتماعية . ومن ثمّة ، إذا أردنا التخلّص من جميع هذه الأشكال المختلفة من الإضطهاد ، ينبغي علينا أن نعالجها في حدّ ذاتها ، لكن ينبغي علينا كذلك أن نحقّق هذه التغييرات بالمعنى الجوهري . و لوضع ذلك بصيغة أخرى : يجب أن يتوفّر لدينا نظام إقتصادي لا يمنعنا من إحداث هذه التغييرات ، و بدلا من ذلك لا يسمح لنا فحسب بل يمدّنا بأساس مناسب للقيام بهذه التغييرات " .
كلّ هذا يمثّل قاعدة حاجتنا إلى " ثورة شاملة " لتركيز إقتصاد إشتراكي جديد و مجتمع إنتقالي نحو عالم شيوعيّ قصد تجاوز كلّ الإستغلال و العلاقات الإضطهاديّة و كلّ الأفكار و القيم المتناسبة معها و التي تعزّزها .
إنّك تُير مسألة الخدمات الصناعيّة و التغييرات في العمل و الإنتاج . و فعلا جدّت تغييرات لها دلالتها في " التشكيلة الإجتماعيّة و الطبقيّة " للولايات المتّحدة بإتّجاه بعيد عن الوضع الذى كانت فيه نسبة كبيرة من السكّأن " بروليتاريا كلاسيكيّة " تشتغل في عدّة مجالات من الصناعة كعمّال مأجورين مستغَلّين ، نحو وضع صارت فيه هذه البروليتاريا نسبيّا نسبة مائويّة صغيرة من السكّان .
و تسلّط ورقة بحثيّة لريموند لوتا نُشرت على موقع أنترنت revcom.us بعمق الضوء على هذه التغييرات و غيرها (" الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي والطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات " . فمع سبعينات القرن العشرين ، أنهت الولايات المتّحدة الإنتقال من مجتمع كان فيه معظم العمّال بصفة طاغية يشتغلون في قطاعات " إنتاج السلع " إلى مجتمع فيه الغالبيّة منهم يشتغلون في قطاعات " إنتاج الخدمات" كالبيع بالتفصيل و الماليّة و الرعاية الصحّية و التعليم .
و كما يشير ريموند لوتا ، قطاع الخدمات هذا غير متجانس و يشهد إستقطابا : بمهندسين أجورهم عالية و مديرين ماليّين و أطبّاء و محامين و فئات محترفة – تقنيّة أخرى في قمّة الهرم ؛ و موطظّفين و عمّال قابضين و ممرّين بالمستشفيات إلخ في أسفله . و وجود لا لمساواة كبيرة في ألجور و إختلافات في التعليم فحسب بل هناك أيضا ، كما تمّ التعريج عليه في كتاب " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي"، نوع من ما يشبه " الجيب " الفاصل بين الفئات و القطاعات الإجتماعيّة في مجتمع الولايات المتّحدة ( المدارس و المعاهد و الرعاية الصحّية و الترفيه إلخ ).
و يتطلّب تجاوز كلّ هذه الإنقسامات ثورة تأخذ كلّ هذا بعين الإعتبار . و الثورة لا تحدث وفق أنماط جامدة – و أقلّ حتّى بالتمسّك بمفاهيم فات أوانها و لم تعد تتناسب مع الواقع الفعليّ ( إن تناسبت أبدا ). و بوجه خاص ، فضلا عن التشويهات الرائجة في وسائل الإعلام " السائدة " و غيرها – تقدّم نسخة " شعبويّة " ل " طبقة عاملة " ( أساسا من البيض ) في الولايات المتّحدة في حين أنّ من يقع الحديث عنهم واقعيّا و على نطاق واسع ليسوا سوى برجوازيّين صغار ( مثلا ، أصحاب المشاريع الصغرى من الصناف المتباينة ) - هناك مفهوم تتمسّك به فئات من " اليسار " و مفاده أنّ الإشتراكية ستتحقّق ببناء " حركة عمّاليّة " بغعادة إحياء النقابات و توسيعها – و هذه وصفة في أفضل الأحوال لبناء حركة إصلاحيّة تظلّ بصلابة ضمن حدود النظام الرأسمالي - الإمبريالي القائم .
في هذا الصدد ، من المهمّ أن ناخذ بعين النظر التحليل الهام للينين بشأن ظاهرة الطفيليّة في البلدان الإمبرياليّة ( واقع أنّ إقتصاديّاتها تقوم بدرجة كبيرة على منتهى إستغلال الناس في مستعمرات الإمبرياليّة – ما يُحال عليه اليوم على أنّه العالم الثالث أو جنوب الكوكب ) - و واقع أنّ هذا قد أفرز إنقساما في صفوف الطبقة العاملة في البلدان الإمبرياليّة ، بين فئة هي فعلا " متبرجزة " نتيجة غنائم النهب الإمبريالي التي تحصل عليها ، من جهة و من الجهة الأخرى ، فئات أدنى و أعمق من البروليتاريا التي تواصل التعرّض إلى الإستغلال الخبيث في البلدان الإمبرياليّة ذاتها .
و منذ الزمن الذى أنجز فيه لينين هذا التحليل ( قبل أكثر من قرن الآن )، هذه الطفيليّة و إنعكاساتها أمست أبرز حتّى و إتّخذت أبعادا جديدة ، خاصة خلال زهاء الخمسين سنة الأخيرة كما يحلّل ذلك لوتا في ما يتّصل بالولايات المتّحدة ، البلد الإمبريالي الأكثر طفيليّة مقارنة بجميع البلدان الإمبرياليّة الأخرى .
و يطرح هذا تحدّيات كبرى للقيام بالثورة و المضيّ قدما فيها . إستراتيجيّا ، هناك مهمّة كسب و تعبأة القوى الأساسيّة للثورة أو حجر أساسها ، القوى التي " تتحمّل جهنّم أكثر من غيرها " ، المضطهَدَة باشدّ العنف ، في ظلّ هذا النظام – و العديد من عناصرها يعملون و / أو يبقون على قيد الحياة خارج الاقتصاد " النظامي / الرسميّ " للتشغيل النظامي ( مرّة أخرى ، ما لا يتناسب مع التوصيف " الكلاسيكيّ للعمّال " ) و هناك مهمّة كسب و تعبأة فئات عريضة منها الأفضل أجرا في قطاعات الخدمات ، لتشارك في هذه الثورة . و بهذا الصدد ، يجدر بنا أن نشير إلى أنّ ماو تسى تونغ قاد ثورة في الصين كانت تعتمد أساسا على فئات من السكّان – في تلك الحال ، الفلاّحين المضطهَدين – الذين لم يكونوا جزءا من الطبقة العاملة التي كانت ترتأى كقوّة أساسيّة للثورة الإشتراكيّة ، حتّى و الإيديولوجيا و البرنامج الذين يقودان هذه الثورة ينسجمان مع المصالح الجوهريّة للبروليتاريا في وضع نهاية لكلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد . و في هذه البلاد سنواجه تحدّيا مشابها بمعنى إنجاز الثورة التي لن تعتمد أيضا على الطبقة العاملة " الكلاسيكيّة " بطبيعة الحال رغم أنّ بروليتاريّين مستغَلّين خاصة ضمن الفئات الأدنى و الأعمق من هذه الطبقة سيشاركون مشاركة هامة في هذه الثورة . و ثمّة تحدّى آخر طرحته بشكل واضح ألا وهو كيف سيتجاوز المجتمع الإشتراكي الجديد الإنقسامات الأخرى ( و تلك في صفوف الفئات المتمايزة من عمّال الخدمات ).
في مقاربة هذا ، لا يمكننا أن نجمّد الهيكلة الإجتماعيّة القائمة كمعطى و إنّما بالأحرى يمكننا فهمها على أنّها شيء يجب تغييره تغييرا راديكاليّا . و عديد مواطن الشغل المصنّفة على أنّها خدمات – في الماليّة و العقارات و التأمين – مبذّرة و غير ضروريّة من وجهة نظر إقتصاد إشتراكي عقلاني " قائم على الحاجيات ". و كامل هيكل " المجتمع الإستهلاكي " و بنيته التحتيّة للبيع بالتفصيل و الإشهار مشابه في هذا الصدد . و كلّ هذا ( و أكثر ) سيقتضى تحوّلا نحو قاعدة إنتاج أكثر تعويلا على الذات و إستدامة لتوفير الحاجيات الأساسيّة و غيرها من الحاجيات الأخرى – و في الوقت نفسه يجب أن تخدم قاعدة الإنتاج هذه و المؤهّلات المرتبطة بها و القدرات التقنيّة و العلميّة للمجتمع الجديد و الثقافة الجديدة أيضا ، يجب أن تخدم نضالات المستغَلّين و المضطهَدين عبر العالم . و لكلّ هذا تبعات على قوّة العمل و على نوع العمل المطلوب . و في هذا السياق من إعادة الهيكلة و التغييرات الراديكاليّة ، ستوجد حاجة إلى تجاوز الإنقسامات الباقية . و لنعد إلى مسألة السكن. فقد تحدّثت قبلا عن التخطيط الاقتصادي لتلبية الحاجيات الإجتماعيّة و سيكون من الضروري – و في المجتمع الإشتراكي ستوجد قاعدة ل – تنيظم نقاش حيويّ عبر المجتمع كافة و جدالا ضمن سيرورة التخطيط مع مساءلة مستمرّة للمخطّط و تطبيقه . و سيشمل هذا إستنهاض المهندسين المعماريّين و المهندسين المدنيّين و المخطّطين المدنيّين و عمّال البناء و الشباب و كذلك الناس القاعديّين ليتجمّعوا معا بشكل تعاونيّ و جماعي في سيرورة معالجة " مسألة السكن " . و المعرفة المختصّة ستُنشر شعبيّا في حين سيتعلّم المختصّون من معرفة الناس القاعديّين و من الشباب و تجربتهم الحياتيّة و تطلّعاتهم. و كلّ هذا سينجز بينما يجرى خوض الصراع حول تجاوز الإختلافات في دور الجماهير في الإقتصاد و في العلاقات الإقتصاديّة ، خاصة ، مرّة أخرى ، التناقض بين العمل الفكريّ و العمل اليدويّ . و ستقع مقاربة معالجة مسالة السكن بطريقة متعدّدة الجوانب : مازجين العمل ذي المغزى و المحقّق للذات مع السكن المرتبط بالمجال العام . و ستتمّ مقاربة ذلك على نحو يعارض تفتيت الحياة الإجتماعيّة و يتجاوز إرث الميز العنصريّ ( 80 بالمائة من تجمّعات السود في المدن الكبرى للولايات المتّحدة أكثر ميز عنصريّ اليوم ممّا كانت عليه قبل 15 سنة ! ) . و بصفة حيويّة سيحتاج هذا إلى مقاربة لمعالجة مسألة السكن مع عدم نسيان الأزمة البيئيّة – بمعنى المواد و المواقع و الإعداد للكوارث الطبيعيّة و الأزمات الصحّية .
و من الأشياء التي برزت بفعل الوباء و تمزيقه ل " الحياة العاديّة " الدور الأساسي الذى لعبته عدّة أصناف من عمّال الخدمات في افبقاء على سير المجتمع . بداهة ، هناك عمّال الصحّة و المساعدون و عمّال الصيانة في ذلك القطاع و كذلك أناس في قطاع التعليم . و مثلما وقع عرض ذلك في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ، سيرتكز نظام الرعاية الصحّية في المجتمع الجديد على مبدا أو مقاربة " خدمة الشعب " محطّما الحدود بين الأطبّاء و المرضى ، و بين مختلف قطاعات عمّال الصحّة ، و بين المؤسّسات الصحّية و التجمّعات السكّانية المحيطة بها . و قد كشف الوباء أيضا مدى حيويّة المخازن و التموين و عمّال التسليم / التوصيل و معظم العاملين في هذه المجالات من ذوى الأجر الزهيد وهم عُرضة لضوابط عمل قاسية – و يقع التضحية بصحّتهم على معبد الربح . و أبرز الوباء كذلك بحدّة و ببساطة مدى نقص التنسيق العام و توجيه الإقتصاد و المؤسّسات الإجتماعيّة – في ردّها على و عملها تجاه هذه الأزمة بطريقة مناسبة لحدّتها و إنتشارها و توفّر رفاها للجماهير. و قد شاهدنا كيف أنّ الاوباء قد شدّد من اللامساواة في المجتمع . و سؤالك عن العمل عن بُعد سؤال مثير فالإستعمال المتنامي للعمل عن بُعد يطرح بعض التحدّيات ذلك أنّ بعضه مثلا معظم العمل في التمويل و العقّارات إلخ ، كما اشرت سابقا ، إجتماعيّا غير ضروريّين من وجهة نظر التنظيم العقلانيّ للإنتاج و المجتمع . و مع ذلك ما سيكون ضروريّا إجتماعيّا سيتطلّب على ألرجح أو سيعنى مكوّنا من العمل عن بُعد – لأسباب تعود إلى الصحّة العامة و كذلك إلى التأكيد على مرونة العمل و الحياة . لكن في ظلّ هذا النظام القائم ، يعرف العمل عن بُعد في حدّ ذاته إستقطابا إقتصاديّا و إجتماعيّا : مع تطوّر الوباء ، تمكّن تسعة بالمائة فقط من العمّال من ضمن ال25 بالمائة من المأجورين الأدنى أجرا من " العمل عن بُعد " إنطلاقا من منازلهم مقارنة بأكثر من 60 بالمائة من ضمن قمّة ال25 بالمائة من الذين يكسبون أعلى الأجور .
في المجتمع الإشتراكي الجديد ، سيعمل الناس على معالجة المشاكل الكبرى و تلبية الحاجيات الكبرى للمجتمع و العالم الإفتراضي و الواقعي أيضا . غير أنّه ثمّة مشاكل كبرى لزاما الخوض فيها . كيف نقاتل التفكّك الاجتماعي في ظلّ ظروف العمل عن بُعد ؟ كيف يمكن تطوير التقنية و نشر وسائل التواصل الإجتماعيّة لتواجه ذلك و كيف يمكن التشديد على الإندماج الاجتماعي الواقعي و على التشارك و التعلّم ( في تعارض مع الترويج للنفس و الميزة التنافسيّة الفرديّة إلخ ) ؟ كيف يمكن للعمل عن بُعد القابل للإنجاز من المنزل في المجتمع الجديد أن لا يعزّز البطرياركيّة / النظام الأبويّ و يضع أعباءا جديدة على كاهل النساء كمقدّمات للرعاية رئيسيّا ، كما يحدث الآن ؟ و يلمس هذا مسألة أشمل هي مسألة الإدماج الاجتماعي لرعاية الأطفال و تجاوز وضع حيث تكون الأسرة النوويّة هي الوحدة الأساسيّة للبقاء على قيد الحياة و الإدماج الاجتماعي في مجتمع قائم على السلعة .
إنّ تحويل مواقع العمل و بيئة العمل و رفع آفاق الناس أبعد من مواقع العمل و إقامة " تناسب " حقيقيّ مع المجتمع الأوسع و قضيّة تحرير الإنسانيّة جمعاء – كلّ هذا سيكون محور إهتمام لدي المجتمع الإشتراكي الجديد و شيئا سيُوضع بإستمرار موضع مساءلة .
و مع الاقتصاد الإشتراكي المرتأى في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ، مجمل طبيعة العمل و مضمونه سيكونان مختلفين جذريّا ، في خدمة أهداف مختلفة راديكاليّا . و معنى ملموس لهذا مضمّن في الباب الرابع من هذا الدستور و بوجه خاص في القسم الثامن ، " التشغيل والعمل ، المصنع الاجتماعي والعلاقات بين المدن والأرياف " بما في ذلك " حقّ الشغل والدخل مضمونان " و أبعد من ذلك :
" مكان العمل ليس مجرّد وحدة إنتاج . مكان العمل موقع سياسي - إيديولوجي و ثقافي؛ موقع صراع لإعادة تشكيل المجتمع. يجب نقاش المسائل الحيوية - من الشؤون العالمية للسياسة التعليمية - للنضالات لتجاوز اللامساواة القومية إلى تحرير النساء.

يبحث الإقتصاد الإشتراكي عن تجاوز تأثير التقسيم الإضطهادي للعمل للمجتمع الرأسمالي القديم ، المخدّر و المسبّب
للإغتراب . و ستكون للأشخاص فى وحدات العمل مسؤوليات خاصة ، لكنّهم سيتقلّبون بين المواقع و المهام . و ستقوم
بعثات من مختلف وحدات و قطاعات الإقتصاد بالتبادل مع الوحدات و القطاعات الأخرى . و مع إنتشار الثورة و تقدّمها
عالميّا ، سيجرى هذا التبادل بصفة متصاعدة على النطاق العالمي .

و يهدف الإقتصاد الإشتراكي إلى تحطيم الحواجز بين وحدات الإنتاج و الحياة الإجتماعية المحيطة و إلى مزج العمل مع الإقامة و التجمّع السكّاني . و يسعى التخطيط الاقتصادي - الإجتماعي جهده لتشجيع مدن يمكن أن يحافظ عليها و أن تزدهر على نمط جديد من " المجال الإجتماعي" يخوّل للناس التفاعل ذو المغزى التام و التنظّم السياسي و إبداع الثقافة و التمتّع بها ، و الترفيه و الراحة. و يبحث التخطيط الإقتصادي - الإجتماعي عن دمج الفلاحة و الصناعة ، إلى جانب النشاطات المدينية و الريفية - بوسائل جديدة - وربط الناس وثيق الإرتباط بالأرض الفلاحية و بالطبيعة. "

و مرّة أخرى ، كما شدّدت على ذلك في المقتطف السابق من " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ، أهمّ شيء هو نمط الإنتاج ، و علاقة هذا بالتغيير الثوري للمجتمع ككلّ . و إليكم موقف لماركس وقع تكثيفه في صيغة " الكلّ الأربعة " مناسبة جدّا . كما وضع ذلك ماركس ، الثورة الإشتراكية و سلطة الدولة الإشتراكيّة ( دكتاتوريّة البروليتاريا ) التي تنشأ عنها ، تهدفان إلى إلغاء كلّ الإختلافات الطبقيّة و كلّ علاقات الإنتاج التي تقوم عليها هذه الإختلافات الطبقيّة و كلّ العلاقات الإجتماعيّة المتناسبة مع علاقات الإنتاج هذه و تثوير كلّ الفكار المتناسبة مع علاقات الإنتاج هذه . بإختصار ، وضع نهاية لكلّ ألوان الإستغلال و الإضطهاد . و يجب أن يكون هذا هو التوجّه و الهدف الجوهريّين للسيرورة الثوريّة ، و ليس فحسب بمعنى بلد معيّن بل بكامل العالم في الذهن و في أفق النظر .
----------------------------------------
[-5- الصحافة و حرّية الصحافة ]
المُحاوِر
الصحافة المرتبطة بالشركات ليست حرّة طالما أنّها " مملوكة و تتحكّم فيها مصالح قويّة . إنّها في الواقع آلة دعاية الطبقة الحاكمة الرأسماليّة الإمبرياليّة " ( 14 ) .
إنّ إمتلاك الشركات لوسائل الإعلام تشير إلى الحاجة إلى المزيد من الصحافة المستقلّة . و يُكرّس صحفيّون لا عدّ لهم و لا حصر متشبّثون بأخلاقيّات المهنة حياتهم ليبحثوا بعمق و لينشروا تقاريرا دقيقة برغم المخاطر المحدقة بذلك و الأجور الزهيدة بشكل بارز .
و في هذه اللحظة ، كيف يمكنكم تصوّر تخلّص وسائل الإعلام السائدة من ملكيّة الشركات ؟
بوب أفاكيان :
لنبدأ بسؤالك الأخير هنا ، الحقيقة الصريحة هي أنّه لا مجال في ظلّ هذا النظام ل تخليص وسائل الإعلام السائدة من ملكيّة الشركات .
" ملكيّة الشركات " لوسائل الإعلام بالتأكيد أمر واقع . فبوسعك النظر إلى ايّ عدد من الدراسات حول نموّ تمركز ملكيّة الصحف و محطّات الإذاعة و التلفزة و التسجيل/ النسخ في صناعة الموسيقى ... و ما إلى ذلك و القائمة طويلة . لكن الواقع الأكثر جوهريّة هو أنّ وسائل الإعلام في ظلّ هذا النظام تنحو إلى أن تكون و ليس بوسعها إلاّ أن تكون أداة بيد الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، حتّى و العديد من وسائل الإعلام تمثّل فئات مختلفة من هذه الطبقة الحاكمة – و على سبيل المثال ، وسائل إعلام مثل السي أن أن و الأم أس أن بى سى و جريدتي النيويورك تايمز و الواشنطن بوست ، الذين يمثّلون الفئة السائدة من هذه الطبقة الحاكمة ، هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، فوكس " نيوز " الممثّلة للفئة الفاشيّة .
على الرغم من الإختلافات الواقعيّة و الحادة جدّا بينهما ، وسائل الإعلام السائدة في هذه البلاد ( بما فيها " وسائل الإعلام الرقميّة الكبرى المعتمدة على الأنترنت ) كلاهما " السائدة " و الفاشيّة في الواقع أدوات دعاية بيد الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة .
و لعلّ لا شيء قد جسّد هذا بأكثر وضوح من كيف تتعاطى وسائل الإعلام هذه مع الغزو الروسيّ لأوكرانيا . فرغم بعض موقف عدّة فاشيّين و بصفة بارزة دونالد ترامب الذى مدح فلاديمير بوتن ، فإنّ " تغطية " هذا الغزو و هذه الحرب ( و ما يحفّ بها من أحداث ) من طرف وسائل الإعلام السائدة قد مثّلت بصفة طاغية إن لم تكن كلّية ، دعاية غير مزوّقة تروّج لمصالح إمبرياليى الولايات المتّحدة و " حلفائها " في تعارض مع مصالح الإمبرياليّة الروسيّة . و كان هذا هو الحال منذ البداية مع وسائل الإعلام الممثّلة للفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة لكن حتّى الحزب الجمهوريّ الفاشيّ و الناطقين بإسمه إنضمّوا إلى درجة لها دلالتها إلى هذا الخطّ – حتّى و هم على جبهات عدّة يواصلون مهاجمة بيدن و الديمقراطيّين ( و تظلّ الإنقسامات العميقة صلب الطبقة الحاكمة و في المجتمع ككلّ و ستطلّ تؤكّد نفسها و تتفاقم ).
و كما هو الحال دائما في مثل هكذا وضع ، تميّزت وسائل الإعلام بظهور في كلّ مكان ل " محلّلين " متشكّلين من ضبّاط عسكريّين سابقين و من أعوان السى آي آي و عملاء و موظّفين آخرين تابعين للسلطات الإمبرياليّة للولايات المتّحدة و الجرائم ضد الإنسانيّة . و قد تمّت ملاحظة أنّ هذه " التغطية " للحرب في أوكرانيا و الحداث المتّصلة بها تفتقر إلى مشاركة أناس يمثّلون أيّة آفاق أخرى مغايرة لهذا .
و كما كتبت بشأن الغزو الروسيّ لأوكرانيا و صلته بالوضع الأشمل للنزاع بين القوى الإمبرياليّة :
" من الأكيد أنّ القوّة العظمى للإرهاب و العدوان الروسيّ و غزوها لأوكرانيا مثال واضح على ذلك و شيء على جميع النزهاء و الشرفاء معارضته . لكن لا يجب على أيّ إنسان نزيه و شريف أن يقف إلى جانب إمبرياليّي الولايات المتّحدة في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة . و للأسباب التي سأتعمّق فيها ، من النفاق التام و المقيت بالنسبة لإمبرياليّي الولايات المتّحدة و الناطقين الرسميّين بإسمهم في وسائل الإعلام و غيرهم من ممثّليهم أن يقدّموا أنفسهم على أنّهم يندّدون بصفة شرعيّة بهذا الغزو الروسي بينما الولايات المتّحدة هي البلد الذى إلى درجة بعيدة جدّا قد قام بأكبر عدد من الغزوات و عمليّات التدخّل العنيف الأخرى في شؤون البلدان الأخرى .
بشكل ما ، هؤلاء " المتعلّمون " قد " نسوا " غزو الولايات المتّحدة و إحتلالها ل " بلد مستقلّ " آخر هو العراق سنة 2003 – على أساس أكاذيب صارخة عن الإمتلاك المفترض للعراق ل " أسلحة دمار شامل " و إرتباطه الوثيق بالإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين كالقاعدة . و كان هذا الغزو للولايات المتّحدة جريمة حرب عالميّة بارزة ، نجمت عنها حركات أودت بحياة مئات آلاف البشر و جعلت الملايين لاجئين و أطلقت العنان ل دوّامة موت و دمار في تلك الناحية من العالم . ( أحد أهمّ المشاهد المقيتة المعروضة بوسائل الإعلام " السائدة " هذه الأيّام مثل السي أن أن ، مشهد وجود مسؤوليّين حكوميّين من " قدماء المحاربين " المشاركين في جريمة حرب الولايات المتّحدة في العراق و هم يندّدون بغطرسة الغزو الروسي لأوكرانيا على أنّه عمل غير قانوني لبلد قويّ يعتدى على بلد أضعف منه ، و بشكل ما ، " إستبعدت " وسائل الإعلام هذه النفاق المثير للغضب لمجرمي الحرب الأمريكيّين هؤلاء و هم يندّدون بجرائم حرب الآخرين " إستبعدت " ذلك النفاق عمدا و تجاهلته ). "
( و قد ورد هذا في مقال " الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : " معاداة الإستبداد " ك " غطاء " لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة " الذى يمكن العثور عليه على موقع أنترنت revcom.us ، إلى جانب مقال " مصاحب " : " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات " ) .
في كلّ هذا ، الواقع ليس ببساطة أنّ وسائل الإعلام هذه تملكها شركات قويّة و مؤسّسات ماليّة تتحكّم في مليارات الدولارات؛ المشكل ألعمق يكمن في واقع أنّ البنية الفوقيّة لهذا النظام – المؤسّسات السياسيّة و القانونيّة و كذلك مجال الثقافة و الإيديولوجيا بما فيه وسائل الإعلام – ستتماشى و يجب أن تتماشى جوهريّا مع طبيعة النظام و بصفة خاصة مع النظام الاقتصادي الكامن ، أو نمط الإنتاج . و في عدد من الأعمال منها " " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ، حلّلت بشيء من العمق لمذا ذلك كذلك. و هنا النقطة الأساسيّة يمكن أن تلخّص بإقتضاب في فهم أنّه إذا كانت البنية الفوقيّة بأيّة طريقة هامة و طوال أيّة فترة زمنيّة هامة ، خارج العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّين لنمط الإنتاج الكامن ، سيشهد المجتمع فوضى جدّية و في نهاية المطاف لن تقدر الأمور على أن تسير . ( و تعبير مدهش لهذا ذكرته في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " هو واقع أنّه في ظلّ هذا النظام ، لا يمكن أن يوجد " حقّ الأكل " – أو بصفة أعمّ ، لا حقّ في الحاجيات الأساسيّة للحياة – بمثال من الفوضى و الإنهيار الناجمين عن ذلك ضمن حدود هذا النظام حيث الحاجيات الأساسيّة للحياة تنتج كسلع يجب أن تشترى عبر تبادل سلعة أخرى هي المال ، و يُعلن القانون أنّ للناس " حقّ الأكل " و هذا يعنى أنّه إذا لم نستطع شراء حاجياتنا الأساسيّة ، بوسعنا الحصول عليها بلا مقابل ! ) .
و بالعودة إلى دور وسائل افعلام ، هذه العلاقة بين البنية الفوقيّة و نمط الإنتاج الكامن تعنى أنّ وسائل الإعلام السائدة في هذه البلاد ( حتّى بإختلافات واقعيّة جدّا بين فئات مختلفة من الطبقة الحاكمة ) ستتماشى و يجب أن تتماشى و أن تكون تعبيرا عن المصالح الأساسيّة للنظام الرأسمالي
- الإمبريالي و طبقته الحاكمة – واقع مسجّل بشكل دقيق كلّما كانت المصالح الحيويّة للرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة موضع رهان و بصفة بارزة تكون على الصعيد العالمي المصالح " القوميّة " ( أي الإمبرياليّة ) لهذه الطبقة الحاكمة معنيّة بصورة لها دلالتها . و هذا الواقع يشرح صعوبة أيّة محاولة حقيقيّة للإستقلال و نقصد عمليّا محاولة إيجاد عمليّا صحافة باحثة عن الحقيقة . و يشدّد هذا على أهمّية دعم الذين يبحثون حقّا عن تكريس هكذا صحافة .
لكن ، مجدّدا و بأكثر جوهريّة ، يتحدّث هذا عن الحاجة إلى طابع و دور مختلفين راديكاليّا لوسائل الإعلام - و الواقع هو أنّ هذا يتطلّب مجتمعا مغايرا جذريّا . و كما جرى الكلام عن ذلك في المقتطف أعلاه من بياني للسنة الجديدة 2021 ( ردّا على السؤال الثالث ) ، توجّه و هدف المجتمع الإشتراكي الجديد المرتأى في دستور ذلك المجتمع ، هما " تمكين الناس من البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقدي و فضول علميّ ، و بهذه الطريقة المعرفة المستمرّة للعالم لإمتلاك قدرة أفضل على المساهمة فى تغييره وفق المصالح الجوهرية للإنسانية. ". و ينسحب هذا ليس على النظام التعليمي فحسب و إ،ّما أيضا على وسائل الإعلام – على مؤسّسات المجتمع عامة . و كما يتناول ذلك " دستور الجمهورية الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " بالحديث ، ستوجد وسائل إعلام تابعة للدولة في المجتمع المرتأى لكن بدور مختلف جدّا عن دور وسائل الإعلام المهيمنة لهذا النظام ( و بالمناسبة ، دور مختلف بدلالة عن وسائل الإعلام في المجتمعات الإشتراكيّة السابقة ). سيكون الدور الأساسي
" توفّر الحقيقة و المعلومات الهامة و التحاليل الهامة لشؤون الدولة و تطوّرات أخرى هامة فى المجتمع و العالم للناس فى المجتمع ... و خدمة لهذا الهدف ذاته ، إضافة إلى إنشاء و تسهيل عمل وسائل إعلام بديلة مستقلّة عن الحكومة ، فإنه يجب السماح بدرجة هامة بتقديم وجهات نظر و تحاليل متنوّعة بما فى ذلك تلك التى تختلف و تتعارض مع التى تقدّمها الحكومة وممثّلوها ، و توفير الوقت و الفرصة لذلك عبر وسائل الإعلام ذاتها."
و فضلا عن ذلك ، لا يجب فحسب توفير الإعتمادات و التمويلات و غيرها من الموارد لوسائل الإعلام المستقلّة و إنّما ينبغي أيضا لهذا أن
" يجب تسهيل تنوّع الرؤى و الآراء و تشجيعها و نشرها مع تمثيل هام لرؤى و لآراء تذهب ضد رؤى الحكومة و آراءها فى أي وقت معطى ، بما فى ذلك بعض التى يمكن أن تعارض ليس فقط سياسات و أعمال معينة للحكومة لكن أيضا المبادئ و الأهداف الأساسية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا."
و هذه المبادئ المتّصلة بوشسائل الإعلام ( المنصوص عليها في الفقرة الأولى و القسم 2 ، I من هذا الدستور ) معتمدة على و تنجم عن الفهم القائم على العلم بأنّ السيرورة موضوع الكلام هنا مهما كانت معقّدة و حتّى مضطربة أحيانا ، ستساهم بطريقة حاسمة في بلوغ الجماهير الشعبيّة فهما متنامي العمق للواقع و على هذا النحو يتمّ تعزيز قدراتها على تغيير الواقع تغييرا جوهريّا في مصلحة الإنسانيّة للتحرّك صوب إلغاء و إجتثاث كلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد .
------------------------------
[-6- سلاسل العمل – التزويد ]
المُحاوِر:
في نقاش قبل الوباء ، ذكرت شريط " يوم دون مكسيكيّ " (2004) لتسجيل نقطة حول العمل و آليّات الإنتاج و كيف يجرى نقل السلع إلى السوق ؛ أساسا و بيّنت مدى إرتباط العالم بالعمل . تلك النقطة التي جرى التشديد عليها بواسطة الشريط ، تثير سؤالا مركزيّا : ماذا لو أنّ العمّال المكسيكيّين ( و غيرهم من الناس من أمريكا الوسطى ) أوقفوا العمل ليوم واحد حتّى ؟ و من ثمّة توسّعت في طرحك السؤال ، ماذا لو أنّ كلّ الناس عبر العالم قاطبة الذين ينتجون و يوزّعون كلّ هذه الأشياء التي يستخدمها الناس كلّ يوم ، ماذا لو توقّفوا عن العمل ليوم أو لأسبوع أو لشهر ؟
لقد شاهدتم هذا يحدث مع جائحة كوفيد-19 و يفترض تفحّص العلاقات التي " يدخل فيها الناس لإنجاز الإنتاج ... علاقات الإنتاج و التوزيع و النقل ..."
لقد أكّدت على أنّ طريقة أخرى لتحليل هذا هي التساؤل : " ما هو نمط الإنتاج الذى عبره يتمّ إنجاز كلّ هذا ؟ " و في نهاية المطاف، أكّدت أنّ هذا " يحدّد الإطار الأساسي لكلّ ما يحدث في المجتمع ..." إذا توقّف الإنتاج ، سيتوقّف المجتمع. ( 53)
كان كلامك تنبّئيّا . هل بوسعك أن تفصّل القول في ما عنيته بإن حاول شخص أو قسم من المجتمع أن يُنتج خارج أنماط الإنتاج القائمة ، فإنّ ذلك الشخص أو تلك المجموعة إمّا ستمنى بالفشل و إمّا تقوم بثورة .
مع الوضع الراهن لسلاسل التزويد ، ما هي الخيارات التي ترونها ؟
و زيادة على ذلك ، سلاسل التزويد المعولمة ترتهن إلى درجة كبيرة بنقل ليس صديقا للبيئة . ما هي البدائل الأفضل المتوفّرة الآن أو التي يمكن إيجادها للمساعدة على إنقاذ حياة الكوكب و كذلك تلبية حاجيات المجتمع ؟
بوب أفاكيان :
" سلاسل التزويد "المُعَولمة هي بأكثر أساسيّة أدوات للإستغلال الرأسمالي - الإمبريالي و في نهاية المطاف منتهى إستغلال مليارات الناس بمن فيهم أكثر من 150 مليون طفل في العالم الثالث . وهي أدوات نزاع بين " التكتّلات " المختلفة من الرأسمال الإمبريالي و الدول الرأسماليّة – الإمبرياليّة .
و تجدر الإشارة كذلك إلى أنّ عددا غير متناسب من الناس في خطوط تجميع معولمة – من المعامل الهشّة في المكسيك إلى مصانع النسيج في البنغلاداش و خطوط التجميع الأكتروني في الصين – هم نساء تتعرّضن إلى أقصى الإستغلال و عادة إلى الإعتداءات الجنسيّة .
و جزء هام آخر من هذه الصورة هو أنّ دور تأثير سلاسل التزويد المعولمة شهدت قفزة نوعيّة مع الإنقلاب على الإشتراكيّة و إعادة تركيز الرأسماليّة في الصين أواخر سبعينات القرن العشرين و تاليا إنهيار الإتّحاد السوفياتي التحريفي ( الإشتراكي إسما لكن الرأسمالي - الإمبريالي في الواقع ) في بدايات تسعينات القرن العشرين و تغيير إقتصاد دولة رأسماليّة إلى إقتصاد رأسمالي أكثر " كلاسيكيّة " .
تربط سلاسل التزويد العالميّة المصانع و المناجم و المزارع ؛ و المخازن و التوزيع . و هذا تعبير عن سيرورة الإنتاج العالية التشابك في عالم اليوم ، الإنتاج المنجز من خلال تقسيم عميق و إستغلالي للعالم إلى حفنة من البلدان الرأسماليّة – الإمبريالية و تلك المفقّرة ، ألمم المضطهَدَة لجنوب الكوكب حيث تعيش غالبيّة الإنسانيّة .
توسّعت سلاسل تزويد شركة آبل – التي دونها لن تكون شركة ذات ما يناهز 3 تريليون دولار كما هي اليوم – بشكل كبير إلى مصانع في الصين و مناطق أخرى من آسيا تدار كمعامل هشّة وحشيّة ؛ و بعمق إلى مناجم الكوبالد في جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة حيث يحفر زهاء الأربعين ألف طفل أنفاقا و يكسّرون أحجارا دونها لن توجد هواتف أي فون . هناك ديناميكيّة الإنتاج العالي التنظيم بوحدات فرديّة من رأس المال – مثل شركة آبل و دال و ج أم و تيوتا – تفرض معايير فعاليّتها و تطبّق التقنية المتقدّمة للتموين إلخ . لكن كلّ هذا يخدم المعركة التنافسيّة للتكتّلات الكبرى لرأس المال للتقليل من التكاليف و توسيع و ضمان حصّة السوق و تحقيق أقصى الأرباح . و سلاسل التزويد هذه أسلحة لخوض هذه المعركة .
و كلّ هذا فوضويّ . لا وجود ل " بُعد نظر " لما يفعله هذا للكوكب و لا قياس داخلي للإنعكاسات على الصحّة العموميّة . و سلاسل التزويد هذه شديدة التلويث ( ملوّثة و مسمّمة الماء و الأرض ) ؛ و النقل لمسافات طويلة معتمد على الوقود الأحفوريّ كما أشرت ؛ و كلّ هذا يفضى إلى تبذير هائل . و دور سلاسل التزويد هذه و التعويل عليها أمر في الآن نفسه عقلاني و لاعقلانيّ . إنّه عقلانيّ من وجهة نظر و في إطار المصالح الخاصة لمختلف كتل رأس المال إذ يخوّل لها أن توسّع نطاق عمليّاتها للإستفادة من " تقسيم العمل " العالمي بما فىه ما يتعلّق ببعض الإختصاص المناطقيّ .
لكن كلّ هذا غير عقلانيّ تماما بمعنى الظروف الأساسيّة و الحاجيات الأساسيّة للجماهير الشعبيّة التي هي مستغَلّة أقصى الإستغلال كي تسير " سلاسل التزويد " هذه و بمعنى كيف يفاقم من ارتفاع حرارة الكوكب و الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة العامة . ( و مثال صارخ آخر : النقل البحريّ للحاويات بما أنّ النقل يرتبط ب " سلاسل التزويد " هو أحد أكبر القطاعات الملوّثة عالميّا ، وهو مرتهن تماما بأقصى إستغلال العمل في العالم الثالث ) .
و التناقض عقلاني / لاعقلاني تعبير عن التناقض العام تنظيم / فوضى الذى يحرّك الرأسماليّة و يؤدّى بإستمرار إلى إضطرابات و أزمات متكرّرة بأنواع متباينة . ( و مثلما أشار إلى ذلك ماركس بشأن الرأسماليّة : فوضويّتها الكلّية هي نظامها ) . هناك تنظيم على مستوى تخطيط الشركات و في عمليّات الوحدات الأساسيّة للإنتاج ، و ما إلى ذلك ، لكن هناك فوضى في ما يتعلّق بسير الاقتصاد – و اليوم هو إقتصاد عالي العولمة – ككلّ ، و الفوضى كما تتمظهر في التنافس و النزاع بين مختلف كتل رأس المال و مختلف البلدان الرأسمالي - الإمبرياليّة .
و " سلاسل التزويد " هذه لها أيضا بُعد له دلالته لظاهرة لاحظها ريموند لوتا ( في ورقته البحثيّة " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات " ).
يتميّز الإقتصاد الإمبريالي العالمي بوضع فيه سيرورة الإنتاج ( المنجزة بشكل متنامي في العالم الثالث ) و الإستهلاك النهائيّ للسلع ( المركّز في البلدان الإمبرياليّة الثريّة ) منفصلين بصفة متصاعدة عن بعضهما البعض . و هذا تعبير كبير عن الطفيليّة الإمبرياليّة المعاصرة اليوم .
و مع كلّ العذابات الفضيعة التي يتسبّب فيها هذا و كلّ الفوضى و التفكّك الذين يمكن أن يعنيهما ، لا وجود لخيار فعّال لسير سلاسل التزويد هذه – لا بديل فعّال في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و يبرز هذا بدرجة عالية مرّة أخرى لماذا نحتاج إلى نظام مختلف راديكاليّا – إنّه يجسّد موقفى الذى إقتطفت :
" إن حاول شخص أو قسم من المجتمع أن يُنتج خارج أنماط الإنتاج القائمة ، فإنّ ذلك الشخص أو تلك المجموعة إمّا ستمنى بالفشل و إمّا تقوم بثورة ."
و كما تطرّقت إلى ذلك في ردوديّ على الأسئلة السابقة التي طرحتها في هذا الحوار ، الحلّ الفّعال الوحيد لهذا هو وضع نهاية له – القيام بثورة تخلق بديلا للنظام الرأسمالي - الإمبريالي المهيمن حاليّا ، بديلا يكون فعّالا و مستداما لأنّه يسير على أساس القوى المنتجة الموجودة و رفع العراقيل أمام إستخدامها إستخداما عقلانيّا . فالمطلوب هو نظام إقتصادي جديد راديكاليّا كقاعدة لمجتمع جديد راديكاليّا في مجمله بعلاقات إجتماعيّة جديدة و بنية فوقيّة مغايرة جذريّا في السياسة و الإيديولوجيا بما في ذلك الأخلاق ، ما يتناسب مع هذا النظام الاقتصادي و يعزّزه . و النظام الاقتصادي الإشتراكي يقوم على ملكيّة إشتراكية و تخطيط إشتراكي و الإنتاج من أجلالإستخدام الإشتراكي و تحسين تلبية حاجيات الإنسانيّة ما وصفته ب " أساسا مواتى " لإنجاز تغييرات إجتماعيّة راديكاليّة في إتّجاه القضاء على الإضطهاد .
و بطبيعة الحال ، كما شدّدت على ذلك هنا و في عدد من الأعمال ، هذا التغيير الإشتراكي قبل كلّ شيء مسألة معقّدة و أحيانا يكون موضوع صراع شديد – يقتضى تعبأة الجماهير الشعبيّة في نضال واعى متنامي لتجاوز العراقيل و ليس أقلّها مقاومة القوى صلب البلد الإشتراكي نفسه بحثا عن دفع الأشياء خلفا إلى الطريقة القديمة للقيام بالأشياء بما يتناسب مع علاقات النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و هناك حاجة إلى التقدّم بالنضال الثوريّ و تغيير العالم ككلّ ، في تعارض مع الدول الرأسماليّة – الإمبرياليّة الباقية ( و غيرها من الرجعيّين ) ، و التأثير و القوّة الذين سيظلاّن يمارسونهم في عدّة أبعاد من العلاقات العالميّة و منها تلك التي تتعارض مع الدول الإشتراكيّة القائمة و تغييرها تغييرا ثوريّا بصفة مستمرّة .
و كتعبير له دلالته عن هذا ، طالما يتواصل وجود هذه الدول الرأسمالية- الإمبرياليّة ( و غيرها من الرجعيّين ) ، و خاصة حيث تظلّ مثل هذه الدول مهيمنة على العالم ككلّ ، فإنّ الدول الإشتراكيّة الناشئة ستضطرّ إلى تطوير افقتصاد و تغييره في هذا الإطار . و ضمن أشياء أخرى ، سيحتاج هذا إلى قدر معيّن من التجارة إلخ مع هذه البلدان الإمبرياليّة و الرجعيّة و هذا في حدّ ذاته سيعنى سيرورة من الصراع الشديد لبلوغ و الحفاظ على مثل هذا التفاعل الاقتصادي على قاعدة منسجمة مع و عمليّا تتقدّم بالتغيير الثوريّ صلب البلدان الإشتراكية نفسها و بأكثر جوهريّة في العالم ككلّ . و للتقدّم بهذه السيرورة كلّها في تناغم مع و على قاعدة ما وقع عرضه في " بعض المبادئ المفاتيح للتطوّر الإشتراكي المستدام " و في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " سيستدعى الخوض الجمعي بصفة واسعة و التجديد الخلاّق لرسم حلول و تجاوز صعوبات – و كلّ هذا يجب و يمكن أن يُطلق له العنان بالإطاحة بالنظام الرأسمالي- الإمبريالي و إرساء الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة .
و في هذا الصدد ، الآتي من كتابي " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة - خلاصة أساسيّة " يتحدّث عن بعض المبادئ الأساسيّة :
" ثمّة نقاش هام لهذا في " الشيوعية الجديدة " ، و كذلك في " العصافير و التماسيح " : كيف نعالج معالجة صحيحة هذا حتّى تتقدّم الثورة عبر مراحل ، داخل البلد الإشتراكي نفسه و في الإطار العالمي الأشمل - و عبر كلّ مرحلة من هذه السيرورة ، يرتفع عمليّا مستوى قوى الإنتاج و الوفرة النسبيّة ، بينما في الآن نفسه ، تضيق الإختلافات في صفوف الشعب إلى أقصى درجة ممكنة ، دون القفز فوق ما هو ممكن نظرا للقاعدة الماديّة المعطاة المتوفّرة وقتها . هذا تناقض حاد آخر ينبغي فهمه ، و قبل كلّ شيء ينبغي الإعتراف به ، ثمّ الإشتغال عليه بمقاربة علميّة ، ماديّة جدليّة ، بما فيها الإقرار بأنّنا نقوم بذلك في إطار لا يوجد فيه بلدنا الإشتراكي في جزيرة منفصلة و إنّما في عالم أشمل يتعيّن علينا التفاعل معه حتّى إقتصاديّا . لن نستطيع أن نكون مكتفين إقتصاديّا بصفة مطلقة ، حتّى و إن وجب علينا إستراتيجيّا أن نكون مكتفين ذاتيّا إقتصاديّا ، كبلد إشتراكي . " [ التشديد مضاف ]
و ماضيا نحو إختتام إجاباتي ، دعنى أشرح أكثر بإقتضاب المسألة العميقة و المعقّدة للعلاقة بين التطوّر و التغيير الإشتراكيّين صلب بلد إشتراكي خاص و التقدّم بالثورة عبر العالم بإتّجاه هدف الشيوعيّة . ثمّة أهمّية كبرى لإنشاء دول إشتراكيّة كرافعة لتغيير المجتمع تغييرا راديكاليّا و تحريريّا في كلّ بُعد من أبعاده – لكن أيضا و قبل كلّ شيء ، كقاعدة إرتكاز لمزيد تطوير و التقدّم بالثورة عالميّا صوب الهدف الأسمى للشيوعيّة . ثمّة إمكانيّة قطع خطوات جبّارة في التغيير الجذريّ للمجتمع على نحو تحريري بخلق دولة إشتراكية و تاليا مواصلة التقدّم على طريق الإشتراكية . لكن العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة التي ميّزت و هيمنت على التفاعلات الإنسانيّة لمئات السنوات في المجتمع الرأسمالي و آلاف السنوات بأشكال أخرى من المجتمع الإنساني – لا يمكن إلغاؤها نهائيّا ضمن حدود البلدان الإشتراكية بذاتها . فهذا يتطلّب التقدّم نحو الشيوعيّة على الصعيد العالمي .
قبل عدّة سنوات ( أو عمليّا الآن قبل عدّة عقود ) ، أثرت التالي في خطاب " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها " :
" بمعنى الحفاظ على السلطة و مزيد التقدّم على الطريق الإشتراكي – و ليس فقط من وجهة نظر دولة إشتراكيّة بل بالخصوص من وجهة نظر البروليتاريا العالميّة – المشكل أكثر بكثير ، هو وجود حدود كما قلت لمدى إمكانيّة المضيّ بعيدا في تغيير القاعدة و البنية الفوقيّة داخل البلد الإشتراكي دون إنجاز المزيد من الخطوات المتقدّمة في كسب و مزيد تغيير العالم ؛ ليس بمعنى كسب المزيد من الموارد والناس كما يفعل الإمبرياليّون ، بل بمعنى نجاز التغييرات الثوريّة ... "
و يشدّد هذا مرّد أخرى على أهمّية الأمميّة و الإعتراف بالحاجة إلى أن نبقي بإستمرار في أذهاننا ، كمبدأ مرشد وموضوعيّ: ليس فحسب الحاجة الإستعجاليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي- الإمبريالي القائم الذى هو سبب هكذا فضائع و عذابات غير ضروريّة لجماهير الإسنانيّة ، و يمثّل تهديدا متصاعدا لللإنسانيّة في وجودها ذاته ؛ ليس فقط التقدّم الكبير الذى يمثّله تعويض هذا النظام الذى فات أوانه تماما بنظام مختلف راديكاليّا ، نظام إشتراكي تحريريّ ؛ و إنّما أيضا بالحاجة إلى مواصلة التقدّم بإتّجاه الهدف الأسمى الشيوعيّة عبر العالم ، مع بلوغ " الكلّ الأربعة " و تحرير الإنسانيّة ككلّ من كافة الأنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، و في نهاية المطاف تجاوز النزاعات العدائيّة التي تفرزها تلك العلاقات .
على ضوء كلّ هذا ، يبدو من المناسب الإختتام بالآتي المتّصل بالقضايا التي ستتمكّن الإنسانيّة من معالجتها عن وعي إثر التحرّر من العوائق و تجاوز حدود العالم الراهن – الذى يهيمن عليه النظام الرأسمالي - الإمبريالي و تحرّكه الحروب و الغزوات و تعرقله العلاقات الاقتصادية و الإجتماعيّة الإستغلاليّة و الإضطهادية و يميّزه تقليص التفاعل الإنساني إلى علاقات سلعيّة – بكلّ الجنون و البؤس و الألم العقليّ الذى يعنيه بالنسبة إلى جماهير الإنسانيّة :
" اليوم من الممكن فقط أن نخمّن و أن نحلم بالتعبيرات التى ستتخذها التناقضات الإجتماعية فى المجتمع الشيوعي المستقبلي و كيف ستتمّ معالجتها . كيف ستجرى مقاربة مزج قوى الإنتاج المتقدّمة وهو أمر يتطلّب درجة هامّة من المركزية و اللامركزية و مبادرة محلّية ( مهما كانت ستعنيه كلمة " محلّية " حينها ) ؟ كيف ستجرى مقاربة تنشأة أجيال جديدة من البشر – وهي عمليّة تقع الآن بشكل متذرّر و عبر العلاقات الإضطهادية فى المجتمع – فى المجتمع الشيوعي ؟ كيف ستتمّ إعارة الإنتباه إلى تطوير مجالات خاصة من المجتمع ، أو إلى التركيز على مشاريع معيّنة دون جعلها " محميّة خاصة " لبعض الناس ؟ كيف ستتمّ معالجة التناقض لتمكين الناس منتحصيل مهارات و معرفة شاملين و فى نفس الوقت و تلبية الحاجة إلى بعض التخصّص ؟ وماذا عنالعلاقة بين مبادرات الناس الفرديّة و النشاطات الشخصيّة من جهة ، و مسؤوليّاتهم ومساهماتهم الإجتماعية من الجهة الأخرى ؟ يبدو أنّه سيكون الحال على الدوام أنّه بشأن أيّة مسألة خاصة ، أو جدال ، ستوجد مجموعة – و كقاعدة عامّة أقلّية فى البداية – ستمتلك فهما أصحّ و أكثر تقدّما ، لكن كيف سيستخدمهذا من أجل المصلحة العامّة و فى نفس الوقت يتمّ منع المجموعات من التصلّب لتمسي " مجموعات مصالح " ؟
كيف ستكون العلاقات بين مختلف المناطق و الجهات – بما أنّه لن توجد بعدُ بلدان – و كيف ستجرى معالجة التناقضات بين ما يمكن تسميته ب " المجتمعات المحلّية " و التجمّعات الأعلى ، صعودا إلى المستوى العالمي ؟ ما الذى سيعنيه بالملموس أنّ الناس حقّا مواطنو العالم ، خاصة بمعنى أين يقطنون ويعملون إلخ – هل س " يتداولون " التنقّل من منطقة إلى أخرى ؟ كيف ستجرى معالجة مسألة التنوّع اللغوي و الثقافي فى مقابل وحدة الإنسانية العالمية ؟ وهل سيقدر الناس فعلا ، حتى بكلّ فهمهم للتاريخ ، على الإعتقاد أنّ مجتمعا كالذى نحن سجناء فيه الآن قد وُجد عمليّا – فما بالك بأنّه جرى التصريح بأنّه مجتمع أبدي و أرقى ما إستطاعت الإنسانيّة بلوغه ؟ من جديد ، هذه المشاكل و غيرها كثير و كثير جدّا لا يمكن أن تكون اليوم سوى موضوع تخمين و حلم ؛ لكن حتّى طرح مثل هذه المسائل و محاولة تصوّر كيف يمكن أن تعالج – فى مجتمع حيث لم تعد توجد إنقسامات طبقيّة و لم يعد يوجد عداء إجتماعي و هيمنة سياسية – هو بذاته أمر محرّر بشكل هائل لأيّ إنسان ليست لديه مصلحة راسخة فى النظام الحالي . "
( " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، الفصل الثاني ، المقتطف 4 )
بالنسبة إلى الذين ليست لهم هكذا مصلحة شخصيّة ، هنا أساس حلم مؤسّس على العلم و ملهم – و أمل للإنسانيّة على أساس علميّ .

