الديمقراطيّة التحريفيّة : إشتراكيّة في الإسم و رأسماليّة في الجوهر ( الجزء الخامس )


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 7882 - 2024 / 2 / 9 - 00:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

من آتاش/ شعلة عدد 147 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماوي )
جريدة " الثورة " عدد 839 ، 5 فيفري 2024
https://revcom.us/en/reality-communismrevisionist-democracy-socialism-name-capitalism-essence

ملاحظة الناشر : نُشر المقال أدناه في مجلّة آتاش / شعلة عدد 147 ، فيفري 2024 بموقع أنترنت cpimlm.org . ترجمه إلى اللغة الأنجليزيّة متطوّعون من revcom.us . و الكلمات / الجمل الواردة بين معقّفين و بعض الهوامش ، اضافها المرتجمون من أجل المزيد من الوضوح . و قد نُشر الجزء1 و الجزء 2 و الجزء 3 و الجزء 4 سابقا على موقع أنترنت revcom.us .
-----------------------------------
في الجزء الرابع كتبنا عن الديمقراطيّة الإشتراكيّة و دولة الرفاه ، وهو شكل من أشكال الديمقراطيّة البرجوازيّة سائد في البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة في أوروبا الشماليّة . و غليه يجب أن نضيف " الديمقراطيّة التحريفيّة " التي كانت شكل الحكم في بلدان حيث وُجدت ثورات شيوعيّة و إشتراكيّة – تمّ الإنقلاب عليها لاحقا و أعيد تركيز الرأسماليّة فيها . و مثالان بارزان لذلك هما شكل حكم الدولة في الإتّحاد السوفياتي في الفترة بين إعادة تركيز الرأسماليّة سنة 1956 و إنهيار الإتّحاد السوفياتي سنة 1991 ، ، و شكل حكم الدولة في الصين من فترة إعادة تركيز الرأسماليّة سنة 1976 إلى اليوم . (1)
قبل إعادة تركيز الرأسماليّة و تحوّل البلدان إيّاهما إلى بلدين رأسماليّين – إمبرياليّين ، كان لكليهما تاريخ حكم إشتراكي ( دكتاتوريّة / ديمقراطيّة بروليتاريّة 9 . و لمّا أصبحا بلدين رأسماليّين ، تغيّر المضمون الطبقيّ للدولة و شكل [ الحكم ] . لكن نظرا لتاخيهما الإشتراكي ، أعادا تصميم بعض مظاهر العهد الإشتراكي ضمن النظام الرأسمالي الجديد و الضرورة التي يواجهها . لهذا " الديمقراطيّة التحريفيّة " هي الإسم الأنسب لهذا النموذج .
و تحاول هذه الديمقراطيّات التحريفيّة ، وهي تشبه كثيرا في ذلك الديمقراطيّات الإشتراكية ، أن تصوّر نفسها على أنّها مختلفة عن الديمقراطيّات البرجوازيّة من النوع السائد في الولايات المتّحدة . و بالفعل ، لديها [فعلا ] بعض الإختلافات معها . غير أ،ّ ما يجعل من المهمّ تفحّص هذا النموذج ليس مجرّد تجربة الإتّحاد السوفياتي و الصين . فهذا النموذج الملهم لتيّارات " يساريّة " حول العالم ، و في إيران ، و حتّى لبعض الأحزاب التي تحمل في إسمها نعت " الشيوعي " – و بعض ذلك سيجرى نقاشه أدناه . و في هذا المقال ، نتفحّص الإختلافات بين الديمقراطيّة التحريفيّة و الأصناف الأخرى من الديمقراطيّة البرجوازيّة ، و في النهاية ما يتقاسمونه في كيفيّة ممارسة الدكتاتوريّة البرجوازيّة .
اليوم يقع الترويج إلى الديمقاطيّة التحريفيّة التي إرتُئيت في وقت ما أساسا إنطلاقا من نظريّة و ممارسة المدافعين عن الإمبرياليّة الإشتراكية السوفياتيّة ( عقب 1956) ، من قبل المدافعين عن الصين الرأسماليّة – الإمبرياليّة على أنّها " ديمقراطيّة إشتراكيّة بمميّزات صينيّة " . و لهذه الديمقراطيّات التحريفيّة إختلافات بديهيّة مع نموذج الولايات المتّحدة . فعلى سبيل المثال ، تفتقد الديمقراطيّة التحريفيّة السوفياتيّة إلى أيّ صناعة قرار مؤسّساتيّة من طرف الجماهير ، مثل الانتخابات [ الخدعة ] بالولايات المتحدة . و في الصين اليوم ، التعبيرات الجماهيريّة عن الغضب بصدد الحرّيات المدنيّة يرجّح أن تكون أقلّ ممّا هي عليه في أوروبا و الولايات المتّحدة ، رغم واقع أنّه في دستور جمهوريّة الصين الشعبيّة ( الفصل 35 ) ، يُعترف بحرّية تعبير المواطنين و الصحافة و الاجتماع و المسيرات و المظاهرات إعترافا رسميّا .