(16)
أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقيّ و ليست تكرارا للحرب العالميّة الثانية
بوب أفاكيان في 22 أفريل 2022 ، جرؤيدة " الثورة " عدد 748 ، 25 أفريل 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/ukraine-world-war-3-real-danger-not-repeat-world-war-2

يأتي هذا المقال لدعم و لمزيد شرح أهمّية النداء الصادر عن موقع أنترنت revcom.us لتنظيم مسيرات و مظاهرات في لوس أنجلاس و نيويورك في غرّة ماي 2022 رافعين الشعارات الحيويّة التالية :
لا لحرب الولايات المتّحدة / الناتو مع روسيا ! لا لحرب عالميّة ثالثة !
النظام و ليست الإنسانيّة هو الذى يحتاج أن نقضي عليه !
لا نقبل بمستقبلهم – حان وقت التنظّم من أجل ثورة فعليّة !
---------------------------
هناك حكمة تقول إنّ أوّل ضحايا الحرب هي الحقيقة . وهذا ما تُدلّل عليه بحدّة الحرب في أوكرانيا . كلا الطرفان - و ليست روسيا وحدها بل كذلك الولايات المتّحدة و " حلفائها " بمن فيهم حكومة أوكرانيا – ينخرطان في عمليّات تشويه مسعورة بخصوص هذه الحرب . و بالنسبة للناس في هذا البلد الإمبريالي ، من المهمّ بوجه خاص وعي و نقديّا تفحّص ما ينشره حكّام" نا " ( و المتحالفين معهم ) و مقارنة ما يقولونه مع الواقع الفعليّ .
الحقيقة هي أنّ ما يُمرّر على أنّه " أنباء " عن الحرب في أوكرانيا في وسائل الإعلام " السائدة " في الولايات المتّحدة ، في الواقع لا تعدو أن تكون هجوما دعاية كثيفة ينفّذه حكّام " نا " الإمبرياليّون يعجّ بالتشويهات الفجّة . و في مقالات أخرى ، تفحّصت عدّة تشويهات و أكاذيب تمثّل جزءا من هذا الهجوم الدعائي (1). و هنا سأتولّى الحديث عن بُعد خاص – و خطير بوجه خاص – من أبعاد ذلك : مفهوم أنّ الحاكم الروسي بوتن يُشبه هتلر و " إذا لم نقم بإيقافه الآن في أوكرانيا ، سرعان ما سيغزو بلدانا أخرى و منها بلدان تابعة لحلف الناتو ( NATO ) ( و بالطريقة نفسها التي غزى بها هتلر البلد تلو الآخر ما أدّى إلى الحرب العالميّة الثانية ). و قد ترافق هذا عادة بزعم أنّ بوتن لاعقلانيّ و أنّه من المرجّح أن يقوم بأي عمل جنونيّ تحقيقا لطموحاته الجنونيّة .
و تقول حجّة مرتبطة بذلك وهي غاية في الخطورة : " لا يجب أن نترك الخوف من حرب عالميّة ثالثة يمنعها من القيام باللازم لإلحاق الهزيمة ببوتن في أوكرانيا ، و لوضع نهاية لعدوانه و إلاّ ببساطة سنستسلم له في كلّ مرّة يقوم فيها بعدوان آخر أو يصدر فيها تهديدا عدوانيّا ".
و كان الردّ على هذه الحجج ، لو لم يكن الوضع جدّيا بشكل مميت ، سيكون بشكل مغري تكرار ببساطة هدف كلام نكتة أضحت شعبيّة في ستّينات القرن العشرين : " من تعنون بنون " نحن "أيّها الإمبرياليّون ؟ " ( النكتة الأصليّة كانت أن لون زنجر و تنتو ، " الهندي الأحمر المرافق له " كانا يقاتلان أعداء من الهنود الحمر و قال لو رنجر ، " يبدو أنّنا محاصرون، تنتو " – فردّ تنتو : " من تعنى بنون " نحن " ، أيّها الرجل البيض ؟ ! " ).
بديهيّا ، وضع اليوم مع الحرب في أوكرانيا ليس مزحة إلاّ أنّ المسألة هي أنّ مصالح الإمبرياليّين ، من الجانبين المنخرطين في هذه الحرب ، ليست متشابهة – و هي في الواقع في تعارض جوهريّ – مصالح الجمالهير الشعبيّة . و إعتبارا لكون التحدّيات و التبعات الممكنة عميقة للغاية و لكون المخاطر كبيرة جدّا – تشمل مستقبل الإنسانيّة ذاته و ما إذا كان للإنسانيّة مستقبل أم لا أصلا – من الضروري المضيّ نحو التعمّق في الأشياء و التوسّع فيها شيئا ما لتسليط الضوء على الواقع الفعليّ لما يحدث و ما هي أهداف القوى المتنازعة و أين تكمن مصالح جماهير الإنسانيّة في تعارض مع كلّ هذا .
التشويهات و المخاطر الحقيقيّة جدّا
و لاحقا في هذا المقال ، سأتحدّث عن الأهداف الفعليّة لبوتن و الإمبرياليّين الروس . لكن قبل ذلك ، من المهمّ تفحّص ما يقع القيام به من طرف إمبرياليّينا " الخاصّين " ( و " حلفائهم " من الناتو ) . و كنقطة توجّه أساسيّة غاية في الأهمّية في تقييم أقوال و أفعال هؤلاء الإمبرياليّين الأمريكان ، لا بدّ من أن نعي و أن نبقى في أذهاننا الواقع المحوريّ الآتي :
" قد سجّلت الولايات المتّحدة بدرجة بعيدة أرقاما قياسيّة في الغزوات و الإنقلابات و غير ذلك من الطرق العنيفة للتدخّل في شؤون بلدان أخرى . و قد واصلت إلى يومنا هذا مسؤوليّتها عن هذه الفظائع - على سبيل المثال ، في اليمن – وهي إلى درجة بعيدة أسوأ من تلك التي إقترفتها روسيا في أوكرانيا . ( و يتوفّر بموقع أنترنت revcom.usالكثير من الفضح و التحليل للجرائم الكبرى للإمبرياليّة الأمريكيّة ) " . (2)
بهذا كجزء هام من المشهد ، لنعد إلى الحجج ( المشار إليها أعلاه ) عن كيف أنّ بوتن يشبه هتلر و " لا يجب أن نترك الخوف من حرب عالميّة ثالثة يمنعها من القيام باللازم " لإيقافه الآن . لنقيّم هذه الحجج على محكّ الواقع الفعليّ . مظهر مفتاح من مظاهر الوضع هو وجود عالم اليوم ، التحالف العسكريّ العدواني القويّ ، الناتو ، الذى تترأّسه الولايات المتّحدة. و ذو أهمّية حيويّة : تملك كلّ من الولايات المتّحدة و روسيا آلاف الرؤوس النوويّة . و هذه العوامل لوحدها تعنى أنّ الوضع اليوم مختلف جدّا عنه عن الوضع الذى أدّى إلى الحرب العالميّة الثانية .
و الواقع هو أنّه لا دليل يدعم زعم أنّ بوتن يسعى إلى مهاجمة بلدان تابعة للناتو – ما " سيؤدّى " فورا إلى إنخراط الولايات المتّحدة بجيشها القويّ و المسلّح نوويّا . ( و هذه النقطة سأعود لها لاحقا في هذا المقال ).
كلّ من روسيا و الولايات المتّحدة / الناتو يحاولان بلوغ أهدافهما دون التورّط في مواجهة عسكريّة مباشرة مع المنافس الذى يملك أسلحة نوويّة ( لكونه لا يمكن إلحاق الهزيمة بسهولة أو بسرعة بروسيا ، يعتبر الإمبرياليّون الأمريكان عمليّا أنّه من مصلحتهم أن " يعيقوا و يطيلوا " الحرب في أوكرانيا لبعض الوقت بحيث تضعف روسيا و تتعزّز قوّة الناتو و الإمبرياليّة " الغربيّة " عامة . و قد خدم التزويد الضخم للولايات المتّحدة / الناتو لأوكرانيا بالأسلحة إلى حدّ الآن هدف إطالة أمد الحرب مساهما بدرجة لها دلالتها في إحباط تجسيد الأهداف الأوّليّة لروسيا . و طبعا ، إعاقة و إطالة الحرب يفرزان تأبيدا أو ينمّيان عذابات الشعب في أوكرانيا – لكن رغم إستغلال هذه العذابات في هجومهم الدعائيّ ، فإنّ أخذ الخسائر في المدنيّين بعين النظر ليس من أولويّات الحسابات المنافقة للإمبرياليّين . و يمكن رؤية هذا في المجازر الكبرى التي كانت الولايات المتّحدة مسؤوليّة عنها في الحروب عبر العالم قاطبة ، إلى الوقت الحاضر ، و قد عبّرت عن ذلك بسفور مادلين أولبرايت، سكرتيرة الدولة في إدارة بيل كلينتن فى تسعينات القرن العشرين ، التي أكّدت بوضوح أنّ قتل أكثر من مليون إنسان بمن فيهم 500 ألف طفل بفعل العقوبات الأمريكيّة ضد العراق ، كان " يستحقّ العناء " خدمة لمصالح الإمبرياليّين في الولايات المتّحدة ).
و مع ذلك ، بقطع النظر عن النوايا ، مثلما تبيّن ذلك مرارا و تكرارا ، يمكن للأحداث - خاصة ديناميكيّة الحرب نفسها ، بعد إنطلاقها – أن " تتجاوز النوايا " و تؤدّي إلى ظروف و تبعات لم يرغب فيها أيّ طرف من الطرفين المتحاربين و لم يتوقّعها في البداية . و في الوضع الراهن مع الحرب في أوكرانيا ، هناك خطر حقيقيّ جدّا هو إمكانيّة أن " تتجاوز " مثل هذه الديناميكيّة و أن تؤدّي إلى تبعات فظيعة حقّا – الإمكانيّة الحقيقيّة جدّا لحرب بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا، مع إستخدام الأسلحة النوويّة التي يمكن أن تمثّل تهديدا حقيقيّا جداّ للحضارة الإنسانيّة ككلّ .
بهذا الصدد ، من الهام أن نكون مدركين بشدّة للطريقة التي تكرّر بها وسائل الإعلام في هذه البلاد بلا هوادة الإتّهامات بجرائم حرب شنيعة تقترفها روسيا بأوكرانيا ، مصحوبة بصور و أرقام عن عذابات أفراد تعتمد كسند لهذه تهم و ل " جعلها حيّة " . بوضوح وسائل الإعلام هذه ليست مهتمّة بأيّ بحث حقيقيّ في ما يتعلّق بتلك التهم – ما إذا كانت صحيحة أم لا أو إلى أيّة درجة هي صحيحة ، أم هي ، من الجهة الأخرى ، تتضمّن بعض التشويه . ببساطة تقدّم هذه التهم على أنّها وقائع و على أنّها أساس التنديد بروسيا لإرتكابها جرائم حرب . و الآن لن يكون مفاجأ إذا تبيّن على الأقلّ أنّ العديد من هذه التهم صحيحة . لكن نظرا لسجلّ وسائل الإعلام في هذه البلاد و نشرها المتكرّر للأكاذيب لتبرير العدوان العسكريّ الأمريكي – على سيبل المثال بشأن العراق و الفيتنام قبل ذلك – في منتهى الأهمّية رفض " القبول دون تثبّت " بأيّ شيء تقوله وسائل الإعلام عن الحرب في أوكرانيا .
و هذا يصحّ بوجه خاص عندما ترفض وسائل الإعلام ذاتها وهي تصوّر بوتن و روسيا على أنّهما مسؤولان عن نوع من جرائم الحرب " غير المسبوقة " في أوكرانيا ، ترفض بثّ أو نشر و تقديم صورة حيّة عن التدمير الأسوأ بكثير و عن العذابات في اليمن الآن ، و الولايات المتّحدة تتحمّل مسؤوليّة كبرى في ذلك ، إلى جانب الدمار الكبير الذى تسبّبت فيه الولايات المتّحدة في العراق و أفغانستان في السنوات الحديثة و في قمّة ذلك كامل تاريخها من الغزوات و الإنقلابات و التدخّلات العنيفة الأخرى في بلدان أخرى . ( و بينما من المفهوم أن يشعر الناس الذين يطّلعون على العذابات الحقيقيّة جدّا للشعب في أوكرانيا بالتعاطف معه و يرغبون في القيام بشيء قد يساعف في التخفيف من وطأة تلك العذابات ، يجب أن يدرك الناس بأ،ّ تعاطفهم يتمّ التلاعب به بنفاق و يُدمج ضمن هجوم دعائيّ ضخم يستهدف جعل الناس في الولايات المتّحدة يساندون أهداف حكومتهم الإمبرياليّة في الحرب في أوكرانيا . و في الوت نفسه ، من الكاشف أنّه لا تنجز اّية حملة من هذا النوع لجعل الناس في هذه البلاد واعين على نطاق واسع لعذابات أكبر حتّى لأعداد هائلة من الأطفال في اليمن – و لا وجود لجهد يمكن مقارنته بذلك يبذل من طرف المؤسّسات المهيمنة في هذه البلاد للتشجيع على حملة مساعدات إنسانيّة للذين يتعذّبون عذابا فظيعا في اليمن – شيء يسلّط بلا شكّ ضوءا على الجرائم الشنيعة التي شاركت فيها بعمق الإمبرياليّة الأمريكيّة في اليمن ).
ما هو خطير بوجه خاص هو أنّه نتيجة هذا الهجوم الدعائيّ للولايات المتّحدة قد يُوجد وضع حيث الكثير من " الحسّ العام" ينشأ من أجل الإنخراط المباشر للولايات المتّحدة في الحرب في أوكرانيا ( ل " إيقاف الفظائع " التي تقترفها روسيا و منعها من " غنيمة " إقترافها مثل جرائم الحرب " غير المسبوقة " المزعومة ) ، و أن تصبح حكومة الولايات المتّحدة و " قائدها العام " بيدن " ضحايا هجومهم الدعائي الخاص " فيندفعون إلى التدخّل العسكريّ المباشر في أوكرانيا رغم إعلان نواياهم الأوّليّة و تصريحاتهم المتكرّرة بأنّهم لن يفعلوا ذلك .
و بعدُ يُفضى هذا النوع من المنطق " الفاسد " ببعض الممثّلين المؤثّرين للإمبرياليّة الأمريكيّة ، على غرار السيناتور الديمقراطي كريس كونس ، إلى المحاججة بانّه يمكن أن يأتي وقت ستحتاج فيه الولايات المتّحدة إلى المرور من تسليح أوكرانيا ضد روسيا إلى الإلتحاق عمليّا و مباشرة بالحرب .
و فضلا عن هذا ، ثمّة أصناف من الحجج التي ذكرتها في بداية هذا المقال – حجج مقارنة بوتن بهتلر والتأكيد على أنّ"نا" " لا يجب أن نترك الخوف من حرب عالميّة ثالثة يمنعها من القيام باللازم لإلحاق الهزيمة ببوتن " . مثل هذه الحجج كذلك تفاقم من إمكانيّة أن تنتهي الولايات المتّحدة / الناتو إلى المشاركة المباشرة في الحرب في أوكرانيا ما يُفضى إلى مواجهة مع روسيا يمكن أن تبلغ إستخدام القنابل النوويّة بتبعات شنيعة قد تمسح حتّى الحضارة الإنسانيّة من على وجه الأرض.
و هذا يؤكّد أكثر على لماذا من الأهميّة الحيويّة بالنسبة إلى الناس أن لا يقعوا في شراك الهجوم الدعائي الذى لا يتوقّف لإمبرياليّي" نا " و لوسائل إعلامهم ، بتقديمهم العالي التشويه و الوحيد الجانب للعدوان الروسيّ كنوع من جريمة حرب قصوى لا يمكن أن ينفّذها سوى " أوتوقراطي مجنون مثل بوتن " في حين أنّ الواقع دلّل و يدلّل على أنّ الولايات المتّحدة مدانة بجرائم حرب أشنع بكثير تاريخيّا و إلى يومنا هذا .
و يجدر بنا التذكير بأنّ الولايات المتّحدة هي البلد الوحيد الذى إستخدم عمليّا الأسلحة النوويّة – القنابل النوويّة التي ألقيت على مدينتين يابانيّتين هما هيروشيما و ناغازاكي مع نهاية الحرب العالميّة الثانية ، حارقة على الفور مئات آلاف المدنيّين و متسبّبة في عذابات مريرة لعديد الباقين على قيد الحياة من هجمات القنابل النوويّة ).
و يُجلى هذا بوضوح أكبر و يجعل من الإستعجالي أن ننبذ بصرامة الحجج المعتمدة أو التي ستستخدم ل" إعداد الأرضيّة " للإنخراط العسكري للولايات المتّحدة في أوكرانيا و يجب أن نفضح بشدّة الناس ( مثل السيناتور كونس ) الذين يقدّمون هكذا حجج و ندّد بهم أيضا بشدّة بإعتبارهم تجّار حرب " يساهمون مساهمة " خطيرة منتهى الخطورة في التدمير الممكن للإنسانيّة .
التحليل الحقيقيّ و العلميّ للحرب في أوكرانيا
كلّ هذا يدفعنا كذلك إلى التفكير في لماذا من الهام جدّا إمتلاك فهم حقيقيّ و علمي لما يحدث حقّا مع الحرب في أوكرانيا . ما الذى فعلته حكومة الولايات ، في ظلّ إدارة كلّ من الديمقراطيّين و الجمهوريّين ، عقب أن كفّ الإتّحاد السوفياتي و كتلته العسكريّة ، حلف فرسوفيا ، عن الوجود في بداية تسعينات القرن العشرين ؟...
" بداية من تسعينات القرن العشرين ، معترفين بانّ ما تبقّى بدلا من الإتّحاد السوفياتي هو روسيا ضعيفة ، إنتهز الإمبرياليّون الأمريكان كصعاليك حقيقيّين الفرصة لمزيد توسيع إمبراطوريّتهم – متراجعين عن " كلمتهم " أي وعدهم بعدم توسيع تحالفهم العسكري العدواني ( الناتو NATO ) إلى بلدان حلف فرسوفيا السابق . متجاهلين هذا الوعد ، تحرّك الإمبرياليّون الأمريكان ليُلحقوا بالناتو بلدانا قريبة من أو هي أحيانا عمليّا على حدود روسيا . و كجزء من كلّ هذا ، تدخّلت الولايات المتّحدة مرارا و تكرارا في أوكرانيا في العقود الأخيرة ، متآمرة للإطاحة بحكومات هناك كانت أكثر صداقة مع روسيا و لتعويضها بحكومات تميل إلى جانب الإمبرياليّة " الغربيّة " مثلما جدّ حديثا في 2014 .
و عنصر مفتاح في كلّ هذا لعب دورا له دلالته في قرار روسيا غزو أوكرانيا كان إعلان الحكومة الموالية للولايات المتّحدة في أوكرانيا أنّها ترغب في الإنضمام إلى حلف الناتو . و أوكرانيا بلد شاسع يقع تماما على حدود روسيا . و كما أشارت مقالات على موقع أنترنت revcom.us : فكّروا في ما سيعنيه و ما الذى سيفعله حكّام الولايات المتّحدة إن أعلنت حكومة المكسيك نيّتها الإنضمام إلى حلف عسكريّ على رأسه روسيا ! " (3)
و مثلما شدّدت أيضا في ذلك المقال :
" لا شيء من هذا " يبرّر " غزو روسيا لأوكرانيا . بيد أنّه ينزّل ألمر في إطاره الأوسع و يلقى عليه شيئا من الضوء . إنّه يسلّط الضوء على النوايا الحقيقيّة للإمبرياليّين الأمريكان في هذه الحرب . فالهدف و الغاية الأساسيّين للولايات المتّحدة من هذا ليس مساعدة بلد أضعف في الدفاع عن نفسه ضد معتدى أقوى ؛ و إنّما هو إضعاف منافس إمبريالي ، روسيا ( و كذلك الإضعاف الممكن للصين التي هي في علاقة تعاون مع روسيا في الوقت الحاضر ) لأجل توطيد الهيمنة الإمبرياليّة الأمريكيّة و تقوية الناتو ( خاصة بعد إضعاف الناتو جرّاء تحرّكات تترامب التي شدّدت من الخلافات بين الولايات المتّحدة و بلدان أخرى من حلف الناتو ).
تخوض الولايات المتّحدة الآن " حربا بالوكالة " مع روسيا – شانة حربا إقتصاديّة ( عن طريق " العقوبات " ) ضد روسيا بينما في الوقت نفسه تسلّح تسليحا ثقيلا أوكرانيا . " (4)
و متحدّثا عن جوهر ما هو معنيّ من طرف جانب الإمبرياليّين من جانبي هذا النزاع :
" شيء لا يمكن أن نبالغ في التشديد عليه – خاصة إعتبارا للأكاذيب و التشويهات في الهجوم الدعئي الذى لا يتوقّف من قبل الولايات المتّحدة و وسائل إعلامها – هو واقع أنّ المواجهة بين الولايات المتّحدة / الناتو من جهة و روسيا من الجهة الخرى ، ليس نزاعا بين " الديمقراطية و التيوقراطيّة " و إنّما هو نزاع بين متنافسين إمبرياليّين ( و كما أشرت إلى ذلك قبلا ، تركيا كعضو في النالتو هي ذاتها تحكمها حكومة " أوتوقراطيّة "- و الشيء نفسه صحيح بالنسبة لبولونيا وهي أيضا عضو في الناتو ) " (5)
الأهداف العمليّة لبوتن / الإمبرياليّة الروسيّة
كمقدّمة لهذه المسألة ، مسألة اهداف بوتن و كنقطة توجّه و منهج أساسيّين ن من المهمّ توضيح أنّي لا أزعم إمتلاك بعض الفهم المبنيّ على معلومات لما يمكن ل " الحالة الذهنيّة " لبوتن و ينطبق هذا كذلك على هؤلاء " المحلّلين " في وسائل إعلام الولايات المتّحدة الذين يزعمون إمتلاك مثل هذه المعرفة . لكن من الممكن تشخيص ما هي عمليّا أهمّ أهداف بوتن / الإمبرياليّين الروس في هذه الحرب في أوكرانيا .
و على ضوء ما تمّ الكلام عنه ، يمكن أن نشاهد أنّ جزءا – و هدفا حينيّا – لما يبحث عنه بوتن / الإمبرياليّون الروس في هذه الحرب في أوكرانيا هو وضع حدّ لتوسّع الناتو حول روسيا ( بخاصة عبر إدماج أوكرانيا في الناتو ) ، و للردّ على ما هو فعليّا " حصار " الناتو لروسيا ( و خاصّة الجزء الغربيّ من روسيا الذى يقطن به القسم الأكبر من السكاّن و توجد به مراكز الحكم ).
و أيضا إدّعت روسيا أنّ هدفها من هذه الحرب هو وضع نهاية للعسكرة و " توسّع الحركة النازيّة " في أوكرانيا ، وهو شيء يؤكّد بوتن أنّه تهديد لروسيا . و إدّعاءات العناصر النازيّة في أوكرانيا و حكومتها إعتبرتها سخيفة بصفة متكرّرة السياسيّون و وسائل الإعلام في الولايات المتّحدة و بلدان أخرى بما فيها الرسميّون الوكرانيّ,ن و ك " دحض " مفترض لهذا الإدّعاء ، ذكروا واقع أنّ فلوديمير زلنسكى وهو يترأّس الحكم في أوكرانيا هو ذاته يهوديّ – كما لو أنّ هذا " تفنيد آليّ" بصفة ما تهمة التأثير النازيّ في أوكرانيا . (6) لكن الوقائع هي الوقائع وهي عنيدة – و الواقع هو أنّ القوى النازيّة لعبت دورا له دلالته في تشكيل الأحداث الأخيرة في أوكرانيا ، و بعضهذه القوى النازيّة أُدمجت في مؤسّسات حكمها و خاصة في صفوف الجيش . و مع ذلك ، الهدف الأساسي للروس ليس " القضاء على ىالنازيّة " في أوكرانيا و ليس مجرّد حماية الموالين لروسيا ، خاصة بأوكرانيا الشرقيّة ، و إنّما مجدّدا هو التصدّى إلى " حصار " الناتو لروسيا – و أبعد من ذلك تحقيق المصالح الإمبرياليّة الروسيّة في العالم الأوسع ، في تعارض مع الموقع الهيمنيّ للإمبرياليّة الأمريكيّة . و مثلما أشار إلى ذلك ريموند لوتا في خطاب حديث له :
" الروس من جهتهم ، قد ساندوا لا سيما منذ 2014 ، فئات من الأوكرانيّين المتكلّمين لللغة الروسيّة لإحداث قطيعة و التحالف أو الإندماج مع روسيا . في 2016-2017 ، نشر الناتو بقيادة الولايات المتّحدة مجموعات قتاليّة ذات أسلحة متطوّرة في بولونيا و غيرها من بلدان البلطيق كأستونيا و ليتوانيا و لاتفيا التي تملك حدودا مع روسيا ( وهي قريبة جدّا من ثاني أكبر المدن الروسيّة ، سان يتسبورغ ). و في الثناء كانت أوكرانيا تتحرّك لتصبح أقرب فأقرب إلى الويلاات المتّحدة و تعلن بصوت عالى تصميمها على الإلتحاق بالحلف العسكري الناتو الذى تهيمن عليه الولايات المتّحدة . هذه هي الخلفيّة المباشرة لغزو روسيا لأوكرانيا أواخر شهر فيفري 2022 .
لا صلة للغزو الروسي بالقضاء على النازيّة في أوكرانيا كما يزعم يوتن فهذا الغزو يهدف إلى دفع المنافسة الروسيّة مع الولايات المتّحدة : بغرض التمكّن من مزيد التأثير و لإيجاد قطب روسيّا منافسا من أجل السلطة مركّزا في أوروبا و آسيا الوسطى و الشرق الأوسط . و من جهتها ، تسلّح الولايات المتّحدة أوكرانيا بهدف إضعاف روسيا و منعها من مزيد تعزيز قوّتها الإمبرياليّة و تمثيلها لتحدّيات إمبرياليّة أكبر للنظام العالمي الراهن الذى تهيمن عليه الولايات المتّحدة و الذى منه هي المستفيدة الأساسيّة . " (7)
هذا الضرب من الدوافع و الأهداف – الناجمة عن الطبيعة الأساسيّة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي و الضرورات التي يرتئيها قادة الدول الإمبرياليّة من الجانبين المتنازعين - و ليس بشكل لا معقول و ببساطة " الطموحات الجنونيّة إلى القوّة " لدي بوتن ( أو من الجهة الأخرى ، لدي بيدن و الإمبرياليّين الأمريكان الذين يمثّلأهم ) هي التي تحرّك الحرب في أوكرانيا وهي تمثّل هكذا مخاطر كبرى .
بهذا الصدد ، يستحجقّ الإشارة ما قام به – و ما لم يقم به – بوتن في العقود الماضية الأخيرة . بتدخّل عسكريّ في جورجيا ( التي تقع على الحدود مع روسيا ) ، و تاليا في القرم ( التي كانت جزءا من أوكرانيا غير أ،ّها كانت تحت سيطرة إحتلال القوّات الروسيّة منذ سنة 2014 و عمليّا جرى " إلحاقها " بروسيا ) ، و كذلك في النزاعات مثل تلك في سوريا ( حيث كانت الولايات المتّحدة و روسيا تدعمان كلّ منها جانب من الجانبين المتنازعين ) و الآن مع غزو أوكرانيا ككلّ ، تصرّف بوتن بطرق تهدف إلى تحقيق أهدافه بينما سعى إلى تجنّب المواجهة المباشرة مع الناتو . و يمكن قول إنّ يوتن تحرّك ضد أوكرانيا ، ضمن أسباب أخرى ، لأنّ أوكرانيا ليست جزءا من الناتو – قام بذلك قبل أن تلتحق بحلف الناتو و قصد منع حصول هذا الإلتحاق بالناتو .
و إن إنتظر بوتن إلى أن تصبح أوكرانيا عضوا في الناتو ( و مرّة أخرى، أعلنت أوكرانيا عن رغبتها في و نيّتها فعل ذلك) عندئذ كان الهجوم على أوكرانيا سيمرّ بالنزاع إلى مستوى آخر – وضع يتطلّب " قانونيّا " أن تتدخّل الولايات المتّحدة / الناتو " للدفاع " عسكريّا عن بلد تابع للناتو يتعرّض للهجوم . في هكذا وضع ، فشل الولايات المتّحدة / الناتو في الصدّ المباشر و شنّ هجوم عسكريّ على روسيا سيكون ، وفق حسابات منطق عصابات الصعاليك الإمبرياليّة ، " إستسلام للإبتزاز النوويّ" الذى يقف وراءه بوتن / روسيا – و حينها سيحرّك هذا " منطق " ، ديناميكيّة و زخم بإتّجاه " الإستسلام " المتكرّر – و كلّ هذا شيء لا يمكن للإمبرياليّين في الولايات المتّحدة و الناتو أن يسمحوا به . و مجدّدا ، النقطة البارزة و الهامة هنا هي أنّ أوكرانيا ليست جزءا من الناتو ، لهذا هجوم روسيا عليها لا " يدفع " ( آليّا أو بالضرورة ) نحو نزاع عسكريّ مباشر مع الولايات المتّحدة / الناتو .
و يردّ هذا بشكل ملحوظ على زعم أو تذمّر بعض قادة الإمبرياليّة الأمريكيّة باّن عدم التدخّل العسكمريّ المباشر في أوكرانيا سيسمح لبوتن بأنّ " يحدّد إطار " النزاع . و قد طُرح هذا الموضوع بوضوح جيم شيوتو وهو " مراسل ألمن الثوميّ" للسى أن أن خلال ندوة صحفيّة حيث تساءل أوّلا لماذا لم تسقط الولايات المتّحدة الطائرة التي قصفت مستشفى ولادات بأكرانيا و حطّمته . ثمّ لمّا قيل له إنّ هذا قد يُطلق حربا عالميّة ثالثة ، أكّد شيوتو : لكن ألا يسمح هذا لبوتن بأن يحدّد الإطار ؟ و الردّ على هذا هو في الواقع أنّه يرجّح أن تكون روسيا هي التي تحدّد الإطار أكثر من الولايات المتّحدة / الناتو في هذه الحرب لأنّ روسيا تخوض حربا مباشرة في أوكرانيا بينما الولايات المتّحدة قد اكّدت ( إلى حدّ الآن على الأقلّ ) أنّها ليست و لن تنخرط مباشرة عسكريّا في هذا النزاع لكن عوضا عن ذلك ستشارك بتزويد أوكرانيا بقدر كبير من الأسلحة ( و دعم بطرق أخرى ) ، فيما تشنّ حربا إقتصاديّة من خلال العقوبات ضد روسيا .
لكن عمليّا ما تعنيه هذه الحجّة ( التي يتقدّم بها شيوتو و غيره ) شيء أمكر و أخطر . إنّها حجّة على أنّه يجب على الولايات المتّحدة / الناتو أن ينخرطا مباشرة في الحرب عسكريّا . و بوجه خاص لمثل هذا الصنف – على ما يبدو أنّهم سكارى بشعور مصّاصي الدماء بالقوّة العسكريّة للولايات المتّحدة التي يفترضون أنّها لا تقهر وعلى ما يبدو إنّهم يتطلّعون بقلق عقب" إحباطات " أفغانسيتان و العراق ، إلى إبراز مجدّد لهذه القوّة التي يفترضون أنّها لا تقهر – خطّ المحاججة هذا ( من أجل الإنخراط العسكري المباشر للولايات المتّحدة / الناتو ) يشجّع عليه و " يحثّ عليه " ما يبدو أنّه ضعف في أداء الجيش الروسي في غزوه لأوكرانيا ( على ألقلّ إلى حدّ الآن ، قبل هجومه الكبير على شرق أوكرانيا و نتيجته غير واضحة في لحظة كتابة هذا المقال ).
ما الذى يتوجّب علينا القيام به – ما الذى يخدم مصالح الإنسانيّة
من كلّ هذا ينبغي أن يكون بديهيّا أّن مصالح الجماهير الشعبيّة في مختلف البلدان و مصالح الإنسانيّة ككلّ في تعارض جوهريّ مع مصالح الإمبرياليّين من طرفي النزاع . و بهذا الفهم في ذهننا ، ما الذى يتوجّب علينا القيام به ؟
بطبيعة الحال ، سيكون من مصالح الجماهير الشعبيّة في كلّ ركن من أركان الكوكب أن يتمّ إيقاف عمليّات الإمبرياليّين من طرفي هذه الحرب إيقافا فوريّا . إلاّ أنّ الواقع هو أنّنا – الجماهير الشعبيّة في البلدان المعنيّة و في العالم قاطبة – لا نحدّد و نستطيع أن نحدّد بمعنى مباشر و حيني ما ستفعله مختلاف الحكومات . و لأجل تحديد إتّجاه المجتمع ، نحتاج إلى ثورة للإطاحة بهؤلاء الإمبرياليّين الإضطهاديّين ( و غيرهم من الإضطهاديّين ) و إنشاء نظام مغايير راديكاليّا و تحريريّا. ما بوسعنا القيام به و ما نحتاج القيام به هو التحرّك لمعارضة عدوانهم العسكريّ ، على الأصعدة كافة ، بهدف المساهمة على هذا النحو في إيجاد وضع حيث يشعرون بانّهم مجبرون على التراجع عن مثل هذا العدوان ( بما في ذلك الإنخراط غير المباشر و المباشر أيضا في الحرب ) ، كما جدّ في الماضي بصفة بارزة بشأن الحرب في الفيتنام في سبعينات القرن العشرين إذ كانت المعارضة الجماهيريّة في صفوف عريضة في الولايات المتّحدة ( و غيرها من البلدان ) عاملا له دلالته في فرض التراجع على الولايات المتّحدة في الحرب الإمبرياليّة التي كانت تخوضها في الفيتنام .
و الناس في روسيا الذين تكلّموا بجسارة و بصوت عالى و تحرّكوا لمعارضة حرب بلدهم في أوكرانيا يجب أن يتلقّوا المساندة و يجب أن نشجّع أكثر هذا الصنف من المعارضة . لكن في الوقت نفسه ، يجب كذلك أن نعارض بصلابة التحرّكات المنافقة للإمبرياليّى الولايات المتّحدة ( و آخرين متحالفين معهم ) لإستخدام هذه المعارضة للعدوان الروسي لتعزيز و بناء مساندة للأهداف و التحرّكات الإمبرياليّة " الغربيّة " – هذا أيضا ينبغي أن نعارضه بصرامة .
و هنا ، من الهام التأكيد على نقاط التوجّه الأساسيّة التالية :
" طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد – التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة – إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . لذا ، مكرّسين هذا المبدأ الحيويّ، أيّة معارضة للغزو الروسي لأوكرانيا و بشكل خاص من طرف أناس في هذه البلاد الإمبرياليّة ، يجب أن تُرفق بموقف واضح جليّ و كذلك في معارضة دور الولايات المتّحدة في العالم بما في ذلك في الحروب التي تخوضها بإستمرار و غير ذلك من الطرق التي تتدخّل بواسطتها بعنف في شؤون البلدان الأخرى . " (8)
و فوق كلّ شيء ، في البلدان التابعة للناتو ( أو البلدان التي تقف بطرق أخرى إلى جانب الولايات المتّحدة ) يحتاج الناس بمن فيهم أولئك الذين يطلقون أصواتا عاليّة ضد و يعبّئون الجماهير لمعارضة العدوان الروسي في أوكرانيا ، يحتاجون إلى رفع أنظارهم و إلى إدراك و كذلك معارضة بنشاط الطرق التي بها تبحث الطبقات الحاكمة لبلدانهم الخاصّ عن تسيء إستخدام معارضة العدوان الروسيّ لميزد تحقيق أهدافها هي الرجعيّة .
و مجدّدا ، بالمعنى الجوهريّ، لأجل وضع نهاية للحروب التي يخوضها هؤلاء الإمبرياليّين ، إلى جانب جميع الجرائم الكبرى الأخرى ، لا بدّ من وضع نهاية لكامل نظامهم الذى يولّد بإستمرار مثل هذه الحروب و مثل هذا الدمار الرهيب و هذه العذابات الهائلة – الحروب التي يمكن أن تمثّل تهديدا للإنسانيّة في وجودها ذاته ( إلى جالنب مواصلة و التسريع في تحطيم البيئة و هؤلاء الإمبرياليّين هم المسؤولون عن ذلك في المصاف الأوّل ).
بالتأكيد ، درس حيويّ على الناس تعلّمه من الحرب في أوكرانيا هو أنّه ليس بوسع الإنسانيّة بعدُ أن تسمح لهؤلاء الإمبرياليّين، على أيّ جانب كانوا ، بمواصلة التحكّم في العالم و القتال حول من سيكون المهيمن في هكذا وضع مع التهديد الحقيقي جدّا و المرير بالنسبة لمستقب الإنسانيّة و وجو دها ذاته .
في ضوء ما تقدّم ، التالى مناسب و هام غاية الأهمّية :
" مثلما حلّلت بإسهاب في " شيء فظيع أم شيء تحرّري حقّا " مع ما يحدث في العالم اليوم ، و مع كلّ المخاطر و الصعوبات المعنيّة ، هذا زمن من الأزمنة النادرة حيث تصبح الثورة في هذا البلد الإمبريالي ذاته ممكنة أكثر – و هي ضروريّة بصفة أكثر إستعجاليّة . " (9)
و كلّ هذا يشدّد مرّة أخرى على الأهمّية الكبرى للشعارات المرفوعة على موقع أنترنت revcom.us و المسيرات المنادى إليها في نيويورك و لوس أنجلاس في غرّة ماي و شعراتها المحوريّة هي :
لا لحرب الولايات المتّحدة / الناتو مع روسيا ! لا لحرب عالميّة ثالثة !
النظام و ليست الإنسانيّة هو الذى يحتاج أن نقضي عليه !
لا نقبل بمستقبلهم – حان وقت التنظّم من أجل ثورة فعليّة !
هوامش المقال :
1. See, for example, “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism” and “Sean Penn’s Delirious Madness and the Danger of Nuclear War.” These articles by Bob Avakian are available at revcom.us.
2. “Sean Penn’s Delirious Madness and the Danger of Nuclear War.”
3. “‘Legit Gangsters’—Gangsters With Nuclear Weapons (Longer Version—The Fuller Picture).” This article is available at revcom.us.
4. “‘Legit Gangsters’—Gangsters With Nuclear Weapons (Longer Version—The Fuller Picture).”
5. “Sean Penn’s Delirious Madness and the Danger of Nuclear War.”
6. Observation by the author: The argument that, because Zelensky is Jewish, there could not be any real´-or-significant NAZI involvement in Ukraine and its government, is itself contrary to logic, as well as fact. To provide a relevant analogy: For a number of years, within recent decades, the head of the government in Pakistan was a woman, Benazir Bhutto. Yet Pakistan was then, and has remained, one of the most blatantly patriarchal countries in the world, marked by the horrific oppression of women. Whether a country embodies the horrific oppression of women—or is marked by significant involvement of NAZIs—is not determined by who happens to be the head of government of that country but by the reality of whether, in fact, the country embodies horrific oppression of women,´-or-is marked by the significant involvement of NAZIs. Once blinders are removed, this understanding is, as Sherlock Holmes would say, elementary.
7. See “Piercing the Lies, Digging Beneath the Surface, The Larger Dynamics of the World Imperialist System Driving the War in Ukraine... And a Lesson from When There Was a Genuinely Socialist Soviet -union-.” This talk by Raymond Lotta was given at an emergency forum on Ukraine on March 4 at Revolution Books in New York City, where Andy Zee, the host of the YouTube RNL—Revolution, Nothing Less!—Show also gave a talk (“War in Ukraine: What is happening?… Why is it happening?… Where do the interests of humanity lie?... AND WHAT DOES THAT HAVE TO DO WITH THE REVOLUTION HUMANITY SO URGENTLY NEEDS?”). The texts of these talks are available at revcom.us.
8. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.” This article is also available at revcom.us.
9. This is from “‘Legit Gangsters’—Gangsters With Nuclear Weapons (Longer Version—The Fuller Picture).” What is quoted here is from the major work by Bob Avakian, Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating, Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, which is also available at revcom.us.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(17)
" عصابة صعاليك شرعيّين " ، صعاليك يملكون أسلحة نوويّة
بوب أفاكيان ، 19 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 748 ، 25 أفريل 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/legit-gangsters-gangsters-nuclear-weapons

الأحداث الجارية اليوم و بالخصوص الأحداث المتّصلة بالحرب في أوكرانيا تعيد إلى ذاكرتى صديق من أصدقائي من الأيّام الخوالى ، إسمه بيلى كار . سقط بيلي في شراك " الحياة " و إنتهى إلى التعرّض للقتل نتيجة ذلك وهو في سنواته العشرين. إلاّ أنّه كان صاحب فكر وقّاد و في مناسبة من المناسبات التي كنت فيها بصحبته و كنت أصف ما يفعله الإمبرياليّون حكّام هذه البلاد ، ليس إلى الشعب هنا فحسب و إنّما عبر العالم قاطبة ، إلتقط شيئا أساسيّا مباشرة حول الموضوع إيّاه فقال معلّقا " عصابة صعاليك شرعيّين " .
و اليوم نستمع إلى بيدن و " صعاليك شرعيّين " آخرين يحكمون هذه البلاد و وسائل الإعلام الناطقة بإسمهم يكرّرون بإستمرار معزوفة أنّ بوتين " مجرم حرب " إعتبارا للدمار و المجزرة الذين تتسبّب فيهما روسيا في أوكرانيا . و يشبه هذا الرئيس الأكبر للغوغاء ( أو رئيس كارتل إجرامي يندّد بشكل واثق بنفسه بجرائم صعلوك عصابة منافسة وإن كان أقلّ قوّة.
علينا أن لا ننسى : الولايات المتّحدة بلد تأسّس على العبوديّة و الإبادة الجماعيّة وقد سجّل بدرجة بعيدة أرقاما قياسيّة في الغزوات و الإنقلابات و غير ذلك من الطرق العنيفة للتدخّل في شؤون بلدان أخرى لا تعجبه حكوماتها – قاتلة أعدادا هائلة من الناس في خضمّ ذلك ، أبعد بكثير ممّا فعلته روسيا في أوكرانيا . ( و يتوفّر بموقع أنترنت revcom.usالكثير من الفضح و التحليل للجرائم الكبرى للإمبرياليّة الأمريكيّة ).
دور الإمبرياليّة الأمريكيّة الذى أدّى إلى هذه الحرب في أوكرانيا
لنلقى نظرة على دور الولايات المتّحدة في ألحداث التي أدّت إلى هذه الحرب في أوكرانيا . ما الذى فعلته حكومة الولايات المتّحدة في ظلّ إدارة كلّ من الديمقراطيّين و الجمهوريّين عقب إنهيار الإتّحاد السوفياتي و كتلته العسكريّة ، حلف فرسوفيا في بداية تسعينات القرن العشرين ؟ بسذاجة أمل بعض الناس أنّه بإنهيار الإتحاد السوفياتي ستُفضى إلى " نهاية الحرب الباردة " و إلى " حصّة سلام " – إنعطاف في الحكم ينأى بالبلاد عن الميزانيّة العسكريّة الضخمة من أجل تمويل تلبية حاجيات الشعب ، و بالأخصّ المحتاجين أكثر من غيرهم . إلاّ أنّه نظرا لذات طبيعة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، مثل " حصّة السلام " هذه لم تحصل أبدا واصلت المصاريف العسكريّة لهذه البلاد – لفرض الحفاظ على إمبراطوريّتها و توسيعها – في الإرتفاع وهي اليوم تقدّر بميزانيّة أكبر بكثير من الميزانيّات العسكريّة لروسيا و الصين معا .
و بداية من تسعينات القرن العشرين ، معترفين بانّ ما تبقّى بدلا من الإتّحاد السوفياتي هو روسيا ضعيفة ، إنتهز الإمبرياليّون الأمريكان كصعاليك حقيقيّين الفرصة لمزيد توسيع إمبراطوريّتهم – متراجعين عن " كلمتهم " أي وعدهم بعدم توسيع تحالفهم العسكري العدواني ( الناتو NATO ) إلى بلدان حلف فرسوفيا السابق . متجاهلين هذا الوعد ، تحرّك الإمبرياليّون الأمريكان ليُلحقوا بالناتو بلدانا قريبة من أو هي أحيانا عمليّا على حدود روسيا . و كجزء من كلّ هذا ، تدخّلت الولايات المتّحدة مرارا و تكرارا في أوكرانيا في العقود الأخيرة ، متآمرة للإطاحة بحكومات هناك كانت أكثر صداقة مع روسيا و لتعويضها بحكومات تميل إلى جانب الإمبرياليّة " الغربيّة " مثلما جدّ حديثا في 2014 .
و عنصر مفتاح في كلّ هذا لعب دورا له دلالته في قرار روسيا غزو أوكرانيا كان إعلان الحكومة الموالية للولايات المتّحدة في أوكرانيا أنّها ترغب في الإنضمام إلى حلف الناتو . و أوكرانيا بلد شاسع يقع تماما على حدود روسيا . و كما أشارت مقالات على موقع أنترنت revcom.us : فكّروا في ما سيعنيه و ما الذى سيفعله حكّام الولايات المتّحدة إن أعلنت حكومة المكسيك نيّتها الإنضمام إلى حلف عسكريّ على رأسه روسيا !
و كلّ هذا ، من جهة الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ، دفعت إليه طموحاته الكبرى جدّا للتحوّل و البقاء كقوّة إمبرياليّة عظمى " غير قابلة للتحدّى " .
و مع مختلف التحدّيات التي تمثّلها روسيا و الصين لهيمنة الولايات المتّحدة ، حجّة الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة و الذين يردّدون كالببّغاء تبريراتها الشوفينيّة الأمريكيّة تتقوّم في لا شيء أكثر من الآتى ذكره : " لقد ركّزنا بالقوّة و العنف الكبيرين " نظاما " في العالم مناسب لمصالحنا " القوميّة " ( أي الإمبرياليّة ) و لا حقّ لأحد في إستخدام القوّة لتغيير ذلك على نحو يهدّد هذه المصالح " (1) .
أهداف الولايات المتّحدة الحقيقيّة في هذه الحرب
لا شيء من هذا " يبرّر " غزو روسيا لأوكرانيا . بيد أنّه ينزّل ألمر في إطاره الأوسع و يلقى عليه شيئا من الضوء . إنّه يسلّط الضوء على النوايا الحقيقيّة للإمبرياليّين الأمريكان في هذه الحرب . فالهدف و الغاية الأساسيّين للولايات المتّحدة من هذا ليس مساعدة بلد أضعف في الدفاع عن نفسه ضد معتدى أقوى ؛ و إنّما هو إضعاف منافس إمبريالي ، روسيا ( و كذلك الإضعاف الممكن للصين التي هي في علاقة تعاون مع روسيا في الوقت الحاضر ) لأجل توطيد الهيمنة الإمبرياليّة الأمريكيّة و تقوية الناتو ( خاصة بعد إضعاف الناتو جرّاء تحرّكات تترامب التي شدّدت من الخلافات بين الولايات المتّحدة و بلدان أخرى من حلف الناتو ).
تخوض الولايات المتّحدة الآن " حربا بالوكالة " مع روسيا – شانة حربا إقتصاديّة ( عن طريق " العقوبات " ) ضد روسيا بينما في الوقت نفسه تسلّح تسليحا ثقيلا أوكرانيا . و ينطوى هذا على خطر جدّي لإنزلاق الأمور نحو حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو من جهة و روسيا من الجهة الأخرى – حرب يمكن أن تدفع ديناميكيّة لن يقدر أيّ طرف من الطرفين التحكّم فيها ما قد يؤدّى بصفة محتملة جدّا إلى حرب نوويّة مدمّلارة قد تضع نهاية للحضارة الإنسانيّة بأكملها .
بإختصار ، ما يحدث بشأن أوكرانيا ليس نوعا من الحرب المقدّسة ل " الديمقراطيّة مقابل الأوتوقراطيّة " كما يزعم بيدن و البقيّة بشكل مستمرّ . هدف الإمبرياليّين الأمريكان ، في علاقة بهذه الحرب و عامة هو تعزيز و توسيع إمبراطوريّة إستغلالهم و الردّ على تحدّيات هيمنتهم .


وضع نهاية للإمبرياليّة و " صعلكتها "
دوافع الولايات المتّحدة / الناتو و كذلك روسيا ، دوافع صعلكة إلى حدّ كبير جدّا – صعاليك يدّعون " الشرعيّة " لأنّهم يتراّسون حكومات و حكّام بلدان . لكن هؤلاء الصعاليك ليسوا في صراع ببسشاطة بخصوص عشب في المدينة -" العشب" الذى يتصارعون بشأنه هو العالم بأسره . و هؤلاء الصعاليك الذين يتحكّمون في ذخيرة دمار شامل بما فيها أسلحة نوويّة قادرة على إبادة الإنسانيّة كلّها .
يرتكب هؤلاء " الصعاليك الشرعيّين " جرائما وحشيّة على نطاق واسع ، أبعد بكثير من ما يمكن حتّى أن يُفكّر في إرتكابه شخص مثل دون كرليون ، رئيس الغوغاء في شريط " العرّاب " . و مثلما قات في " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " : " هؤلاء الإمبرياليّين يجعلون من العرّاب يبدو مثل مارى بوبنس " (2)
خلاصة القول :
الإمبرياليّة تعنى إحتكارات ضخمة و مؤسّسات ماليّة ضخمة تتحكّم في الإقتصاد و الأنظمة السياسيّة – و حياة الناس – ليس في بلد واحد فحسب بل عبر العالم . و أفمبرياليّة تعنى مستغِلّين طفيليّين يضطهدون مئات ملايين البشر و يحكمون عليهم بالبؤس الشقاء اللذان لا يوصفان . و مموّلين طفيليّين يمكن أن يتسبّبوا في جوع الملايين بمجرّد الدوس على زرّ حاسوب و بالتالى يحوّلون قدرا كبيرا من الثروة من مكان إلى آخر . و تعنى الإمبرياليّة الحرب – حرب للإطاحة بمقاومة و تمرّد المضطهَدين و حرب بين الدول الإمبرياليّة المتنازعة – و تعنى أيضا أنّه بوسع قادة هذه الدول أن يحكموا على الإنسانيّة بتدمير لا يصدّق و ربّما بالفناء الكامل بمجرّد دوس على زرّ .
الإمبرياليّة هي الرأسماليّة في مرحلة تتفاقم فيها تناقضاتها الأساسيّة لتبلغ مستويات إنفجار هائلة . بيد أنّ الإمبرياليّة تعنى إلى جانب ذلك أنّه ستوجد ثورة – نهوض المضطهَدين للإطاحة بمستغِلّيهم و مضطهِدِيهم – و أنّ هذه الثورة ستكون نضالا عالميّا في سبيل كنس الوحش الإمبرياليّ . (3)
و مثلما حلّلت بإسهاب في " شيء فظيع أم شيء تحرّري حقّا " مع ما يحدث في العالم اليوم ، و مع كلّ المخاطر و الصعوبات المعنيّة ، هذا زمن من الأزمنة النادرة حيث تصبح الثورة في هذا البلد الإمبريالي ذاته ممكنة أكثر – و هي ضروريّة بصفة أكثر إستعجاليّة . (4)
ما نحتاج إليه هو تغيير راديكالي حيث تحدّد الثورة و ليس الصعلكة النسق و الإطار و ليس بناحية من النواحي أو حيّ من الأحياء بل في هذه البلاد عامة و في نهاية المطاف في العالم كلّه .
هوامش المقال :
1. This point was also made in the article by Bob Avakian “Shameless American Chauvinism: ‘Anti- Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.” This article is also available at revcom.us.
2. See BAsics, from the talks and writings of Bob Avakian, Chapter 1, #7. Information for ordering the -print- edition of BAsics, and instructions for downloading the free e-book version, can be found at revcom.us.
3. BAsics 1:6.
4. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution. This major work by Bob Avakian is available at revcom.us.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(18)
الجنون الهستيري لشين بان و خطر حرب نوويّة
بوب أفاكيان 22 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 748 ، 25 أفريل 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/sean-penns-delirious-madness-and-danger-nuclear-war

شين بان ممثّل أحرز جائزة اكاديميّة وهو كذلك معروف بفكره الإنسانيّ . لكن في إطار الحرب في أوكرانيا ، يبدو أنّه قد فقد مداركه العقليّة و ذهب إلى مكان سيّء للغاية – متدحرجا نحو ما لا يمكن وصفه إلاّ بالجنون الخطير – محاججا بعدوانيّة من أجل مزيد العدوانية من طرف الولايات المتّحدة في الحرب في أوكرانيا . و قد تميّز بان أيضا بعبادته الجنونيّة لفلوديمير زلنسكي ، رئيس أوكرانيا الذى تصرّف بطريقة في حدّ ذاتها تفاقم من المخاطر الكبيرة جدّا التي تواجهها الإنسانيّة .
و ردّا على غزو روسيا غير العادل لأوكرانيا ، لم يسع زلنسكي إلى توحيد الجماهير في ذلك البلد لمقاومة العدوان الروسي بل تخطّى ذلك و أصدر مواقفا غير مسؤولة بدرجة عالية و مطالبا في منتهى التهوّر . فعلى سبيل المثال ، زعم زلنسكي أنّ ما قام به الروس في أوكرانيا يمثّل أسوا الفظاعات الجماعيّة ( " أكبر جرائم حرب شناعة " ) منذ الحرب العالميّة الثانية. و هذا موقف سخيف و خاطئ بصورة لا تصدّق . إنّه يتجاهل تماما الجرائم الأشنع بكثير التي إرتكبتها الولايات المتّحدة - في الفيتنام و أندونيسيا و كوريا قبل ذلك و في عدّة بلدان أخرى - بالذات منذ الحرب العالميّة الثانية .
و مثل هذه المزاعم الخاطئة التي أطلقها زلنسكي تخدم العمليّات الخطيرة جدّا التي ينفّذها . و بالنسبة لزلنسكي ليس كافيا أن توفّر الولايات المتحدة و بلدان الناتو تسليحا كبيرا لأوكرانيا . فقد شدّد على أنّه عليهم أن يتدخّلوا مباشرة في الحرب بإعلان، مثلا، " منطقة ممنوعة من الطيران " فوق أوكرانيا . حسنا ، ما هي النتيجة الممكنة لتلبية مطالب زلنسكي هذه؟
الحقيقة الدامغة هي التالية :
إذا تحقّق مراد زلنسكي ، ستُشنّ حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو من جهة و روسيا من الجهة الأخرى . و قد تتصاعد تلك الحرب بسهولة لتبلغ إستخدام الأسلحة النوويّة وستمثّل تهديدا مريدا للإنسانيّة ككلّ في وجودها ذاته.
و شين بان عينه قد دعا إلى عمليّات عسكريّة تقوم بها الولايات المتّحدة / الناتو ما سيصعّد من خطر حرب مباشرة مع روسيا – و هذا مجدّدا سيضاعف بقدر كبير خطر حرب نوويّة .
و بصفة خاصة ، نظرا للطبيعة الجدّية بشكل مميت لهذا الوضع ، يجدر بنا أن ننظر في ما يمكن أن يُفضي إليه طريق سقوط بان إلى هذا الجنون الخطير – بما أنّه يمكن أن يتضمّن دروسا أشمل و أعمق .
شوفينيّة وقحة خدمة لأمريكا و جيشها المجرم
شأنها شأن مقاربات الكثير من الآخرين في هذه البلاد الذين يودّون التفكير في أنّهم مستنيرين ، مقاربة شين بان للحرب في أوكرانيا مُشبعَة بأصناف من الشوفينيّة الأمريكيّة . و هذا يعنى التجاهل (أو التبرير) اللاعقلاني لهذه الحقيقة الأساسيّة :
قد سجّلت الولايات المتّحدة بدرجة بعيدة أرقاما قياسيّة في الغزوات و الإنقلابات و غير ذلك من الطرق العنيفة للتدخّل في شؤون بلدان أخرى . و قد واصلت إلى يومنا هذا مسؤوليّتها عن هذه الفظائع - على سبيل المثال ، في اليمن – وهي إلى درجة بعيدة أسوأ من تلك التي إقترفتها روسيا في أوكرانيا . ( و يتوفّر بموقع أنترنت revcom.usالكثير من الفضح و التحليل للجرائم الكبرى للإمبرياليّة الأمريكيّة ) .
و يبدو أنّ الصعوبات التي عرفتها روسيا على القلّ في المرحلة الأولى من الحرب في أوكرانيا قد أفرزت زادت في إنتشار الشوفينيّة الأمريكيّة لدي بعض الناس ( على غرار شين بان و الموسيقي و الممثّل " ستيفن الصغير " ، فان زاندت ، الذى دعا الولايات المتّحدة إلى قذف الأهداف الروسيّة في أوكرانيا بالقنابل ) كما أسكرهم بفهم أنّ الدخول في حرب مباشرة مع روسيا بصورة ما " لن يمثّل ذلك مشكلا كبيرا " . قد تؤدّى هذه الحرب إلى تبادل الهجمات بالقنابل النوويّة المدمّرة بما يهدّد في الإنسانيّة في وجودها .
و في حال بان ، هناك بعدٌ خاص يمكن أن يساعد في تفسير إنحداره إلى هذا الجنون الخطير .
و مثلما أشرت إلى ذلك في مقال سابق :
" غداة زلزال مدمّر في هايتي في جانفي 2010 ، كرّس بان نفسه لفترة طويلة لجهود مساعدة ذلك البلد . و ذلك مأخوذ لوحده سيكون مصدر للإعجاب. لكن منطلقا من تعاونه مع جيش الولايات المتحدة في علاقة بجهود المساعدة تلك ، شوّه بان تماما الصورة و حجب الطبيعة و الأعمال العامة و الأساسيّة للجيش الأمريكي ، و مضى بعيدا إلى حدّ تعظيم هذا الجيش الذى لطبيعته ذاتها و في إنسجام مع النظام الذى يخدمه و يبحث عن فرضه ، كان و لا يزال مسؤولا عن أبشع جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانيّة . " (1)
المعنيّ هنا – و هو درس هام للغاية – ليس مجرّد أو ليس أساسا مسألة أوهام فرديّة خاصة و إنّما هو مثال للمسار الفظيع الذى يمكن أن يسقط فيه " تجميل " الجيش الأمريكي المجرم و الترويج له ليتحوّل إلى دعم و عدم مسؤوليّة شديدي التهوّر و إلى إًدار نداءات قد تفضى في الواقع إلى حرب عالميّة ثالثة بنتائج كارثية محتملة .
مصالح الإمبرياليّين ليست مصالح" نا "
و حتّى و لو تركنا جانبا الحطر الحقيقيّ جدّا و النتائج الرهيبة لحرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو من جهة و روسيا من الجهة الأخرى ، سيبدو أيضا أنّ تعظيما عنيدا و متزمّتا تماما للجيش اللإمبريالي لهذه البلاد جعل من الأيسر على بان أن يتجاهل ( أو حتّى أن يخفق في الإعتراف ب ) ما يقوم به " بلده الخاص " عمليّا في الحرب في أوكرانيا . إنّ دافع الولايات المتّحدة من دعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا ليست مساعدة بلد أضعف في الدفاع عن نفسه ضد معتدى أقوى ( مرّة أخرى الولايات المتحّدة نفسها بدرجة أبعد من أيّ كان تملك سجلّ غزو و خوض حرب ضد بلدان أضعف عبر تاريخها بما في ذلك الحروب في السنوات الأخيرة في العراق و أفغانستان ) . و الولايات المتّحدة و " حلفاؤها " يسلّحون على نطاق واسع أوكرانيا من أجل إستخدام أوكرانيا كأداة لتوسيع مصالحهم الإمبرياليّة الخاصة – إضعاف روسيا ( و المتحالفين معها ) ، بينما يتمّ تعزيز التحالف الإمبريالي " الغربيّ " ( الناتو) برئاسة الولايات المتّحدة الذى هو وسيلة للعدوان العسكريّ .
و حقيقة أخرى لا يمكن المبالغة في التشديد عليها عدّة مرّات هي التالية :
" الآن مع التحدّيين الروسي و الصينيّ من أصناف متباينة لهيمنة الولايات المتّحدة على العالم ، حجّة الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة و الذين يردّدون كالببّغاء محاججاتها الشوفينيّة الأمريكيّة ، تساوى أساسا لا شيء أكثر من هذا : " لقد ركّزنا بالقوّة و العنف الكبيرين " نظاما " عالميّا مناسبا لمصالحنا " القوميّة " ( أي الإمبرياليّة ) و لا يحقّ لأيّ كان إستعمال القوّة لتغيير هذا النظام العالمي بما يهدّد هذه المصالح ." (2)
و كما شدّدت على ذلك قبلا :
" ما يتعيّن علينا الدعوة إليه و بشكل ملحّ الآن ، هو معارضة كلّ المجرمين الإمبرياليّين و قتلة الجماهير الشعبيّة و كلّ الأنظمة و العلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة بينما نشدّد تشديدا خاصا على معارضة مضطهِدينا " الخاصّين " الإمبرياليّين الذين يرتكبون جرائما وحشيّة " بإسمنا " و يبحثون عن توحيدنا لدعمهم على أساس الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة التي ينبغي علينا أن نلفظها نبذا صارما و أن نناضل ضدّها نضالا شرسا . " (3)
----------------------------------------------

هوامش المقال :
1. “Sean Penn, COVID-19 And Mass Murderers, Penn’s Myopia Is Malignant.” This article is available at revcom.us.
2. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.” This article is also available at revcom.us.
3. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.”
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(19)
الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة
بوب أفاكيان 28 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 748
https://revcom.us/en/bob_avakian/world-war-3-and-dangerous-idiocy

في عدد من كتاباتيّ الحديثة ، خاصة في مقال هام حديث ( أوكرانيا : الحرب العالميّة الثالثة – خطر حقيقيّ و لن تكون تكرارا للحرب العالمية الثانية " ) ، تكلّمت عن الأكاذيب و التشويهات المتّصلين بالحرب في أوكرانيا – و بالخصوص منها تلك التي تخدم أهداف حكّام هذا البلد الإمبريالي في الحرب في أوكرانيا – و كيف أنّ هذه الأكاذيب و التشويهات تساهم في تشديد خطر حرب عالميّة ثالثة ، شاملة مواجهة عسكريّة مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا و من المحتمل إستخدام أسلحة نوويّة في هكذا مواجهة بنتائج مدمّرة كامنة و بحتّى إمكانيّةى حقيقيّة لتدمير الحضارة الإنسانيّة. (1)
و هنا لن أحاول تكرار كلّ ما قيل في ذلك المقال بمعنى التحليل الهام و المفصّل جدّا لما يجرى عمليّا في تلك الحرب في أوكرانيا و أهداف الإمبرياليّين من الطرفين المتعارضين و الأخطار الجدّية جدّا التي ينطوى عليها ذلك و حاجة الجماهير الشعبيّة في جميع أنحاء العالم إلى التحرّك من أجل مصالحها الخاصة ، في تناقض مع مصالح الإمبرياليّين من كلا الجانبين. و ما سأتطرّق له هنا هو أصناف محدّدة من البلاهة التي تتجاهل أو تستهين بالمخاطر الفظيعة الناجمة عن مواجهة عسكريّة مباشرة ممكنة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا .
هناك حجّة أنّ حربا بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا في الأساس " ليست قضيّة كبرى " لأنّ الولايات المتّحدة أقوى بكثير و بوسعها بسهولة و بصفة حاسمة أن تلحق الهزيمة بروسيا دون دفع ثمن باهض – على القلّ بالنسبة " لأمريكيّى الولايات المتّحدة " . و كما أشرت إلى ذلك ، ضمن بعض أوساط الشوفينيّين الأمريكيّين السكارى بفكرة القوّة العسكريّة التي لا تقهر للولايات المتّحدة ، الذهاب إلى الإعتقاد في أنّ الحرب ضد روسيا " ليست قضيّة كبرى " إعتقاد سخيف و شنيع حقّا قد شجّعت عليه على ما يبدو الصعوبات التي تعرّضت لها القوّات الروسيّة إلى حدّ الآن على الأقلّ في تحقيقها لأهدافها في أوكرانيا – نظرا في جزء كبير من ذلك إلى الذخيرة الكبيرة من الأسلحة التي مدّت بها الولايات المتّحدة / الناتو الحكومة في أوكرانيا . (2)
لكن هناك واقع حيويّ في علاقة بكلّ هذا : في هذه الحرب حيث غزى الإمبرياليّون الروس أوكرانيا من جهة و من الجهة الأخرى ، يدعم الإمبرياليّون الأمريكان ( و "حلفاؤهم " من الناتو ) و يسلّحون تسليحا ثقيلا أوكرانيا – كلا الجانبان بعمق على " الكسب " في هذا الوضع . فمن ناحية ، الإمبرياليّون الأمريكان هدفهم و ما يعنيه " الكسب " الضروريّ بالنسبة إليهم هو إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا و بالتالى بدرجة معبّ{ة إضعاف روسيا و قدرتها على تحدّى المكانة الهيمنيّة للإمبرياليّة الأمريكيّة في العالم . و بالنسبة إلى الإمبرياليّين الروس ، هدفهم هو تحديدا تحدّى هيمنة الولايات المتّحدة و هدفهم المفتاح و المباشر هو منع أوكرانيا من الإلتحاق بالناتو و ضمان أن لا تصبح أوكرانيا جزءا من " حصار " الولايات المتّحدة / الناتو لروسيا القائم بقدر كبير ( بعدد من البلدان القريبة من أو عمليّا موجودة على حدود روسيا أعضاء في الناتو ). و كلّ طرف من الطرفين مصمّم بجدّية على تحقيق أهدافه و قد إنخرط الطرفان بجديّة في حرب بحثا عن تحقيق تلك الأهداف ، (بروسيا تخوض مباشرة حربا في أوكرانيا و الولايات المتّحدة / الناتو الآن و بصفة غير مباشرة تشارك في هذه الحرب ) . و هذا يعنى أنّه طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين هم الذين يحدّدون الإطار ، ما من طرف منهما بوسعه التراجع ( مجدّدا ، طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين ، و طالما لم تتحرّك الشعوب في أنحاء العالم بفعاليّة جماهيريّا بما من شأنه أن يدفع الأشياء نحو إطار مختلف يمثّلأ مصالحها هي في تعارض مع مصالح هؤلاء الإمبرياليّين من الجانبين ) .
إن لم يتراجع أيّ طرف من الطرفين ، مذا سيحصل حينها ؟
إن لم يرجّح أيّ طرف من الطرفين في هذا النزاع بين الإمبرياليّين التراجع و القبول بالهزيمة ، ماذا ستكون تبعات ذلك – و بالأخصّ ، ماذا سينجم عمليّا عن تحوّل الولايات المتّحدة / الناتو إلى المشاركة المباشرة في هذه الحرب مع روسيا ، هل سيؤدّى إلى قيام روسيا بتراجعات جدّية ؟ هل سيقول بوتن / الإمبرياليّون الروس ببساطة " حسنا ، كسبتم ، نستسلم و نعود أدراجنا و ننسحب منهزمين إلى روسيا " ؟ هل يرجّح ايّ شخص يفكّر تفكيرا جيّدا حقّا أن يحصل هذا تماما ؟ لا ، في هكذا وضع ، من المرجّح أكثر بكثير أن يصعّد بوتن / الإمبرياليّون الروس الحرب و من الممكن جدّا مستخدمين في ذلك الأسلحة النوويّة . و من المرجّح أكثر ( و أوّلا ) أن يستعلموا القنابل النوويّة الأشدّ فتكا إلى جانب " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " و قد لا يستخدمونها في أوكرانيا فحسب بل أيضا في أراضي بلدان تابعة للناتو تشترك في الحرب ( و لا يستبعد أن لا تشمل البلدان القريبة من أوكرانيا فقط بل كذلك البلدان الأوروبيّة الغربيّة كفرنسا وألمانيا و المملكة المتّحدة ).
هذا من ناحية ، و من الناحية الأخرى ، ماذا لو – على عكس توقّعات الشوفينيّن الأمريكان – ماذا لو تبيّن أنّه في الحرب المباشرة مع روسيا ( و لجوء روسيا حينها إلى التعويل على كمّ أكبر بكثير من قوّاتها في هذا النزاع ) لم تُبلى الولايات المتّحدة / الناتو البلاء الحسن و على ألقّل تحبط مساعيهما بلإلحاق الهزيمة الحيويّة بالقوّأت الروسيّة ، أو يعرفان حتّى تراجعات جدّية هما نفسهما ؟ هل سيعترف الحكّام الإمبرياليّون لهذه البلاد – و هذه البلاد هي البلاد الوحيدة التي إستعملت عمليّا الأسلحة النوويّة و لم تقرّ أبدا بانّه كان من الخطأ القيام بذلك – هل سيعترفون ببساطة بانّهم أخفقوا في هزم روسيا و يقبلون بنهاية تعكس ذلك ؟ هل يرجّح أيّ شخص أنّ الأمر سيكون كذلك ؟
لا ، " ديناميكيّة " الحرب المباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا ستؤدّى على ألرجح إلى سيرورة يتواصل خلالها التصعيد و كلا الطرفان لا ينويان -أو حقّا لا يقدران على – التراجع حين يواجه هذا الطرف أو ذاك بأفق هزيمة ما في هذه الحرب .
الحرب النوويّة " قضيّة كبرى " أفق فظيع حقّا
و بهذا نبلغ أصنافا أخرى من البلاهة ( و عمليّا الجنون الخطير ) بشأن أفق حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا : الفكرة الشيطانيّة حقّا القائلة بأنّه إذا جدّ تبادل هجمات نوويّة بين الطرفين المتنازعين في هذه الحرب ، فإنّ ذلك لن يكون " قضيّة كبرى " – أو على الأقلّ سيكون ذلك منحصرا في " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " التي أجل ستتسبّب في أضرار فعليّة لكن ليس في شيء فظيع يحذّر منه " الجزوعون " ( و هذه الحجّة تقدّم عمليّا بعض الناس المجانين بجدّية و الذين على ما يبدو " قد فقدوا عقولهم " ! ).
أوّلا و قبل كلّ شيء ، حتّى الأسلحة النوويّة التكتيكيّة نفسها ستتسبّب في دمار هائل ليس للمقاتلين على أرض المعركة وحسب و إنّما أيضا و بصورة أوسع بكثير ستتسبّب في عذابات إنسانيّة رهيبة و في دمار البيئة . و أبعد من ذلك ، للأسباب المتحدّث عنها أعلاه ، ذات الديناميكيّة التي ستؤدّى إلى إستخدام الأسلحة النوويّة التكتيكيّة في المصاف الأوّل ستؤدّى عندئذ على ألرجح لإستخدام أسلحة نوويّة أقوى حتّى - و حتّى الإمكانيّة الحقيقيّة لهكذا هجمات نوويّة الموجّهة ضد " البلدان المنبع " إلى المنافسين الأساسيّين في هذا النزاع ، روسيا و الولايات المتّحدة . إذا شعُر أحد الجانبين أو الجانبان في هذا النزاع أن اللجوء إلى ألسلحة النوويّة التكتيكيّة ضروريّ تكسب ميزة حاسمة في هذه الحرب – أو لمنع تراجع غير مقبول أو هزيمة فعليّة – عندئذ المنطق نفسه يمكن أن يدفع الأشياء إلى أبعد من مجرّد الأسلحة النوويّة التكتيكيّة ، بإتّجاه إستخدام أتمّ للأسلحة النوويّة الإستراتيجيّة ، و حتّى لإمكانيّة هجمات نوويّة مباشرة ضد " البلدان المنبع " للمتنازعين الأساسيّين ( بكلمات أخرى ، تبادل الهجمات النوويّة بين الولايات المتّحدة و روسيا مستهدفين مباشرة كلّ واحدة منهما " وطن " الأخرى ) ، و هذا بدماره و إشعاعاته النوويّة الشاملة " عرضيّا " للعالم قاطبة قد يفضى إلى دمار الحضارة الإنسانيّة .
هذه الديناميكيّة بأكملها يجب تغييرها راديكاليّا بصفة إستعجاليّة – خدمة لمصلحة الإنسانيّة و ليس مصلحة الإمبرياليّين المتنازعين و المتصارعين .
و كلّ هذا يشدّد على لماذا هو ذو أهمّية حيويّة بالنسبة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في غيرها من البلدان المتحالفة معها – و كذلك في روسيا – بالنسبة إلى الشعوب في كلّ أنحاء العالم – أن تستيقظ في النهاية و تماما و تقرّ بالتحدّيات الحقيقيّة و الثقيلة بعمق المعنيّة و تتصرّف وفق مصالحنا الفعليّة – مصالح الإنسانيّة قاطبة : مطالبة بأن تتوقّف هذه الحرب في أوكرانيا و أن تتوقّف مشاركة الإمبرياليّين ( مباشرة أو بصفة غير مباشرة ) من كلا الجانبين في هذه الحرب قبل أن تتسبّب في عذابات حتّى أكبر ليس لشعب أوكرانيا فحسب بل قبل أن تتصاعد بصورة ممكنة لتصبح نزاعا رهيبا أكثر يفرز دمارا و موتا شاملين على مستوى جديد كلّيا و قد تمثّل تهديدا للإنسانيّة ذاتها في وجودها عينه .
هوامش المقال :
1. The major article “Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2” is available at revcom.us.
2. See, in addition to the above-mentioned article, “Sean Penn’s Delirious Madness And the Danger of Nuclear War,” which is also available at revcom.us.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(20)
الثورة : أمل الفاقدين للأمل – بوب أفاكيان يتحدّث عن " ليس لنا مستقبل وعلى أيّ حال سنموت في سنّ الشباب "
بوب أفاكيان 4 ماي 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 749
https://revcom.us//en/bob_avakian/revolution-hope-hopeless-bob-avakian-speaks-we-got-no-future-and-were-gonna-die-young

هذا ما تسمعونه عادة يتردّد على لسان الشباب هذه الأيّام – خاصة الشباب الذين يشاهدون حولهم الكثير من الناس يموتون في ريعان الشباب . و على نطاق واسع في صفوف الأجيال الأصغر سنّا ، تستمعون كثيرا إلى تعبيرات" الجبريّة " بشأن الحكّام و المتحكّمين في الأشياء الذين أفسدوا بدرجة كبيرة جدّا و دمّروا مستقبل الجميع – مع تدميرهم للبيئة و حروبهم كما هو حال الحرب في أوكرانيا التي التي قد تصبح أسوأ بكثير و تقضى على أعداد هائلة من البشر في عدّة بلدان أو قد تحطّم حتّى الحضارة الإنسانيّة برمّتها .
بمعنى ما ، هناك قدر لا بأس به من الحقيقة في ما يقال هنا . فطبعا صحيح أنّ جميعنا سنموت في لحظة زمنيّة ما . و حاليّا، من الصحيح أنّ عددا كبيرا أكثر من اللازم من البشر يموتون في سنّ شباب يافعين – و ليس لسبب وجيه أو من أجل هدف ساميّ . و صحيح أنّه بالنسبة إلى جماهير الإنسانيّة ، و ليس فحسب في هذه البلاد بل عبر العالم ، الحياة التي يعيشونها بعدُ تشبه جهنّم – بينما بالنسبة إلى الإنسانيّة ككلّ لا وجود لمستقبل يستحقّ الحياة فيه ،و لا مستقبل أبدا – في ظلّ هذا النظام .
و هذا ببساطة هو لبّ المسألة . نحتاج إلى التخلّص من هذا النظام – الإطاحة به و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير .
و ما ليس صحيحا هو قول إنّه ليس بوسعنا القيام بأيّ شيء إزاء كلّ هذا . لا مبرّر – " لا مبرّر مستمرّ " – لتواصل هذا النظام الرأسمالي - الإمبريالي للإضطهاد و النهب و التدمير ... و هناك طريق يمكّننا من أن نضع له نهاية و أن نحلّ محلّه نظاما مختلفا راديكاليّا و أفضل بكثير ، نظام تحريريّ . و للقيام بذلك ، نحتاج إلى ثورة حقيقيّة . و هذا شيء يستحقّ أن نكرّس له حياتنا و أن نضعها على المحكّ .
و لهذا ليس مجرّد " كلام " أو " أمنية " لا أساس لها في الوقاع . لقد تمّ القيام بالكثير من العمل و لا يزال ينجز الكثير منه يوميّا لتطوير إستراتيجيا و مخطّط لكيفيّة التمكّن من إنجاز فعليّ لهذه الثورة و لكيفيّة إنشاء ظروف لتحقيق ذلك : كيف يمكن لهذه الثورة عمليّا أن تحقّق الظفر حتّى ضد القوى الإضطهاديّة العتيّة التي هناك حاجة إلى الإطاحة بها ، و كيف يمكن عمليّا بناء نظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا ، بدلا من وحشيّة هذا النظام .
و مثلما أشرت في أعمالي الحديثة ، هذا زمن من الأزمان النادرة حيث تصبح الثورة ممكنة أكثر حتّى في بلد قويّ مثل هذا . ( أسباب ذلك جرى الحديث عنها بعمق في " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " أين تفحّصت النزاعات صلب هذه البلاد و بوجه خاص تلك النزاعات بين مختلف فئات الطبقة الحاكمة لهذه البلاد و التي هي تمنع بشكل متصاعد من الحكم " بصفة عاديّة " كما فعلت لأجيال – و ما يمكن أن يؤدّى إلى إنفتاحات حقيقيّة للثورة ، لا سيما إذا تمّ إيقاظ الناس الذين يحتاجون حقّا إلى هذه الثورة بفضل عمل الثوريّين و الإقرار بهذه الإمكانيّة النادرة و الإلتحاق بالمشاركين في ذلك بعملهم النشيط . لقد كُتب مقال " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " قبل الغزو الروسيّ لأوكرانيا إلاّ أنّه ينطوي على تحليل أساسي و توجّه إستراتيجي في ما يتّصل بالقيام بالثورة عمليّا في هذه البلاد القويّة ، و المبادئ و المناهج الأساسيّة التي يتحدّث عنها نهائيّا يمكن و تحتاج أن تطبّق على الوضع الراهن ، عقب هذا اللغزو الروسي و الأحداث التي جدّت في علاقة به . )
ليس بوسعنا التفريط في هذه الفرصة النادرة – و الحكم على الناس مثلنا في كلّ مكان بمواصلة العيش في جحيم هذا النظام القائم و الذى يهدّد بأن يُصبح أسوأ حتّى – مستولين على حقّ الناس في حياة تستحقّ العيش و الحيلولة دون الإنسانيّة ككلّ و مستقبل لائق أو أيّ مستقبل أصلا ... في حين أنّ كلّ ذلك غير ضروريّ تماما و أنّه بمستطاعنا أن نشيّد عالما و مستقبلا يليقان بالبشريّة و يفسحان المجال للإزدهار التام قدرات إنسانيّتنا .
و الآن بالذات ، هناك أناس ، الشيوعيّون الثوريّون ، يكرّسون عمليّا هذه الإستراتيجيا و هذا المخطّط و يعملون يوميّا من أجل هذه الثورة . عليكم الإتصّال بهم و عليكم جعل حياتكم تكسب قيمة حقيقيّة . عليكم التوجّه إلى موقع إنترنت revcom.us و إلى مشاهدة برنامج " الثورة ، لا شيء أقلّ من ذلك " ( RNL- Revolution Nothing Less ) على اليوتيوب – برنامج يوفّر معرفة أساسيّة بخصوص كيف يمكننا حقّا القيام بهذه الثورة ، و كيف يمكنهم أن تشاركوا في هذه الثورة و أن تجلبوا المزيد و المزيد من الناس للعمل من أجلها أيضا .
أجل ، في لحظة ما ، جميعنا سنموت . لكن كيف نعيش و ما الذى نكرّس لها حياتنا – ما الذى سنقاتل من أجله و نضع حياتنا على المحكّ من أجله – يمثّل الفرق كلّه .
لقد قلت ذلك عدّة مرّات و هذا صحيح بعمق : الثورة أمل الفاقدين للأمل و تكريس المرء لحياته / لحياتها للثورة أعظم ما يمكن أن يفعله أيّ شخص بحياته .
إلتحقوا بصفوف هذه الثورة و شاركوا فيها – و أجلبوا إليها المزيد و المزيد من الناس ليمكونوا هم الآخرين من محرّري الإنسانيّة .
هامش المقال :
“Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And the Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution” is available at revcom.us. Also available at revcom.us is the Constitution for the New Socialist Republic in North America, a sweeping vision and concrete blue-print- for a radically different and emancipating society, which has been authored by Bob Avakian.
( و هذا المقال و " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " متوفّران باللغة العربيّة على موقع الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي )
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(21)
الحرب في أوكرانيا و مصالح الإنسانيّة : مقاربة علميّة ثوريّة مقابل التشويش الضار و الأوهام الشوفينيّة - بوب أفاكيان يردّ على أناس يجب أن يكونوا أكثر معرفة ( و ربّما كانوا كذلك في وقت ما )
بوب أفاكيان 9 ماي 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 750 ، 9 ماي 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/war-ukraine-and-interests-humanity-scientific-revolutionary-approach-vs-harmful