و مشيرين إلى هذه الإختلافات ، يمحيها معارضون لهذه [ الديمقراطيّات التحريفيّة ] و يضعونها خارج إطار الديمقراطيّة . و في الأثناء ، بالعكس ، مقترحاتهم تراها على أنّها أكثر ديمقراطيّة من الديمقراطيّات " الغربيّة " . كلا الجانبان يخفقان في بلوغ جوهر هذه الدول [ التحريفيّة السوفياتيّة و الصينيّة ] و ديمقراطيّاتها . و ب" جوهر " نقصد أنّه قبل إنهيار سنة 1990، كانت للاتحاد السوفياتي ميزات دولة رأسماليّة إمبرياليّة ، وإثر الإنهيار ببساطة لم يفعل سوى إستبعاد قناع " الإشتراكي ". و اليوم ، روسيا هي الوريث الرئيسي لذلك البلد الرأسمالي – الإمبرياليّ . و على الرغم من واقع أنّ شكل الدولة الصينيّة يتباين مع الأشكال في البلدان الرأسماليّة – افمبرياليّة كما هي في الولايات المتّحدة و أوروبا الغربيّة ، " جوهر " ها هو ذات جوهر البلد الرأسمالي – الإمبرياليّ .
يجب أن نشير إلى أنّ أسباب الإختلافات هي بالفعل أنّ البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة تتقاسم بدرجة أكبر نهب العالم الثالث و هكذا لديها " حريّة " أكبر في منح المزيد من الحقوق للمواطنين ، و كذلك الإختلافات التاريخية ( الطريق الذى أنتج المؤسّات الديمقراطيّة البرجوازيّة كالإنتخابات و المجتمع المدني في أوروبا . و تختلف التطوّرات في الولايات المتّحدة عن تلك التطوّرات التاريخيّة في روسيا و الصين ). و تروّج الديمقراطيّات التحريفيّة لتفوّقها معتبرة أنّ العمّال و الجماهير يُجلبون إلى المشاركة في إدارة الحياة الإجتماعيّة و الإقتصاديّة إلى درجة أوسع بكثير ممّا يحصل في الغرب . و هذا ، يقولون ، يعود إلى أنّ " في الصين ، الديمقراطيّة الإنتخابيّة تمضى اليد في اليد مع مجلس الديمقراطيّة :. و حينما يُحيل الإمبرياليّون الصينيّون على " الديمقراطيّة الإنتخابيّة " ، فإنّهم يقصدون إنتخاباتهم القوميّة – حيث يصوّت مليار إنسان مباشرة لإنتخاب ما يقارب 2.6 مليون نائب ل " المجلس الوطني الشعبيّ " أو المجلس التشريعي ، و يحيل " مجلس الديمقراطية " على مؤسّسة " ندوة مجالس الشعب الصينيّ " .
و يُزعم أيضا أنّه إلى جانب هذه الانتخابات ، هناك " ديمقراطيّة حكومة الأخيار " . فحسب دانيال أ. بال ، في كتابه " نموذج الصين " (2) ، لا يعانى هذا النموذج من نقاط ضعف ديمقراطيّة " لكلّ فرد صوت " ما يجعل منه أخلاقيّا مرغوبا أكثر و سياسيّا أكثر إستقرارا ! ثمّ يحلّل سيرورة الانتخابات الأكثر " ديمقراطيّة" بكثير ، مثلا ، إنتخاب السكرتير العام للجنة المركزيّة للحزب الشيوعي ( لنقرأ " الحزب الشيوعي للرأسماليّين الإمبرياليّين المتقنّعين بقناع الشيوعيّة " في الصين ) ، و الذى يتمثّل في عدّة خطوات : صوت [ للمترشّحين ] من قبل المسؤولين في الرتب الأدنى ، و إمتحان مكتوب مراقب علنيّا يتضمّن أسئلة حول اٌقتصاد السياسي و الفلسفة السياسيّة ، و إمتحان شفاهي بحضور كوادر السكريتاريّة العامة ومجموعة أعضائها و مراقبة سجلّ المترشّح بحثا عن أيّ علامة فساد . و يُتّخذ القرار النهائيّ بتصويت لجنة من 12 وزيرا. و حسب بال ، كلّ هذا يضمن أنّ الذين يتمّ إنتخابهم ديمقراطيّا يستحقّون المسؤوليّات التي إنتُخبوا من أجلها لكن في الديمقراطيّات الغربيّة – التي تعتبر نفسها نقيض الديمقراطيّة الأوتوقراطيّة الروسيّة والصينيّة – هكذا سيرورة غير موجودة. و طبعا ، هذا الزعم غير صحيح كذلك . في الدول الإمبرياليّة الغربيّة ، بالضبط كما في جميع الديمقراطيّات / الدكتاتوريّات البرجوازيّة ، الأفراد الذين يلتحقون بأجهزة الدولة و الأمن و الجيش على المستويات المحلّية و الوطنيّة يجب أن يشقّوا طريقهم عبر قنوات التدريب و الإختبار طوال سنوات . و بعد بلوغ مستوى معيّنا ، إن كانوا ليتصرّفوا عكس ما تمليه المبادئ الجوهريّة للنظام الأسمالي و سيره ، سيلفظهم النظام .