في المدّة الأخيرة ، جرى إرسال مقالى " أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقي و لن تكون تكرارا للحرب العالمية الثانية " إلى عدد من الأعضاء السابقين في منظّمة " طلبة من أجل مجتمع ديمقراطي " ( SDS ) التي طوّرت حركة راديكاليّة كبرى في ستّينات القرن العشرين عارضت بشدّة حرب الإمبرياليّة الأمريكيّة في الفيتنام . و كردّ على مقالى ذلك، أثار عديد منهم حججا تتعارض مع مضمون مقالى – حججا تعكس اليوم تفكير عدد كبير أكثر من اللازم من الناس في هذه البلاد يتبنّون وجهات نظر " ليبراليّة " و " تقدّميّة " و " إشتراكية ديمقراطية " (1) . و في حين أنّ بعض تلك الحجج لا تعدو أن تكون "سخرية " سخيفة ، هناك أيضا نقاط هامة تستحقّ ( على خلاف تلك " السخرية " ) ردّا جدّيا . و هنا سأتحدّث عن بعض النقاط الأكثر صلة و الهامة المثارة .
و لنبدأ بالرأي التالى المخالف لمقالى :
" إليكم ردّي : لنقرّ بأنّ للولايات المتّحدة تاريخ مخزي من الحروب الإمبرياليّة و ما كان يجب أن تسقط قنابل نوويّة على اليابان . و كذلك تجب الإشارة إلى أمر معقول ألا وهو أنّه يتعيّن على الناتو أن يرحّب بإنتماء جمهوريّات سابقة كانت تحت السيطرة السوفياتيّة . و مع ذلك ، من الصحيح أنّ عضويّة الناتو أتت تماما كرغبة للغالبيبّة العظمى من الناس في تلك البلدان. أمّا بخصوص اليمن فليست لديّ معلومات كافية تخوّل لى تكوين رأي حول ما إذا كان دور الولايات المتّحدة هناك مساوي لدور روسيا في أوكرانيا . سأبحث في الأمر لكن سأفاجئ إن كان الأمر كذلك .
و إليكم الأمر الأساسي : النتيجة الحتميّة لسياسة الولايات المتّحدة التي تدعون إليها في النزاع الراهن هي ترك الأوكرانيّين تحت رحمة بوتن . أهذا ما ترغبون فيه ؟ " .
في ما هو خطّ محاججة نموذجيّة من قبل الذين لا يهتمّون للدفاع عن " تاريخ الحروب الإمبريالية المخزية " ( و إسقاط قنبلتين نوويّتين على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية ) ، فإنّ هذا التاريخ المخزيّ يقع الإعتراف به – و تاليا يقع عمليّا تجاهله أو إستبعاده . و هذا يساوى قول : " كلّ ذلك التاريخ المخزي لا صله له بما يجرى الآن و كلّ ما نحتاج القيام به هو الإشارة إلى أنّ هذا " التاريخ المخزي " ليس مجرّد " تاريخ " – له صلة وثيقة جدّا بما تفعله الولايات المتّحدة اليوم في ما يتّصل بأوكرانيا ( و بصورة أعمّ ) . و الأهمّ هو أنّ لهذا " التاريخ المخزي " صلة بذات طبيعة النظام الذى يحكم الولايات المتّحدة ، بالنظام الرأسمالي – الإمبريالي و صلة بالموقع الهيمني للإمبرياليّة الأمريكيّة في العالم و بحاجتها إلى الحفاظ على هذا الموقع الهيمني و على توطيده .
في مقال آخر ، إستنادا إلى وجهة نظر ثاقبة لأحد أصدقائيّ من الأيّام الخوالي ، أحلّت على الإمبرياليّين من كلا الجانبين فىا هذا النزاع في أوكرانيا على أنّهم " عصابة صعاليك شرعيّين " – صعاليك لا يتقاتلون على مجرّد " عشبة " في مدينة بل على الهيمنة في العالم ككلّ – و بصورة لها دلالة كبيرة هم صعاليك يملكون ذخيرة كبيرة من أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النوويّة التي بمستطاعها أن تبيد الحضارة الإنسانيّة . (2) و لئن كانت هذه المقارنة سديدة – وهي سديدة -فمن المفيد طرح سؤال : هل ستعتبرون حجّة شرعيّة حجّة من كان من " أسرة " المافيا ( أو الكارتل / الإتّحاد الإجرامي ) حين يقول : " أجل ، قمنا بأشياء معيبة جدّا لكن المهمّ الآن هو ما تقوم به مجموعة أخرى من الصعاليك هناك ، و كيف أنّنا نساعد الضحايا ضد حركات تلك المجموعة الإجراميّة القاتلة " ؟ هل ستأخذون بعين الإعتبار الطبيعة الإجراميّة للمنظّمة التي ينتمى إليها هذا الشخص و التي فجأة أصبحت غير ذات بال نسبة لما يجرى – أو حتّى ، في هذه الحال ، أنّ هذه المنظّمة بشكل ما قد كفّت عن أن تكون إجراميّة أو أنّها تتحرّك بطريقة إجراميّة ؟ أم سنعترف – و هذا غاية الصحّة – بانّ تصريحات هذه المنظّمة الإجراميّة مواصلة لكامل تاريخها الإجرامي وهي صادرة عن كامل طبيعتها الإجراميّة ؟
و لنا عودة إلى هذه المسألة .
و تاليا ، هناك حجّة أخرى مفادها أنّ ما " يُعطى باليد اليمنى " " يؤخد باليد اليسرى " – حجّة أنّه ربّما كان سيّئا أن تتوسّع منظّمة الناتو العسكريّة التي تقودها الإمبرياليّة الأمريكيّة إلى بلدان كانت قريبة جدّا أو حتّى على حدود روسيا – و مع ذلك " من الصحيح أنّ عضويّة الناتو أتت تماما كرغبة للغالبيبّة العظمى من الناس في تلك البلدان."
و خطّ المحاججة هذا خطّ خطير للغاية – وهو ينطوى على مقياس و معيار أشكّ في أنّ المتطلّعين إلى العدالة سيودّون عمليّا أن يطبّق صراحة و أن يجعلوه نوعا من المبدأ العام . فعلى سبيل المثال ، ليس تقريبا من المؤكّد أنّه إلى ستّينات القرن العشرين ( على الأقلّ ) أنّ غالبيّة سكّان هذه البلاد رغبوا في تواصل الميز العنصريّ و التمييز العنصريّ ضد السود . أو للعودة إلى مثال تاريخي قد ذكرناه سابقا ، إنّه لواقع رهيب أنّ غالبيّة الناس في هذه البلاد قد ساندوا إلقاء القنابل النوويّة على اليابان حين حصُل ذلك ( و كثيرون جدّا جدّا ما إنفكّوا يدافعون عن ذلك على غرار ما قتوم به حكومة هذه البلاد التي رفضت الإعتراف بأنّ ذلك كا خطأ ).
و بوسعنا إيراد عديد الأمثلة الأخرى لكن نعتقد أنّ النقطة التي يجب أن تكون واضحة هي أنّ هذا الضرب من الحجج " الشعبويّة " يمكن أن يقود إلى الدفاع عن أو على الأقلّ إلى تبرير كافة أنواع الأشياء الرهيبة . ( و لهذا صلة أيضا بحجج تنتهى باسم " الواقعيّة " إلى تقديم المساندة لهذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي و خاصة إلى الحزب الديمقرؤاطي الذى قد أبّد كممثّل لهذا النظام بعض جرائمه الأبشع بما فيها الهجمات بالقنابل النوويّة على اليابان . و لنا عودة كذلك إلى هذا لاحقا . لكن هنا لنعد إلى الحجج التي مرّ بنا ذكرها ) .
يصاغ الموقف التالي : " أمّا بخصوص اليمن فليست لديّ معلومات كافية تخوّل لى تكوين رأي حول ما إذا كان دور الولايات المتّحدة هناك مساوي لدور روسيا في أوكرانيا . سأبحث في الأمر لكن سأفاجئ إن كان الأمر كذلك ."
حسنا ، موضوعيّا ، لا شكّ في أنّ دور الولايات المتّحدة في اليمن ليس مجرّد " مساوى " لدرو روسيا في أوكرانيا ذلك أنّ التدمير و العذابات التي تسبّب فيها أسوأ بكثير حتّى . قبل كلّ شيء ، و هذا ليس هجوما شخصيّا و إنّما هو تعليق على الوضع الكئيب لما آلت إليه صفوف " التقدّميّين " في هذه البلاد الذين يريدون أن يعتبروا من المهتمّين و المتابعين نسبيّا لأخبار الأحداث الهامة في العالم ، من المدهش أنّ عددا كبيرا منهم عمليّا ليسوا على علم بما كان يحدث لسنوات الآن في اليمن و دور الولايات المتّحدة في ذلك . إن " بحثنا " جدّيا في هذا ( و لم نكتفى بالتعويل على ذات وسائل إعلام الولايات المتّحدة التي تخوض الآن هجوما دعائيّا ضخما لتبرير أفعال الولايات المتّحدة في أوكرانيا ) ، سنجد أنّ الحرب التي تخوضها السعوديّة في اليمن – المدعومة و المساندة عسكريّا على نطاق واسع و التي تتلقّى مساعدات أخرى من الولايات المتّحدة منذ زمن إدارة أوباما / بيدن – قد تسبّبت تقريبا في عذابات لا توصف لليمنيّين و بوجه خاص للأطفال اليمنيّين ، الذين ماتوا بأعداد كبيرة نتيجة الظروف التي أفرزتها هذه الحرب بما فيها وباء الكوليرا الرهيب . ( غضافة إلى مصادر أخرى ، يمكن العثور على تحليل هام للحرب في اليمن و العذابات الرهيبة للناس هناك و لدور الولايات المتّحدة في كلّ ذلك على موقع أنترنت revcom.us ).
و نصل إلى هذه الحجّة : " إليكم الأمر الأساسي : النتيجة الحتميّة لسياسة الولايات المتّحدة التي تدعون إليها في النزاع الراهن هي ترك الأوكرانيّين تحت رحمة بوتن . أهذا ما ترغبون فيه ؟ "
لا . ما أريده ( و ما دعوت إليه في المقال موضوع حديثنا و غيره من المقالات أيضا ) هو أن تتحرّك الجماهير الشعبيّة في بلدان " طرفي " هذا النزاع – و في العالم بأسره – من أجل مصلحتها الخاصة ، في تعارض مع مصالح الإمبرياليّين من كلا الجانبين في هذا النزاع . و مثلما حاججت بقوّة في مقال حديث آخر :
" كلّ هذا يشدّد على لماذا هو ذو أهمّية حيويّة بالنسبة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في غيرها من البلدان المتحالفة معها – و كذلك في روسيا – بالنسبة إلى الشعوب في كلّ أنحاء العالم – أن تستيقظ في النهاية و تماما و تقرّ بالتحدّيات الحقيقيّة و الثقيلة بعمق المعنيّة و تتصرّف وفق مصالحنا الفعليّة – مصالح الإنسانيّة قاطبة : مطالبة بأن تتوقّف هذه الحرب في أوكرانيا و أن تتوقّف مشاركة الإمبرياليّين ( مباشرة أو بصفة غير مباشرة ) من كلا الجانبين في هذه الحرب قبل أن تتسبّب في عذابات حتّى أكبر ليس لشعب أوكرانيا فحسب بل قبل أن تتصاعد بصورة ممكنة لتصبح نزاعا رهيبا أكثر يفرز دمارا و موتا شاملين على مستوى جديد كلّيا و قد تمثّل تهديدا للإنسانيّة ذاتها في وجودها عينه . " (3)
حرب تحرّر وطنيّ أم " حرب بالوكالة " بين الإمبرياليّين ؟
في موقع القلب من هذه المسألة توجد الطبيعة الفعليّة للحرب في أوكرانيا الآن ، و تطبيق ، أجل ، العلم على هذه المسألة في تعارض مع التفكير المشوّش المتأثّر بقوّة بالشوفينيّة الأمريكيّة و تشويهه للتاريخ . و يتكثّف هذا في الحجّة التالية :
" قد لا يكون بوتن هتلر إلاّ انّ ما يقوم به في أوكرانيا يعيد إلى الذهن ذكريات . كان فرانكلن ديلانو روزفالت محقّا في إنقاذ أوروبا من النازيّين و سأقول إنّ بيدن محقّ في القيام بما فى مستطاعه ، دون حرب عالميّة ثالثة ، ، لإنقاذ أوكرانيا من الروس . حرب بالوكالة مقابل حرب تحرّر وطنيّ ؟ لما تعتبر أوكرانيا وكيلة لإمبرياليّى الناتو أكثر ممّا كانت جبهة التحرير الوطني و فيتنام الشماليّة وكيلتين للإمبرياليّين الروس و الصينيّين ؟ التاريخ يفرض علينا خيارات ملخبطة ، كما أرى ذلك، يقاتل الأوكرانيّون من أجل بلدهم بحماس يضاهى حماس قتال جبهة التحرير الوطني من أجل بلدها . في نهاية المطاف ، بوب ، أودّ أن أعرف ماذا يوجد في التاريخ المعيش للشيوعيّة الثوريّة يستحقّ الكفاح من أجله الآن ".
هذا حقّا " كنز في صندوق " من التفكير الخاطئ المتأثّر بقوّة و على وجه الضبط بالشوفينيّة الأمريكيّة المناهضة للعلم و المناهضة للتاريخ ( بقدر لاذع من فساد معاداة الشيوعيّة ) . المجال هنا لا يسمح بالردّ على ذلك بصفة مفصّلة لكن الجانب الهام المحاجج من أجله يستدعى ردّا . أوّلا ، في مقالى الذى تختلف معه هذه الحجّة ، تحدّثت عن الأسباب الهامة للماذا مقارنة بوتن و أفعاله الآن بما فعله هتلر و أدّى إلى الحرب العالميّة الثانية أمر خاطئ ،و يتضمّن تشويها و جهلا هامين ( أو تجاهلا متعمّدا ) للإختلافات الحيويّة بين الوضع آنذاك و الوضع الآن . و لن أكرّر كلّ ذلك على أنّه هناك نقطة نهائيّا تستحقّ التأكيد عليها مجدّدا : كلّ من الولايات المتّحدة و روسيا تملكان آلاف الأسلحة النوويّة – أسلحة لم تكن موجودة في الفترة المؤدّية إلى ( و تقريبا إلى مجمل ) الحرب العالمية الثانية . لكنّى لن أقبل بتمرير موقف أنّ " فرانكلن ديلانو روزفالت محقّا في إنقاذ أوروبا من النازيّين " فهو تعبير عن " نقطة عمياء " مثيرة صادرة عن وهج الشوفينيّة الأمريكيّة .
لئن وضعنا الأمور بالأحرى بكلمات خام لهذه الحجّة ، لم يكن فرانكلن ديلانو روزفالت ( رئيس الولايات المتّحدة لمعظم فترة الحرب العالميّة الثانية ) من " أنقذ أوروبا من النازيّين " – و إنّما كان الإتّحاد السوفياتي بقيادة ستالين وقتها ، هو الذى كسر ظهر آلة الحرب النازيّة و خلق فعلا منعرجا في الحرب التي أدّت إلى الهزيمة النهائيّة للنازيّين الألمان و حلفائهم اليابانيّين ( و الإيطاليّين ). و هذا واقع تاريخيّ ( و قد أشار إليه على سبيل المثال القائد البريطاني أثناء تلك الحرب ، ونستن تشرشل الذى إعترف بأنّ القتال الحاسم ضد النازيّين جدّ على الجبهة الشرقيّة حيث الغالبيّة العظمى من القوّات النازيّة كانت متركّزة و تحارب القوّات السوفياتيّة ، أثناء الفترة الحيويّة من الحرب في أوروبا ).
و كانت كلفة الهجوم النازيّ على أفتّحاد السوفياتي الإشتراكي حينها و المقاومة السوفياتيّة و دحر الغزو النازيّ حياة ما بين 20 و 30 مليون من سكّان الإتّحاد السوفياتي ، إلى جانب دمار هائل في الإتّحاد السوفياتي نفسه . و على الرغم من أنّه لديّ نقدي الخاص لكيف أقامت القيادة السوفياتيّة هذه الحرب – بما فيها بصورة لها دلالتها ، أنّها خيضت أساسا على قاعدة قوميّة ( و حتّى شوفينيّة روسيّة كبرى ) بدلا من خوضها على قاعدة ثوريّة – إذا أخذنا المعيار الذى يجعل خطأ روزفالت " أنقذ أوروبا من النازيّين " ، عندئذ الهزيمة الفعليّة للنازيّين ينبغي بالتأكيد أن تعدّ ضمن الأشياء التي يجب الإحتفاء بها في " التاريخ المعيش للشيوعيّة الثوريّة " ، و في هذه الحال الإحتفاء بالإتّحاد السوفياتي . ( في الواقع ، هناك الكثير من هذا " التاريخ المعيش " " يستحقّ الكفاح من أجله الآن " و حتّى مع الشيوعيّة الجديدة التي طوّرتها يتمّ كما يجب تحليل ذلك تحليلا نقديّا بمنهج و مقاربة علميّين صراحة مشخّصين على هذا النحو كلاّ من مظهره الرئيسيّ الإيجابيّ نهائيّا و كذلك مظهره الثانويّ لكن الواقعي ، و أحيانا حتّى المرير ، الجانب السلبيّ . ( و المزيد عن هذه النقطة بعد قليل ).
و يفضى بنا هذا إلى حجّة أخرى من الحجج الناقدة لمضمون مقالي :
" دون الدخول في جدال مع الرئيس بوب أفاكيان ، لا سمح الله – نظرا لكونه أكبر منظّر للشيوعيّة منذ ماو تسى تونغ و أنا لست سوى ديمقراطي إشتراكي متواضع غير واثق كثيرا من تحليلي الاجتماعي – السياسي على أنّه " علميّ" – مؤاخذتى هي أنّه ينحرف تماما عن أيّة وكالة من طرف الأوكرانيّين . و هذا أمر إشكالي بعمق . "
بصرف النظر عن " السخرية " في بداية هذا الموقف ، هناك شيء هام جدّا لدي ماو تسى تونغ و نهائيّا له فائدة في ما يتّصل بالمسائل موضوع الخلاف هنا ، و بوجه خاص المسألة الحيويّة للطبيعة الفعليّة للحرب في أوكرانيا الآن .
في خضمّ قيادة الثورة الصينيّة طوال عدّة عقود ، قام ماو تسى تونغ بمساهمات هامة في ، أجل ، النظريّة الشيوعيّة العلميّة، خاصة نقاشه للتناقض في المجتمع و الحياة عامة . و بالأخصّ ، مقاربة ماو لفهم العلاقة بين المظهر الأساسي (أو الرئيسي) للتناقض في تعارض مع المظهر الثانوي ، ذات فائدة كبيرة جدّا هنا . فقد أشار ماو إلى أنّ المظهر الرئيسيّ للتناقض يحدّد جزهر أو الطابع الأساسي لهذا التناقض في أيّة لحظة كان . و مع ذلك ، شدّد كذلك على أنّه إعتبارا لكون الحياة جميعها في حركة مستمرّة – و أيّ شيء خاص ( أو تناقض ) يتفاعل بإستمرار مع أشياء أخرى – يمكن للمظهر الرئيسي للتناقض أن يتغيّر و ما هو ثانوي قد يُصبح رئيسيّ و العكس بالعكس . ( و لتجسيد هذا بمثال بسيط من الحياة اليوميّة ، إذا كان الطقس مغيّما و ممطرا بكثافة بينما الشمس بالكاد أخذت " تخترق" الغيوم ، عندئذ الغيوم و الأمطار هي الرئيسيّة فيما ظهور الشمس ثانويّ؛ لكن إذا تغيّرت الأشياء بحيث بزغت الشمس بزوغا تاما و تقلّصت المطر إلى مجرّد رذاذ ، حالئذ تصبح أشعّة الشمس هي المظهر الرئيسيّ و يمكن تماما أن تتوقّف المطر كلّيا ).
و لهذا الفهم الأساسي تطبيقات محدّدة و هامة للغاية على الحرب في أوكرانيا – و خاصة في الردّ على الحجّة المذكورة أعلاه :
" حرب بالوكالة مقابل حرب تحرّر وطنيّ ؟ لما تعتبر أوكرانيا وكيلة لإمبرياليّى الناتو أكثر ممّا كانت جبهة التحرير الوطني و فيتنام الشماليّة وكيلتين للإمبرياليّين الروس و الصينيّين ؟ التاريخ يفرض علينا خيارات ملخبطة ، كما أرى ذلك ، يقاتل الأوكرانيّون من أجل بلدهم بحماس يضاهى حماس قتال جبهة التحرير الوطني من أجل بلدها ."
و الإجابة هي أنّه بالإمكان المحاججة بأنّه في بداية الحرب في أوكرانيا ، المظهر الرئيسي ، في الجانب المعارض لروسيا، كان مقاومة أوكرانيا للغزو الروسي ( و بهذا المعنى ، هي حرب إستقلال وطني من جهة أوكرانيا ) ، بينما دور الولايات المتّحدة / الناتو في تزويد أوكرانيا بالأسلحة و خوض حرب إقتصاديّة ضد روسيا بواسطة العقوبات ، كان كانت عند تلك اللحظة ثانويّ . و حتّى في المراحل الأولى من هذه الحرب ، مع ذلك ، دعا فلوديمير زلنسكى ، رئيس الحكومة الأوكرانيّة بصفة متكرّرة و بإصرار لتدخّل مباشر للولايات المتّحدة و " حلفائها " في الناتو عبر العالم – بفرض الولايات المتّحدة / الناتو ل " منطقة حضر طيران " في سماء أوكرانيا – و هذا سيحوّل نوعيّا و بسرعة الحرب إلى حرب طبيعتها بصفة طاغية نزاع بين الإمخبرياليّين المتنازعين ( الولايات المتّحدة / الناتو مقابل روسيا ). و مع تطوّر أحداث الحرب و حتّى دون " منطقة حضر طيران " ، الطابع الأساسي للحرب قد تغيّر إلى حرب بين الإمبرياليّين . و يعود هذا أساسا إلى تحرّكات و أهداف الإمبرياليّين الأمريكان و " حلفائها " في الناتو ) التي تصاعدت بصورة لها دلالتها و بوجه خاص مع تنامى التسليح الكبير لأوكرانيا و أيضا توفير معلومات مخابراتيّة للقوّات الأوكرانيّة و ما إلى ذلك – كلّ هذا إلى جانب الهدف المعلن بسفور الآن وهو إضعاف روسيا و قدرتها على منافسة هيمنة الولايات المتّحدة . و نتيجة لذلك ، أضحى المظهر الرئيسي حربا بين الإمبرياليّين ، و الولايات المتّحدة / الناتو إلى حدّ الان يخوضان حربا " بالوكالة " مع روسيا في الوقت الذى يوجد فيه خطر حقيقيّ جدّا و متصاعد للتحوّل إلى حرب مباشرة بين هؤلاء الإمبرياليّين المتعارضين بكلّ التبعات الفظيعة و حتّى تهديد حقيقيّ جدّا للإنسانيّة في وجودها الذى يمكن أن يشمله ذلك .
و بالمقابل ، الحرب في الفيتنام ، من الجهة المعارضة للإمبرياليّة ، كانت من البدياة و ظلّت رئيسيّا ( و في طبيعتها الأساسيّة) حرب تحرّر وطنيّ : بلد ( فيتنام ) يقاتل لتحرير نفسه أوّلا من الإمبرياليّين الفرنسيّين الذين إستعمروا الفيتنام و تاليا من قبل الإمبرياليّين الأمريكان الذين مرّوا من الدعم الكبير للفرنسيّين إلى التحوّل مباشرة و بصورة كبيرة إلى السعي إلى إخضاع الفيتنام و شعبه – حرب كلّفت حياة مليوني مدنيّ فيتنامي و تميّزت بأعمال أمريكيّة شنيعة على نطاق أبعد بكثير ممّا فعلته روسيا في أوكرانيا .
أمّا بالنسبة إلى زعم انّ رؤية الأوكرانيّين على أنّهم مجرّد " بيادق " في هذه الحرب القائمة بين الإمبرياليّين خاطئ ، فنقول إنّه لسوء الحظّ هذا هو الحال الذى صار عليه الأوكرانيّون أساسا . أو كما وضع ذلك ريموند لوتا بدقّة بالغة : في حوار في الحلقة 99 من برنامج على اليوتيوب –" الثورة ، لا شيء أقلّ من ذلك ! " ( Revolution Nothing Less - Show ) ، صار الأوكرانيّون " كبش فداء " لتحقيق أهداف الإمبرياليّة الأمريكيّة في الحرب في أوكرانيا ( و مرّة أخرى ، تهدّد الحرب بالتحوّل إلى حرب أوسع نطاقا و أكثر دمارا ) . و هذا سبب هام جدّا للماذا كلّ من يهتمّ حقّا بمصير الشعب الأوكراني و كذلك بمصير الإنسانيّة ككلّ ، ينبغي أن يتحرّك بنشاط مطالبا بإيقاف هذه الحرب و تحرّكات الإمبرياليّين من كلا الجانبين في هذه الحرب ، قبل أن يُصبح الدمار و تُصبح العذابات الرهيبة أكبر حتّى .
و في ما يتّصل بالطبيعة الأساسيّة لحرب ما العامل الحاسم ليس مدى " حماس " المقاتلين و المقاتلات في هذه الحرب ( من هذا الجانب أو ذاك ) . و ( لذكر مثال أقصى لتجسيد هذه النقطة ، يمكن قول على الأقلّ لمدّة طويلة من الحرب العالميّة الثانية ، كان جنود الجيش النازيّ يقاتلون ب " حماس " كبير ) . و حتّى لو قبلنا ب " يقاتل الأوكرانيّون من أجل بلدهم بحماس يضاهى حماس قتال جبهة التحرير الوطني من أجل بلدها " هذا لا يعنى بالضرورة أنّ هذا هو الطابع المحدّد للحرب التي ينخرط فيها الآن الأوكرانيّون . بالأحرى ، هي مسألة ما هي عمليّا الطبيعة الموضوعيّة للحرب كما يحدّدها مظهرها الرئيسي – و يمكن للمظهر الرئيسي أن يتغيّر و قد تغيّر في الواقع الملموس للحرب في أوكرانيا ، على حرب بين الإمبرياليّين .
و مجدّدا ، في حال الفيتنام ، المساعدة المقدّمة لحرب التحرير الفيتناميّة من طرف الصين و الإتّحاد السوفياتي كانت عاملا ثانويّا . و هام للغاية هو أنّ الصين حينها بكلّ تأكيد لم تكن بلدا إمبرياليّا و إنّما في الواقع بلدا إشتراكيّا ثوريّا ، و مساعدتها المضحّية بالنفس للفيتنام كانت خدمة لدعم النضال الفيتنامي من أجل التحرّر الوطنيّ كجزء من التشجيع على الثورة ضد الإمبرياليّة عبر العالم . ( لم تقع إعادة تركيز الرأسماليّة في الصين إلاّ سنة 1976 ، بداية من إنقلاب نظّمه " أتباع الطريق الرأسمالي " في الصين بُعيد وفاة ماو ستى تونغ و جرى تحليل هذا تحليلا عميقا في أعمالى و في مواد هامة أخرى متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us . ) و في حين أنّ الحزب الفيتنامي كان هو نفسه بعدُ متناقضا بحدّة أثناء فترة الحرب هناك – بنوع من المزيج الإنقتائيّ للشيوعيّة و القوميّة الثوريّة – لا مجال للمقارنة و من المعيب عقد أيّة مقارنة بين الطابع الثوريّ لذلك الحزب وقتها من جهة و ما تمثّله اليوم الطبقة الحاكمة لأوكرانيا و التي تتضمّن عمليّا عنصرا من اليمين المتطرّف ، فعليّا من القوى الفاشيّة ، و على أيّة حال لا تمثّل كلّيا برجوازيّة ملهمة تماما ( حتّى و إن كان من الواجب مساندة مقاومتها للإمبرياليّين الروس – طالما أنّ تلك المقاومة و ليس التدخّل الإمبريالي للولايات المتّحدة / الناتو محدّد أساسا لمعارضة الغزو الروسي – و ما عاد الآن الحال كذلك ).
و قبل إختتام هذا النقاش للإختلاف بين الحرب الحاليّة في أوكرانيا و الحرب في الفيتنام خلال ستّينات القرن العشرين و سبعيناته و كيف يرتبط ذلك بالطبيعة الساسيّة للحرب في أوكرانيا الآن و مسؤوليّة الناس في هذه البلاد تجاه تلك الحرب، من الضروري التشديد على أنّ هناك واقع – و الإختلاف الهام جدّا – أنّ الحرب الإمبرياليّة في الفيتنام خاضتها الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة بينما غزو أوكرانيا ينفّذه منافس أساسي لهذه الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة . و بالنسبة للناس في روسيا ، مسؤوليّتهم هي أن يعارضوا في الساس طبقتهم الحاكمة الخاصة في هذه الحرب أمّا بالنسبة للناس في الولايات المتّحدة ( و البلدان " التابعة " للناتو ) المسؤوليّة عكسيّة : معارضة أهداف و حركات إمبرياليتهم " الخاصة " في هذه الحرب و في الوقت نفسه كذلك معارضة العدوان الروسيّ . أو كما وضعت ذلك قبلا :
" طبعا ، هذا العدوان الإمبريالي الذى تقترفه روسيا يستحقّ الإدانة . لكن بصفة خاصة بالنسبة إلى المقيمين في هذه البلاد – التي هي مجدّدا بدرجة بعيدة جدّا سجّلت و تسجّل أرقاما قياسيّة في هكذا أعمال عدوانيّة – إنّما هي مسألة مبدأ أساسيّ و مسألة ذات أهمّية عميقة أن لا نكون صدى مواقف و نخدم أهداف إمبرياليّت " نا " ، ، و بدلا من ذلك أن نوضّح بجلاء كبير موقفنا من أهداف و تحرّكات هؤلاء الإمبرياليّين ( الأمريكان ) الذين يوظّفون معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا ليس كوسيلة للتشجيع على " السلام " أو على " حق الشعوب في تقرير مصيرها " و إنّما كوسيلة للمضيّ أبعد في خدمة المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، في تعارض مع المنافسين الإمبرياليّين الروس . لذا ، مكرّسين هذا المبدأ الحيويّ، أيّة معارضة للغزو الروسي لأوكرانيا و بشكل خاص من طرف أناس في هذه البلاد الإمبرياليّة ، يجب أن تُرفق بموقف واضح جليّ و كذلك في معارضة دور الولايات المتّحدة في العالم بما في ذلك في الحروب التي تخوضها بإستمرار و غير ذلك من الطرق التي تتدخّل بواسطتها بعنف في شؤون البلدان الأخرى . " (4)
و هنا أيضا لا بدّ من الردّ على تأكيد أحد نقّاد مقالي على أنّه لا ينطوى إلاّ على إشارة عابرة إلى تحرّكات بوتن ضد الشعب الأوكراني ( " تحرّكات بوتن ضدّهم لا يقع تقريبا تماما الإشارة إليهابإستثناء بعض " حشرجة الحنجرة " ) . مفترضين أنّ هذا ليس صادرا عن سوء قراءة متعمّدة لمقالي ، فهذا مثال آخر من عمى الشوفينيّة الأمريكيّة ، سواء كانت واعية أم غير واعية . في هذا المقال ( و في عدد من المقالات الأخرى ) معارضتى للعدوان الروسي جليّة للغاية – و تشديدي على نقطة عذابات الشعب في اليمن بشكل حتّى أسوأ ممّا يعانيه الشعب في أوكرانيا ليست بالمرّة إنكارا للعذابات الرهيبة التي يتعرّض لها الشعب في أوكرانيا في هذه الحرب ، و إنّما للتشديد على النفاق المطلق من جهة الإمبرياليّين الأمريكان ( و الذين يردّدون صداه ) في تصوير الفظاعات الروسيّة في أوكرانيا على أنّها نوع من جرائم الحرب " غير المسبوقة " بينما هؤلاء الإمبرياليّين الأمريكان أنفسهم مدانين بمسؤوليّتهم عن إرتكاب فظاعات أسوأ حتّى كما يدلّل على ذلك اليمن . و من الصحيح أنّنى شدّدت كثيرا على معارضة الطريقة التي بها تستغلّ الإمبرياليّة الأمريكيّة العدوان الروسي في أوكرانيا و عذابات الشعب هناك لتحقيق المزيد من أهدافها الإمبرياليّة الخاصة – و هذا بالضبط ما يجب على المرء القيام به في وضع كهذا: التأكيد على معارضة أهداف و تحرّكات طبقته الإمبرياليّة " الخاصة " . و يتضمّن كذلك مقالى الذى يتعرّض للنقد على إفتراض أنّه " لطيف " إزاء ما تقوم به روسيا في أوكرانيا ، يتضمّن قسما عنوانه " الأهداف الفعليّة لإمبرياليّة بوتن/ روسيا" حيث يقع تفحّص هذه الأهداف ببعض التفصيل ، تحديدا بفهمها و تشخيصها على أنّها أهداف و تحرّكات الإمبرياليّة الروسيّة ( و بالكاد نحتاج قول إنّنى أنظر إلى الإمبرياليّة على أنّها ظاهرة سلبيّة جدّا وليست بطريقة ما " إيجابيّة " أو" محايدة "! ).
و ختاما بصدد موضوع الحرب في أوكرانيا و ببساطة لتوضيح مسألة حولها يمكن أن يوجد إضطراب( أو تشويه متعمّد ): في المقال موضوع النقاش ، لم أقل إنّه لا وجود لأساس للإعتقاد في أنّ بوتن قد يغزو بلدانا أخرى بل قلت بالأحرى – و هذا خطّ تمايز حيويّ جدّا – أنّه ما من دليل يسند إدّعاء أنّ بوتن يسعى إلى غزو أو مهاجمة بلدان الناتو الأخرى ( شيء كما أكّدت في ذلك المقال ، " يدفع نحو " رّ عسكريّ مباشر من الولايات المتّحدة ). و هذا جزء من تحليل أنّ كلّ من الجانبين في هذا النزاع – أي كلّ من الإمبرياليّة الروسيّة و الكتلة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة / الناتو – يحاولان تحقيق أهدافهما دون بلوغ المواجهة العسكريّة المباشرة مع المنافس الإمبريالي . لكن كما أشرت أيضا ، هناك واقع خطير جدّا بأنّ ديناميكيّة هذه الحرب قد تؤدّى عمليّا إلى مواجهة عسكريّة مباشرة بين روسيا و الولايات المتّحدة / الناتو .
" بقطع النظر عن النوايا ، مثلما تبيّن ذلك مرارا و تكرارا ، يمكن للأحداث - خاصة ديناميكيّة الحرب نفسها ، بعد إنطلاقها – أن " تتجاوز النوايا " و تؤدّي إلى ظروف و تبعات لم يرغب فيها أيّ طرف من الطرفين المتحاربين و لم يتوقّعها في البداية . و في الوضع الراهن مع الحرب في أوكرانيا ، هناك خطر حقيقيّ جدّا هو إمكانيّة أن " تتجاوز " مثل هذه الديناميكيّة و أن تؤدّي إلى تبعات فظيعة حقّا – الإمكانيّة الحقيقيّة جدّا لحرب بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا ، مع إستخدام الأسلحة النوويّة التي يمكن أن تمثّل تهديدا حقيقيّا جداّ للحضارة الإنسانيّة ككلّ . " (5)
" الواقع المعيش " الفعليّ و الإيجابيّ جدّا رئيسيّا للشيوعيّة الثوريّة :
و نظرا لأنّ هذه المسألة قد طُرحت بحدّة في تفاعل من التفاعلات مع مقالى ، لا بدّ من الردّ مباشرة على هذا : " في نهاية المطاف ، بوب ، أودّ أن أعرف ماذا يوجد في التاريخ المعيش للشيوعيّة الثوريّة يستحقّ الكفاح من أجله الآن ".
طبعا ، كما عرّجت على ذلك في البداية ، من غير الممكن هنا التوغّل في هذا مطوّلا و بالعمق اللازم للإجابة على كلّ الإفتراءات و التشويهات التي كانت و لا تزال تبثّها آلات دعاية النظام الرأسمالي – الإمبريالي و يبثّها المتواطؤون معها فكريّا – و قد إبتلعها بلا نقد و عاد أعاد ترديدها عدد كبير جدّا من الناس الذين يتعيّن أن يعرفوا أكثر ( و ربّما قد فعلوا في الماضي ) . و بهذا في الذهن ، بينما نتطرّق لفقط بعض المكاسب البارزة ل " التاريخ المعيش لشيوعيّة الثوريّة " ( فيما يشير إلى أهمّية تقييم علميّ ليس للتجربة الإيجابيّة رئيسيّا فحسب و إنّما كذلك للنقائص و الأخطاء الفعليّة و بعضها جدّية تماما و أحيانا مريرة حتّى ) سأحيل كلّ من يبحث حقّا عن إجابة أعمق و أكثر جدّية و أهمّ بصدد هذه المسألة ، على موقع أنترنت revcom.us و بالأخص العدد المفرد للمسألة و الذى يمكن العثور عليه هناك و عنوانه " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا ". لكن بلإقتضاب ، في ما يتعلّق بالإتّحاد السوفياتي ( أوّل دولة إشتراكيّة في العالم أنشأتها الثورة الروسيّة لسنة 1917) ، من فترتها الأولى إلى بدايات ثلاثينات القرن العشرين ، حدثت تغييرات تحريريّة هائلة حرّرت الجماهير الشعبيّة من العناصر الباقية من الإضطهاد الإقطاعي و الجهل و التطيّر المفروضين لا سيما في الأرياف الممتدّة ، و في الوقت نفسه ، التحرّك لإنهاء الإستغلال الرأسمالي المركّز في المدن . و مثال بارز عن ذلك كان تحرير النساء من الإضطهاد البطرياركي العنيف و الخانق و ذلك بطرق لم يشهد لها مثيل وقتذاك . و قد ترافق هذا كلّه بإزدهار الإبداع و المضمون الثوريّ في حقل الأدب و الفنّ .
و صحيح أنّه حتّى أثناء هذه الفترة من زمن الثورة الروسيّة سنة 1917 إلى بدايات ثلاثينات القرن العشرين ، إرتكبت أخطاء و منها حتّى بعض الأخطاء الجدّية – و هذا بالكاد مفاجئ نظرا لكون تلك كانت أوّل تجربة تغيير إشتراكي للمجتمع في إطار معارضة شرسة من القوى الرجعيّة الباقية داخل الإتّحاد السوفياتي ذاته و الحصار المعاديّ من بلدان إمبرياليّة قويّة . و خاصة عقب بدايات ثلاثينات القرن العشرين ، الكثير من التعبيرات الملهمة و فيض الحماس الثوريّ السابقين في عدّة مجالات متنوّعة سياسيّا و ثقافيّا شهدت تراجعا بدرجة لها دلالتها . و مثّل إنتصار النازية في ألمانيا في بدايات ثلاثينات القرن الماضي و سحق الحزب الشيوعي في ذلك البلد ، و قد كان ذلك الحزب يمثّل المعارضة المباشرة الأشدّ للنازيّين و كان أوّل هدف للقمع و الإغتيالات الكبيرين و المكثّفين على يد النظام النازي ، مثّل ذلك منعرجا كبير في علاقة بكلّ هذا. و بخاصة في مواجهة التهديد بالغزو الكامل من قبل نظام ألمانيا النازيّة و في إطار إستعداد و مناورات الحكومة السوفياتيّة للتعاطى مع التهديد المتنامي عبر النصف الثاني من ثلاثينات القرن الماضي ، إرتكبت أخطاء جدّية و حدثت إنتهاكات لمبادئ الشيوعيّة من طرف ستالين و القيادة السوفياتيّة بما في ذلك حملة قمع شديد ضد أناس إعتُبروا أو أعلنوا أعداء و العديد منهم ما كانوا بالأعداء فعلا . و تاليا ، جاء الغزو النازيّ سنة 1941 و التدمير الرهيب و الخسائر الفادحة في الحياة في الإتّحاد السوفياتي ( بوفاة عدد من المدنيّين و الجنود في تلك الحرب يساوى تقريبا 50 مرّة الوفايات التي سجّلتها الولايات المتّحدة . )
و غداة تلك الحرب ، كانت الإشتراكية في الإتّحاد السوفياتي معلّقة فعلا في خيط رفيع – خيط قطعه نيكيتا خروتشوف قادة آخرون من الإتّحاد السوفياتي أواسط خمسينات القرن العشرين ، واضعين الإتّحاد السوفياتي على طريق إعادة تركيز الرأسماليّة .
و مثلما يتعيّن أن يكون بديهيّا حتّى ممّا إستطعت التعريج عليه هنا ، هناك تاريخ معقّد للغاية ( و من جديد ، من أجل نقاش أهمّ لهذا ،أحيل الناس على العدد الخاص من جريدة " الثورة " الذى مرّت بنا الإشارة إليه ) ، لكن ما من شكّ في أنّ تقييما نزيها و علميّا لهذه التجربة في الإتّحاد السوفياتي لمّأ كان إشتراكيّا ، يؤدّى إلى إستنتاج أنّه حتّى بألأخطاء الجدّية المقترفة – و حتّى مع ضرورة و إمكانيّة إنجاز ما أفضل في الثورة الشيوعيّة و التقدّم بها – نهائيّا ، وُجد الكثير ممّا كان إيجابيّا في " التاريخ المعيش " للدولة الإشتراكية الأولى وهو " يستحقّ الكفاح من أجله الآن ".
و هذا صحيح حتّى أكثر – و صحيح ببُعد أعظم بكثير – مع تجربة الصين الإشتراكيّة أثناء وجودها لفترة قصيرة جدّا ، من 1949 إلى 1976 . و من المثير أنّ يتمّ طرح هذه المسألة ، مسألة ما " يستحقّ الكفاح من أجله الآن " في " الواقع المعيش " للشيوعيّة الثوريّة ، من قبل شخص ( من قدماء طلبة من أجل مجتمع ديمقراطي -SDS ) عاش في فترة نهوض ثوريّ هائل في العالم خلال ستّينات القرن العشرين و النصف الأوّل من سبعيناته كانت فيها التجربة الثوريّة في الصين مثالا بارزا للغاية و ملهما للغاية أيضا . هل نسي من أثار هذه " المسألة " ( أم أنّه أخفق في أن يلاحظ وقتها ) التغييرات التحريريّة العظيمة التي تحقّقت في بضعة عقود فحسب في الصين الإشتراكيّة وقد بلغ ذلك ذروته إبّان الثورة الثقافيّة هناك؟
ألستم واعين للطريقة التي بها حرّرت الثورة الصينيّة و التغييرات الإشتراكية التي أحدثتها مئات الملايين من الفلاّحين الصينيّين من الإستغلال و الحرمان الإقطاعيّين المريرين بدرجة لا توصف بما في ذلك الأوضاع التي إضطرّت جرّاءها أسر إلى بيع أطفالها لا سيما البنات منهنمفى محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة ؟
هل فاتكم نوعا ما أم تجاهلتم واقع أنّ هذه التغييرات التحريريّة بصفة خاصة حرّرت النساء من قرون و حتّى ألفيّأت من الإضطهاد الرهيب بما فيه إهانة الدعارة التي ألغيت في الصين الإشتركية كظاهرة إجتماعية هامة ( لكنّها عادت إلى الظهور كظاهرة إجتماعية كبرى منذ وقوع إعادة تركيز الرأسماليّة في الصين )؟
ألم تعلموا أنّ أمل الحياة تضاعف في الصين أثناء الفترة الإشتراكيّة ( مرّ من معدّل 32 سنة إلى 65 سنة ) و أنّ نسبة وفايات الأطفال في المدينة الكبرى لشنغاي كانت أدنى من تلك النسبة في مدينة نيويورك ؟
هل نسيتم ( أم بطريقة ما فاتتكم ) الثقافة الثوريّة التي نشأت في الصين خلال الثورة الثقافيّة في الصين بما فيها المسرحيّات و الباليه حيث لعبت النساء لأوّل مرّة في التاريخ دورا قياديّا في إنتاجات قيمتها الفنّية عالية و مضمونها ثوريّ ملهم ؟
هل نسيتم ( أو بطريقة ما فاتتكم ) التغييرات الراديكاليّة في افقتصاد الإشتراكي الصيني و بوجه خاص خلال الثورة الثقافيّة حيث المظاهر الباقية من الإدارة و الإستغلال الرأسماليّين وقع إلغاؤها و تعويضها بأشكال جديدة من العلاقات الإشتراكية التحريريّة – مثلما يتكثّف ذلك في شعار " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج "الذى وجّه التطوّر المخطّط للإقتصاد الإشتراكي الساعي إلى تلبية حاجيات الجماهير الشعبيّة و تقديم الدعم للثورة العالميّة بدلا من الإعتماد على العمل المغترب في ظلّ ظروف إستغلال قاسية خدمة لدافع الربح بلا هوادة لفائدة الرأسماليّين المتنافسين ؟
هل فاتكم بطريقة ما واقع أنّ الثورة الثقافيّة في الصين عنيت أعظم إزدهار للديمقراطية الجماهيريّة الحقيقيّة في التاريخ الإنسانيّ ؟ و قد شمل هذا تماما مئات الملايين من الناس بأعداد هائلة من الشباب بوجه خاص ، لكن كذلك " إنتاج " ملصقات ذا أحرف كبيرة " [ دازيباو ] و غيرها من أشكال أخرى من التعبيرات الجماهيريّة التي وجّهت النقد لمسؤولين رسميّين و سياسات حكم كانت تروّج للإستغلال الرأسمالي و للعلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة . جدّت هذه السيرورة من النقاش الجماهيريّ و الصراع الإيديولوجي حول المسائل المتّصلة بالتغييرات الثوريّة في الصين و في العالم عامة ؛ و قد دعّمت القيادة الثوريّة و على رأسها ماو تسى تونغ هذا النهوض الجماهيري . أجل ، تخلّلت ذلك بعض التجاوزات . لكن هذه التجاوزات بالغ فيها بشكل كبير ( و إخترع " تجاوزات " أخرى ) الناطقون باسم الإمبرياليّين و آخرون يعارضون و يكنّون الحقد لهذا النهوض الثوريّ . و الواقع هو أنّ ماو نقد و قدّم توجيهات ملموسة للتصدّى لهذه التجاوزات و لقيادة النضال صوب أهدافه الأساسيّة : إنجاز المزيد من التغييرات الثوريّة في ألإقتصاد و الهياكل السياسيّة و العلاقات الإجتماعيّة و الإيديولوجيا و الثقافة و إلحاق الهزيمة بمساعى أشخاص في مواقع السلطة إلى إعادة تركيز الرأسماليّة .
على ما يبدو أنتم واعون بالمساعدة التي قدّمتها الصين للشعب الفيتنامي في حربه من أجل التحرّر من الإمبريالية الأمريكيّة – على الرغم من تشويهكم لذلك على انّه عمل إمبريالي بدلا من كونه عمل ملهم و مثال للتضحية و الأممية الثوريّة .
و بوسعى ذكر المزيد – لكنّى أقدّر أنّ النقطة ينبغي أن تكون قد إتضحت بما فيه الكفاية .
و مرّة أخرى ، أجل ، إقترفت أخطاء و وُجدت نقائص و هنات في التوجّه و المنهج و كذلك في التحرّكات العمليّة للقيادة لكن ما من شكّ في أنّ تحليلا موضوعيّا و علميّا سيؤدّى إلى إستنتاج أنّ هذا " الواقع المعيش " كان نهائيّا و بصفة طاغية غاية في الإيجابيّة تاريخيّا . و عند مقاربة هذا بتوجّه و منهج علميّين ، أمكن إستخلاص دروس حيويّة من هذه التجربة الإيجابيّة بصفة طاغية وأيضا من مظهرها السلبيّ ما أفرز خلاصة جديدة للشيوعيّة ( يحال عليها شعبيّا بالشيوعيّة الجديدة) ما يخوّل للنضال في سبيل تحرير الإنسانيّة الإنطلاق من أسس أرسخ و قاعدة أقوى حتّى للكفاح من أجل الشيوعيّة التي تحقّق هذا التحرير .
سياسات " الممكن " سياسات مسخ :
أخيرا ، من المهمّ الردّ على الموقف التالي كواحد من المواقف المختلفة مع مضمون مقالي :
" الحقّ يقال أنا أكره الحزب الديمقراطي الداعر إلاّ أنّه التشكيلة الإنتخابيّة الوحيدة الممكن إستعمالها في الولايات المتّحدة لتحقيق سياسات قوميّة جدّية من وجهو نظريّ الإشتراكية الديمقراطية البراغماتيّة . و بينما ليس بالتأكيد بؤرة تركيزي التنظيمي الوحيد ، فإن السياسات الإنتخابيّة على الأرضيّة الموجودة حيويّة خاصة بالنسبة إلى الناس الأكثر عُرضة للمخاطر و غير المنخرطين في النقاشات الفكريّة حول النظريّات . أي شيء من اليسار أعظم و منفصل عن النزاعات القائمة من أجل السلطة ضمن تحالفات عريضة و معقّقة يفترض أساسيّات دغمائيّة الإيمان الديني أتفاعل معه بذات عدم الإكتراث الذى لديّ تجاه شهود ياهوه ".
من هذا الموقف القسم الوحيد الذى يمكن أن يُشاطره الرأي أي شخص يبحث جدّيا عن مجتمع و عالم أكثر عدلا هو الشعور المعبّر عنه في البداية " الحقّ يقال أنا أكره الحزب الديمقراطي الداعر ".
و كما وقع التدليل على ذلك على نطاق واسع في عديد المواد على موقع أنترنت revcom.us ، الحزب الديمقراطي – كأحد الحزبين الحاكمين التابعين للرأسماليّين الإمبرياليّين الأمريكان – هو و قد كان على الدوام أداة لجرائم الحرب المتكرّرة و الجماهيريّة و الوحشيّة ضد الإنسانيّة وصولا إلى يومنا هذا . و خاصة بالنسبة إلى من يُعلنون أنّهم يكرهون عمليّا الحزب الديمقراطي – و في هذه الحال لا يمكن إلاّ يُفترض أنّ لهذا صلة بدروه في التسبّب في و في فرض اللامساواة من عدّة أصناف – ليؤكّدوا لاحقا بأنّ الحزب الديمقراطي بشكل ما هو الوسيلة الوحيدة للتغيير الإيجابيّ المفترض ، يتطلّب عمدا تجاهل الدور الفعلي للحزب الديمقراطي و الجرائم الشنيعة التي كان مسؤولا عنها بصفة متكرّرة . و أكثر جوهريّة ، خفض نظر الناس و تضييق أفق رؤيتهم للإطار الفظيع الحقيقي لهذا النظام و التشديد على أن يظلّ النشاط السياسي في حدود إطار هذا النظام – كلّ هذا باسم " الواقعيّة ". و هذا تجسيد مثاليّ لموقفى القائل بأنّ سياسات " الممكن " سياسات مسخ . و يؤكّد هذا أيضا على حقيقة موقفى " المرافق " لذلك أنّه إذا حاولتم جعل الحزب الديمقراطي ما ليس هو و ما لن يكونه ، فإنّكم أنتم أنفسكم ستنتهون إلى ما هو عليه عمليّا هذا الحزب . و يجب أن يقال خاصة لأي شخص يعرف على الأقلّ شيئا من حقيقة الجرائم التي إقترفها الحزب الديمقراطي لمّا تراّس هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و تاليا يؤكّد على أنّه من الضروري العمل مع و عبر هذا الحزب لإحداث نوع من التغيير الهام المفترض ؛ إنّ هذا يعنى التحوّل إلى متواطئين حقّا مع الجرائم الوحشيّة لهذا النظام .
و بالتأكيد بوسعى أن أتماثل مع روح النقد التالي للكثير ممّا يسمّى ب" اليسار " - و يجب تطبيق هذا على " ظاهرة المتيقّظين" كذلك :
" لقد عشت في منطقة باي آريا لأكثر من خمسين سنة و توصّلت إلى كره هرائها " التقدّميّ" المتكبّر . الموالون بقدر عالى ل " اليسار " معظمهم لهم أساس في جمعيّة الجناح الليبرالي – العالمي للطبقة الحاكمة . و هذا يبقى هذه المنظّمات و بعض أصناف " القيادة " مستمرّة مهما كانت غير كفأة . "
لكن الردّ على هكذا " يسار " زائف و هكذا هراء " متيقّظ " ليس السقوط في لون آخر من ما وصفه لينين بشكل ملائم على أنّه " نزوع نحو الوقوع تحت جناح البرجوازيّة " خاصة جناحها " الليبرالي " كما يمثّله الحزب الديمقراطي .
و أمّا بالنسبة إلى إعلان أنّ أيّ شيء " منفصل عن النزاعات القائمة من أجل السلطة " في إطار هذا النظام على نحو ما غير مفيد – هذا الموقف ليس تعبيرا آخر عن واقع أنّ سياسات " الممكن " سياسات مسخ فحسب بل هي أيضا تعبير دقيق عن الإفلاس المطلق لهذه المقاربة المفترضة " واقعيّة " للسياسة .
تذكّروا أنّ هذا الإعلان يُطلق الآن في وضع يتميّز بتسبّب هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي و النزاع بين القوى الإمبرياليّة ليس في عذابات هائلة لجماهير الإنسانيّة و حسب و إنّما نهائيّا و بصفة متصاعدة يهدّد الإنسانيّة في وجودها بفعل تسريعه لتدمير البيئة و مفاقمة خطر الحرب المباشرة بين الإمبرياليّين الروس و إمبرياليّى كتلة الولايات المتّحدة / الناتو . و هنا ، في تعارض مع التأكيد الدنيء بأنّ أيّ سياسات لا تعتمد في نهاية المطاف و جوهريّا على الحزب الديمقراطي ( و النظام الذى يخدمه ) منفصلة عن الواقع مثلما أصحاب ذاك التأكيد منفصلون عن شهود يهوه ؛ الحقيقة هي أنّه من اللاواقعيّة بعمق و نهائيّا منفصل عن الواقع التفكير في أنّ العمل في إطار هذا النظام يمكن بشكل ما أن يؤدّي إلى تحوّله إلى قوّة للخير في العالم ، قوّة تتحرّك خدمة لمصالح الجماهير الشعبيّة ليس في هذه البلاد فحسب لكن أيضا في العالم الرحب خارج هذه البلاد بما في ذلك مليارات الناس في العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و آسيا و الشرق الوسط ) المستغَلّين و المنهوبين بلا رحمة من قبل الذين يعلنون عن أنفسهم أنّهم " أبطال الديمقراطيّة " إلاّ أنّهم عمليّا إمبرياليّون أمريكان طفيليّون .
مع ذلك ، ما هي المقاربة الراهنة للحزب الديمقراطي و بيدن على رأسه ؟ إنّها التشديد بشكل طاغي على شلّ الإمبرياليّة الروسيّة كمنافس ، و تعزيز التحالف الإمبريالي" الغربيّ " عبر الحرب المخاضة على الأقلّ إلى حدّ الآن كحرب " بالوكالة" هي أجل تجعل من الناس في أوكرانيا " بيادقا " و " كبش فداء " و هذا بصفة متزايدة يطرح خطر التصعيد نحو حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا بتبعات رهيبة .
و على الرغم من جلسات الكنغرس بشأن محاولة إنقلاب ترامب / الجمهوريّين في علاقة بالإنتخابات الرئاسيّة الأخيرة ، لم يخفق الديمقراطيّون – و بالخصوص بيدن و قيادة الحزب الديمقراطي – فقط بل بالفعل رفضوا أن يعارضوا بجدّية التحرّكات التصعيديّة الفاشيّة للحزب الجمهوريّ . على ما يبدو " إستراتيجيا " بيدن ( إن كانت لديه إستراتيجيا أصلا ) لمعارضة هذه الفاشيّة و " تجاوز الإنقسامات في البلاد " هي توحيد الناس حول أهدافه الإمبرياليّة في الحرب في أوكرانيا – شيء نجح فيه لسوء الحظّ بقدر كبير جدّا على ألقلّ إلى حدّ الآن . و بينما معظم سياسيّى الحزب الجمهوريّ الفاشيّ سعداء بالكامل بدعم الأهداف الإمبرياليّة للولايات المتّحدة في الحرب في أوكرانيا ، لم يترافق موقفهم هذا بأيّ شكل من الأشكال مع تخفيف من حدّة الهجوم الفاشيّ العدواني بل على العكس إشتدّت عديد أبعاده بصفة متكرّرة و متسارعة .
إذا كان أناس مثل أعضاء سابقين في طلبة من أجل مجتمع ديمقراطي ( SDS ) يصرّحون بهذه الإختلافات مع ما حلّلته بصدد الحرب في أوكرانيا ، يريدون خوض صراع التهديد الفاشيّ الحقيقيّ جدّا و المتصاعد بإستمرار فيحتاجون إلى التعمّق أكثر في الطبيعة الجوهريّة لهذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي و الواقع الفظيع و المستقبل الأفظع حتّى المعنيّين و المتوقّعين للإنسانيّة – و إلى الإلتحاق بما هو أجل نضال ثوريّ عسير جدّا لكن ضروريّ بصفة إستعجاليّة و ممكن ضد كلّ الإمبرياليّات مع تشديد خاص على معارضة طبقتهم الحاكمة لإمبرياليّتهم " الخاصة " ، و بهدف جوهريّ هو تخليص الإنسانيّة في نهاية المطاف من كامل هذا النظام و إنشاء شيء أفضل : مجتمع إشتراكي يهدف إلى تحقيق الغاية الأسمى لعالم شيوعيّ ، عالم خالي من كلّ ألوان الإستغلال و الإضطهاد و كلّ الحروب و النزاعات العدائيّة الأخرى في صفوف البشر .
و بهذا الصدد ، أنا مضطرّ للإختلاف بقوّة مع التالى الوارد في إحدى الحجج ضد مقالي موضوع النقاش :
" كنّا أنا و رئيس الحزب الشيوعي الثوري بوب أفاكيان في الجامعة زمنها و أتجرّأ على قول إنّه لا أحد منّا قد أتى بإستراتيجيا سياسيّة أكثر إنسجاما أو قابليّة للإستعمال من مارتن لوثر كينغ . و ليست لى مشكلة في أن أقرّ بذلك – مهما كانت المشاركة في سير النظام السائد ينزع إلى أن يكون مقيتا .
دعونى أوضّح بجلاء أنّي واعي جدّا بالتحدّيات الكبرى و المهيبة حقيقة التي يجب مواجهتها إن كان المرء جدّيا بشأن إحداث تغيير يعالج حقّا الظلم العميق و المخاطر الحقيقيّة للغاية في العالم كما هو اليوم ( و كما يهدّد بأن يُصبح عليه ) . و نهائيّا ، أشاطر إحباطات شخص يبحث بنزاهة عن إنشاء عالم أعدل و ليس بوسعه سوى الشعور بالعراقيل التي تبدو عنيدة التي يواجهها في سعيه إلى تحقيق ذلك – بما فيها ، يجب القول ، المقاومة الصادرة من صفوف من يحتاجون بالتأكيد بيأس لهذا التغيير الراديكالي . و تحديدا لهذه الأسباب واصلت تكريس حياتي لصياغة و قيادة الجهد الجماعي لمواصلة تطوير و تطبيق تحديدا مقاربة يمكن أن تواجه المشاكل الحقيقيّة جدّا و عمليّا تجاوز القوى القويّة منتهى القوّة المصطفّة في تعارض لما نحتاجه بصفة إستعجاليّة من تغيير راديكالي تحريريّ .
و الحقيقة هي أنّه من خلال هذه السيرورة و نتيجة عمل مصمّم إمتدّ على عدّة عقود ( إن لم يعد تماما إلى أيّام الجامعة ) ، طوّرت توجّها و مقاربة إستراتيجيّين ليس للإعتماد على أو البحث عن مناشدة تنازلات إصلاحيّة من سياسيّي الطبقة الحاكمة ( كما فعل مارتن لوثر كينغ في علاقة بالرئيس لندن جنسن آنذاك ) وهو ما كان على الأغلب سيخفّف وقتيّا من بعض فظاعات هذا النظام إلاّ أنّه ليس قادرا على وضع نهاية له و إجتثاثه من الجذور . بدلا من ذلك ، طوّرت مقاربة ضروريّة حقّا للقضاء على كلّ هذا : إستراتيجيا لكيفيّة إنجاز ثورة فعليّة – أجل ، ضد الطبقة الحاكمة القويّة لهذا النظام – و كذلك إطارا و توجّهات مرشدة ملموسة لمجتمع إشتراكي جديد جذريّا و تحرّريّ ، على طريق عالم شيوعيّ.
و قد جرى الحديث عن هذه الإستراتيجيا في عدد من خطاباتي و كتاباتي و أحدثها و بشيء من التفصيل في " شيء فظيع أم شيء تحريريّ ..." (6) ( و هذا العمل كُتب قبل غزو روسيا لأوكرانيا بيد أنّه يتضمّن تحليلا أساسيّا و توجّها إستراتيجيّا في ما يتعلّق بالقيام عمليّا بالثورة في بلد قويّ ، و المبادئ و المناهج الأساسيّة التي يتناولها بالحديث قابلة نهائيّا للتطبيق على الوضع الراهن ، عقب هذا الغزو الروسيّ و الأحداث التي جدّت في إرتباط به ) و نظرة شاملة و مخطّط ملموس لمجتمع جديد راديكاليّا و تحريريّا متوفّرين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " .(7)
هذه المقاربة الثوريّة بكلّ التحدّيات الحقيقيّة جدّا و العميقة هي التي تمثّل البديل " الواقعيّ" الوحيد للحاضر الفظيع حقّا و المستقبل الكارثيّ الممكن الذى سيكون مصير الإنسانيّة ، طالما ظلّت مقيّدة و مكبّلة بسير و ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي . و هذا " البديل " التحريريّ الثوريّ حقّا هو الذى يحتاج أن يتفاعل معه تفاعلا جدّيا كلّ إمرء يهتمّ فعلا بواقع الإنسانيّة و مصيرها – و يتبنّاه بنشاط كلّ القادرين على الإعتراف بأنّه يمثّل الإمكانيّة الحقيقيّة و " الواقعيّة " الوحيدة لإنشاء شيء مختلف جوهريّا و أفضل بكثير .
هوامش المقال :
ملاحظة الناشر : إلى جانب العدد الخاص من جريد " الثورة " ، " " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " ، المقالات التالية و غيرها من أعمال بوب أفاكيان المذكورة أعلاه متوفّرة أيضا على موقع أنترنت revcom.us
[ و ملاحظة مترجم هذا المقال : جميع هذه الأعمال متوفّرة باللغة العربيّة على موقع أنترنت الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ؛ على الرابط الآتى ذكره للموقع الفرعي لشادي الشماوي في الحوار المتمدّن :
http://www.ahewar.org/m.asp?i=3603 ].
Editors’ Note: Along with the special issue You Don t Know What You Think You "Know" About...The Communist Revolution and the REAL Path to Emancipation: Its History and Our Future, Interview with Raymond Lotta, the following articles and other works by Bob Avakian, cited above, are also available at revcom.us.
1. Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2
2. “Legit Gangsters”—Gangsters With Nuclear Weapons (Longer Version—The Fuller Picture Short Version—The Basic Truth)
3. World War 3 and Dangerous Idiocy
4. Imperialist Parasitism and “Democracy”: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of “Their” Imperialism
5. Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2
6. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, the Looming Possibility of Civil War—And the Revolution that Is Urgently Needed. A Necessary Foundation, A Basic Roadmap for this Revolution
7. Constitution for the New Socialist Republic in North America
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++