و هكذا ، المضمون الطبقي لكلا الشكلين – الديمقراطيّة البرجوازيّة و الديمقراطيّة التحريفيّة – دكتاتوريّة برجوازيّة . و يعمل الصينيّون و الصينيّات في ظلّ ظروف قاسية من العبوديّة المأجورة ، ليراكموا الثروات للرأسماليّين الصينيّين و شركائهم العالميّين . و البنية الإقتصاديّة الصينيّة إستغلاليّة ليس بالمعنى العام فقط ( تملّك رأسمالي لفائض القيمة ) . فظروف " أقصى الإستغلال " [ في معامل هشّة ] المميّز لبلدان " العالم الثالث " موجودة على نطاق واسع في الصين . و فضلا عن ذلك ، الصين بلد رأسمالي – إمبريالي يمارس إستغلالا و نهبا وحشيّين عبر قارات ثلاث (آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة )، من أندونيسيا إلى الفيتنام و مصر و إيران و باكستان ...إلى نيجيريا و الكنغو و فنزويلا و كولمبيا إلخ.
الديمقراطيّة الصينيّة ، شأنها في ذلك شأن كافة الديمقراطيّات ، ديمقراطيّة للطبقة الرأسماليّة و دكتاتوريّة ضد الذين تضطهدهم الطبقة الرأسماليّة و تستغلّهم . ما هو مختلف بشأن ديمقراطيّة الصين هو أنّ حكّامها يخفون طابعها الأساسي في غلاف من الماضي الإشتراكي الصيني . لكن طبيعتها الحقيقيّة واضحة تماما في دستور جمهوريّة الصين الشعبيّة ، الفصل 13 ، الذى ينصّ على : حقوق المواطن القانونيّة في الملكيّة الخاصة لا يمكن إنتهاكها .
و من هنا ، على عكس العقيدة الشعبيّة ، لا تؤمن البرجوازيّة الصينيّة بالديمقراطيّة ، ليس أكثر و ليس أقلّ من نظرائها و منافسيها في الغرب . لكن إعتبارا لحاجتها و تاريخها الخاصين ، تستعمل شكلا خاصا من الديمقراطيّة التي تجعل من الممكن أكثر بالنسبة لها أن تمارس دكتاتوريّة الطبقة الرأسماليّة ( دكتاتوريّة البرجوازيّة ) في ظروفها الخاصة .
و في الإتّحاد السوفياتي ، إثر إعادة تركيز الرأسماليّة (1956) ، كانت البرجوازيّة الإمبرياليّة غير قادرة على منح العمّال الروس نفس مستوى الأجور التي يتلقّاها العمّال في الولايات المتّحدة و البلدان الإمبرياليّة في الغرب بنفس قدر الفسحة للإبتعاد عن الخطّ الرسميّ ، أو بقدر دعه يعمل للمشاريع الصغرى . و بدلا من ذلك ، شدّدوا على التشغيل مدى الحياة و الرعاية الصحّية و تلبية الحاجيات الحياتيّة ألساسيّة ، و " مشاركة " الجماهير الشعبيّة في تسيير الاقتصاد و الحياة الإجتماعيّة ، خاصة من خلال جهاز النقابات الذى كان هو نفسه يسير كجزء من جهاز الدولة ،و الإبقاء على العمّال على الخطّ . و كذلك هناك حكم ذاتي لحكومات الجمهوريّات الآسيويّة [ ضمن إتّحاد الجمهوريّات الإشتراكيّة السوفياتيّة السابق ] إلخ . جميع هذه الإختلافات كانت و لا تزال تُستخدم من المدافعين عن الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة كدليل على تفوّق الديمقراطيّة التحريفيّة على الديمقراطيّة البرجوازيّة . و في إيران بوجه خاص ، يشمل هذا [ كلاّ من اللاثوري ] حزب توده و فدائيّى خلق ( الأغلبيّة ) و المجموعات و الأفراد المنحدرين منهم .