(22)
المحكمة العليا تتحرّك نحو إلغاء حقوق الإجهاض : " النزول إلى الشوارع " و رفض حدوث ذلك – بوب أفاكيان يتحدّث عن هذا الوضع الدقيق في القتال من أجل حقوق الإجهاض و الطريق إلى التقدّم و تجنّب الطرق المسدودة
9 ماي 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 751 ، 16 ماي 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/taking-to-the-streets-and-refusing-to-let-this-go-down

مع تسرّب مشروع قرارا المحكمة العليا بما يوضّح نيّة الغالبيّة " المحافظة " في المحكمة العليا في إلغاء الحقّ في الإجهاض القانوني ، هناك إحتجاجات شرعيّة لجماهير النساء و لأناس يكرهون الظلم بشكل عام . لكن هناك أيضا قرع طبول أعلى فأعلى لسياسيّي الحزب الديمقراطيّ ( و الذين يتّبعون خطاهم كالعبيد ) ، مؤكّدين أنّ أيّة معارضة لها مغزى يجب أن توجّه ( مرّة أخرى ) إلى التصويت على الديمقراطيّين . هذه الحجّة خاطئة بصفة مميتة . و في الغالب العمّ ، يثار كتبرير للقبول بإلغاء حقّ الإجهاض – أن تمزّق المحكمة العليا هذا الحقّ " من تحصيل الحاصل " و الأمل الوحيد يكمن في انتخاب الديمقراطيّين في الانتخابات القادمة . زز
و كجزء من هذه الحجّة ، تنتهى إلى سمعنا أشياء من مثل " ترون ، لو كانت هيلاري كلينتن بدلا من دونالد ترامب رئيسة ما كان هذا ليحدث " . هل من دليل أكبر تتاجونه على انّ الإنتخابات تصنع الفارق كلّه ؟ ( و عادة ما يترافق هذا بالإشارة إلى أنّ الغالبيّة في المحكمة العليا قد عيّنها رؤساء جمهوريّ,ن و بوجه خاص إلى أنّ ثلاثة أعضاء من المحكمة عيّنهم دونالد ترامب الذى أوضح بشكل جيّد أنّه حاول تعيين " قضاة " في المحكمة سيعملون على الإنقلاب على رو مقابل وايد السابقة القانونيّة لحكم المحكمة العليا التي ركّزت قبل مدّة طويلة وحافظت إلى الآن على حقّ الإجهاض عبر البلاد ). إلاّ أنّ هذا ينظر إلى ألشياء نظرة ضيّقة للغاية و يخفق في رؤية ( أو في أن يأخذ بعين النظر ) المشهد الأوسع لما يحدث في المجتمع ( و العالم ) عامة – بما في ذلك أسباب لماذا شخص مثل ترامب جرى إنتخابه و كيف أنّ التحرّك نحو جعل الإجهاض غير قانونيّ توصّلأ إلى تكوين هكذا زخم قويّ و أضحى قوّة ذات بأس . سأتوغّل بصورة أتمّ في هذا في ثنايا هذا المقال لكن قبل كلّ شيء ، من الهام التأكيد على هذا المبدأ الأساسيّ : بغضّ النظر عن التصويت من عدمه ، ما نحتاج إليه بصفة إستعجاليّة الآن هو تعبأة و مقاومة جماهيريّتين و ثابتتين لتوضيح أنّ التراجع عن حقّ الإجهاض و بأنّنا سنغلق البلاد قبل أن يقبل الناس بالتراجع عن حقّ الإجهاض .
الآن ، ردّا على حجّة أنّ كلّ شيء يرتهن بالتصويت إلى الديمقراطيّين ، يمكن أن ننطلق من هذه الحقيقة الأساسيّة : حتّى حقّ التصويت لم يُكسب بالتصويت . ما هكذا كسب السود و كسبت النساء و غيرهم حقّ التصويت . و قد كُسب حقّ التصويت بالإحتجاج على و القتال ضد الظلم . و هذا يصحّ أيضا على الحقوق الأخرى التي كُسبت عندما صمّمت قوى قويّة أن تنكر على الناس هذه الحقوق – و يصحّ عامة بالنسبة إلى التغييرات ذات المغزى حقيقة في المجتمع . و حتّى حيث الحقوقو التي وقع التنكّر لها شكليّا وقع الإعتراف بها في النهاية ( و " صارت رسميّة " ) بقانون حكوميّ ، و يأتي هذا جوهريّا كنتيجة لنهوض الجماهير الشعبيّة للمطالبة بالتغيير .
حقّ الإجهاض نفسه تمّ كسبه في مقام الأوّل نتيجة إحتجاجات جماهيريّة في ستّينات القرن العشرين و في القسم الأوّل من سبعيناته و منها حركة تحرير النساء وقتها .


التنكّر لحقّ الإجهاض يتعلّق بالتحكّم في النساء و بإهانتهنّ :
و كي نفهم فهما تاما لماذا التعويل على الديمقراطيّة و توجيه كلّ شيء نحو التصويت لهم تعدّ مقاربة خاطئة كلّيا ، من الهام جدّا أن نكون واضحين بشأن ما هو في قلب هذا الصراع حول حقّ الإجهاض و ما هو الدور الذى لعبه الديمقراطيّون بهذا المضمار .
و كما شدّدت على ذلك في عديد المناسبات ، هذا الهجوم الفاشيّ الهادف لجعل الإجهاض غير قانوني ليس يتعلّق ب " إنقاذ أطفال " – إنّما يتعلّق بالتحكّم في النساء و تقليصهنّ إلى خادمات " رعاية " الأطفال ، تحت سيطرة الرجال .
و ذلك أوّلا لأنّ الغالبيّة العظمى من عمليّات الإجهاض تجرى نسبيّا في بدايات الحمل حينما الجنين( ليس طفلا بل جنينا ) صغير جدّا أو لم يُطوّر بعدُ أجهزة و ميزات أخرى تشكّل إنسانا مستقلاّ قادرا على الحياة لوحده خارج جسد المرأة و دون وظائفها الجسديّة . ( و في ما يتّصل بالنسبة المائويّة الضئيلة جدّا لعمليّات الإجهاض المنجزة بصفة لها دلالتها في مدّة أكثر تأخّرا خلال حمل المرأة بصفة طاغية فهي تُجرى إعتبارا للخطر على الصحّة الأساسيّة أو حتّى على حياة المرأة و / أو لأنّ للجنيه تشوّهات حادة جدّا بحيث لا يمكنه البقاء على قيد الحياة لوحده أو أنّه سيعانى معاناة رهيبة مهما كان مدى بقائه على قيد الحياة ).
الحقيقة هي أنّ إلغاء حقّ الإجهاض ليس يتعلّق ب " إنقاذ أطفال " و هذا يكشفه بأكثر حدّة واقع أنّ القوى التي تقف وراء هذه الحركة الساعية للتراجع عن قانونيّة الإجهاض ترغب كذلك في التخلّص من التحكّم في الإنجاب . و هذا كما أشار إلى ذلك عدد من الناس يمكن أن يكون التالى و بسرعة غداة قرار المحكمة العليا بإلغاء حقّ الإجهاض و مرّة أخرى : السعي إلى التراجع عن قانونيّة الإجهاض يتعلّق بالتحكّم في النساء و يفرض تبعيّتهنّ إلى الرجال و فرض مجتمع تفوّق ذكوريّ.
و إذا تابعتم المجانين الفاشيّين الذين يتظاهرون ضد حقّ الإجهاض و يقومون بهرسلة النساء في مصحّات الإجهاض ، سترون هؤلاء المتزمّتين الأصوليّين المسيحيّين رافعين أناجيلهم بينما يصرخون في النساء أن تكفّ عن النضال من أجل إستقلاليّتهنّ و أن تطعن ما يأمر به الإنجيل من أن تكنّ مطيعات للرجال و تابعات لهم . هذا هو ما يدفع الحركة نحو التراجع عن قانونيّة حقّ الإجهاض منذ زمن تركيز رو مقابل وايد ، هذا الحقّ ، قبل خمسين سنة من الآن .
وبكلمات أكثر أساسيّة ، المعنى في حقّ الإجهاض هو حياة النساء و حقوقهنّ و مكانتهنّ الأساسيّة – بما هنّ بشر تماما و لسن شيئا أقلّ من ذلك . و التنكّر لأحد حقوق النساء الجوهريّة في التحكّم في تناسلهنّ الخاص يحطّ من قيمة جميع النساء ، حتّى تلك اللواتى قد لا تصبحن أبدا حاملات – إنّه مرّة أخرى يحافظ على و يفرض تبعيّة النساء للنظام الأبوي/ البطرياركيّة .
عمليّا ، قدّم الديمقراطيّون مساعدة لهذا الهجوم الفاشيّ :
إزاء هذا الهجوم الفاشيّ للتراجع عن قانونيّة الإجهاض – و التصعيد و التشديد من هذا الهجوم في العقود الأخيرة – ماذا كان الديمقراطيّون " منقذو " حقّ الإجهاض يفعلون ؟ بثبات و بصورة متكرّرة كانوا يساومون مع و عمليّا ييسّرون هذا الهجوم الفاشيّ – هذا ما كنوا يفعلون في الواقع .
و منذ السنة الفارطة ، مع توضّح أنّ الغالبيّة الفاشيّة في المحكمة العليا صار من المؤكّد تقريبا أنّها ستمزّق أحشاء رو مقابل وايد أو ستنقلب عليه تمام الإنقلاب ، تصرّف الديمقراطيّون - و الكثير من المرتبطين بهم في حركات حقوق الإنجاب و كذلك " وسائل الإعلام السائدة " التي تعبّر عامة عن آرائهم – تصرّفوا أساسا كما لو أنّه لا مجال للحيلولة دون المحكمة العليا تمزيقها لأحشاء هذا الحقّ الجوهريّ للنساء . فقد حاججوا بأنّ كلّ ما يمكن فعله هو القبول بهذا التجاوز الذى تقترفه المحكمة العليا و " الإعداد لعالم ما بعد – رو " . في حين أنّ منظّمة " إنهضوا من أجل حقّ الإجهاض " RiseUp4AbortionRight.org كانت تدقّ ناقوس الخطر و تجتهد قصد إيجاد تعبأة جماهيريّة ثابتة و مقاومة مصمّمة نحن في أمسّ الحاجة إليها للدفاع عن حقّ الإجهاض ، و بصفة طاغية كانت المنظّمات الأخرى و وسائل الإعلام تشجّع جميع المهتمّين بحقّ الإجهاض على " التروّي " – مؤكّدين على أنّ حقّ الإجهاض سيظلّ قائما في بعض الولايات و أنّ ذهناك أشياء كحبوب الإجهاض ،و بالتالى ستظلّ النساء قادرات على الحصول على إجهاض آمن – متجاهلة واقع أنّ الفاشيّين مصمّمون على إلغاء حقّ الإجهاض الآمن و القانونيّ بأيّ شكل كان عبر البلاد ككلّ .
و صحيح أنّه حديثا جدّا عندما أضحت الهجمات المستمرّة على حقّ الإجهاض أبرز فأبرز و أشنع فأشنع ، و أُعلن على الملأ أنّ غالبيّة المحكمة العليا كانت بالفعل تتحرّك نحو الإنقلاب على رو مقابل وايد – و كان هذا يثير غضبا منتشرا – دعا الديمقراطيّون و المحالفون معهم إلى تنظيم مسيرات إلاّ أنّهم مع ذلك واصلوا التصرّف كما لو أنّ رو مقابل وايد سيقع الإنقلاب عليه لا محالة و الشيء الوحيد الذى يمكن القيام به هو التصويت إلى الديمقراطيّين في الانتخابات القادمة . و بطبيعة الحال ، من الجيّد خروج هذه المنظّمات عن صمتها و إلتحاقها بنداءات تنظيم الإحتجاجات الجماهيريّة – و من المهمّ جدّا أن تكون هذه الإحتجاجات أوسع نطاقا و أقوى ما أمكن – لكن السعي إلى توظيف هذه الإحتجاجات كوسيلة مجدّدا لتوجيه الأشياء نحو التصويت للديمقراطيّين لن يكون شيئا جيّدا و إنّما شيئا سيّئا جدّا : سيكون لها بالتأكيد إساءة التوجيه و الخنق و في نهاية المطاف وأد التحرّكات الشعبيّة الناجمة عن غضب شرعيّ تفجرّ مع كشف المحكمة العليا إستعدادها لإلغاء حقّ الإجهاض ، في حين أنّ الغضب الشرعيّ يحتاج إلى إعطائه تعبيرا أتمّ بكثير و أكثر جماهيريّة في صراع مصمّم و ثابت بهدف منع المحكمة العليا من القيام بذلك ، و توجيه صفعة قويّة للتحرّكات الفاشيّة نحو الإستعباد الفعليّ للنساء.
و قول إنّ الإجهاض يتعيّن أن يكون " نادرا " معناه بجلاء كبير جدّا أنّ هناك شيء خاطئ في الإجهاض – و إلاّ لماذا يتعيّن أن يكون نادرا ؟ و عمليّا يقدّم هذا مساندة و يعزّز حجج الفاشيّين الباحثين عن التخلّص من حقّ الإجهاض . و في الواقع ، حقّ الإجهاض و توفير الإجهاض في ظروف صحّية و داعمة قد أثرى حياة النساء ككلّ . فقد مكّن ذلك الكثيرات من مواصلة مسارات حياتهنّ التي كانت ستعرف إعاقة لو أجبرت على مواصلة الحمل ضد إرادتهنّ ؛ و قد مكّن النساء اللواتى ترغبن في إنجاب طفل من تحديد أفضل وقت لذلك و أفضل الظروف للقيام بذلك . و قد أنقذ حقّ الإجهاض أيضا حياة عدد لا يحصى من النساء ( اللواتى كنّا بطريقة أخرى ستحاولن الحصول على الإجهاض و كنّ ستجبرن على القيام بذلك في أوضاع غير آمنة و عادة تتسبّب لهنّ في الموت ، و هذا بالضبط ما حدث قبل جعل قانون رو مقابل وايد الإجهاض حقّا عبر البلاد كافة ). و التنكّر لهذا الحقّ بوجه خاص يؤثر على النساء ذات الدخل المتدنّى لا سيما منهنّ النساء السود الفقيرات اللواتى هنّ في أمسّ الحاجة إلى الإجهاض . و في الوقت نفسه ، من المهمّ ان ةنبقي في ذهننا أنّ حتّى النساء – و البنات – اللواتى يمكن أن يكون وضعهنّ إقتصاديّا أكثر رفاها أو حتّى مرفّها تماما يمكن إفتراضيّا أن تتمكن من السفر إلى منطقة أو جهة حيث الإجهاض قانونيّ ، ستوجد بعدُ عراقيل جدّية أمام الحصول على الإجهاض : و الأزواج و الخلاّن السيّئين و الأباء الذكوريّين / البطرياركيّين الطغاة و السلطات الدينيّة الدغمائيّة ، و غيرها من العوامل العديدة . و مجدّدا ، الحصول على الإجهاض الآن و القانونيّ كحقّ جوهريّ و مسألة خيار شخصيّ ، له أهمّية عميقة بالنسبة إلى النساء ككلّ .
لعقود ، أخفق الديمقراطيّون – و تلك المنظّمات " الداعمة للإختيار و الحقوق الإنجابيّة " المرتبطة بهم و التي تتبعهم بشكل عبوديّ- أو رفضوا دعوة الجماهير إلى النزول إلى الشوارع في إطار تعبأة جماهيريّة ثابتة و مصمّمة دفاعا عن حقّ الإجهاض . و يتّصل هذا بالطريقة التي سمحوا بها بإستمرار بالتمسك ب" المستوى العالي " " الأخلاقيّ و السياسيّ بشأن الإجهاض – بدلا من أن يعارضوا معارضة شرسة هذا الهجوم الفاشيّ بالتأكيد بقوّة على ضرورة وجود حقّ الإجهاض حسب الطلب و دون إعتذار و على قدرة النساء على التقرير الحرّ لمتى و ما إذا تنجب أطفالا ليس نوعا من الحقّ " السلبيّ" تتعيّن ممارسته " نادرا " – بل بالعكس هو شيء عظيم جدّا ، شيء يجب على كافة الذين يرغبون في الحياة في مجتمع عادل أن يرفعوا رايته بجرأة و حيويّة و يدعموه و يدافعوا عنه بنشاط .
و من الأسباب الأساسيّة لتصاعد إستسلام الديمقراطيّين أمام الفاشيّين السبب التالي : بينما الفاشيّون مصمّمون على توحيد " قاعدتهم " حول رؤيتهم الجنونيّة و " أجندتهم " الإضطهاديّة و القمعيّة بعدوانيّة و هم على أتمّ الإستعداد للترحيب بالطرق التي يتمّ بها تحدّىو تمزيق " الضوابط المركّزة " ؛ يكرّس الديمقراطيّون أنفسهم لمحاولة متنامية الفشل للحفاظ على هذه " الضوابط " و يواصلون محاولة ، حتّى و هم يشهدون فشلا في ذلك ، " تجاوز الإنقسامات و الإستقطاب في المجتمع " . و هذا توجّه و مقاربة مرتبطين بتأبيد فضائع حقيقيّة جدّا بما فيها التفوّق الذكوريّ و كذلك الإضطهاد التفوّقيّ الذكوريّ و العنف و الإرهاب و مواصلة توليد حتّى فضائع أكبر بإستمرار .
إنّ إستسلام الديمقراطيّين أمام الهجوم الفاشيّ يتكشّف أيضا بحدّة في واقع أنّ الديمقراطيّين يرفضون أن يتحدّوا – مباشرة و بصفة مستمرّة و بأيّة قناعة حقيقيّة – الجنون الأصوليّ المسيحي الذى هو " الأساس الأخلاقيّ " للمعارضة المتزمّتة الفاشيّة للإجهاض . ( وتشترك الأصوليّة المسيحيّة في نقاط كبرى مع الأصوليّة الإسلاميّة لقوى مثل طالبان في أفغانستان – و من أهمّ ما تتقاسمانه هو القناعة المتزمّتة بأنّه يجب جعل النساء تابعات للرجال و تحت سيطرتهم ، و بالقوّة إن إقتضى الأمر ذلك ).
لماذا لن يتحدّى الديمقراطيّون حقّا هذا ؟ جزء هام من الإجابة هو أنّ الديمقراطيّين سواء كانوا أم لا متديّنين على المستوى الشخصيّ ( و بالخصوص مسيحيّين أم لا ) يركّزون أنفسهم على إيمان بانّ الدين و بوجه خاص المسيحيّة ضروريّ لأجل تماسك نظامهم الرأسمالي – الإمبريالي الذى يزخر بالعلاقات و الإنقسامات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة الوحشيّة التي يمكن أن تمزّق أوصال البلاد لو لم ينهض الدسن بدور كبير في " تماسكه " أمام هذا الإستغلال و هذا الإضطهاد الفضيعين ، و العنف و القتل الذين يفرضانهما . الديمقراطيّون واعون جدّا بأنّه حتّى إن أثاروا نقدا خفيفا للأصوليّة المسيحيّة أو شدّدوا بقوّة على " الفصل بين الكنيسة و الدولة " دستوريّا ، سيواصل الفاشيّون المسيحيّون الهجوم عليهم بلا هوادة على انّهم " معادون للمسيحيّة " ( حتّى و إن كانت الأصوليّة المسيحيّة تأويل متطرّف و في منتهى الإضطهاديّة من المسيحيّة و ليس نفس المسيحيّة عامة ).
و يتكشّف الإستسلام الأساسي للديمقراطيّين بشلأن " الفصل بين الكنيسة و الدولة " بحدّة عندما تحدّى في بدايات الألفيّة الثانية ، وليّ لادينيّ ( يدعى ميخاييل نيودو ) مهنته محام ، تحدّى تعبير " في ظلّ الإلاه " ( " أمّة واحدة في ظلّ الإلاه " ) في " وعد الولاء "الذى يُجبر الأطفال في المدارس عادة على إلقائه . و قد بلغت قضيّته المحكمة العليا و حتّى مع حكم المحكمة العليا ضدّه ( على أساس ضيّق هو أنّه لا يملك الصفة القانونيّة لرفع هذا التحدّى ) ، كانت لنيودو قاعدة دستوريّة قويّة جدّا في محاججته القائلة بأنّ هذا التعبير ( " في ظلّ الإلاه " ) ، كما تروّج له المؤسّسات الحكوميّة ، تجاوز واضح ل " الفصل بين الكنيسة و الدولة " و التمييز العنصريّ ضد اللادينيّين . هل ساند الديمقراطيّون هذا التحدّى الذى رفعه نيودو؟ لا . في الواقع ، أعداد كبيرة من السياسيّين الديمقراطيّين بما في ذلك أعضاء بارزون من الكنغرس ، أعربوا عن نقطة يتقاسمونها هي عدم التوحّد لمساندة نيودو و مبدأ " الفصل بين الكنيسة و الدولة " لكن بدلا من ذلك ردّدوا علنا و بصوت عال " وعد الولاء " و شدّدوا بخاصة على كلمات " في ظلّ الإلاه ".
بتوجّههم و مقاربتهم ، ليس بوسع الديمقراطيّين أبدا و لن يتحدّوا أبدا بصرامة القاعدة " الأخلاقيّة " للأصوليّين المسيحيّين في مساعيهم لمعارضة و التراجع عن قانونيّة الإجهاض ؛ و لن يستنهض الديمقراطيّون نوع المعارضة الجماهيريّة المصمّمة و الثابتة لهذا الهجوم الفاشيّ ، المعارضة الضروريّة للحفاظ على و توسيع حقوق حيويّة لجماهير النساء ، و الجماهير الشعبيّة ككلّ .
" لا تقولوا لي إنّ الانتخابات لا تصنع الفارق ! " – تفعل ذلك لكن ليس بالمعنى الذى تقصدونه :
إليكم حقيقة أكثر جوهريّة : دافع تحرّك الديمقراطيّين بالطريقة التي يتحرّكون بها هو أنّهم يمثّلون هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي وهم موظّفوه و فارضوه – احد الحزبين البرجوازيّين التابعين للطبقة الحاكمة لهذا . و جزء من القيام بذلك بينما تجرى المحافظة على " ولاء " الناس لهذا النظام ، هو العمل على إبقاء نظرة الناس و تقييد نشاطهم ضمن هياكل و سيرورات تخدم تأبيد و تعزيز حكم هذا النظام – و قسم حيويّ من ذلك هو جعل الناس يؤمنون بأنّ الانتخابات هي السبيل الوحيد ( أو بدرجة بعيدة الأكثر معنى ) لإحداث تغيير إيجابيّ . و في تضارب مع ما يروّجون له بإستمرار ، الواقع الفعليّ هو أنّه في ظلّ هذا النظام :
" الانتخابات : تتحكّم فيها البرجوازيّة و ليست وسيلة من خلالها تتّخذ القرارات الأساسيّة في أيّ حال من الأحوال ؛ وهي حقيقة تهدف في المقام الأوّل إلى إصباغ الشرعيّة على النظام و سياسات و تحرّكات الطبقة الحاكمة ، موفّرة لها غطاء " توكيل شعبيّ " و توجيه و حصر و التحكّم في النشاط السياسيّ للجماهير الشعبيّة " .(1)
و الآن في قمّة هذا الواقع الجوهريّ ، الحزب الجمهوريّ الفاشيّ أكثر عدوانيّة حتّى في تزوير الانتخابات - متحرّكا لمحو أصوات و مزيد " مغالطة و غشّ " المناطق ( معيدا حدود مناطق التصويت لمصلحة المرشّحين الجمهوريّين )- و في عدد من الولايات تركيز أساس المجالس التشريعية للولايات التي يهيمن عليها الجمهوريّون للإنقلاب على نتائج الانتخابات ، إذا لم تمض لصالح الجمهوريّين . و بعدُ كما أشرت إلى ذلك قبلا ، الطريقة التي أرسي بها النظام الإنتخابي في هذه البلاد يشوّه بقدر كبير الأشياء كي لا تعكس عادة الانتخابات " إرادة الشعب " – حتّى مع إفتراض أنّ ذلك يعبّر عنه من خلال السيرورات الإنتخابيّة لهذا النظام – و سيكون ذلك أصحّ تماما مع تحرّكات الجمهوريّين للتآمر و التحكّم في الانتخابات .(2)
( لمزيد التحليل و لأجل تحليل خاص لمميّزات و تشويهات النظام الإنتخابيّ في هذه البلاد ، أنظروا الملاحظة الإضافيّة في نهاية هذا المقال ).
و أبعد من ذلك ، هناك الواقع الأكثر جوهريّة أنّ المصالح الفعليّة للجماهير الشعبيّة لا يمكن أبدا أن تتحقّق في ظلّ هذا النظام القائم على إستغلال و إضطهاد الطبقة الرأسمالية و حكمها ( في الواقع دكتاتوريّتها ) و ثروة هذه الطبقة و سلطتها مؤسّسان على هذا الإستغلال و الإضطهاد في البلاد و في مناطق شاسعة من العالم ككلّ . و على هذا الأساس ، تهيمن الطبقة الرأسماليّة و تتحكّم في الاقتصاد و كافة المؤسّسات الكبرى للمجتمع ، و تحافظ على إحتكار السلطة السياسيّة و للقوّأت المسلّحة و العنف " الشرعيّين " كما تمارسهما الشرطة و يمارسهما الجيش و تفرضهما المحاكم .
و كلّ هذا يوضّح مدى السخف التام لتأكيد الديمقراطيّين ( و الذين يردّدون أقوالهم ) أنّ كلّ شيء يرتهن بالإنتخابات و التصويت زلصالح الديمقراطيّين هو في نهاية المطاف السبيل الوحيد لبلوغ تغيير إيجابيّ .
في الواقع ، التعويل على الإنتخابات ، في ظلّ هذا النظام ، يعنى وضع نهاية مميتة للتعبأة و خدعة قاتلة لكلّ جهد حقيقيّ لإيجاد مجتمع أعدل .
الردّ العمليّ للهجوم الفاشيّ ... و الحلّ الجوهريّ :
الآن بالذات ، في تعارض مع التعويل على و التقيّد بالديمقراطيّين ، كلّ من يرفض رؤية النساء مقلّصات إلى مربّيات أطفال، واقعات تحت سيطرة الرجال و مجتمع تفوّق ذكوريّ ، كلّ من يهتمّ بالحياة في مجتمع عادل يحتاج أن يلتحق بالشوارع – و البقاء في الشوارع – في إحتجاج و تمرّد جماهيريّين مستمرّين و متناميين يستهدفان منع المحكمة العليا ( و الفاشيّين بصفة أوسع ) من التنكّر لحقّ النساء في الإجهاض مع كلّ ما يمثّله كلّ شيء ( و المستقبل الرهيب الذى تنذر به ) . الأمومة الإجباريّة إستعباد للنساء .
بالتعبأة الجماهيريّة – و بتصميم حماسيّ و قويّ يظهر عدم السماح بإلغاء حقّ الإجهاض – تتوفّر فرصة حقيقيّة لإجبار المحكمة العليا على التراجع عن إلغاء هذا الحقّ الجوهريّ . وحتّى رغم هذه التعبأة الجماهيريّة المصمّمة ، إذا واصل الفاشيّون في المحكمة ( و في المجتمع ككلّ ) المضيّ قدما في مساعيهم للتراجع عن قانونيّة الإجهاض ، حالئذ ستضع هذه التعبأة الجماهيريّة دعما لحقّ الإجهاض الجماهير نفسها في وضع أقوى لمواصلة القتالمن أجل هذا الحقّ و من أجل مجتمع أعدل عامة .
جوهريّا ، لأجل إنشاء مجتمع و عالم أكثر عدلا ، هناك حاجة و بشكل إستعجالي أكثر الآن ، لثورة للإطاحة بكامل هذا النظام الذى يمثّله كلّ من الديمقراطيّين و الجمهوريّين و يعملون على توطيده حتّى و هم على خلافات حادة فيما بينهم بشأن كيفيّة القيام بذلك . في " شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا " حللّت بعمق لماذا هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة حتّى في هذا البلد القويّ . و من المهمّ بحيويّة فهم لماذا ذلك كذلك – و لهذا صلة بالإنقسامات العميقة جدّا بعدُ و المستمرّة التعمّق ، ليس في البلاد عامة بل بصفة خاصة صلب الطبقة الحاكمة ، و لماذا لا يمكن لهذه الطبقة أن تواصل الحكم " بالطريقة العاديّة " التي حكمت بها لأجيال – و كيف التحرّك لبناء قوى ثوريّة بإستراتيجيا و تنظيم قادرين على إغتنام هذه الفرصة النادرة ليس بُغية تحقيق " إنتقال سلميّ للسلطة " من فئة إلى أخرى من الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبريالية و إنّما لتحقيق إفتكاك للسلطة من طرف شعب ثوريّ يعدّ الملايين و الملايين و يكون مصمّما على بلوغ إنشاء تغعيير تحريريّ حقّا - الإطاحة بهذا النظام الوحشيّ و بناء نظام مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير . (3)
هناك حاجة ملحّة لعمل مصمّم معتمد على العلم للذين هم بعدُ أنصار هذه الثورة ليوقظوا أعدادا متنامية من الناس – لتغيير تفكير الجماهير الشعبيّة ، بعيدا عن " اللعب بالقوانين " عن عمى ، قوانين هذا النظام و حصر أنفسهم في محاولات عقيمة لإجراء تغيير جوهريّ ب " العمل صلب هذا النظام " – كسبهم بدلا من ذلك إلى الفهم العلميّ لإمكانيّة الثورة و الحاجة إليها و وسائل القيام بالثورة و أهداف تلك الثورة .
توحيد كلّ من يمكن توحيدهم لإيقاف المساعي للتراجع عن قانونيّة الإجهاض :
بالضبط في هذا الوضع الدقيق ، ثمّة حاجة عميقة و إستعجاليّة لتعبأة واسعة و قويّة و مستمرّة للجماهير المصمّمة على منع إلغاء حقّ الإجهاض – توحيد كلّ من يمكن توحيدهم بمن فيهم الذين صاروا مقتنعين بأنّ الثورة ضروريّة و الذين يعتقدون أنّه من الأهمّية الحيويّة الآن " النزول إلى الشوارع " دفاعا عن الحقّ الجوهريّ في الإجهاض غير أنّهم لا يزالون يؤمنون بتواصل ضرورة التصويت .
الآن بالذات ، القتال من أجل حقّ الإجهاض بؤرة تركيز هامة بحيويّة و منعرج النضال من أجل مجتمع أعدل – معركة حيويّة لتحديد ما إذا كانت النساء ستقلّص إلى خادمات تربية الأطفال ، فعليّا مستعبدات في مجتمع تفوّق ذكوريّ ، أو أنّهنّ و الجماهير الشعبيّة عامة ، ستعزّزن قدرتهنّ و تصميمهنّ على أنّ تكنّ من البشر المتحرّرين تماما .
هوامش المقال :
( المقالان بالهامشين 2 و 3 متوفّران باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ؛
الموقع الفرعي لشادي الشماوي : http://www.ahewar.org/m.asp?i=3603 )
1. Bob Avakian, Democracy: Can’t We Do Better Than That?, Banner Press, 1986. Information about ordering this book can be found at BA’s Collected Works at revcom.us.
2. “This Republic—Ridiculous, Outmoded, Criminal.” This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
3. “Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution” is also available at revcom.us. And the Constitution for the New Socialist Republic in North America, authored by Bob Avakian, which contains a sweeping vision and concrete blue-print- for a radically different and far better system, is available as well at revcom.us.