عند تفحّص النموذج السوفياتي للديمقراطيّة التحريفيّة ، نظر بوب أفاكيان في بحث من البحوث الكبرى السوفياتيّة الحامل لعنوان " الإقتصاد السياسي للثورة " و فصله المفرد للديمقراطيّة . و مؤلّف ذلك البحث ك. زارودوف ، كتب " يزعم الإيديولوجيّون البرجوازيّون أنّ إعادة بناء الإشتراكيّة ليس شيئا آخر أكثر من نقيض للديمقراطيّة . و بكافة الوسائل الصحيحة و المخادعة ، يقلّصون و حتّى يستبعدون الدور الذى تنهض به قوى ثوريّة للطبقة العاملة ، قتال الشيوعيّين لممارسة وتوسيع الحقوق الديمقراطيّة للناس و الحرّيات " .(3) ( التشديد من آتاش )
و بالنسبة إلى هذا الكاتب – مثل المنظّرين التحريفيّن السوفيات بصورة عامة – الديمقراطيّة في ظلّ الإشتراكيّة ببساطة تأكيد تام للديمقاطيّة في ظلّ الرأسماليّة و توسيع لها . و بدلا من بيان الحدود التاريخيّة للديمقراطيّة البرجوازيّة و مُثلها العليا ( كما جرى نقاش ذلك في مقالات سابقة ) ، يريدون التصرّف كأبطال حقيقيّين لهذه المُثُل العليا و أن يجعلوها تدوم إلى الأبد.
و يعكس حزب " اليسار " فى إيران - وهو متكوّن من وحدة بين فدائيّى خلق ( الأغلبيّة ) ، و منظّمة فدائيّى الشعبالمتّحدة في إيران – (4) و نشطاء يساريّين آخرين – يعكس تماما هذا الموقف في وثائقه . و من ذلك ، كتب حزب " اليسار " أنّ " الإشتراكيّة متداخلة مع الديمقراطيّة " و من ثمّة يعتبر مهمّته هي " تعميق الحكم الذاتي و الإدارة الذاتيّة ". و في وثائق هذا الحزب ، نشاهد أنّ الإشتراكيّة قد قُلّصت إلى سلسلة من " القيم الإشتراكيّة " ، و هذه القيم ليست شيئا أكثر من القيم المجمّعة في النظام الرأسمالي :
" بما في ذلك السلام و الحرّية و المساواة و العدالة الإجتماعيّة و التضامن و الديمقراطيّة و المساواة في الحقوق للنساء و لى ... و قيم أخرى تدافع عن حقوق الإنسان ، و إعادة التوزيع الديمقراطيّة إلخ ".
وتُلصق أحزاب المعارضة البرجوازيّة للجمهوريّة الإسلاميّة بما فيها تيّار بهلوي[ رضا بهلوي الموالي للولايات المتّحدة ]، معا تقريبا هذه الكلمات كأهداف " بديلة " ، دون التصريح بنمط الإنتاج الذى سيشكّل البنية التحتيّة الكامنة : نمط الإنتاج الرأسمالي أو الإشتراكي .
و حيث يتحدّثون عن الاقتصاد ، مثلهم مثل جميع المنظّرين البرجوازيّين ، يتحدّثون عن الأشكال و الصيغ دون توضيح المضمون الطبقيّ لهذا الاقتصاد . مثلا ، كتب حزب " اليسار " : " الاقتصاد المختلط – الدولة و التعاونيّات و الخاص – هو الشكل المناسب لتنظيم النظام الاقتصادي للبلاد " . (5) لكن خليطا من كلّ هذه الأشكال يُوجد بعدُ في كلّ البلدان الرأسماليّة الإمبرياليّة و الرأسماليّة التابعة ،مثل إيران و تركيا إلخ .
كلّ هذه الحيل يُقصد منها أنّه لأجل الحصول على أفعتراف الرسميّ ، سنبقى في حدود الرأسماليّة ، و نعترف بالحقوق المتساوية في ظلّ راية " الإشتراكية الديمقراطيّة " على أساس الإستغلال – الذى هو في القلب من اللامساواة العميقة و الواسعة الإنتشار في مجتمعات اليوم ، و يولّد بطريق الحتم لامساواة إجتماعيّة عميقة . هذه إشتراكيّة زائفة !
الإشتراكيّة الحقيقيّة تُفرزها ثورة تُطيح بالدولة الرأسماليّة بكلّ أشكالها ( الديمقراطيّة الليبراليّة و الديمقراطيّة الإشتراكيّة و الديمقراطيّة التحريفيّة و الديمقراطيذة الإسلاميّة إلخ ، و ترسى دولة هدف وجودها هو إلغاء كلّ الإختلافات الطبقيّة و إلغاء كلّ علاقات الإنتاج التي تنتج هذه الإختلافات الطبقيّة ، و إلغاء كلّ العلاقات الاجتماعية المناسبة لعلاقات الإنتاج الرأسماليّة ، و إلغاء كلّ الأفكار التي تخدم حكم الطبقات المستغِلّة [ " الكلّ الأربعة " ] ، لأجل فسح الطريق للإنسانيّة قاطبة بأنّ تتقدّم بإتّجاه المجتمع الشيوعي العالمي ، و في نهاية المطاف ، وضع الدولة نفسها ( الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة ) في متحف التاريخ .
توجد الديمقراطيّة الإشتراكيّة لتخدم هذا التوجّه ، على وجه التحديد إلغاء " الكلّ الأربعة " المشار إليها للتوّ ، و لبلوغ هذه الأهداف ستمارس دكتاتوريّة ضد سيرورة إعادة تركيز الدكتاتوريّة الرأسماليّة . و على هذا النحو ، الدولة الإشتراكيّة و آن معا ديمقراطيّة و دكتاتوريّة طبقيّة . و بالتحديد هذا التوجّه المعيّن في الحفاظ على الطابع الإشتراكي للمجتمع ، و ليست " الممارسة الأتمّ و توسيع الحقوق و الديمقراطيّة " ، كما يزعم حزب " اليسار " و الأب الروحي لهذه السيورة كنظريّة ، ك. زرودوف .
و زارودوف و عديد المدافعين الآخرين عن الديمقراطيّة التحريفيّة يسعون إلى دمج شيئين بالفعل مترابطين في صراع بينهما . و يشرح [ القائد الثوريّ] بوب أفاكيان أنّ هناك وحدة بين الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة الإشتراكيّة و التقدّم صوب الشيوعيّة ( حيث لن يكون هناك حكم طبقيّ و لن تكون هناك ديمقراطية / دكتاتوريّة ). هناك وحدة إلاّ أنّها وحدة أضداد . و فى نهاية التحليل ، المظهر الأهمّ لهذه العلاقة هو الصراع بينها ، يجب على أفشتراكيّة أن تتحرّك بإتّجاه تركيز الشيوعيّة ( و لا يمكن لهذا أن يتحقّق إلاّ على الصعيد العالمي ) و " إضمحلال " الدولة ( حتّى الدولة الإشتراكيّة ) . و يتطلّب هذا إجتثاث كلّ الظروف الماديّة و السياسيّة و الإيديولوجيّة التي تجعل من الإستغلال و الإنقسام الطبقي ممكنين في العالم و أيضا وُجود الدول ( كلّ من الدول البرجوازيّة و الدول الإشتراكيّة ) ممكنين .
و من الجلي أنّه ما من حاجة إلى أية دولة يعنى كذلك لا حاجة إلى الديمقراطيّة ، و أنّ إجتثاث كلّ ظروف تقسيم المجتمع إلى طبقات سيُفضى إلى " إضمحلال " الديمقراطيّة نفسها . و هذا ليس هدفا يمكن تحقيقه ب " دمقرطة ظروف العمل " أو بتوسيع الحقوق الديمقراطيّة .
هوامش المقال :
1. The Soviet -union- was a real socialist society from 1917 when Lenin led the first communist revolution, and China was a true socialist country from 1949 when Mao led the communist revolution there. For more, see the Interview with Raymond Lotta at revcom.us, “You Don t Know What You Think You ‘Know’ About... The Communist Revolution and the REAL Path to Emancipation: Its History and Our Future.”
2. The China Model: Political Meritocracy and the-limit-s of Democracy, Daniel A. Bell, 2016
3. K. Zarodov, The Political Economy of Revolution (Moscow: Progress Publishers, 1981), as quoted by Bob Avakian in Democracy, Can’t We Do Better Than That? (Banner Press, 1986, pages 155-157).
4. The United People s Fedayeen Organization in Iran is another of many factions of the original “Organization of Iranian People s Fadai Guerrillas” which existed from 1971 until 1980.
5. Charter of the Left Party of Iran (Fadaiyan Khalq)