ملاحظة إضافيّة لبوب أفاكيان :
مع النظام الإنتخابي في الولايات المتّحدة ، يظلّ بوسع المرشّحين الذين يخسرون التصويت الشعبيّ في البلاد ككلّأن يتمّ إختيارهم للرئاسة كما حدث ذلك سنة 2016 عندما حصدت هيلاري كلينتن ثلاثة ملايين صوت أكثر ممّا حصل عليه دونالد ترامب و مع ذلك ترامب هو الذى أصبح رئيسا للولايات المتّحدة . و يُعزى هذا إلى كون الانتخابات الرئاسيّة في هذه البلاد ليس يقرّرها التصويت الشعبيّ بل المعهد الإنتخابيّ و أعضاؤه تختارهم خمسون ولاية مختلفة ، على أساس من كسب أكثر أصواتا في هذه الولايات . و هذا قد يؤدّى إلى وضعيّأت حيث سيكسب مرشّح – و الآن بصفة خاصة مرشّح جمهوريّ – في تصويت المعهد الإنتخابيّ إن فاز هذا المرشّح بأغلبيّة ضئيلة نسبيّا في عدد من الولايات حتّى و إن خسر بهامش كبير في بعض الولايات ذات عدد سكّان كبير جدّا على غرار كاليفرنيا و نيويورك ) . بهذا الوضع ، تتحدّد الانتخابات الآن عامة بعدد قليل من " الولايات المتأرجحة " – و لهذا صلة وثيقة بلماذا جرى إختيار دونالد ترامب كرئيس سنة 2016 حتّى مع خسارته التصويت الشعبيّ العام . ( و الشيء ذاته صحيح بخصوص الرئيس الجمهوريّ الأسبق ، جورج بوش : ففي انتخابات سنة 2000 خسر التصويت الشعبيّ إلاّ أنّه جرى إختياره كرئيس من خلال سيرورة عالية التنافس إنتهت في نهاية الأمر بقضاء المحكمة العليا بأغلبيّة " محافظة " بإيقاف تعداد التصويت الحيويّ في فلوريدا ما جعل بوش " الفائز " العام – قرار المحكمة العليا كان سيصبح غير فعّال إن كانت الانتخابات الرئاسيّة يقرّرها التصويت الشعبيّ ).
و للمزيد من الأمثلة المفصّلة للتشويهات في النظام الإنتخابيّ في هذه البلاد ، هناك واقع أنّ الناس في الولايات ذات ال70 بالمائة من العدد الجملي من السكّان " تمثّل " فقط ب 30 بالمائة من السيناتورات ، بينما 30 بالمائة من السكّان " يمثّلهم " 70 بالمائة من السيناتورات . ( و هذا نتيجة واقع أنّ كلّ ولاية بصرف النظر عن عدد سكّانها ، تنتخب سيناتورين إثنين – لذا مثلا ، ولاية عدد سكّانها صغير جدّا كياوومينغ تنتخب ذات عدد السيناتورات ككاليفرنيا ذات عدد السكّان الأكبر في البلاد ).
و التحكّم في الكنغرس ( و كذلك في المجالس التشريعيّة في عدّة ولايات ) يتأثّر كذلك تأثّرا كبيرا ب " المراوغات و الغشّ" و المؤاممرات المرتبطة به – لذلك ،على سبيل المثال ، يمكن للتصويت لرئيس ( أو حاكم ولاية ) أن يكسبه الديمقراطيّون لكن المجلس التشريعي للولاية يتحكّم فيه الجمهوريّون . يتحدّد التحكّم في الكنغرس بالتصويت بمجرّد نسبة مائويّة ضئيلة نسبيّا من أقسام الكنغرس في البلاد ككلّ ( لهذا في عديد الانتخابات سيكون الحال هو أنّه إذا جمعنا عبر البلاد أصوات كلّ للكنغرس ، تكون نتيجة الحساب العام لمصلحة الديمقراطيّين بيد أنّ الجمهوريّين سينتهون مع ذلك إلى الفوز بالأغلبيّة في الكنغرس ).
من الصحيح أنّه في علاقة بالإنتخابات الرئاسيّة لسنة 2020 ، حاججت أنّ هنّاك ضرب من " الإستثناء لمرّة واحدة " حيث كان من الصحيح و الضروريّ التصويت لبيدن لأجل منع حدوث قفزة نوعيّة في تعزيز الحكم الفاشيّ بإنتخاب نظام ترامب / بانس . و كما شرحت بعمق أكبر في " شيء فضيع أم شيء تحريري حقّا " :
" في وضع الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2020 ، كان إلحاق الهزيمة بترامب و ترحيله بوساطة تلك الانتخابات ممكنا و كان من المهمّ القيام بذلك كحركة تكتيكيّة صائبة حينها للحيلولة دون مزيد تعزيز الحكم الفاشيّ . و حتّى بتلك الهزيمة الإنتخابيّة، كاد ترامب و أنصاره أن يفلحوا في تنفيذ إنقلاب كان سيفضى إلى بقائه في السلطة متحدّيا نتائج الانتخابات و " الإنتقال السلمي للسلطة " من فئة إلى فئة أخرى من الطبقة الحاكمة . و قد تطوّرت الأمور وهي لا تزال تتطوّر بسرعة إلى أبعد ممّا وُجد في وضع انتخابات 2020 و ما تلاها مباشرة .
و زيادة على ذلك ، تسير السيرورة الإنتخابيّة للنظام ضد نوع التغيير الجوهريّ الضروريّ بصفة إستعجاليّة الآن . و ضمن أشياء أخرى ، تخفّض هذه السيرورة من آفاق رؤية الناس مقلّصة " خياراتهم الواقعيّة " إلى ما هو ممكن في إطار هذا النظام و تعويد الجماهير على رؤية و مقاربة الأشياء في إطار هذا النظام . و مواصلة التصويت للديمقراطيّين و السعي من خلال السيرورة الإنتخابيّة إلى منع إفتكاك الجمهوريّين -الفاشيّين للسلطة و تعزيزهم لها بنجاح ، سيعرف على الأرجح بدرجة كبيرة الفشل و بصفة أكثر جوهريّة سيساهم في إستمرار سير الأشياء على المسار عينه الذى هي عليه الآن ، بتبعات فظيعة على مليارات البشر على سطح هذا الكوكب – و بالنسبة إلى الإنسانيّة قاطبة . "
و مثلما شدّدت على ذلك في بيان السنة الجديدة [ " سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " ] ( جانفي 2021 ) :
" إنّ الهزيمة الإنتخابيّة لنظام ترامب / بانس لا توفّر عدا " كسب بعض الوقت " – في كلّ من العلاقة بالخطر الذى تطرحه الفاشيّة التي يمثّلها هذا النظام و أكثر جوهريّة و بمعنى أزمة الوجود التي تواجهها بصفة متصاعدة الإنسانيّة بفعل ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . لكن ، بالمعنى الأساسي ، ليس الوقت إلى جانب النضال من أجل مستقبل أفضل للإنسانيّة . "
يمرّ الوقت و معه الزخم الراهن للأشياء نحو نهتاية كارثيّة . و الوقت الذى لا يزال لدينا له يجب إنفاقه في ما سيكون خاصة الآن تحرّكات لا معنى لها في إطار هذا النظام و إنتخاباته . يجب إستغلال هذا الوقت بصفة إستعجاليّة للبناء بإتّجاه الحلّ الوحيد الذى يمكن أن يجنّبنا هذه الكارثة ، و يمكّننا من إقتلاع شيء إيجابيّ من كلّ ذلك : ثورة فعليّة .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(23)
النضال الحيويّ من أجل حقوق الإجهاض و وضع نهاية لكافة الإضطهاد – الوحدة العريضة و الصراع الضروريّ
بوب أفاكيان ، 24 ماي 2022 ؛ جريدة " الثورة " عدد 753 ، 30 ماي 2022
https//revcom.us /en/bob_avakian/crucial-fight-abortion-rights-and-ending-all-oppression-broad-unity-and-necessary

لقد صار النضال الجاري من أجل حقّ الإجهاض حيويّا بصورة خاصة الآن ، مع الإشارة الواضحة جدّا بأنّ الأغلبيّة المحافظة ( في الواقع الفاشيّة ) في المحكمة العليا تستعدّ تمام الإستعداد لتفكيك أوصال هذا الحقّ ( بالإنقلاب على حكم رو و وايد ، الحكم القانوني و السابقة القانونيّة ، الذى ركّز – لخمسين سنة إلى الآن و حافظ على – حقّ الإجهاض عبر البلاد ) . في هذا الظرف الحيويّ ، القتال للدفاع عن حقّ الإجهاض كحقّ جوهريّ يحتاج أن يُصبح مقاومة حتّى أكثر جماهيريّة و إستمرارا و تصميما غايتها منع المحكمة العليا من الإنقلاب على رو و وايد .

توحيد كلّ من يمكن توحيدهم و الصراع حول الإختلافات صراعا مبدئيّا :
لتوحيد كلّ من يمكن توحيدهم أهمّية عميقة في هذا القتال الحيويّ من أجل حقّ الإجهاض . و جزء هام من توحيد الناس على أصلب قاعدة ممكنة و خوض هذا النضال بالطريقة الأقوى ، هو الصراع حول المسائل الحيويّة مثل : لماذا يقع الهجوم على حقّ الإجهاض ، و ما المعنيّ أساسا بهذا المسعى للتراجع عن قانونيّة الإجهاض ؛ و ما الذى سيعنيه تمزيق حقّ الإجهاض ؛ و ما هي أفضل وسيلة للدفاع عن حقّ الإجهاض و صيانته ل. ثمّة حاجة إلى خوض هذا الصراع خوضا بطريقة مبدئيّة – و ليس الإنحدار إلى الهجمات الشخصيّة أو الإنخراط في عمليّات تشويه للذين نختلف معهم ، و إنّما بإستقامة و أمانة تفحّص مضمون المقاربات المتباينة و إلى أين تفضي عمليّا ، و ما إذا كان سيعزّز أم يضعف النضال الحيويّ من أجل حقّ الإجهاض ( و من أجل مجتمع أعدل بصفة أعمّ ).
بهذه الروح و بهذا التوجّه سأتحدّث عن ما هو خاطئ في بعض وجهات النظر و البرامج التي تفضى بعيدا عن و ستُقوّض النضال الحيويّ و الإستعجالي للحيلولة دون تفكيك أوصال حقّ الإجهاض على يد الفاشيّين في المحكمة العليا ( وفى المجتمع ككلّ ) .
في مقال سابق ، عالجت بشيء من العمق لماذا يعدّ التعويل على الديمقراطيّين و توجيه كلّ شيء نحو التصويت لصالحهم إستراتيجيا للقبول بالهزيمة و الإستسلام امام الهجوم الفاشيّ الرامى إلى إلغاء حقّ الإجهاض .(1) و هنا سأتوغّل في كيف أنّ بعض مواقف " المتيقّظين " تفرز الكثير من الإضطراب و تشير إلى توجّهات خاطئة و عمليّا تقوّض القتال من أجل حقّ الإجهاض ( و القتال ضد الإضطهاد عامة ).
في ما يتعلّق بالإجهاض ، العديد من " جماعة المتيقّظين " يتحدّثون عن " التحكّم الذاتي في الجسد " – في حين أن جوهر ما هو معنيّ هنا ليس بعض المسألة المجرّدة ل " التحكّم الذاتيّ في الجسد " بل هو هجوم على الحقّ الجوهريّ للإجهاض، هو مسعى لإستعباد النساء عبر الأمومة الإجباريّة : التنكّر لحقّ النساء في التحكّم في إنجابهنّ الخاص . ( و كما أشرت إلى ذلك سابقا " التحكّم الذاتي في الجسد " مفهوم بالمناسبة يشتمل منطقيّا على منحدرين من مواقع سيّئة جدّا من ثمل أولئك المجانين المناهضين للعلم و الأفراد الأنانيّين الذين يرفضون تلقيحهم ضد الكوفيد ". و هؤلاء المجانين المناهضين للعلم يعارضون بصفة طاغية حقّ الإجهاض )(2).
و في إرتباط بهذا، من المهمّ التشديد مرّة أخرى على نقطة أكّدت عليها في مقال " القتال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء " :
" جوهر المسألة محلّ الرهان مع تصاعد الهجوم على حقّ الإجهاض هو المكانة الجوهريّة لنصف الإنسانيّة الأنثويّ – هل سيتمّ إستعباده أم تحريره . " (3)
و " كلّ ما يستهين أو يصرف الإنتباه عن هذه الحقيقة الأساسيّة يساعد موضوعيّا هذا الهجوم الجوهريّ على نصف الإنسانيّة الأنثويّ – يقوّض القتال من أجل تحرّرهنّ و تحرير الإنسانيّة ككلّ من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال ." (4)
لكن " الإستهانة ب " و التقويض هما بالضبط ما تقوم بهما عدّة مقاربات " متيقّظة " .
يحاجج بعض المتأثّرين بتقكير " اليقظة " بأنّه من الخطأ القول إنّ الإجهاض مداره التحكّم في النساء و إهانتهنّ لأنّ هذا الإستخدام لل" نساء "كتصنيف عام لا يوضّح أنّ إلغاء حقّ الإجهاض سيلحق ضررا بصفة خاصة بالنساء ذات البشرة الملوّنة . و هذا بدوره يخفق في المسك – و يقوّض – فهم ما يجرى أساسا بشأن الهجوم على حقّ الإجهاض . و هنا أكرّر ما شدّدت عليه في مقال سابق :
" و التنكّر لهذا الحقّ بوجه خاص يؤثر على النساء ذات الدخل المتدنّى لا سيما منهنّ النساء السود الفقيرات اللواتى هنّ في أمسّ الحاجة إلى الإجهاض . و في الوقت نفسه ، من المهمّ ان ةنبقي في ذهننا أنّ حتّى النساء – و البنات – اللواتى يمكن أن يكون وضعهنّ إقتصاديّا أكثر رفاها أو حتّى مرفّها تماما يمكن إفتراضيّا أن تتمكن من السفر إلى منطقة أو جهة حيث الإجهاض قانونيّ ، ستوجد بعدُ عراقيل جدّية أمام الحصول على الإجهاض : و الأزواج و الخلاّن السيّئين و الأباء الذكوريّين / البطرياركيّين الطغاة و السلطات الدينيّة الدغمائيّة ، و غيرها من العوامل العديدة . و مجدّدا ، الحصول على الإجهاض الآن و القانونيّ كحقّ جوهريّ و مسألة خيار شخصيّ ، له أهمّية عميقة بالنسبة إلى النساء ككلّ ." (5)
من الممكن و الهام توضيح أنّ القتال الدائر حول الإجهاض يتمحور أساسا حول الدفاع – أم التنكّر ل – حقوق النساء و إنسانيّتهنّ كنساء بينما في الوقت نفسه ، يبرز أنّ التراجع عن حقّ الإجهاض سيتسبّب في ضرر كبير بوجه خاص للنساء ذات البشرة الملوّنة المفقّرات .
و الأفظع في هذه " اليقظة " هو محوها للنمساء جميعا – لتتحدّث عن الإجهاض دون الإشارة على النساء ( مستخدمة مفردات من مثل " الناس الذين يحملون " ) في حين أنّه بشكل طاغي النساء ( وىالبنات ) هنّ اللواتى تتعرّضن إلى الحمل و هنّ اللواتي تحتاج إلى الحقّ في الإجهاض الآمن و القانونيّ – و لقد كانت المساعي الفاشيّة للتراجع عن قانونيّة حقّ الإجهاض دائما تستهدف التحكّم في النساء و إهانتهنّ .
و ليس إستخدام مفردات " الناس الذين يحملون " " أشمل " – إنّه أكثر ميوعة : تعوزه الدقّة وهو يُضعف نقطة أنّ في جوهره إنكار حقّ الإجهاض يعنى الإستعباد البطرياركي للنساء : الأمومة الإجباريّة إستعباد لنصف الإنسانيّة الأنثويّ . هذا هو الشيء الجوهريّ و الأساسي الحاصل مع الهجوم على حقّ الإجهاض .
و مجدّدا إليكم فقرة مقتبسة من مقال " النضال من أجل حقّ الإجهاض و تحرير النساء " :
" طبعا ، في حال العدد القليل إلى أقصى حدّ من الإناث اللواتي تحوّلن ( أو هنّ بصدد التحوّل ) إلى ذكور لكنّهنّ تحتفظن بأجهزة الإنجاب الأنثويّة و يمكن أن تصبحن حاملات يجب أن تتمتّعن بحقّ الإجهاض و بالرعاية الصحّية العامة اللائقة ، دون أيّة وصمة عار أو ميز عنصريّ – و عامة الهجمات الموجّهة ضد المتحوّلين جنسيّا يجب معارضتها بنشاط و حيويّة. لكن في ما يتعلّق بهدفها و غايتها الأساسيّين ، الهجوم على حقّ الإجهاض لا يستهدف المتحوّلين جنسيّا ... الهجوم على حقّ الإجهاض يسعى إلى مزيد تشديد إضطهاد النساء وهو بعدُ رهيبا و منعهنّ من التحكّم في حياتهنّ و في أجسادهنّ ذاتها و تقليصهنّ إلى مربّيات أطفال تابعات بقسوة إلى الرجال و المجتمع البطرياركي التفوّقيّ الذكوريّ . إنّ الأمومة الإجباريّة في الواقع إستعباد للإناث . " (6)
و التركيز بشكل صحيح على واقع أنّ الهجوم على حقّ الإجهاض يستهدف أساسا إستعباد النساء يمكن نهائيّا و يجب أن يتمّ بينما نعارض كذلك بقوّة التمييز العنصريّ و الإهانة و العنف و القتل الموجّهينه ضد المتحوّلين جنسيّا .
كلّ شيء ليس كلّ شيء – فهناك أشكال مختلفة من الإضطهاد الذى يطال فئات مختلفة من الناس – لكنّ هذه الأشياء مترابطة و فهم كيف هي مترابطة مسألة حيويّة
في عالم اليوم ، ثمّة عدّة أشكال متباينة من الإضطهاد و الأعمال الوحشيّة – عدّة طرق من خلالها يجرى إستغلال و نهب الناس و البيئة ضمن بلدان و في أنحاء مختلفة من العالم ، و في العالم ككلّ . تفوّق البيض و التفوّق و الإضطهاد الذكوريّين القائمين على الجندر ؛ و تحطيم البيئة ؛ و الإستغلال بلا رحمة لمليارات البشر بمن فيهم 150 مليون طفل من البلدان الأفقر في العالم ؛ و إضطهاد المهاجرين و الحروب التي تخوضها الولايات المتّحدة و القوى الإمبرياليّة الأخرى – هذه الأشياء المتنوّعة لها جوهر منفصل و صميمي و مظاهر مميّزة خاصة ، بينما في الوقت نفسه هي مترابطة بطرق مختلفة وهي مترابطة بصفة أكثر جوهريّة لأنّ جميعها متجذّرة في و تنبع من الطبيعة الأساسيّة للنظام الذى يحكم و يهيمن في هذه البلاد و في العالم بأسره وهو يعرّض مليارات البشر إلى إستغلال رهيب و إهانة و تحطيم و تعذيب جسديّ و نفسيّ : النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
كي نضع في آخر المطاف حدّا لكلّ هذا العذاب غير الضروريّ تماما ، لا بدّ من القتال ضد كلّ هذه الأشكال المختلفة من الإضطهاد و النهب و الدمار – و القتال لوضع حدّ لهذا النظام الذى يمثّل المصدر و السبب الأساسيّين لكلّ هذا – رابطين معا على هذا النحو مختلف نزعات النضال و موجّهينها صوب الحلّ : الإطاحة بهذا النظام و إنشاء نظام مغاير جذريّا و تحرّريّا حقّا نظام إشتراكي يستهدف كغاية أسمى عالم شيوعي حيث سيكون قد تمّ القضاء نهائيّا على كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في جميع أنحاء العالم .
الآن بالذات ، هناك حاجة ماسّة و أساس لتوحيد الناس على نطاق واسع جدّا ، من عديد الآفاق السياسيّة المتباينة للنهوض في مقاومة جماهيريّة و غير عنيفة لكن مصمّمة و مستمرّة لمنع المحكمة العليا من إلغاء حقّ الإجهاض. و هذه معركة حيويّة في حدّ ذاتها – إنّها تكثيف للقتال ضد إضطهاد النساء – وهي جزء هام من القتال العام مفى سبيل مجتمع و عالم أكثر عدلا و مستقبل يستحقّ أن تعيش فيه الإنسانيّة .
----------------------
هوامش المقال :
( وهي مقالات متوفّرة باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ؛
الموقع الفرعي لشادي الشماوي : http://www.ahewar.org/m.asp?i=3603 )
1. The Supreme Court Moves to End Abortion Rights: “Taking to the Streets,” And Refusing to Let This Go Down, Bob Avakian Speaks to This Critical Juncture in the Fight for Abortion Rights, The Road Forward, and Avoiding Dead Ends. This article is available at revcom.us.
2. The Fight For Abortion Rights and the Emancipation of Women. This article is also available at revcom.us.
3. The Fight For Abortion Rights and the Emancipation of Women
4. The Fight For Abortion Rights and the Emancipation of Women
5. The Supreme Court Moves to End Abortion Rights: “Taking to the Streets,” And Refusing to Let This Go Down, Bob Avakian Speaks to This Critical Juncture in the Fight for Abortion Rights, The Road Forward, and Avoiding Dead Ends
6. The Fight For Abortion Rights and the Emancipation of Women
----------------------------------------------------------------------------------------------------
( ملحق من إقتراح المرتجم )
النضال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء
بوب أفاكيان ، 1 فيفري 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/fight-abortion-rights-and-emancipation-women

جوهر المسألة محلّ الرهان مع تصاعد الهجوم على حقّ الإجهاض هو المكانة الجوهريّة لنصف الإنسانيّة الأنثويّ – هل سيتمّ إستعباده أم تحريره . طبعا ، في حال العدد القليل إلى أقصى حدّ من الإناث اللواتي تحوّلن ( أو هنّ بصدد التحوّل ) إلى ذكور لكنّهنّ تحتفظن بأجهزة الإنجاب الأنثويّة و يمكن أن تصبحن حاملات يجب أن تتمتّعن بحقّ الإجهاض و بالرعاية الصحّية العامة اللائقة ، دون أيّة وصمة عار أو ميز عنصريّ – و عامة الهجمات الموجّهة ضد المتحوّلين جنسيّا يجب معارضتها بنشاط و حيويّة . لكن في ما يتعلّق بهدفها و غايتها الأساسيّين ، الهجوم على حقّ الإجهاض لا يستهدف المتحوّلين جنسيّا . جوهر الأمر ليس متّصلا ب " شمول " ( أو عدم " شمول " ) و ليس متّصلا ب " التحكّم الذاتي في الجسد " ببعض المعنى العام و المجرّد ( و بالمناسبة هومفهوم سيشمل منطقيّا أناسا منحدرين من مواقع سيّئة جدّا مثل أولئك المجانين المناهضين للعلم و الأفراد الأنانيّين الذين يرفضون التلاقيح ضد كوفيد ) . الهجوم على حقّ الإجهاض يسعى إلى مزيد تشديد إضطهاد النساء وهو بعدُ رهيبا و منعهنّ من التحكّم في حياتهنّ و في أجسادهنّ ذاتها و تقليصهنّ إلى مربّيات أطفال تابعات بقسوة إلى الرجال و المجتمع البطرياركي التفوّقيّ الذكوريّ . إنّ الأمومة الإجباريّة في الواقع إستعباد للإناث . و كلّ ما يستهين أو يصرف الإنتباه عن هذه الحقيقة الأساسيّة يساعد موضوعيّا هذا الهجوم الجوهريّ على نصف الإنسانيّة الأنثويّ – يقوّض القتال من أجل تحرّرهنّ و تحرير الإنسانيّة ككلّ من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال .

(24)
العمل مع حزب الفهود السود ، العمل من أجل الثورة – و ليس هراء " هويّة اليقظة "
بوب أفاكيان 25 ماي 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 753 ، 30 ماي 2022
https//revcom.us/en/bob_avakian/working-black-panthers-working-revolution-not-woke-identity-bullshit

أثناء السنوات التي عملت فيها عن قرب مع حزب الفهود السود و قيادته ، أيّام كان ثوريّا في ستّينات القرن العشرين و عندما كانت تجدّ نقاشات و أحيانا إختلافات ، لم يكونوا يقولون لى : " من أنت ، كرجل أبيض ، لتتحدّث عن تحرير السود و عن الثورة – من أنت لتختلف معنا بهذا الشأن ؟ " لا – ما كانت الأمور قائمة أبدا على " الهويّة " بل على هل أنّ الشيء حقيقيّ أم غير حقيقيّ . هذا هو ما كنّا نسعى جميعا إلى إدراكه .
و كان الأمر كذلك لمّا إلتقيت لأوّل مرّة بهواي نيوتن خلال برنامج ثقافيّ أفريقي – أمريكي في أوكلاند ( فقد إقترب منّى و قال " من أنت ، سقراط ؟ " - وأدّي ذلك إلى أخذ و ردّ حول الثورة : هل هي ضروريّة و هل ميكن عمليّا القيام بها ؟ ). و الشيء نفسه يصحّ على النقاشات اللاحقة التي كانت لي مع هواي و بوبى سيل و ألدردج كليفر و غيرهم من قادة حزب الفهود السود : الأساسا و المعاير كان على الدوام ما هو حقيقي و ما هو غير حقيقيّ ، و ما كان قط شيئا ك " الهويّة " .
ما كنّا نخوض فيه كان كيف نغيّر العالم تغييرا راديكاليّا على نحو تحرّريّ – و ليس إقتطاع " كوّة " لأنفسنا أو كيف نمزّق بعض الناس الآخرين و نصعد على حطامهم للحصول على موقع أفضل لأنفسنا ضمن هذا العالم الرهيب كما هو ، في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
هذا ما يتعيّن على كلّ من يهتمّ لوضع المضطهَدين على وجه الأرض و لمستقبل الإنسانيّة أن يخوض فيه ، على أساس المبادئ و النزاهة – و ليس المساومات و الإبتزاز المعتمدين لدي الباحثين عن تحويل " الهويّة " إلى رأس مال .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(25)
قيادة السود و السكّان الأصليّين و ذوى البشرة الملوّنة ( البيبوك )
لا وجود لشيء كهذا – القتال ضد الإضطهاد و القيادة التي نحتاج إليها
بوب أفاكيان ، 18 جوان 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 756 ، 20 جوان 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/bipoc-leadership-there-no-such-thing

كثيرا ما نستمع هذه الأيّام إلى بعض الأطراف تتحدّث عن كيف أنّه من الضروري أن نتّبع قيادة السود و السكّان الأصليّين [ الهنود الحمر – المرتجم ] و ذوى البشرة الملوّنة ( "BIPOC "/ " البيبوك " من هنا فصاعدا ) . لكن في الواقع مثل هذه القيادة غير موجودة – و لا وجود لشيء ك" البيبوك " يمثّل نوعا من الزيذ الموحّد و القوّة الإجتماعيّة الموحّدة .
طبعا ، يوجد سود و يوجد سكّان أصليّون و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة و يتعرّض جميع هؤلاء الناس إلى اشكال متنوّعة من الميز العنصريّ و الإضطهاد . غير أنّه هناك إختلافات حقيقيّة جدّا صلب كلّ هؤلاء الناس و بينهم . فلكلّ مجموعة منهم تاريخها الخاص و ظروفها الحاليّة الخاصّة في إرتباط بالتطوّر التاريخي و الواقع الراهن لهذه البلاد و النظام الذى يحكم هذه البلاد ( و يهيمن على العالم ككلّ ) : النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و في صفوف كلّ هؤلاء الناس ، ثمّة طبقات مختلفة و فئات إجتماعيّة مختلفة و أناس يحملون وجهات نظر و أهداف مختلفة إيديولوجيّا و سياسيّا – وهي أحيانا تتباين تباينا راديكاليّا .
المسألة ليست عدم وجود أساس لتوحيد الجماهير الشعبيّة لهذه المجموعات المختلفة ؛ و إنّها الوحدة التي ستفضى إلى وضع نهاية فعليّة لإضطهادها – و لكلّ أصناف الإضطهاد – لن تتطوّر و لا يمكن أن تتطوّر بإتّباع مفهوم أنّ الزيّ الموحّد المفترض ل " البيبوك " يجب أن يقود أو سيقود .
و في هذا السياق ، إليكم بضعة أسئلة مناسبة :
هل انّ " القاضي " الفاشيّ في المحكمة العليا ، كلارنس توماس جزء من " البيبوك " الذين ينبغي إتّباع قيادتهم ؟ هل أنّ العدوانيّ مجرم الحرب بصفة متكرّرة ، كولن بأول جزء من " البيبوك " لمّا كان على قيد الحياة ؟ و ماذا عن باراك أوباما – و قد كان هو نفسه أيضا مسؤولا عن جرائم حرب رهيبة و عن جرائم ضد الإنسانيّة ؟ و ماذا عن " القادة " من السكّان الأصليّين الذين تواطؤوا مع الأف بى آي في القمع العنيف لتمرّد الووندد نى( wounded knee) الذى قادته الحركة الأمريكية للهنود الحمر (AIM ) في سبعينات القرن العشرين و ما شابه ذلك من " قادة " رجعيّين من السكّان الأصليّين اليوم ؟ أو أولئك الكوبيّين و الفنزويليّين ذوى الذهنيّة الفاشيّة في جنوب فلوريدا ؟ أو ممثّلو الكنيسة الكاثوليكيّة اللاتينيّة الذين يعارضون بقوّة حقّ الإجهاض ؟ أو ماذا عن آلان شاوو ، سكرتيرة النقل في إدارة ترامب ( وهي زوجة القائد الجمهوريّ في مجلس الشيوخ ، ميتش ماك كونال ) ؟ كلّ هؤلاء الأشخاص من " ذوى البشرة الملوّنة " – لكن هل يجب على أيّ كان أن يكون من أتباعهم ؟
إن كانت الحجّة في الإجابة على هذه الأسئلة هي التالية : " طبعا ، أناس مثل هؤلاء ليسوا جزء من " البيبوك " الذين ينبغي إتّباع قيادتهم " ، عندئذ لن يفعل ذلك سوى إثارة هذا السؤال المناسب : من يقرّر أنّ أناسا كهؤلاء ليسوا جزء من هذا " البيبوك " ؟ و إن كانت الإجابة على هذه الأسئلة شيء يمضى مع فكرة أنّ " الناس البيبوك " الذين هم أنفسهم مضطهَدون ( أو " مهمّشون " ) و يمثّلون المصالح الحقيقيّة ل " المهمّشين " ، حالئذ يثير هذا أسئلة أخرى : من يقرّر ذلك ؟ من – من صفوف مختلف مجموعات " البيبوك " ( و المجموعات المتفرّعة عنها ) ، بأفكار و أهداف مختلفة جدّا – عليهم أن يقرّروا ما هي المصالح الحقيقيّة لل" مهمّشين " ؟ من يقرّر من هم الذين يشكّلون " البيبوك الحقيقيّين " و الذين يقرّرون بدورهم ما يمكن أن يكون من " البيبوك " و يمنح " حقّ ط ممارسة " قيادة البيبوك " ؟
و يمضى الأمر هكذا بالتناوب في حلقة مفرغة لا تخرج أبدا عن الطرق المسدودة ل " قيادة البيبوك ".
و تعتمد كامل فكرة " قيادة البيبوك " على مفهوم مثالي مفاده أنّ الناس لمجرّد كونهم جزء من مجموعة مضطهَدَة ، يصبحون نوعا ما من " الجوهر الشرعي " آليّا محميّين من تأثير الهراء السائد في المجتمع أو يملكون نوعا من " القدرة الخاصة " الكامنة لتشخيص سبب الإضطهاد و ما هو ضروريّ لوضع نهاية له . و هذا المفهوم ليس خاطئا فحسب بل هو أيضا عمليّا ضار غاية الضرر . و بطبيعة الحال ، المضطهَدون لديهم الكثير لقوله عن تأثيرات ذلك الإضطهاد و هذا بداهة شيء هام. بيد أنّ فهم منبع الإضطهاد و ما علينا فعله إزاء ذلك يتطلّب بصورة أكثر جوهريّة تبنّى و تطبيق منهج و مقاربة علميّين – للبحث بعمق في الأسباب الكامنة وراء الأشياء – و هذا المنهج و هذه المقاربة العلميّين هما اللذان سيمكّنان الناس ( مهما كانت " هويّتهم " ) من قيادة الأمور إلى حيث تحتاج أن تمضي .
الحقيقة لا تتحدّد ب " الهويّة " – و كذلك هو الحال بالنسبة إلى القيادة التي نحتاج إليها :
يشير كلّ هذا إلى هذا الواقع الحيويّ . ما هو حيويّ الأهمّية ليس إلى أيّ جزء قد ينتمى أنصار " الهويّة " بل ما هو مضمون أفكارهم و برامجهم و إلى أين ستؤدّى هذه الأفكار و البرامج إن وقع تكريسها ؟
كما شدّدت على ذلك سابقا :
" حقيقة الشيء لا ترتهن بمن يقولها ، أو بما تحدثه فيك من شعور . لأنّ شيئا ينبع من مصدر تحبّونه يغدو حقيقة ؛ و لأنّ شيئا ينبع من مصدر لا تحبّونه يغدو غير صحيح. " و الحقيقة ليست " مسابقة من أجل الشعبيّة " . لأنّ الكثير من الناس يعتقدون في شيء لا يجعله حقيقة ؛ و لأنّ قلّة من الناس فقط تعتقد في شيء لا يجعله غير الحقيقة .
الحقيقة موضوعيّة – و هذا يعنى : أن يكون شيء صحيح أم لا مرتهن بتناسبه مع الواقع الفعليّ . " (*)
" في حين نحتاج إلى التشديد بقوّة على كامل التاريخ و الواقع الراهن للإضطهاد الرهيب و تجربة المتعرّضين مباشرة إلى هكذا إضطهاد ، إن كان الهدف فعلا هو إلغاء الإضطهاد و إجتثاثه ، المعيار الذى ينبغي تطبيقه على أفكار كلّ فرد ( أو كلّ مجموعة ) و مقترحاته هو تناسبها مع الواقع الموضوعيّ – و على وجه الضبط طبيعة مشكل خاص ( أو شكل خاص من الإضطهاد ) الذى يقف ضدّه الناس ، و مصدره و سببه ، و كيف يرتبط بالمشكل الجوهريّ ( النظام برمّته ) و كيف نعالج معالجة صحيحة العلاقة بين الأكثر خصوصيّة و الجوهريّ ، لأجل التقدّم نحو بلوغ الحلّ الفعليّ . ( و لا ، الواقع الموضوعي ليس " تركيبا " تفوّقيّا ذكوريّا – إنّما هو ... واقع موضوعيّ ). (* )
هذا هو المعيار الذى يجب تطبيقه – هذا أساس تحديد ما هي الأفكار و البرامج التي ينبغي تبنّيها و العمل إنطلاقا منها ، و ما هي القيادة التي ينبغي إتّباعها .
و يستحقّ أن نؤكّد مجدّدا على الآتى ذكره : الحقيقة ، بما في ذلك حقيقة إلى أين ستؤدّى مختلف الأفكار و البرامج ، لا تتحدّد " ذاتيّا " ( حسب من يقول الشيء أو ما إذا كنّا معجبين بشيء أو بشخص ) و إنّما تتحدّد بمطابقتها للواقع الموضوعي – بالتفحّص العلميّ للأدلّة – مقيّمين الأفكار و البرامج إنطلاقا من الواقع الموضوعي الفعليّ و على هذا الأساس ، نحدّد إلى اين ستُفضى و ما إذا وجب إتّباعها أم لا .
و نقطة أخيرة : مفاهيم " القيادة المعتمدة على الهويّة المهمّشة " لن تفتح الباب على مصراعيه لبعض القوى السلبيّة ( و حتّى السلبيّة جدّا ) لتستخدم " الهويّة " كوسيلة لإساءة توجيه الأمور ، بل قد توفّر كذلك " شرطة مندسّين مناسبين " – تبريرا – للذين ليسوا جزء من " المجموعات المهمّشة " ليتراجعوا عن الإنخراط الحقيقي و التام في النضال ضد الإضطهاد و الظلم . لا . كلّ من يهتمّ لأمر وضع الإنسانيّة و مصيرها تقع على عاتقه مسؤوليّة ليس المشاركة بنشاط في مقاومة الإضطهاد و النهب و التدمير الناجمين عن هذا النظام فحسب بل أيضا مسؤوليّة تبنّى و تطبيق منهج و مقاربة علميّين لتشخيص المشكل الجوهريّ و الحلّ الفعليّ ، و كيفيّة خوض القتال بأكثر فعاليّة بغتّجاه هدف وضع نهاية عمليّا لهذا الإضطهاد و النهب و التدمير .
-----------------------------------
( * ) – هذه المقتطفات مقتبسة من مقال لبوب أفاكيان متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي :
مقرفة حدّ الغثيان هي كامل " سياسة الهويّة " و سياسة " المتيقّظين "
الثورة و التحرّر و ليس الإصلاحات و الثأر السخيفين : عن الحركات و المبادئ و المناهج و الوسائل و الغايات
(26)
قتال جدّيّ ضد الظلم – و ليس تدافعا تافها من أجل " الملكيّة "
بوب أفاكيان ، 18 جوان 2022 ؛ جريدة " الثورة " عدد 756 ، 20 جوان 2022
https://revcom.us/en/en/bob_avakian/serious-fight-against-injustice-not-petty-hustle-ownership

يوجد اليوم بعض الناس و المجموعات الذين يعتبرون أنفسهم " تقدّميّين " أو " متيقّظين " إلاّ أنّهم يقعون تحت تأثير الفماهيم الرأسماليّة لعلاقات الملكيّة إلى درجة أنّهم يعتقدون عمليّا أنّهم " يملكون " القتال ضد الظلم و المجالات العامة و حتّى مدنا و مناطقا بأكملها ، حيث هناك حاجة إلى خوض هذا النضال . و قد برز هذا مثلا في القتال الذى تخوضه منظّمة " لننهض من أجل حقوق الإجهاض " (RiseUp4AbortionRights.org) لمنع الأغلبيّة الفاشيّة في المحكمة العليا للولايات المتّحدة الأمريكيّة من إنتزاع حقّ الإجهاض بالإنقلاب على حكم/ قانون رو مقابل وايد (Roe v.Wide).
و قد إرتأت منظّمة " لننهض من أجل حقوق الإجهاض " بثبات بناء أوسع وحدة ممكنة موحّدة كلّ الذين يمكن توحيدهم في هذا القتال . و لسوء الحظّ مع ذلك ، يتصرّف البعض من الناس و المجموعات ك " مالكين " بدلا من القيام بما يجب عليهم القيام به - الترحيب الحماسيّ و الإلتحاق بنشاط بالقتال المصمّم الذى تخوضه منظّمة " لننهض..." دفاعا عن حقّ الإجهاض، و دعوة الآخرين للمشاركة فيه – فقد طفقوا يهاجمون " لننهض ..." لأنّها لم " تطلب إذنا " لتدخل " مجالهم" في إطار خوضها لهذا النضال .
حسنا ، لا بدّ من تحرير هؤلاء الناس من أوهامهم . إنّهم لا " يملكون " القتال ضد الظلم . و كذلك لا " يملكون " أي من هذه المجالات العامة ( ناهيك عن مدن و مناطق بأكملها ) : إذا كان هناك من " يحوز " هذه " الملكيّة " الآن فهو الطبقة الحاكمة لهذا النظام الراسمالي – الإمبريالي – و هو يسيطر و يمارس الدكتاتوريّة على المجتمع ككلّ . و أيّ شخص و ايّة مجموعة و أيّة حركة يبحثون عن قتال الظلم الذى يقترفه هذا النظام لا ينبغي أبدا أن يطلب غذنا من هذه الطبقة الحاكمة ليخوض النضال ، أو أن يسمحموا لهذه الطبقة الحاكمة بأن تملي عليهم كيف و على أيّة ارضيّة يجب خوض هذا النضال . و كما سيكون خاطئا خطأ رهيبا البحث عن هذا الصنف من الإذن من الطبقة الحاكمة ، سيكون سخيفا التفكير في أنّ ذلك " الإذن " يجب أن يُطلب من إنتهازيّين يسعون إلى أن يفرضوا على الوقاع أوهامهم التافهة ل " الملكيّة ".
بدلا من الوقوف على خطوط المواجهة – أو حتّى أسوأ من ذلك ، مهاجمة منظّمة " لننهض من أجل حقوق الإجهاض " – كلّ من يقرّ بأهمّية الدفاع عن الحقّ الجوهريّ في الإجهاض يجب أن يلتحق بنشاط ب " لننهض ..." في مقاومة مصمّمة غير عنيفة لمنع إنتزاع هذا الحقّ .
و جميع الذين يرون أنّ العلاقات الرأسماليّة للملكيّة مقرفة – و الإستغلال و الإضطهاد المبنيّين في أسس هذه العلاقات ، إلى جانب الأفكار و الثقافة الفاسدتين المتناسبتين مع ذلك – ينبغي أن يشاركوا في الحركة من أجل الثورة لكنس هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و للتخلّص من كلّ العذابات الرهيبة و غير الضروريّة التي يفرضها هذا النظام ليس على الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و حسب بل على جماهير الإنسانيّة قاطبة بما فيها نصف الإنسانيّة الأنثويّ .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(27)
الضمائر و جوع الأطفال
بوب أفاكيان 18 جوان 2022، جريدة " الثورة " عدد 756 ، 20 جوان 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/pronouns-and-starving-children

لقد أشرت إلى شيء فظيع :
" في فترة أطول بقليل من 75 سنة منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية ، بفعل الطريقة التي يهيمن بها النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، مات على الأقلّ 350 مليون طفل في العالم الثالث بلا داع جرّاء المجاعة و أمراض تمكن الوقاية منها – عدد أكبر من مجمل سكّان هذه البلاد ! " ( * )
و هذا الواقع الفظيع الذى يعادل الإبادة الجماعيّة للأطفال ليس سوى أحد الفضائع الرهيبة حقّا التي يفرضها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي على الإنسانيّة .
هل تعتقدون أنّ أيّا من هؤلاء الأطفال – و أيّا من أحبّائهم الذين ينظرون إليهم و هم يموتون هذا الموت الشنيع – أولوا ايّة أهمّية للضمائر التي يستخدمها الناس للإحالة على أنفسهم و غيرهم ؟
لست هنا لأحاجج حول الضمائر التي يستخدمها الناس ، و إنّما أنا هنا لأحاجج حول ترتيب الأوليّات كما يجب : التركيز على أشياء كالضمائر أم المشاركة في نضال ثوريّ جدّيّ لتغيير العالم من أجل كنس النظام الرأسمالي – الإمبريالي الوحشيّ و كافة الفضائع الحقيقيّة جدّا التي يفرضها على جماهير الإنسانيّة ، والتهديد الحقيقيّ جدّا الذى يفرضه على مستقبل الإنسانيّة.
---------------------
أنظروا : المقالات التالية متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي :
Imperialist Parasitism and “Democracy”: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of “Their” Imperialism, and In Light of the Urgency Spoken to in “Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating”: A Renewed Challenge: Searching For An Honest Liberal´-or-Progressive. These articles by Bob Avakian are available at revcom.us.
(28)
رسالة مفتوحة إلى المنظّر الفيزيائي لي سمولين من بوب أفاكيان – قائد ثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و مهندسها
جريدة " الثورة " عدد 759 ، 11 جويلية 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/open-letter-theoretical-physicist-lee-smolin
صائفة 2022

لقد قرأت كتابك " حياة الكون " (The life of Cosmos ) - و بأكثر صعوبة قرأت عملك بصدد مسألة الزمن ( " تجدّد
الزمن " Time reborn ) . و عليّ أن أقول إنّه عند قراءة العمل الأخير بوجه خاص ، وجدت صعوبة في إستيعاب بعض التحاليل و بعض المفاهيم الأساسيّة . و هذا يعنى أنّه على ألقلّ في جزء كبير منه مردّ ذلك إلى فقداني للخلفيّة الضروريّة ليس في ما يتّصل بالمسائل الخاصة للفيزياء النظريّة المعالجة في ذلك الكتاب و إنّما أيضا للفيزياء النظريّة بشكل عام . و مع ذلك ، تبيّن لى أنّ افطّلاع على الكتابين تجربة ثريّة للتفاعل مع و محاولة فهم مسائل ليست مجرّد مسائل هامة من التجريد النظريّ بل مسائل لها في نهاية المطاف دلالة عميقة بالنسبة إلى البشر و علاقتنا ببقيّة الكون و ببعضنا البعض .
و في الوقت نفسه ، و قد كرّست حياتي للبحث في أشياء أخرى غير الفيزياء النظريّة ، أقرّ بمدى عدم المسؤوليّة التي سيكون عليها بالنسبة إليّ إصدار أحكام أو تصريحات عامة تخصّ مسائل حيويّة في ذلك الحقل دون أن أتوصّل أوّلا إلى فهم أعمق بكثير لما يقوله الذين كرّسوا حياتهم العمليّة لهذا الشأن .
و ينتهى بى هذا إلى مواقفك التالية في " حياة الكون " حيث تحيل على سنوات من حياتك على أنّها سنوات " طالب معهد عالى في بدايات سبعينات القرن العشرين ، زاخرة بموسيقى الروك أن رول و ما كنت أعتقد أنّه سياسة ثوريّة ، و صاحبتى ( " المقدّمة " ، ص 7 ) ؛ و حول كيف في السنوات التالية ، كنت ( و زملاؤك ):
" كنّا نحاول تماما أن نجعل من حياة الشباب تعاش عبر المثاليّة المنتشية لستّينات القرن العشرين و الكهول الذين كانوا شهودا على المثاليّة الماركسيّة المختلفة جدّا و مفاجئات العنف الذى كان يفرضه ذلك الحلم على المؤمنين به . كنّا جميعا نسعى على فهم ما يمكن أن تعنيه الديمقراطيّة في علم تهيمن عليه الرأسمالية الإستهلاكيّة ، و أزمة بيئيّة متنامية و بون متّسع بين الأغنياء و الفقراء ، و المواجهة المستمرّة للناس مع الثقافات و التوقّعات المختلفة راديكاليّا للحياة ". ( " خاتمة / تطوّرات " ، ص 295) .
كشخص إكتسب وعيا سياسيّا في نفس الفترة التي عشتها بصورة عامة ، و كرّس حياته لفهم المجتمع الإنسانيّ و تطوّره التاريخي و الصراع الممكن و الفعليّ من أجل تغييره تغييرا تحريريّا – و بصفة أخصّ كشخص تبنّى الماركسيّة / الشيوعيّة و طبّقها على هذه القضايا الجوهريّة ، و تحديدا ليس بمنهج و مقاربة مثاليّين بل بمنهج و مقاربة علميّين – عليّ أن أقول إنّه ليس بوسعي إلاّ أن أنذهل من مدى عدم الصواب التام و عدم الدقّة بدرجة عالية و عدم المسؤوليّة صراحة في موقفك الهادف إلى إصدار أحكام على تجربة شخّصتها خطأ على أنّها " مثاليّة ماركسيّة ".
تصوّر إن كان شخصا – مثلى مثلا ، يعوزه الإنغماس الجدّي في حقل الفيزياء النظريّة ، يتّخذ ذات المقاربة غير المسؤولة التي إتّخذت – تصوّر أنّنى أطلق أنواع " التصريحات الجازمة " السهلة ( و الحمقاء صراحة ) حول الفيزياء النظريّة التي أطلقتها أنت بصدد تجربة الشيوعيّة ! لكن كما اشرت إلى ذلك في مناسبات سابقة ، حين يتعلّق الأمر بالشيوعيّة ، لا يتردّد الناس – حتّى الذين لن يفكّروا في إطلاق تصريحات غير مسؤولة في ما يتّصل بأبعاد أخرى من التجربة الإنسانيّة – في تقيّئ ما جعلتهم السلطات القائمة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و أتباعهم في الحقل الفكريّ يبتلعونه بشأن الشيوعيّة ، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء النظر بجدّية في هذا ( أو " إعمال الفكر في مصدر " الهجوم المعادي للشيوعيّة بلا هوادة و الذى بواسطته هذه الأيّام جرى ... أجل ، لا أتردّد في قول غسل الأدمغة ! ( و لهذا حتّى بعض الاهتمام الصالح و المشاعر الأفضل التي تمّ التعبير عنها ( كما تضمّن المقتطف أعلاه ) يتمّ تبديدها و توجيهها نحو نهاية مسدودة على أنّها آمال مثاليّة عمليّا وفقها أنواع التناقضات التي تتكلّم عنها يمكن أن تعالج معالجة إيجابيّة في ظلّ هذا النظام .
تتحدّث عن " الديمقراطيّة " دون الإعتراف بأنّ هذه " الديمقراطيّة " لا توجد ببساطة في إطار " الرأسماليّة الإستهلاكيّة " و حسب بل هي في الواقع مؤسّسة على وهي إمتداد و بناء فوقيّ للتعبير عن العلاقات و الديناميكيّة الإقتصاديّة الكامنة ( نمط الإنتاج ) لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي – نظام عالميّ للإستغلال الخبيث و العلاقات الإجتماعيّة للإضطهاد العنيف . و قبل أن تنبذ هذا على أنّه خطاب دغمائيّ ، دعنى ألفت نظرك إلى هذا الواقع الشنيع بعمق :
في الفترة الممتدّة أكثر بقليل من 75 سنة منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية ، بفعل الطريقة التي يهيمن بها الرأسمالي – الإمبريالي على العالم ، على الأقلّ 350 مليون طفل في العالم الثالث ماتوا بلا داع جرّاء الجوع و الأمراض التي يمكن الوقاية منها !
ليس اقلّ من 350 مليون ! و هذا العدد أكبر من مجمل عدد سكّان الولايات المتّحدة .
و هذا الأمر الرهيب تعبير عن طفيليّة هذا النظام الرأسمالي- افمبريالي الذى يقوم على منتهى الإستغلال لتماما مليارات البشر خاصة في العالم الثالث بمن فيهم أكثر من 150 مليون طفل ، و الظروف الفضيعة المفروضة على الجماهير الشعبيّة هناك ، إلى جانب أقصى الإستغلال هذا .
المسألة ليست مسألة مجرّد تأكيد أنّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي هو السبب الأساسي لهذه الفضائع . إنّه إستنتاج مؤسّس على أدلّة ، إنّه واقع موضوعي جرى إجلاؤه بالملموس و إلى درجة كبيرة من خلال الأعمال التي أنجزتها و أنجزها آخرون – وهي متوفّرة بموقع إنترنت revcom.us . و لا أتردّد في قول إنّ هكذا عذابات و فضائع ( و النظام يقترف أكثر من هذا بكثير ) يمكن تجاوزها – و يمكن إنشاء بدلا عنها مجتمع إنساني و عالم تحريريّين حقّا يوجدان في الوقت نفسه أساسا للتعاطي مع الأزمة البيئيّة المتصاعدة الحدّة و لنكون راعين لكوكب الأرض – و بالتأكيد هذا ليس أقلّ أهمّية و تبعات من المسائل الهامة للفيزياء النظريّة . و صراحة كلّ من يهتمّ بوضع افنسانيّة و مصيرها ، و خاصة كلّ من يملك تقديرا للمنهج العلميّ ، ينبغي على ألقلّ أن يكون على غستعداد للتفاعل الجدّيّ مع ما تمّ التأكيد على أنّه منهج و مقاربة علميّين في ما يتّصل بتحدّى مشاكل تحرير الإنسانيّة و تجربة الثورة الشيوعيّة – و غايتها و هدفها المعلنين هما تحديدا تحقيق الأهداف التي ألمحت إليها هنا .
و سيكون من اللاواقعيّة و اللاعقلانيّة سؤال أحد مثلك جهوده مكرّسة لمباحث هامة أخرى أن يتفاعل مع مجمل أعمالي النظريّة و التحاليل التي تشكّل و تنبع من الشيوعيّة الجديدة التي أتت ثمرة عقود من العمل الذى أنجزته ، و التي تمثّل و تجسّد معالجة نوعيّة لتناقض حيويّ وُجد صلب الشيوعيّة في تطوّرها إلى حدّ الآن ، بين منهجها و مقاربتها العلميّين جوهريّا و مظاهر من الشيوعيّة مضت ضد ذلك . لكن خاصة و أنّك شعرت بالحرّية لتطلق تصريحات طنّانة حول الشيوعيّة، بجلاء دون إمتلاكك للأساس اللاضروري للقيام بذلك ، يبدو مناسبا أن أحثّك على الإطّلاع على العدد الخاص من جريدة " الثورة " المتوفّر على موقع revcom.us : لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا .
و علاوة على ذلك ، بما أنّك عبّرت عن إنشغال شرعيّ عميق بما هي حقّا مشاكل عميقة تواجه الإنسانيّة بما فيها تواصل إحتدام أزمة البيئة ، لكن في الآن ذاته ، تقارب هذا في إطار " الديمقراطية " دون الإقرار بما تمثّله هذه " الديمقراطيّة " و ما تقوم عليه ، أحيلك على مقال من مقالاتي : " تحدّي متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه ".
هذه الأعمال متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us ؛ و لتيسير بلوغك هذه العمال ، أضمّن روابطها .
و لئن نزعت إلى مزيد التعمّق في ما يحدّد و ما يميّز الشيوعيّة الجديدة التي طوّرتها ، سأحيلك على التالي :
- الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي ( إنسايت براس ، 2016)؛
- إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة ( إنسايت براس ، 2021 – فى شكل eBook من Amazon و Barnes & Noble إلخ و نسخة بى دى أف متوفّرة على موقع revcom.us ) ؛
- دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا ( منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، RCP ؛ 2010 ، وهو بدروه متوفّر بنسخة بى دى أف على موقع revcom.us ).
و آمل أنّك – و بالمناسبة آخرين أيضا لم يتخلّوا عن تقديرهم لأهمّية الإستقامة الفكريّة و المقاربة العلميّة للفهم العملي للواقع سيتفاعلون – ستتفاعل بجدّية مع ما أشرت إليه هنا ، مع الإعتراف بالأهمّية العميقة و الإستعجاليّة بعمق لأفق تحرير الإنسانيّة و إنشاء مستقبل جدير بأن تعيش فيه الإنسانيّة با فيه التفاعل العقلاني والمستدام للبشر و مجتمعهم مع بقيّة الطبيعة.
سأكون سعينا للغاية أن أسمع عن ما ستفعله بهذا المضمار .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ملاحظة من المترجم : المقال و العدد الخاص من " الثورة " و الكتب الثلاثة التي يقترحها بوب أفاكيان على لي سمولين الإطّلاع عليها متوفّرة بالعربيّة على صفحات الحوار المتمدّن و بمكتبته ، ترجمة شادي الشماوي .
(29)
جلسات إستماع المحكمة بشأن أحداث 6 جانفي [2020 ] - و عنف هذا النظام [ الرأسمالي – الإمبريالي ]
بوب أفاكيان 8 جويلية 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 759 ، 11 جويلية 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/january-6-hearings-and-violence-system

إنّ جلسات إستماع المحكمة بشأن محاولة إنقلاب ترامب غداة انتخابات 2020 لأمر هام . و من الهام أن تجري محاسبة ترامب و المتآمرين معه تمام المحاسبة بما في ذلك قانونيّا على محاولة الإنقلاب تلك . لكن في الوقت نفسه ، من المهمّ جدّا بالنسبة إلى الناس ليس مجرّد القبول بمزاعم " الديمقراطيّة " و" حكم القانون " التي يطلقها حزب الديمقراطيّين ( وغيرهم) المعارضين لترامب و يفضحون محاولة الإنقلاب و يندّدون بها – من المهمّ جدّا أن يتوصّل الناس في نهاية المطاف إلى إدراك على ماذا ترتكز عمليّا هذه " الديمقراطيّة " . في كتابات ( و خطابات ) أخرى ، تعمّقت في الموضوع بدرجة كبيرة (*). و هنا أودّ أن أسلّط الضوء على نقاط حيويّة ردّا على هذا الزعم – الذى تكرّر أثناء جلسات الإستماع تلك – " أنّنا " ( الذين يحكمون هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي ) نحكم من خلال حكم القانون و ليس عبر الإنقلابات .
1- إلى جانب العنف الرهيب المقترف داخل هذه البلاد للحفاظ على " قانون و نظام " هذا النظام – على غرار القتل المتواصل للسود على يد الشرطة – الحقيقة هي أنّ الطبقة الحاكمة لهذه البلاد بواسطة السي آي آي ( و غيرها من وكالات " المخابرات " ) و كذلك الجيش ، قد نفّذت بإستمرار إنقلابات و غزوات و عمليّات عنيفة أخرى عبر العالم قاطبة – و دون ذلك ( إلى الآن ) ، ما كان الإنتقال السلمي " لسلطتهم " داخل هذه البلاد ليكون ممكنا .
و التالي لا يعدو أن يكون مجرّد أمثلة قليلة لبلدان أين نفّذت الولايات المتّحدة إنقلابات و عمليّات عنيفة مشابهة للإطاحة بقادة و حكومات شعبيّين طوال السبعين سنة الماضية : إيران و غواتيمالا و الكنغو و أندونيسيا و الشيلي و الهندوراس . و للنظر على هذا نظرة أشمل :
" فضلا عن تواصل جرائمها ضد الإنسانيّة منذ ليس فقط الحرب العالميّة الثانية بما في ذلك قتل ملايين المدنيّين في الفيتنام و قبلها في كوريا و تنظيمها للإنقلابات الدمويّة في أندونيسيا و إيران و غيرها من الأماكن و في الفترة الممتدّة من 1846 إلى الوقت الحاضر ، تدخّلت الولايات المتّحدة في بلدان جنوب أمريكا و أمريكا الوسطى – عسكريّا عبر انقلابات حاكتها المخابرات الأمريكيّة السى أي أي و بسواها من الطرق – على الأقلّ مائة مرّة ، و كانت نتائج ذلك تماما مئات آلاف القتلى و البؤس اللامتناهي لسكّان تلك البلدان . "(**)
و الكثير من هذه العمليّات الدمويّة و المجازر الرهيبة و الفضائع التي عنتها إقتُرفت في ظلّ إدارات الحزب الديمقراطي : جرائم حرب وحشيّة و جرائم ضد الإنسانيّة إرتكبها بصفة متكرّرة الديمقراطيّون ، ليس أقلّ من الجمهوريّين ، لسبب أساسي هو أنّ كلا هذين الحزبين يمثّلان أدوات بيد الطبقة الحاكمة لهذا النظام الراسمالي- الإمبريالي .
2- " الإنتقال السلمي للسلطة " الذى أنجزته هذه الطبقة الحاكمة ، إلى الآن ، يعنى ببساطة إنتقالا للسلطة من فئة إلى فئة أخرى من الطبقة الحاكمة . و " حقّ الناس في حكم أنفسهم بإختيار قادتهم عبر الانتخابات الحرّة و النزيهة ... الذى يلقى الكثير من الإشهار هو مجرّد " حقّ " في الإختيار بين هذه الفئات المختلفة و المتنازعة من الطبقة الحاكمة التي تفرض حكم هذا النظام بعنف مستمرّ و رهيب – عبر العالم قاطبة و كذلك داخل هذه البلاد نفسها .
3- و مثلما بيّنت جلسات الإستماع بشأن أحداث 6 جانفي و تبيّن بعدّ طرق أخرى – و منها القرار الخير للأغلبيّة الفاشيّة في المحكمة العليا بالتراجع عن رو مقابل وايد [ قانونيّة الإجهاض – المرتجم ] – هذه الطبقة الحاكمة ( و المجتمع ككلّ ) منقسمة بحدّة و عمق بحيث لم يعد بوسع الطبقة الحاكمة أن تواصل الحكم ك " قوّة موحّدة " على النحو الذى أبقى البلاد متماسكة ، في ظلّ حكم هذا النظام ، لأجيال ، منذ نهاية الحرب الهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر . و هذه الإنقسامات والنزاعات التي تفرزها بلا توقّف تمثّل إضعافا ممكنا لقبضة هذا النظام على الجماهير الشعبيّة : فهي توفّر" فرصة نادرة " للجماهير الشعبيّة بالملايين و الملايين لترجّ و تستفيق لتتعرّف على الطبيعة الحقيقيّة لهذا النظام و الوسائل العنيفة التي حافظ بها على الدوام على حكمه ، و للنهوض ليس فقط لمقاومة تواصل و إشتداد فضاعاته و إنّما أيضا للإطاحة في نهاية المطاف بهذا النظام و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا – نظام ليس قائما على الإستغلال الخبيث و الإضطهاد المجرم ، هنا و عبر العالم ، و إنّما يكون بدلا من ذلك قائما على تحرير العلاقات في صفوف الناس . (***)
-------------------
هوامش المقال متوفّرة جميعها بالعربيّة على الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي :
* See, in particular, Imperialist Parasitism and “Democracy”: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of “Their” Imperialism. This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
** Shameless American Chauvinism: “Anti-Authoritarianism” as a “Cover” for Supporting U.S. Imperialism. This article by Bob Avakian is also available at revcom.us.
*** In Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, Bob Avakian analyzes in depth why this is a rare time when revolution becomes (more) possible, even in a powerful country like this, and how to go about working for that revolution in this “rare time.” A basic summary of this work is contained in Organizing for an Actual Revolution: 7 Key Points. And in the Constitution for the New Socialist Republic in North America, authored by Bob Avakian, there is a sweeping vision and concrete blue-print- for a radically different and emancipating society. These works are available as well at revcom.us.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------